علقمة بن علاثة العامري

علقمة بن علاثة الكلابي من فرسان العرب واشرافهم بالجاهلية وله صحبة مع النبي ، وهوصاحب المنافرة الشهيرة مع أبن عمه عامر بن الطفيل

نسبه

هوعلقمة بن علاثة بن عوف بن الأحوص بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة الكلابي من بنوعامر بن صعصعة من هوازن وكان احد أشراف العرب

أخباره

بعث عليّ بن أبي طالب إلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم بمضى من اليمن فقسمها بين أربعة رجال:

عيينة بن حصن والأقرع بن حابس، وعلقمة بن علاثة، وزيد الخير .

نطق الشَّافِعِيّ: حدثني غَيْرُ واحد أنَّ عامر بن الطفيل وعلقمة بن عُلاثة تنافرا؛ فنطق علقمة: لا أنافرك على الفروسية؛ أنْتَ أشدُّ بأسًا مني. فنطق عامر: لا أنافرك على الكرم، أنتَ رجل سخِيّ. فنطق علقمة: لكني موف وأنت غادر، وعفيف وأنتَ عاهر، ووالد وأنت عاقر أي عقيم ليس له ولد .
نطق محمد بن سلمة: كنا يومًا عند رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فنطق: "يا حسان بن ثابت أنشِدْني مِنْ شِعْر الْجَاهِليَّةِ". فأنشده قصيدة الأعشى التي هجا بها عَلْقَمة بن عُلاثة، ومدح عامر بن الطفيل؛ فنطق: "يَا حَسَّانُ، لَا تَعُدْ تُنْشِدُنِي هَذِهِ القَصِيدَةِ". فنطق: يا رسول الله، تنهاني عن رجل مُشرك مُقيم عند قَيْصر؛ فنطق: "إنَّ قَيصَرَ سألَ أبَا سُفْيَانَ عَنّي فَتَنَاوَلَ مِنِّي، وسألَ عَلْقَمَةَ فأحَسَنَ القَوْلَ، فَإنَّ أشْكَرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ أشْكَرُهُم لله تَعَالَى" .
ذكر البلاذري أنَّ سبب قدوم علقمة على قيصر أنه بلغه موْتُ أبي عامر الراهب، فقدم هووكنانة بن عبد ياليل الثقفي في طلب ميراثه، فأعطاه لكنانة لكونه من أهل المدَر، ولم يعطه لعلقمة.
كان علقمة بن عُلاثة تنافر مع عامر بن الطفيل، فخرج مع عامر: لبيد، والأعشى، ومع علقمة: الحطيئة، فحكَّمَا أبا سفيان بن حرب، فأبى حتى يحكم بينهما، فأتَيا عُيْينة بن حِصْن فأبى؛ فأتيا غَيلان بن سلمة الثقفي، فردّهما إلى حرملة بن الأشعري المري، فردهما إلى هرم بن قطبة الفزاري، فلما نزلا به نطق: لأفضينَّ بينكما، ولكن في العام المقبل، فانصرفا.

ثم قدما فبعث إلى عامر سرا فنطق: أتنافر رجلًا لا تفخر أنتَ وقومك إلا بآبائه، فكيف تكون أنْتَ خيرًا منه،يا ترى؟ فنطق: أنشدك الله أنْ تفضله علي، وهذه ناصيتي جزها، واحكم في مالي بما شئت، أوفسوبيني وبينه. ثم بعث إلى علقمة سرا، فنطق: كيف من الممكن أن تفاخر رجلًَا هوابن عمك، وأبوه أبوك، وهوأعظم قومك غناء،يا ترى؟ فنطق له كما نطق له عامر. فأوفد هرم إلى بنيه: إني قائل منطقة، فإذا فرغت منا فلينحر أحدكم عن علقمة عشرا، ولينحر آخر عن عامر عشرا، وفرقوا بين الناس. فلما أصبح نطق لهما جهارا: لقد تحاكمتما إلي، وأنتما كركبتي البعير يقعان معا، وكلاكما سيد كريم، ولم يفضل، فانصرفا على ذلك. ومدح الأعشى عامرا، وفضله على علقمة بأبيات مشهورة منها:

سُدْتَ بَنِي الأحْوَصِ لَمْ تَعُدْهُمْ

وَعَامِرٌ سَادَ بَنِي عَامِرِ

فنذر علقمة دمَ الأعشى، فاتفق أنه ظفِر به، فأنشد قصيدة نقض بها الأولى يقول فيها:

عَلْقَمُ يَا خَيْرَ بَنِي عَامِرٍ

لِلضَّيفِ وَالصَّاحِبِ وَالزَّائِرِ

ونطق لَبِيدٌ: لئن مَنَنْتَ عليّ لأمدحنك بكل بيت هجوتك به قصيدة، فأطلقه.

ونطق عمر بن الخطاب لهرم بن قطبة: مَنْ كنت تفضل لوفضلت،يا ترى؟ فنطق: لوقلت ذلك لعادت جذعة. فنطق عمر: نعم مستودع أنت مثل هذا، فلتسوده العشيرة.

نطق هِشَامُ بْنُ الكَلْبِيِّ: حدثني جعفر بن كلاب أنَّ عمر بن الخطاب ولى علقمة حوران فنزلها إلى حتى مات، وخرج إليه الحطيئة فوجده قد توفي وأوصى له بجائزة، فرثاه بقصيدة منها:

فَمَا كَانَ بَيْنِي لَوْ لَقِيتُكَ سَالِمًا

وَبَيْنَ الغِنَى إلَّا لَيَالٍ قَـــلَائِلُُُ

لَعَمْرِي لَنِعْمَ المَرْءِ مِنْ آلِ جَعْفَرٍ

بِحَوْرَانَ أمْسَى أدْرَكَتْهُ الحَبَائِلُ

فنطق للحطيئة أحد أبناء علقمة : كم ظننت حتى أبي يعطيك،يا ترى؟ نطق: مائة ناقة. نطق: فلك مائة ناقة يتبعها أولادها.

نطق أبُوعبيدة: استهلك علقمة الخمر، فحدّه عُمر، فارتد، ولحق بالروم، فأكرمه ملك الروم، ونطق: أنت ابْنُ عم عامر بن الطفيل! فغضب. ونطق: لا أراني أعهد إلا بعامر؛ فرجع وأسلم.
نطق‏‏ عبد الله بن عمر بن الخطاب بينما النبي صلى الله عليه وسلم يتسحر، فلما فرغ من سحوره، اتى علقمة بن علاثة الكلابي فدخل عليه، فنادى له النبي صلى الله عليه وسلم برأس، فبينما هويأكل إذ اتىه بلال بن رباح يؤذن فنطق النبي ‏رويدك يابلال حتى يفرغ علقمة من سحوره ‏.

منافرته الشهيرة مع عامر بن الطفيل

أول ما هاج النفار بين عامر بن الطفيل وعلقمة بن علاثة ( وهم أبناء عمومة ) حتى علقمة كان قاعدا ذات يوم يتبول , فبصر به عامر بن الطفيل .

فنطق عامر بن الطفيل : لم أرى كاليوم عورة أقبح من عورة هذا الرجل .

فنطق علقمة بن علاثة أما والله ما وثبت على جارتها, ولا تنازل كِناتها _ يقصد عامر _ .

فنطق عامر وما أنت والقروم،يا ترى؟ ( القروم سادة القوم ) والله لفرس أبي حيوة أذكر من أبيك وفحل أبي غيهب أعظم ذكرا منك في نجد .

فنطق علقمة أما فرسكم فغارة, وأما فحلكم فعارة, ولكن إذا شئت نافرتك .

فنطق عامر قد شئت، ثم نطق عامر : والله لأنا أكرم منك حسبا, وأثبت منك نسبا, وأطول منك قصبا .

فنطق علقمة لأنا خير منك ليلا ونهارا .

فنطق عامر لأنا أحب إلى نسائك حتى أصبح فيهن منك وأنافرك على أني أنحر منك للقاح وخير منك في الصباح وأطعم منك في السنة الشياح .

فنطق علقمة أنت رجل تقاتل, والناس يزعمون أني جبان, ولأن تلقى العدووأنا أمامك أعز حتى تلقاهم وأنا خلفك, وأنت جواد, والناس يزعمون أني بخيل, ولست كذلك, ولكن أنافرك أني خير منك أثرا ( أي عقبا ) وأحد منك بصرا, وأعز منك نفرا, وأشرف منك ذكرا .

فنطق عامر : ابن لابني الأحوص ( يقصد قوم علقمة ) فضل على بني مالك ( يقصد قومه) في العدد, وبصري ناقص, وبصرك سليم ولكني أنافرك على أني أنشر منك أُمة, وأطول منك قمة, وأحسن منك لمة, وأجعد منك جمة, وأبعد منك همة .

فنطق علقمة : أنت رجل جسيم, وأنا رجل قضيف ( أي نحيف ), وأنت جميل, وأنا قبيح, ولكني أنافرك بآبائي وأعمامي .

فنطق عامر : آباؤك أعمامي ولم أكن لأنافرك بهم ولكني أنافرك أني خير منك عقبا وأطعم منك في السنة جدبا .

فنطق علقمة : قد فهمت حتى لك عقبا في العشيرة, وقد أطعمت طيئا إذا سارت, ولكني أنافرك أني خير منك, وأولى بالخيرات منك, وقد أكثرنا المراجعه منذ اليوم .

ثم خرجت أم عامر بن الطفيل, وكانت تسمع كلامهما, فنطقت : ( يا عامر, نافره إيكما أولى بالخيرات .

نطق عامر : والله لأنا أركب منك في الحماة, وأقتل منك للكماة, وخير منك للمولى والمولاة .

فنطق علقمة : والله إني لبر ٌ وإنك لفاجر, وإني لوفي وإنك لغادر, ففيما تفاخرني يا عامر ؟! .

فنطق عامر : والله إني لأنزل منك للقفرة, وأنحر منك للبكرة, وأطعم منك للهبرة, وأطعن منك للنثرة .

فنطق علقمة : والله إنك لكليل البصر, نكد النظر, وثاب على جارتك بالسحر .

فنطق بنوخالد بن جعفر لعلقمة ( وهم ابناء عمومة علقمة وعامر ولكنهم يميلون لبني الأحوص قوم علقمة على بني مالك بن جعفر قوم عامر ) لن تطيق عامر ولكن قل له أنافرك بخيرنا وأقربنا لللخيرات .

فنطق علقمة ذلك لعامر بن الطفيل .

فنطق عامر : عنز وتيس, وتيس وعنز, ( فمضىت مثلا )

ثم تنافرا على مئة من الإبل إلى مئة من الإبل تعطى الحكم بينهما, أيهما نفر عليه صاحبه أخرجها, فتنافرا إلى أبي سفيان ابن حرب بن أمية, فلم يقل بينهما شيئا, وكره ذلك لمكانتهما, ومكانة عشيرتهما, ونطق ( أنتما كركبتي البعير الأدرم, فنطقا : فأينا اليمين ،يا ترى؟ فنطق : كلاكما يمين, وأبى حتى يقضي بينهما, فانطلقا إلى أبي جهل بن هشام, فأبى حتى يحكم بينهما، ثم أتيا إلى عيينة بن حصن ( وهوسيد فزارة من غطفان فأبى حتى يقول بينهما شيئا, فأتيا غيلان ابن سلمة بن متعب الثقفي, فردهما إلى حرملة بن الأشعر المري, فردهما إلى هرم بن قطبة بن سنان بن عمروالفزاري ، فانطلقا حتى نزلا به, ونطق بشر ابن حبان بن سلمى : أنهما ساقا الإبل حتى أتنت وأربعت ولا يأتيان أحدا إلا هاب حتى يقضي بينهما, فنطق لهم هرم لما أتوه : لعمري لأحكمن بينكما, ثم لأفصلن, ثم لست أثق بأحد منكما, فأعطياني موثقا أطمئن إليه, حتى ترضيا بما أقول, وتسلما لما قضيت بينكما, فعاهدوه على ذلك, فأمرهما بالإنصراف, فخرج / علقمة ببني الأحوص فلم يتخلف منهم أحد ومعهم القباب والجزر والقدور, وينحرون في جميع منزل ويطعمون, وجمع عامر قومه بني مالك فنطق : إنما تخاطرون عن أحسابكم فأجابوه وساروا معه, ثم أقاموا أياما في مقر الإحتكام عند هرم بن قطبة, فأوفد هرم إلى عامر فأتاه سرا لا يفهم به علقمة, فنطق له : ياعامر, قد كنت أرى لك رأيا وأن فيك خيرا, وما حسبتك هذه الأيام إلا لتنصرف عن صاحبك, أتنافر رجلا لا تفخر أنت وقومك إلا بآبائه ؟! فما الذي أنت به خير منه ؟! فنطق / عامر : نشدتك الله والرحم حتى لا تفضل علي علقمة, فوالله لئن عملت لا أفلح بعدها أبدا, هذه ناصيتي فأجززها, واحتكم في مالي فإن كنت لا بد فاعلا فسوي بيني وبينه .

فنطق له هرم: انصرف فسوف أرى رأيي, فخرج عامر وهولا يشك أنه سينفره عليه ( أي سينفر علقمة عليه ) ثم أوفد هرم إلى علقمة سرا لا يفهم به عامر ، فأتاه, فنطق له : يا علقمة والله أني كنت أرى فيك خيرا, وأن لك رأيا, أتفاخر رجلا هوابن عمك في النسب وأبوه أبوك, وهومع هذا أعظم قومك غناءً, وأحمدهم عاقبة ؟! فما الذي أنت به خير منه ؟

فنطق له علقمة : نشدتك الله والرحم حتى لا تنفّر علي عامرا, أجزز ناصيتي واحتكم في مالي وإن كنت لا بد فاعلا فسوّ بيني وبينه, فنطق له : انصرف فسوف أرى رأيي, فخرج وهولا يشك أنه سيفضل عليه عامرا .

ويروى حتى هرم بن قطبة نطق لعامر حين نادىه : ياعامر, كيف من الممكن أن تفاضل علقمة . فنطق عامر : ولم ياهرم ،يا ترى؟ فنطق له : لأنه أنجل منك عينا في النساء, وأكثر منك نفيرا عند ثورة النادىء ( يقصد الفزع للمعركه والقتال ) . نطق عامر : هل غير هذا ،يا ترى؟ نطق : نعم هوأكثر منك نائلا في الثراء, وأعظم منك حقيقة عند النادىء .

ثم نطق لعلقمة : كيف من الممكن أن تفاضل عامر , فنطق علقمة : ولم ياهرم ،يا ترى؟ فنطق هرم : لأنه أنفذ منك لسانا, وأمضى منك سنانا, فنطق علقمة, فهل غير هذا, فنطق نعم : هوأقتل منك للكماة, وأفك منك للعناة .

ولما أصبح القوم توافدوا إلى هرم وهوفي مجلسه, وأقبل الناس, ثم قام هرم ونطق : يا بني جعفر, قد تحاكمتما عندي, وأنتما كركبتي البعير الأدرم تقعان معا, وليس فيكما أحدٌ إلا وفيه ماليس في صاحبه، وكلاكما سيد كريم . وانتهت المنافرة