العلاقات الصربية الكوسوڤية
صربيا |
كوسوڤو |
---|
العلاقات الصربية الكوسوڤية، هي العلاقات الثنائية بين صربيا وكوسوڤو.
مفاوضات 2011
انتهت في مطلع يوليو2011 الجولة الخامسة من المفاوضات الصربية الكوسوفية التي تجرى في بروكسيل تحت إشراف مباشر وحثيث للاتحاد الاوروپي بالتوصل الى ثلاث اتفاقيات، بينما لا تزال الجولات الأخرى خلال الشهور المقبلة تعد بالمزيد.
وكانت هذه المفاوضات بدأت فيثمانية مارس 2011 لتسجل مجرد «المصافحة التاريخية» بين رئيسي الوفدين اختراقاً ناجحاً للاتحاد الاوروبي لحل واحد من أعقد النزاعات في أوروبا. ومن المعروف حتى النزاع الصربي - الألباني حول كوسوفويمتد عميقاً في التاريخ ويتداخل مع الدين والثقافة الشعبية ليتمحور حول الحق التاريخي بالارض ومكانة هذه الارض في الايديولوجيا القومية لكل طرف، كما حتى هذا النزاع تسبب خلال القرن العشرين بحروب كانت آخرها حرب 1999 التي اعتبرت آخر حرب أوروبية.
ولم يكن من السهل حتى تثمر بسرعة مفاوضات كهذه مع التناقض التام في المواقف المبدئية للطرفين المتفاوضين. فصربيا لم تعترف حتى الآن باستقلال كوسوفوالمعلن في 17 فبراير 2008 وتقول انها لن تعترف أبداً به، ولكنها تحت ضغوط الاتحاد الاوروبي (الذي اعترفت 22 من دوله الـ 27 بهذا الاستقلال) والذي يطالبها بـ «التعاون الاقليمي» كشرط للانضمام اليه دخلت هذه المفاوضات بكل خبرتها الديبلوماسية المعروفة لتسير على حد السيف بين الاعتراف الواقعي الذي تريده بروكسيل والاعتراف الديبلوماسي الذي لا تريده بلگراد. أما كوسوفوفكانت تأمل من خلال هذه المفاوضات بأن تحصل على الاقل على «اعتراف واقعي» ولولقاء بعض التنازلات.
إلى غير ذلك مع رئاسة روبرت كوبر مستشار كاثرين آشتون لجلسات المفاوضات ومتابعته الحثيثة لها خلال الشهور الخمسة تحولت هذه المفاوضات الى مدرسة في «فن التنازل المتبادل» بين الطرفين والى استعراض المكتسبات في بلگراد وبريشتينا لاحتواء المعارضة هنا وهناك. فقد أصرت صربيا على حتى يشار الى هذه المفاوضات على أنها بين «بلگراد وبريشتينا» وليس بين «صربيا وكوسوفو» لكي تنزع عنها صفة التفاوض بين كيانين سياسيين. ومن ناحية أخرى، اتفق منذ البداية على أنه ليس المطلوب الاعتراف الديبلوماسي بين الطرفين، وإن كانت هذه المفاوضات ستؤدي الى نوع من الاعتراف الواقعي على نمط ما كان موجوداً بين ألمانيا الغربية وألمانيا الشرقية في السنوات الاخيرة للحرب الباردة. وفي هذا السياق، ولتجنب ذكر الاسماء وما تمثله لكل طرف، تم الاتفاق على ألا يتم التوقيع على الاتفاقيات التي ستتمخض عنها المفاوضات، بل إنها ستسمى «خلاصات» يقوم بكتابتها رئيس الجلسات (روبرت كوبر) ويوجهها مطبوعة على الورق الى جميع طرف لكي يلتزم بها تحت مراقبة ومتابعة الاتحاد الاوروبي لما يتم الاتفاق عليه.
وكان الهدف الأساسي لهذه المفاوضات هوالتوصل الى حلول عملية لمعاناة السكان هنا وهناك بعد حرب 1999 وإعلان استقلال كوسوفو، وذلك استجابة لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2010 الذي اتى بدوره نتيجة لقرار محكمة العدل الدولية في تموز 2010 الذي كان لمصلحة اعلان الاستقلال الكوسوفي. ومن هنا بدأت المفاوضات حول حزمة كبيرة من المواضيع التي تمس الحياة اليومية للمواطنين في صربيا وكوسوفو(التنقل بين البلدين والاتصالات والطاقة... الخ) .
وفي هذا السياق اتى الاعلان عن الاتفاقيات الاولى ليوضح «عظمة» الانجازات الاولى لكونها تجمع بين فن التنازل على الطاولة في بروكسيل وفن ترويجها في بلگراد وبريشتينا لاحتواء المعارضة الناقمة هنا وهناك!
وتضمنت الاتفاقية الاولى تنقل المواطنين بين البلدين، حيث أصبح في وسع الكوسوفيين دخول صربيا بالهوية وليس بجواز السفر (كما كانت ترغب بريشتينا)، حيث يعطى حامل الهوية عند الحدود الصربية بطاقة بالمعلومات المأخوذة من الهوية يمكن معها التجول في صربيا أواجتياز صربيا الى دولة ثالثة (كرواتيا وهنغاريا ورومانيا... الخ) حيث يستخدم الكوسوفي جواز سفره لدخول تلك الدولة. أما الاتفاقية الثانية فتضمنت لوحات السيارات الكوسوفية التي تحمل رمز «ج ك» (جمهورية كوسوفو)، اذ توجب الاتفاقية على مالكي هذه السيارات حتى ينزعوا هذه اللوحات عن السيارات ويأخذوا لوحات موقتة يتجولون فيها أويعبرون صربيا الى دولة أخرى. وأما الاتفاقية الثالثة فتناولت سجلات النفوس الكوسوفية التي كانت السلطات الصربية أخذتها معها خلال رحيلها عن كوسوفوفي يونيو1999. وكانت بريشتينا تصرّ خلال السنوات السابقة على استرداد هذه السجلات التي كان وجودها في بلگراديمثل تحدياً للدولة المستقلة الجديدة، بينما وافقت بريشتينا الآن على حتى تأخذ نسخة طبق الاصل على حتى يبقى الاصل في بلگراد.
وعلى رغم حتى هذه الاتفاقيات تتضمن تنازلات واضحة، وبخاصة من الطرف الكوسوفي، إلا حتى رئيس جميع وفد عاد الى بلاده ليزف الى شعبه «المكتسبات» التي حققها في بروكسيل. إلى غير ذلك فقد نطقت أديتا طاهري رئيسة الوفد الكوسوفي مع عودتها الى بريشتينا في لقاءة مع التلفزيون الحكومي ان هذه الاتفاقيات «تمثل المستوى الاولى نحواعتراف صربيا بكوسوفو». ولكن رئيس الوفد الصربي بوريسلاف ستيفانوفيتش أكد في اللقاء ان هذه الاتفاقيات «لا تمس في أي شكل سيادة صربيا» على كوسوفو، بل إنه أكد حتى السلطات الصربية الموازية التي لا تزال تعمل في كوسوفوستبقى هناك.
وفي اللقاء، كانت المعارضة في صربيا وكوسوفوطالما غليان ضد الاتفاقيات المعلنة باعتبارها تمثل «تنازلات خطيرة». إلى غير ذلك اتى الرد الاعنف في صربيا من طرف فويسلاف كوشتونيتسا، رئيس الوزراء السابق ورئيس الحزب الديموقراطي الصربي الذي فاز على ميلوشيفيتش في انتخابات 2000، اذ صرح بأن «سلطات صربيا الحالية التي أيدت انفصال جزء من أراضينا (كوسوفو) لعبت بثقة جميع الدول التي رفضت الاعتراف باستقلال كوسوفوووجهت ضربة قوية لمصالح صربيا». ومن ناحية أخرى، وجه وزير الخارجية الكوسوفي السابق اسكندر حسيني، والنائب الآن في البرلمان عن حزب الرابطة الديموقراطية، انتقاداً قوياً للاتفاقيات المعلنة بكونها لا تمثل اتفاقيات بين دولتين. وفي هذا السياق انتقد بشدة هذه الاتفاقيات الحزبان الآخران المعارضان («حركة تقرير المصير» و«التحالف لأجل مستقبل كوسوفو») لأن الحكومة الكوسوفية لم تكن تتمتع بتفويض تام من البرلمان الكوسوفي.
ومع ذلك يمكن القول إذا كلاً من بلگراد وبريشتينا تتسقط الكثير من بروكسيل بعد التوصل الى هذه الاتفاقيات التي ستليها أخرى عن سجلات الاراضي والطاقة والاتصالات... الخ. فبلگراد بعد تسليم راتكوملاديتش لم يعد أمامها من عقبة سوى كوسوفوتحت عنوان «التعاون الاقليمي» لتحصل في خريف 2011 على وضعية دولة مرشحة للانضمام الى الاتحاد الاوروبي، وربما تحصل أيضاً على تحديد موعد لبدء المفاوضات للانضمام الى الاتحاد. أما بريشتينا فتأمل بدورها في تحقيق أول انجاز للاقتراب من الاتحاد الاوروبي، ألا وهودخولها في نظام الشنغن الذي يتيح لمواطنيها حرية التنقل في أوروبا، بعد حتى سبقتها صربيا ومقدونيا والجبل الاسود والبوسنة وألبانيا. ومن هنا لم تكن مصادفة حتى يصرح رئيس الوزراء الهنغاري فكتور اوربان الذي تسلمت بلاده لتوّها الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي، بعد ثلاثة أيام من الاعلان عن الاتفاقيات المنجزة بين بلگراد وبريشتينا بأنه يدعم بدء الحوار مع كوسوفوحول «تحرير التأشيرات».
ولكن بريشتينا تراهن أكثر على صعيد العالم بالحصول على مزيد من الاعتراف الدولي بها بعد هذا «الاعتراف الواقعي» بها من طرف بلگراد. ومن هنا لم تكن مصادفة حتى يدعومؤتمر وزراء خارجية «منظمة التعاون الاسلامي» (الاسم الجديد لـ «منظمة المؤتمر الاسلامي»، الذي عقد في الاستانة بعد الاعلان في بروكسيل عن هذه الاتفاقيات بين صربيا وكوسوفو، الدول الاعضاء التي لم تعترف بعد، الى الاعتراف باستقلال كوسوفو، وذلك في أقوى موقف للمنظمة حتى الآن.
انظر أيضا
- العلاقات الخارجية لكوسوڤو
- العلاقات الخارجية لصربيا
المصادر
- ^ محمد م. الارناؤوط (2011-05-10). "أولى الاتفاقات بين صربيا وكوسوفو: فن التنازل واستعراض المكتسبات". دار الحياة اللبنانية. Retrieved 2011-07-14.
نطقب:Foreign relations of Kosova