المسلمون في أمريكا المبكرة

سيرة الإسلام في أمريكا المبكرة ليست مجرد سيرة أفراد معزولين. تقدر نسبة العبيد الأفارقة المسلمين بحوالي 20%، وسعى الكثيرين إلى إعادة تأسيس تجمعات كانوا يعهدونها. في جورجيا، التي حذت حذوأكثر من عشر ولايات أمريكية في الجدل السياسي حول تقييد القضاة بالتشاور في الشريعة الإسلامية، ومن المعروف حتى هناك مسلمون كانوا يعيشون في منطقة منعزلة ويخضعون لتوجيهات زعيم ديني كان يخط الشريعة الإسلامية في مخطوطة كي يحافظ على بقاء الفهم التقليدية.

بينما كان يحضّر خطبة أخرى التي سيلقيها في افتتاح معرض ومهرجان المواشي في فورت ورث، تكساس، في الأسبوع الماضي (أول فبراير 2015)، قام مجاهد بخش، من الاتحاد الإسلامي لمقاطعة تارانت بإلغاء ذهابه بسبب سيل الانتقادات التي وُجهت لخطبة عامة ألقاها قبل أيام. فقد طـُلِب من الإمام حتى يتلونادىءً يبارك فيه الجياد وراكبيها وباقي أفراد الجيش الأمريكي. فقوبل بشهقات من الجمهور وشكاوى من الإعلام: “إننا غاضبون من إلقاء نادىء إسلامي في وقع أمريكي صرف!” “الكاوبويز لا يحبون ذلك!”

المشاعر المسموعة المناهضة للإسلام تشهد عودة للتصاعد. فقبل أربعة أيام من النادىء الملغى للإمام، تظاهر الناس أمام كاپيتول الولاية في أوستن وأجبروا متحدثين مسلمين على النزول عن المنصة، مطالبين حتى تظل تكساس تمجد اسم المسيح وحده. وفي نورث كارولينا قبل ذلك بأسبوعين، فقد تخلت جامعة دوك عن خطتها المزمعة بإذاعة أذان صلاة الجمعة في الإذاعة الجامعية، وسط تهديدات بالعنف. وفي نفس الوقت، زعم بوبي جندال، حاكم ولاية لويزيانا الجمهوري (من والدين من الهند) أنه إذا كان المسلمون الأمريكان يريدون "الحفاظ على ثقافتهم وقيمهم، فإن ذلك ليس هجرة، بل هوفي الواقع غزو."

وبغض النظر عن مدى قلق الناس من الإسلام، فإن فكرة غزوالمسلمين لبلد ذي أكثرية مسيحية لا أساس لها من الصحة. أضف إلى ذلك، حتى الفكرة تولّد تعقيب هامشي غير مريح بأن الإسلام مضاد لأمريكا: المسلمون وصلوا هنا (لأمريكا) قبل تأسيس الولايات المتحدة — ولمقد يكونوا فرادى، بل بالآلاف.

وقد كان يجري تجاهلهم لأنهم لمقد يكونوا أحراراً في ممارسة عقيدتهم. بل لمقد يكونوا أحراراً على الاطلاق، ولذلك ففي معظم الأحيان غير قادرين على حتى يخلـِّفوا وراءهم سجلات بمعتقداتهم. إلا أنهم هجروا ما فيه الكفاية لتأكيد حتى الإسلام في أمريكا ليس ديانة مهاجرين جدد إلى أمريكا تظهر لأول مرة، بل هي عقيدة راسخة بجذور تضرب في أعماق التاريخ الأمريكي، على الرغم من كونها من أكثر العقائد اضطهاداً في أمريكا.

عام 1528، كان هناك عبد مغربي يسمى إستڤانيكوغرق جنباً إلى جنب مع مجموعة من المستكشفين الإسپان بالقرب من مدينة گالڤستون، تكساس المعاصرة. مدينة أزمور، التي نشأ فيها، كانت معقلاً إسلامياً ضد الغزوالأوروپي حتى سقوطها في شبابه. وأُطلق عليه اسم مسيحي بعد استعباده، وفي النهاية هرب من سجانيه المسيحيين وانطلق بمفرده في مناطق كثيرة بالجنوب الغربي.

بعد مائتي عام، استخدم أصحاب مغرسة في لويزيانا هذا الأمر لإضافة المزيد من العبيد المسلمين لقواهم العاملة، معتمدين على خبرتهم في زراعة الأرز والنيلة. وقد لاحظ الباحثون الأسماء المسلمة والألقاب الدينية الإسلامية في قائمة عبيدة المستعمرة وفي سجلات الوفاة.

من أشهر المسلمين الذين مروا عبر ميناء نيواورلينز عبد الرحمن ابراهيم ابن السوري، الأمير الذي مرت بلادهم بمحنة لفتت انتباهاً كبيراً. كما روت إحدى الصحف، أنه قرأ الكتاب المقدس وأعجب مبادئه، لكنها أضافت، "كانت اعتراضاته الرئيسية هي حتى المسيحيين لا يتبعون هذه المبادئ".

كان من بين العبيد المسلمين في كارولينا الشمالية مدرس دين يدعى عمر بن سعيد. أُمسك به عام 1810 بعد هروبه من سيده القاسي الذي كان دعوه بالكافر، اشتهر لكتابته على جدران سجنه بالعربية. خط سيرة حياته عام 1831، واصفاً كيف من الممكن أن أنه عندما كان حراً كان يحب قراءة القرآن، لكن عندما أصبح عبداً انتقل إلى المسيحية.