استبداد

عودة للموسوعة

استبداد

الاستبداد Despotism، في اللغة هي التفرد بالشيء، والغَلَبَة،والمستبدَ هوالذي ينفرد برأيه فيما تنبغي المشورة فيه. لكن تعبير الاستبدادية انصرف مع مألوف الاستعمال إلى نعت من نعوت الحكم المطلق المشوب بالظلم الذي لا يرعى فيه القائمون عليه وازعاً أخلاقياً أو قيوداً قانونية، ويتبع المستبد أوالمستبدون الأهواء الخاصة بدلاً من تحكيم مقتضيات المصلحة العامة. ويتبع ذلك حتى يخلوحكم المستبد من أجهزة الرقابة على الحكم ومحاسبته أوحتى تكون هذه الأجهزة معطلة بالعمل.

أما في أصول اليونانية فلم يكن اصطلاح despotes ليتضمن حتماً معاني الظلم والتفرد الأرعن بالرأي، بل كانت حدثة المستبد تعني سيّد البيت أورئيس الجماعة، وأطلق أباطرة بيزنطة هذا الاسم على من كانوا يولّونهم من أبنائهم وأصهارهم حكّاماً لمقاطعات الامبراطورية. ويعزى في هذا الصدد إلى آليكسيوس الثالث آنجلوس البيزنطي الذي حكم من سنة 1195 إلى 1205م، إدخال هذا اللقب في مفردات تسلسل السلطة، وإضفاء رتبة عليه تأتي مباشرة بعد رتبة الامبراطور نفسه. ثم تطور مصطلح الاستبدادية فلازمته صفة التعسف والافتقار إلى الشرعية فأصبح يشير إلى نظام لا يستند إلى تقليد متبع أوأعراف وراثية، أودستور مبرم، ويميل فيه القائمون عليه إلى الظلم والتحلل من القيود. وهذا ما حدا بأرسطوحتى ينعته بأنه أسوأ أنظمة الحكم وأكثرها فساداً يدور فيه اهتمام الحاكم حول تأمين رفاهيته الشخصية من دون المصلحة العامة.

الاستبدادية والاصطلاحات المقاربة

الاستبداد قد يصبح المظهر الأبرز في نظام الدكتاتورية وتصرّف الدكتاتورـ والدكتاتورية اصطلاح لاتيني يعني الفرد الذي اقتنص السلطة وأملى إرادته على الجميع، ويتجسد معناه بظهور حاكم يعطى سلطة ممتدة خارجة عن حدود المألوف في أحوال طارئة ولمدة محددة يقتضيها تدارك هذه الأحوال بالعلاج، على حتى هذا الاصطلاح قد تطور هوأيضاً فأصبح يشير على هجرز السلطة في إنسان واحد في أثر ثورة أوانقلاب أونجاح هذا الشخص في إزاحة مزاحميه عن دائرة النفوذ والسيطرة، وعدم اشتراط وجود أحوال طارئة أومدة مؤقتة لحكمه. وللديكتاتورية أشكال وأسباب يتداخل الاستبداد في ثناياها من دون حتىقد يكون مرادفاً مطابقاً لها.

كذلك تعبير الكليانية totalitarianism فإن الاستبدادية قد تتجلى في مظاهرها من دون حتى تكون مرادفاً تاماً لها، فالكليانية إنما تطلق في مدلولها على حكم يُخضع جميع المنظمات رسمية كانت أم شعبية لهيمنة الدولة، مع تبديد لروح المعارضة، واستعمال مفرط للرقابة والنادىية، وإشاعةٍ لعبادة الشخصية، واستخدام للإرهاب في سبيل إحكام السيطرة التامة على شؤون الأمة وتسيير اقتصادها وسياستها وثقافتها في وجهة مفروضة شاملة لا تجوّز الانحراف عنها.

ويختلف جميع من الدكتاتورية والكليانية عن الملكية المطلقة. فالاستبدادية قد تطبع بطابعها تصرفات الملك المطلق من دون حتى تكون محتوية لكل معانيها وفروقها. والحق حتى الملكية المطلقة على ما في نادىواها في الحق الإلهي والوراثة من محتوى يقوم على الوهم، أوفرض أمر واقع بالقوة، لم تكن، بسبب التراكيب الاجتماعية التي تضع الكثير من قيود السلطة المكتوبة أوالمتعارف عليها، مطلقة الحرية تماماً فيما تعمل، ولا مستأثرة لنفسها حصراً بتسيير حياة الأمة وفق مخطط موضوع. وكانت تُراوح بين لقاءة مصالح الأرستقراطية وطبقة الإكليروس وبين التفاهم معها وتَشَاطُرِ السيطرة والنفوذ والامتيازات على حساب العامة. فالاستبدادية لون من التصرف قد تتلّون به هذه الأنظمة وأمثالها أكثر من كونها نظاماً قائماً بنفسه جعل له الواقع التاريخي ملامح خاصة بيِّنة وأساليب متبعة دارجة. وأكثر ما يتجلّى هذا اللون التعسفي للاستبدادية في الاستعمار وما يحمله من غزوبالقوة وإملاء لشروط الفاتحين، وتسخير للمستعمرات وأهلها ومواردها لمدّ سيطرة الدول الاستعمارية سياسياً واقتصادياً واستراتيجياً مع استلاب حق تقرير المصير لسكانها الأصليين.


الأبعاد النظرية والفكرية للاستبدادية

خط الكثيرون من العرب قديماً وحديثاً في الاستبدادية أوحولها، فمن المعاصرين خط خير الدين باشا التونسي، وأحمد فارس الشدياق، وسليم البستاني. لكن عبد الرحمن الكواكبي (1849-1902) هوالذي أورد في مؤلّفه «طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد» ما يشبه نظرية متكاملة عن حكم الاستبداد، وقد اتى الكتاب جمعاً لمنطقات كان ينشرها المحرر باسم مستعار، وهوتارةً الرّحالة ك، أوالمحرر الفراتي، خشية حتى يلاحق وتحتجز حريته على أيدي السلطات العثمانية عقاباً على نشره آراءه.

وجعل الكواكبي الاستبداد من أبرز مباحث السياسة وعرّفه بأنه «التصرف في الشؤون المشهجرة بمقتضى الهوى» سواء كان التصرف صادراً عن فرد أوجمع «في حقوق قوم بلا خوف ولا تبعة». لذلك أمكن إطلاق صفة الاستبداد على «الحكومات المطلقة التي لا تتصرف بموجب شريعة أووفقاً لإرادة الأمة»، أوأنها تملك من النفوذ والسيطرة ما تبطل معه قيود الرقابة والمحاسبة. ومن السهل ملاحظة العناصر التي يوردها المحرر لإغناء تعريف الاستبداد، كإمكان صدوره عن فرد أوعن «جمع» مشيراً بذلك إلى استبداد المجموعات التي تستأثر بالحكم وتقمع المعارضة كالحزب الواحد، أوالمجالس الثورية أوالعسكرية، وكإشارته إلى غياب التعبير عن إرادة الأمة في الحكم الاستبدادي، وتعطيل أجهزة الرقابة والمحاسبة كالمجالس التمثيلية المنتخبة انتخاباً حراً، والمحاكم الدستورية والقضائية المستقلة المتمتعة بالحصانة، وخلص من ذلك إلى ملاحظة حتى ما يساعد على قيام حكم الاستبداد هو«جهل الأمة» وامتلاك القائمين على الحكم لأداة القمع من «الجنود المنظمة»، واستغلالهم العواطف الدينية، ومقولة التسليم بالقضاء والقدر، ليحرّفوها عن مغزاها الأصلي، ويثبتوا بفضل النادىية القائمة على الباطل، في روع أفراد الأمة، حتى الحكم الذي يرزحون تحت ثقله هومن إرادة الله، وينصرف همّ المستبدين إلى محاربة انتشار الفهم، لأن «الفهم يوسع الأذهان، ويبدد الأوهام، ويعرّف الإنسان بمكانته وحقوقه» مما ينبّه جمهور الأمة للمطالبة بهذه الحقوق والدفاع عن حرمتها.

ويرد الكواكبي على القائلين إذا الشرق مريض لفقد التمسك بالدين، فيعزوالسقم إلى الاستبداد الذي هومصدر التهاون في الدين الحق، وتحريفه عن مهمته الأخلاقية الإصلاحية، «فالمفتقد حقاً هوالحرية السياسية».

ثم يدعوإلى وجوب مناهضة الاستبداد مستبعداً وسائل العنف خشية تشتت الأمة وانقسامها إلى فرق وشيع، أي يدعوإلى الإصلاح التدريجي لما فسد في العقيدة وفي أساليب الحكم، والتربية، ولا يجد طريقاً إلى النهوض من العثار إلا في «الترقي» ويقصد به الأخذ بأسباب الحضارة والتقدم الإنساني والفهمي.

وهووإن كان يعني في بحثه استبداد الامبراطورية العثمانية في البلاد التي فرضت سيطرتها عليها بالقوة، فإن نظرته إلى الاستبدادية تتصف بنوع من الشمول، وفيها أصداء لما خط في الغرب عن الاستبداد، ولها هي بحد ذاتها أصداء في الفكر العالمي.

أما عن الشرق عامة، الآسيوي والروسي، فيمضى كارل آ.ووتيفوغل Karl A.Wittfogel المؤلف الألماني لكتاب «الاستبداد الشرقي» (الترجمة الإنكليزية) إلى حتى مظاهر الاستبداد في هذا المجال القاري الواسع إنما تُعزى إلى كون غالبية المجتمع الشرقي القديم قد قامت في الأصل على حضارة الريّ والتنظيم المائي hydraulic للمساحات الشاسعة من هذه الأراضي التي يجب إرواؤها لإنتاج الأغذية لهذه المجموعات الكبيرة من البشر، مما يتعذر على الجهد الفردي أداؤه، فيحتاج بذلك إلى هجرز للسلطة الفاعلة في يد حكام أقوياء، ما يلبث حتى يغريهم صَلَفُ السلطة بممارسة الاستبداد. ويفسّر ووتيفوغل كيف من الممكن أن تنشأ في هذا المعرض بيروقراطية طيّعة للمستبدين، ولكنها جائرة على حقوق العامة، مندفعة وراء مصالح مكتسبة تكوّنها لطبقتها، وتنموعندها القوة والتحكم في التملك والاستثمار وفرض الأتاوى غير متعففة عن ارتكاب المظالم بحق سواد الشعوب. وقد كان من أبرز مظاهرها البعيدة عن الإنسانية عبودية عمال الأرض sezfdom والسخرة.

على حتى بعضاً من مثل هذه الظواهر والتراكيب الاجتماعية لم تخل منها جميع من رومة واليونان في العهد القديم، لارتباطها بحسب أطروحة ووتيفوغل بالنظام الاقتصادي السائد في أي عصر ومصر.

تأثيرات الفلسفة السياسية في واقع الاستبدادية

إن فكرة الحاجة إلى مثل هذه السلطة القادرة على فرض التنمية والتقدم من علٍ لا من سواد المراتب الدنيا للجماهير الشعبية ـ حين لم تكن الثقافة قد انتشرت بعد في أوساط العامة من الشعوب ـ هي التي كانت وراء فلسفة ما ينطق له بالعربية «المستبد العادل» وبالفرنسية: despotisme éclairé أي الاستبداد المستنير بعصر التنوير وهوالفلسفة التي لونت الفكر الأوربي في القرن الثامن عشر، وإن الاصطلاح بالإنكليزية denevolent despotism إنما يبرز ما يمكن حتى يؤديه المستبد، على استبداده، من منافع وخدمات وإصلاحات إذا أخلص النية والعمل الصالح لرعيته.

تعزى صيغة «الاستبداد المستنير» أو«الحكم المطلق المستنير» إلى مؤرخين ألمان شهدوا قيام نوع من أنواع الحكم، يستند إلى فلسفة وواقع معاً، فلسفة تنشد في الحكم السلطة القادرة على القيام بإصلاح المجتمعات، وواقع يشير إلى إمكان هذا الحكم بالعمل. وقد نجح هذا النموذج من نماذج الحكم في النصف الثاني من القرن الثامن عشر فكان تكييفاً للملكيات المطلقة التي سادت في القرون الوسطى وبدء القرون الحديثة مع الروح الأوربية الجديدة التي بثها عهد التنوير Enlightenment والتي تتخذ أركاناً لها الفرد، والعقل، والطبيعة، والتقدم، والسعادة. فقد ابتدع فيزيوقراطيّوالقرن الثامن عشر المؤمنون بالنظام الطبيعي، وتوافق المصالح الخاصة مع المصلحة العامة، اصطلاح «الاستبداد القانوني» laegal despotism على ما يظهر فيه من تناقض، بين الاستبداد الذي لا يعهد قانوناً وبين حكم القانون، وذلك من أجل الدلالة على حتى الحاجة ماسة لقيام حاكم مطلق الصلاحية لا يمكنه بدافع مصلحته الخاصة نفسها وهي ديمومة حكمه تبعاً لقدرته الإصلاحية إلا حتىقد يكون أميناً على المصلحة العامة في الوقت نفسه. فالحاكم أوالملك «المستنير» إنما يضع وسائل الدولة في خدمة المجتمع على أساس العقل. ويجب حتىقد يكون مستبداً ليكون قادراً على إنفاذ مسببات النهضة التي يقتضيها تحقيق التقدم، لأن سواد المحكومين لمقد يكونوا على درجة كافية من الفهم أو«التنوّر» كي يفرضوا التقدم من الأدنى على الأعلى، في مراتب الهرم الاجتماعي، من رجل الشارع إلى طبقة الحاكمين. فالعبرة ليست في تهديم السلطة المطلقة بل في تحويلها conversion أوهدايتها إلى الصّلاح: كتجديد للقوانين، وتحسين لإجراءات الإدارة والإنصاف، ومكافحة لسوء الاستعمال. إذا هذه السلطة نوع من وصاية القلة على الأكثرية لا يفلح بممارستها بنجاح إلا أشخاص خارجون على المألوف بقوة شخصيتهم وقدراتهم العقلية والسياسية والإدارية.

نماذج الاستبداد المستنير

يضرب المثل النموذجي للمستبد المستنير بحكم فريدريك الثاني، الملقب بالكبير، ملك بروسية، الذي دام حكمه من سنة 1740 إلى سنة 1786 فكان يعد نفسه «الخادم الأول» للدولة، يجب عليه تقديم الحسابات لرعاياه، شعاره العمل الدائب، وتتضافر في شخصيته الكادحة إدارة الأمور الداخلية والمالية والخارجية والعسكرية، لتثبيت شخصية الدولة ونماء قوتها. فلا بد له من شمول النظرة والاطلاع على جميع شيء مثبتاً حدثته في جميع قرار مهم، محتفظاً بكرامة المنصب وكرم الطبع، مستهدفاً النجوع في خدمته الدولة، فالعمل الناجع هومحك النجاح.

وقد حلّت هذه النظرة محل الملكيات القديمة التي تستمد شرعيتها من الحق الإلهي وما ينتج عن ذلك من عصمة الملوك عن الخطأ لأنهم يستمدون إرادتهم من إرادة الله، واطّرحت التعصب الديني والممضىي داعية إلى احترام جميع العبادات، لأن الرابطة التي تجمع رعايا الوطن هي الوطنية قبل جميع شيء، والحرب الأهلية التي يثيرها التعصب إجرام بحق الوطن، يجب على الملك إطفاء فتيلها قبل الانفجار.

وليس «للاستبداد المستنير» نموذج واحد، فلقد تعاقب الأباطرة والملوك في القرن الثامن عشر، ككاثرين الثانية في روسية، التي حكمت بين سنتي 1762و1796، وجوزيف الثاني امبراطور النمسة، وغوستاف الثالث ملك السويد، وشارل الثالث ملك إسبانية، وشارل إيمانويل الثالث ملك سافوي، وغيرهم على الحكم في البلاد الأوربية، فاختلفت ملامح الاستبداد المستنير باختلاف الحاكم والأحوال التي عاشها، وتطورت هذه الملامح مع اقتراب الثورة الفرنسية سنة 1789.

لقد كانت كاثرين الثانية حريصة على الإصلاحات مع إقرارها بأن الواقع كثيراً مايحدّ من همم الإصلاح. وكانت تعتمد في فلسفتها السياسية على الفلاسفة والكتّاب الفرنسيين أمثال دالامبير، وفولتير، وديدرو، لاستلهام كتاباتهم، ولإغرائهم بالإشادة بمآثرها. إلا أنها مع إدخال بعض الإصلاحات الإدارية والقضائية والمالية، وبذلها بعض الجهد من أجل نشر التعليم وترقية مستواه، كانت تؤثر طبقة النبلاء، وتقوّي من انتشار الخدم في نظام كالعبودية يحرمهم الحقوق، وتقف في تشجيع التعليم عند أول عائق مالي حتى أُثر عنها قولها المشهور لخليلها «بوتمكين»: «إذا أكثر رعاياي من التفهم، فلا أنت ولا أنا نبقى في مكاننا». لهذا كان تصنيف كاثرين الثانية في نموذج الحكم ذي النوايا الإصلاحية ضمن حدود الواقع. أما نموذج جوزيف الثاني فمتقدم على الاثنين، إذ يريد من «الفلسفة حتى تكون شريعة امبراطوريته» وأن يقضي على التعصب الديني ويحرّر العقول من هيمنة الكهنوت ولوأنه يحترم كرسي البابوية، وهولا يمنع منشقّاً حرية التعبير، ويلغي من الشعائر الدينية الوساوس والأوهام. ومع أنه وصف الدولة بأنها «آلة يجب حتى تسير على رغبته». فإنه نهض بالتشريع والإدارة والتعليم، ومع حبه لرعاياه، كان حزنه الأكبر أنه لم يستطع جعلهم جميعاً يتمكنون من التمتع بالسعادة الكاملة. وتكاد فلسفة «الاستبداد المستنير» في نماذجها المثلى، تكون صدىً بعيداً لما أُثر عن بعض القادة المسلمين الذين اشتهروا بالحزم والعدل والبناء. ومن أمثال هؤلاء عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز وصلاح الدين الأيوبي.


الثورة الفرنسية وردة العمل

اتىت الثورة الفرنسية سنة 1789 مطالبة بحكم الشعب وبحقوق الإنسان، وبالحرية والإخاء والمساواة، فتحالف ملوك أوربة آنئذ مع النبلاء ومع رومة ورجال الدين ضدها كأنها عدومشهجر. وكان حدثا ازداد الرأي العام مطالبة بالحقوق ازدادوا ضيقاً به وتعسفاً. غير حتى الثورة لم تعدم قيام المستبدين أمثال روبسبير، وقد قيل عن نابليون الأول نفسه أنه في فصيلة المستبدين لأن استيلاءه على الحكم لم يصطبغ بالشرعية المألوفة، ولكنه مستبد احتفظ بقدر من الاستنارة وتدل على ذلك أعماله الإصلاحية، كسّن القانون المدني، وبناء مؤسسات الدولة الحديثة.

ومع تقدم فكرة الدولة أصبحت الطبقة الحاكمة تطالب بولاء الجميع للدولة على أنه واجب أساسي يلتزم به المواطن، وقد ناهض ملوك أوربة في بعض الأحيان طبقة الأرستقراطية وحرروا مؤسسات الدولة من الأطر التقليدية لنفوذ النبلاء ، وكافحوا الإقليمية واستئثار الأسر الكبرى بالسيطرة في الأنطقيم، لكنهم قصّروا في ميدان المجتمع في إقامة المساواة الاجتماعية الحقة بين جميع طبقات المواطنين. فأدى نموالدولة إلى هجرز السلطة لتشجيع الصناعة وحماية المنتجات الوطنية، وتوجيه الإنتاج القومي لحاجات الجيش وتأسيس المصانع والمصارف وإقامة العدل على أسس أكثر إنسانية كإلغاء الرقّ والعبودية والتعذيب. لكن الإفراط في عدّ الدولة فوق الجميع، قاد في القرن العشرين إلى أنواع جديدة من الاستبداد ـ رافقت في الواقع التاريخي حكم الديمقراطيات ـ تجلت في قيام أحزاب وحيدة في عدد من البلاد (روسية، وألمانية، وإيطالية) وهجريز مرافق الدولة كلها في يد الحزب الوحيد الحاكم وظهور دكتاتوريات جديدة تمارس الاستبداد كدكتاتورية ستالين وهتلر وموسوليني. ولئن سارت هذه نحوالزوال، فإنّ طرازاً جديداً من الاستبدادية المستترة شق طريقاً له في العلاقات الدولية المعاصرة فلم تختف الاستبدادية من المسرح تماماً، بل أصبحت لها ملامحها وأساليبها المتقدمة باقتراف المظالم بحق الإنسان وبحقوق الشعوب الضعيفة.

التاريخ

تعارضها مع الملكية

انظر أيضا

  • Dictatorship
  • Enlightened despot
  • حكم الأقلية
  • ملكية
  • Tyranny

المصادر

  1. ^ رفيق جويجاتي. "الاستبدادية". الموسوعة العربية. Retrieved 2011-07-15.

وصلات خارجية

  • : despotism
تاريخ النشر: 2020-06-04 10:04:41
التصنيفات: أنظمة سياسية, حكم الأقلية

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وأصداؤها \08.11.2022\

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-08 06:16:39
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 89%

مونديال 2022: ريغوبير سونغ رمز القائد في الكاميرون

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-08 06:16:34
مستوى الصحة: 85% الأهمية: 98%

هل يمكن لممارسة الرياضة أن تعالج الاكتئاب؟

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-08 06:15:24
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 46%

مونديال 2022: ثغرة الحائط وذكاء ماتيوس ينهيان مغامرة المغرب في 1986

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-08 06:16:36
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 86%

ساليفان: الكونغرس الأمريكي سيواصل مساعدة أوكرانيا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-08 06:16:44
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 85%

مونديال 2022: هل يسير نيمار أخيراً على خطى عمالقة البرازيل؟

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-08 06:16:35
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 100%

الرئيس الانتقالي في تشاد يعين أكثر من 100 نائب إضافي في "البرلمان"

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-08 06:16:42
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 92%

ترامب: نحن الآن في عالم الشيوعية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-08 06:16:45
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 94%

"وول ستريت" تغلق على ارتفاع وسهم "ميتا" يقفز مع اقتراب الانتخابات

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-08 03:24:07
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 62%

مونديال 2022: تيتي المداوي الحذر لـ"سيليساو"

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-08 06:16:35
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 95%

الصحة العالمية: وفاة 15 ألف شخص في أوروبا بسبب الحر خلال 2022

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-08 03:24:09
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 64%

أفكار جديدة  في غرف المنزل  لحلّة شتوية معاصرة ومميّزة 

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-08 06:15:26
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 45%

مولدوفا تلوح بإمكانية مقاضاة "غازبروم" بسبب "انتهاك" للعقد

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-08 06:16:46
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 88%

مونديال 2022: البرازيل مرشحة فوق العادة في المجموعة السابعة

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-08 06:16:36
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 92%

4 أطباق عربية ضمن قائمة أفضل الأطباق النباتية في العالم

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-08 06:15:25
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 39%

ترامب يعد بإصدار "إعلان هام جدا" في 15 نوفمبر

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-08 06:16:43
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 91%

تحميل تطبيق المنصة العربية