بهجت عثمان

عودة للموسوعة

بهجت عثمان

بهجت عثمان

بهجت عثمان (1931 - 2001) ، Bahgat Ossman ، بهجت عثمان من أبرز رسامي الكاريكاتور في مصر. رسومه وأفكاره حاضرة ومتجددة مع تجدد الحياة والأحداث من خلال السخرية التي اعتمدها في أفكارة كتابةً ورسماً حيث لعبت أفكاره دوراً في صياغة الرأي العام وما زالت. وفي كتابه "بهجاتوس- الديكتاتورية للمبتدئين" تناول بهجت موضوع الديكتاتورية أحد أبرز مسببات هزائمنا. ولأنه كان شديد الحساسية، وخوفاً من حتى يُمنع كتابه، صور بهجت نفسه هوالديكتاتور. وبذلك أخذ فرصة كبيرة للوصول إلى الأقصى في نقده لحالة الديكتاتور. ولكنه فوجئ حين انتهى من رسم الكتاب "أن الديكتاتور فوق ما وصف!".

من أعمال بهجت عثمان

البداية

درس بهجت النحت بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة. وعمل مدرساً في معهد المنصورة الأزهري، ثم في الخرطوم بالمدرسة الإنجيلية! وهذه أول معلومة يُعرِّف بها عن نفسه عندما يلاقينا! كي يقول لنا حتى تحوّله من فن النحت الى رسم الكاريكاتور كان طبيعياً.

رسم الكاريكاتور ونشر في مجلات " روز اليوسف" و" صباح الخير" و"المصور" و"الأهالي"... وتنقل في مجموعة من العواصم العربية، وكان يحرص على حتىقد يكون له بيت وناس في جميع بلد يزوره إذا في بيروت أودمشق إلى صنعاء وأبوظبي والكويت... وكان لديه اقتراح كاريكاتوري حاول دائماً جمع أصوات تؤيده يقول "لماذا لا نجمع جميع الفنانين والشعراء والكتاب والأدباء وكل الطيبين نجمعهم لنعيش في بلد واحد؟".

كانت لبهجت طاقة طفل. واستطاع التعبير وإيصال أفكاره بكل الوسائل بدءاً من الرسم ووصولاً الى التمثيل أوحتى الرقص. وكان متواضعاً غزير الإنتاج، وآمن دائماً بالجيل الجديد من الرسامين وحاول بجد تأمين الفرص لهم للخوض في ميدان العمل. فنجح حيناً وفشل أحياناً. وأحب المرأة ودافع عنها بشراسة. وتزوج من فنانة العرائس بدر حمادة وكان دائماً يقول كيف من الممكن أن أنه علّمها كنحّات كي تبني كتلة عروستها، وفهمته هي كيف من الممكن أن يلوّن رسومه.

ولأنه كان دائم التجدد. لم يهجر لليأس فرصة. فتحوّل إلى العمل مع الأطفال حالماً ليس بغدٍ أفضل، بل وبعبارته الشهيرة "لبعد غدٍ أفضل". ونُشرت رسومه في مجلات وخط للأطفال في مصر وبلدان عربية عديدة. وكان حتى توّج أعماله للأطفال بكتاب " لنا حق" مع منظمة اليونيسيف اختار فيه مجموعة من حقوق الطفل ورسمها.


بهجاتوس

بدأبهجت عثمان عمله بالصحافة في مجلة صباح الخير عام 1957 ، ابتدع شخصيات " الفراخ - حكومة وأهالي- - السلطة والشعب" التي تناولها بأسلوب غاية في البساطة قريب من بساطة الأطفال مما جعلها تصل إلى قلب القارئ. أصدر كتاب باسم "حكومة وأهالي" وكان الكتاب الأول.

كسب الكاريكاتير المصري والعربي أحد شخصيات بهجت عثمان التي مثلت حاكم من حكام العالم الثالث وهوحاكم "بهجاتيا العظمى" "بهجاتوس" .

توجه بفنه في أيامه الأخيرة لعالم الغد .. عالم الطفل ، حتى حصل على جائزة سوزان مبارك عام 2000 عن كتاب "كنت حماراً" بعد حتى استطاع بهجت ومنذ التسعينات حتى يقدم للأطفال كماً كبيراً من الخط والأعمال. أسهم إسهاماً عظيماً بإبداعه في مجال الرسم الكاريكاتوري.

رأي الناشر في خط بهجت عثمان

كتاب بهجت عثمان هومرشد القارئ العربي للخلاص من الدكتاتورية والطغيان. فبهجاتوس يختصر في شخصه جميع حاكم ظالم وكل متحكم متجبر، جميع محتكر وكل مستغل، جميع متاجر بالدين وكل مستفيد بالتعصب الطائفي، وبهجاتيا هي اي قطر عربي، وكل قطر عربي. بهجاتوس هوالفساد والتخلف والانحطاط، هوالعجز والقهر والجل، هومصدر التعاسة ونبع الشقاء المتعاظم جميع يوم بقوة الاستمرار وبالغائه المنهجي لحق الاعتراض والمعارضة. وبهجاتيا هي الامة المهددة بالاندثار ان هي لم تغير واقعها الغارق في سوادين: الظلم والظلام! بهجت عثمان يدعوك لان تغير وانت تضحك، انهم يتهموننا بما اصابنا نتيجة حكمهم وحكمتهم. انهم يريدن محاسبتنا مرتين: مرة عبر فاذا لم تغير ما في نفسك، لم تستطع ان تغير ما في واقعك وغدوت انت موضوع السخرية والنكتة الجارحة، بهجت عثمان افتداك بنفسه، لكي يحرضك فتتحرك طلبا للحرية، للديمقراطية، للعدالة، للحق والخير والجمال. هذا الكتاب بطاقة دعوة الى غد افضل، بعد غد افضل، بعد بعد غد افضل، بعد بعد بعد غد أفضل، المهم ان نبدأ. المهم ان نباشر التصدي لبهجاتوس من اجل ان تظل لنا بهجاتيا ومواطنها البسيط والشفاف والطيب والساخر من جميع خطأ في نفسه وفي الآخرين، المجتهد لان يتحرر ويحرر غيره من امراض عصور القهر البهجاتوسية. فتعالوا نحرر بهجت عثمان، وكل بهجت عثمان، من الطاغية بهجاتوس وكل طاغية، وابدأ بنفسك ثم باخيك.

من أعماله

– بدون تعليق (1987- حكومة وأهالي).

– بدون تعليق (1987- حكومة وأهالي).

– بدون تعليق (1987- حكومة وأهالي).

– بدون تعليق (1987- حكومة وأهالي).

– بدون تعليق (1987- حكومة وأهالي).

– الحكومة الأمريكية (1987- حكومة وأهالي).

– بدون تعليق (1987- حكومة وأهالي).

– يا عمي أنا راجل شريف. تديني نيشان ليه بس،يا ترى؟ (1987- حكومة وأهالي).

– بدون تعليق (1987- حكومة وأهالي).

- بهجت عثمان بريشة بهجت عثمان.


نطقوا عنه

بهاجيجو..

رسوم كاريكاتيرية تنتصر للإنسان العادي

"على امتداد ستين عامًا أويزيد، ظل بهجت عثمان يطعم الورق والريشة والحبر نور عينيه، ووهج أفكاره، ودفق حبه للناس، متخذا غالبا شكل التحريض، لعلهم ينتبهون، لعلهم يمسكون زمام أمورهم بأيديهم، لعلهم يرفضون الذل والاستكانة لأولياء الأمر الجهلة والمتعسفين في طلب السلطة، ولوفوق أهرامات من جماجم الفقراء والمناضلين وعشاق الحياة، وغالبًا لحساب الأجنبى محتلاً كان أومهيمنًا". هكذا يقول طلال سلمان في مقدمته لـ"ديوان بهاجيجو". وهوالكتاب الذى يتضمّن مختارات من أعمال رسام الكاريكاتير الكبير بهجت عثمان "1931 - 2001"، والذى صدر عن دار المستقبل العربى في القاهرة، وفى طبعات أخرى في بعض الدول العربية.

انتاج غنى الدلالات

ويستطرد طلال سلمان في مقدمته "فى القاهرة كما في بيروت، في دمشق كما في صنعاء، في أبوظبى كما في الكويت، كان بهجت عثمان يعب من ماء الحياة، يركز سفاراته وينشر رسالته، من غير حتى يغفل لحظة واحدة عن إنجاز من عمل موضوعه الناس، بداية وانتهاء. لم يكن همّه الإضحاك، بل جعل الناس ينتبهون فيصححون أوضاعهم التى قد تكون موضع تندر عليهم، وقد تسيء إلى صورتهم التى يطمحون لأنقد يكونوا عليها، وقد تجعلهم موضوع السخرية وليس بين الساخرين. ومع أننى ندر حتى وجدته متبطلاً، لا سيما في سنواته الأخيرة، فلم أكن أتصور حتى نتاج بهجت غزير إلى هذا الحد، ومتنوّع وغنى الدلالات ومتعدد الرسالات كما تكشف المراجعة الكاملة لما أبدعته المخيلة الخصبة والريشة الخلاقة والإصرار على تبديل الواقع والخروج من إسار التخلف والخرافة إلى آفاق الفهم وروح العصر. من روز اليوسف؛ حيث كانت البداية، إلى صباح الخير؛ حيث تجلّى النضج، إلى المصور؛ حيث صار الرسم لوحة تغنى عن كتاب في تشريح الواقع الاجتماعي، الاقتصادي، السياسي، إلى الأهالي؛ حيث الرسم تعبير مباشر عن الموقف، كان بهجت عثمان حزبًا في رجل وصاحب برنامج تغييرى شامل، لا يتوجه إلى السلطة فحسب بمنطق المعارضة، بل يتوجه بالنقد القاسى - ولوعبر الابتسامة - إلى المواطن العادى في خنوعه وفى تسليمه بالأقدار".

ويشير طلال سلمان إلى حتى بهجت عثمان حتى عندما قرر، فجأة، التوقف عن رسم الكاريكاتير والانصراف إلى الفتية يحاول زيادة دفقة الضوء التى تنوّر عقولهم ويحاول مساعدتهم على التعهد إلى الواقع ليرفضوه وتقريب الحلم من قدراتهم ليحققوه، إنما كان يندفع مع التحريض إلى أقصاه.

ويقول سلمان "لعله الغياب المفجع لناجى العلى بالاغتيال الإجرامى للرأى وصاحبه، لعله التردى المريع في الأوضاع العربية، داخل مصر وخارجها على امتداد الوطن العربى بمشرقه ومغربه. لعله القنوط من جيله الذى اندفع بالحماسة بعيدًا نحوالأوهام فغفل عن حقيقة حتى "الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيِّروا ما بأنفسهم"، وأن التغيير لا يهبط بالمظلة قرار القائد أوالقيادة، بل هونتاج العمل والنضال وتراكم الجهد والإصرار على المطالب التى فرض على جيلنا حتى يأخذها غلابًا.

عالم أفضل

هجر بهجت عثمان "الراشدين"، وعاد إلى مركز الأمل في الناشئة يرسم لهم طريقهم إلى غدهم، يلوّن لهم أيامهم بحكايات الإنجاز بدلاً من الخرافات، يعلّمهم حب الناس، ويعرّفهم إلى بلادهم، وإلى الفنون والإبداعات في جميع أرض باعتبارها مشاعًا إنسانيًا يغنى الفكر والعقل واليد والعين ويحمل من قدر الإنسان ومن قدراته. من "آدم وحواء" إلى "عشة الفراخ" حيث وضع النقد على لسان الدجاج، إلى "المجمع اللغوي" حيث ركز بهجت الدعوة إلى تبسيط اللغة كى يحبها أهلها، فإلى "الابتسام ممنوع" و"ضحكات بهجت" كان بهجت عثمان يمهد لانتنطقه الثورى إلى "جيل بعد الغد الأفضل". وعلى طريق التحريض كانت رسوم "حكومة وأهالي"، ثم بلغ الذروة مع "بهجاتوس" الذى يمكن حتى نرى فيه حكامنا، السابق منهم والحالى واللاحق. أما الوجه الآخر فقد رسمه بهجت، بالحدثة والريشة، في "أصدقاء بلا حدود" و"رفاق سلاح" و"أحلام صغيرة"، قبل حتى يصل إلى محطة اليونيسيف فينتج لها "لنا حق" دفاعًا عن حقوق الطفل".

ويرى طلال سلمان حتى بهجت عثمان لم يكن مجرّد شاهد على عصره، بل هوقد حاول حتى النفس الأخير حتى يغيّر في الجيل الآتى إلى عصر آخر، لكى يصنع - بالجهد والعمل والعقل والفهم - عالمًا أفضل لنفسه ولأمته وللناس في جميع أرض.

رحلة حياة

يشتمل "ديوان بهاجيجو" على أعمال لعثمان تجاوز حتى صدرت في خط متعددة، منها: الديكتاتورية للمبتدئين، بهجاتوس رئيس بهجاتيا العظمى، حكومة وأهالي، ضحكات مجنونة جداً، وغيرها. ولم يكن الفنان بهجت عثمان يستدر الضحك لمجرد الضحك كالمهرجين، ولكنه فنان اقترن دائماً بـ"القضية" في رحلته الطويلة مع الشارع المصرى والعربى بهمومه الاجتماعية والسياسية، وصولاً إلى دنيا الأطفال التى تفرغ لها منذ عام 1993 إيماناً منه بأن "عالم الطفل أوسع وأجمل وأنقى من عالم الكبار البشع!". وبهجت هوأحد أضلاع الثالوث الكاريكاتيرى الرهيب مع رفيقيه صلاح جاهين وجورج البهجوري. وداخل حدود هذا المثلث الفنى الخصب تأسست المدرسة المصرية الحديثة للكاريكاتير في مؤسسة روز اليوسف، وهى المدرسة التى أثرت فن الكاريكاتير في العالم العربى بأكمله، ولا تزال لها أصداء واسعة النطاق حتى يومنا هذا.

"أحب الأزهار والورود منذ طفولتي، وغالباً ما كنت أسعى إليها، وعندما كَبَرْتُ اعتاد أصدقائى حتى يحملوا لى في زياراتهم الأزهار، لكن سرعان ما كانت تذبل وتموت، وكنت أشعر بالحزن والألم عليها، وكأن ما كان بيننا صداقة عابرة، أوكأننا نتعهد على إنسان ونحبه، وسرعان ما نفترق!". هكذا كانت حدثاته العذبة التى تجسد إخلاصه لكل ما حي، فالحياة سمة إنسانية نبيلة، ولذلك فكل ما حى يستحق الحب والوفاء! ومثلما تموت الزهور الجميلة التى كان يعشقها، توفي رسام الكاريكاتير الفنان بهجت عثمان في ثانى أيام شهر يونيومن عام 2001 عن عمر يناهز 70 عاما من بينها أكثر من نصف قرن من الإبداع.

وقد تخرج بهجت في كلية الفنون الجميلة قسم النحت عام 1952، وعمل بالتدريس قبل حتى ينتقل إلى مؤسسة روز اليوسف - كأحد اكتشافات إحسان عبد القدوس - ليعمل إلى جانب الفنانين الكبيرين صلاح جاهين وجورج البهجورى ويؤسسوا معاً المدرسة المصرية الحديثة لفن الكاريكاتير. وقد عمل بهجت، ابن حى بولاق العتيق، في مجلات روز اليوسف وصباح الخير والمصور وحواء، ومجلات الأطفال: سمير وميكى وماجد والعربى الصغير، كما نشر رسومه في جريدة "السفير" اللبنانية، وأصدر خطاً مهمة تعد ثورة في فن الكاريكاتير، كما أصدر للأطفال كتاب "صداقة بلا حدود".

عالم الطفولة

اتجه الفنان بهجت عثمان قد اتجه في سنواته الأخيرة، وبالتحديد منذ عام 1993، نحوعالم الطفولة، وركز تام اهتمامه على رسوم الأطفال وأغلفة الخط الموجهة لهم، لدرجة أنه كان تقريباً في حالة توقف عن رسم الكاريكاتير للكبار، وقد فسر بهجت هذا التحول وهذا الاهتمام بالصغار بقوله "إن توجهى شبه الكامل نحورسومات الأطفال تمثل ما بقى في داخلى من أمل وتفاؤل، وهى محاولة لتغيير الشعارات، فنحن كجيل رغبنا بتغيير العالم نحوالأفضل، وكان شعارنا الدائم هو"نحوعالم أفضل"، ورحنا نعمل وننتظر هذا الغد، ولكنه لم يأت.

وفى تجربتى مع الأطفال غيرت الشعار إلى "نحوبعد غد أفضل"، ولوقدر لى حتى أعود إلى الوراء فلن أرسم إلا للأطفال، لأن عالم الأطفال أوسع وأجمل وأنقى من عالم الكبار البشع، أولأن الطفل العربى تحديداً يعانى من ظروف تربوية لا تمت للتربية بصلة، والجميع من أهل ومؤسسات ومدارس يمارسون على هذا الطفل جميع أنواع القهر، وكأنهم يعدونه ليكون نسخة من الأجيال السابقة، فهذا الطفل نجده محاصراً بآلاف الممنوعات: لا تمضى.. هذا خطأ... هذا ممنوع، هذا لا يجوز. ولا يهجرون له الفرصة ليمارس الحد الأدنى من حرية التصرف والاختيار والتعبير كما يشاء وعلى سجيته، وكل هذه الضغوط تبرر لنا الأجيال الانهزامية التى تنتشر حولنا مبتعدة عن أدنى حدود المسؤولية".

وفيما قبل تحول بهجت عثمان الأخير إلى دنيا الأطفال، فقد أثبتت إبداعاته المهمة المقترنة بقضايا شعبه وبلاده في الخمسينات والستينات من القرن العشرين وما بعدها حتى الكاريكاتير ليس فناً من فنون القصور، ولكنه - مثلما يقول المحرر صلاح عيسى - إبداع من إبداعات الشوارع، وليس وسيلة للترفيه عن السادة، ولكنه تعبير عن سخرية المطحونين ممن يستلبون عرقهم، ذلك حتى "بهجت" ليس مجرد فنان ساخر قادر على حتى يضحكك برسومه وأفكاره اللامعة فقط، ولكنه أيضا صاحب موقف، ينتمى إليك، لذلك يضحك من قلبك، وتضحك من قلبه!

سلاح الكاريكاتير

لقد عثر بهجت عثمان نفسه ضمن فرقة من الموهوبين، ضمت صلاح جاهين وجورج البهجورى ورجائى ونيس وناجى تام وإيهاب شاكر وأحمد حجازى وحاكم الكبير ودياب، ثم انضم إليها فيما بعد محيى اللباد، صلاح الليثى ورؤوف عياد. وقد أشهرت هذه الجماعة سلاح الكاريكاتير في معركة تحرير العقل والقلب، تسخر من البيروقراطية ومن الرومانتيكية المريضة، ومن ضيق الأفق والانادىء والكذب والنفاق. ولمع بهجت بينهم بثنائياته الشهيرة: في المجمع اللغوى "ساخراً من اللفظية والببغائية والشكلية والهوة بين اللغة والحياة، والحذلقة الفارغة من أى مضمون" وفى هارون الرشيد "منتقداً النظرة البيولوجية السائدة للمرأة التى لا ترى فيها كائناً يملك موهبة ويصلح لشيء خارج الفراش"، وفى الفرخة والديك "متخذاً من حياة الطيور معادلا موضوعيا للسخرية من السلوك الإنساني"، وفى جراح قلب "ساخراً من الرومانتيكية المريضة والعواطف المشوهة وغير الناضجة بين الرجل والمرأة".

وطافت رسومه بعوالم لم يكن الكاريكاتير قد طاف بها من قبل، مثل النقد السينمائى والمسرحى والتليفزيوني. وعبر بهجت عن مشاعر عروبية جياشة في سنوات كان فيها المد القومى العربى المعادى للإمبريالية في ذروته، كما كشف عن ذكاء في فهم مجريات السياسة الدولية واستكشاف مواصفات السخرية، على الطريقة المصرية في التشخيص فيما يجرى على مسرحها.

إلى غير ذلك نجح هذا الجيل من فنانى الكاريكاتير في تخليصه من جميع الآثار التى لحقت به كفن وافد، سواء في التشكيل أوفي المضمون أوفي روح السخرية ذاتها فاختفت التفاصيل غير المهمة، ودقة الخطوط واختفى الزائد على الحاجة منها، وهجرزت التعليقات، واختفت أحيانا، تعبيراً عن تطور في القدرة على الهجريز في الفكرة أوالموقف الذى يفجر الضحكة. وقد استطاع بهجت وسط تلك الكوكبة من المواهب حتى يحتفظ بتفرده وخصوصيته وقدرته على الابتكار دون حدود، ونجح دائما في حتى يحافظ على قدرته على تغيير شخصياته وأنماطه وموضوعات سخريته.

وحين انتقل إلى "دار الهلال" مع انتنطق أحمد بهاء الدين إليها في عام 1964، واصل مغامراته في الرسوم المركبة، التى رسمها على صفحتى الوسط بمجلة "المصور" لسنوات طويلة، مقدما تنويعات مختلفة على موقف واحد، مفجرا باقتدار سخرية متعددة الوجوه لتعدد أشكال التفاعل الإنساني.

وفى السبعينات ومع الانقلاب السياسى الذى قاده السادات على التوجيهات الرئيسية لثورة يوليو1952 - يقول صلاح عيسى: توقف بهجت عثمان عن الغناء بالكاريكاتير، وبدا حتى موهبته التى ازدهرت - هووجيله - في ظل التوجهات الوطنية والتقدمية للثورة، أعجز من حتى تساير الذى جرى. وكان قليلون من هذا الجيل، هم الذين غيروا جلودهم ليتواءموا مع الريح. إلى غير ذلك، ودون اتفاق، توقف بهجت وإيهاب شاكر وحجازى واللباد وجورج عن رسم الكاريكاتير، وانتقل الأربعة الأولون إلى الرسم والكتابة للأطفال، وعاد جورج إلى التصوير. شوقى مصطفى


رسوماته كانت طلقات رصاص مباشرة للقلب‏..‏ رحيل رئيس بهجاتيا العظمي

تمام الساعة التاسعة صباحا‏,‏ كان يرتفع رنين التليفون‏..‏ كنت أعهد أنه هو‏,‏ وأن المكالمة لا تخصني‏,‏ بل تخص أبي‏,‏ ومع ذلك كنت أسرع وأسبقه وأحمل السماعة فيأتيني صوته مبتهجا ومتفائلا كعادته قائلا صباح الخير‏..‏ أنا اسمي بهجت عثمان فأرد عليه ضاحكة أهلا يا عموبهجت‏..‏ ونغرق معا في ضحكة مجلجلة‏,‏ ثم يتتابع الحديث‏,‏ فأتلقي تعليقاته وقفشاته اللماحة‏..‏ وكان الحديث بعد ذلك يطول بين أبي والفنان الكبير بهجت عثمان تتخلله الضحكات والإيفيهات الساخرة‏,‏ وربما إذا أتيح لأحد حتى يستمع إلي هذه المكالمة الصباحية اليومية الفريدة بين علي الراعي وبهجت عثمان لغرق في ضحك متواصل ولحصل في الوقت نفسه علي نقد فكاهي وكاريكاتيري لأحوال بلدنا‏..‏ فكان الاثنان يتباريان في إطلاق النادىبات والنكات الساخرة وكأنهما يفرغان شحنات المرارة والغضب التي تسكن قلبيهما‏.‏ أشهد حتى هذه الصداقة العذبة التي بدأت تنموفي السنوات العشر الأخيرة من حياة أبي‏,‏ مع بهجت كانت مميزة حقا‏,‏ وربما كانت ساعة التليفون الصباحية هذه من أحب اللحظات إلي أبي‏,‏ وأحسبها كانت كذلك بالنسبة لبهجت‏..‏ فالمودة التي راحت تنموبينهما عبر الهاتف تحولت بعد ذلك إلي صداقة عميقة بين ناقد لماح وفنان كاريكاتيري ساخر‏.‏ وأحسب حتى هذه التوليفة كانت فريدة حقا ومميزة أيضا‏,‏ ورغم العزلة التي اختارها أبي لنفسه بملء إرادته إذ كان لا يحب حتى يقتحمه أحد‏,‏ وكان بهجت كذلك قد بتر علاقاته بالكثير من الزملاء والأصدقاء‏,‏ إلا أنهما التقيا معا وتقاربا بعمق‏,‏ من الممكن وحد الموقف السياسي بينهما‏,‏ وجمعهما إيمانهما بالناصرية‏,‏ ونبذهما لفكرة السلام مع إسرائيل‏.‏ مازلت أذكر حدثاته حينما زارني في بيتي وقدم لطفلي الصغير ـ الذي لم يكن قد أتم عامه الرابع في ذلك الوقت ـ ألوانا وكراسة رسم صغيرة حينما فهم بحبه للرسم‏..‏ وأطلعه صغيري علي رسوماته وأعماله الفنية الكثيرة التي كان يفخر بها‏,‏ وحينما سأله بهجت عن إحدي رسوماته قائلا ما هذا يا ياسر،يا ترى؟ فأجاب ياسر في ثقة وكبرياء ده فن يا عموقهقه بهجت يومها وداعبه في شعره بعد حتى قبله ثم التفت إلي ونطق في لهجة مؤثرة اهجريه يرسم ما يشاء‏,‏ إياك حتى تتدخلي بتوجيهاتك ونصائحك‏..‏ اهجريه يحلم ويتخيل ويعبر عن نفسه بتلقائية‏,‏ نحن الكبار نجهض حلم الصغار ونفسد عليهم براءتهم الفطرية‏.‏ ربما كان هاجس الحلم هذا الذي تحدث عنه هواللبنة الأساسية الذي شيد فوقها خطه العذبة التي رسمها للأطفال‏,‏ وعلي رأسها كتاب صداقة بلا حدود الذي يقول لنا فيه عبر رسوماته المعبرة وحدثاته البسيطة‏,‏ إذا الصداقة يمكن حتى تنشأ ليس فقط بين البشر بعضهم البعض بل أيضا بين البشر والأمور والحيوانات والغرس وكل ما يحيط بنا‏..‏ فهناك دوما أمور كثيرة جميلة في الحياة‏,‏ من الممكن لا نلتفت إليها من فرط انغماسنا في مشاغلنا‏,‏ لكنها مع ذلك موجودة وقادرة علي حتى تبعث داخلنا الفرحة والبهجة والحب والأهم من ذلك كله القدرة علي التواصل‏.‏ أما في كتابه لنا حق والذي أصدرته منظمة اليونيسيف فبدأ بهجت وكأنه يحمل راية احتجاج مدافعا عن حقوق الطفولة المهدرة في دول العالم الثالث علي وجه الخصوص مطالبا بأبسط حقوقها الإنسانية التي لا تحظي بها‏:‏ حق العيش في بيت‏,‏ حق الدراسة‏,‏ حق اللعب والسفر إلخ‏..‏ حقوق أولية يحظي بها طفل العالم الأول المتقدم ويحرم منها طفل الدول المتخلفة‏..‏ وعبر رسوماته الكثيرة دافع بهجت أيضا عن البنت‏,‏ ورصد همومها وميز مكانتها في الوقت نفسه ظل واقفا في صفها بقوة‏..‏ وربما لجأ بهجت إلي عالم الأطفال‏,‏ وقرر حتى يرسم لهم فقط بعد حتى ضاق به عالم الكبار الغبي الذي لا يعهد سوي الحروب والكراهية والنفاق‏.‏ وأهم ما يميز هذا الفنان الذكي المرهف الحس أنه بالإضافة إلي انحيازه للبسطاء‏,‏ لأبناء الشعب‏,‏ للعامة ودفاعه المستميت عبر رسوماته المتنوعة ولوحاته عن حقوقهم‏,‏ كان يملك بصيرة نافذة ووعيا كبيرا والأهم من هذا كله حتى الأمل كان يسكنه والتفاؤل لا يفارقه‏.‏ بوعي شديد وقدرة فائقة رصد بهجت اللقاءة الدائمة بين الحكومات والمواطنين في رسومات كاريكاتيرية بالغة السخرية تحت عنوان حكومة وأهالي والتي جمعها بعد ذلك في كتاب مميز يحمل نفس العنوان‏..‏ الحكومة ممثلة في شاويش لديه شارب عظيم يملأ صفحة وجهه والأهالي يرمز إليهم بمواطن فقير وبسيط لا حول له ولا قوة‏,‏ والمطاردة بينهما مستمرة بشكل دائم‏..‏ البطش تمارسه الحكومة‏,‏ والقهر من نصيب الأهالي وحدهم‏.‏ واتسعت فكرته بعد ذلك لتصبح أعم وأضم ليقدم لنا رائعته بهجاتوس رئيس بهجاتيا العظمي وهي شخصية كاريكاتيرية تحمل ملامح بهجت نفسه لحاكم طاغ ديكتاتور يمارس سلطانه وجنونه في جمهور بهجاتيا عاكسا في الوقت نفسه حمق وجنون حكام دول العالم الثالث الذين يحملون جميعا اسم بهجاتوس ويشهجرون في الوقت نفسه في جميع الصفات والأهداف والأساليب‏,‏ ويعيشون في أراتى جمهوريات تفتقد إلي مناخ الحرية وأجواء الديمقراطية الحقيقية‏.‏ ويحسب لبهجت أيضا أنه وعي منذ فجر شبابه لأهمية الكاريكاتير في حياتنا‏,‏ فهويشبه طلقات الرصاص التي تنفذ إلي الصدر والقلب مباشرة‏,‏ عن طريقة يمكن إطلاق سهام النقد السياسي والاجتماعي في جميع الاتجاهات بشكل مؤثر وفعال يفوق بمراحل جميع الوسائل التعبيرية الأخري من خطاب سياسي إلي منطق صحفي إلي ندوة فكرية‏..‏ إلخ‏.‏ إلى غير ذلك ولج بهجت عالم الفن الكاريكاتيري من أوسع أبوابه‏,‏ وانضم إلي كتيبة فناني الكاريكاتير العظماء في مدرسة روز اليوسف وعلي رأسهم البهجوري جاهين‏,‏ ناجي‏,‏ الليثي‏,‏ حجازي‏,‏ واللباد‏,‏ وصار فن الكاريكاتير بفضل هذه المدرسة الفريدة أداة فعالة للنقد والتعبير‏.‏ ومن روز اليوسف إلي جريدة المساء ومنها إلي صباح الخير مرة أخري ثم كانت الإطلالة في دار الهلال‏,‏ في مجلة المصور‏,‏ ثم أخيرا جريدة الأهالي‏..‏ ليس مهما في الحقيقة اسم المؤسسة الصحفية التي يعمل بها‏..‏ المهم في جميع هذا إبداعات بهجت ورسوماته الكاريكاتيرية الساخرة اللماحة‏..‏ وقدرته الهائلة علي الابتكار والإنتاج والخلق حتي في أشد الأجواء قتامة‏..‏ كانت رسوماته قادرة دوما علي بعث الفرح في النفس‏,‏ تماما مثل الزغرودة في الفرح كما كان يقول أبي‏.‏ وحينما رحلت رفيقة حياته وزميلة كفاحه بدر حمادة‏,‏ مصممة العرائس‏,‏ انطفأت الشعلة المضيئة التي كانت تنير حياته وانطفأت معها روحه‏..‏ ومضت بدر تاركة خلفها عرائسها الشعبية الجميلة ذات الملابس البهيجة‏.‏ منذ أسابيع قليلة فقط تحدثت إليه في الهاتف وقلت له أنا عاوزه أزورك يا عموبهجت‏..‏ عاوزة أقدم لك باقة ورود نطق لي وهويحاول حتى يظهر مرحا أنا بخير يا ليلي‏..‏ ارجئي زيارتك قليلا لحين عودتي من السفر أنا ذاهب إلي الخليج لأشارك في تحكيم مسابقة هناك‏.‏ ولم يمهلني القدر لزيارتك‏..‏ سافرت إلي رحلة طويلة بلا عودة‏.‏ فوداعا يا عموبهجت‏* ليلي الراعي


المصادر

http://www.elkarama.net/egypt/showthread.php?t=761

http://www.alarabonline.org/index.asp?fname=%5C2007%5C04%5C04-30%5C443.htm&dismode=x

  • لومند ديبلوماتك العربية
  • موسوعة الكاريكاتير كاريبيديا
تاريخ النشر: 2020-06-04 16:32:47
التصنيفات: رسامو كاريكاتير مصريون, مواليد 1931, وفيات 2001

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

حادثة سير خطيرة تودي بحياة مستخدم فندقي بمراكش

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-19 15:15:31
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 49%

«الغذاء و الدواء» تحذر من استخدام منتج ألعاب المكياج للأطفال

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-06-19 12:26:32
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 47%

أخضرنا ترند

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-06-19 12:26:50
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 47%

"جواز سفر ديبلوماسي" للسفير محمد صلاح !

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-06-19 12:26:55
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 65%

اقتصاديون: موسم جدة ساهم في توفير 74 ألف وظيفة لشباب المملكة

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-06-19 12:26:41
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 37%

“الهاكا” تصدر قرارها بشأن مسلسل متهم بخدش الحياء

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-19 15:15:24
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 42%

المغرب يحتضن حفل توزيع جوائز الكاف

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-19 15:15:26
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 46%

هذه حقيقة سرقة شخص لهواتف المرشحين للبكالوريا من داخل القسم

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-19 15:15:30
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 47%

الصين.. طائرة شحن بدون طيار تنفذ أول رحلة لها بنجاح

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-19 15:15:25
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 37%

المؤشر يتراجع بأكثر من 350 نقطة

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-06-19 12:26:38
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 40%

سلامة أضاحي العيد تجر وزير الفلاحة للمساءلة

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-19 15:15:27
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 42%

فيديو آمبر هيرد يسلط الضوء على حياتها “المتواضعة” الجديدة

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-19 15:15:22
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 39%

أخضرنا ترند

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-06-19 12:26:49
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 37%

تحميل تطبيق المنصة العربية