عيسى بن عمر الثقفي
عيسى بن عمر الثقفي (ت. 149 هـ/767م)، نحوي عراقي.
اسمه ونسبه
أبوعمروعيسى بن عمر الثقفي النحوي البصري، قيل: كان مولى خالد بن الوليد رضي الله عنه، ونزل في ثقيف فنسب إليهم.
أخباره
كان صاحب تقعير في كلامه واستعمال للغريب فيه وفي قراءاته، وكانت بينه وبين أبي عمروبن العلاء صحبة، ولهما مسائل ومجالس.
شيوخه وتلامذته
أخذ القراءة عرضاً عن عبد الله بن أبي إسحاق ، وروى الحروف عن عبد الله بن كثير ، وابن محيصن ، وسمع الحسن البصري ، وله اختيار في القراءة على قياس العربية. وروى القراءات عنه أحمد بن موسى اللؤلؤي، وهارون بن موسى النحوي، والأصمعي ، والخليل بن أحمد الفراهيدي ، وسهل بن يوسف، وعبيد بن عقيل، وأخذ سيبويه عنه النحو، وكان الخليل قد أخذ عنه أيضاً.
خطه
له الكتاب الذي سماه " الجامع " في النحو، وينطق: إذا سيبويه أخذ هذا الكتاب وبسطه وحشا عليه من كلام الخليل وغيره، ولما كمل بالبحث والتحشية نسب إليه، وهوكتاب سيبويه المشهور، والذي يشير على صحة هذا القول حتى سيبويه لما فارق عيسى بن عمر المذكور ولازم الخليل بن أحمد سأله الخليل عن مصنفات عيسى، فنطق له سيبويه: صنف نيفاً وسبعين مصنفاً في النحو، وإن بعض أهل اليسار جمعها، وأتت عنده عليها آفة فمضىت ولم يبق منها في الوجود سوى كتابين: أحدهما اسمه "الإكمال " ، وهوبأرضفارس عند فلان، والآخر " الجامع " وهوهذا الكتاب الذي أشتغل فيه وأسألك عن غوامضه، فأطرق الخليل ساعة ثم حمل رأسه ونطق: رحم الله عيسى، وأنشد:
| مضى النحوجميعاً كله | غير ما أحدث عيسى بن عمر |
| ذاك إكمال وهذا جامعٌ | وهما للناس شمسٌ وقمر |
فأشار بالإكمال إلى الغائب وبالجامع إلى الحاضر. وينطق: إذا أبا الأسود الدؤلي لم يضع في النحوإلا باب الفاعل والمفعول فقط، وإن عيسى بن عمر وضع كتاباً على الأكثر وبوبه وهذبه وسمى ما شذ عن الأكثر لغات.
وكان يطعن على العرب ويخطئ المشاهير منهم، مثل النابغة في بعض أشعاره وغيره، وروى الأصمعي نطق: نطق عيسى بن عمر لأبي عمروبن العلاء: أنا أفصح من معد بن عدنان، فنطق له أبوعمرو: لقد تعديت، فكيف تنشد هذا البيت:
| قد كنا يخبأن الوجوه تستراً | فاليوم حين بدأن للنظار |
أو" بدين للنظار " فنطق عيسى: بدأن للنظار، فنطق له أبوعمرو: أخطأت؛ ينطق: بدا يظهر إذا ظهر، وبدا يبدأ إذا شرع في الشيء، والصواب " حين بدون للنظار "، وإنما قصد أبوعمروتغليطه؛ لأنه لا ينطق في هذا الموضع " بدأن " ولا " بدين " بل " بدون " . ومن جملة تقعيره في الكلام ما حكاه الجوهري في كتاب "الصحاح" نطق : سقط عيسى بن عمر عن حمار له، فاجتمع عليه الناس، فنطق: ما لكم تكَأَكأْتُم علي تكَأْكُؤَكُم على ذي جِنَّةٍ، افرنقعوا عني؛ معناه: ما لكم تجمعتم علي تجمعكم على مجنون، انكشفوا عني. نطق ابن خلكان: ورأيت في بعض المجاميع أنه كان به ضيق النفس، فأدركه يوماً وهوفي السوق، فسقط ودار الناس حوله يقولون: مصروع مصروع، فبين قارئ ومعوذ من الجان، فلما أفاق من غشيته نظر إلى ازدحامهم فنطق هذه الموضوعة، فنطق بعض الحاضرين: إنه جنيه يتحدث بالهندية .
ويروى حتى عمر بن هبيرة الفزاري أمير العراقين كان قد ضربه بالسياط، وهويقول: والله إذا كانت إلا أثياباً في أسيفاط قبضها عشاروك. وله من هذا النوع شيء كثير.
وفاته
توفي سنة تسع وأربعين ومائة، رحمه الله تعالى. وقيل إذا الذي ضربه كان يوسف بن عمر أمير العراقين، وكان سبب ضربه إياه أنه لما تولى العراقين بعد خالد بن عبد الله القسري تتبع أصحابه، وكان بعض جلسائه قد أودع عند عيسى بن عمر المذكور وديعةً فنمي الخبر إلى يوسف، فخط إلى نائبه بالبصرة يأمره بأن يحمل إليه عيسى بن عمر مقيداً، فنادى به ونادى حداداً، وأمره بتقييده: فلما قيده نطق له الوالي: لا بأس عليك، إنما أرادك الأمير لتأديب ولده، نطق: فما بال القيد إذاً،يا ترى؟ فبقيت هذه الحدثة مثلاً بالبصرة، فلما وصل إلى يوسف سأله عن الوديعة فأنكر، فأمر بضربه، فلما أخذه السوط جزع فنطق هذه الموضوعة المقدم ذكرها.
المصادر
- وفيات الأعيان 3/486-488، ل ابن خلكان ، تحقيقإحسان عباس .
