محمد بن يحيى الصولي
محمد بن يحيى الصولي (ت. 335 هـ/946م) هوأبوبكر، محمد بن يحيى بن عبد الله بن محمد بن صول، المحرر المعروف بالصولي، كان جده ابن صول الهجري أحد نادىة بني العباس، فهوذونسب، وأهله كانوا ملوك جرجان.
ولد أبوبكر ببغداد ونشأ فيها، وأخذ عن ثعلب والمبرِّد وأبي داود والسجستاني وأبي العيناء. وروى عنه أبوعبد الله المرزباني المحرر الأخباري وغيره. وكان أخبارياً أديباً، ونديماً للخلفاء، متمكناً عندهم، نادم المكتفي ثم الراضي ثم المقتدر. وكان واحد عصره في لعب الشطرنج، عالماً بفنون الآداب، حسن الفهم بأخبار الملوك والخلفاء، حاذقاً بتصنيف الخط، إذ كان له خزانة أفردها لما جُمع من الخط المتنوعة ورتبها فيها أجمل ترتيب، وكان يقول لأصحابه: جميع ما في هذه الخزانة سَماعيٌّ، فنطق فيه أبوسعيد العقيلي:
- إنما الصُّوليُّ شيـخٌ أعلـمُ الناس خزانه
- إن سـألناه بعلـم نبتغي عنه الإبانـه
- نطق ياغلمان هاتوا رِزمَةَ الفهمِ فلانـه
لأبي بكر خط في أخبار الشعراء كابن هَرْمة وأبي تمام وأبي عمروبن العلاء وإسحق الموصلي والسيد الحميري، وفي أخبار القرامطة، وأدب المحرر، وكتاب الأنواع، والعبادلة، والضُرر، والورقة، والوزراء وغيرها. وكان قد خرج من بغداد لضيقٍ لحقه فنزل البصرة وفيها توفي.
وصفه القفطي بأنه المتفنن في الآداب وفهم الأخبار وأيام الخلفاء ومآثر الأشراف وطبقات الشعراء، وأنه أخباري، تعرض لجمع دواوين شرح فيها أشعارها، وذكر الغريب والإعراب في بعض أماكنها فصار بهذا من جملة أئمة الأدب والنحوواللغة. أما أبرز الشعراء الذين جمع أشعارهم فهم: أبونواس وأبوتمام وابن الرومي والبحتري والعباس بن الأحنف وعلي ابن الجهم وابن طباطبا العلوي وإبراهيم بن العباس الصولي وابن عينية وابن شراعة والصنوبري ودعبل الخزاعي وابن المعتز العباسي وخالد بن يزيد المحرر ومسلم بن الوليد وأبوالشِّيص وغيرهم.
وكان الصولي واسع الثقافة، غزير الفهم والمعارف، يتمتع بعقلية نقدية حصينة، نصيراً لشعر المحدثين، فقد عاش في القرنين الثالث والرابع، وأرخ لشعر هذا العصر المزدهر، وكان له شعر في المدح والغزل، وغيرذلك، فمن شعره قوله:
- وإذا دَنَتْ سبعون من متأمِّـلٍ أغْضَى فلم يَرَ في اللَّذاذة مركضا
- وجفاه نومٌ كـان يألف جَفْنَه قِدْماً، وأضحى للحتوف مُعرَّضا
أما أبرز خطه المطبوعة ذات الطبيعة النقدية فهي: «الأوراق»: جمع فيه أخبار آل العباس وأشعارهم، طبع منه قسم أشعار أولاد الخلفاء في القاهرة (1924م).
و«أخبار أبي تمام»: ألفه بعد سنة 333هـ وكان رداً على النقاد الذين حاولوا حتى أن يغمطوا أبا تمام حسناته، وصدّره برسالة يشكوفيها تسوّر مثقفي عصره على مالا يحسنون بأدنى طلب وأقل حظ من الثقافة، ومجمل رأيه حتى النقد لاقد يكون بإبراز العيوب والتشهير بالشاعر من أجلها، وإغفال ما له من حسنات كثيرة، ونادى إلى ضرورة الفصل بين الدين والأخلاق والشعر. وقد اتهم بالتعصب لأبي تمام وممضىه الفني، طبع هذا الكتاب محققاً في القاهرة (1356هـ).
و«أدب المحرر»، وسمي أدب الكتّاب، وهوكتاب تعليمي يهدف إلى إتقان صنعة الكتابة بالتدقيق في اختيار الألفاظ مع مراعاة سهولة الأسلوب وصحة العبارة.
و«أخبار البحتري»: وهوكتاب متمم لأخبار أبي تمام، وفيه يفضل أبا تمام ويؤخر البحتري بوصفه تلميذ الأول، ويورد بعض أخطائه ومساوئه. والكتاب مقدمة لديوان البحتري الذي جمعه الصولي، وفيه ترجمة للشاعر وأضواء على حياته وعلاقاته بالخلفاء وأعلام عصره وفهمائه. نشره صالح الأشتر، في مجلة المجمع الفهمي العربي بدمشق (1958م).
أحمد دهمان
للاستزادة
- القفطي، إنباه الرواة على أنباه النحاة، تحقيق محمد أبوالفضل إبراهيم (الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1981).
- ياقوت الحموي، معجم الأدباء (دار إحياء التراث العربي، بيروت).
- محمد مندور، النقد المنهجي عند العرب.
