من "الحركة الديموقراطية للتحرر الوطني" إلى ضباط الجيش
من "الحركة الديموقراطية للتحرر الوطني" إلى ضباط الجيش، في 1952، من أوراق السفير جمال منصور، من الضباط الأحرار، أحد منشورات الحركة الديموقراطية للتحرر الوطني.
المنشور
تعمد بعض الحكومات التي لا ترتكز على سند شعبي إلى اتباع سياسة تتعارض مع مصالح الشعب الحيوية وتتنافر مع مطالب فئاته الرئيسية رغم أننا نلاحظ حتى أغلبية الشعب العظمى تقع فريسة ضائقة اقتصادية تحيط بها إحاطة تامة فتحيل حياتها ذلاً وقسوة ورغم ذلك تأبى هذه الحكومات إلا حتى تزيدها عنتاً على عنت وتحملها إرهاقاً فوق إرهاق.
وقد مرت على الموظفين بمختلف طوائفهم محنة قاسية عام 1938 عندما عمد أحمد ماهر وزير مالية محمد محمود إلى خفض المرتبات عموماً دون اهتمام بصرخات الطوائف واحتياجاتها لكنه فشل مع الجيش حيث نجح مع الجميع وما كان ذلك إلا لاتحادهم وتعاونهم ووقوفهم في وجه الطغيان كالصخرة الصلدة لا تهن ولا تلين.
وظلّت هذه الحكومات تتبع هذه السياسة الخرقاء حتى أُعلنت الحرب وطغت على العالم موجه الاتجاه نحوالعدالة الاجتماعية وإنصاف المظلوم ونصرة الضعيف. وسرى الوعي بين أفراد الشعب، وعهدت مختلف الطوائف حتى حقهم مغتصب وأن حقوقهم مهيضة فبدأوا يتكتكون ويتحدون للحصول على مطالبهم حتى تزيل عنهم قسوة العيش ومرارة الحياة والتقت معهم بعض الحكومات في منتصف الطريق فأعطتهم جزء من جميع ونصفت بعض الطوائف دون الكل.
وانتهت الحرب وقابل العالم مشاكل السلم وكان من أشدها تعقيداً هذه التي تتعلق بطبيعة الحياة ووسائل المعيشة فهبت الطوائف جميعاً من قضاء ورجال بوليس ومدرسين ومهندسين وعمال تطالب بحقوقها وتكافح في سبيل نيلها. ولما وقفت منها الحكومة الحاضرة موقفاً سلبيا يشير على التعنت والتجبر أضربت وأعربت أنها لن تحيد قيد أنملة عن تطبيق مطالبها. واضطرت الحكومة حتى تنبذ موقفها السلبي إزاء تعاونهم واتحادهم وقوة تصميمهم.
نالت معظم هذه الفئات مطالبها وبقي الجيش حيث هوفارتد من المقدمة إلى المؤخرة. فلم تعد مرتبات الضباط بالتي ترنوإليها الأبصار إزاء مرتبات رجال القضاء مثلاً وأصبح البعض يظل في رتبته خمسة أعوام ويزيد دون علاوة أوترقية وليت الأمر وقف عند الضباط فإن حال الصولات والصف والعساكر بما لا يحتاج إلى شرح ولا يستدعي توضيح.
إن مرتبات رجال الجيش قد بلغت حداً من الضعف لا يتناسب مع طبيعة أعمالهم ورغم ذلك فلم تصدر عنهم صيحة تطلب حقهم المهيض ولم تبد منهم نزعة تنادي بمطالبهم الواضحة فهماً بأن هذا هوالسبيل الوحيد للوصول إلى تحقيق المطالب في هذه الأيام التي أصبحت فيها الحكومات لا تخضع إلا لعامل التهديد والقوة والاتحاد.
إن الحركة الديموقراطية للتحرر الوطني لتؤيد ضباط الجيش تأييداً كاملاً في جميع ما من شأنه حتى يحمل مستواهم المعيشي هم والجنود معاً ذلك حتى الجيش متكون أساسياً من أبناء الشعب ولذا فإن لمطالبه صدى واضحاً في النفوس وتأييداً قوياً في القلوب ولأن الجيش حصن من حصون الأمة في الدفاع عن أراضي الوطن وتحقيق استقلاله والذود عن سيادته وكرامته.
المصادر
- موسوعة مقاتل من الصحراء