محمد عزت عادل

عودة للموسوعة

محمد عزت عادل

محمد عزت عادل

محمد عزت عادل علي عزت (ولد فيعشرة نوفمبر 1925 بالقاهرة) مهندس مدني مصري، رئيس هيئة قناة السويس (1983- ح. 1991).

أرمل وله أربعة أبناء، احداهن تعمل في شركة إنپي وهي زوجة شريف إسماعيل، رئيس وزراء مصر. حصل على بكالوريوس هندسة مدنية من كلية الهندسة جامعة القاهرة 1950.

شغل وظيفة ضابط بسلاح المهندسين وقائد جناح المفرقعات بمدرسة الهندسة العسكرية حتى 1953.

انتدب مساعدا لمدير هيئة البترول 1954، وأحد أفراد المجموعة القيادية لتأميم قناة السويس 1956. سكرتير عام مساعد لهيئة قناة السويس 1957. عضومجلس إدارة هيئة قناة السويس، مدير إدارة التموين بهيئة قناة السويس 1961، رئيس مجلس ادارة شركة التمساح علاوة على عمله 1962، مدير ادارة شئون المالية والادارية بهيئة قناة السويس 1966. رئيس لجنة الدفاع المدني والمشرف على الدفاع الشعبي بعد نكسة 1967، وحتى فوز 1973.

مدير ادارة التحركات بالهيئة 1983. عين رئيسا لمجلس ادارة هيئة قناة السويس والعضوالمنتدب بها بدرجة وزير منذ 1983.

أمين مساعد الحزب الوطني الديموقراطي لمحافظة الاسماعيلية، عضوالمجلس الأعلى لنقابة المهندسين ونقيب المهندسين بمحافظة الاسماعيلية، عضومجلس ادارة بنك قناة السويس، ورئيس منطقة القناة لاتحاد الشكرات الرياضي.

الأوسمة

حصل على وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى 1956، ووسام الجمهورية من الطبقة الأولى 1981.


العائلة

هو

حواره مع مجلة المصور 2016

المصوّر: فى ذكرى مرور ٦٠ عامًا على عدوان ١٩٥٦ الغاشم على مصر.. ما ملابسات هذه الحرب كونك أحد الفاعلين فى هذه الفترة؟


أشكركم على الدعوة الكريمة من دار الهلال، لنتذكر سويًا هذه الأيام ونتتبع سيرتها، فهذا العدوان يختص بالجزء الكبير جدا فى حياتى المتعلق بقناة السويس، والتى أشعر حتى مياهها المالحة تسير فى عروقي.


لوعدنا إلى ما قبل ١٩٥٦، حيث تخرجت فى كلية الهندسة جامعة القاهرة عام ١٩٥٠ بتقدير جيد فى التخرج، وقدمت فى جهتين لأعمل فى واحدة منهما، الأولى قناة السويس قبل التأميم لما لها من مزايا جيدة، والقوات المسلحة بسلاح المهندسين، والجهتان طلبتانى للعمل، ودخلت كشف الهيئة للقوات المسلحة وبالعمل تم قبولي، كما حتى شركة قناة السويس استدعتنى لإجراء اللقاءة الشخصية بمخطها بجاردن سيتى بجوار السفارة الأمريكية، وقابلنى السكرتير العام ونطق لى «أنت جميع حاجة فيك كويسة، درجة تخرجك ومشروع التخرج الذى كان تعبير عن ٦ مواسير تحت قناة السويس، والواسطة بتاعتك. والدك صديق لبركات باشا، لكن تنقصك اللغة الفرنسية. كنت أجيد الإنجليزية لكن لغتى الفرنسية عملا ليست على المستوى المنشود للعمل بالشركة».


الشركة فى هذه الأثناء كانت تعتبر دولة داخل الدولة، ولم تكن اللغة العربية تستخدم للتعامل بين الموظفين، وبالتالي لم تؤهلنى اللغة للعمل بشركة قناة السويس. ومن ثم التحقت بسلاح المهندسين بالجيش. وفى هذا السلاح حصلت على تدريب هندسة الميدان والمفرقعات والألغام لمدة ٦ أشهر. وتخرجت برتبة ملازم أول، والظاهر أنهم توسموا حتى أكون مدرسًا فى مدرسة الهندسة العسكرية التى حصلت على دراستى بها، وتم إسناد جناح المفرقعات والألغام لأتولى تدريسه عام ١٩٥٠.


بعد ذلك بدأت مصر تقوم بحركات تهدف إلى الاستقلال عن إنجلترا، وتشدد الخناق على الإنجليز فى التل الكبير والفنارة ومنطقة القناة، واشهجرت فى تدريب الجنود على الأعمال الفدائية التى تستهدف الإنجليز. بعد ذلك نطق لى قائد المدرسة العسكرية التى أعمل بها، إننى مطلوب فى مجلس قيادة الثورة عام ١٩٥٢ وحينها كنت برتبة ملازم أول، ومضىت بالعمل ونطق لى قائد المخابرات على البوابة «اطلع للمخط الفنى الخاص بجمال عبدالناصر، وكان فيه ٣ مهندسين «صدقى سليمان من قوة السد العالي، ومحمود يونس من قوة تأميم قناة السويس، وسمير حلمى الذى توفى مع السادات فى حادث المنصة».


المصوّر: ماذا دار بينك وبين محمود يونس فى هذا التوقيت؟


كانت أول مرة أرى فيها محمود يونس، ونطق لى «تقدر تسافر امتى؟، قلت له: «أنا ضابط. فى أى وقت» فرد «خلاص بعد ٦ ساعات».. ثم استطرد «ولكنك لم تستفسر منى عن وجهة سفرنا ولماذا استدعيناك؟»، فقلت له: «هذا من واجبى فى القوات المسلحة».


مضىنا إلى السويس وكان الطريق فيه شرطة عسكرية من الإنجليز، ووصلنا معمل تكرير البترول الحكومى بالسويس، وعندما دخلنا المعمل مع المهندس عبدالحميد أبوبكر، نطق محمود يونس: أنت مُكلف من جمال عبدالناصر بمأمورية سرية، وكان مطلوب منى تجهيز الخطة، لأسلمها للرئيس جمال عبدالناصر بعد ١٥ يومًا، واختارنى عبدالناصر بصفتى ضابط مفرقعات وألغام، واتضح فيما بعد أنه عُرض عليه أسماء أخرى لكنه فضلنى من بينهم.


بالعمل جهزنا الخطة وسلمتها إلى محمود يونس الذى سلمها بدوره إلى الرئيس جمال عبدالناصر، وهذا خلال عام ١٩٥٤، وبعد شهر لم تُنفذ الخطة، وقلت أعود لوحدتي، رفض محمود يونس ونطق: سنُنفذ الخطة التى وضعتها أنت فى أى وقت، وبعد ثالث شهر أبلغونى أنهم بتروا عنى بدل اللبس والمراسلة والذى كان يُقدر بـ٣ جنيهات، من مجموع ١٨ جنيها كراتب شهري، وقلت ليونس إنهم بتروا البدل نطق لى «ولا يهمك».


اتضح بعد ذلك حتى جمال عبدالناصر لم يأمر بتطبيق الخطة، ولكنه أمر محمود يونس حتى يصبح مسئولا عنّا، ويأخذ ٦ مهندسين ويمضى لأحد المعامل للتدريب على البترول فى إنجلترا، ونعهد ماذا تعنى حدثة بترول، ونعود وعندنا فكرة، وقد كان.


وخلال الـ٦ أشهر فى إنجلترا قابلت بالمصادفة سليمان متولى الذى كان وزيرًا للنقل، وكان فى الأساس ضابط مهندس، ونطق لى «أنت عملت ايه، دا أنت طلعت فى النشرة العسكرية (معاش)»، فتعجبت وكلّمت محمود يونس بما حدث، فضحك ونطق إنه من قام بذلك، وإنه يعهد مصلحتي.


بعد ذلك أصبحنا مسئولين عن البترول، وفى يوم ونحن فى هيئة البترول. عادة عندما يمضى محمود يونس إلى إحدى المأموريات يُخبرنا بها، لكنه مضى فى هذا اليوم دون حتى يعرّفنا وجهته، ثم عاد ونطق «يالا نطلع بالعربية أنا وعبدالحميد أبوبكر»، وقاد العربية بنفسه حتى الساعة الـ١٢ منتصف الليل، دون حتى يخبرنا بما يعمل، وفى اليوم التالى اتى إلى المخط واختفى ثانية دون حتى يخبرنا بما يعمل وكان ذلك يوم ٢٤ يوليو١٩٥٦ قبل التأميم بـ٥٥ ساعة.


عاد يونس ودخل المخط ومعنا عبدالحميد وأغلق الباب بالمفتاح فتعجبنا، ونطق لنا إذا الرئيس جمال عبدالناصر كلفنا بتأميم قناة السويس، ويومها لم نكن نعهد شيئًا عن القناة، وأعطانا البيانات المتاحة ومن ضمنها كتاب الدكتور مصطفى الحفناوي، ونطق لنا إذا الرئيس سيعلن التأميم يوم ٢٦ يوليوفى السابعة مساءً.


المصوّر: ٥٥ ساعة فصلت بين معهدتكم بتفاصيل المهمة وتطبيقها عمليًا.. كيف من الممكن أن مرت عليكم هذه المدة القصيرة زمنيًا، الطويلة نفسيًا وعصبيًا؟


لا أستطيع وصف الـ٥٥ ساعة بين معهدتنا بالخبر والقيام بالتأميم، لكن خلالها وضعنا خطة متكاملة، وكانت بتوفيق ربنا حتى نختار المجموعة الصالحة القادرة على مشاركتنا فى التأميم، والسرية المطلقة بالعملية، وثالثًا أنه فى عمر الثلاثين تحملنا مسئولية كبيرة من الرئيس عبدالناصر، ونطق «لوفشلتم فى التأميم، لن تستطيع مصر تأميم القناة مرة أخرى أبدًا».


المجموعة تكونت من ٢٨ فردا، وكان من ضمنهم الناحية القانونية الدولية للقاءة العالم، والفنية الهندسية لتشغيل القناة دون أعطال، والعسكرية للضبط والربط، ومن لديهم معلومات بحرية تعُيينا. واتفقنا على أنه إذا اعترض أحد ثلاثتنا على أحد من المجموعة يتم استبعاده فورًا، ولكننا اتفقنا على هذه المجموعة.


يوم ٢٥ يوليو، تم استنادىء المجموعة فى هيئة البترول فى جاردن سيتي، وشرحنا لهم حتى جمال عبدالناصر كلفنا بمأمورية سرية فى الصحراء لمدة ١٠ أيام وطلبنا منهم تجهيز أنفسهم دون مزيد من التفاصيل.


يوم ٢٦ يوليو، تجمعنا مرة ثانية، وتم تقسيمهنا عبر عدة سيارات، فى جميع واحدة ضابط مهندس اتفقنا معه أننا سنمضى إلى معسكر الجلاء بالإسماعيلية، خرجت السيارات بفارق ١٠ دقائق بين جميع سيارة وأخرى، حتى لا تشعر المخابرات البريطانية والفرنسية بحركة مفاجئة، وتجمعنا فى مخط قائد الجيش الثانى بالإسماعيلية، بعدما وصلنا على نحوالساعة الرابعة والنصف عصرًا.


قلنا لهم فى هذا الوقت إذا الغرض تأميم قناة السويس، ويومها شعر المدنيون فى المجموعة بالخطورة وكان منهم وكيل وزارة المالية، ووكيل وزارة الأشغال، وحسن إسماعيل رئيس جامعة القاهرة، ومشهور أحمد مشهور، وحاولنا طمأنتهم جميعًا.


شكلنا عدة مجموعات، وكانت المجموعة الرئيسية بقيادة محمود يونس وأنا وعبدالحميد أبوبكر، تتوجه نحوالإسماعيلية إلى مركز قيادة الشركة، ومجموعة أخرى ببورسعيد بقيادة توفيق الديب، ومجموعة تمضى إلى السويس بقيادة الشافعى عبدالهادي، وكانت حدثة السر «ديليسبس»، وعندما يذكرها لابد حتى تتواجد المجموعات على بوابة الشركة فى نفس اللحظة.


فى البداية تحركت مجموعة السويس، ثم مجموعة بورسعيد، ثم المجموعة الرئيسية بالإسماعيلية، ووصلنا بالعمل والرئيس عبدالناصر يقول «ديليسبس» وكنا عند باب الشركة، ثم استطرد «والآن إخوانكم يؤمنون قناة السويس».


حرس الشركة تساءل عما نقوم به، وذكرنا لهم حتى القناة تم تأميمها، وعندما سمع الشعب خطاب عبدالناصر، خرج إلى الشارع لمساندتنا، وبعدما دخلنا المخط طلبنا من أحد الموظفين حتى يخبر المديرين الأجانب، وطبعا كانوا كلهم من فرنسا بما فى ذلك رئيس الشركة داخل مصر.


اتىوا وهم فى حالة ذعر، خائفين على أنفسهم وعائلاتهم، طمأناهم على سلامتهم الشخصية ومرتباتهم وكل بدلاتهم، وبالعكس نريد حتى يستمروا فى عملهم بمراكزهم وكل امتيازاتهم سيحصلون عليها بلا مساس.


فى اليوم التالي، بدأت ألاعيبهم، ولمقد يكونوا مقدرين خطورة العمل الذى قمنا به، وطلبنا من جميع واحد حتى يهتم بعمله فقط، وسيكون بجانب جميع واحد منهم مصرى يماثله، وسارت الأمور واستمر العمل بالقناة، وكل دقيقة ولحظة نكسب خبرة منهم، ووجدنا حتى القناة تعتمد عمليًا على الأجانب ولا يوجد مصرى واحد فى مستوى أخذ القرار، أومرشد مصرى يُرشد سفينة ضخمة، والموقف كان خطيرا فالمستندات كانت فى باريس، وقياس السفن وحمولتها هناك، لكننا تحفظنا على صور المستندات وخزائن الشركة.


المصوّر: ما العراقيل التى قام بها الموظفون الأجانب بعد تأميم القناة؟


ومن ٢٦ يوليوإلى ١٤ سبتمبر سارت الأمور فى على ما يرام، وعندما وجدوا حتى المصريين بإمكانهم قيادة القناة، أمروا فى ١٤ سبتمبر، بسحب المرشدين الأجانب والفنيين من القناة وأُبلغوا حتى يهجروا المصريين يعملون بمفردهم.


«طبعا مكناش نايمين على ودانا»، لاحظنا فى فترة الإجازات السنوية، حتى المرشدين الذين حصلوا على الإجازة لم يعودوا، وبعض المهندسين يبيعون سياراتهم، وطلبنا من المخابرات حتى تدرس هذه القضية، وبالعمل عهدنا حتى الأجانب تلقوا أوامر بالانسحاب الجماعى من هيئة القناة خلال منتصف أغسطس. وطلبنا ضباطا بحرية ومهندسين ونشرنا إعلانات فى الخارج لاستيراد قبطان الموانئ للعمل بالقناة، وكل يوم كنا نكتسب شيئًا جديدة.


وكانت العقبة عندنا حتى السفن الضخمة لم يكن لدينا مرشدون مصريون مؤهلون للعمل عليها، ووجدنا نحو٦ يونانيين للقيام بهذه المهمة وأتذكر بعضهم حتى الآن، وقلنا لهم إذا مصر بلدهم الثانى وعلى استعداد لدفع المزيد من الأموال، وهم كانوا أكثر تفهمًا ونطقوا إنهم مستمرون فى العمل تحت أى ظرف، رغم حتى الشركة هددت الأجانب الذين لن ينسحبوا بفقد جميع المزايا.


فى هذا الوقت، تحدث جمال عبدالناصر مع محمود يونس بشأن الانسحاب، واجتمعنا مع الرئيس بمجلس قيادة الثورة وكنا لأول مرة نرى «عبدالناصر» وذكرنا له ما قمنا به واستعدادنا للقاءة سحب الأجانب من القناة.


وفى الحادية عشرة ليلًا، تناولنا العشاء مع الرئيس وكان بسيطا للغاية، واتى يوم ١٤ سبتمبر فى بورسعيد وكنا نشاهد أول قافلة ووقتها كانت هناك «شبورة» خفيفة وتُقلل من الرؤية، وتخوفنا من تأخير دخول القافلة، حتى لا نتعرض لآراء سلبية من الأجانب، لكن القافلة تأخرت نحونصف ساعة، ومن ثم أبلغ المراسلون الأجانب بهذه الواقعة وخطت جرائد إنجلترا «على المصريين حتى يغرسوا القناة بطاطس»، يريدون الانادىء بأننا فشلنا فى إدارتها. وكى تزيد الشركة من صعوبة الأمر علينا، زودوا عدد السفن التى تمر بالقناة إلى ٥٥ سفينة وهوّ رقم فلكي، وكانت أياما عصيبة للغاية واختبارا كان من أقسى الاختبارات التى قابلناها، ولكن بتوفيق ربنا استطعنا الخروج من هذه المشاكل، وكل يوم كنا نزداد خبرة.


المصوّر: ما تداعيات نجاح المصريين فى إدارة قناة السويس بعد سحب الموظفين الأجانب؟


عندما اتضح للأجانب حتى غيابهم لم يؤثر فى إدارة القناة، سقط اعتداء ٢٩ أكتوبر ١٩٥٦. هذا الاعتداء لم يكن ببشاعة يوم النكسة فى ٦٧، رغم عنفه، وتم احتلال بورسعيد وغرقت المراكب. وفى النشرة الدورية لإذاعة بى بى سي، كان من ضمنها تقرير يقول إذا اشتراك إنجلترا فى العدوان الثلاثى على مصر كان أبرز عنصر فى نهاية الإمبراطورية البريطانية، ونتيجتها استنطق إيدن، وحدثت هزة رهيبة فى إنجلترا نتيجة الحرب، التى حركتها فرنسا بمساعدة إسرائيل. انتهينا من الحرب وتعرّف العالم على قدرة المصريين، وفى هذا الوقت كانت أمريكا «فى صفنا»، لأن العدوان سقط بدون مشاركتها ولم تستأذنها إنجلترا.


المصوّر: ما تأثير العدوان الثلاثى على الملاحة بقناة السويس؟


بالعمل تأثرت القناة بالعدوان، وتوقفت الحركة الملاحية، حتى انتشال المراكب الغارقة، بعدما شعر العالم كله حتى هذا اعتداء غاشم.


المصور: خرجت أصوات فى مصر ضد قرار التأميم وأنه كان من الأفضل انتظار انتهاء امتياز شركة قناة السويس، والذى كان ينتهى بعد ١٢ عامًا من التأميم حتى نجنب مصر العدوان.


هذا الكلام لم يكن ليتحقق، لعدة أسباب، هى حتى المصريين فى قناة السويس كانوا عاملين صغارا ومن الطبقات المتوسطة، بمعنى حتى العمالة كانت غير قادرة على تشغيل القناة، كما حتى الشركة نفسها تيقنت بعد ثورة يوليوحتى جمال عبدالناصر لن يمد لهم الامتياز بعد المدة المحددة عام ١٩٦٨، ولهذا لم تكن لتتطور قناة السويس كمجرى ملاحي، ولا تصرف على معدات القناة الضرورية لتواكب التطور، وبالتالى كنا سنتسلم القناة فى أسوأ حالاتها وكنا سنفشل فى إدارة قناة السويس، وبالتالى لن يهجر الغرب «رقبته» فى يد مصر التى لا تستطيع إدارة القناة.


بعد هذا، استتبت الأمور رويدًا رويدًا، ومنح قرار التأميم مجلس إدارة القناة كافة السلطات بعيدًا عن الحكومة، بما فى ذلك رسوم القناة، وزيادتها أوتقليصها حسبما يترائى لمجلس إدارة القناة، وهذا ما مكنا من الإسراع فى إدارة القناة وتطويرها.


وبعدما اتى الفرنسيون بعد ١٠ سنوات من التأميم، ذهلوا من التطور، الذى وقع لقناة السويس، فبعد عدوان عام ١٩٦٧، توقفت الملاحة فى قناة السويس لمدة ٨ سنوات، وغرق فى القناة الكثير من المراكب والدبابات ودانات المدفعية.


أخذنا فترة طويلة جدا وبالاستعانة بالبحريات الأجنبية لتطوير المجرى الملاحى لقناة السويس بعد نصر أكتوبر٧٣. بالرغم من توقف الملاحة طوال هذه الفترة، حيث بدأنا حرب الاستنزاف للقاءة اليهود على الضفة الشرقية للقناة، وأعطينا فرصة للعمال والمهندسين للحصول على إجازات بدون مرتب للعمل فى الأشغال الخاصة بمرتباتهم، ونقلنا بعض الورش من بورسعيد والسويس والإسماعيلية، إلى الإسكندرية وكفر الصيادين بجانب الزقازيق بعيدا عن منطقة الاشتباك للحفاظ عليها، وفى الوقت نفسه نتابع بناء السفن فى جميع ترسانات العالم، لفهم اتجاهات المراكب الحديثة التى نستقبلها مع إعادة الافتتاح.


وجدنا حتى العالم عندما أغلقت القناة، يتجه لزيادة حجم المراكب، وبالتالى لم تمر من القناة، وسنتعرض لخسائر. ومن ثم فخلال توقف الملاحة وإبان ذلك كنت كبير المهندسين، وجهزنا مشروعًا لتوسيع قناة السويس بكامل طولها إلى مرة ونص، وتعميق القناة لاستقبال السفن بغاطس أكبر، وجهزنا مستندات العطاءات التى تطرح حتى عام ١٩٧٥، حيث استئنفت الملاحة بالقناة وكنا طرحنا هذه المناقصات على العالم وبدأنا فى تلقى العروض، وبدأ تطبيق مشروع تطوير قناة السويس، واستغرق ٥ سنوات فى تطبيقه، وتمكنا من الحفاظ على ولج القناة.


المصوّر: خلال سنوات توسيع وتعميق المجرى الملاحى.. كيف من الممكن أن كان الحال بالنسبة لسفن العالم؟


مرت السفن الكبيرة من طريق رأس الراتى الصالح، وبعضها تأتى ويتم تفريغ حمولتها فى سفن أصغر.


المصوّر: بالعودة إلى توقيت تأميم القناة.. بالتأكيد فى هذا التوقيت كانت هناك مشاعر إنسانية تغمر المجموعات الموكلة إليها المهمة، خاصة فى انتظار حدثة «ديليسبس» من الرئيس عبدالناصر.. لك حتى تتذكرها؟


«إحنا شوفنا الويل».. هذه الحدثة اختارها الرئيس عبدالناصر ولم نكن نعهد متى يذكرها، وبعدما نطقها فى الخطاب، شكّ أننا لم نسمعها من خلال الراديوالموجود بالـ٣ سيارات، فكررها ٤ مرات متتالية قبل حتى نبدأ التطبيق، خوفًا على المأموريتين فى الأطراف، وخوفًا على مأموريتنا المكلفة بالدخول من الباب الرئيسى لمخط القياس الذى يحتوى جميع رسومات المراكب وحمولتها وحساب الرسوم.


المصوّر: هل كانت لكم سابق فهم بمبنى القناة لتسهيل عملية الدخول؟


لم نكن نعهد ممحرر القناة، ولم يكن هناك وقت لذلك، وكانت هناك رهبة فى الدخول إلى القناة، ولكننا تغلبنا على ذلك بتحديد الهدف وإجبار الموظفين على شرح جميع التفاصيل.


المصوّر: ماذا كان يستهدف مشروع تطوير قناة السويس؟


كان مشهور أحمد مشهور هوّ قائد الهيئة فى هذا الوقت، وكان ذلك عام ١٩٧٥، وتحدثت مع وزير الاقتصاد بشأن التطوير وقلت إننا أمام خيارين، إما الخصم من إيراد قناة السويس أوالاستدانة، فطلب الاستدانة، وبالتالى طلبنا من البنك الدولى وكانت التكلفة فوق ١.٣ مليار دولار، وطلبنا منهم ١٠٠ مليون دولار، لأنه إذا وافق على دراسة الجدوى الخاصة بالمشروع فإنها تمثل شهادة ثقة لكافة الجهات الأخرى وقد كان، لكن قبل التوقيع رغبوا فى حتى يشرف البنك الدولى على تطبيق المشروع، ورفضتُ أنا ذلك، لأن هذا يعنى العودة إلى السيطرة الدولية، وقلت لهم إذا هذه هى المرة الثانية التى يتقاعسون عن التعاون فى مشروع حيوى بمصر بعد السد العالي.


المصور: هل تتذكر ملابسات هذا الرفض؟


وجدت شابا عربيا اسمه «عبداللطيف الحمد» «كويتى الجنسية» وكان عضوا بالبنك الدولي، ونطق إذا «البنك مقلوب» بسبب رفض شرطه، وشرحت له إمكانية مصر من تطبيق المشروع، وأقسم بإعطاء مصر المبلغ من الصندوق الكويتى حال رفض البنك، وطلب البنك الدولى العودة إلى الحكومة المصرية للتشاور، وفى النهاية نطق لى نائب مدير البنك الدولى لفظًا لن أنساه: «أنت تحفر قبرك بيدك». فلا أحد يُملى شروطه على البنك الدولي، ومع ذلك وافق البنك على تمويل المشروع.


واتى وزير الحربية الأمريكى وتولى رئاسة البنك الدولى ومعه التقرير الذى يقارن التقديرات الخاصة بالمشروع لفهم الفروق بين التقديرات والواقع، واعترف أنه من أفضل المشروعات التى نُفذت فى العالم.


وكان المشروع يستهدف توسعة القناة. هناك «كوبرى الفردان» وهوّ سكة حديد، وكان يحتاج بعض الأعمال الخاصة، مثل إزالة جزء خرسانى قطره ٢٠ مترا، وسمكها متر ونص لكى تتحمل الكوبري، وطرحنا مناسيرة واتىت عروض عالمية، ووافقنا على العرض الألمانى الخاص وكان أرخض العروض وبفارق نحو٨ ملايين. عرضت الأمر على مجلس الإدارة، وأكدوا حتى هذا الجزء لوتم بتره وسقط فى القناة سيُغلق المجرى الملاحي، وقلت لهم: «أنا راجل بتاع مفرقعات وسأتولى هذه العملية»، لكنهم رفضوا الأمر، لكنى أكدت أنى سأنفذ العملية على مسئوليتى الشخصية، وبالعمل تحقق هذا الأمر بنجاح.


المصوّر: متى توليت رئاسة هيئة قناة السويس؟


توليت رئاسة الهيئة عام ١٩٨٤، وهجرتها عام ١٩٩٦. وخلال هذه الفترة قمنا بتطبيق الكثير من أعمال التطوير بالنظر إلى ترسانات العالم وتعاقداتها، بعد دراسات جدوى مستفيضة نطلع فيها على ما تقوم به من أعمال بناء السفن وحجمها وعددها لأن أى قرش نضعه فى التطوير لابد حتى نحصل عليه وعلى أكثر منه.


المصوّر: كشاهد عيان على عدوان ٥٦.. ماذا جرى للقناة أثناء الحرب وكيف حافظتم عليها؟


تم احتلال بورسعيد، وكان لنا نحو٧ آلاف عامل وموظف فى بورسعيد وكان لابد من رعايتهم، وكنت فى هذا الوقت قائد المقاومة الشعبية فى الإسماعيلية، وكنا نرسل لهم بطرق مختلفة مرتباتهم، والفترة لم تطُل.


وفى الإسماعيلية والسويس لم يتأثرا بالحرب بالمقارنة ببورسعيد، على عكس نكسة ٦٧. وفى حرب الاستنزاف اتى لى خبر أنه سيكون هناك اشتباك بالمدفعية دون تحديد موعده، وسهرت حتى الساعة ١١ مساءً ولم يبدأ الاشتباك، ومضىت لأشترى علبة سجائر وفجأة سقط الاشتباك، ووجدت مكمنا للمقاومة الشعبية ونزلت فيه، ثم وجدت السيارة شبه مهشمة.


المصوّر: كيف من الممكن أن شعرت بالتأييد الشعبى نحوتأميم القناة؟


مصر كلها فرحت بتأميم القناة، ولكن بعد عدوان ٥٦ بدأ القلق يظهر على الشعب. لكن من الأمور المهمة نظرة العالم لنا. القانون الدولى يقول إذا قناة السويس ليست قناة دولية ولكنها «ترعة» فى مصر وتحت سيطرتها، وفقدت ١٢٠ ألف إنسان حفروها بدمائهم، وتحملت الاحتلال البريطاني. إذا القناة أمر عزيز علينا.


المصوّر: بالطبيعة البشرية فإن احتكاك البشر اليومى يفجر طاقات ومشاعر إنسانية.. ومن هذا المنطلق كيف من الممكن أن تصف علاقتك بمحمود يونس؟


«يونس» من النوع صاحب القرار، وفى نفس الوقت تفهمنا منه الكثير، فهوّ أكبر منّا سنًا وتواجده مع جمال عبدالناصر وقت الثورة أكسبه خبرة، والمؤكد أنه كان «إنسانًا» ووصلت العلاقة بينى وبينه أنه إذا اتخذ قرارًا غير موفقًا كنت أقابله، وفى معظم الأحوال كان يتفهم ما أقوله ويدركه. كان إنسانا ممتازا، واتخذت العلاقة مدخلات كثيرة وتعمقت، لدرجة أنه غير مسار حياتى بالكامل بعدما أصدر أمرا بإحالتى إلى المعاش بالقوات المسلحة. وامتدت علاقتى بأسرته بعد رحيله، وكان يعتبرنى عملا أخيه الصغير.


المصور: تعاملت مع الرئيسين «عبدالناصر – السادات» ما الاختلاف بينهم؟


لكل رئيس مزاياه وعيوبة، ولا أحد ينكر حتى نكسة ٦٧ مؤلمة على كافة المستويات، وكنا نرى هجره لعبدالحكيم عامر فى الجيش وقرار غير مدروس، لكن السد العالى وتأميم القناة وحرب الاستنزاف من مزايا عبدالناصر.عبدالناصر أعطانى وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى بعد تأميم القناة، كما أعطانى السادات وسام الجمهورية من الدرجة الأولى بعد مشروع تطوير قناة السويس.


توليت مهمة القناة عام ١٩٨٤، وبلغت الستين فى عام ١٩٨٥، ومدّ لى الرئيس مبارك فى الخدمة ١٠ سنوات، وهجرت الهيئة بعدما بلغت السبعين، وتحدثت للدكتور عاطف صدقى فى آخر عام للمدّ، وطالبته بعدم المد مرة أخرى، وشرحت له حتى هناك كثيرين ممن يمكنهم القيام بتلك المهمة ومسئوليتها، ونطق «الرئيس نطق طول ما هوّ عايش هيفضل فيها»، ورفضت ذلك بعد السبعين، وظلت قناة السويس نحو١٨ يومًا بدون رئيس.


المصوّر: يمر العالم بمنعطفات كثيرة، ومنعرجات تُهدد أمنه واستقراره.. هل لا تزال قناة السويس تقابل «مؤامرة» تستهدف دورها وتأثيرها؟


قناة السويس ستظل تقابل تحديات، لأن العالم بطبعه لا يحب حتىقد يكون النشاط الاقتصادى الخاص به تحت رحمة دولة واحدة، وينافس القناة الآن، أمور كثيرة كخطوط الأنابيب، وفى أثناء غلق الملاحة من ٦٧ حتى ٧٥، فكرت أمريكا وبعض الدول الغربية فى أعطى خط أنابيب من الخليج حتى المحيط عبر إفريقيا، ما منعهم من ذلك هوالوضع الأمنى والسياسى غير المستقر. هذا الخط كان سينقل البترول بدلا من تحميل الشحنات فوق المراكب التى تعبر قناة السويس، كما حتى قناة بنما تنافس قناة السويس فى التجارة، والسكة الحديد بسيبريا تنافس القناة بالنسبة لتجارة الصين واليابان إلى أوربا، وطريق الحرير لا أعهد حتى الآن تفاصيله، واستفادت القناة منه، كما حتى إسرائيل تفكر فى قناة من خليج العقبة إلى البحر الميت وهذه لا تؤثر بشكل مباشر علينا، طالما لا تصل القناة إلى البحر الأبيض المتوسط، وتكلفة تفريغ الشحنة على السكة الحديد حتى تصل إلى الميناء مُكلف ولابد حتى نضع هذا نصب أعيننا.


كنت أول من منح التخفيض لمرور الغاز القطرى بنسبة ٣٥٪ لأن وقت اكتشاف هذا الاحتياطى الهائل، كانوا أمام طريقين إما نقل الغاز عبر قناة السويس، أونقله عبر أنابيب عن طريق السعودية وهجريا عبر البحر المتوسط، وبالتالى خفضنا لهم الرسوم.


المصوّر: هل يُهدد الجسر المُزمع إنشاؤه بين مصر والسعودية قناة السويس؟


يُهدد الجسر المُزمع إنشاؤه بين مصر والسعودية، قناة السويس، بعض الشىء. أتمنى حتى ينجحوا فى التكامل بين البلدين.


حدثة أخيرة تودّ حتى تقولها؟


قناة السويس «ربنا يملاها بركة».


الهامش

تاريخ النشر: 2020-06-04 18:10:31
التصنيفات: مواليد 1925, أشخاص من القاهرة, خريجو كلية الهندسة، جامعة القاهرة, مهندسون مدنيون مصريون, ضباط بسلاح المهندسين المصري, تأميم قناة السويس, رؤساء هيئة قناة السويس, حائزو وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى, حائزو وسام الجمهورية من الطبقة الأولى

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

جدول أعمال المجلس الحكومي

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-27 18:11:06
مستوى الصحة: 65% الأهمية: 82%

بعد أسابيع من الاحتقان.. الحكومة تخضع لمطالب الأساتذة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-27 18:11:03
مستوى الصحة: 62% الأهمية: 83%

أمين حارث قريب من مغادرة مارسيليا وأندية أوروبية تتحيّن فرصة ضمه

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-27 18:10:53
مستوى الصحة: 68% الأهمية: 74%

«تعليم الجيزة»: بدء تسكين الدفعة الأولى بمسابقة الـ30 ألف معلم

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-27 18:21:12
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 56%

لمجرد ينافس كوكبة من النجوم على جائزة أفضل مغني

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-27 18:10:58
مستوى الصحة: 74% الأهمية: 74%

غزة.. "حماس" تعلن تمديد الهدنة ليومين

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-27 18:11:58
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 58%

جوائز "الكاف".. سيطرة مغربية بالقائمة المختصرة لكرة القدم النسوية

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-27 18:12:07
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 67%

توفي أثناء التصوير.. رحيل فنان مصري شهير إثر أزمة قلبية مفاجئة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-27 18:10:48
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 84%

أبرز الملفات المطروحة على طاولة المجلس الحكومي المقبل

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-27 18:12:05
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 61%

84 لجنة انتخابية بمركز ومدينة بني سويف

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-11-27 18:21:28
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 61%

هل سيوقف الأساتذة إضرابهم؟.. كواليس جلسة حوار أخنوش مع نقابات التعليم

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-27 18:12:03
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 53%

لماذا اعتمد المغرب تدريس اللغة الإنجليزية في التعليم العمومي؟

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-27 18:11:56
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 51%

تحميل تطبيق المنصة العربية