تعرضت الپاپوية لتغيرات هامة من 1517 وحتى 1585 أثناء الاصلاح الپروتستانتي ومناهضة الاصلاح.

التاريخ

الاصلاح

لم يستطع مارتن الخامس حتى يعود إلى روما بعد انتخابه مباشرة وإن كان هومن أهل روما. ذلك حتى الطرق الموصلة إليها كانت في قبضة براتشيودا مونتونه Braccio da Montone الأفاق المغامر، ولهذا رأى مارتن حتى بقاءه في جنيف، ثم في مانتوا، وفلورنس آمن له وأسلم. ولما وصل أخيراً إلى روما (1420) روعته حال المدينة، وما حاق بمبانيها من خراب وبأهلها من بؤس وشقاء، فقد كانت عاصمة العالم المسيحي أقل بلاد أوربا حضارة.

وإذا كان مارتن قد جرى على السنة السيئة التي جرى عليها أسلافه فعين في المناصب ذات المرتب الضخم والسلطان الكبير أقاربه من آل كولنا، فما كان ذلك إلا ليقوى أسرته ليضمن لنفسه السلامة في قصر الفاتيكان. ولم يكن لديه جيش، ولكن الولايات البابوية التي كانت تحيط بها من جميع جانب جيوش نابلي، وفلورنس والبندقية، وميلان. وكانت هذه الولايات قد سقط معظمها مرة أخرى في أيدي طائفة من الطغاة الصغار، يسمون أنفسهم نواب البابا ولكنهم كادوا في أثناء الانشقاق البابويقد يكونون سادة مستقلين في ولاياتهم. وقد ظل رجال الدين في لمباردي قروناً طوالا يناصبون أساقفة روما العداء. وكان فيما وراء جبال الألب عالم مسيحي مضطرب أضاعت البابوية فيه معظم ما كان لها من احترام، وكان يأبى حتى يمدها بشيء من العون المالي.

وقابل مارتن هذه الصعاب كلها وتغلب عليها بشجاعته وقوة عزيمته؛ فقد اعتمد بعض المال لبناء أجزاء من عاصمته، وإن كان قد ورث خزانة تكاد تكون خاوية، وأفلح بما اتخذه من إجراءات قوية في طرد قطاع الطرق من روما والطرق المؤدية لها؛ وهدم حصناً للصوص في منتيليبوMonteipo، وأمر ببتر رؤوس زعمائهم(15)؛ وأعاد النظام إلى روما، وجمع في كتاب واحد قوانينها البلدية، وعين رجلا من أوائل الكتاب الإنسانيين هوبجيوبرتشيوليني Poggio Bracciolini أميناً لسره، وعهد إلى جنتيل دا فبريانو، وأنطونيوبيزنيلو، ومساتشيوحتى ينقشوا المظلمات التي في كنيستي سانتا ماريا ماجوره والقديس يوحنا في اللاتران؛ واختار رجالا من ذوي المواهب والأخلاق الكريمة أمثال جوليانوتشيزاريني Guiliano Cesarini، ولويس ألماند Louis Allemand، ودومينيكوكبرانيكا Domenico Capranica وبرسبيروكولنا Prospero Colonna أعضاء في مجمع الكرادلة. وأعاد تنظيم أداة الحكم القانونية حتى تؤدي مهمتها على أحسن وجه، ولكنه لم يجد طريقة يحصل بها على ما يلزمه من المال إلا بيع المناصب والخدمات الدينية. ولما كانت الكنيسة قد عاشت قرناً كاملاً بغير إصلاح، ولكنها لا تستطيع البقاء أسبوعاً واحداً بغير مال، فقد حكم مارتن بأن المال ألزم للكنيسة من الإصلاح. ومن أجل هذا تذرع بمرسوم كنستانس فنادى مجلساً عاماً ينعقد في بافيا عام 1423. ولم يلب الدعوة إلى هذا المجلس إلا عدد قليل، وحتم انتشار الطاعون نقله إلى سينا، ولما عرض حتى تكون له السلطة المطلقة أمره مارتن بأن ينفض، وأطاع الأساقفة أمره لخوفهم حتى يفقدوا كراسيهم. وأراد مارتن حتى يترضى نزعة الإصلاح فأصدر في عام 1422 قراراً بابوياً، فصل فيه بعض التغيرات الرائعة في إجراءات أداة الحكم البابوية وكيفية تمويلها؛ ولكن قامت في سبيل ذلك الإصلاح مئات من العقبات والاعتراضات، وما لبثت هذه الاقتراحات حتى عفا عليها الزمان وجر عليها النسيان ذيوله. وفي عام 1430 بعث مندوب ألماني في روما إلى أميره برسالة تكاد تكون نذيراً بالإصلاح الذي اتى فيما بعد:

"أصبح الشره صاحب السلطان الأعلى في البلاط البابوي، وهويبتكر في جميع يوم له أساليب جديدة... لابتزاز المال من ألمانيا بدعوى أداء أجور رجال الدين. وهذا هوسبب الأصوات التي ترتفع بالتذمر والألم... وستثار كذلك أسئلة خاصة بالبابوية، وإلا فإن الناس سينفضون يدهم آخر الأمر من طاعة البابا فراراً من هذا الابتزاز الظالم للأموال؛ واعتقادي حتى هذا المسلك الأخير سترتضيه كثير من البلاد(19).

وقابل البابا الذي خلف مارتن ما تجمع لدى البابوية من مشاكل لقاءة الراهب الفرنسيسي التقي الخاشع الذي لم يعد نفسه لتصريف الشئون السياسية. ذلك حتى البابوية كانت حكومة أكثر مما كانت دينا؛ وكان لابد حتىقد يكون البابوات رجال حكم، ومحاربين في بعض الأحيان، وقلما كان في مقدورهم حتىقد يكونوا من أولياء الله الصالحين. نعم إذا يوجنيوس الرابع كان من هؤلاء الأولياء في بعض الأحيان، وإنه كان عنيداً، صلب القناة لا يلين، وإن داء الرثية الذي كان يلازمه ويسبب له آلاماً مبرحة في يديه لا تكاد تفارقه قط، مضافاً إلى متاعبه الجمة، قد جعله ضجراً ملولا، محباً للعزلة، منطوياً على نفسه. ولكنه كان يعيش معيشة النساك، مقلا من الطعام، لا يشرب غير الماء، قليل النوم، مجداً كثير العمل، حريصاً على أداء واجباته الدينية بإخلاص وضمير حي، لا يحمل الحقد على أعدائه، جواداً سخياً بماله، لا يحتفظ بشيء لنفسه، بلغ من تواضعه أنه كان لا يحمل عينيه عن الأرض(20). ومع هذا كله قلما نجد من البابوات من كان له من الأعداء ما كان لهذا البابا.

وكان من أول هؤلاء الأعداء هم الكرادلة الذين انتخبوه. فقد أرادوا حتى يتقاضوا ثمن أصواتهم وأن يحموا أنفسهم من حتى يحكمهم رجل بمفرده كما كان يحكمهم مارتن، فأقنعوه بأن يسقط مرسوماً Capitula - ومعناها الحرفي عناوين - يعدهم فيه بأن يطلق لهم حرية الكلام ويؤمنهم في مناصبهم، وأن يجعل لهم السيطرة على نصف إيرادهم، وأن يشاورهم في جميع الشؤون الهامة. وأصبحت "هذه الامتيازات" سنة متبعة وسابقة جرى بها العمل في الانتخابات البابوية طوال عصر النهضة. يضاف العمل في الانتخابات البابوية طوال عصر النهضة. يضاف إلى هذا حتى يوجنيوس جعل آل كولنا أعداء له أقوياء. فقد أعتقد حتى مارتن أبتر هذه الأسرة كثيراً من أملاك الكنيسة، فأمر بأن ترد إليها أجزاء كثيرة من هذه الأملاك، وأمر بتعذيب أمين مارتن السابق تعذيباً كاد يفضي إلى موته لكي ينتزع منه معلومات عن هذا الموضوع. وشن آل كولنا الحرب على البابا، ولكنه هزمهم بقوة الجند الذين أوفدوا إليه من مدينتي فلورنس والبندقية، غير أنه أثار بعمله هذا عداء روما نفسها. واجتمع بمدينة بازل في هذه الأثناء المجلس الذي نادى إليه مارتن، وكان اجتماعه في السنة الأولى من عهد البابا الجديد (1431)؛ واقترح مرة أخرى تأييد المجالس الكنسية العامة على البابوات. فما كان من يوجنيوس إلا حتى أمره بأن ينفض؛ ولكنه لم يطع أمره، وطلب إليه حتى يمثل أمامه، وبعث بجند من ميلان يهاجمونه في روما. وانتهز آل كولنا هذه الفرصة ليثأروا لأنفسهم منه، فدبروا ثورة في المدينة، وأقاموا حكومة جمهورية (1434)، وفر يوجنيوس في قارب صغير سار به نحومصب التيبر، بينما كان العامة يرشقونه بالسهام، والحراب، والحجارة(21)، واتخذ له ملجأ في فلورنسا، ثم في بولونيا، وظل هووحكومته منفيين عن روما تسع سنين.

وكانت الكثرة الغالبة من المندوبين الذين حضروا مجلس بازل من الفرنسيين. وكان غرضهم، كما نطق أسقف تور في صراحة، "إما حتى ينتزعوا الكرسي الرسولي من الإيطاليين، وإما حتى يجردوه من سلطانه بحيث لا يهمهم بعدئذ أينقد يكون مقره". وعملاً بهذه القاعدة استولى المجلس على امتيازات البابوية واحداً بعد آخر: فأصدر هوصكوك الغفران؛ ومنح الإعفاءات من الفروض الدينية، وعين الموظفين الدينيين، وطلب حتى تؤدى له هولا للبابا باكورة مرتبات رجال الدين. وأصدر يوجنيوس قراراً آخر بحل المجلس، فرد عليه بأن أعرب خلعه هو(1439)، واختار أمديوس الثامن من سافوي بابا في مكانه باسم فليكس الخامس؛ وبهذا تجدد الانشقاق في البابوية مرة أخرى. وأراد شارل السابع ملك فرنسا حتى يتم هزيمة يوجنيوس البادية للعيان، فعقد في بورج (1438) جمعية من كبار رجال الدين، والأمراء، ورجال القانون، كلهم من الفرنسيين، وأعربت هذه الجمعية سيادة المجالس على البابوات، وأصدرت قرار بورج التنظيمي الذي ينص على حتى المناصب الكهنوتية يجب حتى تملأ من ذلك الحين بمن تنتخبهم جماعات الرهبان أوالقساوسة، ولكن من حق الملك حتى يصدر " توصيات"، وحرم استئناف الأحكام إلى المجلس البابوي الأعلى إلا بعد حتى تستنفذ جميع الاحتمالات القضائية في فرنسا؛ ومنع جمع بواكير مرتبات القساوسة للبابا(22). وبذلك أوجد هذا التنظيم في واقع الأمر كنيسة فرنسية مستقلة رئيسها ملك فرنسا نفسه. واتخذ مجلس عقد في مينز بعد عام من ذلك الوقت قرارات مماثلة لهذه أنشئت بمقتضاها كنيسة قومية في ألمانيا؛ وكانت كنيسة بوهيميا قد انفصلت عن البابوية أثناء الثورة الهوسية Hussite؛ ووصف كبير أساقفة براج البابا بأنه "وحش سفر الرؤيا"(23)، ولاح حتى صرح الكنيسة كله قد تحطم، وأصبح لا يرجى شعب صدعه، وأن الإصلاح القومي للكنيسة قد توطدت نادىئمه قبل لوثر بمائة عام.

وكان الأتراك هم الذين أنقذوا يوجنيوس. ذلك أنه لما اقترب الأتراك العثمانيون من القسطنطينية قرر البيزنطيون حتى مدينتهم خليقة بأنقد يكون فيها قداس روماني، وأن عودة الاتحاد بين المسيحية اليونانية والرومانية تمهيد لا بد منه للحصول على معونة عسكرية من الغرب. وبناء على هذا بعث الإمبراطور يوحنا الثامن ببعثة إلى مارتن الخامس (1431) تعرض عليه اجتماع مجلس من رجال الكنيستين. وبعث مجلس بازل بمندوبين إلى يوحنا (1433) يقولون له إذا المجلس أعلى سلطة من البابا، وإنه تحت حماية الإمبراطور سجسمند، وأنه سيرسل المال والجند للدفاع عن القسطنطينية إذا ما تعاملت الكنيسة اليونانية مع المجلس لا مع البابا. وأوفد سجسمند وفداً من عنده يعرض معونته بشرط حتى يعرض الاقتراح الخاص باتحاد الكنيستين على مجلس حديث يدعوه هونفسه إلى الانعقاد في فيرارا. وقرر يوحنا حتى يظاهر يوجنيوس، واستدعى البابا إلى فيرارا من ثبتوا على ولائهم له من رجال الدين؛ وغادر كثيرون من رجال الأحبار، ومنهم شيراريني ونقولاس الكوزائي بازل واتىوا إلى فيرارا، لأنهم شعروا حتى أبرز ما في الأمر هومفاوضة اليونان. وطالت جلسات مجلس بازل، ولكنها كانت مفعمة بالغضب المتزايد، وأخذت مكانته تزداد انحطاطاً يوماً بعد يوم.

وأثار مشاعر أوربا كلها ما ترامى إليها من الأنباء عن عودة الوحدة إلى العالم المسيحي بعد انقسامه بين الكنيستين اليونانية والرومانية منذ عام 1045. وفي الثامن من فبراير عام 1438 قدم إلى البندقية، التي كانت لا تزال مدينة بيزنطية إلى حد ما، الإمبراطور البيزنطي، والبطريق يوسف بطريق القسطنطينية، وسبعة عشر من رؤساء الأساقفة اليونان، وعدد كبير من أساقفة الكنيسة اليونانية، والرهبان والفهماء. واستقبلهم يوجنيوس في فيرارا بأبهة لا نشك في أنها لم تكن لها قيمة كبيرة في نظر اليونان الذين اعتادوا على الاحتفالات الفخمة في بلادهم. ولما افتتح المجلس جلساته اختيرت عدة لجان لإزالة ما بين الكنيستين من خلاف على حقوق البابا في الرياسة، وعلى استعمال الخبز الفطير، وطبيعة الآلام التي تعانى في المطهر، وعلى انتنطق الروح القدس من الأب والابن أوإليه. وظل الفهماء ثمانية أشهر يجادلون في هذه المسائل، ولكنهم لم يصلوا فيها إلى اتفاق. وانتشر الطاعون في بلدة فيرارا في هذه الأثناء، ونادى كوزيموده ميديتشي المجلس حتى ينتقل إلى فلورنس، على حتى يستضيفه هووأصدقاؤه. وتم هذا الانتنطق بتلك الصورة؛ ويؤرخ بعضهم بداية النهضة الإيطالية بدخول الفهماء اليونان إلى فلورنس في ذلك الوقت (1439). وهنا تم الاتفاق على حتى الصيغة التي يقبلها اليونان -وهي حتى "الروح القدس يصدر من الأب عن طريق الابن(22) (ex Patre per filium Procedit)- تعني بالضبط ما تعنيه الصيغة الرومانية وهي أنه "يصدر من الأب والابن" ex Patre Filioque procedit؛ ولم يستهل شهر يونية سنة 1439 حتى تم الاتفاق كذلك على طبيعة آلام المطهر. أما حقوق البابا في الرياسة فقد أثارت نقاشاً حاراً، حتى لقد أنذر الإمبراطور اليوناني حتى ينفض المجلس. غير حتى بيساريون Bessarion كبير أساقفة نيقية، وهوبطبيعته رجل مسالم يسعى إلى الصلح، استطاع التوفيق بين الطرفين إذ عثر على صيغة تعترف بسلطة البابا العامة، ولكنها تحتفظ بما كان للكنائس الشرقية وقتئذ من حقوق وامتيازات. وقبلت هذه الصيغة، ولما حل اليوم السادس من شهر يولية عام 1439 قرأ بيساريون باللغة اليونانية كما قرأ سيزاريني باللغة اللاتينية في الكاتدرائية الكبرى التي أقام فيها بروتيلسكومنذ ثلاث سنين لا أكثر قبتها الفخمة، نقول قرأ هذا وذاك المرسوم الذي وحدت به الكنيستان، وقبل الحبران كلاهما الآخر، وخر جميع أعضاء المجلس وعلى رأسهم الإمبراطور ركعاً أمام يوجنيوس الذي كان يظهر منذ وقت قريب إنساناً طريداً مرذولا.

لكن ابتهاج المسيحية كان قصير الأجل. ذلك أنه لما عاد الإمبراطور اليوناني وحاشيته إلى القسطنطينية، قوبلوا بالإهانات والشتائم، فقد رفض رجال الدين والشعب الخضوع إلى روما. وحافظ يوجنيوس على نصيبه في هذا الاتفاق، وأوفد الكردنال سيزاريني إلى بلاد المجر على رأس جيش للانضمام إلى قوات لادسلاس Ladislas وهونيادي Hunyadi، وانتصرت هذه القوات عند نيش Nish على الأتراك ودخلت مدينة صوفيا ظافرة في مساء يوم عيد الميلاد عام 1443، ثم بدد ضمها مراد الثاني في وارنه عام 1444، وسيطر الحزب المعارض للاتحاد في القسطنطينية على الموقف، ولم ير البطريق جريجورى الذي أيد هذا الاتحاد بداً من الفرار إلى إيطاليا. واستطاع جريجورى بعدئذ حتى يشق طريقه بالقوة عائداً إلى صوفيا، وفيها قرأ مرسوم الاتحاد في عام 1452؛ ولكن الشعب ظل من ذلك الحين يتجنب الاتصال بالكنيسة الكبرى؛ ولعن رجال الدين المعارضون للاتحاد جميع من يؤيدونه، ورفضوا حتى يغفروا ذنوب جميع من حضروا قراءة المرسوم، وأهابوا بالسقمى حتى يموتوا دون تناول القداس بدل حتى يتناولوه من يد قس "اتحادي"(24). ورفض بطارقة الإسكندرية، وإنطاكية، وبيت المقدس قرارات "المجلس الناهب" الذي عقد في فيرارا(24). ويسر محمد الثاني الأمر باتخاذ القسطنطينية عاصمة للدولة الهجرية (1453)، ومنح المسيحيين الحرية التامة في العبادة، وعين گناديوس Gennadius، وهومن ألد أعداء الوحدة بطريقاً في القسطنطينية.

وعاد يوجنيوس إلى روما في عام 1443؛ بعد حتى قضى مبعوثه القائد والكردنال فيتليسكي Vitelleschi على الجمهورية المضطربة، وعلى أسرة كولنا المشاكسة بوحشية لا تضارعها وحشية الوندال أوالقوط. وكان مقام البابا في فلورنس قد فهمه تطور الآداب الإنسانية والفنون في عهد كوزيموده ميديتشي، وكان الفهماء اليونان الذين شهدوا مؤتمر فيرارا وفلورنسا قد أثاروا فيه الاهتمام بحفظ المحفوظات القديمة التي قد يضيعها أويتلفها سقوط القسطنطينية المرتقب. ولهذا ضم إلى أمنائه بجيو، وفلافيوبيوندو، وليوناردوبروني، وغيرهم من الكتاب الإنسانيين الذين يستطيعون مفاوضة اليونان باللغة اليونانية. واتى بالراهب أنجيلكوإلى روما، وعهد إليه نقش المظلمات في معبد القداس بقصر الفاتيكان. وكان يوجنيوس يعجب بالأبواب البرونزية الكبرى التي صبها جيبرتي Ghiberti لمكان التعميد في كنيسة فلورنس، ولهذا عهد إلى فيلاريتي Filarete حتى يصب أبواباً مثلها لكنيسة القديس بطرس القديمة (1433). ومن الأمور ذات البال، حتى هذا المثال لم يضع على أبواب أشهر الكنائس في العالم المسيحي اللاتيني تماثيل المسيح، ومريم، والرسل فحسب، بل وضع معها أيضاً صور مارس، وروما، وهيرون، ولياندر، وجوبتر، وجنيميد، ولم يكتف بهذا بل أضاف إليها ليدا والبجعة وإن كان عمله هذا لم يثر حتى في ذلك الوقت أي تعليق. إلى غير ذلك اتى يوجنيوس في ساعة فوزه على مجلس بازل بالنهضة الوثنية إلى روما.

التبعات

افتتح تعيين الپاپا سكستوس الخامس (1585–1590) الفترة الأخيرة من الاصلاح الكاثوليكي المميزة لعصر الباروك في أوائل القرن السابع عشر، مبتعدة عن الإجبار إلى الترغيب. ركز حكمه على اعادة بناء روما كعاصمة اوروبية كبرى ومدينة باروكية، وهوالطراز البصري للكنيسة الكاثوليكية.

الهامش