سوريا العثمانية

عودة للموسوعة

سوريا العثمانية

سوريا العثمانية

1516–1918
الفهم
أراضي سوريا العثمانية حوالي عام 1900
المكانة أراضي تابعة للدولة العثمانية
العاصمة حلب
اللغات الشائعة هجرية عثمانية، لهجة سورية، فارسية
التاريخ  
• معركة مرج دابق
24 أغسطس 1516
• تمرد في إيالة دمشق
1633
• حملات محمد علي باشا
1831
• الوضع الخاص لجبل لبنان
1861
• الاحتلال البريطاني، الاحتلال الفرنسي
1918
Preceded by
Succeeded by
سلطنة المماليك
المملكة العربية السورية
الانتداب البريطاني على فلسطين
محافظة هاتاي
Today part of  العراق
 إسرائيل
 الأردن
 لبنان
 السلطة الوطنية الفلسطينية
قطاع غزة
 سوريا
 هجريا

سوريا العثمانية أوسوريا في العهد العثماني تشير إلى سوريا تحت حكم الدولة العثمانية، وقد دامت هذه الفترة سحابة أربعة قرون منذ حتى سحق السلطان سليم الأول جيش المماليك في معركة مرج دابق شمال حلب يوم 24 أغسطس 1516، ومنها ملك مدن البلاد سلمًا وعلى رأسها دمشق في 26 سبتمبر 1516، وحتى انسحاب العثمانيين منها في أعقاب الثورة العربية الكبرى والحرب العالمية الأولى في أكتوبر 1918. في بداية عهدهم، أبقى العثمانيون بلاد الشام ضمن تقسيم إداري واحد، وحتى مع تتالي تعقيد التقسيم الإداري ظلّت الإيالات والولايات تضم مناطق جغرافيّة هي اليوم بمعظمها تتبع مختلف دول بلاد الشام، أي سوريا ولبنان وفلسطين والأردن، إضافة إلى قسم ضمته هجريا على دفعتين. لذلك فإن الحديث عن سوريا العثمانية يضم في عديد من المفاصل جميع دول الشام الحاليّة.

عهدت البلاد خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر ازدهارًا اقتصاديًا وسكانيًا، وساهم في ذلك كون قوافل الحج تجتمع في دمشق لتنطلق إلى الحجاز، وأغلب قوافل التجارة البرية نحوالخليج العربي والعراق تمر من حلب. استمر الوضع الاقتصادي خلال عهد ولاة آل العظم في القرن الثامن عشر جيدًا، لكن عهد الفوضى والحروب الأهلية بين الولاة ساد في ذلك الحين، فضلاً عن النزعات الاستقلالية أمثال ظاهر العمر وأحمد باشا الجزار وفخر الدين المعني الثاني، إلى جانب إرهاق الشعب بالضرائب وهجمات البدووانعدام الأمن وجور بعض الإقطاع المحليّ. في عام 1831 دخلت البلاد في حكم محمد علي باشا. كان حكمه فيها حكمًا إصلاحيًا من نواحي الإدارة والاقتصاد والتعليم، إلا حتى سياسة التجنيد الإجباري التي انتهجها أدت إلى تململ السوريين من حكمه، وقيام ثورات شعبية متتالية ضده بين عامي 1833 و1837، وقد استطاع السلطان عبد المجيد الأول بدعم عسكري من روسيا القيصرية وبريطانيا والنمسا استعادة بلاد الشام في عام 1840.

خلال الفترة الأخيرة من الحكم العثماني منذ 1840 وحتى 1918 ازدهرت البلاد ونمت طاقاتها الاقتصادية بسرعة وعهدت ازدهارًا ثقافيًا وسياسيًا كبيرًا شكل جناح النهضة العربية الأول في حين شكلت مصر الجناح الثاني. في اللقاء، مع سياسة التتريك التي انتهجتها حكومة الاتحاد والترقي وبروز القومية العربية أخذت المطالبة بالإصلاح تتنامى، وعندما فشل إصلاح الدولة أعرب العرب الثورة في يونيو1916 بدعم من الحلفاء وتمكن الجيش الذي يقوده فيصل بن الحسين من دخول دمشق أواخر سبتمبر 1918. بعد انسحاب العثمانيين، قامت في سوريا العثمانية المملكة السورية العربية تحت حكم الأمير فيصل بن الحسين، ولكنها لم تعمر طويلاً وانتهت في معركة ميسلون لتقسم بلاد الشام بعدها وتوضع تحت الانتداب الفرنسي والانتداب البريطاني. ورغم زوال الحكم العثماني، لا تزال آثاره المعمارية قائمة في المدن الكبرى خاصة ممثلة بالقصور والحمامات والمساجد والخانات والأسواق، كما حتى عددًا من العادات والمفردات اللغوية والمأكولات الهجرية أصبحت جزءًا من تراث وثقافة شعوب بلاد الشام.

التاريخ


القرن السادس عشر

دخول البلاد في الدولة

فخر الدين المعني الأول في حضرة السلطان سليم، دمشق 1516.
حي الصالحية كما يظهر اليوم، وكان السلطان سليم قد أمر بترميمه.
التكية السليمانية والتي بنيت بين عامي 1554 و1558 بأمر من السلطان سليمان ودُعيت باسمه.

في 24 آب / أغسطس 1516 نشبت معركة مرج دابق بين الجيش العثماني بقيادة السلطان سليم الأول والجيش المملوكي بقيادة قانصوه الغوري، وخلال المعركة انسحب عدد من الأمراء المحليين والولاة المماليك من الجيش والتحقوا بالعثمانيين وكان منهم جان بردي الغزالي نائب دمشق وجمال الدين اليمن شيخ تنوخ والأمير منصور الشهابي أمير الشهابيين في حوران وحاصبيا وفخر الدين أمير الشوف وعساف الهجرماني أمير كسروان، وقد بدأت عملية الانسحاب عندما مالت الكفة لصالح العثمانيين.

بعد النصر العثماني، اتجه السلطان وجيشه والأمراء الذين والوه إلى حلب حيث استقبله أهلها سلمًا في 28 أغسطس 1516، وتجمعوا في الميدان الأزرق حيث قام محافظوالقلعة بتسليم مفاتيحها إليه. وأدى السلطان صلاة الجمعة في الجامع الكبير حيث ذكره خطيب الجامع بلقب "خادم الحرمين الشريفين"، واستولى فيها على خزائن قانصوه الغوري وكانت تضم مبالغ كبيرة من المال وسائر نفيس البتر، كما خرج الخليفة المتوكل وقاضي القضاة الثلاثة واستقبلهم السلطان سليم فأجلس الخليفة إلى جانبه ولكنه اتخذ اجراءات احترازية لمنعه من الهرب..
كما عيّن أحد قادته وهوجه أحمد باشا واليًا عليها، وبهذا تصبح حلب أول ولاية عربية عثمانية، كما عيّن كمال جلبي قاضيا فيها.

بعد حتى أقام السلطان سليم في حلب عدة أيام، انطلق نحودمشق عبر طريق تدمر، فوصل حماة حيث قام واليها بتسليم مفاتيح القلعة إلى رجاله، وعهد سليم إدارتها إلى كوزلجه قاسم باشا، ثم تقدم الجيش نحوحمص حيث دخلها دون مقاومة، واتخذ من المدينة مركز سنجق وعهد إدارتها إلى هتمان أوغلي، كما وضع سليم قوات كافية في جميع من حماة وحمص لحمايتهما، وصل السلطان غوطة دمشق في 27 سبتمبر وأقام مضاربه في المسقط المسمى "مصطبة السلطان" وأقام فيها اثني عشر يومًا، ثم ولج دمشق حيث هبط القصر الأبلق. وكان المماليك عينوا الأمير العربي ناصر الدين واليًا على المدينة، إلا حتى خاير بك أقنعه بالاستسلام للعثمانيين فعمل، وقام الأهالي مع الأمراء باستقبال السلطان سليم، فثبت الأمراء على إقطاعاتهم الموروثة؛ وقد نقل حتى السلطان أحب ببلاغة فخر الدين وعينه متقدمًا على جميع أمراء سوريا المحليين وكلفه بحل الخلافات الناشئة بين أمرائها. وباستثناء معركة مرج دابق، فُتحت جميع مدن الشام سلمًا ودون أي مقاومة إلا في الرملة وغزة، وتوافد أعيان العرب وشيوخها وأمرائها من حمص وحماة وطرابلس وصفد ونابلس والقدس وحوران حاملين مواد تموينية وتسابقوا في خطب ود السلطان.

وفي الجامع الأموي خوطب السلطان سليم للمرة الأولى بلقب "خادم الحرمين الشريفين" حسب بضعة روايات، وهولقب كان حكرًا للخليفة العباسي الذي يملك ولا يحكم في القاهرة، وكان تاريخ دخول السلطان دمشق في 26 سبتمبر 1516.

لاحق السلطان سليم فلول المماليك في مصر وكسرهم في معركة الريدانية سنة 1517 مستوليًا بذلك على مصر ثم عاد إلى دمشق وأقام فيها نحوثلاثة أشهر قضاها في الترتيبات الإدارية، فجعل من حلب عاصمة ولاية تضم بلاد الشام، وثبّت وعيّن حكامًا جددًا واحتفظ لنفسه بغلال وعوائد وادي العاصي وسهل البقاع نظرًا لكونها من أخصب أراضي البلاد، وقام بإعادة تنظيم الضرائب وأعرب الممضى الحنفي ممضىًا رسميًا للبلاد، كما أمر بترميم الجامع الأموي وحي الصالحية.


ما بعد سليم الأول

في سنة 1520 وإثر وفاة السلطان سليم الأول، أعرب جان بردي الغزالي نائب دمشق الثورة على العثمانيين باسم "الملك الأشرف" من الجامع الأموي في دمشق منتهزًا شغور الحكم في إسطنبول، وأمر بضرب النقود باسمه وتحالف مع خاير بك والي مصر، وربّما يعود سبب تعاطف الدمشقيين مع الغزالي إلى نقل مركز البلاد إلى حلب. تعاطفت عدة مدن سوريّة مع ثورة دمشق ودخلت في طاعة الغزالي جميع من حمص وحماة وطرابلس ولكن حلب لم تؤيد الغزالي، وأوفد السلطان الجديد سليمان القانوني جيشًا بقيادة واليها فرهاد باشا - أوفرحات باشا - لقمع الغزالي ومحاربته، وهوما تمّ لجيش الباشا إثر معركة قابون في 27 يناير 1521 والتي اغتال فيها الغزالي. يقول المؤرخ والمدرس في جامعة هارفرد فيليب حتي حتى ما حلّ بدمشق بعد تمرد الغزالي على يد جيش سليمان أقسى مما عمله تيمورلنك، فقد أبيد ثلث المدينة وغوطتها إبادة كاملة، وسرح كبار موظفي الدولة من أبناء البلد وعيّن أتراك بدلاً منهم. على حتى اهتمام العثمانيين بدمشق لم يتوقف، فقد أمر السلطان سليمان القانوني سنة 1554 ببناء التكية السليمانية، ويعتبر تشييدها من الشواهد المبكرة على أعمال العثمانيين العمرانية في البلاد، وكانت وظيفتها الأساسية إعالة فقراء القوم ومحتاجيهم فضلاً عن كونها مسجدًا ومدفنًا ومدرسة، وازدهر بقربها سوق شهير. كذلك فقد نالت سوريا خلال ولاية لالا مصطفى باشا مزيدًا من النمومع بناء سوق السنانية، وفي سنة 1526 قام العثمانيون بأول مسح للأراضي والسكان ولضرائب ولايتي سوريا حاليًا في دمشق وحلب، كما حتى الوثائق العثمانية تبرز بوضوح الاستقرار في الريف والازدهار في المدن خلال السنوات الخمسين الأولى للحكم العثماني، إذ نمَت القرى وتوسعت المدن بعد حتى كادت تندثر إثر سقوط الحكم المملوكي. إلى غير ذلك أخذت تظهر الآن قرى جديدة وأخذت القرى القديمة تنتعش وتتطور، مما أدى إلى زيادة كبيرة لعدد السكان في العقود الأولى، ففي سنجق دمشق على سبيل المثال، استنادًا للسجلات العثمانية زاد عدد القرى من 844 قرية سنة 1521 إلى 1129 قرية في سنة 1569. وفي سنة 1571 شُرع ببناء مسجد درويش باشا في الشارع المستقيم ثم مسجد سنان باشا سنة 1588 ويذكر حتى حي الميدان كان قلب المدينة آنذاك. مع نهاية القرن السادس عشر كان عدد سكان المدينة حوالي 57,000 نسمة وبلغ العدد خلال القرن السابع عشر حوالي 80,000 نسمة. في الوقت ذاته كان عدد سكان حلب قرابة 50,000 نسمة ومع ذلك فإن مسقط المدينة الرابط لطرق التجارة البرية مع الخليج العربي والهند من ناحية، وكونها حلقة الوصل بين الأناضول والآستانة من جهة ومصر والحجاز وبلاد الشام من جهة ثانية أكسبها أهمية تفوقت خلالها على دمشق. أما سائر المدن السوريّة كحمص واللاذقية فلم تكن أكثر من بلدات كبيرة لا أهمية سياسية لها. كانت تجارة سوريا عمومًا تتم عن طريق مينائي طرابلس وبيروت، وباستثناء مرافئ الصيادين فقد خلت بقية مدن الساحل السوري مثل اللاذقية وطرطوس وجبلة وبانياس من أية مرافئ للسفن. شهد القرن السادس عشر تطورات إدارية فاستحدثت إيالة دمشق وعاصمتها دمشق وإيالة طرابلس الشام، وأسقطت عن كلا الإيالتين الضرائب السنويّة لقاء قيام إيالة سوريا ومقرها دمشق بخدمة قوافل الحجيج السنويّة وقيام إيالة طرابلس بتأمين الطعام والشراب للحجيج، وألزمت الإيالتان بضرائب الولاة والإقطاعيين فقط دون ضرائب الباب العالي.

القرن السابع عشر

المناطق والمدن الشاميّة التي خضعت لفخر الدين الثاني.
قلعة فخر الدين، المعروفة بقلعة ابن معن، في تدمر التي دخلها سنة 1630، موسعًا إمارته إلى أقصى ما وصلت إليه.

شهدت هذه الفترة تصاعد نفوذ الأمراء والعمال المحليين. كان فخر الدين المعني الثاني قد غدا أمير الشوف سنة 1590 واستطاع توسيع حدود إمارته باسطًا سيطرته على الأراضي الممتدة من المتن الشمالي التابع لولاية دمشق، وحتى عكا وجبل الكرمل بما فيها بيروت وصيدا أما شرقًا فوصل حتى تدمر بما فيها مدن كحمص؛ أسس فخر الدين جيشًا نظاميًا قويًا وبنى الحصون وشيّد القلاع واعتنى بالتجارة والزراعة وتربية دود القز وصناعة الحرير وأبرز معاهدة تعاون وصداقة مع أمير توسكانا في إيطاليا سنة 1608؛ اقتصرت تبعية فخر الدين العملية للدولة على دفع الأتاوة السنوية وهي أتاوة قليلة نسبيًا إذا ما قورنت بمدخوله، وقد أثار نفوذ فخر الدين المتنامي محاوف السلطان العثماني وتم تكليف حافظ باشا والي دمشق بالقضاء على فخر الدين بمعاونة من أربعة عشر باشا، حصل ذلك سنة 1613 وبنتيجة هذه الحملة غادر فخر الدين لبنان إلى منفاه الاختياري في إيطاليا، وفي العام نفسه سقطت في حوران جنوب سوريا حاليًا فتنة دامية بين اليمنية والقيسية استمرّت عامًا كاملاً على شكل مناوشات بين الجانبين، وتقاتل المعنيون وبنوسيفا في لبنان ودمرت حاصبيا ودير القمر، ولم يفلح حافظ باشا في تهدئة الأوضاع فعُزل، غير حتى خلفاءه مصطفى باشا وأحمد باشا الكجك وسواهما فشلوا في إعادة الأمان للبلاد وأدى ذلك إلى تضرر كبير للتجارة. في سنة 1618 عاد فخر الدين إلى جبل لبنان وتسلّم شؤون الإمارة المعنيّة من جديد.

خلال القرن السابع عشر أيضًا نجح العثمانيون بالقضاء على الإقطاعيات والإمارات الوراثية العربية شمال حلب، وأبترت الأراضي بدلاً من العائلات المحليّة للإنكشارية وكبار الفرسان العثمانيين المعروفين باسم سباهية، أما بقية أنحاء البلاد فقد ظلت الإقطاعيات المتخاصمة التي تستنزف مقدرات البلاد واستقرار الولايات على حالها، رغم حتى بعض المؤرخين أشاروا إلى أنّ إلغاء الإقطاعيات وإخضاعها للجيش "فيه تغليب للعنصر الهجري على العنصر العربي"، وبالتالي تعتبر هذه الفترة بداية نشوء قضية الأنطقيم السورية الشمالية. إذن فإنه مع القلاقل الأمنية في إيالة دمشق، وفقر إيالة طرابلس التي كان قسم كبير من سكانها في جبال وسهول اللاذقية وطرطوس من العلويين الفقراء والذين لم ينالوا رعاية واهتمام الدولة في ظل الاختلافات الممضىية، فإن ولاية حلب فضلاً عن أهميتها المكتسبة منذ الفتح العثماني، كانت تنعم بأفضل الأوضاع الاقتصادية والأمنية، ويقول قسطنطين بازيلي حتى معضلة التصحّر نتيجة التقلبات السياسية وإهمال الريف أخذ بالظهور والتسارع خلال تلك الفترة "آكلاً بالتدريج التربة الخصبة في الجانب الشرقي لسورية".

الأمير فخر الدين المعني الثاني الكبير، المُلقب بأمير عربستان، حكم القسم الأعظم من بلاد الشام حتى غدا أعظم ولاة الشرق العربي العثماني خلال القرن السابع عشر.

كانت قوة فخر الدين منذ عودته وبسط نفوذه على لبنان ومناطق واسعة من سوريا فضلاً عن الجليل تثير مخاوف الباب العالي حول نوايا الأمير الاستقلاليّة، رغم الأمن الذي أعاده فخر الدين وإيقافه الفتن بين اليمنية والقيسية وسواها من مكونات المجتمع السوري. في سنة 1635 أوفد السلطان والي دمشق أحمد باشا الكجك، على رأس جيش ضخم نحوجبل لبنان، وأوفد أيضًا الأسطول بقيادة القبودان جعفر باشا. هُزم الأمير فخر الدين وسيق مع ثلاثة من أولاده إلى الآستانة، ولتهدئة خاطر السكان أقرّ السلطان ابن أخ فخر الدين الصغير ملحم أميرًا للجبل، لكن الشعب لم يُسر لهذا التعيين، وسقطت على إثر هذه القلاقل اضطرابات أمنية أعدم في إثرها فخر الدين وأولاده في العاصمة يوم 13 نيسان / أبريل 1635 بتهمة "الزندقة" رغم حتى السلطان كان قد أكرم وفادة الأمير أول وصوله إلى القسطنطينية. بعد خلع فخر الدين، عادت الاضطرابات الأمنية من حديث وانهارت زراعة الجبل وتجارته وتكرر القتال بين القيسية واليمنية، وأنشئت إيالة صيدا - وقد نقل مركزها لاحقًا إلى عكا ومن ثم دمجت مع إيالة طرابلس الشام في ولاية بيروت - سنة 1660 لمراقبة جبل لبنان ومدنه الساحلية بعد حتى كان مصدر الفتن القبلية بين مختلف الإقطاعيات الوراثية الصغيرة. تكررت المعارك المسلحة في ولايتي طرابلس ودمشق بين الطرفين عامي 1664 و1667، واضطهد الشيعة والعلويون بأمر من والي طرابلس في 1680 وطبقت إجراءات تمييزية بحق المسيحيين سنة 1681 بأمر السلطان مصطفى الثاني. في عام 1697 انقرضت سلالة المعنيين بوفاة الأمير أحمد المعني دون حتى يهجر وريثًا، وفي عام 1700 برز ظاهر العمر كحاكم على صفد والجليل وتحول إليه مركز ثقل الساحة السورية في القرن الثامن عشر، تماما كما كان فخر الدين في القرن السابع عشر.

وبالنظر لوضع بادية الشام والمدن الفراتية في القرن السابع عشر، يُلاحظ حتى أغلب المدن الحالية كالبوكمال ودير الزور والميادين والرحبة لم تكن قائمة، وأن أغلبية السكان المطلقة كانت من البدووليس من سكان الحضر ريفًا أومدنًا. وكانت هذه القبائل كما يرى المؤرخ عبد القادر عياش، وهي من العرب والأكراد، مصدر إقلاق الأمن على حدود المدن العثمانية وعلى الجيوش والقوافل التجارية السالكة بين العراق والشام. لذلك سعى السلطان سليمان عام 1566 إلى توطيد الأمن باستحداث ولاية خاصة أسماها "إيالة الرقة". لم يكن هناك مدينة الرقة التي تعود للعصر السلوقي بل كانت خرابًا، لكن مسقطها المتوسط وأراضيها الخصبة نبّها العثمانيين لأهمية إعادة إعمارها سيّما بعد فتح العراق، بحيث تكون مركزًا يشرفون عن طريقها على القبائل ويؤمنون مواصلاتهم إلى العراق فضلاً عن كونها قاعدة على طريق الجيش العثماني طالما اندلعت الحرب مع الصفويين في إيران. لسوء الحظ، رغم هذه الإجراءات التي اتخذها السلاطين منذ بداية العهد العثماني بهدف فرض السيطرة على المنطقة، بقيت الحالة الأمنية مضطربة والسلطة الحقيقية في يد العشائر، وكثيرًا ما كان يتعذر على الوالي الإقامة في الرقة فكان يقيم في حلب وكثيرًا ما كانت تجمع ولاية الرقة لولاية ديار بكر أوولاية حلب بحيث يتولاهما وال واحد. في سنة 1607 ثارت الرقة على السلطان محمد الثالث على يد عبد الحليم قره يزيد جي، وعُين على إثر الثورة شرف باشا واليًا عليها وظلّ في منصبه حتى 1623 حين تسلّم بوستان باشا. وفي 1664 ثارت الرقة مجددًا وقتل الثوار واليها ابن الصدر الأعظم طيار محمد باشا. وفي سنة 1670 أصبح سعد الدين باشا العظم واليًا عليها، وتمكن آل العظم لاحقًا من أعطى سيطرتهم إلى ثلاث ولايات شاميّة أخرى هي سوريا وطرابلس وصيدا، وكان سعد الدين باشا قد استطاع استعادة المنطقة من مماليك العراق والقضاء على نفوذهم في الولاية.


القرن الثامن عشر

عهد ولاة آل العظم

قصر العظم المشيّد عام 1749 واعتبره فيليب حتي "أروع أثر عربي في القرن الثامن عشر".

يعتبر القرن الثامن عشر قرن ركود وتدهور في الدولة العثمانية على مختلف الأصعدة، قبل محاولات البعث والتجديد في القرن التاسع عشر. كانت سوريا في هذا القرن كغيرها من أجزاء الدولة تعاني من سوء الوضع الاقتصادي وتراجع الأمن والتقلبات السياسية فضلاً عن التمردات ونزعات الاستقلال لدى بعض الولاة. يُستثنى من هذا التدهور فترة حكم ولاة آل العظم على ولاية سوريا، والذين امتازوا بكونهم من الولاة الإصلاحيين ومن أهل البلاد إذ ترجع عائلة العظم في جذورها إلى حماه على العكس من أغلب الولاة المعينين سواءً أكانوا أتراكًا أم من غيرها من جنسيات الدولة. وقد استطاع إسماعيل باشا العظم الذي غدا واليًا عام 1724 ودعي "خير وال عهدته البلاد"، كسب ثقة الباب العالي وعُين ابنه واليًا على طرابلس وابنه الثاني واليًا على صيدا كتأكيد على وحدة هذه الولايات الثلاث من ناحية ولدوام ارتباط مشاكلها وحياتها ببعضها البعض فضلاً عن دوام التنسيق فيما بينها. ويعود لإسماعيل باشا تشييد قصر العظم عام 1749 والذي اعتبره فيليب حتي "أروع أثر عربي في القرن الثامن عشر".

لسوء الحظ، فإن القتال بين القيسين واليمنيين والجنبلاطيين واليزبكيين وأولاد العم في الأسرة الشهابية كان أبرز سمات أواسط القرن، يضاف إلى ذلك تمرد الحركة الوهابية في شبه الجزيرة العربية بقيادة محمد بن عبد الوهاب بدءًا من عام 1747، والذين استطاعوا السيطرة على مكة والمدينة المنورة، وأقفلوا طريق الحج بوجه قوافل الحجاج ولم يستطع ولاة دمشق المكلفين تأمين الحجيج ردع مقاتلي الوهابية وأنصارهم من قبائل البدو، وقد قام قطاع طرق بدوعام 1757 بمهاجمة قافلة الحج التي كانت تتكون من ستين ألف حاج ونهبوا ممتلكاتها بما فيها كساء الكعبة، وكان من بين القتلى والدة السلطان عثمان الثالث وكان الحادث حتى يودي بحكم السلطان مصطفى الثالث لتذمر رجال الدين في الدولة، ورغم هذه التطورات فقد فشلت الدولة ومعها ولاتها في سوريا من تأمين قوافل الحج أوإعادة بسط السيطرة على الحجاز، وانخفض عدد الحجيج من 50 ألف حاج سنويًا بالمتوسط إلى نحوألفين فقط، وذلك أثر عميق التأثير على اقتصاد دمشق بشكل سلبي، إذ كانت المدينة كنقطة تجمع على طريق الحج، تعتمد على هذه القوافل السنوية في تنشيط فهميات البيع والشراء، وإدخال بتر نقدي جديد، وبالتالي اختفى بفضل هذا التمرد الرخاء الاقتصادي الذي نعمت به المنطقة. كما إذا إحدى نتائج التمرد كان إنهاء حكم آل العظم على ولايات سوريا وصيدا وطرابلس بعد عزل أسعد باشا العظم الذي مكث واليًا أربعة عشر عامًا مع أخويه عن طرابلس وصيدا، وعيّن حسين باشا مكي، كما أدت تلك الأحداث إلى اندلاع اقتتال بين فرسان اليرلية والقبيقول وكلاهما من فرق والمنظمات العسكرية العثمانية، وما رافقها من عمليات سلب ونهب، عمومًا، لم يكن هجوم البدوعلى قافلة الحج هوالوحيد فقد تكرر تسعة عشر مرة في القرن الثامن عشر نجح ست منها وراوح بين النجاح والفشل ثلاث وفشل عشرة حملات، وهوما يعكس "ضعف الدولة لقاء ازدياد شوكة قبائل البدو".

عهد ظاهر العمر

ظاهر العمر.

خلال هذه الفترة ذاتها في أواسط القرن، برز ظاهر العمر صاحب صفد والجليل عام 1750 بقليل من المال دفعه إلى والي صيدا مكّنه من الاستيلاء على عكا، وأخذ يعمل على تطوير مدينته التي غدت مركز تصريف الحاجيات التي يسرقها البدووقطاع الطرق من القوافل العابرة سواءً بين دمشق والحجاز أوبين دمشق ومصر، لم يشأ الباب العالي عودة إمارة قوية وشبه مستقلة إلى سوريا فعيّن عثمان باشا واليًا على سوريا بصلاحيات استثنائية، وعين ابني عثمان باشا واليين على صيدا وطرابلس تأكيدًا للعهد الذي ساد مع ولاة آل العظم، وقد حشد عثمان باشا جيشه لمحاربة ظاهر قرب نابلس لكنه فشل في القضاء عليه، وكانت تلك الواقعة بداية أعمال العداوة بين الشيخ صاحب عكا والحكومة العثمانية.

تحالف ظاهر مع علي بك الكبير والي مصر وأعربا سوية التمرد على الدولة العثمانية، واحتل الجيش المصري غزة والرملة ومنها اتجه نحودمشق، حيث لاقى جيوش ولايات سورية وطرابلس وصيدا وكسر الجيش المصري ومعه جيش ظاهر عمر الجيوش العثمانية الثلاثة ودخل دمشق عام 1771، سلمًا ومنح الأمان للشعب، أما عثمان باشا فقد هرب إلى حمص، غير حتى الجيش المصري وكانت قد دحلت في حوزته جنوب سوريا برمتها، قد تخوّف من ردة عمل السلطان، ولذلك آثر الانسحاب من سوريا وقفل عائدًا إلى مصر. اضطر ظاهر العودة بدوره إلى عكا، أما عثمان باشا فقد عاد إلى دمشق وجنّد جيشًا لملاقاة ضاهر العمر للقضاء عليه. التقى الجيشان في أبريل 1772 وكُسر جيش عثمان باشا وتبعثر وكان أغلب أفراده من الأكراد، وانتصر ظاهر العمر الذي كان قد تحالف مع الشيعة في جنوب لبنان، وقد ذعر من هذا التحالف درويش باشا والي صيدا وابن عثمان باشا فهرب إلى دير القمر عاصمة الجبل هربًا من مقر ولايته، وفي الآونة نفسها كانت الحرب الروسية العثمانية قد انتهت لمصحلة الروس، وانشغل الباب العالي بنبأ هزيمته عن أوضاع سوريا المتعثرة. إبّان هذه التطورات سقطت في سوريا وجبل لبنان وجبل عامل صدامات شتى على أسس ممضىية بين الشيعة والدروز، وحاول ظاهر العمر استمالة أمير جبل لبنان، منصور الشهابي، لصالحه لكنه فشل، وظلّ الشهابيون مخلصين للعثمانيين، وفي غضون الاقتتال الدرزي الشيعي انسحب شيوخ العنطق الدروز من صيدا بد حتى هزم أمير الجبل في معركة مع جيش العمر قرب النبطية وهوما عنى عمليًا القضاء على آخر مقاومة أبدتها السلطة العثمانية الرسمية ضد ظاهر، وسيطر الأخير على صيدا.

نظرة عامة على الوضع يفسّر ما كان يجري في الدولة العثمانية حينها: تمرد الإنكشارية في العاصمة على السلطان مصطفى الثالث، وغرق الأسطول العثماني بالمدافع الروسية بشكل تام أوكاد، واستولت روسيا على حصون عثمانية على ساحل البحر الأسود وانتفضت اليونان للمطالبة باستقلالها، ولم تعد مصر في ظل المماليك وشبه جزيرة العرب في ظل الوهابيين وجنوب بلاد الشام في ظل ظاهر العمر تعترف بسلطة الباب العالي.

عهد أحمد باشا الجزار

أحمد باشا الجزار، يقضي في مجلسه.

في عام 1772 توفي عثمان باشا وعيّن عثمان باشا آخر واليًا على سوريا مضافًا إليه لقب سر عكسر، وطلب إليه تحقيق السلام في سوريا من قبل السلطان؛ حاصر عثمان باشا الجديد صيدا وكاد حتى يستعيدها لولا تدخل الأسطول الروسي لصالح ظاهر العمر، وللمرة الثانية هُزم الدروز الذين والوا عثمان باشا على يد الشيعة موالي ظاهر العمر، ولمنع تقدم الروس واحتلالهم بيروت، عيّن والي سوريا أحمد باشا الجزار سيدًا عليها وزوده بجيش صغير من ثلاثمائة مغربي.

بعد ثلاث سنوات في عام 1775 عاد المصريون ثانية إلى سوريا هذه المرة بجيش قوامه ستون ألف رجل وبقيادة محمد بك المكلّف من قبل السلطان إخضاع ظاهر العمر، وهوما تم له في مارس 1775 عندما استولى على عكا، بعد حتى دمّر حيفا ويافا وجبل الكرمل. لم يكن محمد بك مخلصًا للسلطان وكان يسعى لضم جنوب بلاد الشام لأملاكه في مصر، إلا حتى المنية عاجلته في يونيو1775، وقد عيّن الباب العالي حسن باشا قائد الأسطول حاكمًا على سوريا، وهومن استطاع الظفر بقتل ظاهر العمر الذي كان مختبئًا في حوران، وتؤكد تقارير رسميّة حتى الجيش العثماني نقل من خزائن عكا إلى الباب العالي أربعين مليون قرش وكثير من المجوهرات قدر أحدها منفردًا بمئتي ألف قرش وهوتعبير عن خنجر مصري مطعم، طبعًا هذا لا يضم ما احتفظ به محمد بك لنفسه عند فتح عكا وحسن باشا عن تسلمه زمام الولاية من الثروات.

لوحة تؤرخ دخول نابليون بونابرت إلى يافا بعد محاصرتها عام 1799، معروضة في متحف اللوفر.

عمد حسن باشا للعفوعن الشيعة الذين ساندوا العمر وسعى لمصالحتهم مع الدروز، وبعد أقل من عام في 1776 عُين أحمد باشا الجزار واليًا على صيدا واستدعي حسن باشا إلى العاصمة، وربما فإن الجزار قد دفع رشاوى في البلاط السلطاني لتزكية اسمه. كان حكم الجزار قاسيًا فقد أضنك الشعب بالضرائب وضاعف أتاوة الإقطاعيات حتى وصلت أتاوة جبل لبنان إلى مليون قرش، وقمع بدوالأردن وانتزع منهم مائة ألف رأس من الخيل والبقر والإبل كأتاوة وأمر سكان المدن بشرائها لتأمين نقده، كذلك فقد احتكر التجارة وعهد عنه أنه بتر أنف وأذن وزير ماليته حاييم اليهودي "على سبيل المزاح". وفي عام 1780 عين واليًا على دمشق فجمع ولايتين إلى شخصه، لكنه ظل مقيمًا في عكا، ورفض بعد تعيين والي حديث على دمشق التنازل عن بعض النقاط الهامة خارج حدود ولاية صيدا واستطاع بعزمه حتى يعود واليًا على سوريا عام 1790، وفي عام 1793 أصيبت البلاد بقحط وجفاف، ولكن الباشا ورغبة منه بإضعاف نفوذ الأمراء الشهابيين، رفض توزيع القمح في جبل لبنان "فحصدت المجاعة قرى بأكملها"، واستطاع حتى يفرض سيادته كذلك على العلويين المقيمين على الساحل السوري، وفي عام 1782 شن حربًا على خليل باشا والي طرابلس بعد حتى عهد أنه يؤلب البلاط السلطاني عليه وقتله؛ كذلك فقد استجلب الجزار أعدادًا كبيرة من الأكراد وجعلهم قوام جيشه لأنه لم يأمن جانب أبناء البلاد، وفي فبراير 1779 كلفه السلطان بصد الحملة الفرنسية على سوريا والتي كانت قادمة من مصر التي احتلها نابليون بونابرت، وساعده جميع من الباب العالي والأسطول الإنكليزي واستطاع الجزار هزم نابليون على أسوار عكا وأراد القضاء على إمارة الشهابيين لتعاطفهم مع الفرنسيين، واستطاع احتلال دير القمر وخلع الأمير بشير الثاني الشهابي، لكنه لم يتمكن من تحقيق تام مآربه بسبب تحالف الأمير مع الإنكليز من ناحية، وبسبب الجيش الضخم الذي أوفده السلطان وقوامه مئة وخمسين ألف رجل بقيادة الصدر الأعظم يوسف ضياء باشا لاستعادة مصر من الحملة عن طريق سوريا، وهوما جعل الجزار آخر أيامه يخشى ويعتدل في مواقفه، وقبل وفاته عام 1804 كان قد كُلف بحماية قوافل الحج من البدو.

أوضاع ولاية الرقة

استطاع أحمد باشا الجزائر بسط نفوذه على ولاية الرقة التي تضم بادية الشام والجزيرة السورية عام 1787 لكنه عُزل عن الولاية بعد فترة قصيرة، وبكل الأحوال فإن أوضاع الرقة والمنطقة الفراتينة في القرن الثامن عشر لم يتحسن بشكل ملحوظ عما كان عليه الوضع في القرن لسابق، من ناحية تكرر الثورات والقلاقل الأمنية، أكبر هذه الثورات كانت ثورة تيمور باشا عام 1790 وهوشيخ إحدى القبائل الكردية في المنطقة، والتي تعتاش من التجوال وتربية الماشية، وقد كان ليتمور من النفوذ على القبائل الأخرى ليس فقط في منطقة الفرات بل حلب وديار بكر أيضًا، درس فرض الضرائب على القرى والقبائل في هذه المناطق، واحتفظ بها لنفسه واستولى على جميع المراكز الحكومية الواقعة في ولايات حلب وديار بكر والرقة وأخذ في المراحل المتقدمة من عصيانه بسلب القوافل وشن الغارات على السكان فضلاً عن مصادرة ممتلكاتهم بما فيها حلب نفسها. ولذلك فقد أناط السلطان بوالي بغداد سليمان باشا أمر القضاء عليه، على حتى يعاونه والي الرقة مصطفى باشا الكوسا وواليي حلب وديار بكر، وقد حشد سليمان باشا جيشًا قوامه ثلاثون ألفًا وتوجه شمالاً إلى الموصل ومنها إلى أورفة حين هرب تيمور وتشتت أتباعه.

وقد سقطت الحرب بين واليي الرقة وبعداد حول طرق اقتسام أموال تيمور باشا، وانتهى القتال بعزل والي الرقة لمصلحة بغداد، وفي عام 1800 عين تيمور باشا المتمرد سابقًا واليًا على الرقة بعد حتى عفا عنه السلطان ومنح له لقب الوزارة.

القرن التاسع عشر

زمن الفوضى وصراع الولاة

عائلة دمشقية يهودية في منزلها على الطراز الشامي التقليدي، بريشة فريدريك لينغتون، 1855.

فشلت حملة الصدر الأعظم على مصر ورغب الباب العالي بإضعاف نفوذ الجزار بتعيين باشوات في حمص وحماه وغزة بحيث يزيد عدد الولايات السوريّة، غير حتى الشيخ دنش شيخ إحدى أكبر قبائل بادية الشام طرد الواليين المقيمين في حمص وحماه، وكذلك فشل يوسف باشا العظم الذي عُين مع بداية القرن واليًا على طرابلس الشام في الدهول إلى مركز ولايته ومباشرة مهامه. كانت قوافل الحج والتجارة لا تزال تتعرض للهجوم من ملاحدة البدو، وكان الجزار لا يزال يحيك المؤامرات على باشا دمشق ليضمها إلى أملاكه، وهوما نجح به قبل عام من وفاته أي في عام 1803، كذلك كلف بأمن قافلة الحج. لم يُسعَد سكان دمشق بتعيين الجزار واليًا عليهم للمرة الثالثة، واشتكوا إلى الباب العالي وأغلقوا أبواب مدينتهم في وجه مندوب الجزار سليمان باشا، لذلك فرضت عليهم غرامات طائلة وتمت مصادرة أجزاء من أملاكهم.

توفي الجزار في أبريل 1804 وكلّف السلطان إبراهيم باشا والي حلب مهمة الاستيلاء على ولاية صيدا ومركزها في عما لمنع انتنطق إرث الجزار من ناحية والسيطرة على ثرواته من ناحية ثانية، غير حتى سليمان باشا أحد قادة جيش السلطان قد تجاوز بمعاونة حاييم اليهودي وزير مالية الجزار واستاع بسط سيطرته على المنطقة مُفشلاً مخطط والي حلب. كان الوهابيون قد فرضوا سيطرتهم على مكة والمدينة مجددًا وعزلوا واليها وعينوا وال حديث عليها ولم يعترفوا بسلطة الباب العالي، ووصلت غارتهم إلى حوران والمناطق الجنوبية من سوريا، وكان ولاة سوريا يشترون أمن دمشق من قادة الوهابيين وكذلك يشترون السماح لقوافل الحجاج بزيارة مكة بمبالغ طائلة؛ عيّن السلطان أمير يوسف الدالي باشا وهوأحد قادة الجيش الذي كسر الوهابيين عدة مرات، وكذلك كسر تمرد العلويين والإسماعيليين في جبال الساحل وفرض عليهما أتاوة كبيرة، واليًا على سوريا، وفي الوقت نفسه تمرّد والي طرابلس مصطفى بربر الذي لم يعترف بالسلطان فمضى إليه دالي باشا وأرغم مصطفى باشا الفرار إلى عكا. وهناك تحالف والي طرابلس الفار مع سليمان باشا والي صيدا، وحاصرا دمشق، واستطاع سليمان باشا السيطرة عليها طاردًا الدالي باشا عام 1815. وتزامنًا مع ذلك كان أمراء العائلة الشهابية قد اعتنقوا المسيحية وانضموا إلى الكنيسة المارونية، واحفتظوا بدينهم الجديد سرًا حتى قدوم الحكم المصري.

في عام 1820 توفي سليمان باشا وعُين عبد الله باشا خلفًا له، وفي العالم نفسه اندلعت أول ثورة فلاحية ضد الإقطاع في سوريا انطلقت من بشري شمال لبنان حاليًا، وذلك ردًا على فرض أمير الجبل بشير الثاني الشهابي ضرائب إضافية على الفلاحين بطلب من عبد الله بشا الذي فرض سيطرته على ولايتي طرابلس وصيدا مجتمعتين، أي حتى الساحل السوري من إسكندرون وحتى غزة ولج ضمن أملاكه؛ وبعد جمعه الولايتين لشخصه عكف عبد الله باشا على محاربة درويش باشا والي دمشق للسيطرة على ولايته، والذي كان صدرًا أعظم سابق، حاصر دمشق.

كان عبد الله باشا كارهًا للمسيحيين والدروز وفرض عليهم ضرائب باهضة حتى اضطر الكهنة لصهر فضة ومضى الكنائس لدفعها، في حين كان دوريش باشا متسامحًا معهم، ولذلك قاد الأمير بشير الشهابي جيشًا بقوام عشرة آلاف مسيحي ودرزي وهبط إلى دمشق المحاصرة نصرة لواليها؛ كانت حرب استقلال اليونان في أوجها وقد أعدم في الآستانة بطريرك الروم الأرثوذكس بتهمة التعامل مع الثائرين، وطالب "رعاع دمشق" كما وصفهم قسطنطين بازيلي إعدام بطريرك الأرثوذكس الإنطاكيين، لكن درويش باشا رفض. فشل عبد الله باشا الدخول إلى دمشق، وكلف السلطان محمود الثاني درويش باشا ومعه واليي حلب وأضنة القضاء على عبد الله باشا والي صيدا وطرابلس المتمرد، وحاصر الجيش عكا قاعدة الباشا الثائر، لكن السلطان عاد وعفا عنه. وسرعان ما جهز حملة شبيهة بعد عام لتمرد عبد الله باشا مجددًا ونهبه الخزائن السلطانية، هذه المرة كان الجيش مؤلفًا من خمسين ألف جندي يقوده درويش باشا ومعه ستة ولاة آخرين، وقبيل تحقيق النصر استحصل محمد علي باشا عفوًا عن ثائر عكا من السلطان، بعد حتى سُلخت من أملاكه ولاية طرابلس واكتفى بولاية صيدا. لكن الحالة لم تتحسن بين دمشق وعكا، إذ يردد عبد الله باشا هجوماته على مناطق تابعة لولاية سوريا منها نابلس التي حاصرها وأجبر حاميتها على الاستسلام وهدم حصنها.

في عام 1829 انتهت الحرب الروسية العثمانية بمعاهدة أدرنة، وتفرع السلطان محمود الثاني للقضاء على ولاته المتمردين، وفي عام 1830 سقطت في حلب فتنة عظيمة أفضت لاستئصال الإنكشارية والذين سيطروا طويلاً على الحياة السياسية فيها، وفي فبراير 1831 قامت في دمشق ثورة عارمة بعد إعلان فرمان سلطاني بفرض ضريبة جديدة اعتبرها السكان باهظة؛ رفض السكان دفع الضريبة وكان حي الميدان يشكل نواة المنتفضين، وهومن الأحياء ذي الغالبية الفقيرة. كان والي دمشق الجديد سليم باشا قد هرب بنتيجة الثورة واختبأ في قلعتها فحاصره الثوار وبعد ستة أسابيع من الحصار انضم خلالها وجهاء المدينة إلى الثورة، اقتحم الثوار القلعة وقتوا الوالي وحاشيته وأفراد أسريته وسحلوا جثته في شوارع دمشق جارين إياها من حي إلى حي.

عينت السلطات العثمانية واليًا جديدًا على سوريا هوعلي حاجي باشا، لكن سلطاته مكثت ضعيفة، يضاف إلى ذلك عبد الله باشا والي عكا شبه المستقل بولايته، أما شبه الجزيرة العربية قد دخلت في طاعة محمد علي باشا، وكانت أعداد متزايدة من المصريين تلجأ إلى بلاد الشام هربًا من التجنيد الإجباري في مصر، ولهذا السبب المباشر، إلى جانب السبب البعيد المتمثل في توسيع مملكته والاستفادة من الطاقات التجارية والاقتصادية والبشرية لسوريا، أوفد محمد علي باشا جيشًا لاحتلال سوريا، انطلق بقيادة ابنه ابراهيم باشا في 14 نوفمبر 1831، من القاهرة.

الحكم المصري

إبراهيم باشا، فاتح سوريا وحاكمها 1831 - 1840.

دخل إبراهيم باشا دون أي مقاومة تذكر، ورُحب به كفاتح في غزة ويافا وحيفا، وكان جند عبد الله باشا إما ينسحبون إلى عكا أوينضمون للجيش المصري. كذلك فإن نابلس و القدس وقبائل النقب قد بعثت إلى إبراهيم باشا مبينة استعدادها القتال في صفه. وعند عكا طال الحصار لأشهر، لكنه في النهاية ملكها، ولم يُستثر الشعب ضد إبراهيم باشا رغم فتاوى شيخ الإسلام التي طالب بها محمد علي الانسحاب من سوريا والسكان لمقاومته لضمان أمن قافلة الحج.

تم فتح عكا بعد حصار طويل في ديسمبر 1831، وكانت الدولة قد عينت علي باشا واليًا على سوريا خلفًا لسليم باشا، لكن الشعب استقبله بتجهم ورغب بقدوم إبراهيم باشا كمنقذ، وكذك الحال في حلب، أما طرابلس فإن واليها السابق مصطفى بربر هوبنفسه من قاد فيالق المصريين للسيطرة عليها، وفي ربيع 1832 كلف محمود الثاني حسين آغا باشا ولاية سوريا ومنحه لقب عسكردار وكلفه القضاء على الجيش المصري، كان الجيش العسكردار قوامه ثلاثون ألف مقاتل و160 مدفع ومعه أسطول بقيادة خليل باشا إلى جانب جيش غير نظامي من عشرة آلاف نفر تحت قيادة عثمان باشا قرب حمص، كان إبراهيم باشا قد استولى على بعلبك التابعة لولاية دمشق، ومنها هبط نحوحمص والتقى الطرفان في 16 مايو1832، وكان النصر بنتيجة المعركة في طرف إبراهيم باشا، الذي استتبع نصره بدخول دمشق يوم 13 يونيو1832.

حين استولى ابراهيم باشا على دمشق، مثل أمامه وفد من سكان حلب ليطلب منه السيطرة على مدينتهم، وعندما استوعب السردار أكرم باشا المعيّن من قبل السلطان قائدًا للجيش العثماني الرسمي في سوريا، تململ المدينة بحزبيها الأميرية والينيشارية من الولاة العثمانين، سحب الجيش الذي أوفده محمود الثاني تحصن في لواء إسكندرون، وفي 29 يوليو1832 التقى الجيشان في بيلان قرب أنطاكية، وكُسر الجيش العثماني وفتحت بالتالي أبواب كيليكيا والأناضول أمام إبراهيم باشا، بعث السلطان بجيش حديث ضخم بقيادة الصدر الأعظم لكن إبراهيم تمكن من هزيمته يوم 29 ديسمبر 1832 في قونية، وبذلك غدت الآستانة بحد ذاتها عرضة لخطر محمد علي؛ جرت مخابرات بين الدول الأوروبية ورسا الأسطول الروسي في الآستانة وانتهى الأمر بتوقيع على اتفاقية كوتاهية في أربعة مايو1833.

كان حكم إبراهيم باشا إصلاحيًا للغاية، وحد الضرائب على الشعب ومنع الإقطاع من فرض ضرائب إضافية خاصة بهم، وألغى التقييدات المُذلة بالملبس والمسكن عن المسيحيين واليهود، وسمح ببناء الكنائس وترميم القديم منها، وألغى الضرائب القاسية على كنيسة القيامة التي وصلت في السابق حدًا أخذت معه الرهبنات المشرفة على الكنيسة بيع أملاكها لسداده، وأجرى نظامًا مركزيًا للإدارة في البلاد وعيّن شريف باشا حاكمًا مدنيًا لقاء كون إبراهيم باشا حاكمًا عسكريًا، وتبع جميع الولاة ومديروالمناطق مباشرة لسلطة الحاكم المدني، وأنشأ في المدن مجالس محلية من سكانها لإدارة شؤون الأحياء، فكانت تلك المرة الأولى التي حكم بها الشعب نفسه في العصر الحديث. وله الكثير من الإنجازات الاقتصادية من توطين البدوحول حلب ودمشق وإشغالهم بالزراعة، وارتفاع عدد أنوال الحرير والعناية بالقطن وتصديره وإنشاء محاكم تجارية خاصة، وإصلاح نظام الضرائب محددًا إياها بضريبة واحدة فقط بدلاً من مجموعة ضرائب، وقد بلغت 500 قرشًا للأغنياء وتنخفض لتصل إلى 15 قرشًا لأشد الناس فقرًا، وكذلك فقد ألغى الجزية، وأجرى أول إحصاء سكاني في البلاد السوريّة. وعادت البلاد بفضل هذه الإصلاحات مركز أوروبا الأساسي لاستيراد الأقمشة على اختلافها، وقد شجع عمليات التصدير بإلغاء الجمارك بين الولايات، وأراد جر مياه نهر العاصي إلى حلب، ولما لاحظ وفرة الأراضي الصالحة للزراعة وغير المستثمرة، أعفى من يستثمرها من الضرائب لتسع سنوات، فأخذت غوطة دمشق وريف حمص وحلب وأنطاكية من حديث تزخر بالأراضي الزراعية، وقد "دهش السكان" الذين لم يعتادوا من جند الولاية سوى العُسف عند جمع الضرائب وهم يروون أربع كتائب من جند الباشا تطارد أسراب الجراد الذي غزا حمص وحماه، ومن ثم عين مكافأة مالية للسكان عن جميع كيلوجراد مقتول. كذلك فقد اهتم إبراهيم بتربية الجياد، وقد أسس ما يشبه شركات المساهمة بين البدووالحكومة بحيث أنفق على تربيتها والعناية بها مبالغ كبيرة، سوى ذلك فإن تأسيس البريد والاتصالات بين المدن وتأمين القوافل بين القرى والشعاب الجبلية دون الحاجة إلى تسليح القوافل تعتبر من أبرز مستحداث الحكم المصري في سوريا.

رغم هذه الإصلاحات الكثيرة، فإن ما أثار تذمر الشعب كانت سياسة التجنيد الإجباري، إذ كانت بلاد الشام قبلاً مرتعًا للفلاحين المصريين الهاربين من هذه السياسة والذين نقلوا بؤس حالة الجند في الجيش داخل مصر، وعندما أخذ إبراهيم باشا في تطبيقها على المدن السورية شاملاً جميع الرجال بين 16 و60 عامًا لفترة أقلها خمس سنوات قابلة للتمديد رفض الشعب، وثارت نابلس والخليل والقدس عام 1834، وثارت بعلبك واللاذقية وبشري عام 1834، ودرعا عام 1837 "بسبب إهانة كبير عشائر حوران من قبل مندوبي الباشا بعد حتى طلب إعفاء أبناء حوران من الجندية نظرًا لأهمية سواعدهم في حصاد القمح"، ولم يتمكن جيش إبراهيم باشا إخضاع درعا ولم يعد من كتيبة قوامها 4000 جندي سوى 40 جنديًا في حين اغتال الحورانيون الباقي، ولم تقمع ثورة درعا إلا بعد تسميم المياه التي كانت تشرب منها. يقول قسطنطين بازيلي الذي عاصر تلك الفترة:

بعث الحكم المصري بهذا (التجنيد الإجباري) أشد رعب في الشعب، وأعظم كراهية، إزاء جميع الإصلاحات والتي كانت مؤاتية للمنطقة من نواح كثيرة، إلا حتى ثمنها كان يدفع ضريبة دم مرهقة جدًا ومطلقة.

بلغ عدد الفارين من هذه السياسة نحومائة ألف سوري نحوالعراق وشبه الجزيرة العربية وبادية الشام حيث مضارب البدووقبرص والأناضول ولإيقاف هذا النزيف أصدر الباشا قرارًا بتحمل سكان الحي أوالقرية ضرائب الفارين منهم، هذا ما أدى إلى ازدياد الضرائب بمعدلات عالية للغاية، أدت إلى زيادة الحنق الشعبي على الحكم المصري.

إنهاء الحكم المصري وفترة الفوضى اللاحقة

لم تتوقف المفاوضات بين محمد علي باشا والسلطان محمود الثاني طوال فترة سيطرة المصريين على بلاد الشام، غير أنها بالمجمل فشلت، وفي اجتماع فوق العادة يومسبعة يونيو1839 قرر السلطان شن الحرب على تابعه الذي اعتبر متمردًا، ولكن محمود توفي يوم 19 يونيو1839 قبل حتى يفهم حتى الجيش الذي أوفده بقيادة حافظ باشا قد هُزم في معركة نزيب، واعتلى العرش ابنه عبد المجيد الأول وله من العمر سبعة عشر عامًا فقط.

كانت أوروبا منشغلة بخلافاتها حول بلجيكا، إلا حتى أحداث الشرق المتسارعة جذبت انتباهها، وسقط خلاف في الرأي بين فرنسا المؤيدة منح والي مصر حكم الشام وسائر الدول المؤيدة لعودتها إلى السلطة المباشرة للسلطان، وفي مايو1840 حصلت انتفاضة جديدة على الحكم المصري في جبل لبنان بسبب الضرائب المرهقة وفي أبريل ومايوتكررت ثورة الجبل.

أسفرت محادثات أوروبا عن ميلاد اتفاق لندن في 15 يوليو1840 والذي نصّ على استعمال القوة العسكرية لإخراج إبراهيم باشا من سوريا طالما رفض حكم ولاية عكا مدى الحياة وعودة سائر المناطق للحكم العثماني، وعلى الرغم من حتى فرنسا قد أبدت دعمها لمحمد علي إلا أنها لم تستطع أمام سائر الدول الأوروبية حتى تمنع إقرار المعاهدة. في 28 أغسطس أعربت الحرب وكان الجيش التابع لابراهيم باشا قوامه 75 ألف مقاتل وذومؤونة وتسليح جيد يكفي لسنة على الأقل، لكن تشتييت قوى الجيش في مناطق واسعة لقاءة للساحل الشامي لمنع الإنكليز والعثمانيين من التغلغل في البلاد والخوف من انتفاضة الشعب لتأييد العثمانيين والإنكليز أدى إلى تشرذم قوة الجيش، وشكل ذلك أحد أبرز عوامل الهزيمة. ولج الحلفاء عبر البحر من بيروت وعسكروا في جونيه ومنها نحوجبل لبنان وفلسطين وسوريا الداخلية، وأمام تراجع الجيش المصري صدرت له أوامر بالانسحاب من جميع المناطق نحودمشق ومنها انسحب إلى مصر تائهًا في الصحراء ومعانيًا من ضربات البدوونقص المياه ومشقة السير في بادية الشام وصحراء النقب، وكان تاريخ مغادرة إبراهيم باشا لدمشق في 17 ديسمبر 1840.

عين السلطان أسعد باشا الحلبي مبيد الإنكشارية في أدرنة واليًا على حلب، وكان أسعد باشا حكيمًا وسياسيًا بارعًا بحيث جنب ولايته فوضى انتنطق السلطة، أما في دمشق فعيّن علي باشا ثم نقل إلى جدة وعين نجيب باشا، وفي عهده هاجم الدروز المسيحيين فيما عُرف بفتنة 1841 "وكان للفتنة حتى تكون أشد وطأة لولا تدخل أمير بعلبك وعمر باشا النمساوي وقمعهما للدروز"، وكان محمود الثاني قد أصدر عام 1836 "خط كلخانة" الذي منع به التعييرات بحق المسيحيين وبذلك لم تعد سارية المفعول الإجراءات اللاحقة، لكن الفئات الأكثر تعصبًا في المجتمع طالبت بإعادتها فاضطر السلطان في يناير 1841 إلى إصدار فرمان آخر مذكرًا بالمساواة بين جميع فئات المجتمع في سوريا واعتبار مخالفة ذلك "خروج عن الإسلام". وفي الجليل ونابلس اندلعت حروب أهلية بين آل عبد الهادي وآل الطوقانيين وكانت تكررت في جوار القدس الاقتتالات بين القيسيين واليمنيين ممثلة بعائلة الشيخ سمعان وعائلة الشيخ أبوغوش، وفي عام 1845 نهب البدوقافلة كبيرة من ثلاثة آلاف جمل كانت متجهة من دمشق نحوبغداد، وكانت قيمة المسروقات تقدر بالملايين فتعرض تجار دمشق للإفلاس وتوقفت طرق التجارة مع العراق إلا عن طريق الموصل - حلب، وكان ساحل بلاد الشام قد وحد في ولاية بيروت خلال الفترة ذتها وولد في جبل لبنان نظام "القائم مقاميتين"، الذي قسم الجبل إلى قسمين: شمالي مسيحي وجنوبي درزي، في محاولة للحد من الاقتتال الطائفي، غير حتى ذاك النظام أثبت فشله عندما تكررت عام 1845 الاقتتالات الطائفية بين الدروز والموارنة، وفي عام 1851 طبق نظام التجنيد الإجباري في سوريا، بحيث تشكل جميع ذكر لمدة خمس سنوات غير قابلة للتمديد، غير حتى ذلك كان له كثير من الآثار الاجتماعية السلبية منها تشجيع الهجرة الداخلية، وقسمة البيوت بين الإخوة وتغيير أسماء العائلات للحصول على إعفاء الرجل الوحيد لأمه، وعمومًا فإن النصف الثاني من القرن التاسع عشر، كان عودة ازدهار سوريا ثقافيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وغيرها من الأصعدة.

النهضة والإصلاح

عمّال يكدّون في إنشاء خط سكة حديد الحجاز، قرابة عام 1905.
محطة الخط الحديدي الحجازي في عمان.

شهد النصف الثاني من القرن التاسع عشر نهوض وإصلاح في سوريا العثمانية، فضلاً عن تزايد أهمية البلاد ومكانتها واهتمام الدولة بها من نواح عدّة. عملى الصعيد الإداري أعيد تنظيم الدولة، واكتسبت منذ 1880 شكلها الأخير والأكثر تعقيدًا ممثلاً بثلاثة ولايات مراكزها في دمشق وحلب وبيروت وثلاث متصرفيات ممتازة مربوطة مباشرة بالأ عظم مراكزها بعبدا والقدس ودير الزور. كما تعاقب عدة ولاة ومتصرفين مصلحين أصلحوا الطرق وعمموا الأمن، وتكاثرت في عهودهم الصروح العمرانية العثمانية يذكر منهم مدحت باشا وأسعد باشا في دمشق. وأما على الصعيد الاقتصادي، فقد انتعش اقتصاد البلاد بعد مشروعين كبيرين متعلقان بالسكك الحديدية الأول هوالخط الحديدي الحجازي الذي يتجمّع في دمشق وينطلق نحوالمدينة المنورة فيما يخص إدخال وسائل النقل الحديثة تلك الأيام لخدمة جموع حجيج المسلمين، والثاني يتجه من إسطنبول نحوحلب ومنها نحوالموصل وبغداد فإيران والخليج العربي، ومع تزويد إسكندرونة بميناء تجاري أصبحت المنطقة طريقًا لقوافل تجاريّة عديدة أمنّت ازدهار البلاد، فضلاً عن اتفاقية التجارة الحرة الموافقة بين أوروبا والدولة العثمانية بخصوص سوريا عام 1839. وعلى الصعيد الثقافي، فإن البلاد كانت أحد مواقع النهضة العربية بميادينها المتنوعة، شعرًا وأدبًا ومسرحًا وصحافة ووعيًا قوميًا بشقيه السوري والعربي، فضلاً عن انتشار الجمعيات السياسيّة. وحتى آثاريًا، إذ تزايدت الاكتشافات الأثرية وبعثات التنقيب الفهمية الوافدة من الغرب خلال القرن التاسع عشر.

بيروت في سنة 1860، يظهر الأمير عبد القادر الجزائري في وسط الصورة، والذي كان قد قدم للمساعدة على إنهاء النزاع بين الدروز والمسيحيين.

غير حتى الفترة لم تكن تخلومن الأحداث السلبيّة كمجازر 1860 في جبل لبنان والتي انتقلت نحوزحلة وطرابلس واللاذقية والجليل ودمشق نفسها، وبينما يرى الأب بولس صفير حتى التعمق في الفتنة لا يفضي إلى إيجاد سبب مقنع لها، ولذلك ففي رأيه هذه "فتنة مدبرة"، يرى سمير العنجوري حتى المساواة بين المسيحيين والمسلمين وانخراط المسيحيين في السلك الإداري والاقتصادي وبروز دورهم في مختلف نواحي المجتمع أحد أبرز عواملها في دمشق. أفضت المجزرة إلى 12,000 قتيل، وقد شارك الوالي العثماني وجنده في حاصبيا ودمشق بعمليات القتل والنهب والإحراق التي طالت مناطق المسيحيين ومصالحهم الاقتصاديّة فضلاً عن مقتل ثلاثة قناصل لدول أوروبيّة في دمشق، وقد أدت المجازر أيضًا إلى انهيار اقتصاد جبل لبنان وصناعة الحرير والمنسوجات في دمشق، وقدرت مجمل الخسائر بنحوأربعة ملايين ليرة مضىية. عمومًا يتفق المؤرخون حتى السلطان قد راعه ما حدث، وأن تواطئ الوالي العثماني لا يعني بالضرورة تورط الدولة، هذا ما يترجم عمليًا بالإجراءات التي اتخذتها الدولة فقد عيّن السلطان عبد المجيد الأول، فؤاد باشا حاكمًا على الشام مخولاً بصلاحيات استثنائية، لرأب الصدع الذي حصل في المجتمع ولتفادي أي تدخل أوروبي، وقد قاد فؤاد باشا حملة اعتنطقات بحق المتورطين بالمذابح ضد المسيحيين، فأعدم رميًا بالرصاص 111 شخصًا، وشنق 57 آخرين، وحكم بالأشغال الشاقة على 325 شخصًا ونفى 145؛ وكان بعض المحكومون من كبار موظفي الدولة في الشام. كما يذكر دور مسلمي لبنان ودمشق برعاية المسيحيين الفارين من المذابح ومساعدتهم، كالأمير عبد القادر الجزائري الذي فتح قلعة دمشق لإيواء الناجين.

أما الحدث البارز في سلبيات تلك الفترة، فتمثل بسياسة جمعية الاتحاد والترقي التي قبضت على زمام السلطة في الدولة وعُرفت بميلها المتطرف نحوالقومية الهجريّة وأخذت تحاول فرض الهويّة الهجرية على بلاد الشام لغة وثقافة وعُرفت هذه السياسيّة باسم "سياسة التتريك". كما ضيّق الاتحاديون على مثقفي العرب وأحرارهم فهاجر أغلبهم إلى خارج البلاد سيّما نحومصر وفرنسا وتحوّل قمع الاتحاديين إلى نقمة شعبيّة توّجت بعدة انتفاضات وثورات، فشهدت حلب انتفاضة عام 1895 والسويداء عام 1896 و1906 وبيروت عام 1903 وفي عام 1909 انطلقت ثورة من بصرى الشام وعمّت حوران ووصلت إلى وادي البقاع وبيروت وحاصر الثوّار القطارات والقوافل والحاميات العسكرية العثمانية الصغيرة، ولم تقمعها السلطة إلا بالشدّة وبعد حتى أزهقت أرواح ستة آلاف مواطن. كانت مطالب السوريين حينها، الاعتراف باللغة العربية ومنح اللامركزية الإدارية كالولايات المتحدة وسويسرا وخدمة الفرق العسكريّة داخل ولاياتها وبإشراف ضبّاط من أهالي الولاية غير أنّ جميع هذه المطالب قد رفضت أوقبلت صوريًا فقط.

القرن العشرين

الوضع السياسي خلال الحرب العالمية الأولى

أحمد جمال باشا، والي سوريا المُلقب بالسفّاح، على شاطئ البحر الميت سنة 1915.

في 2 أغسطس 1914 أصدرت الحكومة العثمانية قرارًا بالتعبئة العامة، وفيخمسة نوفمبر أعربت الدولة رسميًا وقوفها إلى جانب ألمانيا في الحرب، ثم صدر فيسبعة نوفمبر فتوى شيخ الإسلام بوجوب الجهاد. كان ما يعهد باسم "الجيش الرابع" العثماني المكون من فيصلين رئيسيين، مرابضًا في دمشق تحت قيادة زكي باشا الحلبي، ولكونه عربيًا ومناهضًا للتحالف مع ألمانيا استدعي إلى الآستانة، وعيّن والي أضنة جمال باشا الملقب "بالسفّاح" حاكمًا عسكريًا ومدنيًا على عموم بلاد الشام وبصلاحيات واسعة، وهوأحد أعضاء حزب الاتحاد والترقي.

في دمشق كان أعضاء جمعية العربية الفتاة وجمعية العهد، يفكرون بالاستقلال التام للبلاد العربية ضمن إطار مملكة تضم بلاد الشام والعراق وشبه الجزيرة العربية، كان ذلك نتيجة التراكمات التاريخية للعلاقات المتوترة بين الجمعيات العربية والسلطات العثمانية عمومًا والاتحاد والترقي على وجه الخصوص، ويقول المؤرخ جوج أنطونيوس حتى المجتمع الدمشقي بجميع أطيافه كان مؤيدًا للثورة، بما في ذلك الفهماء من أمثال بدر الدين الحسني كبير فهماء دمشق. غير حتى الجمعيات السياسية رفضت أي تدخل من جانب بريطانيا أومساعدة من الحلفاء، وبحثت عن نصير داخلي يتبنى قضيتها فاتصلت بوالي الحجاز الشريف حسين بن علي عن طريق أحد أعضائها المدعونسيب البكري، حول دعم الشريف الحسين للثورة بما له من مكانة سياسية ودينية بارزة، لقاء توليه عرش المملكة العربية المزمع قيامها.

صورة قديمة ملونة لأسراب الجراد عند ظهورها في سماء جبل لبنان عام 1915.

تردد الحسين في قبول طلب الجمعيات، لكنه أوفد ابنه فيصل إلى دمشق فوصلها يوم 26 مارس 1915 ومكث بها أربع أسابيع قبل حتى يغادرها إلى الآستانة وعلى طريق عودته إلى الحجاز استقرّ في دمشق فترة زمنية أخرى اتصل بها بقادة الجمعيات، وعندما عاد إلى مكة في 20 يونيو1915 وقدّم لوالده تقريرًا حول وضع الدولة العثمانية وإعلان الحرب عليها؛ سيستغرق الشريف حسين حوالي عام في دراسة موقفه من الثورة، خلال هذا الوقت كان تسلّط جمال باشا قد بلغ شأنًا عاليًا، فقد شنّ الوالي منذ فبراير 1915 هجومًا هدفه احتلال مصر، ظانًا حتى الشعب المصري سيثور ويقف إلى جانبه لكنه فشل في الهجوم ولم يتحرك الشعب المصري تعاطفًا معه؛ ثم أخذ يبعد الفرق العربية من الجيش إلى الأناضول ويحلّ فرقًا هجريّة بدلاً منها ضمانًا لولائها، كما أسس ديوانًا للأحكام العهدية في دمشق وآخر شبيهًا في عاليه وأخذ ينكّل بوجهاء المدن ومثقفيها من العرب عن طريق مجلسي الأحكام العهديّة، وقد أصدر المجلسان المذكوران عدة أحكام بالنفي والإعدام والسجن مع الأشغال الشاقة على كثير من هؤلاء؛ وأخيرًا خرق جمال باشا النظام الأساسي لمتصرفية جبل لبنان بأن ولج بالجيش العثماني إلى أراضيه ناقضًا استقلاله الذاتي؛ ترافق ذلك مع انتشار المجاعة وغزوأسراب الجراد منذ ربيع 1915، فأتت على المحاصيل وارتفعت أسعار الطعام وفقد من بعض القرى والمدن، فأخذ الشعب يموت جوعًا، وشوهدت جثث الموتى على قوارع الطرق ومات في شمال سوريا وحدها من ستين إلى ثمانين ألفًا بالمجاعة، كذلك فقد انتشر خلال الحرب سياسة بتر الأشجار لتدفئة جنود الجيش العثماني وتسخير العمال في مشاريع عسكرية.

بطش جمال باشا لحق بجميع وجهاء وأعيان الجمعيات العربية في دمشق واعتقل أغلب رموزها من أمثال شكري القوتلي وفارس الخوري وغيرهما، وترافقت الاعتنطقات مع التعذيب وقوافل الإعدام، وقد لقّب جمال باشا "بالسفّاح" من حينها. وعندما زار فيصل دمشق للمرة الثالثة في يناير 1916 كان المناخ مؤاتيًا جدًا للثورة ومن جميع الاتجاهات.

ساحة المرجة يومستة مايو1916 الذي أصبح عيد الشهداء.

كانت بريطانيا عاجزة عن تحقيق نصر حاسم على العثمانيين طوال عام 1915 بل إنها تلقت هزيمة نكراء في معركة غاليبوي، وانسحبت من منطقة المضائق الهجرية، وكذلك تلقت هزيمة أخرى في الكوت التابعة للعراق في أبريل 1916. دفعت هذه الهزائم بريطانيا عن طريق مفوضها في مصر هنري مكماهون مراسلة الشريف حسين بهدف حضّه على إعلان الثورة على الدولة العثمانية؛ طالب الشريف حسين بدولة عربية برئاسته لكن أجوبة مكماهون كانت غامضة وغير حاسمة، سوى ذلك فإن الإنكليز لمقد يكونوا يعهدوا شيءًا عن الجمعيات السرية الناشطة في دمشق ما دفعهم لاعتبار الحسين يفاوض بمطامع شخصية، لإقامة دولة عربية يصبح خليفتها. انتهت مراسلات الحسين مكماهون في 30 يناير 1916 ولم يحرك ساكنًا لإطلاق الثورة، ثم أوفدت الحكومة الفرنسية إلى مصر وزير خارجيتها جورج بيكوفوصلها يومتسعة فبراير 1916 وبدأ مفاوضات مع المندوب الجديد في مصر مارك سايكس حول تطبيق مقررات مؤتمر سان بطرسبرغ، الذي عقده الحلفاء، وقد ولد بنتيجة المفاوضات اتفاق سايكس بيكويوم 16 مايو1916، ونصّ على منح سوريا ولبنان وكيليكيا ولواء إسكندرون لفرنسا لقاء دعم الجيش الفرنسي لبريطانيا.

الثورة العربية الكبرى وانهيار الدولة العثمانية

فيستة مايو1916 كان جمال باشا قد أقدم على إعدام أربعة عشر رجلاً من وجهاء سورية في بيروت ودمشق فكانت تلك أكبر قافلة للإعدام، وشكّلت محفزًا لفيصل لإعلان الثورة، فتوجّه إلى الحجاز ومن مكة أعرب ثورة العرب على الحكم العثماني يومعشرة يونيو1916 ومعه ألف وخمسمائة جندي وعدد من رجال القبائل المسلّحة، ولم يكن لجيش فيصل مدافع فقدّمت له بريطانيا مدفعين ساهما في تسريع سقوط جدة والطائف وتوجه منها إلى العقبة حيث بدأت الفترة الثانية من مراحل الثورة رسميًا أواخر عام 1917، مدعومة من الجيش البريطاني الذي احتلّ القدس فيتسعة ديسمبر 1917 وقبل نهاية العام كانت جميع أراضي سنجق القدس تحت الحكم البريطاني. أما جيش فيصل فكان ينموباطراد إذ انضم إليه ألفي جندي مع أسلحتهم بقيادة عبد القادر الحسيني قادمين من القدس كما انضم أغلب رجال قبائل تلك الأصقاع إلى الثورة.

الفريق أول هنري غورويتفقد جنوده في ميسلون، قبل وقوع المعركة الحاسمة مع الجيش الفيصلي، التي كان من نتائجها فصل لبنان عن سوريا وتوسيع حدود متصرفية جبل لبنان.

اشتكبت القوات العربية مع القوات العثمانية في معركة فاصلة قرب معان وأسفرت المعركة عن شبه إبادة للجيش السابع الهجري وكذلك الجيش الثاني، وسقطت معان في 23 سبتمبر 1918 تلتها عمان يوم 25 سبتمبر ثم درعا يوم 27 سبتمبر، وقبلها بيوم، أي في 26 سبتمبر كان الوالي العثماني وجنده قد غادروا دمشق إيذانًا بزوال حكم العثمانيين عنها، ودخلت قوات الثورة المدينة يوم 30 سبتمبر، وفيثمانية أكتوبر ولج الجيش الإنكليزي إلى بيروت وفي 18 أكتوبر خرج العثمانيون من طرابلس وحمص وفي 26 أكتوبر 1918 دخلت قوات الثورة العربية والحلفاء إلى حلب، وأبرزت هدنة مودروس في 30 أكتوبر 1918، والتي نصت على استسلام جميع القوات العثمانية وقبول الدولة العثمانية تخليها عن بلاد الشام والعراق والحجاز وعسير واليمن نهائيًا.

بعد زوال الحكم العثماني، تشكلت حكومة مؤقتة برئاسة علي رضا الركابي، وفي يونيو1919 أصبح المؤتمر السوري العام بمثابة برلمان بلاد الشام، وهوما كرّسه في إعلان استقلال بلاد الشام باسم "المملكة السورية العربية" فيثمانية مارس 1920، غير حتى الحلفاء رفضوا الاعتراف بالدولة التليدة، وفي أبريل 1920 خلال مؤتمر سان ريموفي إيطاليا قرر الحلفاء تقسيم البلاد إلى أربع مناطق تخضع بموجبها سوريا ولبنان للانتداب الفرنسي والأردن وفلسطين للانتداب البريطاني، وإن كان لبنان ومعه الساحل السوري وكذلك فلسطين لم تدخل عسكريًا تحت حكم المملكة نظرًا لكون جيوش الحلفاء فيها منذ نهاية الحرب العالمية، فإن الجيش الفرنسي توّجه نحودمشق واحتلها في أعقاب معركة ميسلون يوم 24 يوليو1920، وبذلك دخلت سوريا فترة الانتداب الفرنسي عليها.

التقسيمات الادارية

متصرفية جبل لبنان، أولى المتصرفيات العثمانية، استحدثت سنة 1861، عقب الفتنة بين الدروز والمسيحيين عام 1860.

بعد فتح السلطان سليم الأول لبلاد الشام عام 1516 أبقيت التقسيمات الإدارية كما كانت عليه أيام المماليك مع استبدال لفظ "نيابة" بلفظ "إيالة" ولفظ "نائب" بلفظ "والي" ويلحقه لقب التشريف باشا. اعتبرت بلاد الشام ولاية واحدة مركزها حلب ومقسمة إلى مجموعة من الوحدات الإدارية الأصغر هي السناجق. في عام 1549 تم التقسيم الأول:

  • إيالة حلب، وتحوي عشر سناجق هي حلب وأضنة ومرعش وعنتاب والبيرة/أورفة وكلس ومعرة النعمان وسلمية وحماة وحمص.
  • إيالة دمشق، وتحوي ثمانية سناجق هي دمشق وطرابلس الشام وصفد ونابلس والقدس واللجون والسلط وغزة.

في عام 1579 تم تعقيد التقسيم الإداري مع استحداث إيالة جديدة على أراضي كلا الولايتين السابقتين واستحداث سناجق جديدة، فأصبح التقسيم الإداري وفق الشكل التالي:

  • إيالة حلب، وتحوي خمسة سناجق هي حلب وأضنة ومرعش وعنتاب والبيرة/أورفة.
  • إيالة طرابلس الشام، تحوي أربعة سناجق هي طرابلس الشام واللاذقية وحماة وحمص.
  • إيالة دمشق، وتحوي عشرة سناجق هي دمشق وبيروت وعكار وصيدا وصفد ونابلس والقدس وغزة وحوران ومعان.

وفي عام 1568 أنشئت رابعة الإيالات السوريّة وهي إيالة الرقة التي تضم مناطق الجزيرة الفراتية وبادية الشام بهدف تأمين سيطرة أوسع على البدو، وفي عام 1660 استحدثت خامسة الإيالات وهي إيالة صفد التي سميت فيما بعد إيالة صيدا التي كانت تضم عكا والجليل وصفد وجبل عامل وجبل لبنان، وقد استحدثت للرقابة على جبل لبنان.

مكث التقسيم إلى خمس ولايات معتمدًا حتى القرن التاسع عشر ففي عام 1861 أنشئ نوع حديث من الإدارة هوالمتصرفية. كانت أولى المتصرفيات "متصرفية جبل لبنان"، وفي العام 1874 أصبحت القدس "متصرفية القدس الشريف". في عام 1877 وخلال فترة "التنظيمات" أعيد تقسيم البلاد إداريًا من جديد، واستبدل لفظ "إيالة" بلفظ "ولاية"، فهمًا حتى المتصرفيات لا تتبع للوالي بل ترتبط مباشرة بالصدر الأعظم. خلال فترة التنظيمات استبدل لفظ "إيالة" بلفظ "ولاية"، واستمرّ التقسيم منذ 1877 وحتى زوال الدولة عام 1918 وفق الشكل التالي:

  • ولاية حلب، وقد فصلت عنها ولاية أضنة.
  • ولاية سوريا، وعاصمتها دمشق وتضم أيضًا الأردن وفلسطين.
  • ولاية بيروت، التي ضمت مناطق كانت تتبع إيالة صيدا، وامتدت من اللاذقية شمالاً حتى نابلس جنوبًا، دون بعلبك والبقاع التي مكثت خاضعة لولاية دمشق.
  • متصرفية جبل لبنان، التي استحدثت في أعقاب مجازر 1860.
  • متصرفية القدس الشريف.
  • متصرفية الزور، التي ورثت إيالة الرقة، وضمت مناطق واسعة من الجزيرة الفراتية وبادية الشام.

وإلى جانب الولايات والسناجق هناك الدرجة الثالثة من التقسيمات وهي الأقضية على سبيل المثال فإن سنجق اللاذقية كان مقسمًا إلى أربعة أقضية هي اللاذقية وجبلة والحفة وبانياس. هذه التقسميات في المدن كان يقابلها أيضًا تقسيمات إقطاعية وراثية أصغر حجمًا وتديرها في الغالب إما عائلات بعينها أوأوقاف أوفرسان من الإنكشارية أوكبار ضباط الجيش.

الولاة

مدحت باشا، والي دمشق الإصلاحي في القرن التاسع عشر.

حسب شهادة المؤرخ فيليب حتي فإن اختيار الباب العالي للولاة لم يكن موفقًا في أغلب الأحيان، وكان الخوف من تمرد الولاة ماثلاً بشكل دائم ما ولّد حالة من عدم الاستقرار، على سبيل الموضوع تعاقب خلال السنوات السبعة الأولى بعد خروج محمد علي باشا من بلاد الشام ثمانية ولاة على جميع من طرابلس وصيدا، وتوالى على دمشق بين عامي 1516 و1700 أي خلال 184 عامًا 133 واليًا، 33 منهم فقط مكثوا في منصبهم ما يفوق السنتين. وبين عامي 1815 و1895 وهوتاريخ صدور آخر قانون ولايات عثماني توالى على دمشق 61 واليًا بمعدل والي جميع عام. ولم تكن حلب أحسن حالاً إذ تتالى تسعة ولاية خلال ثلاث سنوات في الفترة ذاتها.

وكان أغلب الولاة من غير السوريين ومن غير العرب، ولذلك فهم لم يملكوا المعلومات ولا الخبرة ولا القدرة الكافية لفهم واقع بلاد الشام المقسمة إثنيًا وطائفيًا وعشائريًا ومناطقيًا، وكذلك فشلوا في إقامة نظام إدارة مركزية قويًا، وكان لصغار الإقطاع على الداوم سيّما في الريف والمدن المتوسطة والصغيرة الحدثة الفصل، وكان في وسع الولاة استخلاص الكثير من إصلاحات إبراهيم باشا في البلاد لكن أيًا من ذلك لم يتحقق.

يضاف إلى ذلك كون ولايات الشام بعيدة نسبيًا عن العاصمة لذلك فإن أراد السلطان التخلّص من أحد سياسييه وإبعاده عن حاضرة الدولة عيّنه واليًا على هذه المناطق كما حصل مع مدحت باشا على سبيل المثال، إلى جانب الرشوة التي كان يدفعها البعض لحاشية السلطان لضمان تزكية اسمهم أمامه، وكانت ولايات الشام بغناها الاقتصادي والبشري فضلاً عن وقوعها على طرق الحج تشكل فرصة سانحة لأمثال هؤلاء. ولا يمكن حتى يغفل من فشل الولاة قضية صراع حكام الولايات المتجاورة مع بعضهم البعض والمعارك المسلحة التي كانت تنشأ بين ولاة دمشق وطرابلس وعكا بشكل شبه دائم، وكان من آثار هذه المعارك الداخلية إلى جانب انعدام الأمن زيادة الضرائب الداخلية في الولاية لتمويل جيشها. بكل الأحوال، لا يمكن في الوقت ذاته إغفال تعاقب ولاة مصلحين وذوي آثر سياسية واقتصادية وعمرانية هامة على البلاد، كولاة آل العظم في دمشق وكذلك مدحت باشا وناظم باشا، كما حتى الباب العالي حاول حل معضلة الولاة الغير مستقرين، في التنظيمات والأشكال الإدارية اللاحقة، كالمتصرفية والقائممقامية إذ حددت ولاية المتصرف أوالقائممقام سلفًا بعشر سنوات.

الجيش

جندي من الحوّالة، أحد الفرق العسكرية المحلية التابعة للإمارة الشهابية.

كان جيش السلطان المركزي وحتى القرن التاسع عشر مكون من مجندين دائمين هم "الإنكشارية"؛ غير إذا الإنكشارية قد تحولت إلى آلة لضعف الدولة وخلع السلاطين والصدور العظام وفرض مصالحها على الدولة وسياسيتها العامة، لذلك فقد عمد السلطان محمود الثاني للقضاء عليها واستبدالها بتأسيس جيش حديث على أساس الجندية الإجبارية. قبل هذا التاريخ لم يكن هناك تطويع إجباري للسوريين في الجيش العثماني، وكانت المدن الكبرى وعواصم الولايات تحوي بعض فرق وفصائل من الإنكشارية الصغيرة العدد وكانت أغلب كتائب الإقطاعيين المسلحة في الريف والمدن الصغيرة وحتى بعض الولاة قوامها جنسيات غير عربية كالألبان والأكراد والشراكسة وذلك لعدم ثقة الإقطاعيين بالفلاحين من أبناء البلاد في الغالب، وكان هؤلاء الجند من المرتزقة غير النظاميين أومستخدمين مسلحين من المشاة والخيالة، وفي حال استعصى الأمر على الإقطاعي كان يطلب مساعدة الوالي الذي يرسل إليه كتائب من جيش الولاية وهوغالبًا من الإنكشارية.

حشد للجيش العثماني بالقرب من القدس خلال الحرب العالمية الأولى.

بعد بناء الجيش العثماني النظامي ودخول نظام التجنيد الإجباري إلى سوريا عام 1851، كان هناك فيلق خاص في الجيش يدعى "عربستان" وهوأحد فيالق الدولة الخمسة وجل مجنديه من الشوام، وله سرعسكر خاص به ويتبع لوزارة الحربية العثمانية مباشرة. وكان الفيلق يعتبر منذ تأسيسه في النصف الثاني من القرن التاسع عشر أحد أبرز فيالق الدولة، وقد أبرق السلطان عبد الحميد الثاني إلى علي باشا والي دمشق مشيدًا "بقتال السوريين وتضحياتهم للدفاع عن الدولة" ويدعوهم لفتح باب التبرع في سبيل الجيش عام 1877، كما أشار السلطان في برقية أخرى أوفدها إلى الوسيط بينه وبين ثيودور هرتزل حتى اثنتين من كتائب جيشه اللتين قدمتا من سوريا وفلسطين قد "أبيدتا عن آخر رجل" في معركة بلافنا خلال الحرب ذاتها مع الإمبراطورية الروسية. وقد كانت مطالبة الجمعيات والأحزاب السياسية العربية المتنوعة بأن تكون خدمة الفيالق والمجندين العرب داخل الولايات العربية في حالات السلم، وأن تكون هذه الفيالق خاضعة لإدارة وتدريب ضباط عرب لا أتراك، إلا حتى سياسة الدولة العثمانية حينذاك، ممثلة بجمعية الاتحاد والترقي، رفضت هذه المطالب التي تبلورت رسميًا في مؤتمر باريس عام 1913 في المؤتمر العربي الأول، رغم موافقة السلطان محمد الخامس رشاد الصورية عليها، وكانت قضية الجيش التي ترتبط بدورها بقضية التجنيد الإجباري وما ولد من آثار سلبية كالهجرة الداخلية وتقسيم العائلات والمنازل إحدى إبرز القضايا التي أدت لانخراط السوريين في الثورة العربية الكبرى والانفصال عن الدولة العثمانية.

الاقتصاد

قابلة فندق بارون في حلب، وهومستمر في تقديم خدماته منذ 1909.
تاجر حرير يبتاع شرانق ديدان قز في أنطاكية قرابة سنة 1895.

ورثت العثمانيون بلاد الشام من المماليك، وهي ذات وضع اقتصادي متدهور سيّما بعد اكتشاف رأس الراتى الصالح واكتشاف أمريكا الجنوبية عام 1520 ما أدى إلى فقدان البحر الأبيض المتوسط والدول المشرفة عليه الدور التجاري التاريخية، غير حتى العثمانيون أبدوا اهتمامهم في القرن السادس عشر بالزراعة وبإنشاء القرى وتوطين البدوفشهدت البلاد انتعاشًا اقتصاديًا ملحوظًا. ومنذ سنة 1581 أخذ التجار الإنكليز والفرنسيين يتسابقون على الاستثمار في دمشق وحلب على وجه الخصوص، وبحسب تقرير القنصلية البريطانية فإن حلب وحدها اشتملت على ستين تاجرًا إنكليزيًا عام 1622. وبحسب رأي فيليب حتي فإن شهرة حلب التجارية قد بلغت شأنًا مرتفعًا في الغرب وذكرت في أدبيات تلك الفترة بما فيها شكسبير. وكانت المدينة تعتبر ثالث مدن الدولة أهميةً بعد جميع من الآستانة والقاهرة، وقد ساعد نشاط حلب في الاستيراد والتصدير نموصناعات عديدة على رأسها الحرير في لبنان والقطن في الجزيرة الفراتية والصوف والزيت في فلسطين والتبغ في اللاذقية والذي اعتبر من "أجود دخان عصره"، وما ساهم في انتعاش السوق السورية أيضًا كون أسعارها أقل مقارنة بأسعار التجار البرتغاليين الذين كانوا يديرون شؤون التجارة عبر المحيطات الجنوبية حينها، وهوما ساهم في عودة مسقط سوريا التجاري بين الشرق والغرب.

وقد ازدهر في سوريا العثمانية على وجه الخصوص "الخانات"، وهي بناء مربع من طابقين في وسطة ساحة مكشوفة يستخدم في ادلور الأسفل مستودات للبضائع وفي الدور الأعلى كفندق للتجار. وقد ذكر أحد مؤرخي الدولة عام 1770 كما نقل حتي أيضًا حتى مصلحة الجباية في ولاية حلب لديها من المال ما يكفي لشراء الصدارة العظمى نفسها في العاصمة. غير حتى من سلبيات القرن الثامن عشر ضعف الاهتمام بالريف فانخفض عدد القرى المأهولة من 3200 قرية إلى 400 عام 1785 ولا شكّ حتى انعدام الأمن وهجمات قطاع الطرق لعبت دورًا في ذلك، كما حتى تراجع الوضع الاقتصادي يرتبط بارتفاع الضرائب بشكل متزايد وفقدان قيمة النقد العثماني نتيجة الديون وفتح البضائع الأوروبية أمام الأسواق الشامية بمعاهدة تجارة حرة أبرمت عام 1838 وهوما أضر بالصناعات الوطنية فضلاً عن حروب الدولة المتلاحقة وما تستلزمه من نفقات الجيش والأسلحة. ومن المعلوم أنه خلال قرن واحد بين 1582 و1681 كانت الضرائب قد ارتفعت على الأفراد مقدار ثلاثة عشر ضعفًا، ولا يمكن حتى يغفل جور بعض الإقطاعيين في فرض ضرائب إضافية على فلاحيهم ما جعل الوضع الاقتصادي في الريف أقل مما هوعليه في المدن، فضلاً عن نفقات القصر السلطاني "الفاحشة" كما يرى قيس العزاوي.

عاد الازدهار مجددًا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، سيّما مع مشروع سكة الجديد الذي يربط الآستانة بحلب ومنها نحوبعداد والذي اعتبر "قناة السويس السورية" لنقل البضائع وتيسير مرورها على طريق حلب التي منها انطلق أيضًا الخط الحديدي الحجازي نحودمشق والحجاز وبالتالي جلبت "قناة السويس السورية" هذه ازدهارًا لموانئ البلاد في طرابلس وإسكندرون وبيروت، وتحولت سوريا وحلب على وجه التحديد إلى "السوق الرئيسية للشرق الأدنى كافة" وأنشأت نقابات للتجار والعمال بعضها أجنبي كنقابة تجار البندقية؛ ومع بداية القرن العشرين كان في حمص 5,000 عامل في قطاع المنسوجات وحده، واشتهرت المدينة بالمصانع حتى أسماها القنصل البريطاني "مانشستر السورية"، وكانت عشرين باخرة سنويًا تأتي من فرنسا لنقل تبغ جبال اللاذقية إلى أوروبا والذي اشتهر بجودته، وفتحت فروع لبنوك فرنسية وإنكليزية في سوريا، وكانت البلاد تصدر مختلف أنواع المزروعات والصناعات إلى أوروبا والولايات المتحدة وكانت فرنسا على رأس المستهلكين بنحوثلث الصادرات.

أربع أسواق شعبية عثمانية في دمشق

الثقافة

"خان الدخان" في اللاذقية المبني عام 1896، كمقرّ لتجار التبغ، حوّل لاحقًا إلى مقر الحاكم الفرنسي لدولة الجبل وحاليًا هوالمتحف الوطني باللاذقية.

لم يدعم العثمانيون الثقافة خلال فترة حكمهم لسوريا، فلا يذكر التاريخ شاعرًا أوأديبًا أوعالمًا أوجغرافيًا سوريًا خلال الفترة الممتدة من القرن السادس عشر وحتى القرن التاسع عشر، ولذلك فهوبرأي البعض عصر "جمود وعقم". يستثنى من ذلك عدد من الفهماء الذين نبغوا في العاصمة أمثال المؤرخ أحمد بن سنان القرماني الدمشقي المتوفي عام 1610 ونجم الدين المحدّث المتوفي عام 1651 ومحمد القرني التلمساني المتوفي عام 1632 والذي وضع "تاريخ الأندلس الأدبي"، ومن الأعلام البازرة خلال تلك الفترة أيضًا عبد الغني النابلسي المتوفي عام 1731 وهوفيلسوف وعالم صوفي، إلى جانب بعض رجال الدين أمثال الفقيه إبراهيم الحلبي المتوفي عام 1594 والذي ألّف كتابًا بالفقه الحنفي هو«ملتقى الأبحر» غدا مصدر التشريع والقضاء في الدولة قاطبة حتى صدور "مجلة الأحكام العدلية".

في النصف الثاني من القرن التاسع عشر انطلقت "النهضة العربية" وكان أحد جناحيها في سوريا ولبنان بينما الآخر في مصر، ولم تكن النهضة بتشجيع عثماني بقدر ما كانت نتيجة إصلاحات إبراهيم باشا وعوامل عدة منها منع التمييز بين المواطنين وانتشار الجامعات والمدارس الأجنبية والوطنية وتحسّن الاتقصاد، وقد برز خلال النهضة عدد وافر من الشعراء والأدباء في الوطن كما في المهجر، إلى جانب نشوء الجمعيات السياسيّة التي تقابل الأحزاب حاليًا، ومن منظري السياسة في تلك الفترة عبد الرحمن الكواكبي وساطع الحصري. أما على صعيد الصحافة وهي بدورها كانت غائبة عن الدولة حتى 1831 وعن اللغة العربية حتى عام 1855 حين قام رزق الله حسون الحلبي في إسطنبول بإنشاء أول صحيفة عربية أسماها «مرآة الأحوال» لتكون من الثمار المبكرة للنهضة، تلتها صحيفة «السلطنة» عام 1857، وأما أول صحيفة تصدر في سوريا فهي «حديقة الأخبار» عام 1858 من بيروت وقد أنشأها خليل الخوري تلتها «نفير سوريا» عام 1860 على يد بطرس البستاني و«الجنائن» عام 1871، ومن بعدها تكاثرت الصحف وانتشرت أيضًا الصحف ذات الانتشار المحلي على مستوى المدن، كما انتقل عدد من الصحفيين إلى مصر التي كانت تنعم بجومن الحرية في عهد الخديوي اسماعيل وأسسوا فيها صحفًا ودوريات أدبيّة.

وكالصحافة كذلك المخطات، لم تكن البلاد تحوي من المخطات شيءًا سوى ما تحويه مخطات المساجد الكبرى، وخلال النهضة أعيد افتتاح وتنظيم بعض المخطات السابقة كالمخطة الظاهرية في دمشق عام 1880 والتي أصبحت "دار الخط الوطنية"، وتأسست المخطة الشرقية في بيروت عام 1880. وعدد من المخطات الأخرى الأصغر حجمًا في سائر المدنن ويعود للفترة ذاتها نشأة المسرح السوري على يد أبوخليل القباني.

أما اللغة، فقد بقيت اللغة العربية هي اللغة الواسعة الانتشار والفهم في البلاد خلال العصر العثماني، ولم تفلح سياسة جمعية الاتحاد والترقي بدءًا من أواخر القرن التاسع عشر إحلال الهجرية مكانها، رغم كون الهجرية وطوال العهد العثماني اللغة الرسمية في دوائر الدولة رغم مطالبة الجمعيات السياسية والثقافية العربية الاعتراف باللغات المحلية في الولايات. يذكر فيما يخصّ اللغة حتى عددًا وافرًا من المصطلحات الهجرية قد دخلت اللهجة السورية خصوصًا تلك المتصلة بالسياسة أوالجيش أوالطعام، مثل طبنجة للإشارة إلى البندقية، وكراكون للإشارة إلى مخفر الشرطة وكزلك للإشارة إلى النظارات، إلى جانب استخدام اللازمة جي من اللغة الهجرية وإضافتها للصفات بحيث تصبح موصوفًا أي مثلاً مشكلجي للإشارة إلى الأشخاص الكثيروالمشاكل وخضرجي لبائع الخضار، وبحسب درس أجري العام 1929 فإن لهجة أهل دمشق تحوي نحو600 لفظة هجرية؛ إلى جانب الألقاب الهجرية مثل باشا وآغا وخواجا، وبشكل عام فإن اللغة الهجرية تعتبر ثاني لغة اقتبست منها اللهجة الشامية بعد اللغة السريانية؛ أما المطبخ السوري تأثره بدوره بالمطبح الهجري سيّما المأكولات الحلبيّة وتضم قائمة المأكولات المنتشرة في سوريا عدة أصناف من الأطعمة ذات المنشأ الهجري كالشاورما والشيش طاووق والشيش برك وسواها. يعتبر الحكواتي الذي يقصّ السير على مستعمين في القهوة من عناصر الثقافة السورية خلال العصر العثماني إلى جانب عدة آثار أخرى في المجتمع كاستعمال الطربوش.

التعليم

ثانوية برمّانا قرابة سنة 1890. إحدى أعرق وأقدم المدارس في بلاد الشام عمومًا ولبنان خصوصًا، تأسست على يد إرسالية سويسرية، ودرست فيها بعض الشخصيات العربية واللبنانية الشهيرة.

كان المسجد حتى القرن التاسع عشر يشكل حلقة التعليم الأولى والوحيدة في الدولة ويتم بها تلقين الكتابة والقراءة ومبادئ الرياضيات، ولدى المسيحيين كان الأمر مشابهًا في الكنائس، وفي المدن الكبرى مدراس البعثات التبشيرية والرهبنات. وبحسب شهادة الشيخ طاهر الجزائري الذي عاصر تلك الفترة فإنه كان يندر حتى تجد في الحي إلا أفرادًا قلائل يجيدون القراءة والكتابة بشكل جيد، أومواطنًا قرأ كتابًا واحدًا في حياته. وظلت سوريا لا تحوي أي مدرسة حكومية أوجامعة حتى قدوم ابراهيم باشا وعنايته بتأسيس ثلاث مدراس في دمشق وأنطاكية وحلب كانت تخرج ستمائة طالب سنويًا وعدد أكبر من المدارس الابتدائية للذكور والإناث في المدن الصغيرة والمتوسطة، وكان مدحت باشا أول الولاة العثمانيين الذين اهتموا ببناء المدارس فأسس في ولايته سبع مدارس ابتدائية ومدرسة للأيتام وأخرى عسكرية ورابعة ثانوية بين عامي 1878 و1880. خلال الفترة السابقة لمدحت باشا واللاحقة لابراهيم باشا أي بين 1840 و1880 افتتح عدد كبير من المدارس والمعاهد والجامعات ولكنها كانت تابعة للبعثات والقنصليات الأوروبية وانحصر تأثيرها في علية القوم وطبقتهم الغنية، وقد نادى بعض المفكرين أمثال بطرس البستاني إلى أهمية تأسيس مدارس وطنية غير أوروبية وافتتح بنفسه عددًا منها أواسط القرن التاسع عشر، ويعود للفترة ذاتها تأسيس أول جامعتين في سوريا هما الكلية السورية الإنجيلية عام 1866 والتي أصبحت لاحقًا "الجامعة الأمريكية في بيروت"، وجامعة القديس يوسف عام 1874، وكان نواة تأسيس جامعة دمشق باسم "الجامعة السورية" عام 1903 وأصبحت جامعة رسميًا عام 1913. ولم يلغ دور المسجد نهائيًا إلا مع تطور وانتشار المدارس في كافة أنحاء دمشق، وقد بلغ عدد مدارس المدينة أواخر القرن التاسع عشر 103 مدارس منها 19 مدرسة مختلطة و16 مدرسة للإناث و68 مدرسة للذكور.

الدين

جامع خالد بن الوليد في حمص، وقد بني بشكله الحالي عام 1908.
مسيحيون يحتلفون بعيد مار إلياس في جبل الكرمل، عكا.

كفل العثمانيون الحرية الدينية وفق نظام خاص هو«نظام الملل»، ومع ختام العهد العثماني كان ما بين 25 و30% من السكان مسيحيين وما بين 70 و75% من مسلمين عمادهم الرئيس السنّة وهم الأغلبية يليهم العلويون والإسماعيليون والدروز؛ إلى جانب عدد وافر من اليهود سيّما في دمشق وحلب والقامشلي. غير أنّ «نظام الملل» لم يكن يخلومن السلبيات، إذ وجده بعض المؤرخين أداة لتقسيم الدولة على نحوطائفي، وازدياد التكتل الممضىي فيها خاصة مع حصر علاقة الدولة مع مواطنيها غير المسلمين عن طريق طوائفهم الدينية، كما يرى المؤرخ ألبرت حوراني، سيّما مع كون رؤساء اطلوائف المختلفين بتثبيتهم من قبل السلطان تغدولقراراتهم صفة القانون النافذ، في الشؤون الدينية والمدنيّة أيضًا؛ رغم ذلك فإن كارل بروحدثان اعتبر حتى الدولة "كانت تعيش أجمل أيامها في النصف الأول من القرن السادس عشر، كملجأ للسلام الديني بين مختلف الجماعات، بوجه أوروبا المضطهدة". السلبيات الأخرى تمثلت، بالتقييدات التي وضعها النظام على بناء وترميم الكنائس والأديرة والمقابر وسائر المؤسسات الدينية، كما أنه وبين عامي 1681 و1836 طبقت الدولة سلسلة إجراءات تمييزية بحق مواطنيها المسيحيين واليهود كالإجبار على لبس ثياب قاتمة أوالمنع من السير وسط الطريق وغيرها من الإجراءات المنسوبة إلى عمر بن عبد العزيز وليس للقرآن أوالسنة وإن كان بعض الباحثين قد أعادها إلى المتوكل على الله في القرن التاسع. وأيًا كان، فإن هذه الإجراءات قد دفعت المسيحيين إلى التقسقط في أحياء خاصة كباب توما وباب شرقي في دمشق والحميدية وكرم الزيتون في حمص وأدت أيضًا إلى نشوء مدن صغيرة مسيحية كصيدنايا وصافيتا وزحلة في الريف.

كذلك فإن المسيحيين أخذوا ومنذ القرن السابع عشر بالحصول على سلسلة امتيازات خارجية تمثلت بوضع الدول الأوروبية لطوائف مسيحية بعينها تحت حمايتها، فحمت فرنسا والنمسا الكاثوليك والإمبراطورية الروسية الأرثوذكس، وكانت هذه الامتيازات تضم تسهيلات في السفر والتقاضي والتعليم والإعفاء من الضرائب في قطاعات بعينها. وكانت الخدمة العسكرية محصورة بالسنة أما المسيحيون فيدفعون جزية سنوية تبلغ مجيديين سنويًا أي خمسي الليرة العثمانية المضىية عن جميع ذكر بين السادسة عشر والسبعين. ومنح العثمانيون للموارنة امتيازًا ميزهم عن سائر الطوائف المسيحية، وهوعدم وجوب طلب البطريرك والمطارنة الفرمان من الباب العالي، كي تعترف الحكومة بسلطتهم على رعاياهم،

في عام 1839 صدر خط كلخانة، الذي ألغى الجزية ومنع تعييرات المسيحيين واليهود، وساوى بين المسلمين وسواهم من مواطني الدولة، وخفف القيود على بناء الكنائس وسائر المؤسسات الدينية، وفي عام 1841 أصدر الباب العالي فرمانًا آخر يقضي بتجريم التمييز بين السوريين على اختلافهم، ويعتبر الخط الهمايوني من التشريعات الهامة أيضًا فيما يخصّ علاقة الأديان المتنوعة بالدولة من جهة، وحقوق الأقليات الطائفيّة من جهة ثانية، خاصة حتى الدولة لم تعترف أبدًا ببعض الطوائف المنتشرة بشكل واسع في البلاد، أمثال العلويين والإسماعيليين والدروز.

أما طبقة المشايخ، كانت تتمتع بسلسلة امتيازات خاصة تشبه ما للإقطاعيين في النظام الاقتصادي، فهم ذوي استقلال داخلي، ولهم رواتب من وزارة الأوقاف الإسلامية التي تعينهم وتنقلهم وتعفيهم وفق مصالحها، كذلك فهم معفيون من الضرائب. وكان للأساقفة والكهنة والحاخامين بضع امتيازات شبيهة. أما القضاء فكان منحصرًا بيد الطبقة الدينية جميع حسب دينه، ولم تأخذ المحاكم التجارية والجزائيّة بالظهور إلا مع القرن التاسع عشر وإصلاح الدولة.

المجتمع

رسم من أواخر القرن التاسع عشر يُظهر على اليسار أميرًا من جبل لبنان، وعلى اليمين رجلاً من أهل دمشق.

كان عدد سكان سوريا حين سيطر عليها العثمانيون نحومليون نسمة، ومع بداية القرن العشرين كان العدد نحوثلاثة ملايين ونصف، لعلّ إحدى أبرز مميزات العهد العثماني سيّما في القرن التاسع عشر تمثل بتوطين البدوفي قرى جاهزة أقيمت في ريف دمشق وحول حمص وحلب بل وفي مناطق أخرى على نهر الفرات نشأت مدن جديدة بحد ذاتها. فمنبج القديمة التي تعود بتاريخها للعصر الحثي كانت قد هُجرت وخُرّبت أيام المماليك، وقد قدمها عبد الحميد الثاني للبدووالشركس المهاجرين عام 1873، وخلال السنوات اللاحقة لفت مسقطها التجاري وتربتها الخصبة مزيدًا من المواطنين فاستقرت بها عشائر كردية ووافدين من حلب، ورمم مسجدها الذي يعود لأيام نور الدين زنكي عام 1880؛ واتبعت المنطقة للأملاك السلطانية المباشرة والخاصة واستمرت في ذلك حتى عام 1908 وهوعام خلع عبد الحميد. كذلك حال المدينتين التاريخيتين في قرقيسيا والرحبة، حيث تم توطين جزء من عشائر العقيدات في المدينتين ما أدى إلى انتعاشهما، وفي دير الزور تأسست المدينة بشكلها الحديث عام 1830 ومنح أهلها سلاحًا للدفاع عنها من هجمات العشائر كحال عشيرة أبوسرايا التي كانت تغير بين الفنية والأخرى على المدينة بهدف السيطرة عليها، وفي عام 1868 أصبح الدير متصرفية خاصة، فسعى المتصرفون لتشييد المباني الحجرية وشق الطرقات والعناية بالزراعة وإدخال الزي الأوروبي والعادات الحضرية، فانتعش عدد سكانها من نحوألف إلى نحوتسعة آلاف بداية القرن العشرين، وهم عائلات وبطون من قبائل شمر والبقارة وحرب. وقد أدى ازدهار دير الزور أواخر العهد العثماني لازدهار عدد من البلدات والقرى المجاورة كالميادين والبوكمال، من قبائل تلك النواحي.

العامل الثاني في ديموغرافيا سوريا خلال تلك الفترة تمثل بقدوم آلاف الشركس للعيش في سوريا بعد الحرب الروسية العثمانية عام 1877، أيضًا فإن الأرمن بعد المذابح الأرمنية والسريان في أعقاب المذابح الآشورية قد وفدوا من الأناضول والعراق إلى سوريا، وبينما استقر الأرمن على وجه الخصوص في حلب ودمشق وحمص وكسب، فإن الجزيرة الفراتية - محافظة الحسكة حاليًا - وحمص، كانت الجاذب الأكبر للآشوريين. يذكر في هذا الخصوص أنّ دير الزور كانت إحدى الأماكن التي هُجّر إليها الأرمن قسرًا من الأناضول بأعداد كبيرة، وقد لاقى الكثير من الأرمن حتفهم فيها. فهمًا حتى موجة الهجرة الآشورية تكررت في أعقاب مذبحة سميل عام 1933.

أيضًا فإن الهجرة من سوريا نحوالعالم الجديد سيّما نحوالولايات المتحدة والبرازيل قد بدأ في أعقاب النصف الثاني من القرن التاسع عشر؛ نشطت الهجرة في أوساط الريف والمدينة على حد سواء، وكان جور الإقطاع المحلي والضرائب الباهظة والتجنيد الإجباري وسياسة التتريك التي انتهجتها جمعية الاتحاد والترقي فضلاً عن الامتيازات الأوروبية على رأس عوامل الهجرة، التي تحولت إلى ما يشبه الظاهرة، ونشأت جمعيات أدبية واجتماعية في المهجر تنادي بحقوق المغتربين، كما ارتبطت بالذاكرة الشعبيّة عن طريق مجموعة من الأغاني والزجليات.

انظر أيضاً

  • تاريخ سوريا
  • سوريا الرومانية
  • اتفاقية سايكس بيكو
  • المملكة العربية السورية
  • الانتداب الفرنسي على سوريا
  • سوريا الجنوبية

المصادر

  1. ^ Gaskin, James J. 1846 Geography and sacred history of Syria p.33
  2. ^ هاممه ر. دولت عثمانيه تاريخي، استانبول 1330. ج4. ص:195-196، وهناك رواية تذكر ان ماجرى كان في الخطبة ومشهد اللقب لم يكن في حلب بل في القاهرة بعد فتح مصر.
  3. ^ تاج التواريخ. ج أربعة ص:290-291
  4. ^ فاضل بيات. دراسات في تاريخ العرب في العهد العثماني.ط:1 2003. دار المدار الإسلامي ISBN 9959-29-164-2
  5. ^ تاج التواريخ. 4 : 291. هاممه ر. 4 : 195
  6. ^ سوريا خلق دولة، وديع بشور، دار اليازجي، دمشق 1994، ص.192
  7. ^ خوجة سعد الدين أفندي. تاج التواريخ. ج أربعة ص:295
  8. ^ تاريخ سورية ولبنان وفلسطين، فيليب حتي، المطبعة الحديثة، بيروت 1983، ص.306
  9. ^ تاريخ وسورية ولبنان وفلسطين، مرجع سابق، ص.307
  10. ^ تاريخ سورية ولبنان وفلسطين، مرجع سابق، ص.311
  11. ^ دمشق في العهد العثماني، موسوعة دهشة،ستة ديسمبر 2011.
  12. ^ دمشق: تاريخ (بالإنكليزية)، روس برونز، ص.229
  13. ^ سوريا خلق دولة وولادة أمة، مرجع سابق، ص.193
  14. ^ المصور في التاريخ، الجزء السابع، دار الفهم للملايين، بيروت - لبنان، تأليف: شفيق جحا، منير البعلبكي، بهيج عثمان. محالفة فخر الدين مع توسكانة، صفحة: 34 - 36
  15. ^ الدولة العثمانية: قراءة جديدة لعوامل الانحطاط، قيس جواد العزاوي، الدار العربية للعلوم، طبعة ثانية، بيروت 2003، ص.90
  16. ^ تاريخ سورية وفلسطين في العهد العثماني، قسطنطين بازيلي، دار التقدم، موسكو1989، ص.34
  17. ^ تاريخ الدولة العليّة العثمانية، الأستاذ محمد فريد بك المحامي، دار المناهل، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 283 ISBN 9953-18-084-9
  18. ^ الدولة العثمانية: قراءة جديدة لعوامل السقوط، مرجع سابق، ص.91
  19. ^ تاريخ سورية وفلسطين في العهد العثماني، مرجع سابق، ص.37
  20. ^ سوريا خلق دولة وولادة أمة، مرجع سابق، 196
  21. ^ حضارة وادي الفرات- القسم السوري، عبد القادر عياش، دار الأهالي، دمشق 1996، ص.321 خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صالح؛ الاسم "خامس" معهد أكثر من مرة بمحتويات مختلفة. خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صالح؛ الاسم "خامس" معهد أكثر من مرة بمحتويات مختلفة.
  22. ^ حضارة وادي الفرات، مرجع سابق، ص.323
  23. ^ تاريخ سورية ولبنان وفلسطين، مرجع سابق، ص.309
  24. ^ تاريخ سورية وفلسطين في العهد العثماني، مرجع سابق، ص.44
  25. ^ تاريخ سورية وفلسطين في العهد العثماني، مرجع سابق، ص.47
  26. ^ تاريخ سورية وفلسطين في العهد العثماني، مرجع سابق، ص.48
  27. ^ مجلة الجامعة الإسلامية، العدد الثاني، يونيو2005، ص.39
  28. ^ مجلة الجامعة الإسلامية، مرجع سابق ،ص.43
  29. ^ مجلة الجامعة الإسلامية، مرجع سابق، ص.46
  30. ^ تاريخ سورية ولبنان وفلسطين، مرجع سابق، ص.312
  31. ^ سوريا خلق دولة وولادة أمة، مرجع سابق، ص.194
  32. ^ سوريا خلق دولة وولادة أمة، مرجع سابق، ص.195
  33. ^ تاريخ سورية ولبنان وفلسطين، مرجع سابق، ص.319
  34. ^ سوريا خلق دولة وولادة أمة، مرجع سابق، ص.196
  35. ^ تاريخ سورية ولبنان وفلسطين، مرجع سابق، ص.59
  36. ^ المصور في التاريخ، الجزء السابع، تأليف: بهيج عثمان، شفيق جحا، منير البعلبكي، دار الفهم للملايين، بيروت - لبنان الطبعة السادسة 1999، صفحة: 112
  37. ^ أحمد باشا الجزار وعصره، فلسطين، 16 ديسمبر 2011.
  38. ^ غرو، نابليون بونابرت يزور ضحايا الطاعون في يافا، 1804
  39. ^ تاريخ سورية وفلسطين في العهد العثماني، مرجع سابق، ص.69
  40. ^ تاريخ سورية وفلسطين في العهد العثماني، مرجع سابق، ص.89 خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صالح؛ الاسم "رابع" معهد أكثر من مرة بمحتويات مختلفة.
  41. ^ تاريخ سورية وفلسطين في عهد العثماني، مرجع سابق، ص.77
  42. ^ المصور في التاريخ، الجزء السابع، دار الفهم للملايين، تأليف: شفيق جحا، بهيج عثمان، منير البعلبكي. بيروت - لبنان. بونابرت في لبنان الجنوبي، صفحة 131 - 132
  43. ^ أحمد باشا الجزار، ورقة، 16 ديسمبر 2011.
  44. ^ حضارة وادي الفرات، مرجع سابق، ص.324
  45. ^ تاريخ سورية وفلسطين في العهد العثماني، مرجع سابق، ص.86
  46. ^ تاريخ الدولة العلية العثمانية، مرجع سابق، ص.339
  47. ^ عاصم, إسماعيل كوچك چلبي زادة (1290هـ). شاني زادة تاريخي. الجزء الأول. إسطنبول: مطبعة سي. pp. صفحة 237. Check date values in: |year= (help)
  48. ^ تاريخ سورية وفلسطين في العهد العثماني، مرجع سابق، ص.93
  49. ^ تاريخ سورية وفلسطين في العهد العثماني، مرجع سابق، ص.95
  50. ^ تاريخ سورية وفلسطين في العهد العثماني، مرجع سابق، ص.104
  51. ^ تاريخ سورية وفلسطين في العهد العثماني، مرجع سابق، ص.105
  52. ^ تاريخ سورية وفلسطين في العهد العثماني، مرجع سابق، ص.106
  53. ^ تاريخ سورية وفلسطين في العهد العثماني، مرجع سابق، ص.111
  54. ^ الرافعي, عبد الرحمن (2000). "الحروب في جزيرة العرب". تاريخ الحركة القومية، وتطور نظام الحكم، ج3 عصر محمد علي. مخطة الأسرة. القاهرة: مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب. pp. صفحة 134-135. ISBN .
  55. ^ تاريخ الدولة العلية العثمانية، مرجع سابق، ص.449
  56. ^ تاريخ الدولة العلية العثمانية، مرجع سابق، ص.448
  57. ^ حروب إبراهيم باشا المصري في سوريا والأناضول. تحقيق أسد رستم، منشورات المخطة البولسية، لبنان، 1986. صفحة: 14-15
  58. ^ الشهابي, أحمد حيدر (1984). "لبنان في عهد الأمراء الشهابيين، الجزء الثالث". الغرر الحسان في أخبار أبناء الزمان. بيروت-لبنان: منشورات المخطة البوليسية. pp. صفحة: 820-821؛ 867-868.
  59. ^ تاريخ سورية وفلسطين في العهد العثماني، مرجع سابق، ص.127
  60. ^ رستم, أسد (1985). بشير بين السلطان والعزيز 1804-1840. بيروت-لبنان: منشورات المخطة البوليسية. pp. صفحة: 85-86.
  61. ^ سوريا خلق دولة وولادة أمة، مرجع سابق، ص.206
  62. ^ سوريا خلق دولة وولادة أمة، مرجع سابق، ص.207-208
  63. ^ تاريخ سورية وفلسطين في العهد العثماني، مرجع سابق، ص.151
  64. ^ تاريخ سورية وفلسطين في العهد العثماني، مرجع سابق، ص.152
  65. ^ سوريا خلق دولة وولادة أمة، مرجع سابق، ص.208
  66. ^ تاريخ سورية وفلسطين في العهد العثماني، مرجع سابق، ص.157
  67. ^ تاريخ سورية وفلسطين في العهد العثماني، مرجع سابق، ص.159
  68. ^ تاريخ سورية وفلسطين في العهد العثماني، مرجع سابق، ص.161
  69. ^ تاريخ الدولة العلية العثمانية، مرجع سابق، ص.455
  70. ^ عبد الرؤوف سنّو. "العلاقات الروسية العثمانية 1687-1870". مجلة تاريخ العرب والعالم، أعداد: 33-34؛ 77-78؛ 79-80
  71. ^ كامل, مصطفى (1898). المسألة الشرقية. القاهرة-مصر. pp. صفحة: 89.
  72. ^ تاريخ الدولة العلية العثمانية، مرجع سابق، ص.468
  73. ^ تاريخ الدولة العلية العثمانية، مرجع سابق، ص.462
  74. ^ تاريخ الدولة العلية العثمانية، مرجع سابق، ص.469
  75. ^ كامل, مصطفى (1898). المسألة الشرقية. pp. صفحة: 99-100.
  76. ^ تاريخ سورية وفلسطين في العهد العثماني، مرجع سابق، ص.210
  77. ^ تاريخ سورية وفلسطين في العهد العثماني، مرجع سابق، ص.212
  78. ^ تاريخ الكنيسة في الشرق، مرجع سابق، ص.322
  79. ^ العائلات المسيحية الدمشقية، المعابر، 14 يناير 2012.
  80. ^ المصور في التاريخ، الجزء السابع، دار الفهم للملايين، بيروت - لبنان، تأليف: شفيق جحا، بهيج عثمان، منير البعلبكي: الفتنة الكبرى 1860، صفحة: 198-199
  81. ^ جريدة النور: حوادث 1860 في لبنان ودمشق فتنة دينية أم مؤامرة سياسية غربية؟!؛ صفحة الرأي- بقلم الأستاذ إلياس بولاد، محاضرة في مركز اللقاء ببطريريكية الروم الكاثوليك بدمشق: 3/ 2/ 2006.
  82. ^ من أوربان الثاني إلى جورج بوش الثاني، أمير الصوّا، دار الينابيع، دمشق 2004، ص.109 البلاد العربية في القرن التاسع عشر.ص.112</
  83. ^ عصر السلطان عبد الحميد، مرجع سابق، ص.211
  84. ^ عصر السلطان عبد الحميد، مرجع سابق، ص.271.
  85. ^ عصر السلطان عبد الحميد، مرجع سابق، ص.272
  86. ^ عصر السلطان عبد الحميد، مرجع سابق، ص.285
  87. ^ يذكر حتى الشريف حسين قد أبرق إلى جمال باشا وإلى الصدر الأعظم والسلطان بوجوب حصر العقوبة بالسجن المؤبد، إذا ما أدين أحد المعتقلين، بيد حتى الشفاعات لم تجد نفعًا، وكان أول الضحايات يوسف الهاني إذ أعدم في بيروت يومخمسة أبريل 1916، وكان قد سبقه في 20 أغسطس 1915 أول قافلة من الشهداء مكونة من أحد عشر رجلاً هم: صالح حيدر، ومحمود المحمصاني، ومحمد المحمصاني، وسليم عبد الهادي، وعبد الكريم الخليل، ونايف تللو، وعبد القادر خرسا، وعلي أرمنازي، ونور الدين القاضي، ومسلم عابدين، ومحمود العجم، ونخلة مطران، ويوسف الحايك. انظر سوريا خلق دولة، مرجع سابق، ص.235
  88. ^ السادس من أيار عيد الشهداء ذكرى أول قافلة للشهداء في سبيل الحرية ما هي سيرة هذا اليوم المجيد؟
  89. ^ سوريا خلق دولة وولادة أمة، مرجع سابق، ص.241
  90. ^ عصر السلطان عبد الحميد، مرجع سابق، ص.287
  91. ^ سوريا خلق دولة وولادة أمة، مرجع سابق، ص.307
  92. ^ سوريا خلق دولة وولادة أمة، مرجع سابق، ص.309
  93. ^ ضمن سلسلة المدن السورية : تاريخ مدينة دير الزور..مع صور نادرة، عكس السير، 12 يناير 2012.
  94. ^ تاريخ سورية ولبنان وفلسطين، مرجع سابق، ص.314
  95. ^ تاريخ سورية وفلسطين في العهد العثماني، مرجع سابق، ص.287
  96. ^ تاريخ سورية ولبنان وفلسطين، مرجع سابق، ص.315
  97. ^ تاريخ سورية وفلسطين في العهد العثماني، مرجع سابق، ص.291
  98. ^ عصر السلطان عبد الحميد، مرجع سابق، ص.268
  99. ^ عصر السلطان عبد الحميد، مرجع سابق، ص.280
  100. ^ عصر السلطان عبد الحميد، مرجع سابق، ص.269
  101. ^ تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين، مرجع سابق، ص.319
  102. ^ حكاية تبغ اللاذقية، صحيفة الوحدة، 15 ديسمبر 2011.
  103. ^ تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين، مرجع سابق، ص.320
  104. ^ الدولة العثمانية: قراءة جديدة لعوامل الضعف والسقوط، مرجع سابق، ص.35
  105. ^ تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين، مرجع سابق، ص.321
  106. ^ عصر السلطان عبد الحميد، مرجع سابق، ص.267
  107. ^ تاريخ سورية ولبنان وفلسطين، مرجع سابق، ص.320
  108. ^ تاريخ سورية ولبنان وفلسطين، مرجع سابق، ص.307
  109. ^ عصر السلطان عبد الحميد، مرجع سابق، ص.215
  110. ^ سوريا خلق دولة وولادة أمة، مرجع سابق، ص.216
  111. ^ أبوخليل القباني، السيرة السورية،عشرة يناير 2012.
  112. ^ تاريخ سورية ولبنان وفلسطين، مرجع سابق، ص.347
  113. ^ حدثات خارجية في اللهجة الشامية، ميس للثقافة العقلانية، 29 ديسمبر 2011.
  114. ^ اللهجة الحلبية، مسقط قديم، 29 ديسمبر 2011.
  115. ^ "Dom Joly". Stand Up Comedians. Comedy Zone. attended Brummana High School in Brummana where he was, by chance, a contemporary of Osama bin Laden
  116. ^ عصر السلطان عبد الحميد، مرجع سابق، ص.32
  117. ^ عصر السلطان عبد الحميد، مرجع سابق، ص.33
  118. ^ عصر السلطان عبد الحميد، مرجع سابق، ص.32 - 33
  119. ^ الدولة العثمانية: قراءة جديدة لعوامل الانحطاط، مرجع سابق، ص.96
  120. ^ الطوائف المسيحية في حلب بين الذمة والملة، مسقط القديسة تريزا، 11 يناير 2011.
  121. ^ سوريا خلق دولة وولادة أمة، مرجع سابق، ص.187
  122. ^ المصور في التاريخ، الجزء الثامن. تأليف: شفيق جحا، منير البعلبكي، بهيج عثمان، دار الفهم للملايين، بيروت - لبنان. صفحة 31
  123. ^ المسيحية في سوريا للأرشمندريت اغناطيوس ديب، كنائس لبنان، 11 يناير 2011.
  124. ^ سوريا خلق دولة وولادة أمة، مرجع سابق، ص.190
  125. ^ حضارة وادي الفرات، مرجع سابق، ص.385
  126. ^ حضارة وادي الفرات، مرجع سابق، ص.210
  127. ^ حضارة وادي الفرات، مرجع سابق، ص.151
  128. ^ تاريخ سورية ولبنان وفلسطين، مرجع سابق، ص.317
  129. ^ حتى يكشف اردوغان عن وثائق المجازر الأرمنية ويعتذر!، الهيئة الأرمنية العامة في الشرق الأوسط، 20 ديسمبر 2011.
  130. ^ كنيسة وصرح شهداء الأرمن في دير الزور، البوابة الأرمنية في الشرق الأوسط، 20 ديسمبر 2011.
  131. ^ دراسات في الأدب المهجري، السيرة السورية، 11 يناير 2011.
  132. ^ الهجرة، مسقط القديسة تريزا، 11 يناير 2012.
  • Bayyat, Fadil The Ottoman State in the Arab Scope (Arabic, 2007)

وصلات خارجية

Ottoman History Podcast: History of Ottoman Syria

تاريخ النشر: 2020-06-04 13:17:46
التصنيفات: صفحات بأخطاء في المراجع, CS1 errors: dates, صفحات تستخدم وسوم HTML غير صالحة, Pages using infobox country with unknown parameters, Unclassified articles missing geocoordinate data, All articles needing coordinates, انحلالات 1918, دول وأراضي تأسست في 1516, سوريا العثمانية, بلدان سابقة في الشرق الأوسط

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

سامح عاشور لـ"الشاهد": توقعت انهيار نظام الإخوان فى هذا التوقيت

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-02 00:20:57
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 65%

افتتاح فرع النادى الأهلى بالقاهرة الجديدة بحضور 3 وزراء.. صور

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-02 00:20:33
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 56%

التعطش للقراءة.. بنسعيد يفتتح فعاليات المعرض الدولي للكتاب بالرباط

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-02 00:20:20
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 53%

رابط نتيجة الشهادة الإعدادية في الشرقية 2023

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-02 00:21:00
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 58%

الروح عزيزة.. دفنت زوجها بمرآب المنزل في سنة 2012

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-02 00:20:22
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 51%

صحيفة بريطانية: إغلاق المتحف اليهودى فى لندن لأجل غير مسمى

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-02 00:20:55
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 62%

السياحة: الانتهاء من تجهيزات مسار العائلة المقدسة بنسبة 98 %

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-02 00:20:35
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 66%

سنتان حبسا لشاب بطنجة قبل عجوزا إسبانية داخل كنيسة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-02 00:19:40
مستوى الصحة: 72% الأهمية: 77%

سامح عاشور: الإخوان رفعوا شعار "مشاركة لا مغالبة" ليتمكنوا من الحكم

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-02 00:20:57
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 60%

كيفية التصالح الفوري على المخالفات المرورية إلكترونيا - حوادث

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-02 00:20:21
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 50%

الزراعة: 14 محطة لغربلة التقاوي امتلأت عن آخرها لاستقبال موسم 2024

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-02 00:21:01
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 69%

في ظل الأزمة.. ماهي أولويات مشروع قانون مالية 2024؟

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-02 00:19:42
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 83%

السيطرة على حريق اشتعل في سيارة نقل بالجيزة - حوادث

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-02 00:20:20
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 68%

إنبي يهزم غزل المحلة ورصيده يرتفع إلى 39 نقطة فى المركز التاسع

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-02 00:20:54
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 55%

أحمد آدم عن الامتحانات: "كنت بشوف كابوس فيه المراقب توفيق الدقن"

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-02 00:20:53
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 70%

توقيف تلميذ ومتدرب بالتكوين المهني بسبب ترويج معدات الغش

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-02 00:20:21
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 67%

وزير الطيران المدنى يبحث مع سفير بلغاريا أوجه التعاون المشترك

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-02 00:21:02
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 50%

توقعات تنسيق الثانوية العامة للعام الدراسي الجديد 2023/2024

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-02 00:20:59
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 64%

تحميل تطبيق المنصة العربية