الفهم Knowledge، هي الألفة مع إنسان أوشيء ماء، وقد تضم اكتساب الحقائق، المعلومات، الأوصاف أوالمهارات عن طريق الخبرة أوالتفهم. وقد تشير الفهم إلى الفهم النظري أوالعملي لموضوع ما. قد تكون الفهم ضمنية (مثل تلك التي تكتسب مع المهارات أوالخبرات العملية) أوحتى تكون فهم صريحة (مثل تلك التي تكتسب مع الفهم النظري لموضوع ما)؛ وقد تكون أقل أوأكثر إصطلاحية أومنهجية. في الفلسفة، يطلق على دراسة الفهم نظرية الفهم؛ وعهدها قاموس أكسفورد على أنها "الخبرة والمهارات التي يمكن للشخص حتى يكستبها من خلال الخبرة والتعليم؛ الفهم العملي والنظري لموضوع ما؛ ما يمكن معهدته في مجال عملي أوبصفة عامة؛ الحقائقة والمعلومات أوالوعي أوالتأقلم المتكسب عن طريق الخبرة بحقيقة موقف ما". بدأت المناقشات الفلسفية بصفة عامة بصيغة أفلاطون للفهم على أنها هي "الاعتقاد السليم المبرر". ومع ذلك، فلا يوجد في الوقت الحالي تعريف موحد متفق عليه للفهم، حيث يوجد الكثير من النظريات المتنافسة.

حدثة فهم تعبير يحمل الكثير من المعاني، لكن المتعارف عليه هوارتباطها مباشرة في المفاهيم التالية معلومات، تعليم، اتصال.

التعريف الفلسفي

يحلل لرر حدثة "يعهد Know" في اللغة الإنگليزية حيث يوضح معاني هذه الحدثة على النحوالآتي:

• امتلاك صورة خاصة معيّنة من القدرة على عمل شيء ما.
• الفهم باللقاء أوالاطلاع أوالاتصال المباشر.

ويميز الفيلسوف برتراند رسل بين نوعين من الفهم: الفهم باللقاء أوالاتصال المباشر، أي التي تُدرك بالحواس مباشرةً، والفهم بالوصف، أي التي تنطوي على استنتاجات عقلية.

ويبدومما تجاوز تشابه المعاني لحدثة "فهم" في اللغة العربية واللغة الإنگليزية، وتدور هذه المعاني في مجملها على الإدراك.

أما الفهم في الاصطلاح الفلسفي: فهي ثمرة التقابل بين ذات مدركة وموضوع مدرك، وتتميز عن باقي معطيات الشعور من حيث إنها تقوم في آن واحد على التقابل والاتحاد الوثيق بين هذين الطرفين. والفهم بهذا الشكل هي التي تحصل للذات العارفة بعد اتصالها بموضوع الفهم، كما تطلق نظرية الفهم على البحث في إمكان الفهم البشرية، وفي مصادر هذه الفهم أوالطرق الموصلة إليها.

وتعتبر نظرية الفهم قديمة قدم الفلسفة ذاتها؛ فقد أجاب أفلاطون عن جدلية العلاقة بين الاعتقاد الصادق والفهم بأن الفهم هي "الاعتقاد الصادق المبرر"، أي اعتقاد صادق مسوغ له ما يسوغه أويقوم عليه البرهان والدليل".

وبناءً على ذلك فإن هناك ثلاثة شروط أساسية لا بدّ من توافُّرها للفهم؛ الأول: هوحتى تكون القضية موضوع الفهم صادقة (شرط الصدق)، والثاني: هوحتىقد يكون الشخص الذي يدَّعي الفهم في وضع ذهني إزاء القضية موضوع الفهم؛ أي يعتقد في هذه القضية ويقبلها (شرط الاعتقاد)، الثالث: حتى يملك هذا الشخص أدلة وبراهين تثبت صدق القضية موضوع الفهم (شرط التسويغ).

كذلك عالج أفلاطون هذا المفهوم في عدة محاورات أهمها "السوفسطائي". وناقشها أرسطوفي كتاب "النفس" و"الحس المحسوس"، وظهر موضوع الفهم بصورة دقيقة في كتاب جون لوك "مبحث في الفهم الإنساني" ، وبعد ذلك اتى إيمانويل كانت فحدَّد طبيعة الفهم وحدودها وعلاقتها بالوجود.

وتدرس نظرية الفهم عملية البحث في إمكانية الحصول على الفهم، فتقابل معضلة الشك في الحقيقة أوالتيقن منها، والتفرقة بين "الفهم الأولية" التي تسبق التجربة وبين الفهم التي يتم اكتسابها عن طريق التجربة أوما يطلق عليه "الفهم البعدية"، وتدرس الشروط التي تجعل الأحكام ممكنة والتي تسوغ وصف الحقيقة بالصدق والمطلق، إذا كان هذا ممكنًا، كما تبحث نظرية الفهم في الأدوات التي تمكّن من الفهم بالأمور، وتحدد مسالك الفهم ومنابعها.

نظريات الفهم

كان أول من وضع مصطلح نظرية الفهم الفيلسوف الإسكتلندي جيمس فريدريك فيرييه، حين ألف كتابه مبادئ الميتافيزيقا، إذ قسم الفلسفة فيه إلى قسمين؛ أنتولوجيا وإبستيمولوجيا. أما المعنى المعاصر لمصطلح مظرية الفهم في الفلسفة العربية والفرنسية فهو"الدراسة النقدية للفهم الفهمية".

ومع حتى مفهوم الفهم حاضر في تاريخ الفلسفة، ولاسيما عند أفلاطون وأرسطووديكارت ولوك ولايبنتز، فإن نظرية الفهم بوصفها مبحثاً مستقلاً موضوعه الفهم الفهمية، لم تنشأ إلا في مطلع القرن العشرين حين اتجهت إلى تحديد الأسس التي يرتكز عليها الفهم، والمراحل التي يتألف منها، وإلى نقد العلوم والعودة إلى مبادئها العميقة. وذلك بتأثير التقدم السريع للفهم، والاتجاه نحوالمجال المتزايد، وما ولدّه ذلك من تغيّر في بنية منظومة العلوم، ومن صعوبات وإشكالات ذات طبيعة نظرية.

معظم الجدل والنقاش في هذا الفرع الفلسفي يدور حول تحليل طبيعة الفهم وارتباطها بالترميزات والمصطلحات مثل الحقيقة، الاعتقاد، والتعليل. تدرس نظرية الفهم أيضا وسائل إنتاج الفهم ، كما تهتم بالشكوك حول غنادىءات الفهم المتنوعة . بحدثات اخرى تحاول الإبستمولوجيا حتى تجيب عن الأسئلة : "ماهي الفهم؟" "كيف يتم الحصول على الفهم؟". ومع حتى طرق الإجابة عن هذه الأسئلة يتم باستخدام نظريات مترابطة فإنه يمكن عمليا فحص جميع من هذه النظريات على حدة.

مدارس الفهم مختلفة، فالتجريبيون يردون الفهم إلى الحواس، والعقليون يؤكدون حتى بعض المبادىء مصدرها العقل لا الخبرة الحسية، وعن طبيعة الفهم، يقول الواقعيون، حتى موضوعها مستقل عن الذات العارفة، ويؤكد المثاليون حتى ذلك الموضوع عقلى في طبيعته لأن الذات لا تدرك إلا الأفكار. وكذلك تختلف المذاهب في مدى الفهم: فمنها ما يقول حتى العقل يدرك الفهم اليقينية، ومنها ما يجعل الفهم كلها احتمالية, ومنها ما يجعل فهم العالم محالة.

العقل كأداة للفهم

وقد درس الفلاسفة في الفهم من حيث أدواتها ومصادرها، واختلفت مذاهبهم في هذه المسألة على النحوالتالي:

1- الممضى العقلي:

يتفق العقليون على حتى العقل قوة فطرية في الناس جميعًا، وعلى أننا نستطيع عن طريق الاستدلال العقلي المحض، ودون لجوء إلى أية مقدمات تجريبية، حتى نتوصل إلى فهم حقيقية عن طبيعة العالم.

2- الممضى التجريبي:

اتخذ الممضى التجريبي في نظرية الفهم طريقًا يخالف طريق الممضى العقلي؛ إذ أكد التجريبيون حتى التجربة أوالخبرة الحسية هي مصدر الفهم، وأنكروا وجود معارف أومبادئ عقلية مُسبَّقة، ولقد اتى على رأس التجريبيين المحدثين جون لوك.

3- الممضى الحدسي:

مضى الفيلسوف الفرنسي هنري برگسون (1859 - 1941) إلى أنه بالإضافة إلى العقل الذي توهّم أنصاره أنه يقدم لنا الفهم برمتها توجد ملكة أخرى للفهم؛ وهي من قبيل التجربة الوجدانية، سماها "الحدس"، يقصد بالحدس عدة معانٍ متباينة:

• الحدس الحسي: هوالإدراك المباشر عن طريق الحواس الإنسانية، مثل إدراك الضوء والروائح المتنوعة.
• الحدس التجريبي: الإدراك المباشر الناشئ عن الممارسة المستمرة، مثل إدراك الطبيب لداء المريض من مجرد المشاهدة.
• الحدس العقلي: الإدراك المباشر -دون براهين- للمعاني العقلية المجردة التي لا يمكن إجراء تجارب عملية عليها، مثل إدراك الزمان والمكان.
• الحدس التنبئي: يحدث أحيانًا في الاكتشافات الفهمية حتى تكون نتيجة نظرة تطرأ على ذهن العالم بعد طول التجارب.

4- الممضى البراگماتي:

تطلق الفلسفة البراگماتية على مجموعة من الفلسفات المتباينة إلى حد ما، والتي ترتكز جميعها على مبدأ مؤداه حتى صحة الفكر تعتمد على ما يؤدي إليه من نتائج عملية ناجحة، وكان الفيلسوف الأمريكي "تشارلز ساندرز بيرس" هوأول من استخدم اسم البراجماتية وصاغ هذه الفلسفة.

ويلاحظ حتى المذاهب السابقة تقتصر على الوجود، ويسعى جميع منها لانتقاص الآخر، كما حتى جزئيتها وعدم تكاملها أدى لقصورها وتشتتها.

توصيل فهم

قد تستخدم التمثيلات الدلالية للإشارة إلى المعنى المطلوب، ويمكن رؤيتها على أنها عملية ديناميكية. ومن ثم، فإن التمثيل الدلالي يمكن اعتباره أنه عملية إنتسابية يمكن من خلالها نقل الفهم. تتضمن الأشكال الأخرى لتوصيل الفهم؛ الرصد، التقليد، التبادل اللفظي، والتسجيلات المسموعة والمرئية. يعمل فلاسفة اللغات والسميوطيقيون على إنشاء وتحليل نظريات نقل أوتوصيل الفهم.^[]

الفهم المحددة

الفهم المحددة، هي الفهم المتخصصة بموضوع معين.

الفهم الجزئية

الفهم الجزئية، هي إحدى فروع نظرية الفهم. في معظم الحالات، ليس من الممكن فهم جميع المجالات باستفاضة؛ وتبقى معلوماتنا دائماً غير كاملة أوجزئية. معظم المشكلات الواقعية يمكن حلها عن طريق الاستفادة من الفهم الجزئي لسياق المشكلة أوبياناتها، على عكس المسائل الرياضيات التقليدية التي تحل في المدارس، حيث يجب حتى يطلع الشخص على جميع البيانات ليصل إلى حالة فهم تام للمشكلة، حتى يستطيع حلها بشكل سليم.^[]

هذه الفكرة تُمثل أيضاً في مفهوم العقلانية المحدودة الذي يرى حتى المواقف الحياتية الواقعية عادة ما يقابلها الإنسان بكم محدود من المعلومات ويقوم بإتخاذ قراراته تبعاً لذلك.

الفهم الفهمية

ساهم تطوير المنهج الفهمي بشكل كبير في كيفية إكتساب الفهم. في حالة الفهم الفهمية، يجب حتى يعتمد منهج إكتساب الفهم على الشواهد المرصودة والقابلة للقياس إلى المبادئ الفهمية العقلية والاختبار الفهمي. يتكون المنهج الفهمي من جمع البيانات عن طريق الرصد والتجريب الفهمي، وصياغة وإختبار الفرضيات. أصبح فهم وطبيعة الفهم الفهمية أيضاً موضوع فلسفي. وقد تطور الفهم نفسه، وطورت الفهم الإستخدام الأوسع الذي تطور مع مناقشات فهم الأحياء/فهم النفس فيما يسمى ما وراء نظرية الفهم أونظرية الفهم الوراثية، وترتبط إلى حد ما مع "نظرية التطور المعهدي"

لاحظ حتى "نظرية الفهم" هي دراسة الفهم وكيفية اكتسابها. الفهم هو"عملية تستخدم يومياً لتكامل الأفكار بطريقة منطقية عن طريق إستنتاج الحقائق التي تحددها التجارب المدروسة". كان سير فرانسيس بيكون ناقد للتطور التاريخي للمنهج الفهمي؛ أسست ونشرت أعماله البحث الفهمي الاستقرائي للاكتساب الفهمي للفهم. وهوصاحب المصطلح الشهير "الفهم هي السلطة"، الذي ورد في تأملات ساكراي (1597).

حتى الآونة الأخيرة، على الأقل في التنطقيد الغربية، كان من المسلم به حتى الفهم فقط هي شيء يقتصر فقط على البشر - وربما البشر "البالغين" فقط.

قد لا تنطوي الفهم الفهمية على الإنادىء باليقين، مما يعني الشكوكية هي حتى الفهماء لا يمكنهم التأكد مطلقاً إذا ما كانوا على صواب أولا. بالتالي، فإن من المفارقة حتى المنهج الفهمي يقضي بأن الشخص يجب حتى يشك حتى لوكان صائباً، على أمل حتى هذه الممارسة قد تقوده بصفة عامة للوصول إلى الحقيقة.

المعنى الديني للفهم

الفهم في الفكر المسيحي

الفهم في الفكر الاسلامي

تدور الفهم في التصور الإسلامي حول محورين رئيسيين؛ رفض النزعة الشكية و"الاعتقاد" المسيحي: يرفض التصور الإسلامي التعميمات الغربية حول حتمية تحصيل الفهم عن طريق المنهج التجريبي، وإلا فإن ما لم يحصل من خلال هذا المنهج فهوموضع للشك، وفي ذات الوقت يتعامل التصور الإسلامي بشكل مختلف مع مفهوم الاعتقاد "Faith" في المسيحية؛ حيث يُفسر هذا المفهوم في الفكر الغربي بأنه عمل أوعزم به يعقد المرء النية على حتى يقبل كشيء صادق ما يمثل عقبة للعقل. في حين يقدم التصور الإسلامي مفهوم اليقين كمرادف لمفهوم الإيمان؛ حيث القضايا الإيمانية هي صادقة في الواقع، وصدقها يحيط به العقل، أي يفهمه ويقبله يقينًا.

التوحيد من حيث هومبدأ للفهم: إذا الإيمان بالله والإقرار بوحدانيته تعالى هوالمبدأ الأول للإسلام، والوحدانية هي نقطة البحث عن الحقيقة أوالفهم في الفكر الإسلامي؛ حيث إذا وجود الله تعالى وإرادته وأفعاله هي الأسس الأولى التي يقوم عليها بناء جميع الكائنات وكل المعارف وأنظمتها.

مصادر الفهم في التصور الإسلامي

1 - الوجود: يؤكد الخالق -عز وجل- على دور الحواس في اكتشاف الفهم المحيطة بالإنسان، كذلك النظر العقلي والتأمل والتفكر في الكون ومكوناته، كما نادى الخالق -عز وجل- إلى عدم تقليد السابقين، لأن التقليد يُعطل العقل عن البحث وإدراك الحقيقة.

2 - الوحي : يتميز الوحي عن الوجود كمصدر من مصادر الفهم في الفكر الإسلامي بأنه يدرك الحقيقة المطلقة أويدرك الأمور على حقيقتها بشكل منزه عن الخطأ. ويقدم الوحي معارف متنوعة؛ إذ يقدم -منفرداً عن جميع وسائل الفهم التي تندرج تحت مصدر الوجود- فهم تتعلق "بالغيب"، وفهم تتعلق بالقوانين الطبيعية في الكون، وفهم تتعلق بالسنن الحاكمة للوجود الإنساني.

سمات الفهم في التصور الإسلامي

وتتميز الفهم في التصور الإسلامي بعدد من السمات البارزة:

1 - عدم الفصل بين الفهم والعمل: إذا الفهم في الرؤية الإسلامية ليست غاية في حد ذاتها، ولكن لا بدّ حتى تلحقها فترة أخرى تتمثل في السلوك أوالعمل.

2 - تكامل الفهم: التصور الإسلامي للفهم متكامل لا يعهد التنافر، ولا يحتوي على القطيعة المعهدية بين أجزائه؛ فهناك تكامل بين الوجود والوحي، وتكامل بين النظر والعمل، وتكامل بين الفهم الفهمية والفهم الغيبية، وكل ذلك نابع من تجليات مبدأ التوحيد في وحدة الحقيقة.

3 - الإنسان هوخليفة الله في الأرض: من بين العناصر الهامة التي تشكل التصور الإسلامي للفهم تحديد مركز الإنسان من العالم باعتباره حاملاً للأمانة الإلهية مما جعله خليفة لله في أرضه، وأن مضمون الخلافة هوإعمار الكون والإصلاح فيه وعبادة الله.

انظر أيضاً

المصادر

وصلات خارجية

• فهم at PhilPapers
• قيمة الفهم entry in the Stanford Encyclopedia of Philosophy
• تحليل الفهم entry in the Stanford Encyclopedia of Philosophy
• Knowledge by Acquaintance vs. Description entry in the Stanford Encyclopedia of Philosophy
• فهم at the Indiana Philosophy Ontology Project
• نطقب:IEP