نصيب بن رباح
أبومحجن نصيب بن رباح (ت. 108هـ/726م) من شعراء العصر الأموي، كان مولى لرجل من بني كنانة يدعى راشد بن عبد العزى، وقد اختُلف في طريقة انتنطقه إلى عبد العزيز بن مروان، فبعض الروايات تقول إنه اشتراه من بني كنانة، وفي أخرى أنهم أعتقوه ثم لحق بعبد العزيز، وفي ثالثة أنه محرر مواليه فأدى عبد العزيز عنه وأعتقه.
كان نصيب عبداً أسود وكانت أمه وأبوه من أهل النوبة، وفي إحدى الروايات أنهما كانا سبيّين لخزاعة.
روى نصيب خبراً تحدث فيه عن بدايات نظمه الشعر، وفي هذا الخبر يقول: «قلت الشعر وأنا شاب، فأعجبني قولي، فجعلت آتي مشيخة من بني ضمرة بن بكر بن عبد مناة، ومشيخة من خزاعة فأنشدهم القصيدة من شعري، ثم أنسبها إلى بعض شعرائهم الماضين، فيقولون: أحسن والله! هكذاقد يكون الكلام! إلى غير ذلكقد يكون الشعر!، فلما سمعت ذلك منهم فهمت أني محسن، فأزمعوا الخروج إلى عبد العزيز بن مروان وأزمعت، وهوبمصر».
وفي هذا الخبر أيضاً حتى نصيباً عرض شعره على أخته أمامة ونصحته حتى يمضي لما عزم له، وفي المدينة شاهد الفرزدق وعرض عليه شعره فحسده الفرزدق ونصحه حتى يكتم شعره حتى لاقد يكون ضُحكة للناس.
وصل نصيب إلى مجلس عبد العزيز لكنه لم يحظ بفرصة إنشاد الشعر بين يديه إلى حتى طلب من أحد الوجهاء حتى يتدخل، فلما سمع الرجل منه نطق له: «ويحك! أهذا شعرك،يا ترى؟ فإياك حتى تنتحل فإن الأمير راوية عالم بالشعر وعنده رواة»، فنطق نصيب: «والله ما إلا شعري»، ثم طلب منه حتى يقول شعراً في وصف مصر فنطق نصيب، فأعجبه الشعر، وأدخله على عبد العزيز فأنشده وأُعجب الأمير بشعره. ثم ذاعت شهرته.
كان نصيب فيما يُروى خفيف العارضين ناتئ الحنجرة، بلغ من الشعر منزلة جعلت الناس يتغنون بشعره، وكان المديح أحد أبرز أغراض شعره، ومن ممدوحيه عبد العزيز بن مروان وعمر ابنه وغيرهما، ومن أغراض شعره أيضاً الرثاء، ومن مراثيه قصيدة في عبد العزيز بن مروان يقول فيها:
-
فإن أبْكِهِ أُعْذَرْ وإن أغلبِ الأسى بصبرٍ فمثلي عندما اشتدَّ يَصْبرُ وكانَتْ ركابي حدثا شئْتُ تنتحي إليك فتقضي نحبَها وهي ضُمّرُ فقد عَرِيَتْ بعدَ ابنِ ليلى فإنما ذُراها لما لاقَتْ من الناسِ منظرُ
-
ومن أغراض شعره النسيب والغزل، وفي جارية أحبها وعرض عليها الزواج فأبته يقول:
-
فإن أكُ حالكاً فالمِسْكُ أحوى وما لِسوادِ جلدي منْ دواءِ ولي كَرَمٌ عن الفحشاءِ ناءٍ كبعدِ الأرضِ منْ جوٍّ السماءِ ومثلي في رجالِكم قليلٌ ومثلُكِ ليس يُعدمُ في النساء فإنْ ترضَيْ فردّي قولَ راضٍ وإن تأبَيْ فنحن على السواءِ
-
فلما قرأت الشعر نطقت: «المال والشعر يأتيان على غيرهما»، وتزوجته.
كان نصيب في رأي كثير من معاصريه من أشعر الشعراء، وقد عرض شعره على جرير فنطق له: «أنت أشعر جلدتك». كما كان فصيحاً عالماً بالشعر، وقد سئل عن أشعار أقرانه من الشعراء فنطق: «جميل إمامنا، وعمر بن أبي ربيعة أوصفنا لربات الحجال، وكثيّر أبكانا على الدمن وأمدحنا للملوك».
اهتم الزبير بن بكار بجمع أخباره، وله ترجمات في كثير من خط الأدب والأخبار، وجمع داود سلوم شعره ودرسه في كتاب بعنوان: «شعر نصيب بن رباح».
المصادر
- أحمد نتوف. "نصيب بن رباح". الموسوعة العربية.
للاستزادة
- ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، تحقيق علي شيري (دار الفكر، بيروت 1995)
- الأصفهاني، كتاب الأغاني، تحقيق لجنة من الأدباء بإشراف عبد الستار أحمد فراج (دار الثقافة، بيروت 1990).
- ابن قتيبة، الشعر والشعراء، تحقيق أحمد شاكر (دار الحديث، القاهرة 1998م).