ريموند صاموِل توملنسون Raymond Samuel Tomlinson ‏(23 أبريل 1941 –خمسة مارس 2016) كان مبرمجاً أمريكياً أنشأ أول نظام بريد إلكتروني على شبكة أرپانت، سابقة الإنترنت، في 1971. وكان أول نظام قادر على إرسال البريد بين مستخدمين على حواسب مختلفة مربوطة بـأرپانت. قبل ذلك، كان يمكن إرسال بريد فقط إلى آخرين على نفس الحاسوب.) ولتحقيق ذلك، فقد استخدم العلامة @ لفصل اسم المستخدم عن اسم الماكينة، والتي أصبحت صيغة العناوين الإلكترونية منذ ذلك الحين.قاعة مشاهير الإنترنت في معرض سردها لإنجازه علّقت: "برنامج توملنسون للبريد الإلكتروني خلقت ثورة كاملة، غيرت بشكل أساسي كيفية تواصل البشر".

تخرج راي توملينسون في العام 1965 في معهد مساتشوستس للتكنولوجيا وعمل بعد ذلك ضمن فريق شركة (بي بي إن) في ولاية ماساشوستس الأمريكية لايزال راي توملينسون يعمل في الشركة ذاتها، بي بي إن، التي ابتاعتها في العام (2002) شركة جي تي إي وضمتها إلى مجموعتها.

الحياة المهنية

تخرج ري توملينسون في العام 1965 في معهد مساتشوستس للتكنولوجيا، وعمل بعد ذلك ضمن فريق شركة "بي بي أن" في ولاية ماساشوستس. ومنذ ذلك التاريخ والأحداث تبدووكأنه ارتبت نفسها بحيث تقوده إلى إحدى المصادفات التاريخية الاستثنائية. وهذا ما وقع حقاً، إذ قادت هذه المصادفات توملينسون نحواختراعه الذي لم يكن مطلقاً ضمن جدول أعماله، وذلك بعكس بقية اختراعاته، التي كانت تخضع للدراسات المسبقة، وكان يقوم بها إما عن سابق إصرار، أوبطلب من الشركة التي يعمل لديها.

جوائز ومكافآت

في عام 2000 حصل توملينسون على جائزة جورج ر. ستيبيتز في ريادة الحاسوب من المتحف الأمريكي للحاسوب (بالتعاون مع قسم فهم الحاسوب من جامعة ولاية مونتانا). وفي عام 2001 حصل على جائزة ويبي من الأكاديمية الدولية للفنون الرقمية والعلوم بسبب انجازه الاستثنائي الذي غير مسار حياة العالم للأفضل. وتم ادخاله في السنة ذاتها (2001) في قاعة مشاهير خرّيجي جامعة رينسلير. وفي العام التالي (2002) قامت مجلة Discover بمنحه جائزة الإبداع.

بعد عامين من آخر جائزة حصل عليها في 2002، تلقى توملينسون من معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات (IEEE) جائزة الإنترنت مع زميله ديڤ كروكر.

في عام 2009، تم منحه جائزة أمير أستورياس مع مارتن كوپر تكريماً لجهوده في البحث الفهمي في مجال العلوم والتقنيات.

وبحلول عام 2011 تم ادراجه على لوحة "أفضل 150 اختراع وفكرة" من معهد مساشوستس للتكنولوجيا وقد احتل المرتبة الرابعة من بين الـ 150 مرتبة.

إنجاز

في شهر يوليومن العام 1982 أوفد ري توملينسون أول رسالة إلكترونية في التاريخ وقد وصلت الرسالة إلى العنوان الذي أُرسلت إليه على الفور، فقد أوفدها ري لنفسه ولا يذكر توملينسون ما كانت تحتويه الرسالة بالضبط، جميع ما يذكره أنها كانت تجميعاً لعدد من الأحرف التي خطت في صورة عشوائية مكونة حدثة "QWERTYIOP"، أوشيء من هذا القبيل.

اختارت وزارة الدفاع الأمريكية شركة "بي بي أن" التي يعمل فيها توملينسون، لتقوم ببناء "أرپانت" – ARPANET – وهي الأحرف التي ترمز إلى الشبكة التي تربط المعاهد الفهمية والجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية بعضها بعضاً، وتجعلها على اتصال فيما بينها فقط. وذلك على غرار الشبكات المحلية التي تربط بين أجهزة الكمبيوتر في مؤسسة واحدة حالياً. واليوم يطلق على تلك الشبكات المحلية الأولى اسم "جدة الانترنت". فقد كانت تلك هي الشكل الأول أوالتجربة الأولى على ما أصبح يعهد اليوم بشبكة الإنترنت، فشبكة اليوم هي ابنة "جدة الانترنت" الشرعية.

شارك توملينسون في تصميم تلك الشبكة ببرنامج سهل لكتابة الرسائل يدعى SNDMSG وذلك لكي يتمكن العاملون عبر شبكة "أربانت" من حتى يهجروا من خلاله رسائل لبعضهم البعض الآخر. وهذا البرنامج لا يرقى إلى مستوى البريد الإلكتروني الحالي بطبيعة الحال، ولكنه كان خطوة مهمة على الطريق إليه. وأهمية هذا البرنامج أنه يصنع ملفاً توضع فيه الرسالة، وهوما يعني أنه لا يستعمل إلا بين شخصين أوأكثر يشهجرون في جهاز كمبيوتر واحد. من تلك الأجهزة التي كانت متوافرة في المعاهد والجامعات المشهجرة بشبكة آربانت، فالكمبيوترات الشخصية لم تكن قد ظهرت بعد. حيث كان عليه حتى ينتظر حتى عام 1981 لتظهر محدثة التحول الأكبر في عالم التكنولوجيا الحديثة التي تسيطر على عالمنا اليوم.

يقول توملينسون "لم يكن صندوق البريد إلا ملفاً يخط فيه المستخدم رسالته، ولا يمكن للقارئ إعادة الكتابة عليه أوتحريره، يمكنه قراءته فقط". وكما ذكرنا، فقد كان الهدف هجر الرسائل من الشخص الذي انتهى عمله على الجهاز للشخص الذي سيتولى أمره من بعده، من دون الحاجة للقاء. في هذه الأثناء كان توملينسون قد صمم برنامجاً آخر يدعى "سيبنت" – يسمح بنقل الملفات من جهاز كمبيوتر إلى آخر على حتىقد يكون الجهازان مرتبطين بشبكة أربانت.

"إن لم تجد رابطاً ما بين هذين البرنامجين فأنت لست مخترعاً". مثل هذه العقلية الفذة التي تربط بين المخترعات المتنوعة كانت متوافرة عند توملينسون، وهي التي جعلته يفكر بالبريد الإلكتروني. "الأمر واضح: إنها مسألة تقارب فكرتين معاً". فهناك برنامج S NDMSG وهوبرنامج لكتابة الرسائل على الكمبيوتر نفسه، وبرنامج CYPNET وهوبرنامج ينقل الملفات من كمبيوتر إلى آخر. إذن لما لا يصبح كلا البرنامجين برنامجاً واحداً، برنامجاً ينقل الرسائل إلكترونياً من جهاز كمبيوتر إلى آخر،يا ترى؟ في هذه اللحظة ولد البريد الإلكتروني، في ذهن توملينسون أولاً. ولم يحتج الأمر إلا إلى "إضافة الحلقة الناسيرة"، كما يقول توملينسون.

والحلقة الناسيرة كانت دمج برنامج CYPNET الذي ينقل الملفات، ببرنامج SNDMSG الذي يخط الرسالة، وكان نتاج هذا الاندماج البريد الإلكتروني.

إشارة @ تبعث من العدم أتاح هذا الابتكار الفرصة للجميع لاستخدام البريد الإلكتروني، ولكن المشكلة حتى الرسالة كانت حتى ذلك الوقت لا تحمل أي مرشد على مكان مرسلها. وكانت هذه المشكلة هي التي أرقت توملينسون، فشبكة "أربانت" موزعة على 15 جهازاً في أماكن متفرقة من الولايات المتحدة، منها ماهوموجود في ماساشوستس، حيث مقر شركة "بي بي إن" التي يعمل فيها توملينسون، هذا التشتت هوالذي جعل توملينسون يفكر في ابتكار رمز يوضع بين اسم المرسل والمسقط الذي يفترض حتى ترسل منه الرسالة. "تأملت لوحة المفاتيح. حاولت العثور على رمز لا يستعمله الأشخاص عادة ضمن أسمائهم، لم أرد حتىقد يكون هذا الرمز رقماً. فكان الرمز @ هوما اخترته من الرموز الموجودة على لوحة المفاتيح. إنه حرف الجر الوحيد الموجود على اللوحة". وبالطبع فإن هذا الرمز الذي سقط اختيار توملينسون عليه يقرأ على أنه حرف الجر " at" باللغة الإنجليزية والذي يشير إلى المكان الذي تنطلق منه الرسالة.

لم يتسقط توملينسون أبداً حتىقد يكون لهذا الرمز الذي اختاره الأثر الذي يظهر عليه الآن، حيث بات حرفاً قائماً بذاته، يستخدم ضمن أسماء الشركات وعلى اللوحات الإعلانية، مثل أي حرف آخر. "لقد استغرق الأمر ما بين 20 و40 ثانية للتفكير". ما كان يقصده توملينسون هوحتى يوضح المرسل مكان وجوده عند إرسال الرسالة، وليس أكثر. أي أنه يضع الرمز بين اسمه ومكان وجوده، فيتضمن العنوان اسم المرسل ومكان وجوده.

بعد هذا الاختيار ارسل توملينسون أول رسالة إلكترونية لنفسه، من جهاز كمبيوتر إلى جهاز آخر، وكان الجهازان بطبيعة الحال مرتبطين بشبكة "أربانت" وكانا موجودين في مقر شركة "بي بي إن" التي يعمل فيها توملينسون في ماساشوستس. كانت الرسالة كما ذكرنا تجميعاً لأحرف تشكل معاً حدثة QWERTYIOP أوشيء من هذا القبيل، وهي حدثة لا تعني شيئاً.

لم ينشر توملينسون اختراعه على الملأ فوراً، وطلب من مساعده بريتشفيل ألا يخبر أحداً عن الموضوع، فلم يطلب منه أحد مثلاً هذا الاختراع. لكن قلق توملينسون سرعان ما زال عندما أبلغه زميل ثالث يدعى لاري روبرتس أنه سيستخدم اختراعه. وخلال فترة وجيزة بات اختراع تولمينسون وسيلة اتصاله المثلى بالزملاء الآخرين واتصالهم ببعضهم البعض الآخر، ولم يمض الكثير من الوقت حتى اكتسح اختراع توملينسون الجديد مستخدمي "أربانت"، وجلهم من المحاضرين في الجامعات الأمريكية، وأظهرت الدراسات التي أجريت في تلك الفترة حتى 75 في المائة من الاتصالات في شركة "أربانت" كانت تتم باستخدام البريد الإلكتروني الجديد. الذي يرى توملينسون حتى أبرز ما فيه هوحتى استخدامه لا يشترط وجود أي من مرسل الرسالة أومستقبلها، كما هوالحال في اختراع الهاتف مثلاً.

لا يزال ري توملينسون يعمل في الشركة ذاتها، "بي بي إن"، التي ابتاعتها في العام الماضي شركة "جي تي إي" وضمتها إلى مجموعتها. وينصب عمل توملينسون الآن على تطوير برمجيات التجارة الإلكترونية، لجعلها أكثر أمناً، وعلى رغم أنه غيّر باختراعه العالم، فإنه لم يتغير، بل إذا ذلك لم يزده إلا تواضعاً، فمخطه في كيمبردج في ولاية ماساشوستس، لا يثير الاهتمام أبداً. ولم تجعله فكرة ثراء بعضهم بالاعتماد على اختراعه هونادماً على شيء. يقول وهويضحك "عادة ما ينتهي الابتكار بمكافأة. لكن هذا الابتكار كان استثناء!".

واختفت "أربانت" وظهرت شبكة جديدة إلى حيز الوجود، هي شبكة الإنترنت، وأصبح مئات الملايين حول العالم يستخدمون البريد الإلكتروني ويعهدون الرمز @ حق الفهم.

ولم يبق من أصل البريد الإلكتروني الذي ابتكره توملينسون إلا المبادئ الأساسية. فاستخدام البريد الإلكتروني ضمن شبكة يشغلها الآلاف لا يقارن أبداً بالبريد الإلكتروني الذي ينتقل ضمن شبكة تضم مئات الملايين من المستخدمين.

الفرق بين الإنترنت وأربانت، من الممكن كان السبب في ضياع حق ري توملينسون، بالشهرة على الأقل. فـ "جدة الانترنت" "أربانت"، شبكة محلية، وبذلك فهي ليست مجالاً رحباً يمكن للجميع الاسفادة منه كما هوالحال بالنسبة للإنترنت لذلك لم ينتشر ابتكار توملينسون إلا بين فئة ضيقة من مستخدموشبكة أربانت الذين لا يقارنون أبداً بأعداد مستخدمي شبكة الإنترنت الذين وصل عددهم إلى المليار مستخدم ولعل هذا هوما جعل توملينسون لا يقدر مدى أهمية اختراع، يستخدمه عدد محدود من الأشخاص.

انتهت تلك الفترة، وبدأت فترة جديدة، هي فترة الإنترنت، التي تعني بالإنكليزية الشبكة العالمية، حيث لا مجال لفئة ضيقة احتكار استخدامها، ولأن توملينسون لم يسجل البريد الإلكتروني كاختراع باسمه، ويحصل بالتالي على براءة اختراع، كما عمل ويعمل الكثيرون، بات البريد الإلكتروني دون مالك، وانتشر بين جميع مستخدمي الإنترنت، وذلك بعكس العدد المحدود الذي كان يستخدم "آربانت" وبقي البريد الإلكتروني اختراعاً من دون مخترع، يستخدمه الملايين حول العالم من خلال استخدامهم لشبكة الإنترنت.

وكما ساعدت الإنترنت على انتشار البريد الإلكتروني، فإنها ساعدت في اللقاء على ضياع اسم ري توملينسون. والسرعة الرهيبة التي انتشرت من خلالها كوسيلة اتصال معلوماتية حديثة، لم تدع مجالاً أمام توملينسون للتفكير في مدى أهمية اختراعه، الذي فكر فيه وأحسن استغلاله القائمون على مسقط هوت ميل H otmail، التابع لشركة مايكروسوفت، والذين قدموا البريد الإلكتروني خدمة مجانية للمشهجرين في الشبكة، مراهنين على حتى هذا الاختراع هواختراع المستقبل، ولقد نجحوا في كسب الرهان.

واليوم، يستخدم ملايين الأشخاص حول العالم البريد الإلكتروني، وقلة منهم فقط تذكر صانعه ري توملينسون الذي توصل إلى اختراعه مصادفة، تماماً مثل عشرات الاختراعات التي غيرت وجه التاريخ، وهوما يتضح من خلال هذا الاستخدام الواسع له. ولا شك في حتى ذلك يؤكد حتى هذا الابتكار كان حتمياً، وأنه لولم يوجد، لكان من الضروري إيجاده. وأن كان جميع اختراع على هذه الدرجة من الأهمية يذكر ويذكر معه صاحبه فإن البريد الإلكتروني يذكر وكأن وجوده من طبيعة الأمور، أما صاحبه فلا أحد يكترث له أوبه حتى لوكان على درجة من العبقرية مثل راي توملينسون الذي لم يستغرق منه ابتكار وسيلة الاتصال هذه التي غيرت وجه التاريخ سوى 30 ثانية.

الهامش

وصلات خارجية

• Tomlinsons' E-mail page
• NPR Story on Ray Tomlinson
• Biography
• H@ppy birthday to you at BBC on Ray Tomlinson and @ Symbol
• Motherboard.tv Interview: Ray Tomlinson Sent the First Email, But His Inbox Is Still a Mess