نصر الهوريني

أبوالوفاء نصر بن الشيخ نصر الوفائي الأزهري الأحمدي الهوريني (ت. 1291هـ/ 1874م)، الأديب الشافعي، ولد في مصر، وتخرج في الأزهر، اعتنى بالأدب واللغة، وتقدَّم فيهما، وعُدَّ من فهماء هذين الفهمين، وكانت له يدٌ واسعة فيهما، من تلاميذ البعثات المصرية التي أوفدت إلى فرنسا، عينته حكومة مصر زمن محمد علي باشا إماماً لإحدى البعثات التي ابتعثتها إلى فرنسا، وأقام هناك زمناً، واستطاع حتى يتفهم اللغة الفرنسية في أثنائه، ثم عاد إلى مصر، ونُصِّبَ رئيساً لتسليم المطبعة الأميرية، وقام بتسليم كثير من خط التاريخ واللغة، صنف في علوم شتى، فقد ألف في أصول الكتابة والخط كتابه «المطالع النصرية للمطابع المصرية في الأصول الخطية»، وصنف كتابه «سرح العينين في شرح عنين»، و«التحريرات النصرية على شرح الرسالة الزيدونية» و«تعليقات على شرح ابن نباتة لرسالة ابن زيدون»، وامتدَّ فهمه فصنف في فهم التفسير كتابه «تفسير سورة الملك»، وخط في فهم الحديث رسالة سمَّاها «رسالة في أسماء رواة الحديث»، وضم فهمه البلاغة إذ ألّف في أضرب المجاز حاشية سمَّاها «حاشية على بسملة الأحراز في أنواع المجاز».

وقدَّم «للقاموس المحيط» للفيروزآبادي بمقدمة ذكر فيها حتى هذا المعجم اشتمل على ثمانية وعشرين باباً مرتبة ترتيب ألف باء، ونبه على حتى المصنف قدم باب الهاء على باب الواووالياء، وعلى حتى بعض الأبواب استكمل ثمانية وعشرين فصلاً، وأن بعضها سقط منه فصول، فقد سقط من باب الظاء عشرة فصول، وسقط من باب الصاد سبعة فصول، وأشار إلى حتى «القاموس المحيط» اختصَّ بسبعة أمور ذكرها وشرحها في تلك المقدمة.

على أَنَّ أبرز الخط التي هجرها لنا الهوريني كتابه «المطالع النصرية للمطابع المصرية في الأصول الخطية»، والذي دفعه إلى تأليف هذا الكتاب تلك المنزلة الرفيعة التي تحتلها الكتابة في رأيه، فهي كما يقول: «أول ما به الإنسان يتخَلَّى ويتخلَّص من صفة الأَميَّة، ومبدأ ما به الكامل يتحلَّى بفضيلة المعارف الفهمية».

ورأى الكتابة أنها مفتاح لفهم العلوم الشرعية وفقهها ووسيلة راقية لتحصيل العلوم العقلية، وسبيلٌ صالحة للفوز ونيل الفلاح والنجاح في الدارين الأخروية والدنيوية، ونبَّه على حتى الجهل بالكتابة يدنوبصاحبه إلى حتىقد يكون في عداد من يمشي على قوائم أربع، وأن إتقانها سبب في امتلاك المكاسب في مضمار الصناعة والتجارة والزراعة والإمارة، وأشار إلى حتى للكتابة أصولاً وقواعد تسمَّى «فهم الخط القياسي».

وجمع في هذا الكتاب من المبادئ النحوية ما يمكِّن من فهم أصول الكتابة السليمة في مدة وجيزة، وقد رتَّب كتابه هذا على مقدمة ومقصد وخاتمة، وما سمَّاه المقصد هولبُّ الكتاب وموضوعه، تناول فيه الكلام على الوصل والفصل وبنية الحدثة، وبحث في «مَنْ» و«ما» و«لا» من حيث وصلهنَّ بغيرهنَّ وفصلهنَّ عما سواهنَّ من الكلام، ثم انتقل به الحديث إلى الكلام على الإبدال، فبدأ بإبدال الهمزة والألف من غيرهما، ثم أتى على الألف المبدلة من النون والواوالمبدلة من الهمزة، ثم تعرض إلى الياء التي تلفظ همزة أوواواً، والهاء التأنيث.

وبعد ذلك لف كتابه للبحث في الزيادات، فبدأ بزيادة الهمزة، ثم التفت إلى زيادة الواووهاء السكت، ثم بدأ بالحديث عن الحذف، فتناول حذف الهمزة، ثم همزة الوصل، ثم حذف الألف والياء والواو، ثم الحذف لاجتماع الأمثال، ثم خلص إلى الكلام على الحذف الذي سماه «الحذف للاختصار».

وختم كتابه بخاتمة درس فيها في النقط والشكل.