عقيلة راتب (23 مارس 1916 - 22 فبراير 1999) فنانة وممثلة مصرية راحلة.

حياتها

هي كاملة محمد تام من مواليد حي الجمالية، القاهرة، مصر العام 1916. تخرجت من مدرسة التوفيق القبطية. وغيرت اسمها لإن أباها الدبلوماسي رفض عملها في الفن، حيث كان يتمني حتى تكون إبنته دبلوماسية، لكنها خيبت أمله، وإختارت الفن رغما عنه، فأصيب بالشلل حزناً. اشتهرت في بدايتها بصوتها الجميل والذي قدمته من خلال فرقتي علي الكسار وعزيز عيد الغنائيتين المسرحيتين في القاهرة. أختارها زكي عكاشه لتكون بطلة فرقته المسرحية في الكثير من الأعمال منها مطرب العواطف، حلمك ياشيخ علام، الزوجة آخر من تفهم، أيضا لها أدوار سينمائية مميزة منها زقاق المدق، حب ودموع ، والقاهرة 30 ، لا تطفئ الشمس، ليلة زفاف، الأفوكاتومديحة، والأستاذة فاطمة.

قدمت مايزيد عن 60 فيلما في السينما المصرية، منها بواب العمارة، "غدا يعود الحب"، "الفرسان الثلاثة" وكان آخر أفلامها الفاتنة والصعاليك العام 1976 من اخراج حسين عمارة. كما قدمت عددا من الأعمال المسرحية منها "مصير الحي يتلاقى" و"الزوجة آخر من يفهم" ومن أشهرها "هدى" و"ملكة الغابة".

سيرتها

كاملة محمد تام شاكر من مواليد 23 مارس عام 1916 بحى الضاهر لأب دبلوماسي ومن كبير موظفي وزارة الخارجية المصرية وكان احد ثلاثة مصريين فقط يعملون في الخارجية حيث كان معظم دبلوماسيها وموظفيها من الأجانب.. أما الأم فهي من عائلة هجرية عريقة وكاملة هي ابنتها الوحيدة ولها ثلاثة شقيقات أخريات من أبيها من زوجة أخرى.

تلقت كاملة دراستها في مدرسة التوفيقية القبطية بالقاهرة وفي المدرسة ظهرت مواهبها الفنية التي بدأتها بالغناء وكانت تتميز بحلاوة الصوت كما برعت في التمثيل وشاركت في جميع الحفلات الفنية تمثيلا وغناء أثناء دراستها.

بدأت عقيلة راتب مشوارها الفني من خلال فرقة عكاشة المسرحية الشهيرة حين رآها صاحب الفرقة زكي عكاشة تمثل وتغني في إحدى حفلاتها المدرسية وعرض عليها حتى تكون بطلة لفرقته رغم حتى عمرها في ذلك الوقت لم يصل إلى 15 عاما فوافقت على الفور ولكن ما حتى فهم أبيها برغبتها في العمل بالفن حتى هاج وماج ورفض بإصرار حتى تكون ابنته فنانة فهوكان يعدها لتعمل بالسلك الدبلوماسي وانه لا يسمح مطلقا حتى تكون ابنته التي تنتمي لعائلة عريقة حتى تكون ممثلة أوفنانة ورغم صداقة الأب لزكي عكاشة إلا حتى الأخير فشل في إقناعه هنا تدخلت عمتها فاطمة وأخذتها لتعيش معها حتى تقنع أخيها والد عقيلة بأن تعمل الابنة بالفن ولا خوف عليها من هذا المجال وفي جميع الحوارات الإعلامية لعقيلة راتب كانت دائما تشيد بدور عمتها فاطمة في حياتها وتقول إنها لولا وقوفها إلى جانبها ما دخلت إلى عالم الفن.

استمرت المحاولات من جانب زكي عكاشة والعمة فاطمة على مدى شهرين في إقناع الأب وتدخل أيضا الفنان الكبير علي الكسار حيث كان على فهم بوالدها في إقناعه وفي النهاية وافق الأب بعد حتى أقنعه عكاشة والكسار بان ابنته ستكون في حمايتهما وبمثابة ابنة لهما واشترط الأب حتى تبحث ابنته عن اسم فني حتى لا تظهر باسمها الحقيقي حفاظا على مكانة وسمعة العائلة فاختارت كاملة اسم عقيلة وهواسم صديقة لها واسم راتب وهم اسم شقيقها الراحل وأصبح اسمها عقيلة راتب ومن هنا بدأ مشوار احترافها للفن من خلال المسرح وفرقة عكاشة , ثم سرعان ما انتقلت إلى فرقة علي الكسار وكان بانتظارها بطولة مسرحية ملكة الغابة التي شاركها بطولتها المطرب والممثل حامد مرسي وكانت عقيلة تمثل وتغنى وحققت المسرحية نجاحا ساحقا وأصبحت عقيلة من نجمات المسرح والاستعراض رغم حتى عمرها في ذلك الوقت كان 15عاما فقط , إلا أنها كانت تتمتع بأنوثة مبكرة وجمال هائل وحضور رائع وشخصية قوية وجدية وصارمة لا تناسب سنها مما جعل الجميع يطلقون عليها لقب الفتاة الحديدية وهذا النجاح الضخم الذي حققته في بداياتها الفنية جعلها تستمر في عالم الفن لتكون واحدة من رائدات الفن المصري وصاحبة التاريخ الفني الحافل الذي امتد لأكثر من 50 عاماً.

زقابلا بحامد مرسي

لم تتزوج طوال حياتها إلا مرة واحدة وكانت من الفنان المطرب والممثل حامد مرسي وكانت الزوجة التاسعة لهذا الرجل الذي عهد كأشهر دون جوان على ساحة الفن والمجتمع المصري في العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات وكان معبود العذارى والمراهقات وهدفاً دائما لمطاردة الحسناوات أينما مضى وحل, ولم يكن ينافسه في ذلك إلا الموسيقار محمد عبد الوهاب لكن عهد عن حامد مرسي كثرة زيجاته وكما ذكرنا كانت عقيلة الزوجة رقمتسعة لهذا الدنجوان أومعبود النساء كما كانوا يلقبونه.

قبل الدخول إلى تفاصيل الزواج وكيف وقع نعرج قليلا إلى الزوج حامد مرسي ونلقى بعض الضوء على مسيرته الفنية ونشأته لنرى انه ولد في مركز إيتاي البارود بمحافظة البحيرة في دلتا مصر عام 1904 وتفهم في بداياته عندما أحس بحلاوة صوته حفظ وجود القرآن وأنشد القصائد والمدائح النبوية ثم سرعان ما ذاع صيته في جميع محافظات الوجه البحري بسبب حفلاته التي كان يغنى فيها وهوما جعله ينتقل إلى الإسكندرية حيث التقى بالموسيقار سيد درويش وظل يغني من ألحانه لعامين كاملين ثم انتقل للقاهرة بعد حتى عرضت عليه إحدى شركات الاسطوانات تسجيل عدد من الاسطوانات الغنائية له وعندما حقق النجاح والانتشار ولج إلى مجال التمثيل وتنقل بين الكثير من الفرقة المسرحية الغنائية وأصبح واحدا من أبرز نجوم الطرب والغناء في مصر في العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات بالإضافة إلى براعته في التمثيل.

نعود إلى قصته مع عقيلة راتب لنرى حتى اللقاء الأول بينهما كان من خلال بطولتهما لمسرحية ملكة الغابة والنجاح الكبير الذي حققته المسرحية وبدأ مرسى يشعر حتى هذه الفتاة الجميلة التي تشاركه البطولة قد جذبت قلبه واستولت على مشاعره وكانت مشاهد الحب التي قدمها في المسرحية معها يؤديها بمشاعر حقيقية وهنا أحس بأنه لابد وان يتزوج من هذه الجميلة خصوصا أنها أصبحت هدف الكثير من المعجبين بفنها وجمالها الساحر وحضورها الطاغي.

تحدث حامد مرسي مع علي الكسار في أمر زقابل من عقيلة فوافق الكسار وعرض الأمر على عقيلة فخافت بشدة من هذا الزواج لمعهدتها بسيرة حامد مرسي وإطلاق عليه لقب دنجوان عصره وأيضا حكايات زقابل وطلاقه التي لا تنتهي وتنقله من امرأة إلى أخرى.. في نفس الوقت كان هناك احد كبار الباشاوات الذي يعد من كبار رجال السلطة والذي كان يحضر المسرحية بانتظام سقط هذا الباشا ورجل السلطة في حب عقيلة وعرض أمر زقابل منها على الفنان علي الكسار الذي كان بمثابة أبيها الروحي وأصبح في يد الكسار فهناك اثنان يريدان الزواج من بطلة فرقته وعرض الأمر على عقيلة التي رفضت الزواج من الاثنين في البداية لكن مع كثرة إلحاح حامد مرسي ومع شعورها بمشاعر حقيقية في داخلها نحوه وافقت في النهاية على حتى تتزوج من حامد مرسي وفضلته على الباشا صاحب السلطة ورفضت صندوق مجوهراته الثمينة التي أهداها لها وفضلت حتى تتزوج بمن اختاره قلبها على الزواج من صاحب الثراء والسلطة والنفوذ وهوما جعل الباشا الكبير يثور ويغضب ويقرر الانتقام من فرقة علي الكسار بكاملها حيث اصدر أوامره بوقف المعونة المالية التي كانت تقدمها الحكومة المصرية للفرق المسرحية الجادة التي كانت تقدم فناً محترماً ومن بينها فرقة الكسار, إلا حتى الكسار لم يبال بتوقف هذا الدعم حيث كانت الفرقة تحقق رواجاً ماديا كبير نتيجة للنجاح الكبير التي كانت تحققه عروضها.

كان زواج عقيلة ومرسي في عام 1931 وكان عمرها يقترب من 16 عاما في حين كان هويكبرها بـ11عاما وبارك والدها الدبلوماسي هذا الزواج وكانت عقيلة سعيدة للغاية بفرحة أبيها بزقابلا وزادت الفرحة والسعادة مع إنجابها لابنتها الوحيدة أميمه التي حملت اسم تدليل عهدت به طوال عمرها هويويووفرح الأب الدنجوان حامد مرسي بابنته فرحا شديداً وظل محافظا على الوعد الذي بتره على نفسه لزوجته كشرط للزواج منه وهوحتى يكف عن مغامراته النسائية وان يستقيم في حياته كما حتى زواج عقيلة في هذه السن الصغير قد منع عنها أي شائعات أوتطاول يمس سمعتها مثلما كان شائعا في الوسط الفني حينها وربما إلى الأبد.

استغلت إحدى شركات الإنتاج السينمائي زقابلا من حامد مرسي وما أحدثه من ضجة في الوسط الفني والمجتمع المصري فرشحتها لبطولة فيلم اليد السوداء الذي كان أول أفلامها السينمائية وقدمت عقيلة بعد ذلك عدد من الأفلام التي شاركت حامد مرسي في بطولتها واستمرت حياتهما الزوجية هانئة سعيدة بصحبة ابنتهما الصغيرة التي كانت تكبر يوما بعد الآخر.. لكن ما هي إلا سنوات حتى عاد الدنجوان لسابق عهده لكنها تحملت نزواته وسهراته خارج المنزل وكانت تقول لنفسها ( إذا لم يكن زوجا مثاليا فكوني أنت زوجة مثالية وأخذت نفسها بالصبر..) لكن وفاة أبيها بعد ذلك أثرت في حالتها النفسية إلى حد كبير فأصبحت تضيق باستمرار بسهرات حامد مرسي خارج المنزل حتى نفذ صبرها وسقط اغرب حالة طلاق في الوسط الفني.

فعندما بدأت عقيلة تشكومن سهراته خارج المنزل وعودته لمغامراته وشطحاته التي عهدها الجميع عنه وحدث حتى كانت تجلس مع زوجها وابنتها يتناولون طعام العشاء وطلبت منه حتى يكف عن مغامراته وسهراته وان يغير أسلوب حياته ففوجئت به يقول لها في هدوء ما رأيك لوتطلقنا!! فما كان منها الا حتى ردت عليه وهي أكثر هدوءاً افترض أنها فكرة جيدة وسقط الطلاق بين حامد مرسي وعقيلة راتب بعد زواج استمر ما يقرب من ربع قرن.. هذا الزواج الذي احدث ضجة هائلة في الوسط الفني وكان نتيجته الابنة الوحيدة أميمة أويويو.

لم يكن الطلاق الهادئ عائقا في استمرار الصداقة بين حامد مرسي وعقيلة راتب حيث كان يزورها باستمرار ويطمئن على ابنته حتى أحست بانقطاع زياراته فمضىت مع ابنتها إلى منزله لتطمئن عليه فوجدته مريضا وحيداً فاقترحت عليه حتى يتزوج حتى تكون إلى جواره من يؤنس وحدته فوافق على الفور واختارت له عقيلة بنفسها زوجته رقمعشرة وكان ذلك أيضا حدثا تحدث عنه الوسط الفني حينها.

آخر العمر

قضت عقيلة راتب السنوات العشر الأخيرة من حياتها بعيدة عن الفن بعد حتى ضعف بصرها تماما بسبب إرتفاع ضغط العين والمياه البيضاء لكنها كانت تستمتع بصحبة ابنتها وأحفادها الأربعة ثلاثة أولاد وفتاة التي أنجبتهم ابنتها أميمة من زقابلا بالصحافي عبدالرحمن دنيا وزقابلا الثاني بجلال زكي رصيد عقيلة المسرحي يصل إلى 200 مسرحية من بينها "الزوجة اخر من تفهم، وحلمك يا شيخ علام"، أما الأفلام فقدمت عقيلة 60 فيلم من بينها "سيف الجلاد، السوق السوداء، ليلة زفاف، عائلة زيزي، الحل اسمه نظيرة، الحب وحده لا يكفي، البعض يمضى للمأذون مرتين، احترسي من الرجال يا ماما، أيام وليالي، حب ودموع، من غير وداع"، وكان أخر أفلامها عام 1987 وهوفيلم "المنحوس" والذي استكملت مشاهدها فيه بعد حتى فقدت نظرها.

قدمت خلال تاريخها الطويل للسينما أكثر من 60 فيلما بدأتها في منتصف الثلاثينيات حتى آخر أفلامها في منتصف الثمانينيات كما عملت مع جميع الفرق المسرحية التي شهدها التاريخ المصري وقدمت أكثر من 200 مسرحية تنوعت ما بين الاستعراضي والكوميدي والكلاسيكي وهي من رائدات الدراما التلفزيونية ومن الجيل الأول الذي عمل في التلفزيون المصري عند بداياته 1960 وشاركت في ما يزيد عن 350 حلقة من المسلسل الشهير عادات وتنطقيد كما حتى رصيدها الإذاعي حافل ومجيد فهي أيضا من رائدات الدراما الإذاعية وبالإضافة إلى جميع هذا هي الفنانة الجادة الوقورة التي لم تتنازل مطلقا طوال مسيرتها الفنية وهي التي عهد عنها الجميلة والعقلية المتزنة والقدرة الهائلة على عمل الخير ومساعدة الآخرين لذلك لم يكن غريبا حتى تحظى خلال مسيرتها الفنية بالكثير من الجوائز والتكريمات حيث كرمها ثلاث رؤساء لمصر وملك أيضا , فقد كرمها الملك فاروق في نهاية الأربعينيات وجمال عبد الناصر في عيد الفهم عام 1963 ومنحها وسام الدولة وأنور السادات في عيد الفن عام 1978 ومنحها أيضا وسام الدولة وكرمها الرئيس السابق حسني مبارك قبل وفاتها في عام 1999 كما حازت الكثير من الأوسمة والتكريمات من معظم الجهات الفنية والثقافية الرسمية في مصر.

من أشهر أعمالها التليفزيونية سلسلة "عادات وتنطقيد"، والتي تجاوز عدد حلقاتها الـ 300 حلقة، وكانت تنهي جميع حلقة منها بجملة "توبة والنبي توبة"، وارتبط الجمهور كثيرا بهذه الحلقات.

أحمد الجندى

وفاتها

توفيت عقيلة راتب في 22 فبراير العام 1999. ونالت في حياتها مجموعة من الأوسمة والجوائز من قبل الملك فاروق والرئيسين جمال عبد الناصر وأنور السادات. وحصلت علي جائزة من الرئيس محمد حسني مبارك عام 1998 قبل وفاتها.

مراجع