شوكت أحمد شاه

لم يكن الإعلان عن نبأ استشهاد مولانا شوكت أحمد شاه بمثابة صدمة كبيرة للشعب الكشميري المسلم فحسب، بل فجع به جميع من عهد هذا الرجل، وتعرّف على أفكاره وتطلعاته الوحدوية والتقريبية، واطّلع على خدماته وإنجازاته القيمة في سبيل وحدة الشعب المسلم في كشمير.

أجريت مع الشهيد حوارات عديدة لوكالة أنباء التقريب، وفي جميع مرة كنت ألمح فيه إخلاصه وتفانيه لخدمة قضايا الأمة الإسلامية، فقد كان يؤكد دائماً على الوحدة والإنسجام بين المسلمين، ويعلن صراحة بأن الشيعة والسنة، ورغم وجود الإختلاف في وجهات النظر بينهم، إلا أنهم أخوة في الدين والعقيدة، وتجمعهم أواصر التأريخ والثقافة والمصير المشهجر.

وفي أول محادثة أجريته معه قبل عدة أشهر، سألته عما إذا كان صريحاً أيضاً في بيان أفكاره التقريبية في سائر أنشطته الدعوية، فأجابني "باستطاعتك حتى تتأكد من ذلك بنفسك"، قلت له "أود حتى أصلي الجمعة خلفك"، فنطق "هل تنوي القيام بذلك حقاً ؟!"، فأجبته "وما المشكلة في ذلك!"، فابتسم ونطق "هذا من دواعي سروري".

إلى غير ذلك مضىت في الأسبوع التالي إلى مسجد "لالجوك سرينكر" في منطقة "ميسومة" التي كان يصلي فيها مولانا شوكت أحمد صلاة الجمعة، والتي استشهد فيها فيما بعد، وحينما دخلت المسجد كان مولانا يلقي خطبة الجمعة، وحينما رآني بدت علامات الفرح والسرور على وجهه، وكذلك الحال بالنسبة للمصلين في المسجد وهم يشاهدون أحد طلاب الفهم الشيعة يشارك في صلاة الجمعة بجانب إخوانه من أهل السنة.

ورغم حتى الشهيد مولانا شوكت أحمد كان يعد من زعماء السلفيين في كشمير باعتباره رئيساً لـ"جمعية أهل الحديث"، إلا أنه كان يؤكد دائماً على الأخوة الإسلامية ويسعى إلى أعطى جسور التعاون والتواصل بين الشيعة والسنة، وكان يحترم الشيعة غاية الإحترام، ويرفض الإساءات التي كان يقوم بها البعض تجاههم.

وحينما انتقده بعض زملائه على مواقفه الوحدوية ودعواته المستمرة للتقريب بين الشيعة والسنة، هدد بالإستنطقة من "جمعية أهل الحديث"، قائلاً "إنني لن أتوقف عن قول الحق".

كان يردد دائماً "إنني لن أسمح للأعداء حتى ينفذوا مؤامراتهم الخبيثة بإشعال نار الفتنة بين المسلمين الشيعة والسنة في كشمير كما عملوا ذلك في باكستان، وسأقف بوجه هذه المؤامرة بكل ما أوتيت من قوة".

لقد قدم الشهيد مولانا شوكت أحمد شاه، الكثير من الإنجازات القيمة لخدمة قضايا التقريب والوحدة الإسلامية في كشمير، وسعى جاهداً للتآخي بين الشيعة والسنة، ونبذ الفرقة والإختلاف والعصبيات الطائفية، وهذا ما يشهد له جميع أصدقائه والمقربين منه وكل من تعرّف عليه، فلم يكن يهدف من وراء ذلك تحقيق مصالح شخصية، بل كان يؤمن بفكرة الوحدة والتقريب بنية صادقة مخلصة لله سبحانه وتعالى، وأبلى في سبيل ذلك بلاءا حسناً، حتى مضى شهيداً محتسباً.

رحم الله الشهيد مولانا شوكت أحمد شاه، وأسكنه الفسيح من جناته، إنه سميع مجيب الدعوات.

المصادر :