سليمان بن خلف الباجي

أبوالوليد سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب الباجّي التُّجِيْبي، المالكي، الأندلسي، أحد الأئمة الكبار في الفقه، والتفسير، والحديث، والأصول، وفهم الكلام، وله شعر فصيح جيد.

الاصل

أصل أهله من بَطَلْيُوس في الأندلس، وتعهد اليوم باسم بداخوز Badajoz على بضعة أميال من حدود البرتغال. وقد انتقل جده منها إلى باجة Beja أقدم مدن الأندلس، وبها ولد سليمان، وإليها نُسب.

بداياته

بدأ الباجي حياته أديباً شاعراً متكسباً بشعره. ثم اتجه إلى طلب الفهم، فأخذه عن كبار فهماء الأندلس، مثل أبي محمد مكّي بن حمُّوش، ويونس بن مغيث، ومكّي بن أبي طالب، وغيرهم.

وفي سنة 426هـ رحل إلى المشرق، فأقام ثلاث سنين في مكة المكرمة ملازماً الحافظ أبا ذرّ الهَرَوي، وأخذ عنه الحديث. وكان من شيوخه فيها ابن سَحْنَوْيه، وابن مُحْرِز، والمُطَّوِّعي. واتجه بعدها إلى بغداد، ومكث فيها ثلاثة أعوام، يفهم على فهمائها أمثال القاضي أبي الطيب طاهر بن عبد الله الطبري، رئيس الشافعية، وأبي إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي، الشافعي، الأصولي. والقاضي أبي عبد الله الحسن بن علي الصَّيْمَري إمام الحنفية، والقاضي الإمام محمد بن علي الدامغاني الحنفي. وقد تلقى عن هؤلاء الفقه، والأصول، وتلقى الحديث عن عدد من الحُفَّاظ. وقصد الموصل، فأقام بها سنة، قرأ فيها الفقه، والعلوم العقلية، وفهم الكلام على القاضي أبي جعفر السِّمْناني، إمام الأشعرية. ثم توجّه إلى دمشق، ودرس على فهمائها. وتلقى في مصر الفهم على أبي محمد بن الوليد، وغيره.

عاد الباجي إلى الأندلس بعد هذه الرحلة التي استغرقت ثلاثة عشر عاماً بزادٍ فهمي غزير، جعله مقصد الفهماء من جميع مكان. وكان من طلاّبه: ابنه أبوالقاسم، وأبوعمر بن عبد البر، وأبوعلي بن سُكَّرَة الصدفي، والحسين بن محمد الجَيّاني، وأحمد بن محمد المعافري، وأبوعلي بن سهل السبتي، وكلهم من أجِلاّء أهل الفهم في الفقه، والحديث، والتفسير، والأصول.

كان الباجي جليل القدر، مهيباً في سمته وفي مجلسه. ولي القضاء. وكان عظيم الجاه عند الأمراء، ورسولاً فيما بينهم، يحضُّهم على نصرة الإسلام. والوحدة مع ملوك المغرب المرابطين للحفاظ على دولة الإسلام. وكان يقبل جوائزهم وغدا بسببها ذا مال وفر، وهوما أخذه عليه الفهماء.

وكانت للباجي مجالس كثيرة، ومناظرات مشهورة مع الفقيه ابن حزم الظاهري. ومع حتى ابن حزم لقي بسبب ذلك الأذى الشديد من الأمراء، والفهماء، والعامة، حتى أحرقوا خطه، فإنه كان مُعظِّماً للباجي، ومنصفاً له، ويرى أنه في الطبقة الأولى من فهماء المالكية.

وكان الباجي يقول: إذا الرسول عليه الصلاة والسلام قد عهد الكتابة، ويستدل على ذلك بما جرى عند توقيع وثيقة صلح الحُدَيْبِيَة. وقد أنكر عليه ذلك الفقيه الزاهد أبوبكر الصائغ، وعدد كبير من الفهماء. فما كان من الباجي إلا حتى خط رسالة، وجدت قبولاً من طائفة من فهماء الأندلس، وصقلية، وإفريقية، وكان على رأس هؤلاء شيخه أبوذرّ الهَرَوي، والحافظ أبوالفتح النيسابوري.

أهم مؤلفاته

هجر الباجي ثلاثين كتاباً في الفقه، والتفسير، والحديث، والأصول. من أبرزها:

«السراج في فهم الحجاج»
«إحكام الفصول في أحكام الأصول»،
«الاستيفاء» وهوشرح لكتاب الموطأ. وهوكتاب كبير جامع بلغ فيه الغاية،
«المنتقى» في سبعة مجلدات. اختصر فيه الاستيفاء. وهوأحسن كتاب في ممضى مالك،
«الإيماء في الفقه» وهواختصار للمنتقى. ويقع في خمسة مجلدات.
«المعاني في شرح الموطأ» وهوعشرون مجلداً، ولا نظير له،
«تفسير القرآن»،
«المقتبس في فهم مالك بن أنس»،
«مسائل الخلاف»،
«الحدود في الأصول»،
«فِرَق الفقهاء».
"سنن الصالحين وسنن العابدين"
"سنن المنهاج وترتيب الحجاج ".

نطقوا عنه

نطق الأمير أبونصر: أما الباجي ذوالوزارتين ففقيه متحدث، أديب شاعر، سمع بالعراق، ودرس الكلام، وصنف إلى حتى نطق: وكان جليلا رفيع القدر والخطر، قبره بالمرية.
وأما الحافظ ابن عساكر، فذكر حتى أبا الوليد نطق: كان أبي من باجة القيروان، تاجرا يختلف إلى الأندلس.