معركة قونية

عودة للموسوعة

معركة قونية

معركة قونية
التاريخ 21 ديسمبر, 1832
المسقط
قونية, هجريا
النتيجة نصر مصري
الخصوم
مصر الدولة العثمانية
القادة والزعماء
ابراهيم باشا رشيد محمد باشا
القوات
50,000 رجلاً
48 مدفعاً
54,000 رجلاً
100 مدفعاً
الخسائر
262 قتلى
530 جرحى
3,000 قتلى
5,000 أسرى

معركة قونية سقطت في 21 ديسمبر, 1832, بين مصر والدولة العثمانية, خارج مدينة قونية هجريا المعاصرة. المصريون كانوا بقيادة ابراهيم باشا, بينما قاد العثمانيين رشيد محمد باشا.

سير المعركة

فى 18 ديسمبر سنة 1832 وصلت طلائع الجيش الهجرى بقيادة رءوف باشا الى شمال قونيه وكانت مؤلفة في الغالب من الجنود غير النظامية , فناوشهم ابراهيم باشا ليتحقق مبلغ قوتهم , ولما اّنس منهم ضعفا أراد حتى يكرههم على القتال لكن رءوف باشا جنب الدخول في معركة , فأنقضى يوما 18 و19 ديسمبر في مناوشات حربية حتى استولى المصريون على كثير من الأسرى وغنموا بعض المدافع

وفى صبيحة يوم 20 ديسمبر تقدمت جيوش رشيد باشا الى قونيه , وأخذ جميع من القائدين يرتب مسقط جنوده . وفى اليوم التالى , يوم الواقعة( 21 ديسمبر ) , كان الضباب يخيم على ميدان القتال من الصباح فحال دون اكتشاف جميع من القائدين مسقط الجيش الاّخر , على حتى ابراهيم باشا كان يمتاز على رشيد باشا بأنه تفهم الجهة التى دار فيها القتال دراسة دقيقة , ومرن جنوده على المناورات فيها قبل اشتباك الجيش .

وقد رابط الجيش المصرى شمالى قونيه وعلى مقربة من ميمنته شمالا بشرق مستنقعات من المياه , وعلى مسيرة فرسخ من ميسرته تقع مدينة سيلة , وأمامه الجبال , وعلى سفحها يرابط الجيش الهجرى لالذى كان الضباب يحجبه عن أنظار المصريين . وكان البرد قارصا , ولا غروفالمعركة سقطت في شهر ديسمبر في أشد ايام الشتاء , فنزلت درجة البرد يوم الواقعة الى 11 فوق الصفر . واصطف الجيشان في مواقعهما , يفصل بينهما نحوثلاثة اّلاف متر , ومرت لحظة خفت فيها وطأة الضباب قليلا , فأمكن ابراهيم باشا حتى يلمح مسقط الجيش الهجرى , وقد رتب خطة الهجوم ترتيبا محكما , فرأى حتى الهجوم على ميمنة الهجر أمرا لا تحمد عواقبه , لأنها مرابطة على سفح الجبل في مواقع حصينة , يعكس الميسرة التى كانت تستند إلى مستنقعات مكشوفة . وقبل حتى يبدأ إبراهيم باشا بالهجوم تقدمت صفوف الهجر حتى صارت على بعد نحوستمائة متر من مواقع المصريين , وأخذت المدافع الهجرية تطلق القنابل عليهم , فلم يجب المصريون على الضرب بضرب مثله , إلى حتى تعهد إبراهيم باشا على صوت الضرب مواقع الهجر , وتقدم الصف الثانى من المصريين حتى اقترب من الصف الأول تفاديا من فتك القنابل الهجرية التى كانت تنصب عليه . واتجه إبراهيم باشا الى بئر نمرة , تقع على يمين الصف الثانى من الجيش المصرى ليزداد فهما بمواقع الهجر , وكان يصحبه من خاصة أركان حرب مختار بك وكانى بك وأحمد أفندى , ومعه قوة من الف وخمسمائة من العرب. وهناك لمح مواقع الهجر , وعهد بثاقب نظره نقطة الضعف التى يصيب منها الهدف , ذلك ان قوة الفرسان كانت تؤلف ميسرة الجيش الهجرى , وقد أخطأت القيادة الهجرية في أنها لم تحكم الصلة بين الفرسان والمشاة اثناء التقدم , فحدثت بينهما ثغرة يبلغ طولها نحوالف خطوة جعلت الميسر في شبه عزلة عن بقية الجيش . فانتهز إبراهيم باشا هذه الفرصة , وأعتزم الدخول بقوات الحرس والفرسان في هذه الثغرة ليخترق صفوف الهجر , وبادر عملا فأصدر تعليماته لتحرك هذه القوات , وتولى بنفسه قيادة هذه الحركة , فزحفت قوة الحرس يتبعها الفرسان واجتازت البئر بقليل , ثم انعطفت نحوالشمال حيث ميسرة الهجر وهاجمتها هجوما شديدا , وشدت المدفعية أزرها , فصبت قنابلها على الهجر وأخذت من الجنب , وكان الهجوم شديدا , والضرب محكما , فتقلقل الهجر من مراكزهم لشدة الهجوم وتقهقروا شمالا من غير انتظام في المستنقعات , وبذلك انهزمت ميسرة الجيش الهجرى . ثم تابع المصريون تقدمهم وتوسطوا ميدان المعركة حيث قابلوا الصف الثالث من مشاة الهجر الذين اقتحموا الميدان ووصلوا الى تلك الناحية فأصلتهم المدافع نارا حامية وأحاط بهم المصريون وضربوهم ضربا شديدا وأسقطوا بهم حتى سلموا سلاحهم . ولما استوعب الصدر الأعظم حتى ميسرته قد سقط فيها الاضطراب والفشل أراد حتى يلم شعتها ويبث الحمية في نفوس رجاله , فنزل الى حيث مواقع الجند , لكنه لم يفز بطائل , وضل الطريق لكثرة تكاثف الضباب , وبينما هويسير على غير هدى سقط في أيدى العرب المصريين , فأحاطوبه وجردوه من سلاحه واقتادوه أسيرا الى ابراهيم باشا , وكان قد مضى على نشوب القتال نحوالساعتين . وتابع المصريون من المشاة والفرسان تقدمهم شمالا , واستأنفوا مع بعض المدافع وهاجموا الصف الرابع من مشاة الهجر فحاقت به الهزيمة وسلم وتمزق ضمه وبذلك تم للجيش المصرى الفوز على ميسرة الهجر والصف الثالث والرابع من مشاتهم . وبينما كانت قوات الحرس والفرسان تقوم بهذه الحركات والهجمات الموفقة تقدم الصف الأول من صفوف الأعداء نحوميسرة الجيش المصرى واتخذوا مواقعهم حولها في خط منكسر بغرض الاحاطة بها , واشهجر في هذه الحركة الصف الثانى من صفوفهم , وعاونهم فرسانهم فكانت الهجمة هائلة , عنيفة في شدتها , خطيرة في عواقبها , ولكن ميسرة الجيش المصرى تلقتها بثبات وشجاعة , وتحركت مدافع الاحتياطى فشدت أزر المدفعية التى تحمى الميسرة , وصبت المدافع المصرية قنابلها على صفوف الهجر ,فحصدت صفوفهم حصدا واستبسلت الميسرة في الضرب والقتال , وكان على دفاعها يتوقف مصير المعركة , وأستمرت الملحمة ثلاثة ارباع ساعة , ثم أسفرت عن كسر هجمة الهجر وهزيمتهم وتشتيت ضمهم في الجبال . وكأنما أراد الهجر حتى يبذلوا اّخر جهد في المعركة , فتحركت قوة من الفرسان ووصلت تجاه الصف الأول من الجيش المصرى , فلم يحفل بها المصريون لأنها كانت سائرة نحوالفشل المحقق , فمازالت تتقدم حتى وصلت الى ما وراء صفوف الجيش المصرى , وهناك تشتت ضمها وولت الأدبار

انتهت الواقعة بهزيمة الجيش الهجري، ودام القتال فيها سبع ساعات، اذ بدأت في الظهر وانتهت بعد غروب الشمس بساعتين، ولم تزد خسارة المصريين عن 262 قتيلا، و530 جريحا ، أما الجيش الهجري فقد اسر قائده ونحوخمسة آلاف الى ستة آلاف من رجاله، من بينهم عدد كبير من الضباط والقواد، وقتل من جنوده نحوثلاثة آلاف ، وغنم المصريون نحو46 مدفعا، وعددا كثيرا من الرايات.

فلا غروكانت معركة قونيه نصرا مبينا للجيش المصري، وصفحة فخار في تاريخ مصر الحربي.

ولقد كانت من المعارك الفاصلة في حروب مصر،لانها فتحت امام الجيش طريق الاستانة، اذ اصبح على ميسرة ستة أيام من البوسفور، وكانت الطريق مخلاة لا يعترضه فيها جيش ولا مقعل، فلا جرم ان ارتعدت فرائص السلطان محمود بعد هذه الواقعة اذ راى قوائم عرشه تتزلزل امام ضربات الجيش المصري وفوزاته المتوالية.

{{{خريطة 249


مواقع المصريين

1-2 الصف الاول من صفوف الجيش المصري يقوده سليم بك المانسترلي. 3-4 الصف الثاني بقيادة سليمان بك (باشا) الفرنساوي على بعد ثلثمائة خطوة فقط من الخط الاول، وقد اقترب منه الى هذا الحد بسبب تكاثف الضباب صبيحة يوم الواقعة وتساقط قنابل الهجر عليه. 5 جنود الحرس يقودهم سليم بك الحجازي ويتألف منهم الصف الثالث . 6 الفرسان يقودهم احمد بك (باشا) المنكليواحمد بك المانسترلي. 7و8وتسعة المدافع وقد نصبت في الميمنة والقلب والميسرة بقيادة سليم بك قائد الطوبجية. 10 بطاريتان من مدافع الاحتياطي. 11 بطارية من مدافع الاحتياطي مع الحرس. 12 و13 اورطتان في هيئة مربعين لحماية الجناحين.

مواقع الأتراك

14-15 الصف الاول من المشاة. 16 الصف الثاني من المشاة. 17 الصف الثالث من المشاة. 18 الصف الرابع من المشاة. 19 الايان من الفرسان على يمين الصف الاول من المشاة. 20 الايان من الفرسان على يسار الصف الاول من المشاة. 21 الاي من الفرسان خلف 19 22 الاي من الفرسان عن يسار الصف الثاني من المشاة. ،/، مدافع الهجر موزعة امام صفوف المشاة والفرسان. 23 مسقط البشر التي اتجه اليها ابراهيم باشا ليستطلع مواقع الهجر. 24 المسقط الذي وصل اليه الفرسان المصريون لمهاجمة الجناح الايسر للجيش الهجري بمعاونة جنود الحرس. 25 المسقط الذي وصلت اليه المدافع المصرية لشد ازر هذه الهجمة. 26 النقطة التي ارتد اليها الجناح الايسر للجيش الهجري في المستنقعات بعد هزيمته امام هجمة الفرسان المصريين. 27و28و29 المواقع التي وصل اليها المصريون من الفرسان والحرس في تقدمهم واحاطوا بالصف الثالث من المشاة الهجر نمرة 17 الذي زحف من مسقطه الاصلي الى حيث سلم سلاحه في المسقط نمرة 17. 30 المسقط الذي تقدمت اليه المدافع المصرية الاتية من 26 لتشهجر في الحركة السابقة. 31 المكان الذي اسر فيه الصدر الاعظم محمد رشيد باشا قائد الجيش الهجري. 32 المكان الذي كان به ابراهيم باشا حينما سقط الصدر الاعظم اسيرا. 33 و34 المواقع التي وصل اليها المصريون في تقدمهم شمالا. 35 المسقط الذي تقدمت اليه المدافع المصرية اتية من المسقط 30. 36 المسقط الذي هزم فيه الالاي الهجري نمرة 18 امام هجوم المصريين. 37و38 و39 المواقع التي تقدم اليها الصف الاول من مشاة الهجر نمرة 14-15 للاحاطة بمسيرة الجيش المصري. 40 و41 المواقع التي تقدم اليها الصف الثاني من مشاة الهجر نمرة 16 للاشتراك في الحركة السابقة. 42 المواقع التي تقدم اليه الفرسان الهجر نمرة 19 و21 للاشتراك في الحركة السابقة. 43 انتنطق المدفعية المصرية من المسبترشرة وانضمامها الى مدافع الجناح الايسر حيث اشهجرت في كسر هجمة الهجر وتشتيت ضمهم. 44 المواقع التي تقدم اليها الفرسان الهجر نمرة 22 حيث تشتت ضمهم.

حركات الأسطول المصري

كان للاسطول المصري فضل كبير في معاونة الجيش خلال الحرب السورية من مبدئها الى منتهاها، فان هذه الحرب لم تقتصر على البر. بل تعدته الى البحر، ونا ذاكرون هنا ما قام به الاسطول من الاعمال الجليلة التي ساعدت الجيش على بلوغ النصر.

اشهجر قسم من الاسطول في حصار عكا كما قدمنا، فقد اصدر ابراهيم باشا تعليماته الى سر عسكر الدونئمة المصرية عثمان نور الدين بك يضرب قلاع عكا من البحر فتقدم الاسطول (ديسمبرة سنة 1831) واصطفت سفنه امام حصون المدينة، واخذت تضربها بالمدافع.

كان عدد هذه السفن تسع بوارج تقل 3810 من البحارة، وسلاحها 484 مدفعا، وهذه اسماؤها كما ذكرها اسماعيل باشا سرهنك ، وهي: الفرقاطة كفر الشيخ وعليها القومندان برسيك الانجليزي، والفرقاطة الجعفرية وقومندانها برغمه لي احمد قبودان وعليها فهم الاميرال الاول قائد الاسطول، والفرقاطة البحيرة وقومندانها عبد اللطيف قبودان (الذي صار باشا وتولى نظارة البحيرة فيما بعد) وتحمل فهم الاميرال الثاني مصطفى مطوش باشا، والفرقاطة رشيد وعليها السيد علي قبودان، والفرقاطة شير جهاد وعيها نوري قبودان، والفرقاطة دمياط وعليها هدايت محمد قبودان، والفرقاطة مفتاح جهاد وعليها مصطفى قبودان الجزائري، والسفينة بومبه وعليها بيجان قبودان، والسفينة رهبر جهاد وعليها علي رشيد قبودان.

اخذت هذه البوارج تطلق مدافعها على حصون عكا طول النهار، ولكنها لم تصبها بضرر يذكر لمتانتها، ثم رست مع باقي سفن الاسطول التي لم تشهجر في الضرب، واصيبت بعض السفن المصرية باضرار اضطرتها الى العودة للاسكندرية.

وكان للاسطول المصري جولات مهمة على ظهر البحار خلال الحرب، فقد تلقى محمد علي باشا من احدى سفن العمارة المصرية في شهر يونيه سنة 1832 نبأ خروج الاسطول الهجري من الدردنيل بقيادة الاميرال خليل باشا حملت ليشهجر في القتال، وكان مؤلفا من خمس وثلاثين سفينة حربية، فاصدر تعليماته الى العمارة المصرية بالاقلاع الى بحر الارخبيل لتبحث عن الاسطول العثماني وتقاتله، فسارت الى مياه رودس وكان الاسطول العثماني قد اتجه في ذلك الحين الى ثغر الاسكندرية لامداد الجيش الهجري بالرجال والمؤونة والعتاد.

فلما وصل الى الاسكندرية كانت الهزيمة قد حلت بالجيش الهجري في حمص، ثم سقطت هزيمة بيلان، فعاد ادراجه واقلعت سفنه الى جزيرة رودس تاركة كميات كبيرة من المؤونة لم يستطع الهجر حملها لما كانوا فيه من العجلة.

اما العمارة المصرية فكانت مؤلفة من سبع وعشرين سفينة حربية معقودا لواؤها للاميرال عثمان نور الدين باشا، فسارت تمخر العباب باحثة عن الاسطول العثماني، واجتمع الاسطولان بعد واقعة بيلان في مياه قبرص، ومع ان الاسطول الهجري كان اكثر عددا وعددا من العمارة المصرية فان قبودانه تجبن الاشتباك في قتال مع الاسطول المصري، وخشى ان يلحقه البوار اذا اصطدم به، فآثر ان يلزم خطة الدفاع، واخذ الاميرال عثمان نور الدين باشا من ناحيته يرقب حركات الأسطول العثماني، دون ان يسعى لمهاجمته، وبقى الاسطولان طويلا في هذا الموقف، الى ان سار اميرال الاسطول الهجري الى ميناء مرمريس من ثغور الانضول ليأوي اليها، فتعقبته العمارة المصرية، وحاصرت الميناء، ولكن هياج البحر واشتدد الانواء في ذلك الفصل من الشتاء حالا دون استمرار الحصار، فاتجه نور الدين باشا بالعمارة المصرية الى خليج السودة بجزيرة كريت، وبعد ان بقى الاسطول الهجري في ثغر مرمريس عشرين يوما اقلع الى مياه الدردنيل ثم رجعت العمارة المصرية الى الاسكندرية.

وقد كان للاسطول المصري عامة فضل كبير في تسهيل المواصلات البحرية بين مصر وسورية، ولولاه لما وجدت مصر من سبيل الى امداد جيشها الا بطريق البر المحفوف بالمتاعب والاخطار، ولتعذر عليها الاتصال به وبالبلاد التي فتحتها. فللأسطول المصري فضل كبير في نجاح الحملة على سورية.


التدخل الاوروبي

استرعت فوزات الجيش المصري انظار الدول الاوروبية، وفتحت باب المسالة المصرية على مصراعيه.

ان المسألة السياسية العالمية المعروفة بالمسألة المصرية بدأت تظهر – في تاريخ مصر الحديث منذ الحملة الفرنسية، فمن ذلك العهد اتجهت المطامع السياسية الدولية الى مصر، وتعددت المنازع في شأن مصيرها، فالحملة الفرنسية اول مثار للمسألة المصرية اذ انها كانت صراعا بين فرنسا وانجلترا على فتح مصر واستعمارها، اما قبل ذلك فان التنافس بشأنها كان في الغالب تنافسا اقتصاديا ، فلما جر نابليون حملته على مصر تحول الى صراع سياسي، واخذت مطامع انجلترا تتجه نحوفتح مصر والسيطرة السياسية عليها، ولقد رأيت مما فصلناه في الجزيأت الأول والثاني من "تاريخ الحركة القومية" ان الصراع بين فرنسا وانجلترا بشان المسالة المصرية استمر طوال الحملة الفرنسية، وبعد انتهائها، وان انجتلرا لم تحارب فرنسا لاجلائها عن مصر فحسب، بل لتحل فيها محلها ولكي تحقق مطامعها السياسية والاستعمارية في وادي النيل.

واستمرت المسالة المصرية مثارا للمطامع الانجليزية منذ اسس محمد علي الدولة المصرية الحديثة، فلما اشتبكت مصر وهجريا في الحرب السورية اقترنت المسالة المصرية بالمسالة الشرقية، فاشتدت المنازعات الدولية بشانها وانبعثت المطامع القديمة التي كانت تسعى لها جميع دولة حيال السلطنة العثمانينة.

فالروسيا نظرت بعين الخوف والوجل الى تقدم الجيش المصري واقترابه عن عاصمة هجريا، وخشيت اذا أطرد هذا التقدم ان يستولي محمد علي باشا على عرش السلطنة ويمد نفوذ الدولة المصرية الى ضفاف البوسفور والدردنيل والبحر الاسود فيؤسس دولة قوية تقوم على انقاض السلطنة العثمانية المتداعية الاركان المختلة النظام، وليس مما يوافق سياسة الروسيا ان يقع هذا الانقلاب لانه يحول دون تحقيق اطماعها في الوصول الى البواغيز والبحر الابيض المتوسط، فبادرت الى التدخل لمعاونة هجريا، واوفدت الجنرال مورافييف الى السلطان محمود ليعرض عليه استعدادها للدفاع بقواتها البرية والبحرية عن السلطنة العثمانية، ومعنى هذا الدفاع من الروسيا بسط حمايتها العملية على هجريا، فهال فرنسا وانجلترا امر هذا التدخل وخشيتا على سياستهما ومصالحهما ان تستهدف للخطر اذا بسطت الروسيا حمايتها اونفوذها في هجريا، واتقاء لهذا الخطر بذلنا جهودهما لوقف تقدم الجيش المصري حتى لا تجد الروسيا مسوغا لحماية هجريا، ففرنسا وانجلترا لم تقصدا من تدخلها في المسالة المصرية والمسالة الشرقية مصلحة مصر ولا مصلحة هجريا، بل كانتا تعملان لتحقيق اغراضها الذاتية.

واستخدمت فرنسا علاقاتها الودية مع مصر لاقناع محمد علي بتسوية الخلاف بينه وبين السلطان، واوفدت الى الاستانة الاميرال روسان سفيرا لها ليسعى في فض الخلاف بين هجريا ومصر ويمنع التدخل الروسي.

وبذلك صارت مصر قبلة انظار الدول الاوروبية، اذ كان مناط آمالهن اقناع محمد علي باشا بتسوية الخلاف مع هجريا حتى لا يدي تدخل الروسيا الى ازمة اوروبية قد تنتهي بتحكيم السيف بينهن.

عملى خطة مصر في ذلك الحين كان يتوقف التوزان الاوروبي، من اجل ذلك وفدت رسل التفاهم على محمد علي باشا من جميع صوب.

فاتى الجنرال مورافييف الى الاسكندرية، وقابله وعرض عليه الوساطة بينه وبين السلطان، فاكرم محمد علي وفادته واحسن لقاءه، ولكن تمسك بوجهة نظره.

وكذلك ارسل السلطان بايعاز من السفارة الفرنسية مندوبا عنه وهوخليل باشا ليفاوض محمد علي في حسم الخلاف وديا، وارسل الاميرال روسان الى محمد علي يطلب اليه الا يشتط في طلباته حقنا للدماء، وان يكتفي من فتوحه بولايات صيدا (عكا) وطرابلس والقدس ونابلس.

فرفض هذه الشروط واصر على ضم سورية وولاية ادنه الى مصر، وق اصر على الاحتفاظ باقليم ادنه وهومن صميم الاناضول لما اشتهر عنه من كثرة مناجمه ووفروة اخشابه، ولانه ينتهي بجبال طوروس التي اراد محمد علي جعلها الحد الفاصل بين مصر وهجريا، أما هجريا فقد ازدادت خضوعها للروسيا ورضيت ان تحميها بقواتها البحرية والبرية، فاتى اسطول روسي ورسا في مياه البوسفور، ونزلت قوة من الجنود الروس الى الشواطئ الهجرية الاسيوية لتدفع غزوة الجيش المصري.

وقد رأى محمد علي باشا ان الدول انما تسعى الى هضم حقوق مصر ارضاء لهجريا، فوقف تجاهها موقفا مشرفا استمسك فيه بحقوق مصر، وبعث في هذا الصدد برسائل عدة تدل على قوة يقينه ومضاء عزيمته، واهما الخطاب الذي ارسله الى الاميرال روسان سفير فرنسان في الاستانة بتاريخثمانية مارس سنة 1833 ردا على رسالته اليه، نطق فيه:

"تلقيت رسالتكم المؤرخة 22 فبراير التي تسلمتها من ياوركم والتي تعترضون فيها على وتعلنوني بأن لاحق لي في المطالبة بما عدا بلاد عكا والقدس ونابلس وطرابلس الشام، وان الواجب علي حتى أسحب جيشي فورا، وتنذروني باني في حالة الرفض استهدف لاخطر العواقب، وقد اضاف ياوركم شفويا بناء على تعليماتي باني اذا بقيت متمسكا بمطالبي فسيجئ الاسطول الانجليزي والروسي الى سواحل مصر.

"على اني يا جناب السفير اتساءل باي حق تطلبون مني هذه التضحية،يا ترى؟ ان امتى باجمعها تؤيدني في موقفي، وان في استطاعي بحدثة مني ان احرض شعوب الرومللي والاناوضل على الثورة فيلبوندائي، ويمكنني بتأييد امتى ان اعمل اكثر من ذلك، لقد امتدت سيطرتي على اقطار عدة، والنصر حليفي في جميع الميادين، ومع ان الراي العام يؤيدي في امتلاك سورية باكملها فاني قد وقفت زحف جنودي رغبة مني في حقن الدماء ولكي يتسع الوقت امامي لاتعهد ميول الدولة الاوروبية، ولقاء هذا الاعتدال وحسن النية وتلك التضحيات الكثيرة التي بذلتها امتي، والتي نلت الفوزات الباهرة بفضلها وبفضل تأييدها لي، تطلبون من ان اتخلى عن البلاد التي فتحتها وان انسحب بجنودي الى منطقة صغيرة تسمونها ولاية! اليس في هذا حكم علي بالاعدام السياسي؟

"على حتى لي ملء الثقة الا تأبى فرنسا وانجلترا الاعتراف بحقوقي ومعاملتي بالانصاف فان ذلك مرتبط بشرفها، واذا خاب املي فليس امامي الا ان اذعن لتمضية الله، وهنالك اوثر الموت الشريف على احتمال الذل والعار، وسأبذل نفسي بكل ابتهاج فداءا لقضية امتي، مغتبطا بخدمة بلادي حتى آخر نسمة من حياتي، ذلك ما صممت عزمي عليه، وقد روى التاريخ امثلة عديدة لمثل هذا الاخلاص، ومهما يكن ما صممت عزمي عليه، وقد روى التاريخ أمثلة عديدة لمثل هذا الاخلاص، ومعما يكن فان لي وطيد الامل في انكم ستقدرون عدالة مطالبي وتزيدون اقتراحي الاخيرة التي قدمتها الى خليل باشا، وفي انتظار تحقيق هذا الامل قد خطت لكم هذا الخطاب الودي الذي تسلمه مني ياوركم يدا بيد".

الاسكندرية فيثمانية مارس سنة 1833

محمد علي والي مصر


نتيجة المعركة

إنتهت الواقعة بهزيمة الجيش الهجرى , ودام القتال فيها سبع ساعات , إذ بدأت في الظهر وانتهت بعد غروب الشمس بساعتين , وكانت معركة قونيه نصرا مبينا للجيش المصرى , وصفحة فخار في تاريخ مصر الحربى .ولقد كانت من المعارك الفاصلة في حروب مصر . لأنها فتحت أمام الجيش طريق الأستانة , إذ أصبح على مسيرة ستة أيام من البوسفور , وكانت الطريق مخلاة لا يعترضه فيها جيش ولا معقل , فلا جرم حتى ارتعدت فرائض السطان محمود بعد هذه الواقعة إذ رأى قوائم عرشه تتزلزل أمام ضربات الجيش المصرى وانتطاراته المتوالية.

احتلال كوتاهية ومغنيسيا واقامة الحكم المصري في أزمير

وفي غضون ذلك تقدم ابراهيم باشا بجيشه فاحتل كوتاهية وصار على مسافة خمسين فرسخا من الاستانة، ثم انفذ كتيبة من الجنود احتلت مغنيسيا بالقرب من ازمير (انظر الخريطة الملحقة بهذا الفصل) ، وأنفذ رسولا الى ازمير ليقيم الحكم المصري بها، وقد وصل الرسول اليها ولم يلق بها مقاومة، وعزل حاكم المدينة طاهر باشا واقام بدلا منه احد اعيانها منصور زده (فبراير سنة 1833)، ورحبت المدينة بهذا الانقلاب، ولكن الاميرال روسان سفير فرنسا في الاستانة تدخل في الامر حتى لا يستفحل النزاع وتتخذ الروسيا احتلال ازمير ذريعة الى حماية هجريا، فارسل الى ابراهيم باشا يعترض على ما عمله رسوله في ازمير وينذره ببتر العلاقات ، فلم يسع ابراهيم باشا الا الاجابة بانه لا يقصد احتلال ازمير، وبذلك انتهى الخلاف وعاد الحاكم القديم الى منصبه (مارس سنة 1833).


الخسائر من الطرفين

لم تزد خسارة المصريين عن 262 قتيلا و530 جريحا , أما الجيش الهجرى فقد أسر قائده ونحوخمسة اّلاف إلى ستة اّلاف من رجاله , من بينهم عدد كبير من الظباط والقواد , وقتل من جنوده نحوثلاثة اّلاف , وغنم المصريون منه نحو46 دمفعا وعددا كبيرا من الرايات .

المصادر

Chapter by Colonel Abd El-Rahman Zaki, published in Arabic in the volume commemorating Ibrahim Pasha on the centennial of his death, published in 1948 by the Egyptian Royal Society for Historical Studies. Republished 1998 by Madbouli Press, Cairo. The article cites numerous original sources in Arabic, including official archives, as well as several principal European references, all in French.

المصادر

  1. ^ الرافعي, عبد الرحمن (2009). عصر محمد علي. القاهرة، مصر: دار المعارف.
تاريخ النشر: 2020-06-04 15:50:59
التصنيفات: صفحات تستعمل قالبا ببيانات مكررة, حروب محمد علي, معارك الحرب المصرية العثمانية, معارك مصر, معارك الدولة العثمانية, نزاعات 1832, 1832 في مصر, 1832 في الدولة العثمانية, قونية

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

بيسكوف: كييف ترعى وتنظم عمليات قتل المواطنين الروس

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-05-14 18:23:26
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 63%

نتائج أولية: أردوغان يتقدم على كليجدار أوغلو بعد فرز 13 بالم

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-05-14 18:22:58
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 68%

تحضيرات وتجهيزات مهرجان كان استعدادًا للدورة الـ 76.. صور

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-05-14 18:22:16
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 35%

برمجة رحلات إضافية لشركة النقل البحري

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-14 18:24:30
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 56%

مغربية تفوز بأشهر مسابقة غنائية في العالم

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-14 18:23:35
مستوى الصحة: 61% الأهمية: 75%

مختصون يطالبون بمحاربة ظاهرة الذبح العشوائي لإناث الماشية

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-14 18:24:23
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 69%

الخارجية الألمانية ترحب بوقف إطلاق النار بين إسرائيل والجهاد

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-05-14 18:23:02
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 50%

أخبار مصر.. غدا ارتفاع فى درجات الحرارة والعظمى بالقاهرة 32 درجة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-05-14 18:22:13
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 37%

زوجة ألفيش تكشف حقيقة دخولها في علاقة عاطفية مع حكيمي

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-14 18:23:37
مستوى الصحة: 66% الأهمية: 79%

منافس أردوغان في الانتخابات التركية: لقد افتقدنا الديمقراطية

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-05-14 18:23:07
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 54%

وزارة الأوقاف تعلن أسعارا جديدة لصكوك الأضاحى.. اعرف التفاصيل

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-05-14 18:22:20
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 48%

خبراء يؤكدون على أهمية زراعة الزعفران في المناطق الجبلية للوطن

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-14 18:24:16
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 57%

تحميل تطبيق المنصة العربية