الجمعية الوطنية (الثورة الفرنسية)

عودة للموسوعة

الجمعية الوطنية (الثورة الفرنسية)

الجمعية الوطنية
Assemblée nationale
مملكة فرنسا
حفر مصبوغ للملك لويس السادس عشر من فرنسا، 1792، معتمراً قلنسوة فريگية. هذا التعليق يشير إلى خضوع لويس للجمعية الوطنية، ويختتم قائلاً "هونفس لويس السادس عشر الذي انتظر بشجاعة عاد رفاقه المواطنون إلى مزارعهم، حتى يخطط حرباً سرية ليُحكِم انتقامه."
النوع
النوع أحادي الغرفة
التاريخ
تأسس 17 يونيو1789
انحل 9 يوليو1789
سبقه مجلس طبقات الأمة
تلاه الجمعية التأسيسية الوطنية

أثناء الثورة الفرنسية، الجمعية الوطنية (بالفرنسية: Assemblée nationale؛ بالإنگليزية: National Assembly)، الذي استمر من 17 يوليو1789 حتىتسعة يوليو1789، كان مجلساً انتنطقياً بين مجلس طبقات الأمة والجمعية التأسيسية الوطنية.


خلفية

في أربعة مايوسنة 1789 اتجه ممثلوالطبقة الثالثة (طبقة العوام) وعددهم 621 وكيلا، وكانوا يلبسون الملابس البورجوازية السوداء، يتبعهم 285 من النبلاء وقد وضع الواحد منهم قبعته المزدانة بالريش فوق رأسه وارتدى ثيابا محلاة بالأشرطة والمضى، ثم 308 من رجال الدين، وقد امتاز الأساقفة عنهم بعباءات من قطيفة، ثم وزراء الملك وأفراد عائلته، ثم لويس السادس عشر وزوجته مارى أنطوانيت، وكان الجند يحيطون بالركب كله وراحت الأعلام ترفرف وكذلك الشارات، واتجهوا جميعا إلى المكان المخصص لاجتماعهم وهوصالة المسرات البريئة Hotel des Menus Plaisirs التي لا تبعد إلا قليلا عن القصر الملكي في فرساي.

وحفت الجماهير الفخورة والسعيدة بالموكب، وراح بعضهم يبكي فرحا وأملا(1) وهويرى في هذا المنظر الذي ينم عن وحدة الطبقات المتنافسة، وعداً بالتماسك والتضامن والعدل في ظل ملك خير.

وخطب لويس في الوفود المجتمعة معا معترفاً بأن الخزانة على شفا الإفلاس، وعزا ذلك إلى "الحرب المكلفة والمشرفة في آن" وطلب منهم حتى يفكروا في وسائل جديدة لزيادة ولج الدولة وأن يصدقوا على المراسيم التي تصدر بهذا الشأن. ثم اتى نيكر Necker فاستمر ثلاث ساعات يقرأ إحصاءات جعلت حتى الثورة نفسها، كئيبة ينقصها الحماس. وفي اليوم التالي خبا تألق الوحدة بين الطبقات الثلاث، فوجدنا الإكليروس (طبقة رجال الدين) يتقابلون في صالة ملحقة أصغر من الصالة التي ضمت الطبقات الثلاث، وراح النبلاء يتقابلون ويجتمعون في صالة أخرى ملحقة وشعر أفراد الطبقتين (النبلاء والإكليروس) أنه يجب عليهم حتى يتدارسوا الأمر في نطاق طبقتهم كما يجب عليهم حتى يصوتوا بمعزلٍ عن الطبقتين الأخريين كما وقع في آخر مجلس طبقات أمة انعقد منذ 175 عاما مضت، وكان من رأي أفراد الطبقتين أنه لا يجوز إقرار أي اقتراح واعتباره قانونا إلا إذا وافقت عليه الطبقات الثلاث والملك، أما هجر الأمور للانتخابات الفردية أي حتى يحسب صوت جميع فرد بصرف النظر عن طبقته بين هؤلاء المندوبين المجتمعين فإن هذا يعني تسليم جميع شيء لطبقة العوام.

وقد وقع بالعمل حتى انضم رجال الدين الأشد فقرا من سواهم إلى جانب طبقة العوام "بل إذا بعض النبلاء مثل لافاييت Lafayette وفيليب دورليان Philipe d`Orleans ودوق لا روش‌فوكوLa Rochefoucauld، وليان‌كور Liancourt أضمروا مشاعر ليبرالية خطرة.

وبسبب هذا بدأت حرب أعصاب لفترة طويلة، وكان يمكن لطبقة العوام حتى تنتظر لأن إقرار ضرائب جديدة يستلزم موافقتهم العلنية بينما كان الملك ينتظر إقرار هذه الضرائب الجديدة بصبر فارغ. وكانت طبقة العامة(ü) تتحلى بالشباب والحيوية والفصاحة والتصميم. لقد كان هناك أونوري Honore- جابريل Gabriel - فيكتور تيكيتي Victor Riquti الذي قدم لهم الكونت دى ميرابوConte de Mirabeau خبرته وشجاعته وقوة فكرة وصوته الجهوري، وقدم بيير - صامويل دى بودى نيمور Pierre - Samuel du Pont de Nemours لهم معلومات عن طبيعة اقتصاد الفيزيوقراطيين (الطبيعيين) وعن الاستراتيجية، أما جان بيلي Jean Bailly فقد حقق بالعمل شهرة في مجال الفلك، وقد هدأ من حدة الانفعال ليصلوا إلى حكم هادىء بعد دراسة الأمور وتقليبها. أما مكسيمليان دى روبيسبير Maximilien de Robespierre فظل يتحدث بانفعال وباستمرار كرجل عقد عزمه ألا يسكت حتى يجد طريقه.

لم يبق من عمر روبيسبير الذي ولد في أراس Arras في سنة 1758 سوى خمسة أعوام، لكنه كان في غالب هذه الفترة هومحور الأحداث أويتحرك بالقرب من قلبها. وكان روبيسبير قد فقد أمه وهوفي السابعة من عمره، أما أبوه فقد اختفى في ألمانيا. وقام الأقرباء بتربية الأيتام الأربعة وفاز مكسيميليان الطالب الدؤوب بمنحة دراسية في كلية لويس لي جراند Louis - le - Grand في باريس، ونال درجة جامعية في القانون ومارس المحاماة في أراس Arras وحقق شهرة كمدافع عن الإصلاح حتى إنه كان من بين الذين تم إرسالهم من إقليم أرتوا Artios لحضور مجلس طبقات الأمة State - General. ولم يكن مظهر روبيسبير يدعم دورة كخطيب فقد كان طوله لا يزيد على خمسة أقدام وثلاث بوصات، وكان وجهه عريضاً ومسطحاً شوهه الجدري، وكانت عيناه ضعيفتين محاطتين بدائرتين، وكان لونهما أزرق مخضراً حتى إذا كارليل Carlyle أطلق عليه اسم "روبسبير البحر الأخضر" وله بعض العذر في ذلك. وكان روبسبير يدعوإلى الديمقراطبة ويدافع عن حق الذكور البالغين في الانتخاب رغم حتى ذلك قد يجعل من أدنى الطبقات(ü) شركاء في الحكم بل ويجعل رايتهم ترتفع فوق الجميع. لقد عاش عيشة بسيطة كعيشة أحد أفراد طبقة العمال لكن لم يقلد ذوى السراويلات (النباطيل) الطويلة المعروفين باسم السانس كلوت (أي الذين لايرتدون الشورتات "الكلوتات" القصيرة) لقد كان يلبس سترة خطافية (فراك) زرقاء غامقة نظيفة، وسروالاً (بنوطلوناً) قصيرا يصل إلى الركبة وجورباً حريرياً، وقلما كان يغادر بيته قبل حتى ينثر المساحيق على شعره.وكان يسكن مع نجار اسمه موريس دبلي Maurice Duplay في شارع سانت أونري Rue St-Honore وكان يتغذى على مائدة الأسرة وكان يدفع لقاء ذلك ثماية عشر فرنكا في اليوم. وكان ينطلق من هذا المستوى المتدني (مستوى الحضيض) ليتحرك في معظم أنحاء باريس، وبعد ذلك في معظم أنحاء فرنسا. لقد كان يتحدث بشكل متتابع تتابعا ملحوظا عن الفضيلة، وكان يطبقها بقسوة وصرامة وعناد أمام الجماهير، أما في علاقاته الخاصة فقد كان "كريما عطوفا بل وكان مستعدا لتقديم الخدمات" على حد قول فيليبوبوناروتي Filippo Bunoarrotti الذي كان يعهده جيدا(2).

لقد كان يظهر محصنا تماما ضد مفاتن النساء، فقد صرف طاقة الحب التي لدية لأخيه الأصغر أوغسطين Augustin وسان ـ جوست Saint - just ولم يتهمه أحدٌ أبداً بأي انحراف جنسي، ولم يكن من الممكن إغواؤه برشوة مهما بلغ قدرها، وعندما عرض أحد الفنانين صورة شخصية لروبيسبير في سنة 1791 لم يخط إزاءها سوى فقرة واحدة "غير قابل للرشوة(3) The incorruptible " ولم يبد حتى هناك من تجرأ على الاعتراض على ذلك. وكان روبيسبير يؤمن بأفكار منتسكيوMontesquieu باعتبارها أساساً لازما لجمهورية ناجحة، فمن غير ناخبين لا يمكن شراء أصواتهم الانتخابية ومن غير موظفين لا يمكن رشوتهم تصبح الديقراطية كذبا ورياء. وقد آمن روبيسبير كما آمن روسوبأن الإنسان خير بالطبيعة أوبتعبير آخر خلقه الله خيرا، بحيث يجب حتى تكون "الإرادة العامة" هي قانون الدولة وأن أي معارض مصر على لقاءة الإرادة العامة يستحق بلا ريب الإدانة التي تفضي به إلى ساحة الإعدام. وكان روبيسبير متفقاً مع روسوفي حتى بعض أشكال المعتقدات الدينية لا بد منها لضمان السلام النفسي والانضباط الاجتماعي ولأمان الدولة وبقائها.

ولم يبد أنه بدأ يشك في اتفاقه التام مع الإرادة العامة "الإرادة الجماهيرية" إلا قرب نهاية حياته. لقد كانت نفسه أضعف من إرادته، وكانت معظم أفكاره مستقاة من قراءاته أومن الشعارات التي ملأت الجوالثوري المحيط. لقد توفي في عمر باكر جدا مما لم يتح له فرصة سبر أغوار الحياة بعمق أوتحصيل قدر كبير من الفهم التاريخية يتيح له حتى يقارن بين أفكاره المجردة أوالعامة وواقع الأمر من خلال تأمل محايد. لقد عانى بشدة مما حاق بنا من فشل عام، ولم يكن يستطيع حتى ينأى بذاته بعيداً عن عينيه. لقد كان مقتنعاً بما يتفوه به مشوبا بالحماس والعاطفة. لقد كان على يقين خطر، وكان يصرخ عبثا بشكل يدعوللسخرية، نطق عنه ميرابوMirabeau " هذا الرجل سيشتط كثيرا وسيمضى بعيدا. إنه مؤمن بكل حدثة يقولها"(4) وكانت نهايته إلى المقصلة.

وقد ألقى روبيسبير على مدار عامين ونصف العام في الجمعية الوطنية نحوخمسمائة خطبة(5) عادة ما كانت الخطبة منها طويلة طولا يبعدها عن تحقيق الإقناع، وعادة ما كانت جدلية خلافية مما يجعلها غير بليغة، ومع هذا فإن جماهير باريس فهمت مغزاها وتفهمت منها وأحبته من أجلها. لقد عارض روبيسبير التفرقة القائمة على أسس عرقية أودينية واقترح تحرير السود(6) وظل حتى شهور حياته الأخيرة مدافعا عن الشعب. لقد قبل مبدأ الملكية الخاصة، لكنه رغب في تعميم الملكية الصغيرة لتكون هي الأساس الاقتصادي لديمقراطية قوية. وقد اعتبر التفاوت في الثروة شراً لا بد منه"(7) راجع إلى التفاوت الطبيعي بين قدرات البشر. وفي هذه الفترة وجدناه يؤيد الإبقاء على الملكية فقد كان يرى حتى الإطاحة بلويس السادس عشر قد تؤدي إلى فوضى وسفك دماء تفضيان في النهاية إلى دكتاتورية أكثر من طغيان الملكية(8).

واستمع جميع عضومن أعضاء الجمعية الوطنية - تقريبا - لخطب هذا الخطيب الشاب بحياد فيما عدا ميرابوMirabeau الذي احترم حجج روبيسبير التي أعدها إعدادا متقنا وبسط شرحها بوضوح. ومن ناحية أخرى(9) لاحظنا ميرابوالذي نشأ في ظل والد عبقري رغم دقته الشديدة الصارمة راح يتشرب بتوق شديد جميع تأثير متاح في الحياة مما تهيؤه فرص الرحلة والمغامرة والخطيئة، وراح يطالع مظاهر الضعف البشري والظلم والفقر والمعاناة في اثنتي عشرة مدينة، وسجنه الملك بناء على طلب والده وشهر بأعدائه في نشرات هجائية واتهامات غاضبة، وأخيرا انتخبته طبقة العوام في جميع من مرسيليا Marseilles وايزنبروفنس Aix-en- Provence لمجلس طبقات الأمة فحقق فوزا مزودجا فعالا، وأتى إلى باريس وقد أصبح بالعمل أحد المشاهير اللامعين الذين تحوم حولهم الشكوك في بلد كانت الأزمة تدفع بالنابغين والعباقرة إلى الصدارة في ظروف قلما شهد لها التاريخ مثيلا. لقد رحب به متفهموباريس كلهم، وأطلت الرؤوس من النوافذ لمشاهدة عربته وهي تمر، وكانت النسوة مشتاقات لفهم حقيقة الإشاعات المثارة حول غرامياته كما كن مفتونات بما في وجهه من ندوب وتشوه، فتنة لا يعادلها سوى الاشمئزاز من قبح هذه الندوب وهذا التشوه.

لقد انصت الأعضاء باستسلام لخطابه رغم أنهم كانوا شاكين في طبقته وأخلاقه ونواياه، فقد تجاوز حتى سمعوا أنه كان يعيش عيشة تفوق إمكاناته، وأنه كان يشرب حتى يفقد عقله، وأنه لم يكن يتورع عن استخدام بلاغته وفصاحته للتخفيف من وطأة ديونه، لكنهم فهموا أنه لام أفراد طبقته دفاعاً عن العوام الذين قدروا فيه شجاعته لأنهم تشككوا في حتى يجدوا لهذا البركان من الطاقة المعتمل في نفسه مثيلا آخر.

لقد انتشرت الخطابة في هذه الأيام المحمومة وازدادت المناورات السياسية أكثر بكثير مما شهده قصر (صالة) المسرات البريئة (مينوبلازير (Hotel des Menus Plaisirs وطغت بها الصحف والنشرات والإعلانات المعلقة على الجدران والنوادي؛ فبعض المندوبين القادمين من بريتاني Brittany كونوا نادي البريتون Club Breton الذي سرعان ما فتح باب عضويته للأعضاء الآخرين وللخطباء والكتاب، وجعل منه جميع من سييز Sieyes وروبيسبير، وميرابومنصة يعرضون عليها أفكارهم ويجربون سقط مشاريعهم على المستمعين، وشهد هذا النادي التشكيل الأول للتنظيم القوي الذي عهد بعد ذلك باسم اليعاقبة. وكانت المحافل الماسونية نشيطة أيضا، وكانت عادة مؤيدة للملكية الدستورية، لكن ليس لدينا مرشد عن مؤامرة ماسونية سرية(10). وربما كان نادي البريتون هوالذي شهد خطة سييز Sieyes وآخرين القاضية بأن يتحرك النبلاء والإكليروس في خطوة واحدة مع طبقة العوام. وقد ذكّر سييز طبقة العوام بأنّ عددهم 24 مليونا من بين 25 مليون هم سكان فرنسا، فلم طال ترددهم في الحديث باسم فرنسا؟. وفي 16 يونيواقترح على المندوبين في المينوبلازير(صالة المسرات البريئة) Menu Plaisirs ضرورة حتى يرسلوا دعوة أخيرة للطبقتين الأخريين للانضمام إليهم فإن كانت الإجابة بالرفض فما على مندوبي الطبقة الثالثة إلا حتى يعلنوا أنهم هم ممثلوالأمة الفرنسية وأن يشرعوا في سن القوانين.

واعترض ميرابوفي بادىء الأمر بأن الملك على رأس مجلس طبقات الأمة وبالتالي فهو- من الناحية القانونية - تابع له، ومن ثم يمكن فض المجلس بناء على رغبة الملك. وبعد حتى قضى المجتمعون ليلة في النقاش وسوق الحجج والتشابك بالأيدي تمّ طرح القضية للتصويت: أسوف يعلن المجتمعون أنفسهم جمعية وطنية،يا ترى؟ وتمت الموافقة على ذلك بأربعمائة وتسعين صوتا لقاء تسعين كانوا هم المعترضين فقط. وتعهد النواب بالالتزام بحكم دستوري. ومن الناحية السياسية تكون الثورة قد بدأت في 17 يونيوسنة 1789.

وبعد ذلك بيومين اجتمع ممثلوالإكليروس بشكل منفصل وصوتوا لصالح الانضمام لطبقة العوام (الطبقة الثالثة)، وكان عدد الأصوات الموافقة 149، لقاء 137 اعترضوا وألقى الإكليروس الأدنى درجة بثقلهم لصالح طبقة العوام وفزع ذووالرتب الكنسية العليا من الإكليروس من هذا الانشقاق فانضموا للنبلاء ولجأوا إلى الملك لمنع اتحاد الطبقات معا حتى لواقتضى الأمر حل مجلس طبقات الأمة وصرفه، فأمر الملك في مساء يوم 19 يونيوبإغلاق صالة المسرات البريئة (مينوبلازير Hotel des Menus Plaisirs) لإعدادها لجلوس ممثلي الطبقات الثلاث في الدورة الملكية التي ستعقد في 22 يونيو. وعندما ظهر نواب الطبقة الثالثة في اليوم العشرين وجدوا الأبواب موصدة فاعتقدوا حتى الملك يريد صرفهم فتجمعوا في ملعب تنس مجاور Salle du Jeu de Paume واقترح مونييهMounier على النواب وعددهم 577 المتجمعين حتى يقسم جميع واحد منهم ألا ينفصل عن المجموع وأن يقابل الظروف مهما كانت حتى يتم وضع الدستور بشكل نهائي" وبالعمل أقسموا جميعا ما عدا واحدا، وقد سجل الفنان جاك لوي دافيد Jacques-Louis David هذا المشهد التاريخي في واحدة من أبرز اللوحات الفنية الكبرى في هذا العصر. ومنذ ذلك الوقت أصبحت الجمعية الوطنية هي أيضا الجمعية التأسيسية التي تتولى صياغة الدستور.

وتم افتتاح الدورة الملكية في 23 يونيوأي بعد الميعاد المقرر لها بيوم، وتلي خطاب للملك في حضورة، وكان الخطاب يعكس اقتناعه أنه بغير حماية النبلاء والكنسية ستتضاءل أهميته السياسية، ورفض في خطابه هذا دعوى الطبقة الثالثة بأنها هي الأمة، باعتبار ذلك أمراً غير قانوني. ووافق الملك في خطابه هذا على إلغاء السخرة، وإبطال إصدار المراسيم الملكية القاضية بالسجن من غير محاكمة وإلغاء رسوم الانتنطق داخل فرنسا وكل ما يترتب على نظام القنانة (عبودية الأرض) لكنه أكد على اعتراضه عل جميع ما يفسد "الحقوق الدستورية القديمة، ... فيما يتعلق بالملكية أوالمزايا الشرفية لطبقتي النبلاء والإكليروس" ووعد بالمساواة في الضرائب في حالة موافقة هاتين الطبقتين. كما نطق إذا جميع ما يتعلق بالدين أوالكنسية لا بد حتى يتم بموافقة الإكليروس، وأنهى خطابه بإعادة تأكيده على النظام الملكي المطلق:

"وإذا شاءت الأقدار حتى تخليتم عني في هذا المشروع العظيم، فإنني وحدي سأعمل على رفاهية شعبي، وأنا وحدي الذي يجب حتى ينظر في أمر ممثليه الحقيقيين.. اعتبروا أيها السادة ولتفهموا حتى أيا من مشروعاتكم وخططكم لنقد يكون له قوة القانون بغير موافقتي.. إنني آمركم أيها السادة حتى تنفضوا فورا، وأن تجتمعوا غدا جميع واحد منكم في الصالة المخصصة لطبقته"(11).

وغادر الملك ومعظم النبلاء وعدد قليل من الإكليروس صالة الاجتماع، وأعرب المركيز دي بريزى de Breze عن رغبة الملك في إخلاء الصالة. وأجاب باييه Bailly - رئيس الجمعية - بأن الأمة المجتمعة لا يمكنها حتى تقبل مثل هذا الترتيب، ودوى صوت ميرابوكالرعد معلنا لدى بريزى de Breze : "امضى وقل لمن أوفدوك إننا هنا بإرادة الشعب ولن نغادر إلا إذا أجبرتمونا على ذلك بالقوة المسلحة"(12). ولم يكن ما نطقه سليما فقد أتوا إلى هنا بناء على دعوة الملك ومع هذا فقد عبر المجتمعون عن هذا المعنى نفسه بالصياح قائلين "تلك إرادة الجمعية" وعندما حاول الحرس الملكي دخول القاعة سدت مجموعة من النبلاء الليبراليين - وكان من بينهم - لافاييت Lafayette - المداخل بسيوفهم المشهرة، وعندما سئل الملك عما يجب عمله أجاب بضجر "دعوهم يبقون".

وفي 25 يناير انضم دوق أورليان Duc d`orleans مع سبعة وأربعين نبيلا للجمعية الوطنية فاستقبلهم أعضاؤها بعاصفة من الفرح وتردد صدى صياحهم المتحمس في أراتى القصر الملكي Palais - Royal وحوله، وتآخى الحرس الفرنسي مع الحشود الثائرة، وفي اليوم نفسه شهدت العاصمة ثورتها السلمية فقد التقى الرجال الذين كان قد تم اختيارهم(وكان عددهم 407) من أقسام باريس لاختيار مندوبي باريس في دار البلدية Hotel de Ville وقاموا بتعيين مجلس بلدي جديد، ولما رأى المجلس الذي عينه الملك أنه لا يجد دعما عسكريا يؤازره تخلى - سلميا - عن دار البلدية.

وفي 27 يونيواستسلم الملك لحكم الظروف وتوجهات نيكر Necker وأمر طبقتي النبلاء والإكليروس بالانضمام إلى الجمعية الوطنية الظافرة، وبالعمل مضى النبلاء إليها لكنهم رفضوا المشاركة في التصويت ومن ثم عاد كثيرون منهم إلى ضياعهم.

وفي أول يوليواستدعى لويس عشرة أفواج - معظمهم من الألمان والسويسريين - لمساعدته، وفي العاشر من يوليواحتلت قوات قوامها ستة آلاف جندي بقيادة المارشال دى برولي Marechal de Broglie فرساي، واتخذ عشرة آلاف جندي بقيادة البارون دى بيسينفال Baron de Besenval مواقع حول باريس. وفي أجواء ملأها الهياج والرعب شرعت الجمعية في اعتبار التقرير الذي تجاوز تقديمه فيتسعة يوليوبمثابة دستور جديد. وتوسل ميرابوإلى الأعضاء حتى يحتفظوا بالملك كدرع ضد الفوضى الاجتماعية وحكم الغوغاء، ووصف لويس السادس عشر بأنه رجل طيب القلب ذونوايا حسنه لكن مستشاريه قصيري النظر يضللونه ونطق لهم وكأنه يتنبأ:

"أَدَرَسَ هؤلاء الناس في تاريخ أي شعب كيف من الممكن أن تبدأ الثورات، وكيف يجري تطبيقها،يا ترى؟ ألم يلاحظوا كيف من الممكن أن حتى سلسلة من الظروف التي يفرضها القدر تبعد أحكم الرجال عن حدود الاعتدال، وكيف حتى الشعب الساخط تدفعه الأحداث المرعبة لتورده موارد الإسفاف؟"(13).

وانصاع أعضاء الجمعية لنصيحته لأنهم شعروا أيضا بتطور الأحداث السريع في شوارع باريس. لكن الملك لويس بدلا من حتى يكافىء الطبقة الثالثة بتنازلات جوهرية لتهدئتها، فإنه أثار غضب الراديكاليين والليبراليين بطرده نكير Necker للمرة الثانية (في 11 يوليو) ليضع في منصبه صديق الملكة العنيد المتشدد البارون ده برتوي (Baron de Breteuil) وفي 12 يوليوجعل المقاتل دي برولي de Broglie وزيرا للحرب، وتأزمت الأمور وحان وقت الجد.


الهامش

المراجع

  • ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)
  • نطقب:Mignet

وصلات خارجية

  • http://www.assemblee-nationale.fr/english/8am.asp History of the National Assembly
  • http://www.saylor.org/site/wp-content/uploads/2011/05/National-Assembly-French-Revolution.pdf National Assembly (French Revolution)
تاريخ النشر: 2020-06-04 12:25:00
التصنيفات: Articles containing non-English-language text, Pages with citations using unsupported parameters, أحداث 1789 في الثورة الفرنسية

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

تقرير يدق ناقوس الخطر.. المغرب مهدد بعجز مائي كبير

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-17 00:15:38
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 43%

حاليا بالمغرب.. 774 مصابا بكورونا بينهم 8 حالات خطيرة

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-17 00:15:32
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 36%

هل تسير العلاقات بين المغرب وفرنسا نحو الانفراج؟

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-17 00:15:36
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 45%

أمن مراكش يضع حدا لنشاط “بزناس” معروف

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-17 00:15:35
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 46%

إيفانكا ترامب تعلن عدم الانخراط في حملة والدها الرئاسية

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-17 00:15:28
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 36%

مصرع عاملة نظافة بالمستشفى الجامعي بطنجة

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-17 00:15:40
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 46%

عطب معلوماتي يتسبب في توقف المعاملات بالبطاقات البنكية بالمغرب

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-17 00:15:27
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 37%

تحميل تطبيق المنصة العربية