المخطة الظاهرية
المخطة الظاهرية هي واحدة من أقدم المخطات العربية ومن أبرز المدارس تاريخاً، وصفها البعض بأنها صورة عن المضامين الروحية للإنسان في سوريا.
مسقطها
تقع المخطة الظاهرية قبالة المدرسة العادلية الكبرى، وكلاهما يقعان في في الزقاق الذي يصل قلعة دمشق بجامعها الأموي منطقة باب البريد التابع لحي العمارة في دمشق.
تاريخها
أسسها الظاهر بيبرس عام (676 هجرية)، لقد تتابع على ملكية المسقط الذي تشغله الدار عدّة مُلاّك، فلقد بُني عليه أول الأمر دار للشريف أحمد بن الحسين العقيقي (ت378هـ)، ثم انتقلت ملكيتها إلى أبي أيوب والد صلاح الدين الأيوبي لتكون قصراً لسكناه.
وعندما آلت السلطة إلى الملك السعيد محمد بركة (ت678هـ/1280م) كان ابن الملك الظاهر بيبرس (ت676هـ/1277م) عمل على استملاكها بغية تحويلها إلى مدرسة للأحناف، والشوافعة، ودار للحديث، ومدفن لوالده، حيث بنى عليه قبة كبيرة لا تزال قائمة حتى اليوم، وقد لحق الملك السعيد بأبيه بعد نحوسنتين ودفن إلى جانبه.
أمر الملك المنصور قلاوون (ت689هـ/1290م) بإكمال البناء بحسب ما نصت عليه الكتابة على اللوحة الحجرية الموجودة فوق باب المدفن. ولقد بقي البناء يستعمل مدرسة للأحناف والشوافعة وداراً للحديث طوال ستة قرون، ثم عمدت الدولة العثمانية إلى إنشاء مدرسة ابتدائية فيه عهدت باسم مدرسة الملك الظاهر.
وفي عام 1296هـ/1878م عيّن السلطان العثماني مدحت باشا (ت1301هـ/1883م) والياً على سوريا، وكان معروفاً بحبّه للإصلاح وتقريبه للفهماء وتشجيعه للفهم، وقد شجع ذلك بعض فهماء الشام على الوقوف إلى جانبه ومؤازرته. وكان في مقدمتهم الشيخ سليم البخاري (ت1347هـ/1928م) والشيخ طاهر الجزائري (1338هـ/1920م) مفتش معارف ولاية سوريا، وصاحب الفضل في دفع الحركة الثقافية والعمل على نشر الفهم والتشجيع على بناء المدارس. ولقد آلمه وآلم بعض زملائه من المتفهمين والمثقفين ما آلت إليه خط الوقف من اختلاس وسرقة، وهالهم أنه لم يبق من الثروة الفهمية في دمشق إلا النذر اليسير فشكوا أمرهم إلى رئيس الجمعية الخيرية الشيخ علاء الدين ابن العلامة محمد عابدين. الذي حمل شكواهم إلى الوالي مدحت باشا، فخط هذا كتاباً إلى السلطان العثماني اتى فيه:
«لما كانت الخط الموقوفة والمشروطة لاستفادة العموم قد حصرت بأيدي المتولين، وحرمت الناس من مطالعتها كان من اللازم جمعها وجعلها في مكان مخصوص ليكون الانتفاع بها عاماً».
استطاع مدحت باشا الحصول على قرار يقضي بجمع الخط وإيداعها في مخطة عامةقد يكون مقرها تربة الملك الظاهر وابنه، وذلك بسبب لياقتها من ناحية ومتانة بنائها من ناحية ثانية. وأمر بطبع فهرس يتضمن أسماء الخط والمخطوطات التي ستجمع، كما قرر تعيين محافظين للمخطة ومستخدم، ووضع نظاماً خاصاً بها إلا أنه لم يستمر في جهوده بسبب عزله عن ولاية سورية وتعيين حمدي باشا بدلاً منه .
بدأ حمدي باشا عمله بتحويل الجمعية الخيرية إلى مجلس للمعارف، وجعل رئاسته لمفتي دمشق الشيخ محمود حمزة، الذي اشهجر مع بعض الشيوخ كالشيخ سليم العطار وعلاء الدين عابدين ومحمد المنيني في مطالبة الوالي الجديد بضرورة تطبيق القرار السلطاني بجمع الخط وإيداعها في تربة الملك الظاهر وولده، وأن تفتح لكل من يريد المطالعة والاستفادة.
بادر الوالي الجديد إلى اتخاذ قرار يجعل دار الخط هذه تحت إشراف الفهماء ومشاركة أولئك الذين أثاروا الموضوع وأن يطلق عليهم اسم جمعية المخطة العمومية. وزيادة في الحرص فقد خط ضبط استلام على عدة نسخ قدمته الجمعية الخيرية لجمعية المخطة مسجلاً محتويات المخطة. أودعت نسخة منه في المحكمة الشرعية والثانية في الأوقاف، والنسخة الثالثة أودعت الجمعية الخيرية لتحفظ عندها، وذلك في عام 1298هـ وذُيّل جميع ذلك بتواقيع رئيس الجمعية الخيرية وبقية أعضائها.
سارع الشيخ طاهر الجزائري وأعضاء جمعية المخطة العمومية لجمع الخط والمخطوطات من المخطات، وقد لاقوا عنتاً في ذلك من قبل بعض أصحابها، وتعرضوا للتهديد والقتل وخاصة الشيخ طاهر الجزائري، إلا حتى الإيمان بأهمية الهدف لم يثنه عن عمله، وقد استطاع مع زملائه جمع ألفين وأربعمائة وثلاث وخمسين مخطوطة تبحث في شتى العلوم والفنون.إضافة إلى الكثير من الخط المطبوعة والتي شكلت مع المخطوطات النواة الأولى لدار الخط الظاهرية. وقد جمعت هذه النواة من عشر مخطات كانت قائمة آنذاك وهي:
1- المخطة العمرية: وقد جمع منها ستمئة وستون مخطوطاً.
2- مخطة عبد الله باشا العظم: وجمع منها أربعمئة وواحد وستون مخطوطاً.
3- مخطة الخياطين: وجمع منها ثلاثمئة وخمسة وسبعون مخطوطاً.
4- مخطة الملا عثمان الكردي: وجمع منها ثلاثمئة واثنا عشر مخطوطاً.
5- المخطة السليمانية: وجمع منها مئة وثلاثون مخطوطاً.
6- المخطة المرادية: وجمع منها مئتان وستون مخطوطاً.
7- المخطة السميساطية: وجمع منها واحد وثمانون مخطوطاً.
8- مخطة بيت الخطابة: في الجامع الأموي وجمع منها ثلاثة وسبعون مخطوطاً.
9- مخطة الأوقاف: وجمع منها أربعة وستون مخطوطاً وأربعة خط مطبوعة.
10- المخطة السياغوشية: وجمع منها أحد عشر مخطوطاً.
وفي عام1927 م بدأ رؤساء المجمع الفهمي بإخلاء الظاهرية من المدرسة الابتدائية، وترميم بنائها وإمدادها بالخط وتخصيصها فقط بالمطالعة والثقافة، كما قاموا بترتيب الخط وتنظيم الفهارس على طريقة المدينة المنورة والتي تتضمن وضع الخط في الرفوف عمودية وليست أفقية.
تفاوتت أسماء المخطة من «المخطة العمومية» عام 1298، فالمخطة «الأهلية» سنة 1934 ،فدار «الخط الوطنية» سنة 1947، وكانت أول وأكبر مخطة عهدت في ديار الشام بما حوته من نوادر الخط والمخطوطات، وفي شهر يونيومن عام 1919م، ألحقت بالمجمع الفهمي العربي، وسميت (دار الخط العربية)، وكان المفكر الراحل محمد كرد علي أول رئيس للمجمع والمخطة.
وقد تم نقل مخطوطاتها ومراجعها حاليا لحفظها في المخطة الوطنية المركزية (مخطة الأسد) بعد حتى كانت تحوي نفائس المراجع وكماً كبيراً من الخط والمخطوطات والمراجع.
أقسام المخطة
وفي دار الخط الظاهرية حالياً مستونادىن للخط وثلاث قاعات للمطالعة إحداهن خصصت للمؤلفين وجعلت في المدرسة العادلية الكبرى، ويبلغ عدد المشهجرين للمطالعة في الدار نحوأربعة آلاف مشهجر.
الوصف المعماري
وهي تعد من أجمل ما بنى المماليك، تختلف عن بقية المخطات الدمشقية بفنها المعماري المستوحى من تنطقيد الفن الأيوبي المتميز بالأحجار البيضاء والوردية المنحوتة، والجدران المزخرفة من المرمر الملون والمصدف على طريقة الفسيفساء.
تضم المخطة ثلاث قاعات وثلاثة مستونادىت، كما تحتوي سابقاً على دائرة تصوير: تضم أحدث الأجهزة لتصوير الخط والوثائق، ومن الملاحظ حتى الحمام الملاصق لها من جهتها الشمالية كان من أجزاء المدرسة القديمة.
إقرأ أيضاً
- مخطة الأسد
- المدرسة العادلية
المصادر
- ^ عبد الرحمن بدر الدين. "دار الخط الظاهرية". الموسوعة العربية. Retrieved 2012-02-29.
- ^ المخطة الظاهرية، نادي المسافرين إلى سوريا
المراجع
- عبد القادر بدران، منادمة الأطلال ومسامرة الخيال (منشورات المخط الإسلامي للطباعة والنشر، مطبعة روضة الشام، دمشق 1331هـ/ 1879م).
- أسماء الحمصي، المدرسة الظاهرية (دمشق 1976م).
- عبد القادر بن محمد النعيمي، الدارس في تاريخ المدارس، عني بنشره وتحقيقه جعفر الحسيني (مطبوعات المجمع الفهمي العربي، مطبعة الترقي، دمشق 1368هـ/ 1948م).
