اقتصاد ديموغرافي

عودة للموسوعة

اقتصاد ديموغرافي

اقتصاد السكان population economics، يعهد في منظومة العلوم السكانية، بأنه فهم فرعي يضم جميع الأسس والمبادئ المنهجية الخاصة ببحث العلاقة بين تطور السكان وتطور المجتمع كلّه، وعلى وجه الخصوص التطور الاقتصادي في إطار تشكيلة اقتصادية ـ اجتماعية معينة. وتعتمد البحوث والنظريات في فهم اقتصاد السكان اعتماداً أساسياً على المبادئ والقواعد المنهجية العامة لفهم الاقتصاد السياسي التي تؤخذ عادة أساساً لتحليل القوانين العامة للتطور الاقتصادي الاجتماعي ومعهدتها، ومن ثم يمكن القول إنّ المحاولات الأولى لدراسة الجوانب الاقتصادية المرتبطة بالتطور السكاني بدأت من مفاهيم فهم الاقتصاد السياسي ومقولاته.

ويشغل اقتصاد السكان عادة حيزاً من المسائل الفهمية أوسع من تلك التي تتناولها الديمغرافية الاقتصادية التي تشكل فرعاً فهمياً في منظومة العلوم الديمغرافية. وهي حين تتناول تأثير الجوانب الاقتصادية في عملية إعادة إنتاج السكان فإنها تعتمد، في التحليل، القواعد والمبادئ المنهجية والمقولات المحددة في فهم اقتصاد السكان.

يرتبط جميع من فهمي الاقتصاد والسكان بعلاقة متبادلة وثيقة ومتكاملة، ففي حين يحدد تطور الاقتصاد، من نواح كثيرة، السمات الأساسية للتطور السكاني وهجريب السكان، فإن حجم السكان وهجريبهم يؤثران من ناحية أخرى تأثيراً جوهرياً في وتيرة النموالاقتصادي وتناسباته. ومع التطورات العالمية الحاليةقد يكون لبحث العلاقة والتأثير المتبادل بين التطور الاقتصادي والتطور السكاني أهمية متزايدة في منظومة العلوم الاجتماعية. ولكن البحث الفهمي في هذا المجال مازال يقابل صعوبات كثيرة تتعلق جوهرياً بالأسس المنهجية والمفاهيم والمقولات الفهمية التي يقتضيها البحث الفهمي والتي لم يتبلور الكثير منها بعد. وفي الوقت الحاضر الذي تشهد فيه بلدان العالم الثالث تطورات سكانية مهمة وذات أبعاد عميقة فإن لاقتصاد السكان أهمية متزايدة في درس العلاقة بين السكان وقضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

نظرة تاريخية

أثارت الظاهرة السكانية اهتمام المفكرين منذ القدم، وكانت آراؤهم فيها بدايات أولية لما سيغدومنظومة فهمية مستقلة وفرعاً من فروع الفهم العامة. فقد اهتم بها أفلاطون في مؤلفاته ولاسيما في «الجمهورية"، ورأى حتى عدد السكان يجب حتى يتناسب مع مساحة الدولة ومتطلبات الدفاع عنها. كما أشار أرسطوإلى المخاطر التي تنجم عن الفقر حين يتجاوز عدد السكان قابلية المساحة الجغرافية المتاحة. ولاستحالة زيادة رقعة الأرض زيادة تتناسب مع النموالسكاني نادى أرسطوإلى الحد من نموالسكان.

وفي العصر الوسيط، يعد أبن خلدون [ر] من أوائل فهماء الاجتماع الذين أعاروا اهتماماً خاصاً لدراسة الظواهر السكانية في المجتمع. وتميز فكر ابن خلدون في هذا المجال في بحثه عن العلاقة بين تبدل الحركة السكانية والمتغيرات الاقتصادية. وقد رأى ابن خلدون حتى كثافة السكان تسهم في تحسين شروط تقسيم العمل الاجتماعي واستغلال الثروة الاجتماعية بطريقة أفضل.

ومع نشوء الرأسمالية في أوربة، وجوهرها قانون تحقيق الربح، بدأت دراسة قوة العمل من حيث كونها طاقة إنتاجية تكتسب مكانة مهمة في الأبحاث الاقتصادية والاجتماعية وأخذت علاقة الترابط بين مجمل النشاط الاقتصادي والتطور السكاني ومعدلات النموالسكاني تكوِّن مجالاً مهماً في هذه الأبحاث. وتوجه الاهتمام النظري نحودراسة هذه المسألة، لما لها من أهمية في تطور النظام الرأسمالي. ولم يكن من قبيل المصادفة حتى يحقق فهم السكان تطوراً جديداً في هذه الفترة بالتلازم مع تبلور فهم الاقتصاد السياسي.

وبكلام آخر فإن فترة الانتنطق إلى الرأسمالية في أوربة أوجدت شروطاً موضوعية جديدة لتطور فهم الاقتصاد السياسي وفهم السكان. فلم يعد هذان الفهمان مجرد أفكارٍ عامة، بل اتخذا في أوربة صيغة المعارف الفهمية المنسقة، وتكونت بذلك بدايات نشوء النظريات الاقتصادية والسكانية.

كان للممضى التجاري (المركنتيلية) الفضل في ظهور المفاهيم والمقولات الأولية في فهم الاقتصاد السياسي، ولكن هذا الممضى الذي كان يعبر عن أولى مراحل تطور رأس المال التجاري، ويؤكد أثر الربح التجاري في تكوين الثروة الاجتماعية، لم يعر العنصر البشري، ومن ثم المسألة السكانية، أهمية تذكر. كما لم يتعرض أنصاره من أمثال توماس مان Thomas Mun وجون لوك John Locke وجيمس ستيوارت [ر] James Stewart للجوانب المرتبطة به.

وخلافاً لأنصار الممضى التجاري أكد الطبيعيون (الفيزيوقراطيون) حتى عملية الإنتاج، لا عملية التداول، هي مصدر الثروة الاجتماعية. ويعود لهؤلاء الفضل الأول في وضع عملية الإنتاج في المركز الرئيسي للتحليل الاقتصادي النظري المنهجي، ومن ثم تحديد المصدر الأساسي للفائض الاقتصادي. وفي هذه الفترة من تطور فهم الاقتصاد السياسي تخطى الطبيعيون مفاهيم المركنتيلية ومنطلقاتها حين عدّوا العمل الزراعي مصدر فائض القيمة، وريع الأرض مصدر جميع أنواع العوائد الأخرى كالربح والفائدة.

من هذا المنطلق يقسم الطبيعيون السكان إلى أربع طبقات رئيسية: طبقة ملاكي الأرض والطبقة المنتجة في العمل الزراعي وطبقة الحرفيين والتجار وهي لا تحقق قيمة مضافة، وأخيراً الطبقة غير المالكة في الريف والمدينة وهي تابعة اقتصادياً للطبقات الثلاث الأولى، وتضم فئات اجتماعية معينة مثل الجنود والخدم والفنانين وهي ذات طبيعة مستهلكة غير منتجة. ولمكانة العمل الزراعي عند الطبيعيين فإن عدد السكان في مجتمع ما يتوقف، إلى حد كبير، على كمية المنتجات الغذائية الضرورية لإعادة تجديد السكان. وفرق ريتشارد كانتيون (1697-1734) Richard Contillon الرائد الأول الذي مهد للنظرية الفيزيوقراطية بين معدلي النموالسكاني لدى الطبقات الغنية والطبقات الفقيرة، وتطرق فرانسوا كيني (1694-1774) Francois Quenay مؤسس مدرسة الطبيعيين، في أكثر من موضع، إلى العلاقة بين الإيراد الفردي ومستوى المعيشة من جهة والنموالسكاني من جهة أخرى.

وتعرض مؤسسوفهم الاقتصاد السياسي التقليدي إلى المسألة السكانية من حيث ارتباطها بالحالة الاقتصادية. ففي أكثر من مناسبة أكد آدم سميث [ر] (1723-1791)Adam Smith حتى للإمكانات الغذائية المتاحة تأثيراً كبيراً في الكثافة السكانية، كما حاول ديفيد ريكاردو[ر] (1772-1823)David Ricardo حتى يبرهن على وجود علاقة بين الحركة السكانية وحركة رأس المال وتطوره.


السكان والنموالاقتصادي

هجرزت بحوث كثيرة حول العلاقة بين السكان والنموالاقتصادي، كما تعددت الدراسات التي مازالت مدار جدل، حول الحجم الأمثل للسكان ومعدل النموالسكاني الملائم للنموالاقتصادي. ويربط بعض الباحثين بين مفهوم الحجم الأمثل للسكان والحجم السكاني الضروري اقتصادياً. ولا شك في حتى جميع أسلوب إنتاج معين يحتاج حجماً معيناً من السكان يضمن إعادة إنتاجه، ويتوقف هذا الحجم على عدة عوامل أهمها مستوى تطور القوى المنتجة في المجتمع. وتُظهر تجارب البلدان المتقدمة صناعياً علاقة عكسية بين مستوى التطور التقني والنموالسكاني. في حينقد يكون التخلف الاقتصادي أبرز عوامل النموالسكاني المتفاقم في البلدان النامية. وبذلك تبدوالعلاقة بين السكان والنموالاقتصادي ذات طبيعة جدلية. وفي جميع الحالاتقد يكون من المهم، فيما يتصل بالتطور الاقتصادي، التنبؤ بعدد السكان لفترة مقبلة طويلة وخاصة بالفئات القادرة على العمل، ذلك حتى من المحال التنبؤ باتجاهات النموالاقتصادي من دون تسقطات مسبقة لاحتمالات تطور حجم السكان بوصفهم قوةً اجتماعيةً منتجةً أساسيةً. ومما ساعد على تطور فهم السكان أيضاً تطور فهم الإحصاء في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر.

نظرية مالتوس واقتصاد السكان

في عام 1798 نشر روبرت مالتوس (1766-1834) Thomas Robert Malthus أولى دراساته في السكان والاقتصاد. فنشأت بذلك أكثر البدايات أهمية في هذا المجال، وبصرف النظر عن صحة نظرية مالتوس أوخطئها فإنها بما أثارته من جدل وتباين في الآراء حولها كانت تعبر عن حتى فهم السكان بدأ بالتبلور في منظومة العلوم الاجتماعية بعد فهم الاقتصاد السياسي.

تستند نظرية مالتوس إلى وجود قوانين بيولوجية حتمية تحكم عملية نموالكائنات الحية وتكاثرها، ومنها الإنسان. ومع حتى عدداً من الباحثين في فهم الأحياء والإحصاء تجاوز لهم حتى تعرضوا لهذه المسألة، فإن ما يميز نظرية مالتوس محاولته إيجاد علاقة رياضية بين النموالسكاني ونموالناتج الزراعي. وفي تفسيره لتطور الناتج الزراعي استند مالتوس إلى قانون «تناقص الغلة» أومايطلق عليه «قانون تورغو» (1727-1781) Ann Robert Jacques Turgot أحد ممثلي المدرسة الطبيعية الفرنسيين، ومؤداه أنه مع زيادة استخدام عوامل الإنتاج في الزراعة ولاسيما العمل ورأس المال لا يزداد الناتج الزراعي بنسبة زيادة عوامل الإنتاج وإنما بنسبة أقل. فإذا كان النموالسكاني بحسب نظرية مالتوس يتم وفق متوالية هندسية فإن نموالناتج الزراعي يتم وفق متوالية حسابية. ويتجلى هذا التباين باختلاف النموالسكاني ونموالناتج الزراعي وما ينجم عن ذلك من حالات العوز والفقر والجوع. ويقترح مالتوس لتجنب هذه النتيجة ما يطلق عليه «الموانع الوقائية» كالإحجام عن الزواج والحد من التناسل، وإلا أدى الأمر إلى الحروب وانتشار الأمراض، أي ما سماه «الموانع الرادعة» التي تساعد على إعادة التوازن بين النموالسكاني ونموالناتج الزراعي.

أثارت نظرية مالتوس جدلاً حاداً بين فهماء الاجتماع، وأسماها بعضهم «النظرية المتشائمة». ووجدت فيها النظرية الماركسية، فيما بعد، تعبيراً عن المصالح البرجوازية الأوربية حين تبنت مفهوم «الحد الأدنى للأجور» وسيلة وقائية للحد من النموالسكاني. وقد أثبت التطور اللاحق صحة الانتقادات الموجهة إلى نظرية مالتوس. فمع التقدم التقني والفهمي برز في الفكر الاقتصادي «قانون الغلة المتزايدة»، وبدأ معدل النموالسكاني في أوربة بالتراجع في نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، ولم يتضاعف عدد السكان في العالم إبان خمسة وعشرين عاماً كما تنبأ مالتوس، وكان من نتيجة ذلك حتى أصبحت القارة الأوربية تعاني من فيض المواد الغذائية وليس من نقصها.

لقد ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية «المالتوسية الجديدة» مع تفاقم مشاكل النموالسكاني والاقتصادي في البلدان النامية. وتبنى عدد من البلدان النامية بعض مفاهيم المالتوسية الجديدة في اتباع سياسة سكانية تهدف إلى الحد من التناسل وسيلة وقائية للحد من النموالسكاني المتزايد، إلا حتى هذه السياسات لم تحقق الغايات المرجوة منها. وتبلورت مع الزمن مفاهيم «اقتصاد السكان» حين أكد معظم الباحثين العلاقة بين حل المشكلة السكانية ومعضلات التنمية في آن واحد. وتوالت مؤتمرات السكان والتنمية التي تنظمها هيئة الأمم المتحدة. غير حتى مؤتمر السكان الأول (بوخارست 1974) اقتصر أساساً على درس قضايا النموالسكاني في بلدان العالم الثالث.

النظرية الماركسية واقتصاد السكان

تعتمد النظرية الماركسية المنطق الجدلي في تحليل العلاقة بين التطور السكاني وأسلوب الإنتاج بصفته وحدة تجمع القوى المنتجة مع علاقات الإنتاج. ويرى كارل ماركس (1818- 1883) حتى تطور السكان وفائض السكان يختلفان لدى الشعوب التي تعتمد على الصيد عنهما لدى التي تعتمد على الإنتاج الزراعي. كما يختلف المعدل المطلق لتكاثر السكان ومعدل فائض السكان باختلاف أسلوب الإنتاج السائد. ويرى أنصار الماركسية حتى عدد السكان ومن بينهم القادرون على العمل، ومجمل العمليات الديمغرافية تتحدد بعمل عوامل كثيرة ذات طبيعة اقتصادية ـ اجتماعية، وذات تأثير في عملية الإنتاج يختلف من تشكيلة اجتماعية إلى أخرى.

من أنصار هذه النظرية فالنتاي (I.D.Valentei (1980 الذي يرى ضرورة تحليل العلاقة المتبادلة بين العمليات الاقتصادية ونموالسكان في ضوء القوانين الاقتصادية الخاصة بأسلوب إنتاج معين ونمط التطور السكاني فيه. إذا الكشف عن هذه القوانين يساعد على فهم الدوافع التي تحدد نمط التطور السكاني. كما حتى خصوصية التطور الملائم لنظام اجتماعي معين تؤثر إلى حد كبير، في التطور الاقتصادي فيه. وبسبب هذا التأثير المتبادل فإن اقتصاد السكان يبحث عادة في الأسس المنهجية بغية توضيح العلاقة بين نوعية السكان وتأثيرها في العمليات الاقتصادية من جهة وتأثير التطور الاقتصادي على تطوير الجوانب النوعية للسكان من جهة ثانية. ومازالت مسألة استخدام مقاييس فهمية دقيقة في فهم الهجريب النوعي للسكان تطرح عدداً من المسائل المنهجية أمام فهم اقتصاد السكان.

في أواخر الستينات خطا فهم اقتصاد السكان خطوات جديدة عن طريق البحوث والدراسات التي أجريت للبرهان على العلاقة بين الحاجات الفردية ومستوى إشباعها وبين تنظيم الأسرة؛ أوبكلام آخر بين وضع الأسرة الاقتصادي وسلوكها الإنجابي إذ يرتبط نموالحاجات بنموعملية الإنتاج الاجتماعي ولاسيما الإنتاج المادي، وفي ضوء علاقة الحاجات بعملية الإنتاج تتحدد سمات العمليات الديمغرافية. ويرى روتوفا (R.S.Rotova (1979 حتى فهم قوانين تطور الحاجات المادية والمعنوية والاجتماعية توفر الشرط الأول لتحديد اتجاهات التكاثر السكاني في المجتمع، في حين يجب التفريق بين مفهوم «مستوى الحياة» ومفهوم «أسلوب الحياة» الأكثر شمولية. إذ يقتصر المفهوم الأول على الأساس المادي (الاستهلاك الفردي وشروط العمل) في حين يضم المفهوم الثاني، إلى جانب ذلك، العلاقات الاجتماعية مثل مفاهيم المساواة والعدالة الاجتماعية.


السكان القوة المنتجة الرئيسة

السكان هم الشرط الأساسي المسبق للإنتاج مهما كان نوعه وطبيعته وأسلوبه. ويشترط أسلوب الإنتاج السائد، وفقاً لمستوى تطور تقسيم العمل الاجتماعي، وجود حد أدنى من السكان، ومعدل نمومناسباً وهجريباً سكانياً معيناً. ومن دون توافر هذه الشروط لن يتمكن أسلوب الإنتاج من إنجاز وظيفته الاجتماعية بكفاية ملائمة للتطور الاقتصادي المنشود. ومن ناحية أخرى فإن لأسلوب الإنتاج حداً أمثل من السكان. فإذا انخفض عدد السكان ومعدل النموالسكاني عن الحد الأدنى المطلوب أوتجاوز الحد الأقصى الملائم فإن عملية الإنتاج الاجتماعي تبدوغير قادرة على أداء مهامها. وربما يتعرض النظام الاقتصادي برمته في بعض الحالات للخطر.

وبذلك يمكن استنتاج حتى العدد الموافق من السكان يختلف من أسلوب إنتاج إلى آخر، كما يختلف من فترة إلى أخرى في تطور أسلوب الإنتاج ذاته. ومفهوم الحجم الأمثل للسكان هومقولة تاريخية تحددها شروط جميع فترة من مراحل التطور الاقتصادي والاجتماعي، أي إذا حجم السكان الموافق مشروط بطبيعة النظام الاقتصادي السائد وقوانينه الاقتصادية الموضوعية، وخاصة القانون الاقتصادي الأساسي، ومشروط أيضاً بمستوى الوعي الاجتماعي.

وعلى هذا الأساس فإن العلاقة بين السكان قوةً منتجةً رئيسةً ونمط النظام الاقتصادي تطرح مسألة الحجم الأمثل للسكان واستخدامه معياراً للحجم العملي للسكان. وليس الحجم الأمثل للسكان علاقة عددية جامدة، فهويراوح بين الحد الأدنى الضروري والحد الأقصى للسكان. ويتوقف هذا الحجم على ديناميكية النظام الاجتماعي وقدرته على الاستيعاب. فحدثا كان النظام الاجتماعي أقل تطوراً كان الحيّز بين الحد الأدنى والحد الأقصى محدوداً. وفي هذه الحال يلاحظ ميل إلى ثبات نسبي في عدد السكان. وباللقاء، فحدثا اتسم النظام الاجتماعي بالتطور السريع كان الحيّز أكثر مرونة وملاءمة لهذا التطور.

يلاحظ في كثير من الحالات حتى معدل نموالسكان ينحرف زيادة أونقصاناً عن معدل النموالاقتصادي. وينجم هذا الانحراف عادة عن تأثير عدد من العوامل مثل التطور التقني والفهمي والقيم والعادات والتنطقيد السائدة في المجتمع. وقد يحدث هذا الانحراف ذا طبيعة انتنطقية طويلة الأمد. فقد يظهر، بعد فترة تطور في غالب الأحيان، التطابق بين الحجم السكاني العملي والحجم الأمثل. وإن تحقيق مثل هذا التطابق تحدده الإمكانات الواقعية لأسلوب الإنتاج مثل إمكانات التشغيل وتوفير الاحتياجات الاستهلاكية للحجم الأمثل للسكان. لذا يعمد بعض الباحثين إلى القول إذا الحجم الأمثل للسكان هوحجم السكان الضروري اقتصادياً. ولكن هذين المفهومين لا يعبران عن شيء واحد فإن الحجم السكاني الضروري اقتصادياً يعد معياراً مهماً وأساسياً للحجم الأمثل للسكان.

السكان والاستعمار الاستيطاني

تعني حدثة مستعمرة في الأصل استيطان جماعة في أرض أخرى خارج حدود دولتهم. وقد تبلور الشكل الأعلى للاستعمار الاستيطاني مع ظهور الرأسمالية الأوربية وبسط سيطرتها المطلقة على بعض المستعمرات. ويرتكز الاستعمار الاستيطاني على توفير مصالح فردية للجماعات المستوطنة في هذه المستعمرات مندمجة بمصالح رأس المال الأجنبي والدولة الرأسمالية التي تستخدم العنف وأساليب الإكراه السياسي والاقتصادي في البحث عن الموارد الطبيعية والأسواق خارج حدودها الجغرافية. وترافق هذه الدوافع عادة عوامل ديمغرافية كوجود فائض سكاني وبطالة في الدولة الرأسمالية الأم (المتربول) والحاجة إلى التخلص من زيادة السكان مقارنة بالموارد الطبيعية والمادية المتوافرة في البلد المعني. وقد عهدت بعض الدول الأوربية في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين فائضاً سكانياً أدى إلى هجرة الأوربيين إلى بعض المناطق الجديدة التي عهدت ما يسمى بالاستعمار الاستيطاني.

ويقدم تاريخ الرأسمالية أمثلة كثيرة على الاستعمار الاستيطاني، فما زال جميع من الاستعمار الاستيطاني الفرنسي للجزائر والبريطاني لجنوب إفريقية ماثلاً في الأذهان. وفي العصر الحديث تتجلى أبشع أنواع الاستعمار الاستيطاني في إنشاء دولة إسرائيل عام 1948، فإلى جانب الترغيب الاقتصادي في إحكام السيطرة على الأرض، لجأت الصهيونية العالمية مدعومة من الدول الرأسمالية بصورة خاصة إلى الأيديولوجية الدينية والعرقية في تعبئة شتات اليهود في شتى أنحاء العالم لتحقيق الحلم الصهيوني في إقامة إسرائيل الكبرى على حساب مصالح الفلسطينيين والدول العربية الأخرى.


انظر أيضا

  • Cost of raising a child
  • Family economics
  • Generational accounting
  • Growth economics

متعلقة:

  • Demographic-economic paradox
  • Demographic dividend
  • Demographic transition
  • Demographic gift
  • نافذة ديموغرافية
  • Demographic trap
  • Preston curve
  • اقتصاد التنمية

ملاحظات


المصادر

  • الموسوعة العربية
  • John Eatwell, Murray Milgate, and Peter Newman, ed. ([1987] 1989. Social Economics: The New Palgrave, pp. v-vi. Arrow-page searchable links to entries for:
"Ageing Populations," pp. 1-3, by Robert L. Clark
"Declining Population," pp. 10-15, by Robin Barlow
"Demographic Transition," pp. 16-23, by Ansley J. Coale
"Extended Family," pp. 58-63, by Oliva Harris
"Family," pp. 65-76, by Gary S. Becker
"Fertility," pp. 77-89, by Richard A. Easterlin
"Gender," pp. 95-108, by Francine D. Blau
"Race and Economics," pp. 215-218, by H. Stanback
"Value of Life," pp. 289-76, by Thomas C. Schelling
  • Nathan Keyfitz, 1987. "demography," The New Palgrave: A Dictionary of Economics, v. 1, pp. 796–802.
  • T. Paul Schultz, 1981. Economics of Population. Addison-Wesley. Abstract.
  • John B. Shoven, ed., 2011. Demography and the Economy, University of Chicago Press. Description.
  • Julian L. Simon, 1977. The Economics of Population Growth. Princeton,
  • _____, [1981] 1996. The Ultimate Resource 2, rev. and expanded. Princeton. Description.
    • Dennis A. Ahlburg, 1998. "Julian Simon and the Population Growth Debate," Population and Development Review, 24(2), pp. 317-327 (press +).
  • Julian L. Simon, ed., 1997. The Economics Of Population: Key Modern Writings. Description.
  • _____, ed., 1998. The Economics of Population: Classic Writings. Description and scroll to chapter-preview links.
  • Joseph J. Spengler 1951. "The Population Obstacle to Economic Betterment," American Economic Review, 41(2), pp. 343-354.
  • _____, 1966. "The Economist and the Population Question," American Economic Review, 56(1/2), pp. 1–24.

الجرائد

  • Demography — Scope and links to issue contents & abstracts.
  • Journal of Population Economics — Aims and scope and 20th Anniversary statement, 2006.
  • Population and Development Review — Aims and abstract & supplement links.
  • Population Bulletin — Each issue on a current population topic.
  • Population Studies —Aims and scope.

وصلات خارجية

  • Demographic Economics: Working-paper abstract links from the National Bureau of Economic Research
تاريخ النشر: 2020-06-04 10:31:47
التصنيفات: ديموغرافيا, اقتصاد ديموغرافي, اقتصاد العمل والديموغرافيا, اقتصاد

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

أولمبيك خريبكة يتعادل مع ضيفه الرجاء الرياضي 0-0

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-04 12:26:17
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 66%

للمرة الثانية.. الداخلية ترفض التأشير على ميزانية مجلس مدينة فاس

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-04 12:26:43
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 63%

عام / سمو أمير منطقة الباحة يدشن مشروعات صحية بالمنطقة بقيمة تجاوزت 131 مليونًا

المصدر: وكالة الأنباء السعودية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-04 12:28:01
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 52%

الابتعاث للدراسات العليا.. تعرف إلى شروط الدكتوراه والماجستير

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-04 12:26:31
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 54%

إصابات وحوادث سير.. تساقط الثلوج في كازاخستان يثير حالة من الفوضى

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-04 12:26:27
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 59%

"البيئة": زراعة 100 هكتار ببذور تقاوى القمح الجديدة

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-04 12:26:20
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 59%

الولايات المتحدة تنفّذ أول حكم إعدام بحق امرأة متحوّلة جنسياً

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-04 12:26:09
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 59%

جوجل يحتفي.. أعمال إحسان عبد القدوس ما زالت خالدة

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-04 12:26:29
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 65%

أولمبيك خريبكة يتعادل مع ضيفه الرجاء الرياضي 0-0

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-04 12:26:20
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 58%

رفحاء.. رفع 200 ألف م3 مخلفات في ديسمبر

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-04 12:26:32
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 69%

للمرة الثانية.. الداخلية ترفض التأشير على ميزانية مجلس مدينة فاس

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-04 12:26:43
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 65%

رياضي / سمو أمير القصيم يطلع على الجهود المبذولة لدعم رياضة الفروسية بالمنطقة

المصدر: وكالة الأنباء السعودية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-04 12:28:00
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 54%

لحيازتهم حطب معروض للبيع.. ضبط 3 مواطنين مخالفين لنظام البيئة

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-04 12:26:22
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 51%

اجتماعي / سمو أمير المنطقة الشرقية يستقبل أعضاء جمعية العمل التطوعي بالمنطقة

المصدر: وكالة الأنباء السعودية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-04 12:28:02
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 58%

الولايات المتحدة تنفّذ أول حكم إعدام بحق امرأة متحوّلة جنسياً

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-04 12:26:05
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 51%

تحميل تطبيق المنصة العربية