قصيدة الملاح القديم
قصيدة الملاح القديم The Rime of the Ancient Mariner تأليف صاموِل تيلر كولردج.
تنوعت وتعددت الكتابات وتوالت عبر الحقب كأصداء وبؤر كاشفة لمضامين قصيدة «الملاح القديم»، بفضاءاتها الخصبة ومناخاتها الأسطورية التي توضح فيها بجلاء تأثر الشاعر الرومانسي الإنجليزي كولريدج بما قرأ من ألف ليلة وليلة ورحلات السندباد, إضافة الى شغفه المعروف بأدب الرحلات والمثلوجيا القديمة كسيرة روبنسون كروزوبمحمولاتها الفلسفية التي تواترت بين ابن سينا والسهروردي وابن طفيل وابن النفيس، يجسدها حي بن يقظان الذي حمل دلالة مقدرة الإنسان بفطرته الخام على الإرتقاء الى معارج الفهم المتأسسة على التأمل والتجربة والإستقصاء والدربة والتدبر،يا ترى؟ وهوما نجده كذلك في «العجوز والبحر» لإرنست همنگواي، حيث يدرك سانتياگوالعجوز حتى الكنز الحقيقي يكمن في التعهد على روح العالم وإستقطار المعاني من وجع التجربة،يا ترى؟ وصولا الى پاولوكويلوفي «الخيميائي» و«حاج كومپوستلا»، بفلسفتها الروحانية الخالصة، حيث الطريق هوالهدف والرحلة وليس الوصول هي الغاية،يا ترى؟ ولعل الطريف في تجربة كولردج أنه في طفولته الباكرة قد التجأ الى المخطات العامة وغاص بين موج معارفها هربا من زحمة المنزل المدقع المكتظ بعشرة أشقاء. وقد تميز، رغم يفاعته، بذاكرة مجيدة وقدرة لافتة على الإستيعاب، دلت على نضوج ذهني باكر وألمعية كامنة تنتظر فرصتها لتشع ببزوغ آسر،يا ترى؟ وقد تأثر كولريدج في مجمل تجربته الأدبية بوقوع منجزاته الأدبية تماما على الحدود المشهجرة بين الأدب المحض والتفلسف العميق الموسوم خاصة بروح الفلسفة المشرقية المرتكزة إلى فكرة كدح الإنسان للوصول لإدراك الفهم وجوهر الأمور من حوله،يا ترى؟ وعلى الرغم من حتى عدداً من النقاد قد إنصرف الى رخاوة الحبكة في قصيدة « الملاح القديم» بروحها القصصية، الا حتى جلهم قد إنتبه بسداد لشدة إرتباط منجزات كولريدج الإبداعية بالفلسفة المشرقية وبمفهوم وحدة الوجود على وجه التحديد والذي شكل العماد الذي يقوم عليه هيكل القصيدة، حيث تشكل قداسة كرامة سائر المخلوقات وحقها في الحياة قيمة مثالية مركزية عند كولريدج،يا ترى؟
ولا بد حتى نقف كذلك عند حتى كولريدج قد إستطاع حتى يسخر بإقتدار رمزية البحر ودلالاته الغنية، تماما كما في المثلوجيا القديمة، كموئل للخير وللشر وكمحراب مقدس تسجر منه شعلة الوجود وتنفلق منه الحيوات. وهي فكرة تلامس رمزية البحر عند المتصوفة بابعادها الوجدانية والعهدانية. وهوما نقع عليه كذلك عند حنا مينا، الذي يشكل له البحر مصدر إلهام أساسي، كما في روايته «البحر والسفينة وهي». أوكما هي سيرة «البحر والسفين» عند بشرى الفاضل، التي تتشبع أجواؤها بالفلسفة والمثلوجيا التي تجعل من دلالة البحر مرادفا للإنبعاث والخلق، كسر أزلي غني بالمعاني والمرموزات،يا ترى؟ وقد أفرد المفكر الراحل د.عبد الوهاب المسيري سفرا كاملا لترجمة وتأمل قصيدة « الملاح القديم» بدلالاتها متعددة الطبقات. ويرى د. المسيري حتى القصيدة تمثل رحلة الإنسان السادر في غيه، غير المتأمل لثراء الطبيعة وقواها الخلاقة، ليكشف كولردج بذلك عورات النفعية واللهاث المادي المنفصل عن جميع قيمة،يا ترى؟ وقد حظيت القصيدة كذلك بترجمة مهمة أنجزها البروفيسور عبد الله الطيب والأستاذ عمران العاقب أمين مخطة بخت الرضا آنذاك، كما أشار لذلك عثمان الحوري بصحيفة (الصحافة) بتاريخ 18 مارس 2008. ? أما اذا عدنا لمتن القصيدة فإننا نجد أنها تأتي في أطار سيرة داخل سيرة، وهوما يعكس تأثر كولريدج كذلك بالنطقب السردي لألف ليلة وليلة، حيث يهدف الراوي في « الملاح القديم»، وهوبحار أسطوري يهيم على وجهه عبر الآماد، يهدف الى رواية قصته للآخرين ليستخلصوا منها العبرة، وليتخلص الراوي من آلامه المقيمة ويطهر روحه المتعبة. وهذا كما نلحظ يشكل آصرة قوية تمتد لتلامس روح الفلسفة المسيحية التي لا يتحقق فيها التطهر إلا بالإعتراف. بالإضافة الى رمزية طقس التعميد، حيث يمثل النضح بالماء رمزا للتطهر من الخطيئة،يا ترى؟ أما سيرة القصيدة، والتي تعد الأطول في قصائد كولردج، فهي تحكي عن سفينة تدفعها هوج الرياح الى البحار الجنوبية حتى تصل إلى أنتارتيكا. فيظهر للبحارة عندها طائر القطرس البحري فيقودهم لمخرج آمن، ويظل مرفرفا فوقهم عبر الرحلة كرفيق ومرشد. ولكن أدمغة البحارة الملتاثة بالخزعبلات والأوهام، لا تلبث حتى تحول طائر القطرس الى موضوع للتفاؤل حينا وللتشاؤم أحيانا أخرى، وفقا لحال الرياح والضباب. فيقرر الملاح القديم عسفا حتى يتخلص من الطائر، فيصوب سلاحه بقسوة ليردي الطائر النبيل، منقذهم ورفيقهم ومؤنس وحشتهم. وهنا تأتي الإنعطافة المركزية للقصيدة, حيث ينفجر ثأر الطبيعة في وجه البحارة، فتخمد الريح ويتوقف المطر، الذي هومصدرهم الوحيد للماء العذب، فتتوقف الحياة من حولهم، وتذبل أشرعة السفينة فتجثم في وسط البحر بلا حراك. ويموت البحارة الواحد تلوالآخر. أما الملاح - قاتل القطرس - فيلاقي العقوبة الأشد فلا يموت ولا يحيا، ليرى أهوالا لا تطاق. ولا تحمل عنه الطبيعة جبروت لعنتها الا عندما يمس شغافه الصدق والخير، فيتأمل سحر الطبيعة من حوله ويدرك عظمتها، ويبارك بخشوع جمال البحر ومخلوقاته. عندها تدب الحياة من حوله وتنفخ الريح الروح في الأشرعة، فتمخر السفينة طريق العودة. وفي الختام يحكم على الملاح التائب بحياة أزلية يجوب خلالها فجاج الأرض ليروي قصته... عسى حتى يعتبر الناس، فهل من مدكر؟!
الهامش
مراجع
- Gardner, Martin, The Annotated Ancient Mariner, New York: Clarkson Potter, 1965; Reprinted by Prometheus Books, 19??, ISBN 1-59102-125-1
- John Livingston Lowes, The Road to Xanadu – A Study in the Ways of the Imagination, Houghton Mifflin, 1927
- Scott, Grant F. "'The Many Men so Beautiful': Gustave Doré's Illustrations to 'The Rime of the Ancient Mariner,'" Romanticism 16.1 (2010): 1–24.
وصلات خارجية
- , Gustave Doré illustrations from the University at Buffalo Libraries’ Rare & Special Books collection
- , text from Project Gutenberg
- , audiobook (Jane Aker) from Project Gutenberg
- : Critical Analysis and Summary
- نطقب:Librivox book