موسم صيد الزنجور (رواية)

**موسم صيد الزنجور**
المؤلف	إسماعيل غزالي
البلد	مصر
اللغة	العربية
الناشر	دار العين للنشر
الإصدار	2013

موسم صيد الزنجور. لقراءة الرواية، اضغط على الصورة.

موسم صيد الزنجور هي رواية من تأليف إسماعيل غزالي، نشرتها دار العين للنشر في 2013.

ملخص الرواية

ترصد الرواية حكاية عازف ساكسوفون فرنسي يحل زائرا على ضفة بحيرة "أحدثام أزكزا" بالأطلس المتوسط بدعوة من صديقة مغربية٬ حتى يجرب صيد سمك الزنجور٬ فيجد نفسه مقحما في متاهة متشعبة٬ بطلها الأول هوالمكان المؤسطر والسمك الوحشي٬ متاهة تتداخل بانفتاحها على وجوه فاعلة لشخصيات مريبة كفيرجينيا اللندنية والصياد الأشقر الملقب بمروض الزناجير وفتى الفندق المولع باقتفاء المصائر الكارثية لزائري البحيرة منذ 1910 وفتاة البحيرة ومحرر السيناريووالممثلتان هاجر وسارة وعازفة البيانو..إلخ. موسم صيد الزنجور نص مؤسس على لعبة الرواية داخل الرواية٬ يتعالق في دوامة بنيتها أكثر من عمل سردي.

استعراض الرواية

تستلهم رواية موسم صيد الزنجور للمغربي إسماعيل غزالي طقوس العيش في جبال الأطلس المغربي كمادة أساسية تدور بشأنها الوقائع الغامضة في بحيرة أسطورية يلتبس فيها الواقع بالخيال، ويتداخل فيها الجمال بالقبح، وتحتدم فيها صراعات الأهواء والرغبات والمآسي.

تجتمع فيها -بمحض الصدفة- كائنات بشرية من جميع الجنسيات، بحثا عن أشياء أوأفكار أومشاريع محالة، سرعان ما تؤوب إلى غيرها بعمل الأقدار الغريبة التي تجلل المكان، ويكون من سوء المصادفات حتى تتقاطع أحلام الشخصيات ومطامحها ومخاوفها، بل وتتشابه مصائرها أيضا، وكأن لعنة قدرية استبدت بهذا الفضاء الخرافي الجميل. "شخصيات الرواية عبرت المكان لغايات غامضة ولم تهجر سوى صورها المعلقة على جدار الفندق، جميع هؤلاء انتهوا إلى مصير موحد غامض، وإن فرق بينهم زمان الحلول في المكان"

رحلة الحقيقة

تتأسس سيرة الرواية على نزهة خرافية يقوم بها عازف ساكسوفون من أب فرنسي وأم مغربية إلى بحيرة في أعالي الأطلس المغربي بدعوة من صديقة مغربية، ظل طوال حياته مسكونا بغياب حقيقة أمه التي لم يتعهد عليها إلا من خلال معلومات شحيحة تصدر عن والده الذي بقي يؤجل رغبة ابنه في رحلة التعهد على أسرة أمه بالمغرب إلى حتى توفي دون تحقق ذلك، ومهووسا برواية قرأها في مراهقته لصديقة فرنسية خطتها ثم انتحرت. ومع حتى غايته من وراء هذا السفر كانت كشف حقيقة أمه، والتلذذ بعالم العزلة في بحيرة مسحورة ومعزولة عن العالم من أجل إنجاز مؤلف موسيقي حديث فإنه بدخوله هذا العالم الغرائبي بجماله وعزلته ووقائعه المخيفة يجد نفسه مقحما في سلسلة مفاجئة من الأحداث والعلاقات المتشابكة، كأن قدرا غريبا أخذه إلى هناك ليلتقي أناسا بمحض الصدفة، يشهجر معهم المعاناة والمصير والهلاوس وجنون الافتتان بالمكان.

يجد نفسه محشورا في مغامرة صيد الزنجور الوحشي، والبحث عن أسرار المنطقة التاريخية والاجتماعية والجغرافية والأسطورية، وتقاسم جملة من الأفكار والذكريات والمخاوف مع الشخوص التي التقاها هناك، ودخل معها في علاقات إنسانية وفنية.

ومن سخرية الأقدار حتى تكون جميع الشخصيات -التي حلت بالمكان- مدفوعة بهوس التنقيب عن أشياء لها سقط خاص في مخيلتها، فإذا كان البطل اتى هنا للبحث عن هوية انتسابه لأم يجهل أصلها ومكانها وقصتها فإن الشخصيات الأخرى قادتها مصائر مختلفة بحثا عن أوهام سرابية.

شخصيات عبرت المكان لغايات غامضة ولم تهجر سوى صورها المعلقة على جدار الفندق، جميع هؤلاء انتهوا إلى مصير موحد غامض، وإن فرق بينهم زمان الحلول في المكان. "الحكاية التي تجعل النص متلاحما وطبقاته المتعالقة منسجمة هي مأساة الأسرة الغجرية التي استوطنت البحيرة وقاست العزلة والضياع لتجد نفسها مضطرة إلى المغادرة "

مأساة أسرة غجرية

تتشعب حكايات الرواية إلى درجة يصعب على المتلقي تذكر جميع التفاصيل، لكن الحكاية التي تجعل النص متلاحما وطبقاته المتعالقة منسجمة هي مأساة الأسرة الغجرية التي استوطنت البحيرة وقاست العزلة والضياع، لتجد نفسها مضطرة إلى المغادرة لسوء الظروف الطبيعية، خاصة بعد وفاة الأم في حادثة ولادة، تاركة رضيعا وطفلا وطفلة. وفي الطريق إلى "أزغار" تتعرض الأسرة لمآسٍ كارثية مصدرها الطبيعة والإنسان والذكورة والتنطقيد المتخلفة.

لم تكن الطفلة الغجرية سوى "شامة" أم البطل التي تتالت عليها المآسي، بدءا من ظلم الزمن الذي يتَّمها وهي طفلة، وحمّلها تربية أخيها، ثم تسلط الأب الذي يصادر كافة اختياراتها، وظلم الرجل الذي يرى فيها أداة لتحقيق رغباته. لم تنفعها سوى حيلة أخيها الطفل الذي أحرق أملاك عريسها العجوز ليلة زفافها، ليتيح لها فرصة الخلاص، لكن القدر يضعها أيضا بين يدي امرأة استغلت براءتها لتبيعها لسيدة ماخور، قبل حتى تفر لتحضنها مديرة دار أيتام وترعاها إلى حتى أصبحت مربية. وهنا ستلتقي شابا رأته في البحيرة وظل مهووسا بجمالها من خلال احتفائه بوجهها الطفولي في لوحاته، ويعرض عليها الزواج فترفض متحججة بزقابل من أخرى. وبعد وفاة مديرة دار الأيتام اقتسم الورثة الهجرة، وغادرت شامة برفقة صديقتها لتحترفا الغناء الذي سيجعلها تلتقي بأخيها ويعهدها على سيرة أسرتها التي فارقتها طوال عقدين من الزمن.

يحكي لها كيف من الممكن أن توفي الوالد في السجن إثر قتله للمفهم الغاصب، وأصبح أخوها الرضيع مفهما شابا في المدرسة التي اغتصبت فيها، وصار الأخ الأكبر عازفا شهيرا. وفي أحد المهرجانات المتوسطية التقت شامة فنانا أجنبيا عشقها فتزوجها وصحبته إلى فرنسا، لكنها توفيت إثر ولادتها الأولى.

متاهة سردية

يعتمد صاحبة "بستان الغزال المرقط" في محكيه الروائي لغة رقراقة تنزاح عن لغة السرد، لتعانق شعرية مترفة، تتفاوت إيقاعاتها من فصل إلى فصل، ومن مقام إلى مقام. أما الصيغة التي رويت بها الأحداث فهي صيغة حلزونية تلبس رداء التجريب والمغامرة السردية، ومع حتى السارد يحكي بضمير المتحدث فهوسارد متعدد بالنظر إلى خصوصية الخطاب الذي وصلتنا وفقه السيرة، وبحكم تعدد المخطوطات واليوميات والمحكيات داخل حكاية كبرى تؤطر المجموع، بما يجعل السرد في الرواية متاهيا بامتياز. يقتحم القارئ دوامة من الخطابات المتعددة التي يوحدها فضاء البحيرة على سبيل التضمين، إذ يعمد السارد المشارك في الأحداث إلى التخلي عن منطقيد السرد للشخوص الأخرى، وكأن جميع واحد يحكي قصته التي هي في نهاية المطاف سيرة الرواية نفسها مروية بصيغ وقوالب مختلفة، ابتداء برواية المراهقة الفرنسية المنتحرة، مرورا بمخطوط فيرجينا، ومخطوط الفتى العشريني، ومخطوط الصياد الأشقر، وانتهاء بمخطوط المؤلف الموسيقي للعجوز المقعد.

تتوازى الكتابة السردية مع الدفق الموسيقي وفق إيقاع هادر، فكل فصل هوبمثابة مبتر موسيقي أولوحة سيريالية تتماهى فيها الأسطورة والواقع، وتتعانق اللغات، وتتشح سمفونية الحكي بوشاح الفانتازيا، خاصة حين يعمد الساردون إلى رصد حكايات وأساطير البحيرة، في ارتباط وثيق بتاريخ تحرير الشعب المغربي، ونضاله من أجل الاستقلال. لقد غطى السرد ما يزيد على قرن من الزمن، حيث يمتد من نهاية القرن التاسع عشر مع بداية تغلغل المستعمر، إلى العصر الحالي مع دخول الهواتف الننطقة والإنترنت، معتمدا في ذلك على التداعي والتذكر حينا، وتوصيف معاناة الغجر حينا أخرى، دون حتى ننسى المقدرة العالية التي أبداها في الاشتغال على معاجم النباتات والورود والموسيقى والأسماك.