عبور كوكب الزهرة

عودة للموسوعة

عبور كوكب الزهرة

ساهم بشكل رئيسي في تحرير هذا الموضوع
The اجتياز كوكب الزهرة في 2004

عبور كوكب الزهرة Transit of Venus، يحدث عندما يعبر كوكب الزهرة مباشرة ما بين الشمس والأكرض، ويصبح حينما مرئياً كنقطة صغيرة على قرص الشمس. عادة ما يقدر زمن العبور بالساعات (استغرق اجتياز 2004ستة ساعات).

عبور الزهرة عادةقد يكون مزدوجاً (عبوران يفصل بينهماثمانية سنوات يحدثان جميع 121.5 سنة). لكن عبوراً فردياً وقع عام 1153 وسيحدث اجتياز آخر مشابه عامل 3089، ذلك حتى العبور الآخر المفترض حتى يحدث قبلثمانية سنوات سيمر قرب الأرض ولن يتمكن من رسم ظله عليها. في اللقاء فإن اجتياز 2854 لن يتم رصده إلى في مكان ضيق من جنوب الكرة الأرضية.

هي الظاهرة الفلكية التي يسببها مرور الزهرة بين الشمس والأرض، فتبدوكنقظة سوداء صغيرة عابرة قرص الشمس. يقاس هذا العبور وأمثاله عادة بالساعات. العبور الماضي الذي جرى عام 2004 م وكذلك العبور القادم 2012 م لهما من الطول نحوستة ساعات. يشبه العبور الكسوف الذي يسببه مرور القمر بين الأرض والشمس، ومع حتى الزهرة أكبر من القمر بأربع مرات تقريباً إلا حتى المسافة التي تفصلها عن الأرض تجعلها تبدوصغيرة للعيان. لقد ساهمت عمليات الرصد التي تابعت اجتياز الزهرة في حساب المسافة بين الشمس والأرض باستخدام قانون اختلاف المنظر. ويحدث اجتياز مشابه هواجتياز عطارد لكنه قاسي الرصد لأنّ عطارد أصغر حجماً من الزهرة وأقرب منها إلى الشمس وبالتالي أبعد عن الأرض.

يعتبر اجتياز الزهرة أحد أكثر الظواهر الفلكية الدورية ندرة، إذ تتكرر في دورة مدتها 243 سنة، بعبورين يفصل بينهماثمانية سنوات ثم آخر بعد 121.5 سنة، يليه آخر بعد 105.5 سنة. قبل اجتياز عام 2004 سقط آخر اجتياز عام 1874 و1882، لاحقاً للعبور القادم بعد 2012 ستعبر الزهرة عام 2117 ثم 2125. (عبوران يفصل بينهماثمانية سنوات) ثم تمر 121.5 سنة ليحصل (عبور وبعدثمانية سنوات يقع اجتياز آخر) إلى غير ذلك.

جونز كيبلر كان أول من تنبأ بحدوث العبور، وتسقط حتىقد يكون في عام 1631 م، لكن أحداً لم يرصده، ذلك حتى تسقطات كيبلر لم تكن دقيقة بما يكفي، فهولم يتمكن من حتى يتسقط حتى العبور لنقد يكون مرئياً من معظم أراتى أوروبا.

تم أول رصد للعبور قرب بريستون في إنكلترا بعيني جيرمي هوروكس من منزله هناك، في أربعة ديسمبر 1639 م، كما حتى صديقه ويليام كريبتري رصد العبور نفسه من سالفورد قرب مانشستر. وبعد حتى استمر هوروكس في رصد السماء معظم النهار من دون جدوى، كان من حسن حظه حتى تفرقت الغيوم وكشفت الشمس ليتمكن من رصد العبور مدة نصف ساعة إبان الغروب ولم تنشر نتائج رصده إلى عام 1666 بعد مدة من وفاته.

في العام 1761 تسقط ميخائيل لومونسوف بناءا على نتائج رصده لعبور ذلك العام، حتى لكوكب الزهرة غلاف جوي.

في ذلك الوقت تقدم العالم الفلكي إدموند هالي باقتراح فذ للاستفادة من العبور في حساب بعد الشمس عن الأرض وحجهما. وتم رصد العبور من مختلف مناطق العالم.

لقد كان من غير الممكن تحديد اللحظة التي يلامس فيها ظل الزهرة قرص الشمس أويغادره، وذلك تحت تأثير ظاهرة حيود الضوء، وهي ظاهرة بصرية.


الاقتران

مخطط لعبور كوكب الزهرة بين الكواكب المدارية للزهرة والأرض.

كون مدار كوكب الزهرة منحرفاً بمقدار 3.4ْ عن مدار الأرض فهوعادة ما يمرّ بالقرب من الشمس، مقترناً معها اقتراناً داخلياً (والمقصود بهذا المصطلح هووقوع الأرض والزهرة والشمس على خط واحد). وأما العبور فيحدث عندما يقترن الزهرة مع الشمس عند نقطة الاعتدال المدارية، وهي النقطة التي يتقاطع فيها مدار الزهرة مع مدار الأرض من المنظور الأفقي (بالأحرى، مع سهل النظام الشمسي). وعلى الرغم من حتى الفرق بين زاويتي المدارين هو3.4ْ فحسب، فيمكن حتى تبلغ المسافة بين الزهرة والشمس في سماء الأرض 9.6ْ خلال الاقترانات الداخلية. وبما حتى قطر الشمس الزاوي يبلغ نصف درجة تقريباً فمن الممكن حتى تصل المسافة بين الزهرة والشمس في السماء خلال اقتران عاديّ إلى 18 قطراً شمسياً.

يحدث اجتياز الزهرة في دورات تتكرّر مرة جميع 243 سنة، وتتألف من عبورين متتالين تفصل بينهماثمانية سنوات فحسب، ثم يتبعهما بعد فاصل زمني مقداره 121.5 سنة زوج آخر من عبورين تفصل بينهما ثمانية سنوات أيضاً، وأخيراً يأتي زوج العبور الثالث بعد فاصل زمني آخر يبلغ 105.5 سنوات، قبل حتى تتكرّر دورة الـ243 عاماً مرة أخرى. ويرجع سبب هذا الرقم إلى حتى 243 سنة فلكية أرضية (وهي دورة مدتها أطول بقليل من السنة المدارية، إذ تأخذ 365.25636 يوماً) تأخذ 88757.3 يوماً، فيما حتى 395 سنة فلكية زهرية (والتي يبلغ طولها 224.701 يوماً أرضياً) تأخذ 88756.9 يوماً أيضاً. إلى غير ذلك فإن كوكبي الأرض والزهرة يعودان تقريباً بعد هذه المدة إلى نفس المواقع التي كانا فيها قبل 243 سنة، وهي فترة تعادل 152 دورة مدارية للزهرة.

لكن على الرغم من ذلك فنتيجة للفرق البسيط بين فترتي دورتي الأرض والزهرة فإن نمط السنوات الـ105.5 والـ8 والـ121.5 والـ8 ليس السيناريوالوحيد الممكن خلال دورة الـ243 سنة. عملى سبيل المثال، كان نمط دورة العبور قبل سنة 1518م هوثمانية سنوات ثم 113.5 ثمثمانية سنوات يتبعها فاصل 121.5 سنة (أي حتى فاصل الـ105.5 سنوات تغير إلى 113.5)، كما حتى فاصل السنوات الثمانية بين جميع عبورين في زوج واحد يبلغ 121.5 سنة قبل عام 546م. بالنسبة لنمط العبور الحالي فهوسيستمرّ ثمانية قرون أخرى حتى عام 2846، عندما يحلّ محله نمط حديث من 105.5 سنوات فـ129.5 فـ8. وعموماً تظل دورة الـ243 سنة مستقرة نسبياً ككل، لكن عدد مرات العبور خلالها والفواصل الزمنية بينها تختلف مع الوقت.


التاريخ

"لوح الملك آمي سادوقا لكوكب الزهرة": لوح كتابة مسمارية طيني قديم يحوي تنبؤات تنجيمية تعود إلى عهد الإمبراطورية الآشورية الحديثة، معروض بمخطة آشوربانيبال.

رصد الفلكيون المصريون والبابليون والهنود والإغريق والصينيون القدماء كوكب الزهرة وسجّلوا حركاته. وقد ظنّ الفلكيون الإغريق حتى ظهور الزهرة أثناء الشروق والغروب كان يُمثل جرمين سماويَّين مختلفين، فأطلقوا على الأول اسم "هيسبيروس" (باليونانية: Hesperus) نجمة الصّباح والثاني "فوسفوروس" (باليونانية: Phosphorus) نجمة المساء (ولوحتى الفضل يُنسَب إلى فيثاغوروس في إدراك كونهما جرماً واحداً). كما كانت شعوب الأمريكتين القديمة - وخصوصاً المايا - تولي هذا الكوكب اهتماماً كبيرا،ً وقد أطلقت عليه اسم "نوه إك" (أي "النجم العظيم"). لكن على الرغم من ذلك فما من أدلّة على حتى أياً من هذه الأمم عهدت بحدث اجتياز الزهرة أورصدته. ومع حتى المايا خصوصاً رسموا وخططوا دورة كوكب الزهرة الكاملة ودرسوها بدقة، فلم يعهدوا شيئاً عن عبوره.


رصد معاصر

طريقة قياس أوقات اجتياز الزهرة لحساب تزيح الشمس، ومن ثم المسافة بينها وبين الأرض.

بغض النظر عن ندرة هذا الحدث الكبيرة، فإن السبب الأصلي وراء الاهتمام الفهميّ اتجاهه كان في إمكانية استغلاله لقياس المسافة بين الأرض والشمس، ومن ثم حجم النظام الشمسي كله اعتماداً على مبدأ التزيح وقانون كبلر الثالث في الحركة الكوكبية. وقد كانت تتمثّل طريقة هذا القياس في عمل قياسات دقيقة بداية للاختلافات الزمنية البسيطة في أوقات رصد العبور بين نقاط متباعدة على سطح الكرة الأرضية، ومن ثم تستخدم المسافة بين هذه المواقع كحجر أساس لحساب المسافة بين الشمس والزهرة عبر التثليت.

ومع حتى الفلكيين كانوا قادرين بحلول القرن السابع عشر على إعطاء قياسات تقريبية للمسافات بين الكواكب والشمس بناءً على المسافة بينها وبين الأرض، فإنهم لم يستطيعوا تحديد هذه المسافات بدقة قاطعة.

كان العالم الفلكي يوهانس كبلر في سنة 1627 أول إنسان يتنبأ بعبور لكوكب الزهرة، إذ تنبأ بعبور سنة 1631. غير حتى الكيفية التي اتّبعها في إجراء حساباته لم تكن دقيقة كفاية ليدرك حتى العبور لم يكن مرئياً في قارة أوروبا، ونتيجة لذلك لم يستطع أحد رصد الحدث.


1639 – أول رصد فهمي لعبور

وليام كرابتري - صديق هورّوكس - يرصد اجتياز الزهرة سنة 1639 من مانشستر، ويعد هذا أول اجتياز مرصود معروف للزهرة في التاريخ.

أول رصد معروف لعبور لكوكب الزهرة كان في أربعة ديسمبر سنة 1639 (24 نوفمبر حسب التقويم اليولياني) على يد الفلكيّ جيريمياه هوروكس، الذي رصده من منزله في قرية متش هول ‏‏ الواقعة قرب مدينة برستون بإنكلترا. كما رصد صديقه وليام كرابتري العبور في الآن ذاته من ضاحية براوتون قرب مدينة مانشستر. وكان كبلر قد تنبأ بعبوري سنتي 1631 و1761، غير حتى اجتياز سنة 1639 فاته. فقام هورّوكس بتسليم حساباته لمدار الزهرة، وتوصّل إلى حتى العبور يحدث في أزواج تفصل بين جميع عبورين فيها مدةثمانية سنوات، ومن ثم تمكّن من التنبؤ بعبور 1639. وقد تمكن هوروكس من تحديد حتى وقت العبور سيبدأ في الساعة الثالثة ظهراً، غير أنه لم يكن متأكداً من التوقيت الدقيق. ولرصد الحدث استخدم تلسكوباً بسيطاً وجَّهه نحوالشمس، ثم وضع تحت عينيّته ورقة، بحيث تسقط عليها صورة الشمس ("الرصد بالإسقاط")، مما يمكنه من رؤيتها بسهولة ودون تعريض عينيه للخطر. وقد تمكّن أخيراً بعد حتى قضى اليوم كله في الرصد من رؤية العبور عندما انقشعت السحب قليلاً في الساعة 3:15 ظهراً، أي قبل الغروب بنصف ساعة فحسب. وقد مكَّنَ هذا الرصد هوروكس من إعطاء تخمين جيد لحجم كوكب الزهرة، بالإضافة إلى تقدير المسافة بين الأرض والشمس، التي توصَّل إلى أنها حوالي 95.6 مليون كيلومتر (0.639 و.ف)، أي ما يعادل ثلثي المسافة الحقيقية تقريباً التي تبلغ 149.6 ميلون كيلومتر، غير أنه كان الرقم الأكثر دقة على الإطلاق آنذاك. لكن على الرغم من ذلك كله فإن نتائج أرصاد هوروكس لم تُنشَر حتى سنة 1661، أي بعد موته بفترة ليست بالقليلة.


1761 و1769

تسقط الرياضياتي السويدي جيمس غريغوري في سنة 1663 بكتابه "Optica Promota" حتى رصد اجتياز لكوكب عطارد من على نقاط متباعدة على سطح الأرض يمكن حتى يستخدم لحساب تزيح الشمس، ومن ثمّ بعدها عن كوكب الأرض. وقد رصد الفلكي اليافع إدموند هالي عبوراً لعطارد في سنة 1676 من سانت هيلينا بناءً على ذلك، على أمل حتى يستطيع قياس المسافة بين الأرض والشمس، غير أنه أحبطَ عندما فهم أنه لم يُجرَ سوى رصد واحد في بقعة أخرى من العالم للعبور غير رصده، ولذلك فلم يرتح للنتيجة التي توصل إليها بخصوص التزيح الشمسيّ (والتي بلغت 45 ثانية قوسية)، إذ افترض أنها لم تكن دقيقة نظراً إلى قلة أرصاد العبور التي اعتمد عليها القياس. لكن في سنة 1678 توقّع أنه من الممكن الحصول على قياسات أدقّ طالما اعتُمِدَ على اجتياز لكوكب الزهرة بدلاً من عطارد، غير حتى العبور التالي لم يكن ليأتي قبل سنة 1761. توفيَّ هالي في سنة 1742، لكن اجتياز سنة 1761 اتى مختلفاً عن سابقيه، إذ أوفدت بعثات عديدة إلى أنحاء مختلفة من العالم لإجراء قياسات وأرصاد دقيقة للعبور، بهدف إجراء الحسابات التي أراد هالي العمل عليها قبل ذلك دون نتيجة، وقد كانت تلك من حالات التعاون العالميّ المبكرة في المجال الفهمي. وقد ضمت جنسيّات الفهماء الذين رصدوا هذا العبور فلكيين بريطانيين ونمساويّين وفرنسيين، ارتحلوا إلى بقاع مختلفة من العالم، منها صربيا والنرويج ومدغشقر. ومعظمهم لم يتمكّنوا من سوى من رصد جزء يسير من العبور، وأما أنجح الأرصاد فقد تمت على يدي الفلكيَّين جيريمياه دكسون وتشارلز ماسون في رأس الراتى الصالح.

تنبّأ الفلكيّ الروسي ميخائيل لومونوسوف بوجود غلاف الزهرة الجوي منذ أواسط القرن الثامن عشر، بناءً على أرصاده لعبور سنة 1761 من مرقب سانت بطرسبرغ. وقد تمكّن من ذلك بملاحظته انكسار أشعة الشمس بجوار الكوكب أثناء رصده العبور، واستنتج من ذلك أنه لا يمكن سوى لانكسار الأشعة عبر غلاف جوي تفسير ظهور حلقة من الضوء حول جزء من كوكب الزهرة لم يلامس قرص الشمس بعد خلال الفترة الأولية من العبور.

أما في أيام اجتياز الزهرة سنة 1769 فقد ارتحل الفلكيّون والفهماء لرصد الحدث من خليج هدسون في كندا وسان جوس دل كابوفي المكسيك حتى إسكندنافيا والنرويج، فضلاً عن جزيرة تاهيتي في المحيط الهادئ، عندما رُصدَ الحدث من هناك خلال بعثة القبطان جيمس كوك الأولى، ولا زال يُعرَف المسقط الذي رصد فيه العبور هناك بـ"نقطة الزهرة". وفي روسيا، دعت الإمبراطورة كاثرين العظيمة الفلكي التشيكي كريستيان ماير لرصد العبور في سانت بطرسبرغ مع الفلكي أندريس يوهان لكسل، كما توزّع ثمانية أعضاء آخرون في الأكاديمية الروسية للعلوم على مواقع أخرى في أنحاء الإمبراطورية الروسية لرصد الحدث. وأما في الولايات المتحدة فقد أقامت الجمعية الفلسفية الأمريكية في فيلادلفيا ثلاثة مراصد مؤقتة وعيّنت لجنة لتنسيق رصد جماعيّ للعبور. وقد دوّنت نتائج الأرصاد الثلاثة في المجلد الأول من مجلة فهمية تصدرها الجمعية، نشرت في سنة 1771. لكن لم تنجح جميع المحاولات الرصديةومع ذلك، عملى سبيل المثال قضى الفلكي الفرنسي غويملا لي غنتل ثمانية سنوات يرتحل محاولاً رصد العبورين، غير أنه فشل فشلاً ذريعاً، وقد خسر أملاكه نتيجة لذلك بعد حتى أعربَ أنه ميت.

لكن قابلت الفلكيين الذين كانوا يحاولون إجراء القياسات المشكلة، إذ لم يكن من الممكن تحديد التوقيت الدقيق الذي يبدأ وينتهي فيه العبور نتيجة ظاهرة "تأثير الدمعة السوداء". وقد افترض طويلاً حتى هذا التأثير كان ناجماً عن غلاف الزهرة الجوي السميك، كما أدى ذلك إلى اعتباره أول مرشد حقيقيّ على امتلاك الزهرة غلافاً جوياً. غير حتى الدراسات الحديثة أثبتت أنه ليس سوى تأثير بصريّ سببه تشويه اضطراب الغلاف الجوي الأرضيّ لصورة كوكب الزهرة في السماء، أوأحياناً أيضاً بسبب رداءة أدوات الرصد.


2004

حين يجتاز كوكب الزهرة قرص الشمس في الشهر 6/2004، سيحتفل الفهماء بواحد من أعظم الأحداث في تاريخ فهم الفلك.

<J .S .ديك>

«نحن الآن في عشية العبور الثاني لكوكب الزهرة أمام وجه الشمس، ولن يحدث اجتياز آخر إلا بعد حتى يطلع فجر القرن الواحد والعشرين من هذا العصر على أرضنا، وتتفتح أزهار الشهر 6/2004... تُرى، ما الذي سيكون عليه حال الفهم عندما يحين موسم العبور التالي،يا ترى؟ الله وحده أفهم.»

حدثات خطها عام 1882

W. هاركنس

الفلكي في المرصد البحري الأمريكي

إن النقطة السوداء أمام الشمس هي كوكب الزهرة، وقد جرى تصويره عام 1882 أثناء العبور الأخير.

سيطلع فجر يوم 8/6/2004 مثل أي يوم آخر تمامًا، لكن كثيرا من الناس المحظوظين في جميع أنحاء العالم سيشهدون حدثا فلكيًا نادرًا جدًا. إذا الراصدين الذين سيتواجدون في مواقع مناسبة، والمجهزين بمرشحات ملائمة لعيونهم أوبمناظير ذات عَيْنِيّتَيْن أوبمقاريب، سيكونون قادرين على رؤية كوكب الزهرة كنقطة سوداء تتحرك أمام الشمس عبر قرصها الناري طوال نحوست ساعات. سيكون العبور الكلي للزهرة مرئيا في معظم بقاع آسيا وإفريقيا وأوروبا. أما في أستراليا، فلن يرى الناس سوى المراحل الأولى من هذا العبور قبل حتى تغيب الشمس هناك، وستكون الزهرة قد بترت ثلاثة أرباع طريقها بحلول الوقت الذي تشرق فيه الشمس على السواحل الشرقية للولايات المتحدة وأمريكا الجنوبية. أما أولئك الناس غير المحظوظين الموجودين على الساحل الغربي للولايات المتحدة وفي المناطق الجنوبية الغربية من أمريكا الجنوبية، فستفوتهم رؤية هذا الحدث كليا [انظر الشكل في الصفحة 48].

عبور الزهرة لا ترقى روعته إلى روعة الكسوف الشمسي، الذي يحدث نتيجة مرور القمر بين الأرض والشمس. ومع حتى الزهرة أكبر بثلاث مرات ونصف المرة من القمر، فإنها أبعد منه بكثير عن الأرض، وهذا يجعلها تبدوكبقعة صغيرة أمام الشمس، قطرها لا يتجاوز ثلاثة في المئة تقريبا من قطر الشمس. تُرى، ما الذي يثير الفهماء والمفهمين والفلكيين الهواة في أمر هذا العبور القادم،يا ترى؟ يعود السبب جزئيا إلى حتى ظاهرة العبور هذه نادرة الحدوث ـ فلم يرصد الفلكيون عبورا من قبل إلا خمس مرات، وقع آخرها في 6/12/1882. فإذا فات راصدي السماء اجتياز عام 2004، فإن الفرصة التالية التي ستتاح لهم ستكون عام 2012، لكن بعد ذلك، عليهم حتى يهجروا الأمر لأحفادهم ليرصدوا الظاهرة عام 2117.

إن النقطة السوداء أمام الشمس هي كوكب الزهرة، وقد جرى تصويره عام 1882 أثناء العبور الأخير.

ثمة عامل جذب آخر لرصد هذا العبور، ألا وهوالتاريخ المثير للجهود التي بذلت في هذا الرصد، والتي حدثت في القرون السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر. وهذه حكاية تملك جميع مقومات الإثارة الفهمية: التنافس الدولي والوقائع الرصدية الغامضة والنتائج المثيرة للجدل التي تتعلق بواحدة من أكثر المشكلات إرباكا في تاريخ فهم الفلك. أضف إلى ذلك حتى هذه الظاهرة تحظى بأهمية بالغة لدى الباحثين المعاصرين، ذلك حتى اجتياز الزهرة قد يسلط الضوء على موضوع ساخن في فهم الفلك الحديث، ألا وهواكتشاف كواكب في نظم شمسية أخرى.


من <كِپْلر> إلى القبطان <كوك> (**)

إن حدوث أي اجتياز كوكبي هومسألة بسيطة في فهم الهندسة ـ إذ إنه كي يحدث ذلك، لا بد من مرور الكوكب قيد الاعتبار بين الراصد والشمس. فمن الأرض، يمكن للمرء رؤية أحداث اجتياز كوكَبَي عطارد والزهرة. ومن المريخ، يمكن مشاهدة اجتياز للأرض أيضا. (فكرة السيرة القصيرة الشهيرة التي عنوانها «عبور الأرض»، والتي ألفها <C .A.كلارك> ،مبنية على فهم أنه يمكن لراصد على المريخ في 11/5/1984 حتى يرى الأرض وهي تعبر وجه الشمس.) مثل هذه الأحداث نادرة نسبيا، لأن مدارات الكواكب ليست موجودة في مستوى دائرة البروج التي هي مسار الشمس في السماء كما يُرى من الأرض. فمثلا، يميل مدار الزهرة على مدار الأرض بزاوية قدرها 3.4 درجة، ومن ثم فحتى عندما تكون الزهرة والشمس تسيران في الاتجاه نفسه (أي عندما يحدث ما يسميه الفلكيون «اقترانا»)، فإن الزهرة تكون معظم الوقت بعيدة جدا عن فلك البروج ـ إما فوقه وإما تحته ـ ومن ثم فهي لا تتمكن من اجتياز وجه الشمس [انظر الشكل العلوي في الإطار في الصفحة اللقاءة]. ولسبب مشابه، لا يكسف القمر الشمس مرة جميع شهر خلال دورانه حول الأرض؛ فهوقد يكون عموما فوق فلك البروج أوتحته.

لا يحدث اجتياز للزهرة إلا عندما تكون الأرض والزهرة في وضع اقتران قرب النقط التي يتقاطع فيها مداراهما. ونتيجة لذلك، تتكرر ظاهرة العبور نموذجيا أربع مرات فقط جميع 243 سنة. وتتبع الفواصل الزمنية بين جميع عبورين متتاليين نسقا يمكن التنبؤ به: فالعبور يتبعه آخر عموما بعد ثماني سنوات؛ والعبور التالي يحدث بعد 105.5 سنة، وما يليه يحدث بعد ثماني سنوات أخرى؛ وتتكرر الدورة ثانية بعد 121.5 سنة أخرى. تُرى لما تحدث ظاهرات العبور عادة بحيث يفصل بين العبورين الأول والثاني من زوج منها ثماني سنوات،يا ترى؟ السبب هواستغراق الزهرة 224.7 يوم لإتمامها دورة كاملة حول الشمس، وبالتالي فإن 13 سنة من سنوات الزهرة تكاد تعادل ثماني سنوات بالضبط من سنوات أرضنا. وبعد مضي ثماني سنوات على أول اجتياز من زوج من العبورات، تعود الزهرة والأرض إلى نفس مسقطيهما الأولين في مداريهما، ومن ثم تقعان على خط واحد مع الشمس تقريبا. القطر الزاوي للشمس ـ الكبر الذي تظهر به في السماء ـ يساوي قرابة نصف درجة، وهذا يسمح بمهلة زمنية صغيرة؛ فإذا وقع العبور قرب إحدى حافتي القرص الشمسي، فإن العبور التالي سيكون بالقرب من الحافة اللقاءة. ومع ذلك، فمن وقت إلى آخر، لا يحدث سوى اجتياز وحيد لأن أحد عبوري الزوج لا يتحقق وبالتالي لا يمكن مشاهدته من الأرض(1). لقد وقع اجتياز واحد فقط للزهرة في القرن الرابع عشر، وستتكرر هذه الظاهرة ثانية في 18/12/3089.

ولما كان اجتياز الزهرة حدثا يرى بالعين المجردة بصعوبة بالغة، فقد كان يمر والناس في غفلة عنه طوال معظم الحقب التاريخية الماضية. وأول من تنبأ بحدوث اجتياز كوكبي هوفلكي القرن السابع عشر الألماني <J. كپلر>، الذي وفرت جداوله الفلكية المسماة جداول رودلفين Rudolphine Tables أكثر الأدلة دقة، في ذلك الوقت، للحركة الكوكبية. أكد <كپلر> حتى عطارد سيعبر قرص الشمس في 7/11/1631، يلي ذلك اجتياز للزهرة في 6/12/1631. لكن <كپلر> لم يعش ليتحقق من صحة تسقطاته، إذ وافته المنية عام 1630. وقد رصد اجتياز عطارد ثلاثة أشخاص على الأقل، أشهرهم عالم الفلسفة الطبيعية الفرنسي

الذي هجر تقريرا مفصلا للحادث. وقد قدر <گاسيندي >القطر الظاهري لعطارد بنحو20 ثانية قوسية ـ أي زهاء 1/180 من الدرجة ـ وقد كان هذا في حد ذاته تقدما فهميا مشهودا. أما اجتياز الزهرة، فلم يكن مرئيا في أوروبا، ومع حتى <كپلر> أعرب هذا الحدث للعالم، فلم يُعهد حتى أحدا رصده. أدرك الفلكي الإنكليزي <J. هوروكس> ( 1618 - 1641) حتى عبورا آخر للزهرة سيحدث في 4/12/1639 (التاريخ الذي حدده هوروكس كان 24/11/1639، لأن إنكلترا لم تعتمد التقويم الگريگوري إلا عام 1752). لذلك نصب مقرابا صغيرا في بيته في بلدة Much Hoole قرب ليفربول؛ وبإسقاطه الضوء الآتي من المقراب على صحيفة من الورق، تمكَّن من مشاهدة صورة مكبرة للشمس. لكنه لم ير شيئا غير عادي حتى الظهر، عندما غادر بيته مسرعا، من الممكن لحضور قداس كنائسي. وعند عودته بعد الساعة الثالثة بقليل، عثر الزهرة على وجه الشمس! ومع حتى هوروكس لم يستطع رؤية سوى المراحل المبكرة من العبور طوال قرابة 30 دقيقة قبل غروب الشمس، فقد قدّر القطر الظاهري للزهرة بنحودقيقة قوسية واحدة، وهذا يعادل ثلاثة أمثال القطر الظاهري الذي قدره <گاسيندي> لعطارد. وفي مانشستر، التي تقع إلى الجنوب الشرقي من بلدة Much Hoole على بعد 25 ميلا عنها، استخدم <W .كَرابْتِري>، صديق هوروكس، مقرابا مشابها كي يلمح الزهرة خلال عبورها قبل غروب الشمس مباشرة. وبقدر ما نفهم، كان <هوروكس> و<كَرابْتِري> أول شخصين تسنى لهما مشاهدة هذا الحدث. [[ملف:|تصغير|300بك|]] كان اجتياز الزهرة عامي 1761 و1769 هدف كثير من الأرصاد الجادة. وبحلول ذلك الوقت، كان الفلكي البريطاني <E. هالي> [شغل منصب الفلكي الملكي] الذي اشتهر باكتشافه المذنب المسمى باسمه، قد قدم طريقة مفصلة لاستخدام اجتياز الزهرة في تعيين المسافة بين الأرض والشمس (التي تسمى اليوم الوحدة الفلكية). ولورصد الفهماء العبور من نقطتين أوأكثر على سطح الأرض تقعان على خطي عرض متباعدين بدرجة كافية، فإن جميع راصد سيرى حتى الزهرة ترسم مسارا عبر الشمس يختلف قليلا عن المسار الذي يراه الآخر [انظر الشكل السفلي في الإطار في الصفحة اللقاءة]. ولما كان جميع مسار يتخذ شكل وتر ـ خط مستقيم يصل بين نقطتين واقعتين على حافة قرص الشمس ـ فقد تمكن الفلكيون من قياس الانزياح الزاوي بين المسارين عن طريق مقارنة مدتي العبورين. هذا الانزياح الزاوي، الذي يسمى الاختلاف الظاهري parallax للزهرة، يوفر طريقة لقياس المسافة بين الأرض والزهرة. ولرؤية كيفية عمل هذه الطريقة، احمل إحدى أصابعك أمام وجهك، وانظر إليها بالتناوب بعينك الأولى ثم بالأخرى. إذا الانزياح الظاهري في مسقط الإصبع نتيجة فتح عينيك وإغلاقهماقد يكون أكبر عندما تقرب إصبعك من وجهك، وبالعكس. نظرة إجمالية/ اجتياز مدهش(***) ▪ يحدث اجتياز كوكب الزهرة حين يمر الكوكب أمام الشمس مباشرة [بالنسبة إلى راصد أرضي]. وعادة، تجري أربعة أحداث اجتياز فقط جميع 243 سنة. ▪ وبسبب صعوبة رؤية اجتياز الزهرة بالعين المجردة، فلم يرصد الفلكيون هذه الظاهرة من قبل سوى خمس مرات فقط. في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، حاول الفلكيون استعمال العبور لتعيين المسافة بين الأرض والشمس. ▪ الفلكيون، المحترفون منهم والهواة، يترقبون بلهفة وقع العبور الذي سيجري هذا العام. وقد تكون أرصادهم مفيدة للباحثين الذين يعدون سفينة فضائية مصممة لاستكشاف الكواكب في نظم شمسية أخرى. [[ملف:|تصغير|300بك|]] ومع حتى عطارد يحقق 13 أو14 وقع اجتياز جميع قرن، فلم يكن مرشحا ملائما لطريقة هالي التي تستعمل «الاختلاف الظاهري»، ولا لكيفية التغيرات (الانحرافات) variations التي ابتكرها فلكيون آخرون فيما بعد. وبسبب كون عطارد بعيدا جدا عن الأرض، فإن الانزياحات الزاوية كانت أصغر من حتى تقاس بدقة. وحتى طالما الزهرة، التي هي أقرب كثيرا، فقد كانت الأرصاد تتطلب براعة وحذرا شديدين، إذ كان من المهم جدا فهم المواقع الجغرافية الدقيقة لمحطات الرصد، وفهم زمن التقابلات الأربعة بين الزهرة والشمس بدقة عالية. (كان التقابلان الأول والثاني يحدثان حين يقابل قرص الزهرة الشمس من الخارج أولاً ثم من الداخل؛ أما التقابلان الثالث والرابع فيحدثان عندما يلامس قرص الزهرة الشمس من الداخل أولا ثم من الخارج.) لكن الفوائد المحتملة لهذه الأرصاد كبيرة جدا. فقد عهد الفلكيون من قوانين كپلر للحركات الكوكبية المسافات النسبية التي تفصل جميع الكواكب عن الشمس، ومن ثم تمكنوا من تعيين الاختلاف الظاهري الشمسي من الاختلاف الظاهري للزهرة. ولا يسمح هذا القياس بدوره للفهماء بتقدير المسافة بين الأرض والشمس فحسب، بل يسمح لهما أيضا بتقدير مقياس النظام الشمسي كله. [[ملف:|تصغير|300بك|]] هندسة العبور (****) أحداث العبور نادرة لأن مدار الزهرة يميل 3.4 درجة على مدار الأرض. عندما تكون الزهرة والأرض في وضع اقتران ـ أي عندماقد يكون أحد الكوكبين قريبا من الآخر بأكبر قدر ممكن ـ فإن الزهرة تمر عادة فوق الشمس أوتحتها. ولا يحدث العبور إلا حين تكون الزهرة والأرض في وضع اقتران قرب النقط التي يتقاطع فيها مستوياهما المداريان. تطلَّب أسلوب الاختلاف الظاهري الذي صممه فلكي القرن الثامن عشر البريطاني E. هالي رصد العبور من نقطتين أوأكثر على سطح الأرض، تقعان على خطي عرض متباعدين جدا. إذا راصدا في النقطة A سيرى الزهرة تسلك عبر الشمس طريقا مختلفا قليلا عن الطريق الذي يراه راصد في النقطة B. وبقياس الفلكيين للانفراج الزاوي بين الطريقين [الذي كبر كثيرا في هذا المخطط المبسط] يمكنهم تعيين المسافة بين الأرض والشمس.


ولسوء الحظ، لم تكن نتائج اجتياز عام 1761 بالجودة المتسقطة، فقد كانت القيم المقيسة للاختلاف الظاهري للشمس تراوح بين 8.3 و10.6 ثانية قوسية. لكن الأرصاد التي أجريت عام 1769 كانت محصورة في مجال أضيق ـ ما بين 8.43 و8.8 ثانية قوسية ـ وهذا حصر تقدير الوحدة الفلكية بين 93 مليون و97 مليون ميل.

وكان من بين راصدي عام 1769 <D. ريتنهاوس> [العالم البارز في المستعمرات الأمريكية] الذي أصيب بالإغماء نتيجة الإثارة التي شعر بها بعد تحديقه في مقرابه. هذا وإن أول رحلة للمستكشف البريطاني القبطان J. كوك على السفينة Endeavour، استهدفت، في المقام الأول، رصد وقع العبور خلال استكشافه جنوب المحيط الهادئ. وقد أنجز كوك وبحارته هذه المهمة بنجاح من منطقة مازالت تعهد باسم Point Venus (أي «نقطة الزهرة») في تاهيتي، ومن مسقطين آخرين مجاورين. لكن كوك ذكر حادثة مشؤومة تعرّض لها أيضا راصدون آخرون: فالمحاولات التي أجريت لتعيين الأوقات الدقيقة لتقابل الزهرة والشمس باءت بالفشل، لأن الحافتين الخارجيتين لهذين الجرمين كانت إحداهما تتداخل بالأخرى عدة ثوان [انظر الشكل الأيمن في الصفحة اللقاءة]. وقد خمّن <كوك> حتى هذه الظاهرة، التي صارت تُسمى تأثير القطرة السوداء black-drop effect، كانت نتيجة «جوأوغيمة داكنة اللون تحيط بجسم الكوكب.»


«رأيت عندئذ أكثر المشاهد إدهاشا ولفتا للنظر... رأيت بقعة كبرها

غير عادي، لها شكل دائري تماما...»

الفلكي الإنكليزي <J. هوروكس>، 1639



رصد المستكشف البريطاني القبطان <J. كوك> أثر القطرة السوداء خلال اجتياز كوكب الزهرة عام 1769. ويبين مخطط مبني على أرصاد كوك [في الأعلى] الحافة الخارجية للزهرة ملتصقة بمحيط الشمس، وهذا يجعل من المحال تعيين اللحظة التي جرى فيها التقابل بالضبط. وقد اعتقد<كوك> بأن السبب كان وجود جوحول الزهرة. لكن السفينة الفضائية تريس TRACE سجلت عام 1999 ظاهرة مماثلة خلال اجتياز لكوكب عطارد، الذي لا جوً له [في اليسار]. سبب القطرة السوداء مازال مثارا للخلاف بين الفلكيين.

حين قام الفلكي الألماني .J. إنكي عام 1824 بتحليل نتائج جميع من عبوري القرن الثامن عشر، اعتمد قيمة للاختلاف الظاهري للشمس قدرها 8.58 ثانية قوسية، وهي توافق مسافة متوسطة للشمس عن الأرض قدرها 95.25 مليون ميل. بيد أنه بعد انقضاء ثلاثين سنة على ذلك، حاج الفلكي الدانماركي A .P . هانسن ـ استنادا إلى الاضطرابات التي تحدثها ثنطقة الشمس في حركة القمر ـ بأن الشمس يجب حتى تكون أقرب كثيرا. وقد لاقت دعوى <هانسن> دعما أقوى عام 1862، حين أسفرت قياسات الاختلاف الظاهري للمريخ ـ الذي حدد بمقارنة مسقط الكوكب في السماء انطلاقا من نقطتي رصد بعيدتين جدا إحداهما عن الأخرى ـ عن تقديرات للوحدة الفلكية تراوح بين 91 مليون و92.5 مليون ميل. إلى غير ذلك، ففي عشية اجتياز الزهرة في القرن التاسع عشر، كانت المسافة بين الشمس والأرض لاتزال قيمة يكتنفها ارتياب شديد. وقد ذكر الفلكي البريطاني B .G. إيري في منتصف ذلك القرن حتى تعيين الاختلاف الظاهري للشمس كان «أنبل معضلة عاشها فهم الفلك.» وقد خطت M .A.كلارك [وهي مؤرخة فلكية عاشت في القرن التاسع عشر] ما يلي: «كان الاختلاف الظاهري الشمسي يمثل القياس المعياري للكون... وأعظم معلومة استدلالية أساسية لفهم الفلك، أي وحدة الفضاء، وأي خطأ في تقديرها سيتضاعف ويتكرر بألف طريقة مختلفة، في جميع من النظامين الكوكبي والنجمي.»


البحث الحثيث عن الاختلاف الظاهري(*****)

بحلول عام 1857، كان إيري قد وضع خطة عامة لرصد اجتياز الزهرة الذي سيحدث عام 1874. وبحلول عام 1870، كانت بريطانيا تبني الآلات اللازمة لعملية الرصد، وكان ثمة خطط مماثلة يجري إعدادها في مناطق أخرى من العالم. ومع اقتراب الحدث المتسقط كثيرا، أطلقت على الأقل 26 بعثة من روسيا، و12 بعثة من بريطانيا، و8 بعثات من الولايات المتحدة، و6 بعثات من جميع من فرنسا وألمانيا، وثلاث من إيطاليا، وواحدة من هولندا. وقد خطت <كلارك> تقول: «كل بلد كان يحظى بسمعة جيدة في امتلاكه للحماسة الفهمية، تقدم للتعاون في هذا المشروع العالمي العظيم لرصد العبور.» وهذا التاريخ المشوق لهذه البعثات يحتاج كتابا كاملا لوصفها؛ إذ كان لكل من هذه البعثات قصتها الخاصة بها، وقد لاقت درجات مختلفة من النجاح والإخفاق.


وتجدر الإشارة إلى حتى S .نيوكوم [من مرصد البحرية الأمريكية، الذي كان المركز الفلكي الرئيسي في أمريكا في ذلك الوقت] حث الأكاديمية الوطنية للعلوم على التصدي لهذه القضية، وكون مجلس الكونگرس «اللجنة الأمريكية لعبور الزهرة» التي أدى فيها نيوكوم وفلكيون آخرون من مرصد البحرية دورا بارزا. وقد جهزت تلك اللجنة ثماني بعثات لحدث عام 1874 ـ ثلاث منها للتوجه إلى نصف الكرة الشمالي، وخمس إلى نصف الكرة الجنوبي، ورصد مجلس الكونگرس لهذا المشروع ما مجموعه 000 177دولار، وهذا يعادل ما يزيد على مليونين من دولارات هذه الأيام.


زُوِّدت جميع بعثة بتجهيزات معقدة. وبغية الرصد البصري للحظات تقابل الزهرة والشمس، استخدم الباحثون مقرابا كاسرا refractor telescope قطر عدسته خمس بوصات من خلق Alvan Clark and Sons، وهوأفضل صانع للمقاريب في أمريكا في القرن التاسع عشر. كان الفهماء قادرين أيضا على تصوير الشمس باستعمال مصور الشمس(2) photoheliograph، وهوآلة اخترعت قبل ذلك بعقدين فقط. كان ضوء الشمس يوجه عبر مقراب أفقي مثبت، له طول بؤري قدره 40 قدما، بوساطة مرآة تدور ببطء بحيث تُبقي صورة الشمس دون حركة. كان المقراب يولّد صورا للشمس بقطر قدره أربع بوصات، وهذا يسمح للفلكيين بالتعقب الدقيق لحركة الزهرة عبر القرص الشمسي.


مجلة ساينتفيك أمريكان، التي كانت تتابع باهتمام شديد تقدم تلك البعثات، ذكرت في عددها الصادر في 26/9/1874 حتى السفينة سواتارا Swatara، التي كانت تحمل على متنها فرق الرصد الأمريكية المتجهة إلى نصف الكرة الجنوبي، بترت الرحلة من نيويورك إلى البرازيل في 35 يوما فقط. أما الأوروبيون، في معظم الأحيان، فقد فضلوا استخدام مقاريب أصغر وذات أطوال بؤرية أقصر. كانت تجهيزاتهم مصممة لتوفر صورا عالية الجودة، بيد أنه بسبب كون صورهم أصغر من صور الفرق الأمريكية، فقد كان قياس مسقط الزهرة بالنسبة إلى قرص الشمس يمثل مهمة أصعب.


حين وقع العبور أخيرا في 9/12/1874، عاق الطقس السيئ كثيرا من البعثات. والأسوأ من ذلك أنه حين حلل الفلكيون الأرصاد البصرية للتقابل، سرعان ما وجدوا حتى النتائج لم تكن أفضل من تلك التي سُجلت في القرن الثامن عشر. وكانت المشكلة هي نفسها في جميع أنحاء العالم. وقد خط <W. هاركنس> [الفلكي في مرصد البحرية الأمريكية، الذي قاد فريق الرصد بمدينة هوبرت الواقعة في جزيرة تسمانيا الأسترالية] ما يلي: «إن القطرة السوداء، وجوي الزهرة والأرض، ولدت ثانية سلسلة من الظواهر المعقدة استمرت للعديد من الثواني الزمنية، وكان من الصعب جدا حتى نتبين وقت التقابل العملي.»


لهذه الأسباب، ازدادت كثيرا جدا أهمية الأرصاد الفوتوغرافية، لكن الإحباط كان سائدا أيضا في هذا المجال. وقد ذكر هاركنس أنه «سرعان ما بدأ الهمس ينتشر بأن أرصاد الفلكيين الأوروبيين أخفقت.» وأعرب التقرير الرسمي البريطاني أنه «بعد القيام بقياسات وحسابات اتسمت بالكد والجهد، تكوّن اعتقاد بأن أفضل ما يمكن عمله هوالامتناع عن نشر المقارنة بين نتائج القياسات الفوتوغرافية والنتائج المستخلصة من الأرصاد المقرابية.» وقد ذكر <هاركنس> أنه كان من المحال تعيين مسقط تقابل الزهرة وقرص الشمس بدقة، لأن الباحثين لم يتمكنوا من حتى يحددوا بالضبط محيط القرص الشمسي. وقد خط يقول: «أيا كانت درجة الجودة التي يمكن حتى تحدد بها العين المجردة الحافة الخارجية للشمس على الصورة الفوتوغرافية، فعند استعمال مجهر (ميكروسكوب)، تصبح الصورة المكبرة غامضة ومشوشة، وحين كان يوضع السلك الدقيق للمقياس المجهري (الميكرومتر) عليها، كان المحيط يختفي كليا.» وقد نشر الفرنسيون نتائجهم لكنها كانت تتضمن نسب أخطاء عالية.


كانت جميع الآمال معقودة على البعثات الأمريكية، التي عادت ومعها نحو220 لوحة فوتوغرافية قابلة للقياس أُخِذت بوساطة مصورات شمسية ذات أطوال بؤرية كبيرة. وقد نُشرت قيمة للاختلاف الظاهري للشمس قدرها 8.883 ثانية قوسية وذلك عام 1881، عشية العبور التالي. لكن النتائج بلغت من الغموض حدا جعل كثيرا من الفلكيين، ومنهم <نيوكوم>، يحاج بأن اجتياز الزهرة ليس أسلوبا جيدا لتعيين الوحدة الفلكية، لكن إيمان <هاركنس >لم يتزعزع قط. وقد قام مجلس الكونگرس بالموافقة على مخصصات إضافية سمحت بتجهيز ثماني بعثات أخرى لرصد اجتياز عام 1882. وبعد تحليل صور العبور طوال عقد تقريبا، توصل هاركنس إلى حتى أفضل تقدير لاختلاف الشمس الظاهري هو8.809 ثانية قوسية، وهذا يعطي التقدير 000 92 797 ميل للمسافة بين الأرض والشمس، بخطأ قدره 700 59ميل. وجدير بالذكر حتى المسافة المتوسطة العملية التي قيست الآن بدقة بوساطة أرصاد السفن الفضائية وتقنيات أخرى هي 92955859 ميلا. (القيمة اللقاءة التي يُحصل عليها من الاختلاف الظاهري للشمس هي 8.794148).


تُرى، ما مدى أهمية أرصاد اجتياز الزهرة لتاريخ فهم الفلك،يا ترى؟ مع حتى نيوكوم ،الذي ظل نظام الثوابت الفلكية الذي وضعه مستعملا عالميا طوال معظم القرن العشرين، اعتمد قيمة للاختلاف الظاهري للشمس قريبة جدا من تلك التي قدمها <هاركنس>، فقد منح نيوكوم لعبور الزهرة وزنا طفيفا جدا مقارنة بالطرق الأخرى في تقدير هذا الثابت. وهويرى حتى تأثير القطرة السوداء black-drop effect وأخطاء أخرى أفسدت إلى حد بعيد استعمال العبور لتعيين الوحدة الفلكية.



رصد المستكشف البريطاني القبطان J. كوك أثر القطرة السوداء خلال اجتياز كوكب الزهرة عام 1769. ويبين مخطط مبني على أرصاد كوك [في الأعلى] الحافة الخارجية للزهرة ملتصقة بمحيط الشمس، وهذا يجعل من المحال تعيين اللحظة التي جرى فيها التقابل بالضبط. وقد اعتقد<كوك> بأن السبب كان وجود جوحول الزهرة. لكن السفينة الفضائية تريس TRACE سجلت عام 1999 ظاهرة مماثلة خلال اجتياز لكوكب عطارد، الذي لا جوً له [في اليسار]. سبب القطرة السوداء مازال مثارا للخلاف بين الفلكيين.



ومن المثير للاهتمام حتى سبب تأثير القطرة السوداء مازال موضوع كثير من المناقشات والخلافات. وقد عزاه فلكيوالقرنين الثامن عشر والتاسع عشر إلى مجموعة متنوعة من الأسباب، من ضمنها جوا الأرض والزهرة. بيد أنه عندما استخدم الفهماء عام 1999 السفينة الفضائية تريس TRACE لرصد اجتياز عطارد ـ وهوكوكب ليس له غلاف جوي، يُرى من ساتل يدور حول الأرض في مدار بعيد جدا عن غلافها الجوي ـ رأوا، مع ذلك، أثرا ضعيفا للقطرة السوداء [انظر الشكل الأيسر في الصفحة 47]. ومع حتى هذا الاكتشاف لا يتناقض مع الافتراض بأن التأثيرات الجوية تعزز تأثير القطرة السوداء، فإن السبب الحقيقي يجب حتىقد يكون شيئا آخر.


استخلص فريق السفينة الفضائية تريس (الذي قاده G. شنايدر [من مرصد ستيوارد Steward التابع لجامعة أريزونا] وM .J. باساشوف> [من مرصد هوپكنز بكلية وليامز] وL.گُولَب [من المرصد السميثسوني للفيزياء الفلكية]) حتى سبب القطرة السوداء يعود جزئيا إلى التلطخ الضوئي optical smearing بين الأقراص الكوكبية وقرص الشمس. وكي ترى ظاهرة مشابهة، اجعل إبهامك وسبابتك بحيثقد يكون جميع منهما قريبا جدا من الآخر، وانظر إلى الفرجة الضيقة بينهما على خلفية ساطعة؛ عندئذ تظهر «وصلة» قاتمة بينهما حتى عندما لاقد يكونان متلامسين. إضافة إلى ذلك، فإن تعتيم الحافة الخارجية الشمسية ـ أي انخفاض السطوع في تلك الحافة ـ يسهم أيضا إسهاما جوهريا في القطرة السوداء. ويرى باحثوتريس أنه يمكن تلطيف أثر القطرة السوداء باستعمال تقنيات جديدة عند حدوث العبور القادم.


2012

سجل اجتياز كوكب الزهرة

William Crabtree observing the transit of Venus, from The Manchester Murals by Ford Madox Brown



عبور سابق لكوكب الزهرة
التاريخ
العبور
الزمن (UTC) Notes مسار العبور
(HM Nautical
Almanac Office)
البداية الوسط النهاية
1396 نوفمبر 23 15:45 19:27 23:09 Last transit not part of a pair. [1]
1518 مايو25–26 22:46
May 25
01:56
May 26
05:07
May 26
[2]
1526 مايو23 16:12 19:35 21:48 Last transit before invention of telescope [3]
1631 ديسمبر 7 03:51 05:19 06:47 Predicted by Kepler [4]
1639 ديسمبر 4 14:57 18:25 21:54 First transit observed by Horrocks and Crabtree [5]
1761 يونيو6 02:02 05:19 08:37 Lomonosov, Chappe d'Auteroche and others observe from Russia [6]
1769 يونيو3–4 19:15
June 3
22:25
June 3
01:35
June 4
Cook sent to Tahiti to observe the transit [7]
1874 ديسمبر 9 01:49 04:07 06:26 Pietro Tacchini leads expedition to Muddapur, الهند. A French expedition goes to New Zealand's Campbell Island [8]
1882 ديسمبر 6 13:57 17:06 20:15 John Phillip Sousa composes a march, "The Transit of Venus", in honor of the transit. [9]
2004 يونيو8 05:13 08:20 11:26 Various media networks globally broadcast live video of the Venus transit. [10]
عبور مستقبلي كوكب الزهرة
التاريخ
العبور
Time (UTC) Notes مسار العبور
(HM Nautical
Almanac Office)
البداية الوسط النهاية
2012 يونيو5–6 22:09
5 يونيو
01:29
6 يونيو
04:49
6 يونيو
Visible in its entirety from Hawaii, Alaska, Australia,New Zealand, the Pacific and Eastern Asia, with the beginning of the transit visible from North America and the end visible from Europe [11]
2117 ديسمبر 10–11 23:58
December 10
02:48
December 11
05:38
December 11
Visible in entirety in eastern China, Japan, Taiwan, Indonesia, and Australia. Partly visible on extreme U.S. West Coast, and in India, most of Africa, and the Middle East. [12]
2125 ديسمبر 8 13:15 16:01 18:48 Visible in entirety in South America and the eastern U.S. Partly visible in Western U.S., Europe, and Africa. [13]
2247 يونيو11 08:42 11:33 14:25 Visible in entirety in Africa, Europe, and the Middle East. Partly visible in East Asia and Indonesia, and in North and South America. [14]
2255 يونيو9 01:08 04:38 08:08 Visible in entirety in Russia, India, China, and western Australia. Partly visible in Africa, Europe, and the western U.S. [15]
2360 ديسمبر 12–13 22:32
December 12
01:44
December 13
04:56
December 13
Visible in entirety in Australia and most of Indonesia. Partly visible in Asia, Africa, and the western half of the Americas. [16]
2368 ديسمبر 10 12:29 14:45 17:01 Visible in entirety in South America, western Africa, and the U.S. East Coast. Partly visible in Europe, the western U.S., and the Middle East. [17]
2490 يونيو12 11:39 14:17 16:55 Visible in entirety through most of the Americas, western Africa, and Europe. Partly visible in eastern Africa, the Middle East, and Asia. [18]
2498 يونيو10 03:48 07:25 11:02 Visible in entirety through most of Europe, Asia, the Middle East, and eastern Africa. Partly visible in eastern Americas, Indonesia, and Australia. [19]

الرصد

احتياطات السلامة

مع حتى أحداث اجتياز الزهرة لم تعد تحظى بأهمية في تعيين الوحدة الفلكية، فإن رصد اجتياز هذا العام سيكون، دون ريب، واحدا من أوسع عمليات الرصد التي جرت في التاريخ الفلكي. من الممكن رؤية الزهرة لقاءة لقرص الشمس دون تكبير، وبالطبع أيضا، باستعمال منظار ذي عينيتين أومقراب صغير. لكن F .اسپيناك [من مركز گودارد للطيران الفضائي التابع للوكالة ناسا] يتوجه إلى المشاهدين بضرورة اتخاذ نفس الاحتياطات التي تُراعى عند رؤية الكسوف الشمسي. إذا النظر إلى الشمس عبر مقراب دون مرشح ملائم يمكن حتى يُلحق بالعين ضررا فوريا وعمى دائما.

إحدى أكثر الطرائق أمانا لرؤية العبور هي إسقاط صورة الزهرة والشمس على بترة من الورق. وباستعمال تقنيات راقية لمشاهدة أحداث الكسوف، يمكن للفلكيين الهواة القيام بأرصاد مفيدة لتحديد وقت اللقاءات (وأيضا إحداثياتها الجغرافية)، التي يفترض إرسالها إلى قسم اجتياز عطارد/ الزهرة Mercury/ Venus Transit Section التابع للاتحاد الأمريكي لراصدي القمر والكواكب. وبعد اجتياز عام 1882، أوفد كثير من هواة التحديق في السماء تقاريرهم إلى مرصد البحرية الأمريكية، ومازالت هذه التقارير محفوظة في السجل (الأرشيف) الوطني.

إن أفضل الأمكنة لرصد اجتياز الزهرة في 8/6/2004 تقع في أوروبا وإفريقيا وآسيا [في اليسار]. سيستطيع الذين يشاهدون السماء في أستراليا والقسم الشرقي من الولايات المتحدة حتى يروا أجزاء فقط من العبور؛ أما الناس في غربي الولايات المتحدة فسيفوتهم الحدث كليا. لتفادي إلحاق الأذى بالعين، يجب على الراصدين استعمال مرشحات شمسية ملائمة عند مشاهدتهم وقع العبور [في الأعلى]. يمكن الاطلاع على مزيد من المعلومات المتعلقة باحتياطات السلامة في مسقط الويب:

وقد أورد مرشد الراصدين لعام 2004، الذي أصدرته الجمعية الفلكية الملكية في كندا، تفصيلات عن متوسط التردد لغطاء الغيوم في وقت العبور لمواقع كثيرة من العالم. ووفقا لما ورد في الدليل، تقع أفضل أمكنة الرصد في العراق والمملكة العربية السعودية ومصر، والمسقط الأفضل هوالأقصر في مصر، الذيقد يكون احتمال صفاء سمائه 94 في المئة، وذلك طبقا للسجلات التاريخية. لهذا السبب، تتجه حاليا رحلة بحرية واحدة، على الأقل، إلى نهر النيل.

ومثلما أثار اجتياز عام 1882 الاهتمامات بالأمور السماوية للشابين <E .G .هيل>و<N .H. راسل> [وهما من الفلكيين الرواد في القرن العشرين] فربما ستشجع أحداث اجتياز الزهرة في القرن الواحد والعشرين الشباب على دراسة فهم الفلك. وأملا في الإفادة القصوى من الفرص التعليمية، يقوم مخط ناسا للعلوم الفضائية برعاية سلسلة طويلة من النشاطات الموجهة لحفز انخراط الطلبة وعامة الجمهور في هذا الحدث. وقد قام اتحاد لمعاهد أوروبية بوضع خطط مشابهة. إضافة إلى ذلك، فإن المقطوعة الموسيقية بعنوان اللحن العسكري لعبور الزهرة Transit of Venus March، التي ألفها الموسيقي الأمريكي الأسطوري

بعد اجتياز عام 1882، بُعثت من جديد، وأخذ الإقبال على عزفها يتزايد بعد حتى جرى إهمالها طوال أكثر من 100 سنة. «عندما وقع آخر موسم للعبور، كان عالَم الفكر يصحومن سبات استمر عصورا...» وليام هاركنس، 1882

اتصالات

أحداث العبور خارج المجموعة الشمسية

والآن، يقوم الفلكيون المحترفون في جميع أنحاء العالم بالاحتفال بالعبور حتى خلال دراستهم له. وفي الوقت الذي يوجه فيه الفهماء المقاريب المنصوبة على الأرض والآلات الموجودة على متون السفن الفضائية إلى الشمس، سيعقد الاتحاد الفلكي الدولي اجتماعا قرب المكان الذي شاهد منه <هوروكس> اجتياز الزهرة عام 1639. وتشجع مجموعة عمل اجتياز الزهرة، التابعة للاتحاد الفلكي الدولي، على نصب لافتات تذكارية في المواقع التي أجريت فيها الأرصاد الماضية للعبور.


مازال اجتياز الزهرة يثير اهتمام الباحثين لأنه يوفر فرصة نادرة لتطوير تقنيات اكتشاف وتمييز الكواكب في نظم شمسية أخرى. إذا معظم الكواكب خارج النظام الشمسي، التي عُرف منها حتى الآن مئة وعشرون، جرى اكتشافها عن طريق ثنطقتها التي تسبب حركات دورية صغيرة في النجوم التي تدور حولها. بيد حتى الفلكيين أعربوا عام 1999 أول اكتشاف لكوكب عن طريق قياس تضاؤل شدة الضوء الصادرة عن نجم أثناء مرور الكوكب بينه وبين الأرض. هذا الكوكب، الذي يقع على مسافة 153 سنة ضوئية من نظامنا الشمسي، خفض شدة الضوء الصادر عن النجم بنسبة 1.7 في المئة خلال عبوره، الذي استغرق ثلاث ساعات، أمام النجم. وخلافا للتقنيات التقليدية المتبعة في اكتشاف الكواكب، فإن أرصاد العبور تسمح للفلكيين بتعيين المستوى المداري للكوكب الموجود خارج نظامنا الشمسي، الذي يمكن حتى تستنتج منه كتلة ذلك الكوكب. ولما كان مقدار النقص في الضوء يشير إلى حجم الكوكب، فإن الفهماء يمكنهم تقدير كثافته.


تخطط ناسا الآن لاستعمال سفينة فضائية لاستكشاف كواكب أخرى خارج نظامنا الشمسي عن طريق رصد أحداث عبورها. وسيقوم مجس كپلر Kepler probe، الذي وُضعت الخطط لإطلاقه عام 2007، بمراقبة100000 نجم شبيه بالشمس طوال أربع سنوات. وبسبب حتى مقاييس الشدة الضوئية (الفوتومترات) photometers تسمح بكشف الانخفاضات الطفيفة جدا في سطوع النجوم، فستكون السفينة قادرة على اكتشاف كواكب لا يزيد حجمها على حجم الأرض. ويمكن لأرصاد اجتياز الزهرة هذا العام حتى تساعد الباحثين على معايرة آلاتهم ليتوصلوا إلى هذه الفتوحات الجديدة.


إلى غير ذلك فإن سيرة اجتياز الزهرة دارت دورة كاملة من كپلر الإنسان إلى كپلر السفينة الفضائية. لا بد حتى <نيوكوم> و<هاركنس> ومعاصريهما كانوا سيصابون بالدهشة حتما أمام التقدم الذي أحرزه فهم الفلك منذ العبور الأخير الذي وقع عام 1882. تُرى، ما الذي سيكون عليه حال الفهم والحضارة عندما تقترب الزهرة من الشمس ثانية عام 2117،يا ترى؟ من المحتمل جدا أنه بحلول ذلك الوقت سيكون قد رُصِد من المريخ اجتياز للأرض، كما تنبأ <C .A. كلارك>. وإذا وُجد بشر على المريخ في 10/11/2084، فإنهم سيرون الأرض تتجاوز وجه الشمس ببطء، وستبدوالأرض لهم نقطة سوداء على خلفية ساطعة. ستكون تلك لحظة مثيرة للمشاعر دون ريب، تمثل مَعْلَمًا بارزا في تاريخ أحداث العبور الكوكبية والاستكشاف البشري.


انظر أيضاً

  • عبور كوكب عطارد

هوامش

  1. ^ "Venus compared to Earth". European Space Agency. 2000. Retrieved 25 September 2006.
  2. ^ Juergen Giesen (2003). "Transit Motion Applet". Retrieved 26 September 2006.
  3. ^ Fred Espenak (2004-02-11). "Transits of Venus, Six Millennium Catalog: 2000 BCE to 4000 CE". NASA. Retrieved 21 September 2006.
  4. ^ John Walker. "Transits of Venus from Earth". Fourmilab Switzerland. Retrieved 21 September 2006.
  5. ^ Paul Rincon (2005-11-07). ". BBC. Retrieved 25 September 2006.
  6. ^ Morley, Sylvanus G. (1994). The Ancient Maya (5th ed.). Stanford Univ Press. ISBN .
  7. ^ Bohumil Böhm and Vladimir Böhm. "The Dresden Codex—the Book of Mayan Astronomy". Retrieved 25 September 2006.
  8. ^ Dr. Edmund Halley. . Philosophical Transactions Vol. XXIX (1716). p. 454.
  9. ^ Robert H. van Gent. "Transit of Venus Bibliography". Retrieved 11 September 2009.
  10. ^ Kollerstrom, Nicholas (2004). "William Crabtree's Venus transit observation" (PDF). Proceedings IAU Colloquium No. 196, 2004. International Astronomical Union. Retrieved 10 May 2012.
  11. ^ Paul Marston (2004). Jeremiah Horrocks—young genius and first Venus transit observer. University of Central Lancashire. pp. 14–37.
  12. ^ Leverington, David (2003). Babylon to Voyager and beyond: a history of planetary astronomy. Cambridge, UK: Cambridge University Press. pp. 140–142. ISBN .
  13. ^ Prof. Richard Pogge. "Lecture 26:How far to the sun? The Venus Transits of 1761 & 1769". Retrieved 25 September 2006.
  14. ^ "Oxford Dictionary of National Biography: Jeremiah Dixon". Oxford University Press. Retrieved 22 February 2012.
  15. ^ Mikhail Ya. Marov (2004). "Mikhail Lomonosov and the discovery of the atmosphere of Venus during the 1761 transit". Proceedings of the International Astronomical Union. Cambridge University Press: 209–219.
  16. ^ Ernest Rhys, ed. (1999). The Voyages of Captain Cook. Wordsworth Editions Ltd. pp. 29–30. ISBN .
  17. ^ See, for example, Stanley, David (2004). "Moon Handbooks South Pacific" (8 ed.). Avalon Travel Publishing: 175. ISBN .
  18. ^ Christian Mayer. "An Account of the Transit of Venus: In a Letter to Charles Morton, M. D. Secret. R. S. from Christian Mayer, S. J. Translated from the Latin by James Parsons, M. D". Royal society (GB). Philosophical transactions. 54: 163.
  19. ^ Wikisource-logo.svg "American Philosophical Society". Encyclopedia Americana. 1920. 
  20. ^ "Explanation of the Black-Drop Effect at Transits of Mercury and the Forthcoming Transit of Venus". AAS. 2004-01-04. Archived from the original onعشرة July 2006. Retrieved 21 September 2006.
  21. ^ "Transits of Venus—Kiss of the goddess". The Economist. 2004-05-27. Retrieved 25 September 2006.

قراءات إضافية

  • Maor, Eli (2000). . Princeton: Princeton University Press. ISBN .
  • Maunder, Michael (2000). . London: Springer-Verlaf. ISBN . Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)
  • Sellers, David (2001). . Leeds, UK: Magavelda Press. ISBN .
  • Sheehan, William (2004). . Amherst, New York: Prometheus Books. ISBN . Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)
  • Lomb, Nick (2011). . Sydney, Australia: NewSouth Publishing. ISBN . OCLC 717231977.
  • Wulf, Andrea (2012). . New York: Knopf. ISBN .
  • Anderson, Mark (2012). . Boston: Da Capo Press. ISBN .

وصلات خارجية

عام
  • Transit of Venus – article posts from various authors, historians, astronomers
  • Venus Transits: Measuring the Solar System
  • Historical observations of the transit of Venus
  • The transit of Venus across the Sun (PDF)
عبور يونيو2012
  • Advice from professional Astronomers about observing the transit
  • NASA – 2012 Transit of Venus Live Webcast and Celebration
  • Transit of Venus from transitofvenus.org
  • 2012 Transit of Venus – International Astronomical Union
  • Watch Transit of Venus 2012 LIVE – Many Live Webcasts / Broadcasts
  • TRANSIT OF VENUS 2012: Live Webcast (Multipoint) – by SWAN-India
  • National Solar Observatory – Transit of Venus June 5–6 2012
  • NightSkyInfo.com: The Transit of Venus, June 2012
  • 2012 Transit of Venus Live Webcast and chatroom with SEMS at UND live From Alaska
  • Transit of Venus 2012 online Simulator

تاريخ النشر: 2020-06-04 11:49:32
التصنيفات: CS1 errors: missing periodical, صفحات تستخدم وسوم HTML غير صالحة, صفحات بها وصلات إنترويكي, Pages with citations using unsupported parameters, مقالات مميزة, عبور كوكب الزهرة, قياسات فلكية, مفاهيم فلكية

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

رابط الاستعلام عن قيمة المعاش بالاسم 2023

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-17 18:21:25
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 67%

كارول سماحة تقدم 12 أغنية من قصائد ‫محمود درويش بـ«الألبوم الذهبى»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-17 18:21:28
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 65%

«أنشيلوتي» : غياب «بنزيما و كروس» عن مواجهة أوساسونا

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-02-17 18:22:03
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 54%

هجوم مسلح على مركز شرطة كراتشى فى باكستان

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-17 18:21:37
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 54%

تراجع أسعار الذهب اليوم الجمعة فى نهاية التعاملات الصباحية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-17 18:21:44
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 60%

برشلونة يعلن اصابة لاعبه «بيدري» ومدة غيابه عن الملاعب

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-02-17 18:22:02
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 55%

أماني فهمي: قناة الوثائقية تستطيع المنافسة وتوقيت انطلاقها جيد جدًا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-17 18:21:27
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 64%

طالبان تعلن مسؤوليتها عن الهجوم على مجمع الشرطة فى باكستان

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-17 18:21:35
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 60%

رابط الاستعلام عن فاتورة المياه برقم العداد 2023

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-17 18:21:24
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 67%

رابط التسجيل في تكافل وكرامة بالرقم القومي 2023.. تفاصيل

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-17 18:21:25
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 62%

هل يمكن لمانشستر يونايتد أن يقيد رباعي ليستر الهائل؟

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-02-17 18:22:05
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 52%

رئيس حزب الوفد يعقد مؤتمرًا صحفيًا بمقر «بيت الأمة» غدًا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-17 18:21:39
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 57%

نجيب ساويرس: تم تحرير الأقباط الستة المختطفين في ليبيا

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-02-17 18:22:01
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 70%

«أجمل كواليس وأحلى مسلسل».. عبير صبرى تشارك جمهورها كواليس «جميلة»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-17 18:21:28
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 63%

قادة أفارقة يدعون الجماعات المسلحة للانسحاب الفورى من الكونغو

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-17 18:21:36
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 51%

تعيينات حكام ثمن نهائي كأس تونس

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-17 18:22:07
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 57%

كيفية يُمكن للدول النامية إلزام الدول المتقدمة بتوصيات COP27؟

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-02-17 18:22:02
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 70%

تعادل سلبي للزمالك أمام المريخ السوداني في بطولة أفريقيا

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-02-17 18:22:05
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 70%

تحميل تطبيق المنصة العربية