قاصدي مرباح

عودة للموسوعة

قاصدي مرباح

قاصدي مرباح


إستلام الحكم: 5 نوفمبر 1988
إنتهاء الحكم: 5 سبتمبر 1989
رئيس الحكومة الذي سبقه: عبد الحميد براهيمي
رئيس الحكومة الذي لحقه : مولود حمروش
تاريخ الميلاد: - 1938
مكان الميلاد: , تيزي وزو

قاصدي مرباح (1938 - 12 أوت 1993) رئيس وزراء الجزائر في عهد الشاذلي بن حديث (5 نوفمبر 1988 -تسعة سبتمبر 1989)، رئيس سابق للمخابرات الحربية (sécurité militaire) في عهد الزعيم هواري بومدين طيلة السبعينات ومطلع الثمانينات. ثم تولى وزارة الزراعة ثم وزارة الصحة. وبعد أحداث 1988 أسس حزب المجد. رجل محادثة وتصالح لقي مصرعه مع ابنه وسائق سيارته في هجوم بالقنابل.

جريمة القتل هذه تأتي على نفس المستوى من الأهمية مع سابقاتها، إغتيال الرئيس محمد بوضياف والمطرب القبايلي معطوب الوناس والزعيم عبد القادر حشاني الذي لقي مصرعه رمياً بالرصاص في عيادة طبيب أسنان في حي باب الواد.

النشأة

اسمه الحقيقي خالف عبدالله

هواري بومدين وضع مرباح رئيسا للمخابرات الجزائرية لاتصافه بكل مواصفات الرجل الوطني والأمني إضافة إلى وفائه وقد استطاع القيام بالكثير من الأمور خلال الحرب الباردة ، المخابرات الجزائرية تمكنت في عهده وبالتدقيق في السبعينات من إنشاء قاعدة تنصت في لبنان ، ومصنع للأسلحة فيالمغرب دون فهم المغرب به لأنه كان تحت غطاء مصنع عصير .


فرقة الموت

ظهرت تسمية “فرقة الموت”، أوالفرقة 192، منذ بدأت الجرائم السياسية في أوائل العام 1992، وقد غرست هذه الجرائم بحكم طبيعتها وأهدافها الشك حولها في عقول الناس. يدعي القائلون بوجود هذه الفرقة أنها أسّست بطلب من الجنرال العربي بلخير ومن قبل الجنرالين محمد لمين مدين (توفيق) واسماعيل العماري ووضعت تحت سيطرتهما. تعليم الفرقة 192 كيف من الممكن أن تقتل سريعا وجيدا، مع ضمان التدريب العملي على الأرض. وكانت من أولى مهمات هذه الوحدة تصفية عدد غفير من ضباط الجيش المناوئين لإيقاف المسار الانتخابي. وقد استاء العربي بلخير جدا من عملية فرار ثمانية جنود من القوات الخاصة ببني مسوس. وإنه بفضل هذه الوحدة قد تغير مجرى الصراع. واستطاعت آلة الرعب مسلحة بـ “عقيدة الإستئصال” حتى تطغى على جميع الدعوات السائدة في الساحة الجزائرية بإدخال “تكتيك” (أسلوب عمل جديد)، وهوأسلوب المزايدة في استخدام العنف منذ بداية 1994، ولم ينتج عنه سوى الموت. ومارست هذه الوحدة أسلوب الخديعة، وتمثلت إحدى خدعها في اختراق الجماعة الإسلامية المسلحة “الجيا” في منطقة عين الدفلى والمدية، ثم إذكاء الحرب بين الجماعات المسلحة والقضاء على القيادة السرية للجبهة الإسلامية للإنقاذ باغتيال محمد السعيد وعبد الرزاق رجام عام 1995.

الرجل الأكثر اطلاعا في الجزائر

هكذا كان يسمى وكان كذلك عملا. بعد القضاء علي بوضياف كان قاصدي مرباح متأكدا أنه على قائمة الأشخاص المزمع قتلهم. وكيف لا،يا ترى؟ والعربي بلخير نفسه كلف اسماعيل العماري بعد اغتيال الرئيس بأن يتحدث إلى “سي مرباح” لإقناعه بالابتعاد عن السياسة لقاء منصب في الخارج يناله حسب اختياره. ويعتبر ذلك بمثابة تقاعد مريح كما وصفه اسماعيل العماري في محاولته إقناع رئيسه السابق قاصدي مرباح. وقد فوجئ هذا الأخير باغتيال صديقه “سي محمد” وبهذه الخسارة انهار مشروع مجتمع كما ينهار قصر من ورق. وشعر بمرارة شديدة بعد تصفية العناصر الذين قام شخصيا بتوصيتهم للرئيس بوضياف لمساعدته في حملته لتطهير الساحة السياسية. كما شعر بإحباط كبير عندما تعرض المحامي أ. حبيب (عضوناشط في حزب “مجد” والذي كلفه هونفسه الدفاع عن 82 ضابط صف كان قد وضَعهم القاضي أ. سايح تحت التحقيق في قضية اغتيال بوضياف، تعرض للضرب والتهديد بالموت إذا لم ينسحب من القضية. وكانت الرسالة الموجهة إليه واضحة تماما، ذلك حتى العربي بلخير لم يكن يريد حتى يوجد سيد آخر يحكم الجزائر إلى جانبه. فلا شيء ولا أحد يمكنه حتى يخل بالخطة التي وضعها مع توفيق واسماعيل. ويعود الصراع بين قاصدي مرباح والعربي بلخير إلى عهد بعيد. ولما كان هذا الأخير مديرا للمدرسة الوطنية للمهندسين والتقنيين الجزائريين تم الإعلام عنه لدى الإدارة المركزية للأمن العسكري من طرف رئيس مخط الأمن في المدرسة واتهمه بابتزاز الأموال العامة، حيث حتى بلخير اقتطع مبالغ ضخمة من ميزانية المدرسة لبناء فيلات راقية جدا في منطقة عين طاية. وقام فريق من ضباط المصالح المالية أوفدهم قاصدي مرباح بتحديد الوقائع وإثبات الجرم. وتم تحويل ملف بلخير إلى العدالة العسكرية مع ملاحظة شخصية من قاصدي مرباح: يجب حذفه من قائمة أفراد الجيش الوطني الشعبي. ولكن ومرة أخرى فإن التعاضد بين قدامى الجيش الفرنسي أنقذ العربي بلخير، وأصدر الشاذلي بن حديث أمرا بإيقاف الإجراءات ضده وعينه في الرئاسة. وأصبح الرجلان مرباح وبلخير يلتقيان بانتظام في مقر رئاسة الجمهورية. وكان مرباح يعهد هذا الشخص جيدا بأنه لا يستحق الاحترام ويعتبره خطأ من أخطاء النظام. بينما العربي بلخير كان يكثر من الانحناءات ويحاول حتى لا يظهر كثيرا متجنبا مرباح. وفي آن واحد كان يبذل جميع ما في وسعه لإخراج هذا الأخير من دائرة السلطة. وقام بهذا العمل فترة بعد فترة أولا بإخراجه من اللجنة المركزية لجبهة التحرير الوطني ثم من وزارة الدفاع وبعدها من الحكومة نفسها. وعلى إثر أحداثخمسة أكتوبر 1988 التي شعر الشاذلي بأنها تجاوزته وأنه لم يعد يعهد ما المخرج منها، ونظرا لسمعة النزاهة التي كان قاصدي مرباح يتمتع بها لدى الجزائريين، قام العربي بلخير بإقناع الشاذلي بن حديث بتعيين قاصدي مرباح على رأس الحكومة للقاءة الظرف فيخمسة نوفمبر 1988 حيث كان الأمر العاجل هوتهدئة خواطر الناس.

وأعاد تعيين مرباح على رأس الحكومة بعض الأمل للشعب الذي كان يرى فيه الرجل الذي ينقذ اقتصاد البلد الذي أصابته الأزمة العالمية لعام 1986 والتي يريد من الشعب حتى يضعها وراء ظهره. وأراد مرباح خلال فترة حكمه حتى يطبق إصلاحات حازمة جدا، وأقنع الشاذلي بضرورة إجراء تغيير جذري في أسلوب الحكم. ورغم حتى الشاذلي أوجس في نفسه خيفة فلم تكن له الخيرة. إلى غير ذلك استطاع مرباح حتى يغير الدستور ليفسح المجال للتعددية الحزبية ويسحب الجيش من السياسة للمرة الأولى منذ الإستقلال، كما ألغى محكمة أمن الدولة.

وبلغت العداوة بين العربي بلخير وقاصدي مرباح ذروتها في صيف عام 1989، وبلغت خلافاتهم نقطة اللاعودة. كان مرباح يستهدف “جرذان النظام “ (هكذا كان يسمي أولئـك اللصوص) لتطهير الاقتصاد الوطني، وكان بلخير أحد المستهدفين الرئيسيين. وأصبحت المشاجرات بين الرجلين أمرا معتادا بل وقع حتى رفض بلخير حتى منع مرباح من لقاءة الشاذلي لتصريف شؤون الدولة. ولكن مرباح لم يسكت عن ذلك بل وبخّ بلخير الذي كثيرا ما لجأ إلى زوجة الرئيس الشاذلي ليشتكي له, وهذا فإن رئيس ديوان الرئيس كان يلعب على جميع الحبال ولم يتردد في الاستعانة بـ “حليمة بن جديد” إذا اقتضى الأمر لإقناع زوجها الشاذلي، وكان بلخير لقاء ذلك يظهر لها جميع العناية. وفي نهاية شهر أغسطس(أوت) 1989، قرر بلخير حتى يتخلص من رئيس الحكومة، وساعدته على ذلك حليمة بن حديث التي قامت بتحذير الشاذلي من “التصرفات الطموحة” البادرة من قاصدي مرباح. وقام بلخير من جهته في مخط الرئاسة بنفس الشيئ، مستندا إلى تقارير المصالح الأمنية. وأشارت بعض هذه التقارير إلى صيحات التأييد لمرباح في الملاعب الرياضية والتي تقول: “مرباح الرئيس”.

وفي مساءتسعة سبتمبر 1989، توجه بلخير مرفوقا بمحمد مدين (توفيق) إلى الإقامة الرئاسية للشاذلي بن حديث في زرالدة لإخباره بقرب وقوع انقلاب عسكري بتدبير من قاصدي مرباح. وما كان من الشاذلي الذي انتابه الخوف واشتد عليه كعادته في الظروف الصعبة إلا حتى منح تام الصلاحيات للعربي بلخير للقاءة هذا الخطر. وفي المساء نفسه وبدون تضييع وقت أعربت حالة الطوارئ في الجيش من الدرجة “الأولى” وأبلغ بلخير حمروش وشكره على إخلاصه. وفي العاشر من سبتمبر 1989، منع قاصدي مرباح من الدخول إلى مخطه في مقر الحكومة. فمضى منزعجا جدا إلى الرئاسة لمناقشة الطابع غير القانوني لما قام به الشاذلي بن حديث الذي رفض حتى يستقبله. وكان بلخير هوالذي تحدث إليه وطلب منه باتسامة عريضة على وجهه حتى يتقدم بطلبه للتقاعد.

إلى غير ذلك ضرب العربي بلخير بحجر واحد عصافير عديدة: أنهى وجود مرباح السياسي وأبعد حمروش الذي افترض فيه الخيانة (أي التواطئ مع مرباح) وأفلح بالخصوص في جعل الشاذلي يسقط أمرا رئاسيا أنهى به عمل العشرات من الضباط الرفيعي المستوى المنتمين للتيار الوطني. وبعد فترة من الزمن، انهالت على وزارة الدفاع الوطني موجة من القرارات الصادرة من الرئاسة بهدف إجراء تغييرات في صفوف الجيش، وكان نزار يحتل المنصب لتطبيقها.

ولما اتى الرئيس بوضياف التقى مصير الرجلين مرة أخرى حيث حتى العربي بلخير وزير الداخلية، عين الجنرال حسين بلجلطي المدعوعبد الرزاق في منصب المسؤول عن شؤون الأمن في الرئاسة، فأبلغه هذا الأخير بالاتصالات الجارية بين بوضياف ومرباح. ومنذ ذلك الحين كانت هذه العلاقة تحت الرقابة إلى حتى تمت تصفية بوضياف. ولم يكن بلخير يطيق مرباح وكان غاضبا عليه منذ حتى سقطت يده على تقرير من ثلاثمائة صفحة يتعلق بالفساد كان قد وجده في مخط الرئيس بوضياف يوم اغتياله. وفي هذا التقرير، خُصص جزء كبير منه للمافيا”الساسية ــ المالية”وتشعباتها الدولية وعلى رأسها رجل اسمه العربي بلخير. وفي نهاية العام 1992 أخذت الأحداث مجرى خطيرا حتى حتى جميع المراقبين للمشهد الجزائري رأوا فيها بوادر مأساة ذات عواقب وخيمة. وغدا المخرج من المأزق بالنسبة لعقلاء السياسة الجزائرية مطلبا حيويا لضمان مستقبل الجزائر نفسه. وأن ثقافة العنف لا يمكن إلا حتى تولد الفوضى، ولا مخرج إلا مخرج واحد وهوسياسي.

وفي منتصف ديسمبر 1992، جاء رجل إلى ممحرر حزب “مجد” في بوزريعة بأعالي العاصمة الجزائرية وطلب لقاءة السيد قاصدي مرباح. وطلب منه موظف مخط الاستقبال حتى يرتب معه موعدا. ولكن الرجل أصر بلهجة حادة وأكد للموظف حتى الأمر مستعجل جدا وهام جدا في آن واحد. وأخرج وثيقة عليها طابع لحزب الجبهة الاسلامية للإنقاذ لم يجف بعد، وهي أمر بمهمة سقطه عبد الرزاق رجام. فطلب منه الموظف حتى ينتظر في قاعة الجلوس.

وبعد لحظات استقبل قاصدي مبعوث المجاهدين بعد إجراء الترتيبات الأمنية المعتادة، وأبلغه هذا الأخير عن هدف زيارته، ولكن مرباح وهوالرجل الحذر بطبيعته طلب من محدثه حتى يرتب له لقاءة مع مسؤولي الحزب. وبعد أسبوع من ذلك، نظمت لقاءة في شقة غير بعيد عن العاصمة ولم يؤتمن بسر هذه اللقاءة سوى قلة من الناس المقربين والأوفياء الذين كلفهم مرباح بالحرص على حسن سير اللقاء. وفي هذا الاجتماع، أكد مسؤولوالجبهة الإسلامية للإنقاذ منذ البداية رغبتهم في إيجاد حل سريع للأزمة ، وأوضحوا حتى العنف ليس سوى رد على القمع العنيف، وأن تأزم الوضع قد يستغله الراديكاليون في المعسكرين. وحذر محمد السعيد قاصدي مرباح من عواقب الإطالة في الصراع لأن الشعب سيكون الخاسر الوحيد. وحرص قاصدي مرباح على شكر المسؤولين الإثنين للجبهة الأسلامية للإنقاذ للثقة التي منحاها إياه، وبعد نقاش طويل، وعدهما ببذل جميع ما ممكن لإيجاد حل سياسي للأزمة وجعل العسكر يثوبون إلى رشدهم. وفي نهاية اللقاءة، عين المسؤولان لقاصدي مرباح شخصية ذات صلاحية وقريبة من الجبهة الإسلامية للإنقاذ ومستقرة في سويسرا يمكنه التعامل معها بكل ثقة وبكل أمان خاصة. ومن دون طول انتظار اتصل قاصدي مرباح في اليوم الموالي هاتفيا بمخط وزير الدفاع لترتيب موعد مع خالد نزار. وهذا الأخير لا يكن أي ود للرئيس السابق للأمن العسكري وذلك لأنه لما أصبح سابقا بعد إدارة الأمن العسكري، المحرر العام لوزارة الدفاع الوطني في عهد الشاذلي، اقترحه (أي نزار) للتقاعد المبكر ضمن قائمة من الضباط الآخرين. وكانت هذه العملية تدخل في إطار إعادة هيكلة الجيش الوطني الشعبي. فبات كثير من الضباط السابقين في الجيش الفرنسي تحت المجهر.

وفي الواقع فإن قاصدي مرباح كانت لديه قائمة بحوالي أربعمائة ضابط أتوا كلهم من الجيش الفرنسي وكان يريد إبعادهم من الجيش الوطني الشعبي، لأنه يعتقد بأن الجيش الجزائري كوّن ضباطه الجدد ويمكنه آنذاك التخلص من قدامى الجيش الفرنسي. لكنه لم يقرأ حسابا للتحالفات التي تشكلت بين الضباط القادمين من الجيش الفرنسي، حيث أنهم تجمعوا حول العربي بلخير والشاذلي بن حديث الذي أقدم على إنطقة المحرر العام لوزارة الدفاع. ومنذ ذلك الحين بذل قدامى الجيش الفرنسي قصارى جهدهم للإمساك بزمام الجيش الوطني الشعبي، وللأسف استطاعوا حتى يعملوا ذلك. وبما حتى خالد نزار حقود جدا فإنه -إظهارا لسلطته- حدد موعدا لقاصدي مرباح حسب هواه متجاهلا الطابع المستعجل لمطلب هذا الأخير، ومن نافلة القول حتى نذكر بأن خالد نزار أبلغ العربي بلخير وتوفيق بهذا الطلب. وفي يوم اللقاءة، كان نزار لوحده في مخطه بوزارة الدفاع وقام رئيس التشريفات التابع له بإدخال قاصدي مرباح إلى المخط ولم يضيع رئيس الأمن العسكري السابق وقته وإنما قدّم عرضا قصيرا لتقييمه للأمور, ثم ولج في صلب الموضوع بإخبار نزار بالمهمة واقترح عليه خطّة لتسوية الأزمة تتكون من خمس نقاط:

  1. حمل حالة الطوارئ
  2. تعيين حكومة وحدة وطنية
  3. إغلاق محتشدات الاعتنطق وإطلاق سراح السجناء
  4. إعادة الإعتبار للجبهة الإسلامية للإنقاذ
  5. تنظيم انتخابات في أقرب الآجال المعقولة

وكان خالد نزار مشدوها من شدة ما فوجئ به، ولم يستطع حتى يستوعب جرأة قاصدي مرباح في الإقدام على مثل هذا، والتحدث إليه في مخطه عن الكيفية التي يجب تسيير البلاد بها. ولاشك حتى نزار أخذ على حين غفلة ولم يرد الالتزام بأي شيء وحافظ على قواعد اللباقة، ووعد مرباح بأن يفهم المسألة مع تام هيئة الأركان. وعندما رافق مرباح إلى باب الخروج من مخطه نصحه بإلحاح بإن لا يخبر أحدا باتصالاته بالجهة المعاكسة. واتصل خالد نزار مباشرة بعد ذلك بالعربي بلخير لإعلامه باتصالات مرباح مع القيادة السرية للجبهة الإسلامية للإنقاذ. فرد عليه العربي بلخير بلهجة حادة وطلب منه حتى يجد حلا بأسرع وقت، فالعربي بلخير لا يقبل أي هفوات تصدر من القيادة في مثل هذه الظروف الحرجة. وفي اليوم القابل في 3يناير (جانفي) 1993، عقدت قمة جمعت الجنرالات محمد مدين (توفيق) ومحمد تواتي ومحمد العماري وعبد المالك قنايزية واسماعيل العماري في سكن إقامة تابعة للدولة في نادي الصنوبر. وبلهجة تهكمية أبلغ نزار الجنرالات بالاقتراحات التي تقدم بها قاصدي مرباح. ولم يتمالك عن شتم هذا الرجل الذي حسب رأيه له علاقات مشبوهة بأشخاص خارجين عن القانون ومطاردين من مصالح الأمن. وخاطب الجنرال توفيق خلال الجلسة ليقول له :” يجب مراقبة هذا الرجل من قريب ويجب حتى لا يفلت”! ثم وكأن الجنرال تواتي أراد التهدئة من خاطره (أي نزار) تدخل ليقول:” التحادث مع الإسلاميين الآن لا ينفع أبدا على أية حال،

بل إنهم سيفهمونه هذا تراجع وسيتقوى جانبهم كما في يونيو(جوان) 1991. وإن أي توقف عن مواصلة استراتيجيتنا قبل التمزيق التام للجهاز التنظيمي للجبهة الإسلامية للإنقاذ فلن يؤدي إلا إلى الانقاص من سلطتنا. وفي الوقت الحالي فإن هذا الحزب ليس ضعيفا بالدرجة التي تسمح لنا بفرض شروطنا عليه”. وأنهى تواتي حديثه بالهجريز على ضرورة تكثيف القمع لردع أي تمرد ممكن. وبعد تواتي مباشرة اندفع الجنرال توفيق في هجوم عنيف ضد قاصدي مرباح واتهمه بالتآمر مع الإسلاميين، واشتبه فيه بأنه وراء المعلومات السرية التي تسربت إلى الخارج عن مراكز التعذيب ومراكز الاعتنطق السرية والتي نشرتها إحدى النشرات السرية للجبهة الإسلامية للإنقاذ “منبر الجمعة”. وحسب رأيه فإن قاصدي يسعى بكل ما يملك حتى ينجز طموحه الخاص في “العودة إلى الحكم”. وحرص توفيق على حتى يذكّر الجنرالات الحاضرين بأن قاصدي مرباح يشكل خطرا دائما يهدد المؤسسة العسكرية خاصة منذ حتى ولج في شؤون الدولة مع الرئيس بوضياف.

وسنحت الفرصة لإسماعيل العماري ليلاحظ حتى قاصدي مرباح يجري اتصالات وثيقة مع ضباط كبار في الخدمة ، ويراهم بشكل منتظم جدا. وتساءل إذا ما كان قاصدي مرباح يعد لعملية إنقلابية تهدف إلى زعزعة توازن قيادة الجيش الوطني الشعبي. وحتى يؤكد اسماعيل العماري خطورة المدير السابق للمخابرات العسكرية (قاصدي مرباح) فقد ذكّر بالدور الذي لعبه هذا الأخير عندما كان على رئيسا للحكومة ومساهمته في عملية التطهير التي قام بها بوضياف إلى جانب علاقاته مع شخصيات مدنية مؤثرة، وأبرز بشكل خاص أهمية الملفات التي بحوزته، والنسخ التي يحتفظ بها للتقارير التي قدمها إلى بوضياف. أما الجنرال محمد العماري (وهوبطبيعته هجومي) فلم يتردد في حتى يعلن:”لا حوار، ولا مصالحة، ويجب علينا حتى نسير في استراتيجيتنا إلى آخر المطاف، وأن نقوم بما يلزم لمنع قاصدي مرباح من استغلال هذه الفرصة والعودة إلى المسرح السياسي “.

في الاجتماع لم يوجد سوى أعداء لقاصدي مرباح مستعدين لقتاله. وفي نهاية هذا اللقاء تم اتخاذ قرار بالإجماع. وكلّف الجنرالات اسماعيل العماري بمراقبة جميع حركات وسكنات قاصدي مرباح من قريب، وكشف أتباعه في صفوف الجيش الوطني الشعبي، ومحاولة تحديد مكان قادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ، والعثور على نسخ صور الملفات التي أخرجها مرباح بشكل غير قانوني من أرشيف الأمن العسكري بأي وسيلة كانت. وبعد بضعة أسابيع، صدرت نشرة المعلومات اليومية من المصالح الفهمياتية لإدارة المعلومات السرية عالجت خبرا ذا أهمية قصوى، ووصلت إلى مخط توفيق مكتوبا عليها: سري جدا / مستعجل جدا، قائلة: “إن قاصدي مرباح التقى بعدة جنرالات منهم الجنرال سعيدي فوضيل والجنرال طواهري محمد بمناسبة حفل زواج..، وانتقد الجنرالات الحاضرون في هذا اللقاء انتقادا حادا سياسة أركان الجيش في علاج الأزمة”. وهذا ما اعتبرته قيادة الجيش خيانة عظمى. وسريعا خرج توفيق من مخطه، بعد مكالمة هاتفية قصيرة مع خالد نزار، متوجها إلى وزارة الدفاع، وكان في استقباله لدى وصوله، وزير الدفاع وبرفقته الجنرال محمد تواتي. ومنذ حتى فهم الجنرال نزار بفحوى نشرة المعلومات السرية، اشتد غضبه على قاصدي مرباح واعتبره قد بتر حبل الوصل بالمؤسسة العسكرية وبالنظام، ومنذ ذلك الحين أصبح مرباح هوالشخص الذي يتعين القضاء عليه. وبعد الاتصال بالعربي بلخير عبْر الهاتف اتخذ القرار بهذا الاتجاه بشكل عفوي نوعا ما، ثم وافق عليه محمد تواتي بقوة، وأبلغ نزار بشكل واضح مدير المخابرات قائلا: “سي توفيق، قم بما يلزم”! والجدير بالملاحظة في تلك الفترة من الزمن هودخول نزار في فترة متقدمة جدا من سقمه ولم يعد يستطع ممارسة مهامه كوزير، وأخذ يعد العدة للذهاب، فبدأ منذ ذلك الوقت الصراع لاستخلافه. وفي رأيه فإن ذلك اللقاء الذي جمع مجموعة من كبار الضباط لم يكن له سوى هدف واحد هوتسلم قيادة الجيش الوطني الشعبي من طرف مجموعة مرباح.

ولم يضيع الجنرال توفيق أي وقت واستعان بــ “سي الحاج” (هكذا يدعى اسماعيل العماري) لإيجاد أسرع وسيلة لـ “عمل ما يلزم”. ولكن المشكل الأكبر الذي قابل مدبري الجريمة المقبلة هوالحصول على الملفات التي تعرضهم للخطر والتي هي بحوزة قاصدي مرباح. وهذه الملفات المعروفة بخطورتها هي صور طبق الأصل للتقارير الأمنية المتعلقة بالأغنياء الجدد في الجيش: أرقام حساباتهم البنكية في الخارج وقائمة بالأسماء ومراجع الملفات الخطيرة على اسطوانات تحرزا من ضياع وثائق الإثبات من مركز الأرشيف لمديرية المعلومات السرية مركز الحوّاس في بني مسوس, إلى جانب ملف ضخم حول تحركات قدامى الجيش الفرنسي داخل الجيش الوطني الشعبي. وقرر توفيق واسماعيل بضرورة اختراق تنظيم قاصدي مرباح بدلا من الاعتماد على التنصت على هاتفه لأنهما يفهمان جيدا حتى ذلك لا ينفع مع إنسان دقيق محترف جدا مثل مرباح. واستطاعا استخدام عنصر عضوفي داخل الحزب نفسه. وسمي هذا العميل السري المخترق برمز “إكس ــ زاد”.

وكان هذا العميل تحت اشراف ضابط مواضب مخصص له وكانت الاتصالات بينهما شبه يومية. إلى غير ذلك استطاع هذا العميل حتى يبلغ عن معلومة خطيرة جدا لهذا الضابط المخصص وكانت لها عواقب خطيرة على مجرى الأحداث الآتية. وحسب ما ورد عن العميل “إكس ــ زاد”، فإن قاصدي مرباح قد سلم في السر ملفات إلى مناضل في حزب “مجد” وإن هذه الملفات لم تكن ضمن البريد المعتاد للحزب ذلك حتى ذلك المناضل خرج مسرعا من مخط مرباح لتسليم تلك الملفات في مكان ما.

وقامت المصالح الفهماتية لإدارة المعلومات السرية بتحقيق سريع لتفهم حتى الشخص المعني سوى عميل سابق للمخابرات العسكرية وهومن الأوفياء لقاصدي مرباح ويعمل في آن واحد في صحيفة الجزائر الأحداث “. وبعد المتابعة والمراقبة لهذا المناضل في حزب “مجد”، تمّ التعهد على شخصية قريبة من دوائر السلطة ألا وهي محمد بوخبزة وهوأخصائي في فهم الإجتماع والذي ساند إيقاف المسار الانتخابي في 21 جانفي (يناير) 1992 ثم تراجع لينطوي على نفسه ويبتعد عن تلك الدوائر بعد مقتل الرئيس بوضياف في جوان (حزيرن) 1992. وفي تلك الأثناء، تمّ القضاء على مناضل “مجد“ بعد تعذيبه من طرف الجماعة الإسلامية المسلحة (الجيا) وكأّن ذلك كان بمحض الصدفة. وتوضّحت الصورة، كان بوخبزة عضوا في المجلس الوطني الاستشاري ومدير المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الكاملةفي القبة. وهذا المركز التابع للرئاسة كلف بتقديم دراسة تقييمية لمستقبل الجزائر(اللجنة 2005).

وهذه اللجنة كان وضعها البروفيسور جيلالي اليابس، وقد اكتشفت بيت الداء الجزائري وفي جميع الميادين: الصحة والزراعة والتعليم والمالية والمديونية والمجتمع والفساد. وفيما يخص النقطة الأخيرة (المجتمع والفساد) أخذ جيلالي اليابس على عاتقه حتى يوضح من أين اتىت هذه الظاهرة الاجتماعية وبشكل تفصيلي. ووفقا لما نطقه فإن الإثراء الفاحش والسريع جدا لإطارات الدولة وخاصة إطارات الجيش الوطني الشعبي كانت له عواقب وخيمة جدا سواء على اقتصاد البلاد أوعلى شرف المؤسسة العسكرية التي تمثل سلطة البلاد.

وحاول الجنرال حسن بلجلطي المدعوعبد الرزاق الرجل الظل للعربي بلخير في الرئاسة (إلى يومنا هذا) حتى يقنع شخصيا البروفيسور جيلالي اليابس بالعدول عن طرح هذا الموضوع، ذلك حتى البلاد في وضعها الحالي لا تزال غير قابلة لذلك،. ثم اتى دور اسماعيل العماري ليطلب من البروفيسور جيلالي اليابس حتى يسحب لمبتر الخاص بالفساد من دراسته وذلك لأسباب تتعلق بأمن الدولة. ولكن اليابس رفض ذلك بشكل قاطع مذكرا بأن المعهد تابع لرئاسة الجمهورية وليس لوزارة الدفاع. وحكى البروفيسور سيرة مشاكله لصديقه محمد بوخبزة. ثم تمت تصفية جيلالي اليابس بشكل مهني جدا باغتيال من طرف مجموعة من “الجيا” في 16 مارس 1993.

ولما ظهر بوخبزة على مسرح الأحداث مع قاصدي مرباح، سرعان ما انتبه الجنرالان اسماعيل وتوفيق إلى العلاقة بالموضوع ، واتضحت لهما المؤامرة على قاصدي مرباح هوالذي يمسك بالخيوط. ولكن ما جعل الوضع أشد خطورة، وهوعناد محمد بوخبزة مثل صديقه جيلالي اليابس بل أكثر من ذلك شجاعته التي اكتسبها كغيره من شخصيات سياسية عديدة بعد اغتيال الرئيس بوضياف. وقد مضى بوخبزة بعيدا إلى حد المطالبة بتكوين لجنة وطنية للتحقيق ومحاكمة المسؤلين عن المديونية الجزائرية واسترجاع الأموال والممتلكات المسروقة. ولكنه أخطأ بأن صرح بأن الأدلة متوفرة. وغدا بوخبزة تحت المراقبة من دون حتى يفهم وكان مسؤولومديرية المعلومات السرية يفهمون أنه كان على أهبة الخروج من البلاد فقرروا حتى يتحركوا سريعا. وفي بداية شهر جوان (حزيران) تم استنادىء قاصدي مرباح إلى وزارة الدفاع، وخلال حديثه مع خالد نزار أبلغه هذا الأخير حتى ليامين زروال سيخلفه وأنه يستطيع الحديث إليه عن اقتراحات الجبهة الإسلامية للإنقاذ مشروحا له حتى الأغلبية ضد مثل هذا المشروع. وتحدث خالد نزار للمرة الأخيرة إلى ضيفه حول ما ينوي عمله هل يريد حتى يبقى في المعارضة العقيمة في حين أنه من صالحه حتى يدخل في كنف النظام ليعود مستقبلا إلى مقدمة الساحة متحملا مسؤوليات أكبر أهمية.

ورد عليه قاصدي مرباح من دون تردد حتى النظام انتهى زمنه، وأن هيئة الأركان إذا رفضت اليد الممدودة إليها فإن الجزائر ستصطدم بالحائط مباشرة.

ونطق حتى أغلبية الجزائريين لم يعودوا يقبلون بسياسة الترقيع. وكان نقاشهما حادا في جومشحون. وأنهى نزار هذا النقاش بأسلوب إيحائي حيث نطق حتى بعض الأشخاص المتنفّذين غير فرحين ولن يقبلوا بالسيف يتهددهم فوق رؤوسهم. تحدث قاصدي مرباح عن الفساد الذي ينخر جسد الجزائر. وردا على أسئلة نزار، حدثه عن مضاعفة أنبوب الغاز تجاه إيطاليا وعن الأشخاص الحقيقيين الذين تلقوا 22 مليون دولار بعد حتى تسلمها رسميا الوسيط الملقب بـ “عمر يحيى” ثم ذكر له اختفاء مليار دولار من خلال صفقة وهمية عقدها نيابة عن الجزائر عبد العزيز خلاف مع رجل أعمال إسباني مزعوم (وكانت هذه طريقة قاصدي مرباح في إبلاغ رسالة إلى العراب الكبير العربي بلخير). وقبل حتى يغادر المكان، نطق مرباح أنه لا ييأس من حتى يثوب الجنرالات إلى رشدهم حفاظا على مصلحة الجزائر العليا. وفي 22 جوان (حزيران) 1993، قامت مجموعة كوماندوس من خمسة أفراد باغتيال محمد بوخبزة في شقته (في منزله) بشكل وحشي، بعد حتى تعرض لتحقيق “على أكمل وجه” مدعوما بأشنع أنواع التعذيب ثم تم إنهاؤه (على حد تعبير المصطلح الذي تستخدمه الفرقة 195) بالسلاح الأبيض، وتم تفتيش مخطه ومنزله بشكل دقيق، حيث حتى القتلة كانوا يبحثون عن الملفات. وخرج رئيس مجموعة الكوماندوس عثمان ترتاق من منزل الضحية وبيده وثيقة تدل على التعاون المعقود بين قاصدي مرباح ومحمد بوخبزة حول ملف الفساد في الجيش الجزائري، ولكنه لم يجد أي أثر للملفات المذكورة ولا للأدلة التي ذكرها بوخبزة.

وفي نفس اليوم من اغتيال هذا الأخير، كان من المفروض حتى يترأس مدير المعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية الكاملة بعد ظهر ذلك اليوم آخر اجتماع للجنة “الجزائر 2005?الذي في ختامه سيتم تقديم التقرير النهائي بشكل رسمي إلى المجلس الأعلى للدولة. وظن القتلة حتى محمد بوخبزة ستكون معه الوثائق الضرورية لمثل هذه المناسبة حتى يتمكن من دعم التقرير بها. وفي نفس اليوم، بعد صدور البيان الرسمي لمصالح الأمن المعلن لاغتيال بوخبزة، أجمعت جميع الصحافة على إدانة الإرهاب الإسلامي. ولم يتساءل إلا قليل من الناس كيف من الممكن أن حصل حتى اغتيل مديرين اثنين لمعهد الدراسات الإستراتيجية في ظرف أربعة أشهر،يا ترى؟

وفي تلك الأثناء (في بداية شهر جوان) نجا قاصدي مرباح من محاولة اغتيال ضده، ولا أحد يفهم ما إذا كان مدبروها أرادوا حتى يوجهوا له رسالة أوإنهم فشلوا في محاولتهم حقا. وعلى الرغم من خطورة الوضع، لم يتخل قاصدي مرباح عن مهمته. وحصل على موعد مع وزير الدفاع الجديد (الجنرال ليامين زروال) في 21 جويلية (تموز) 1993. ولم يستقبل قاصدي مرباح على حدة، بل كان محمد تواتي حاضرا، ذلك حتى خالد نزار منح تعليمات جازمة بأن لا يهجر الوزير الجديد لوحده مع الأشخاص غير المرغوبين فيهم، ولكن ذلك لم يمنع قاصدي مرباح من حتى يعرض وجهة نظره فيما يخص الوسائل الكفيلة بإنهاء الأزمة. وبما حتى زروال تم تعيينه حديثا لم يسعه إلا حتى يقدم وعودا لم يف بها أبدا، بل أكثر من ذلك فإنه لما تسلم رئاسة الدولة رسم الجنرالات في عهده الصفحات الأكثر دموية في تاريخ الجزائر. وفي المجال السياسي، اتصل قاصدي مرباح بالشيخ بوسليماني، الشخصية المؤثرة والمحترمة في أوساط الحركة الإسلامية في منطقة المدية ومع شخصيات إسلامية أخرى في الجزائر وفي الخارج محاولا رسم طريق السلام. بل إنه خلال مؤتمر صحفي دولي في 14 جويلية (تموز) 1993، وجه نداء إلى مناضلي الجبهة الإسلامية للإنقاذ لوضع أسلحتهم ومساعدته لإيجاد حل سياسي للأزمة.

وكان قاصدي مرباح مقتنعا بأن الجنرالات مصمّمون على المضي بمشروعهم إلى النّهاية، وظنّ أنه يستطيع لقاءتهم بجمع أكبر عدد من الناس حول مسعاه. وكان مشروعه الحقيقي هوالإنقلاب على الجنرالات خاصة أولئك القادمين من الجيش الفرنسي وذلك من طرف الشبّان الذين سئموا من الصفقات السرية والانحرافات الإجرامية في الجيش. وبمساعدة بعض الضباط السامين الذين لازالوا أوفياء لمبادئ ثورة نوفمبر1954، خطّط لاندلاع تمرد لوحدات الجيش في ليلة 31 أكتوبر ـ أول نوفمبر 1993. ولكن لم يكن مقدرا لذلك حتى يتم. ذلك حتى “الديوان الأسود” (الحكومة السوداء) أمر بإيقاف المئات الكثيرة من الضباط وصف الضباط، أغلبهم لأسباب غير وجيهة، أووجهت لهم ظلما تهمة التعاطف مع الإسلاميين. وتم اغتيال كثير منهم بشكل وحشي أوزج ّبهم في السجن ليكونوا عبرة لبقية العساكر. إلى غير ذلك حاول الجنرالات ترويض المؤسسة العسكرية. وتوجه قاصدي مرباح إلى سويسرا في 14 أوت (أغسطس) 1993 واستطاع لقاءة رجل الاتصال المخول من القيادة السرية للجبهة الإسلامية للإنقاذ، بإدارة التحادث مع مسؤولي الجيش. وتتبعت الشرطة السويسرية تحركات قاصدي مرباح . وتحصل الرائد سمير رئيس مخط المصالح الأمنية في سفارة الجزائر عن طريق عملاء له على نسخ مصورة للتقارير حول اتصالات مرباح في سويسرا. وقد حاول مرباح حتى يقابل أصدقاء في جنيف (مثل آيت أحمد الذي لم يستطع حتى يقابله) وبعد ذلك قرّر حتى يرجع إلى الجزائر مساء يوم الجمعة 02 أوت (أغسطس) 1993.

وفي يوم السبت 12 أوت، قامت مجموعة كوماندوس من 51 فردا للفرقة 192 مثقلة بالأسلحة، بالتّمركز على الطريق المؤدي إلى الشاطئ المحاذي للجزائر العاصمة غير بعيد من مفترق الطرق الذي يقع بمحاذاة مقهى “شرقي” في منطقة بومرداس. وهذا الطريق كان مغلقا سابقا في وجه حركة السير ثم في ذلك اليوم حمل الحاجز اليومي للجندرمة هناك. وكانت هناك بعض السيارات التابعة لها تتنقل بين المدرسة الثانوية ومركز الجندرمة للإيحاء بوجود نوع من حركة السير حتى ينخدع بها حراس محتملون للضحيةقد يكونون في المقدمة.

تمت العملية بسرعة شديدة حيث ألقيت قنبلتان يدويتان تحت السيارة انطلق منهما دخان كثيف، حيّدتا سائق سيارة قاصدي مرباح وأعمت بقية الركاب. وانهال عليهم وابل من الرصاص ولم يتسنّ للسائق ولا قاصدي مرباح حتى يطلقا سوى بعض الرصاصات من سلاحيهما “357 ماغنوم” فأصابا أحد عناصر الكوماندوس.

ولم يكن لهما أي خيار بسبب كثافة الرصاص والعنف الشديد الذي استخدم لكي لا يهجر أي مجال للنجاة. وبعد لحظات تقدم رئيس مجموعة الكوماندوس من مكان الضحايا وأطلق عليهم الرصاصات الأخيرة، ثم بإشارة اليد أعرب انتهاء العملية وأمر مجموعته بالانسحاب. واطمأن اسماعيل لحسن سير العملية. وبعد انسحاب فرقة الكوماندوس من المنطقة، اتىت دورية من الجندرمة لتسجيل وقائع الحادثة. وكانت جثث قاصدي مرباح وابنه وأخيه وسائقه وحارسه الشخصي ملقاة في السيارة، وأخذ قائد الجندرمة أسلحة الضحايا. وخلص تقرير التحقيق إلى حتى العملية كانت عملية اغتيال إرهابية. ولم يتم ّأي تشريح للجثث أودراسة باليستية للطلقات النارية لدعم هذه النظرية. وتم تشييع جثمانات الضحايا في جنازة مهيبة شارك فيها حتى بعض عناصر الفرقة 192. وبعد أيام قليلة ، صدر بيان من الجماعة الإسلامية المسلحة (الجيا) متبنيا اغتيال “الطاغوت” قاصدي مرباح. وأعرب ضابط إدارة المعلومات السرية المكلف بالعلاقات مع الصحافة الجزائرية الرائد حاج زبير، عن هوية القاتل ألا وهوالشخص الشيخ: عبد القادر حطاب وهونفس الشخص الذي نسب إليه الاختطاف -الحقيقي في الظاهر المزعوم في الواقع - لثلاثة موظفين في القنصلية الفرنسية في 32 أكتوبر من العام نفسه، وعهدت هذه العملية بقضية الزوجين “تريفينو”.

وكان واضحا حتى الرجل مزعزع ولا زال يحمل آثار تعذيب جسدي رهيب عندما أدلى باعترافاته على شاشة التلفزيون الحكومي. وهذا شيء معتاد!


المصادر

  • مسقط الحوار المتمدن - رزگار
  • الضباط الأحرار (الجزائريون)
سبقه
عبد الحميد ابراهيمي
رئيس وزراء الجزائر
1988-1989
تبعه
مولود حمروش
  
بوابة الجزائر تصفح منطقات الفهم المهتمة بالجزائر.
   {{{{{3
بوابة الجزائر تصفح منطقات الفهم المهتمة بالجزائر.
{{{{{3 {{{{{4
تاريخ النشر: 2020-06-04 14:52:28
التصنيفات: بذرة أعلام الجزائر, جزائريون, مواليد 1938, وفيات 1993

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

رونالدو يطلب الرحيل من مانشستر يونايتد

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-07-02 21:27:05
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 36%

لينك نتيجة الشهادة الدبلوم التجاري 2022 برقم الجلوس

المصدر: الرئيس نيوز - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-02 21:26:16
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 62%

طالب جامعي يضع حدّا لحياته في ظروف غامضة بتازة

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-03 00:15:17
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 38%

«ديوان المظالم» يعتمد ضوابط العمل القضائي عن بُعد

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-07-02 21:26:42
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 49%

التقارير المالية لفترتي الأندلسي ومحفوظ تؤجل جمع الرجاء

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-07-03 00:15:59
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 51%

المغرب ضمن قائمة الدول الصاعدة في مجال الطاقة المتجددة

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-03 00:15:19
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 38%

المهرجان الوطني للفنون الشعبية يهين المجلس الجماعي لمراكش

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-03 00:15:19
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 47%

بعد عامين من الركود.. مداخيل السياحة بالمغرب تنتعش بقوة

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-03 00:15:20
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 44%

زياش يقترب من التوقيع لعملاق الدوري الإيطالي

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-03 00:15:18
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 50%

وزير التموين يكشف خطة الحكومة في ظل الأزمة الاقتصادية

المصدر: الرئيس نيوز - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-02 21:26:15
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 56%

قتيل وجرحى في حادثة سير مروعة نواحي تنغير

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-03 00:15:23
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 42%

تبرئة متهم بمحاولة اقتحام مسكن أستاذة بعد إيداعه سجن لوداية

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-03 00:15:22
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 44%

خدمة لضيوف الرحمن.. 12 فرقة كشفية لتوجيه وإدارة الحشود وتوزيع الطعام

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-07-02 21:26:44
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 37%

إطلاق خدمة الحجز الإلكتروني في 8 مواقع لبيع الأضاحي بالرياض

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-07-02 21:26:39
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 44%

كمين أمني يطيح بستة أشخاص من أجل المخدرات بمراكش

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-03 00:15:24
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 43%

الصردي.. الخروف “السوبر” في المغرب

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-03 00:15:23
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 41%

إسبانيا تفضل إستخدام "المغربيات" في تنميتها الفلاحية

المصدر: صوت الشلف - الجزائر التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-07-02 21:26:29
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 54%

لقجع يحسم مستقبل حاليلوزيتش مع المغرب

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-03 00:15:21
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 39%

عاجل.. حرارة ورطوبة وتحذير.. الأرصاد تعلن طقس 6 أيام مقبلة

المصدر: الرئيس نيوز - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-02 21:26:18
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 55%

حاليا بالمغرب.. 26 ألف و849 مصابا بكورونا بينهم 185 حالة خطيرة

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-03 00:15:16
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 43%

تحميل تطبيق المنصة العربية