هوذة الحنفي
هوذة الحنفي (ت. 8هـ/630) هوأبوعلي هوذة بن علي بن ثمامة بن عمروبن عبد العزى بن سحيم بن مرة ابن الدول الحنفي، ذوالتاج صاحب اليمامة. خطيب بني حنيفة قبيل الإسلام وفي العهد النبوي. كان ذا قدر عالٍ في قومه، رجلاً جميلاً شجاعاً لبيباً، له شرف وذكر، وصاحب رأي وحيلة، لكن رأيه خاب فلم يستجب للدعوة الإسلامية.
كان هوذة بن علي يخفر قوافل كسرى عند مرورها بديار بني حنيفة في اليمامة، وهي في طريقها إلى نجران واليمن، وكان يتردد إلى كسرى في مجلسه، ويزوره في المهمات. وفي إحدى هذه الزيارات أكرمه كسرى، وكساه قباء ديباج منسوج بالمضى واللؤلؤ، وقلنسوة مزينة بالدر والجواهر، فكان يلبسها؛ لذلك سمي ذا التاج، وقيل: هي خرزات تنظم له وتجعل على رأسه تشبهاً بالملوك. ولم يكن ملكاً، وكان نفوذه محدوداً في قبيلته، وقد روي عن أبي عمروبن العلاء أنه لم يتتوج معدي قط، وإنما التيجان لليمن. وعندما سئل عن هوذة ابن علي الحنفي نطق: إنما كانت خرزات.
وشارك هوذة في وقائع قومه وأيامهم في الجاهلية، وخاصة مع بني تميم في يوم الصفقة، فقد أقنع الفرس بأخذ ما يعطى لبني تميم لقاء حمايتهم لقوافل كسرى في ديارهم، على حتى يرافق القوافل ويحميها حتى وصولها إلى نجران، وعندما فهم بنوسعد من تميم بما عمله، اعترضوا القافلة، وقتلوا حاميتها من الفرس وسلبوها، وأسروا هوذة، فافتدى نفسه بثلاثمئة بعير، وأحسن أمر من بقي من الحامية الفارسية، وانطلق بهم إلى كسرى، وأبلغه بما حصل، فضم إليه كسرى جيشاً من الأساورة، واستطاع هوذة بمكيدة دبرها الإيقاع ببني تميم في يوم الصفقة، فقد كانت عداوته لهم شديدة، لقتلهم والده ولأسره، وعبر عن هذه العداوة بقوله لكسرى: «بيني وبينهم حساء الموت». وكان الذي أسره حنظلة بن أوس بن بدر، ابن أخي الزبرقان بن بدر، وذكر ذلك شاعرهم، فنطق مفتخراً:
- ومنا رئيس القوم ليلة أدلجوا
- بهوذة مقرون اليدين إلى النحر
واشتهر حديث هوذة مع كسرى حين سأله عن أولاده، وأيهم أحب إليه، فنطق:
«غائبهم حتى يقدم، وصغيرهم حتى يكبر ومريضهم حتى يبرأ».
وكان ممدوح الأعشى الذي قصده، فأكرمه، لذلك نظم فيه مدائح كثيرة، منها قصيدته التي وصف فيها هيئة هوذة ولباسه، وذكر مكانته وبعض الأحداث التي برز فيها، فنطق:
- أنضيتها بعد ما طال الهباب بها
- تؤم هوذة لا نكساً ولا ورعـــــا
- يا هوذَ إنك من قوم ذوي حسب
- لا يفشلون إذا ما آنسوا فزعـــــا
- من يلق هوذة يسجد غير متئب
- إذا تعصب فوق التاج أووضـــعا
- له أكاليل بالياقوت زينـــها
- صواغها لا ترى عيباً ولا طبعــا
- فاسأل تميماً به أيام صفقتهــــــم
- لما رآهم أُسارى كلهم صرعـــــا
وكان هوذة مع قومه في عيش رغد بوادي بني حنيفة باليمامة، فأرضهم بها نخل كثير، تنتجعها العرب للمؤونة، لكن عملهم بالزراعة قلل شأنهم في عيون العرب، فنطق جرير يهجوهم:
- أصحاب نخل وحيطان ومغرسة
- سيوفهم خشب فيها مساحيهــا
- ذلت وأعطت يداً للسلم صاغـــرة
- من بعدما كاد سيف الله يفنيها
وخط رسول الله إلى هوذة يدعوه إلى الإسلام كما خط إلى الملوك فنطق: «بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله إلى هوذة بن علي. سلام على من اتبع الهدى، وافهم حتى ديني سيظهر إلى منتهى الخف والحافر، فأسلم تسلم وأجعل لك ما تحت يدك»،
فرد هوذة بقوله: «ما أحسن ما تدعوإليه وأجمله، وأنا شاعر قومي وخطيبهم، والعرب تهاب مكاني؛ فاجعل إلي بعض الأمر أتبعك.»
فلما قرأ رسول الله كتابه، نطق:
«لوسألني سيابة ما عملت. باد وباد ما في يديه». (والسيابة واحدة البلح أوالبسر الأخضر)، ومات هوذة بعد رده على رسول اللهr بقليل، وقيل توفي في عام الفتح.
المصادر
- محمود سالم محمد. "هوذة الحنفي". الموسوعة العربية.
للاستزادة
- المبرد، الكامل في اللغة والأدب (مخطة المعارف، بيروت).
- أبوعبيدة، أيام العرب، تحقيق عادل البياتي (عالم الخط، بيروت 1987م).
- هشام الكلبي، جمهرة النسب، تحقيق ناجي حسن (عالم الخط، بيروت 1986م).
- جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام (دار الفهم للملايين، بيروت 1980م).