الإنية
الإنية inniyah ذات صلة بالأصل اليوناني Eina، وهي ثبوت الوجود ودوامه وتميزه، وهي عند الشريف الجرجاني: «تحقق الوجود العيني من حيث رتبته الذاتية». وعند صدر الدين الشيرازي: «الإنية للشيء: حقيقته بلحاظ كونه ثابتاً حافاً».
التسمية
يقتضي الأمر هنا التفريق بين استخدامين مختلفين لهذه الحدثة: الأول وهوما تواضع عليه المتصوفة نسبة إلى الأنا، ويرسم بفتح الهمزة: «الأنية»، وقد تكون النسبة إلى الأنا: «الأنانية» أو«الأنائية». أما الاستخدام الثاني فهوما دُرج على عدِّه ترجمة لمصطلح من مصطلحات أرسطووأتباعه في الفلسفة اليونانية التي نقلت إلى العربية في نهاية العصر الأموي وبداية العصر العباسي، فالحدثة إذن تسمية غير عربية الأصل بل تعد في الحدثات المولدة أوالمحدثة.
النشأة
حاول الفارابي في كتاب الحروف حتى يقيم تشابهاً بين الأصل اليوناني للحدثة وحرفي التوكيد: «إِنَّ» أو«أَنَّ». ويبدوحتى هذا هوالسبب الذي جعل المؤلفين يخطون الهمزة بالكسرة أوبالفتحة منذ عهد بعيد وبإهمال الهمزة وحركتها. ورد مصطلح الإنية في كتاب أرسطوما بعد الطبيعة واستخدم مبكراً بين المتحدثين والفقهاء. نطق ضرار بن عمرو(ت نحو190هـ) وأبوحنيفة (ت 150هـ): «لاقد يكون شيء موجود إلا وله إنية ومائية».
وهذه التفرقة بين الإنية والمائية أوالماهية تساعد في رصّ معنى الحدثة؛ وذلك لأن الإنية تفيد، كما تقدم، التوكيد والثبات، ولا تستعمل إلا في الإخبار دون السؤال. أما الماهية، فإنها تفيد ما يعقل من الشيء: «المفهوم» أو: «المعنى المجرد»، وخاصة في الإجابة عن سؤال: «ما هو؟» أو«ما؟»، سواء عثر الشيء حقاً في الخارج أم لم يوجد وكان مما يستقل به الذهن.
كذلك فإن مصطلح الإنية الذي ورد لدى الكندي والفارابي وابن سينا قد أطلق على الله بوصفه الصفة الأولى لواجب الوجود. فالله كما يقول الكندي «هوالإنية الحق». وحين أصاب الفلسفة ما أصاب الثقافة العربية الإسلامية من جمود آل هذا المصطلح مع طائفة من مصطلحات مبحث الوجود (الأنطولوجية) إلى مؤلفات فهم الكلام (وخاصة مع الإيجي والجرجاني والتفتازاني). وحديثاً عاد الاهتمام بهذا المصطلح لدى تحقيق النصوص العربية الفلسفية تحقيقاً فهمياً. فقد رأى عبد الرحمن بدوي حتى رسم هذه الحدثة يجب حتىقد يكون كالتالي: «آنية»، على أنها ترجمة صوتية للأصل اليوناني وذلك مراعاة منه، على ما يبدو، للكيفية التي قرأها بها طه حسين، وقد رفض محمد عبد الهادي أبوريدة هذا الرسم الذي يمكن حتىقد يكون نسبة لحدثة «آن» الزمانية. كما انتقد أبوريدة الرأي الذي أدلى به بطريرك أنطاكية وسائر المشرق أغناطيوس يعقوب الثالث الذي افترض حتى اشتقاق الحدثة مأخوذ من اللغة السريانية.
وما تزال المشكلة قائمة حتى اليوم بين المشتغلين بالتراث وفي أوساط المستشرقين سواء في رسم الحدثة أم في معانيها ومن معاني الحدثة الأخرى، الوجود أوالكينونة، وتأتي كذلك بمعنى الهوية. وهذا التوسع أوعدم الدقة في معناها يعود إلى الفلسفة اليونانية التي استخدمت هذا المصطلح وسواه لمعان مختلفة.
المصادر
- ^ بكري علاء الدين. "الإنية". الموسوعة العربية. Retrieved 2012-06-19.