شراء ديون مصر
شراء جمال مبارك لديون مصر
المشكلة
السندات السيادية
تقوم الدول المتعسرة بطرح سندات سيادية في الأسواق المالية الدولية، أساساً في نيويورك ولندن. السند هوتعبير ورقة مالية من الكيان المـُصدِر (الدولة المصرية مثلاً) لمُقرِض/مستثمر طالما دفع هذا الدائن مبلغ القيمة الاسمية للسند، ولقاء ذلك يتعهد المدين (الدولة المصرية مثلاً) بسداد قيمة السند زائد الفائدة المتراكمة عليه في شكل أقساط محددة على فترات زمنية محددة. ثمن الفائد يتوقف على مدى ثقة الأسواق في قدرة المدين على سداد الدين (السند). فنجد حتى ثمن الفائدة للسندات الصادرة من الحكومة السويسرية الرصينة لا يتجاوز 2%، بينما ثمن الفائدة لدولة متعثرة مثل الأرجنتين وصلت إلى 14%. ازدياد ثمن الفائدة معناه حتى الدائن يفهم بوجود احتمال كبير ألا يتمكن المدين من السداد. ولذلك يفرض نسبة فائدة عالية تجعل الأقساط عالية منذ البداية، حتى إذا ما تعثر المدينقد يكون الدائن قد حصّل جزءا معتبراً من ماله، ويبيع باقي الالتزام المالي (السند) في بورصة السندات، التي يتغير فيها ثمن جميع سند جميع ساعة حسب ثقة السوق فيه. فمثلما يتغير ثمن سهم شركة في البورصة جميع دقيقة، فإن ثمن السند الحكومي المصري الصادر يوم كذا بفئة كذا يتغير ثمنه في البورصة جميع دقيقة.
ويحدد السند أنه في حالة نشوب خلاف بين الدائن والمدين فإن جهة التقاضي تكون محكمة نيويورك، مثلاً، أوهيئة تحكيم دولية في باريس. وحين تعثرت الأرجنتين عن سداد أقساط سنداتها في 2013، لجأت أحد الدائنين (إليوت مندجمنت) إلى محكمة نيويورك واستصدر حكم بإفلاس جمهورية الأرجنتين، وأن من حقه وضع اليد على أي ممتلكات لدولة الأرجنتين. فاستأجر شركة مرتزقة واختطفوا سفينة حربية أرجنتينية وطلبوا سداد ديونهم قبل اطلاق سراح السفينة.
سداد الأقساط
في مطلع التسعينيات أثناء وزارة عاطف صدقي، تفاقم خلل ميزان المدفوعات المصري. وحان وقت سداد أقساط السندات السيادية. فلجأت الدولة لتغطية الالتزام بقروض قصيرة المدى عالية الفائدة. ولكن البنوك الأجنبية توقفت عن الإقراض لأن نسبة الديون إلى الناتج المحلي تعدت نسبة الأمان. فكان لزاماً على مصر تقليل تلك النسبة، وذلك بزيادة المقام وإنقاص البسط. فغيرت طريقة حساب الناتج القومي الإجمالي ليتضاعف في سنة واحدة فتقل النسبة. ومن ناحية أخرى برزت الفكرة النميسة "بيع ديون الدولة". ويظهر من سيرة رئيسة الوزراء الهجرية، طانسوتشلر، إذا فكرة شراء ديون الدولة اتىتها في 1992 من صندوق النقد الدولي، وهوبالصدفة نفس وقت شراء جمال لديون مصر.
التمويل
تمويل جمال مبارك، الذي كان يعمل آنذاك في "بنك أوف أمريكا" بلندن بالتعاون مع طاهر حلمي، كان من ثلاث مصادر، على ما يبدو:
- تبرعات نقدية من دول وأثرياء الخليج لمصر في أعقاب الغزوالعراقي للكويت، مضىت لجمال. وتحويلات للخزانة المصرية. ولنا حديث طويل في هذه الأموال.
- قروض ميسرة من بنوك مصر، خصوصا بنك القاهرة.
- جمال مبارك كان يمضى إلى أسواق السندات العالمية، حيث يعرض الدائنون بيع حقوقهم/سنداتهم بثمن أقل مما يحق لهم، بناء على ثقة السوق في قدرة ونية الدولة المصدرة للسند على السداد. فينتقي جمال الديون التي فقد أصحابها الأمل في استردادها فيشتريها منهم بنحوعشرة سنت للدولار.
كيف تعمل
وعشان ربنا بيحب جمال، تقوم وزارة المالية المصرية، بمحض الصدفة، بعد شراء جمال مبارك الدين، تقرر سداده بالكامل (من حوالات الدعم الخليجي لمشاركة مصر في حرب الخليج). فيربح جمال تسعين سنت على جميع دولار.
ملك الملوك إذا وهب، لا تسألن عن السبب (حكمة منقوشة على جدران الكثير من محلات عصير القصب).
الهامش
وصلات خارجية
- أحمد شلبي (2012-03-21). "مصادر قضائية: النيابة تحقق مع «مبارك» في قضايا «أمن قومي» و«شراء ديون مصر»". المصري اليوم.