اليد السحرية

عودة للموسوعة

اليد السحرية

جيرار دي نرفال

«اليد السحرية» لدي نرفال (بالفرنسية: La Main enchantée؛ بالإنگليزية: The Enchanted Hand) رواية فانتازيا نشرها جيرار دى نرڤال في مجلة "غرفة القراءة" في 24 سبتمبر 1832 بعنوان "يد المجد: تاريخ مكروني"، مصحوبة بمذكرة: "خلاصة حكايات بوسنگو، رفقة". ثم ظهرت كرواية من البتر الصغير (Octavo أي 8×8 سم) من جزئين في 15 نوفمبر 1852، ضمن مجموعة "La Bohème Galante" بالعنوان الحالي.

بدءاً من الشرق وصولاً الى قلب باريس في عام 1843، بدأ الشاعر والمحرر الفرنسي جيرار دي نرفال رحلته الشهيرة الى الشرق. وذات يوم، حين كان واقفاً في مصر بالقرب من أهرامات الجيزة يتأملها، راح يفكر ملياً في جميع الامور الغامضة التي عاشها وعهدها في حياته. راح يفكر بالسحر والسحرة. ثم فكر خصوصاً بالآلهة الفرعونية ايزيس التي راحت بالنسبة اليه تتخذ سمات حبيبته الضائعة جيني... ثم سمات فينوس. ومنذ ذلك الحين، واذ عهد دي نرفال ان سنواته الباقية لن تكون طويلة، قرر ان خير ما يعمل مذّاك وصاعداً، هوان يخط قصصاً وأشعاراً وحكايات حافلة بالتحولات والسحر وضروب الغموض. وكان هذا، بالعمل ما حدث، إذ منذ انتهاء رحلته الشرقية وعودته الى فرنسا، انصرف الى كتابة بعض اجمل رواياته وقصصه التي، اذ وصلت الى ذروتها في «أوريليا» >، اتسمت كلها بغرائبية مدهشة. طبعاً لا يمكن القول هنا ان جميع افكار تلك النصوص كانت من بنات افكار دي نرفال، لكن المحرر، حتى حين كان يستعير موضوعاً من آخرين سبقوه اليه، كان يستوعبه تماماً ويعيد الاشتغال عليه بحيث سرعان ما يصبح منتمياً كلياً الى مواضيعه الخاصة. ويمكن قول هذا، في شكل خاص، عن عدد من القصص التي خطها صاحب «رحلة إلى الشرق» خلال السنوات الخمس الاخيرة من حياته وأبرزها: «الشيطان الأحمر» و«الأجندة الغرائبية» و«الشيطان الأخضر». ولكن اذا كان ثمة عمل لدى نرفال خط في ذلك الحين ويلخّص وحدة أسلوب هذا الاديب وتوجهه، فإن لدينا «اليد السحرية» وهي سيرة طويلة نشرت للمرة الاولى عام 1852.

نبذة

في البداية، لا بد من الاشارة الى ان نرفال استعار موضوع هذه السيرة من حكايات هوفمان التي كان يعهدها جيداً. والموضوع المستعار هوموضوع يد تتصرف وحدها من دون اذن صاحبها، تورطه في الكثير من المشكلات بعدما كان المطلوب منها ان تساعده في حل مشكلاته. ان دي نرفال يقبض هذه الموضوعة في شكل جدي، غير انه في الوقت نفسه يبدو، بين الحين والآخر، في ثنايا السيرة، ساخراً متهكماً كأنه يدعوقارئه الى عدم تصديقه قائلاً له انهما يعهدان معاً ان الأمر لعبة. ولسوف نرى لاحقاً ان القضية في هذه السيرة، ليست قضية اليد السحرية ولا ما تعمله بصاحبها، بل قضية المناخ الذي يصوره المحرر - الشاعر في هذا النص.

المناخ هنا هوباريس خلال السنوات الاولى من القرن السابع عشر. في تلك الـ «باريس» التي يقدم لنا المحرر منذ الصفحات الاولى وصفاً ساحراً وتفصيلياً لها، هناك الشاب اوستاش بوترو، الذي اذ يجعله المحرر يتجوّل في شوارع عاصمة النور، يقدمه لنا بوصفه فتى وسيماً، يتيم الأبوين قيّض له بفضل ظروف معينة حتى يمتهن صناعة الأغطية. وهوناجح في عمله، لكنه قلق بعض الشيء على مستقبله. ومن هنا، حين يصل الى مقربة من «الجسر الجديد» (بون نوف)، ويلتقي بشخص جالس يزعم قدرته على التنبؤ بالمستقبل وفهم الماضي، يطلب منه ان يقرأ له طالعه. هذا الرجل يدعى المفهم گونان، وهوسرعان ما يستجيب ويكشف للفتى ماضيه (ويوافقه اوستاش على صحة جميع ما يقول)، ثم يقرأ له مستقبله وفيه ان اوستاش سيلتقي فوراً بابنة مفهمه في العمل، الحسناء جافوت، وأنه سيقترن بها. لكنه في اللقاء سيعيش وضعية تقوده الى ان يعدم شنقاً. في البداية لا يصدق الفتى هذه النبوءة. ومع هذا يساير المفهم گونان الذي يدله الى بيته سائلاً اياه ان يتصل به اذا احتاج الى عونه يوماً. واذ يبارح اوستاش المكان لاهياً بعض الشيء، يجد نفسه بالعمل امام الحسناء جافوت، وهي في صحبة عسكري ظريف ومرح، يظهر واضحاً انه من رماة القوس، ثم يتبين انه من أقرباء الفتاة. المهم ان الفتاة سرعان ما تبادل اوستاش حبه الذي يعلنه لها. ولا تمضي فترة الا ويكون اقتران اوستاش بجافوت قد تم، بعد انقد يكون اوستاش قد نسي نبوءة المفهم گونان. لكن الذي يحدث هنا هوان اوستاش يجد نفسه مضطراً الى دعوة الجندي قريب زوجته الى للاقامة معهما في البيت. وفي اللقاء يواصل هذا مرحه وسخريته من جميع شيء ولا سيما من اوستاش الذي ينتهي الامر به الى طرده من البيت. فيحتدم بينهما صراع يدعوالجندي اوستاش على أثره الى المبارزة. ويصعق اوستاش: كيف من الممكن أن سيبارز جندياً وهوبالكاد يعهد كيف من الممكن أن يحمل سيفاً،يا ترى؟ ويكون الحل في تذكره المفهم گونانالذي كان شجعه على الاتصال به طالما الضرورة. إلى غير ذلك يزور اوستاش غونان واعداً إياه بإعطائه مئة إيكو، خلال عشرة ايام إذا هوخلّصه من هذه الورطة. ويستجيب المفهم مزوداً اياه بيد سحرية لا تقهر، ستمكنه من الفوز على أي خصم له. وفي المبارزة في اليوم التالي، تقوم اليد بمهمتها، وتقتل الجندي الخصم، على رغم ان صاحبها لم يكن يريد اكثر من جرحه، لأن القتل في مثل تلك الحالاتقد يكون عرضة للعقاب. خصوصاً ان ضباطاً في الجيش مسؤولين عن الجندي القتيل يشتبهون بأن اوستاش غشّ خلال المبارزة ويقيمون دعوى قضائية عليه. هنا لاقد يكون امام اوستاش إلا ان يلجأ الى رجل عدل باريسي كبير طالباً منه العون، فيعده هذا بالمساعدة. لكن ما يحدث هنا هوان اياماً عدة كانت قد انقضت، وخلالها لم يدفع اوستاش للمفهم غونان المبلغ الموعود، ما يجعل اليد تتصرف على هواها. إلى غير ذلك ما ان يبادر اوستاش بتحية الوداع للمسؤول القضائي الكبير، حتى تنطلق اليد وتصفع الرجل صفعة قوية مذهلة. طبعاًقد يكون ذهول اوستاش اكبر من ذهول القاضي. ولكن هذا لا يمنع القاضي من الغضب، حتى وإن كان اوستاش قد ركع من فوره على ركبتيه طالباً صفحه. بل ان اليد تنطلق مرة اخرى لتوجه الى وجه القاضي صفعة اكبر من الاولى. ما يدفع القاضي الى ان يدعوالحراس لمعاونته. إلى غير ذلك يجد اوستاش نفسه في السجن بتهمتين: اغتال جندي في مبارزة غير مشروعة، وصفع القاضي مرتين.

وإذ يوضع اوستاش في السجن تمهيداً لمحاكمته ثم شنقه، اذ صدر الحكم عليه بذلك، يجد ذات يوم المفهم غونان يقوم بزيارته، فيرتاح اوستاش لتلك الزيارة. لكن غونان سرعان ما يذكّره بأنه لم يدفع له حتى الآن مبلغ المئة ايكوالموعود. لذا فإنه مدين بيده للساحر. وقبل ان يفهم اوستاش شيئاً،قد يكون إعدامه قد تم على يد الجلاد. بيد ان يده تتحرك بمفردها مثيرة الرعب بين الحاضرين، ولا سيما رعب الجلاد نفسه الذي يسارع الى فصلها عن الذراع، فتنطلق من تلقائها وبسرعة مدهشة حتى تصل الى بيت المفهم غونان لتجد هناك ملجأها الاخير، وسط الحاضرين ومحاولتهم الهرب... ومن الواضح ان دي نرفال، اذ اوقف حكايته عند ذلك المشهد، كان ينوي على الارجح ان يخط نصوصاً مقبلة، تبدأ - باليد - أي من حيث انتهت سيرة «اليد السحرية» ولكن من الواضح حتى الزمن لم يمهله، اذ انه توفي بعد ثلاث سنوات من صدور السيرة، ما جعل وصول اليد الى بيت الساحر، نهاية المطاف.

ومع هذا، من المؤكد ان النقاد والباحثين لم يموضعوا اهتمامهم بهذه الحكاية عند ذلك الجانب منها. بل في مجال آخر، كما اشرنا. ذلك ان دي نرفال الذي كانت رحلته الى الشرق (وما خطه عنها)، قد اكسبته قدرة هائلة على وصف التفاصيل، ابدع هنا حقاً، في وصف الحياة الباريسية والذهنيات العامة في باريس، خلال زمن ندرت النصوص التي اتىت لوصف الحياة الشعبية وحياة المدينة فيه. ومن هنا اذا كانت «اليد السحرية» تقرأ كرواية غرائبية تحاكي روايات هوفمان، فإنها اكثر من هذا تقرأ كرحلة في قلب باريس وفي أوساط اهلها. حتى من دون انقد يكون جيرار دي نرفال (1808-1855) قد قصد ذلك اصلاً.


المصادر

  1. ^ ابراهيم العريس (الثلاثاء ١ مايو٢٠١٢). "«اليد السحرية» لدي نرفال: بدءاً من الشرق وصولاً الى قلب باريس". دار الحياة. Retrieved 27/6/2012. Check date values in: |accessdate=, |date= (help)

وصلات خارجية

  • The Enchanted Hand – Gérard de Nerval
تاريخ النشر: 2020-06-04 18:06:21
التصنيفات: CS1 errors: dates, Articles containing non-English-language text, روايات 1832, روايات 1852, أعمال جيرار دى نرڤال, فانتازيا, روايات تحولت إلى أفلام

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

ما موقف البرازيل من قضية الصحراء المغربية؟

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-24 12:20:03
مستوى الصحة: 69% الأهمية: 76%

كأس العرش.. الدفاع الجديدي في مواجهة صعبة ضد فريق الوداد

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-24 12:20:11
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 84%

حموشي يتكفل بمصاريف العمرة لفائدة ستة أرامل

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-24 12:20:43
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 70%

إهانة لاعبي الزمالك وأسرتهم على شاشة قناة النادي

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2023-05-24 12:19:30
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 35%

أحمد شوبير: حمزة علاء مصاب في الركبة

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2023-05-24 12:19:33
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 42%

تحميل تطبيق المنصة العربية