النادىرة في روما القديمة
ممارسة النادىرة في روما القديمة تعكس المواقف المتناقضة للرومان تجاه السعادة والجنسانية. وكانت النادىرة قانونية ومرخصة. وكان هناك بيوت للنادىرة في القرن الرابع، عندما أصبحت روما كاثوليكية رسمياً، ويبدوأنها كانت من المعالم السياحية ومن المحتمل أنها كانت ملكاً للدولة. حتى الرجال الرومان من الطبقات الاجتماعية الرفيعة كانوا يتمتعون بحرية الارتباط بالعاهرات من كلا الجنسين دون التعرض لأي رفض أخلاقي، طالماً تظاهروا بضبط النفس والاعتدال في تنظيم والتمتع بالجنس.
الداعرات
كانت النساء الطائشات أوالفاسدات يؤلفن وقتئذ كما يؤلفن الآن أقلية ظاهرة تقع عليها العين في جميع مكان. وكان ثمة عدد يماثلهن- وإن لم يكن على الدوام ظاهرات مثلهن- من النساء اللائي يعشقن الفن أوالدين أوالأدب. فقد كان الرومان يرون حتى شعر سابيشيا جدير بأن يتناقله الناس كشعر تيبلس سواء بسواء. وكان شعرها غرامياً متطرفاً في الغرام، ولكنه كان موجهاً إلى زوجها ولهذا لا تكاد ترى فيه ما يبعده عن الفضيلة. وكانت ثيوفيلا صديقة مارتيال فيلسوفة، متمكنة من مبادئ الرواقيين والأبيقوريين، وكانت بعض النساء يشغلن وقتهن في الأعمال الخيرية والخدمات الاجتماعية، ومنهن من أنشأن في مدنهن المعابد، ودور التمثيل، والأروقة ذات العمد، وكن يناصرن جماعات الكهنة. وفي نقش عند لنورفيوم حديت "عن جمعية النساء" (Curia Mulierum). وكان في رومة ناد للسيدات، ولا يبعد حتى إيطاليا كان بها اتحاد أهلي لنوادي النساء. ومهما يكن من أمر هذه النوادي والمجتمعات فإننا بعد حتى نقرأ ما خطه عنها مارتيال وجوفنال لا نكاد نصدق أنه كان في رومة هذا العدد الكبير من فضليات النساء. كان فيها أكتافيا التي ظلت وفيه لأنطونيوس رغم خياناته الكثيرة لها، تربى أبناءه من زوجات أخرى؛ وكان فيها أنطونيا ابنتها المحبوبة وأرملة دروسس الطاهرة وأم جرمانكوس الكاملة؛ وملونيا التي أنبت تيبيريوس على ملأ من الناس لكثرة آلامه ثم قتلت نفسها، وأريابيتا التي طعنت صدرها بالخنجر حين تلقى زوجها كاسينا بيتس أمر كلوديوس بأن يقتل نفسه ثم أسلمت هذا الخنجر وهي تحتضر إلى زوجها وهي تؤكد له "أنه لا يؤلم"، وبولينا التي حاولت حتى تموت مع سنكا؛ وبولتا التي حاولت حتى تموت جوعاً حين أمر نيرون بقتل زوجها، ثم انتحرت مع أبيها، لما حتى صدر أمر نيرون بقتله. وإبكارس المعتوقة التي تحملت جميع أنواع العذاب ولم تكشف عن مؤامرة بيزوPiso. وإن تنس لا تنس النساء الكثيرات اللاتي أخفين أزقابلن وحمينهن في عهد القتل والتعذيب والتشريد، واللاتي رافقنهم في المنفى، أودافعن عنهم كما دافعت فانيا عن زوجا هلفديوس ، وعرضن أنفسهن لأشد الأخطار" إذا هؤلاء وحدهن إذا وزن في ميزان مع العاهرات اللاتي ورد ذكرهن في نكات مارتيال وقوارص جوفنال ليرجحن عليهن بلا ريب.
وكان من وراء هؤلاء النسوة اللاتي اشتهرن ببطولتهن كثيرات من النساء المغمورات اللائي لم يذكر التاريخ أمرهن واللائي كان وفاؤهن لأزقابلن وتضحياتهن في سبيل أبنائهن النادىمة القوية التي أبقت على صرح الحياة الرومانية. لقد ظلت الفضائل الرومانية القديمة- فضائل التقي والوقار والبساطة- والإخلاص المتبادل بين الأبناء والآباء، والشعور بالتبعة الصادرة عن تعقل ورزانة، والابتعاد عن الإسراف والتظاهر الكاذب، ظلت هذه الفضائل كلها باقية في البيوت الرومانية. إذا الأسر المهذبة الرقيقة السليمة التي يصفها بلني في رسائله لم تبدأ فجأة في عهد نيرفا وتراجان، بل كانت باقية هادئة في أيام الطغاة المستبدين، حافظت على كيانها رغم تجسس الأباطرة، وتسفل الشعب المهين الذليل، وانحطاط الفسقة والأراذل والمومسات. وإنا لنلمح ومضات من ضياء هذه البيوت في القبريات التي يخطها الأزواج لأزقابلم والأدباء لأبنائهم. وهاك واحدة منها: "هنا تثوي عظام أربليا زوجة بريمس. لقد كانت أعز عليّ من حياتي نفسها، لقد قضت نحبها في الثالثة والعشرين من عمرها محبوبة من الجميع. وداعاً يا سلوتي!" واتى في قبرية أخرى: "إلى زوجتي العزيزة التي عشت معها ثمانية عشر عاماً سعيدة. ولقد لأقسمت من فرط حبي لها ألاّ أتزوج قط غيرها". وفي وسعنا حتى نتصور أولئك النساء في بيوتهن-يغزلن الصوف، يعذرن أبناءهن ويفهمنهم، ويرشدن الخدم إلى واجباتهم، ويحسن القيام على مصروفهن القليل، ويشهجرن مع أزقابلن في عبادة آلهة البيت التي اعتدن حتى يعبدنها من أقدم الأزمان. ولقد كانت رومة رغم ما فيها من فساد، لا بلاد اليونان، هي التي حملت شأن الأسرة وسمت بها في مدارج الرقي الجديدة في العالم القديم.
الملابس والمظهر
النادىرة القسرية
التنظيم
كانت الحياة الخلقية خاضعة للرقابة الشديدة عند البنات وللإشراف مع الرفق عند الشبان. وكان الرومان، كما كان اليونان، يتقاضون عن اتصال الرجال بالعاهرات. وكانت هذه المهنة ينظمها القانون ويخضعها لإشرافه، فكان يحتم ألا توجد المواخير إلا في خارج المدن، وألاّ تفتح إلا ليلاً، وكان يناط بالإيديل تسجيل أسماء العاهرات، ويحتم عليهن حتى يلبسن الطوغة بدل الاستولا. وكان بعض النساء يسجلن أسماءهن في سجل العاهرات ليتخلصن من ضروب العقاب التي يفرضها القانون على الزانيات. وكانت الأجور تحدد بحيث لا ترهق أي طبقة من الطبقات. فقد وصلت إلينا أنباء عن "نساء يؤجرن بربع آس". ثم نشأت طائفة مطردة الزيادة من السراري المثقفات اللائي يسعين لكسب الأنصار بإنشاد الشعر، والغناء، والموسيقى، والرقص، والحديث المثقف. ولم يكن الإنسان في حاجة إلى الخروج من أسوار المدينة للبحث عن هاته النسوة أوعن غيرهن من السيدات الطيعات؛ ويؤكد لنا أوفد لنا حتى من السهل حتى يلقاهن تحت الأروقة ذات العمد، وفي حلبات المصارعة، وفي دور التمثيل، وأنهن "لم يكن أقل عدداً من نجوم السماء". وقد التقى جوفنال بهن بجوار المعابد وخاصة معبد إيزيس الآلهة الرؤوفة بالعاشقين. ويتهم المؤرخون المسيحيون الرومان بأن النادىرة كانت تمارس داخل الهياكل الرومانية وبين مذابحها.
بيوت النادىرة
علاقات أخرى
وكان في البلاد أيضاً رجال مخنثون. وكان اللواط محرماً بحكم القانون ولكنه كان مباحاً بحكم العادة، واسع الانتشار لا يرى فيه مسبة ولا عار. انظر إلى قول هوراس: "لقد أصاب قلبي سهم الحب"، فهل يعهد القارئ من الذي رمى الشاعر بهذا السهم،يا ترى؟ إنه "ليسيكوس الذي لا تضارعه أية امرأة في رقته"؛ ولا شيء يشفي الشاعر من هذه العاطفة القوية "إلا شعلة أخرى من نار الحب تشعلها بين جوانحه فتاة جميلة أويشعلها فتى آخر نحيل". وتدور خير نكات مارتيال الشعرية حول اللواط. ومن قصائد جوفنال في الهجوقصيدة لا يليق نشرها تردد شكوى إحدى النساء من هذه المنافسة المرذولة منافسة الغلمان للنساء. وكان الغزل الشعري في الذكور والإناث على اختلاف قيمته واسع الانتشار بين الشباب والفتيان الذين لم تنضج أجسامهم بعد.
النادىرة والدين
المصادر
- ^ Catharine Edwards, "Unspeakable Professions: Public Performance and Prostitution in Ancient Rome," in Roman Sexualities (Princeton University Press, 1997), pp. 67, 83.
- ^ Thomas A. McGinn, The Economy of Prostitution in the Roman World (University of Michigan Press, 2004), pp. 167–168.
- ^ Matthew Dillon and Lynda Garland, Ancient Rome: From the Early Republic to the Assassination of Julius Caesar (Routledge, 2005), p. 382.
-
^ ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter
|coauthors=
ignored (|author=
suggested) (help) - ^ Ovid, Fasti 4, as discussed by T.P. Wiseman, The Myths of Rome (University of Exeter Press, 2004), pp. 1–11.
انظر أيضاً
- الجنسانية في روما القديمة
- تاريخ النادىرة
- النادىرة في اليونان القديمة