أندريا دل ڤروكيو

عودة للموسوعة

أندريا دل ڤروكيو

أندريا دل ڤـِرّوكيو
Andrea del Verrocchio
طوبيا والملاك رفائيل (Panel 84 x 66 cm) (المعرض الوطني، لندن)
اسم الميلاد Andrea di Michele di Francesco de' Cioni
وُلِد ح. 1435
فلورنسا، إيطاليا
توفي 1488
البندقية، إيطاليا
المجال تصوير، نحت
الحركة النهضة الإيطالية
Works طوبيا والملاك (تصوير)
تعميد المسيح (رسم - مع ليوناردودا ڤنشي)
المسيح مع القديس توماس (برونز)
Putto with a Dolphin (برونز)
داڤيد (برونز)
تمثال ممتطي لبارتولوميوكوليوني (برونز - صبه ليوپاردي)

أندريا دل ڤـِرّوكيو (ح. 1435-1488) وُلِد أندريا دي ميشله دي فرانشسكوده چيوني، كان نحات إيطالي، صائغ ومصور عمل في بلاط لورنزوده مديتشي في فلورنسا في مطلع عصر النهضة. قليل من الرسومات تُنسب إليه بثقة، ولكن عدد من الرسامين الهامين تدربوا في روشته. تلاميذه ضموا ليوناردودا ڤنشي، پييتروپروجينوولورنزودي كردي. أهميته الكبرى كانت كمثـّال وآخر أعماله، التمثال الراكب لبارتولوميوكوليوني في البندقية، يُعترف به عالمياً على أنه أحد روائع الفن.

كان لڤـِرّوكيو"عين حقة" وأوتي من الشجاعة ما أمكنه به حتى يعمل هذا الذي عجز عنه مينو، وأخرج أعظم آيتين من آيات النحت في عصره. أما رسومه هوفأكثرها جامد، ميتة؛ وقل حتى يوجد في صور عهد النهضة ما أبعث على النفور من صورة تعميد المسيح الذائعة الصيت؛ فالمعمد فيها متطهر متزمت، عنيد، والمسيح وهوعلى ما يظن في الثلاثين من عمره يظهر كأنه شيخ مسن؛ والملاكان اللذان إلى يساره فدمان فدامة نسوية، ومن هذه الصور صورة المَلَك التي كان من العادة حتى تعزى إلى ليوناردو؛ غير حتى صورة طوبياس والملائكة الثلاثة صورة ممتازة؛ وفي صورة الملك الوسطى ما يستبق رشاقة صور بتيتشلي ومزاجه، كما حتى صورة الشاب طوبياس تبلغ من الجمال حداً لا يسعنا معه إلا حتى نقول إنها هي صورة لورنزوأوحتى نقّر حتى داڤنتشي قد اخذ من طراز فيروتشيوفي التصوير أكثر مما كنا نظن. وثمة رسم لرأس امرأة محفوظ في كنيسة المسيح Christ Church بأكسفورد يوحي مرة أخرى بالتفكير السماوي الغامض الذي يطالعنا في صور نساء ليوناردو، كما حتى صور مناظر فيروتشيوالطبيعية القائمة تنبئ مقدماً بالصخور القاتم والمجاري الخفية الغامضة التي نشاهدها في آيات ليوناردوالخيالية الحالمة.

النشأة

ولد أندريا دي تشونه Andrea di Cione في فلورنسا، وحمل لقب معلّمه الصائغ جوليانوفيروكيوGiuliano Verrocchio، ويعدّ واحداً من ألمع المبدعين الإيطاليين في النصف الثاني من القرن الخامس عشر. عمل في حياته صائغاً ونحاتاً ومصوراً ورساماً للمناظر وموسيقياً. تتلمذ على يد النحات دوناتلوDonatello، وفي التصوير على يد ألـِسوبالدوڤينتي Alesso Baldovinetti، وكان أسلوبه الفني فجّاً وقاسياً كما كان يميل إلى الدقة في محاكاة الواقع.

اهتمّ في صغره بالعلوم كثيراً ولاسيّما الهندسة. وفي الفترة التي تكوّنت فيها شخصيته في مشغل صياغة المضى نفّذ تكوينات زخرفية للكاتدرائية في فلورنسا. ومن أبرز أعمال هذه الفترة أيضاً قصعة كبيرة نفّذ على سطحها الخارجي عناصر زخرفية كثيفة ومتنوعة (نباتيةً، وحيوانيةً، وأشكالاً غير مألوفة) وكانت بديعة الصنع والمنظر، وحازت شهرة واسعة حتى إذا جميع العاملين في مجال الصياغة كانوا يعهدونها. كما نفذ مزهرية عالج سطحها الخارجي بتكوين بارز يمثل أطفالاً يرقصون بحماسة ظاهرة.

تأثّر ڤـِروكيوبتنطقيد المدرسة الفلورنسية التي تعد من أقدم مدارس عصر النهضة إذ تعود بداياتها إلى العصر القوطي منذ عهد جوتوGiotto. وقد اهتمت هذه المدرسة بالموضوعات الدينية على الرغم من الرغبة الدفينة لدى الفنانين في تطبيق موضوعات مستمدة من الأساطير، والتغني بجمال الطبيعة، وتمجيد الحياة الدنيوية الرغيدة.

وأكبر الظن حتى ثمة كثيراً من الخيال في السيرة التي يرويها فاساري عن ڤروكيوويقول فيها إنه لما رأى صورة الملاك التي رسمها ليوناردوفي تعميد المسيح «اعتزم ألا يمسك الفرشاة مرة أخرى، لأن ليوناردووهولا يزال في شرخ الشباب قد بزه في هذه الصورة.» ولكننا نفهم حتى ڤـِرّوكيو، وإن ظل يشتغل بالتصوير بعد ظهور صورة التعميد قضى في الواقع معظم سني حياته بعد نضوجه في الاشتغال بالنحت، فعمل بعض الوقت مع دوناتلووأنطونيوبولايولو، وتفهم من جميع منهما شيئاً، ثم نَـــمَّى هوطرازه الخاص الذي يمتاز بالصرامة وبالزوايا.


الاتجاه إلى النحت

سافر فروكيوإلى روما، ولحظ الاهتمام الكبير بالأعمال النحتية المتوزعة في ميادينها وساحاتها، فانشدّ إليها، وعزم على التخلّي عن مهنة الصياغة والانصراف إلى دراسة النحت. في البداية ركّز اهتماماته على صب الأعمال النحتية الصغيرة بمادة البرونز. كما نفذ أعمالاً نحتية بالرخام تمثل أضرحة ووجوه شخصيات معروفة، واكتسب إبان إقامته هناك شهرة كبيرة وجمع كثيراً من الأموال.

وأخذ يشق طريقه بنفسه فصب من الصلصال المحروق تمثالا نصفياً مبرءاً من الملق للورنزو-أظهر فيه أنفه، وقُصَّته ، وجبهته التي تنم عن كثرة القلق. ومهما يكن من أمره فإن المانيفيكيو(الأفخم) قد سره كثيراً نقشان في البرونز للإسكندر ودارا نقشهما له ڤروكيو؛ فبعث بهما إلى ماثياس كورڤينوس ملك المجر، وعهد إلى المثال (1472) حتى يخطط في كنيسة سان لورنزوقبراً لأبيه پييرووعمه جوڤاني. ونحت ڤروكيوالناووس في الحجر السماقي وزينه بقوائم من البرونز، وأكاليل في صورة بديعة الأزهار.

وصب بعد أربع سنين في عام 1476 كُلف تطبيق تمثال داود David بارتفاع ذراعين ونصف الذراع، فأنجزه على هيئة محارب يافع توارت حداثته خلف وقفته القتالية، يمتشق سيفاً؛ وعلى الأرض بين قدميه رأس جوليات Goliath (جالوت) المقطوع. لقد بدا داود بملامح أرستقراطية يرتدي زيّ الصالونات المزركش، وترتسم على محياه الحيرة وعلى شفتيه ابتسامة ساحرة شبيهة بابتسامة الموناليزا (في لوحة ليوناردودافنشي الشهيرة). نفذ فروكيوهذا العمل بمادة البرونز وبتقانة رفيعة المستوى. وكان فيروكيوشغوفاً بهذه المادة، ونتيجة لنجاحاته لُقِّب بـ«المفهم المتألق». لم يتطرق فيروكيولموضوع داود؛ لينافس النحات دوناتلّو، وإنما قدمه تعبيراً عن ثقافة العصر، وانعكاساً للفترة التي يمثلها الحاكم لورنزوده مديتشي الذي كلفه تطبيق هذا العمل، فاتى رمزاً للنضال ولشرعية السلطة في هذه الفترة. وأعجب به مجلس سيادة فلورنسا إعجاباً لم يسعه معه إلا حتى يضع التمثال على رأس الدرج الرئيسية في قصر فيتيشيو، وقبل هذا المجلس في ذلك العام نفسه تمثالاً من البرنز يصور غلاماً يمسك الدلفين ويتخذه بزبزاً لعين ماء في فسقية قائمة في فناء القصر. وصمم ڤروكيووهوفي عنفوان مجده وصب من البرنز فجوة في جدار أورسان ميتشيل من الخارج ومجموعة من تماثيل المسيح وتوماس الشاك (1483). وصورة المسيح تنم عن النبالة القدسية، كما حتى توماس قد صور بعطف وإدراك، وقد صقلت يداه صقلا بلغ من الكمال حداً قلما يرى له نظير في التماثيل؛ وتمثل الأثواب فوز فن النحت، والمجموعة كلها تطالعك بواقعية حية يخيل إليك أنها تتحرك.


تمثال بارتولوميوكوليوني

تمثال بارتولوميوكوليوني، من خلق المثال ڤروكيو، صبه ليوپاردي

من أبرز الأعمال النحتية التي نفذها فيروكيوأيضاً النصب التذكاري لقائد الجيش المظفر بارتولوميوكوليوني Bartolomeo Colleoni.

كان هذا القائد قد خصص في وصيته مبلغاً من المال من أجل تشييد عمل نصبي له. وفي عام 1479 أعرب مجلس شيوخ البندقية عن مسابقة، وبناءً على شهرة فروكيوواسعة الانتشار وتفوقه في صناعة التماثيل والنقوش البرونزية لم يسع مجلس شيوخ البندقية معه إلا حتى يدعوه (1479) إلى تلك المدينة ليصب لها تمثالاً لبرتولوميوكليوني Bartolomeo Colleoni، المحارب المغامر الذي كسب النصر لدولة الجزيرة في عدة وقائع. ولبى أندريا الدعوة، وعمل نموذجاً للجواد، وكان يتأهب لصبه من البرنز حين فهم حتى مجلس الشيوخ يفكر في حتى من الخير حتى يقصر عمله على خلق تمثال الجواد وحده، وأن يهجر تمثال راكبه إلى النحات ڤـِلانوVellano من أهل بدوا. فما كان من أندريا، كما يقول فاساري إلا حتى حطم رأس النموذج وسيقانه وعاد إلى فلورنس مغضباً حانقاً. وأنذره مجلس الشيوخ أنه إذا وطئت قدماه أرض البندقية بعدئذ حطم رأسه تحطيماً حقيقياً لا مجازياً، فأجابه بأن ليس له لأن يتسقط عودته إلى المدينة لأن الشيوخ لم يؤتوا كما أوتى المثالون من المهارة ما يستطيعون به حتى يعيدوا الرؤوس المحطمة إلى أصحابها. ثم عاد مجلس الشيوخ ففكر في الأمر تفكيراً خيراً من تفكيره الأول، وعهد إلى فيروتشيوبالمهمة كلها مرة أخرى، وأقنعه بأن يعود إلى عمله نظير أجر يعادل ضعفي الأجر الأول؛ فعاد وأصلح رأس نموذج الجواد وأفلح في صبه؛ ولكن المكان الذي كان يعمل فيه ارتفعت حرارته أثناء العمل ارتفاعاً كبيراً، ,اصيب فروكيوببرد وقشعريرة، ومات بعد بضعة أيام وهوفي السادسة والخمسين من عمره (1488)، ولما وضع أمامه في ساعاته الأخيرة صليب خشن الصنع، طلب إلى من حوله حتى يبعدوه عنه وأن يأتوا إليه بصليب آخر من خلق دوناتلو، حتى يموت، كما كان يعيش، في حضرة الأمور الجميلة.

وأتم المثال البندقي ألساندروليوپاردي Alessandro Leopardi التمثال العظيم. وأخرجه في طراز حي، وأبرز فيه على خير وجه من الحركة والسيطرة ما نفي عن هذا التمثال أية خسارة بموت فروكيو. وأقيم التمثال في كامبودي سان دسانيوپولوCampo di San Zaniopolo- ميدان القديسين يوحنا وبولس؛ ولا يزال يزهوفيه إلى اليوم، وهوأجمل ما بقي من عصر النهضة من تماثيل الفوارس وأعظمها خيلاء. ومن الجدير بالذكر حتى ثمة نسخة ثانية لهذا العمل البديع موجودة حالياً في الساحة الداخلية لأكاديمية الفنون الجميلة في العاصمة البولونية وارسو.

مواده ودراساته

استخدم ڤروكيو، إضافة إلى البرونز، خامات مختلفة في تطبيق أعماله النحتية، وكان شغوفاً باستخدام مادة الجص؛ هذه المادة التي كان يصنعها بنفسه من الصخور الطرية التي كان يحصل عليها من ضواحي سيينا وفولتيرا بعد تعريضها إلى حرارة كافية وطحنها. ومن الملاحظ استخدامه لمادة الجص في الصب المباشر للأعضاء الإنسانية الحية كاليدين والساقين والقدمين، والجذوع، إضافة إلى وجوه الموتى. لذلك يُشاهد في فلورنسا حالياً كثير من هذه العناصر في التزيينات الداخلية فوق الأبواب والنوافذ التي تبدوكأنها حية. قدم فروكيو، علاوة على ذلك، تجربة ناجحة باستخدام الشمع في بناء أعماله النحتية. وكانت تبدوبعد تلوينها وكأنها شخوص حية، كما قدم كثيراً من الأعمال المنفذة بمادة الخشب ومادة الطين المحروق terracotta.

لم يهمل ڤروكيوالتصوير حتى مع انشغاله بتطبيق الأعمال النحتية، وكان قد أعدّ كثيراً من الدراسات الأولية لموضوعات تاريخية وأسطورية؛ إلا أنه لم يتمكّن من تطبيقها لانشغاله بتطبيق لوحات أخرى، ومن أبرز أعماله في مجال التصوير لوحة تمثل تعميد السيد المسيح. وقد ساعده على تطبيقها ليوناردودا ڤنشي عندما كان تلميذاً يافعاً في مرسمه. وكان ليوناردوقد نفذ فيها هيئة الملَك، وبدا واضحاً تفوقه على مفهمه موازنة مع الشخصيات الأخرى التي نفذها فروكيوالذي انصرف عن الرسم نهائياً بعد حتى رأى تفوق تلميذه عليه كما يقول ڤازاري Vasari، ولكن الحقيقة هي حتى فعاليّة فروكيوواهتمامه الرئيسين قد انصبا على النحت دون غيره، وأن الأعمال الكبيرة التي كُلِّفها في هذا الميدان (النحت) لم تهجر له إلا القليل من الوقت للعمل في التصوير، وهذا ما كان يضطره في أغلب الأحيان إلى حتى يعهد بأعمال التصوير إلى تلامذته ومساعديه. وعند رحيله إلى البندقية حيث دُعي لتشييد نصب بارتولوميوكوليوني، سلّم فيروكيوإدارة مشغله إلى تلميذه الأثير لورنزودي كريدي Lorenzo di Credi الذي أعاد جثمان معلّمه ڤـِروكيوإلى بلده بعد وفاته.


مرسم ڤروكيو

كان مرسم فروكيوجامعاً لخصائص النهضة، ذلك حتى الفنون جميعها قد وجدت فيه في مشغل واحد، وكثيراً ما اجتمعت كلها في رجل واحد؛ فكان في وسعك حتى تجد في مكان واحد فناناً يصمم بناء كنيسة أوقصر، وآخر يحفر أويصب تمثالا، وثالثا يخطط صورة أويرسمها بالألوان، ورابعاً يبتر جوهرة أويرصع بها، وآخر يحضر أويطعم العاج أوالخشب، أويصهر المعدن أويطرقه، أويصنع الأعلام لموكب في عيد؛ وكان في وسع رجل مثل فروكيو، أوليوناردو، أوميكل أنجلو، حتى يقوم بهذه الأعمال كلها. وكانت فلورنس تضم كثيراً من هذه المدارس، وكان طلاب الفن يسيرون في الشوارع في غير احتشام(27)، أويعيشون عيشة بوهيمية يسكنون في الطوابق السفلى المستأجرة، أويصبحون أثرياء يجلهم البابوات والأمراء كأنهم أرواح ملهمة لا تقدر بثمن، ويعلون على القانون-كما كان شأن تشيليني. وكانت فلورنس تجل الفن والفنانين ;أأكثر أكأكثر مما تجلهما مدينة أخرى عدا أثينة وحدها، وتتحدث عنهم وتقتتل من أجلهم، وتروي عنهم القصص(28) كما نروي نحن قصص الممثلين والممثلات. وكانت فلورنسا في عهد النهضة هي التي أوجدت الفكرة الوجدانية للعبقرية-أي للرجل الملهم بروح قدسية مستكنة فيه.

وخليق بالذكر حتى مدرس فروكيولم يهجر وراءه مثًّالا عظيما عدا ليوناردو(الذي لم يكن مثالا خالصا بل جمع إلى عظمته في فن النحت عظمة أخرى في غيره من الفنون) يستطيع حتى يواصل العمل الممتاز الذي بلغه هذا الأستاذ؛ ولكنه فهم رسامين نابغين- هما ليوناردووبروجينو- وآخر أقل منهما كغاية وإن كان ايضاً من ذوي الكفايات الإشارة، ونعني به لورنزودي كريدي Lorenzo di Credi. وكان سبب ذلك حتى الرسم أخذ يحل تدريجاً محل النحت بوصفه الفن المحبب إلى قلوب الناس؛ وأكبر ظننا أنه قد كان من الخير حتى الرسامين لم يفيدوا من الرسوم الجدارية القديمة المفقودة، ولم يخضعوا لها ويتقيدوا بها. لقد كانوا يعهدون أنه كان يوجد من قبل رجال مثل أپليز Apelles وپروتوگنيز Protogenes، ولكن قل منهم من شاهد بقايا الرسوم القديمة في الإسكندرية أوبمبي؛ لهذا لم يكن ثمة إحياء للقديم في هذا الفن، وكان الاتصال بين العصور الوسطى والنهضة في هذه الناحية واضحاً لا خفاء فيه: فقد كان خط السير من الرسامين البيزنطيين لدوتشيوDuccio ثم إلى جيتوفالراهب أنجلكوفليوناردو، فرفائيل فتيشيان، نقول إذا هذا الخط كان منحرفاً معوجا، ولكنه كان واضحاً لا خفاء فيه؛ ومن أجل هذا كان على الرسامين، حتى يضعوا بتجاربهم وأخطائهم قواعد فنهم وطرازه، ولم يكن هذا شأن المثالين. لقد فرض عليهم الابتكار وفرضت عليهم التجارب فرضا، فكانوا يكدحون لإظهار دقائق تشريح الإنسان، والحيوان، والنبات؛ وجربوا أنواعاً من التوليف الدائري، والمثلثي وغيرهما من الأشكال؛ وكشفوا عن حيل المنظور، وخداع التظليل لكي يعطوا لخلفيات الصور أعماقاً؛ ولاشكالهم أجساماً؛ وكانوا يجوبون الشوارع بحثاً عن الرسل والعذارى، ورسموا من نماذج عارية أومكسوة، وانتقلوا من التصوير على الجص إلى التصوير الزلالي، ثم انتقلوا مرة أخرى من هذا إلى ذاك، واستخدموا القواعد الجديدة للرسم بالزيت التي اتى بها إلى شمالي إيطاليا روگير ڤان در ڤيدن Rogier van der Weyden وأنطونيودا مسينا Aonio da Messina، وكانوا حدثا ازدادوا مهارة وشجاعة، وكثر عدد مناصريهم من غير رجال الدين، أضافوا إلى الموضوعات الدينية القديمة قصصاً من الأساطير اليونانية والرومانية، وأنماطاً من التمجيد الوثني للجسم؛ واتىوا بالطبيعة إلى مَرْسَمِهم، واندمجوا هم في الطبيعة، فلم يكن شئ في بني الإنسان أوفي الطبيعة يظهر في نظرهم غريباً على الفن، ولم يكن ثمة وجه مهما بلغ من القبح لا يستطيع الفن حتى يكشف عما فيه من معنى خفي وضاء. لقد كانوا يسجلون العالم؛ ولما حتى جعلت الحرب والسياسة إيطاليا سجنا ويبابا، هجر الرسامون وراءهم خطوط النهضة وألوانها وحياتها وعواطفها الجائشة، وأخذ الرجال الموهوبون الذين كونتهم هذه الدراسات والذين ورثوا تنطقيد مطردة الثراء من الأساليب، والمواد، والأفكار-أخذ هؤلاء الرجال يرسمون خيرا مما كان يرسمه العباقرة منذ قرن من الزمان. ويقول فاساري في لحظة من لحظات فظاظته إذا بنوتسوگوتسولي Benozzo Gozzoli» لم يكن من الأفذاذ الممتازين... ولكنه بز جميع من في مثل سنه بمثابرته، لأن بين أعماله الجمة عدداً منها لا يسع الإنسان إلا حتى يقول إنها طيبة«(29).

وقد بدأ الرجل حياته الفنية تلميذاً من تلاميذ الراهب أنجلكو، وتبعه إلى روما وأرفيتوليكون مساعداً له في عمله. ثم استنادىه بيروالمريض بالنقرس إلى فلورنسا، وطلب إليه حتى يصور على جدران المعبد في قصر آل مديتشي رحلة المجوس من الشرق إلى بيت لحم. وهذه الصور هي أروع آيات بنوتسوالتي صورها في الجص، وهي تتكون من موكب فخم ولكنه موكب حي من الملوك والفرسان في ثياب فخمة، ومن الأتباع والخدم، والملائكة، والصائدين، والفهماء، والأرقاء، والخيل، والفهود، والكلاب، ومن نحوستة من آل مديتشي - ومن بينتسونفسه، وقد أدخل بحيلة ماكرة إلى هذا الاستعراض؛ ومن وراء جميع هذا في الصورة خلفيات ومناظر طبيعية جميلة تثير الدهشة. وامتلأ قلب بينتسووهوا بهذا الظفر العظيم فسافر إلى سان جمنيانوSan Gimignano وزين مكان المرنمين في سانت أجستينوSant' Agstino بسبعة عشر منظراً مستمدة من حياة القديس شفيعها. وظل بعدئذ سبعة عشر عاماً يكدح في كامپوسانتوCampo Santo في بيزا يغطي مساحات كبيرة من جدرانها بواحد وعشرين منظراً من أسفار العهد القديم تبدأ من آدم إلى عهد النهضة. وكانت العجلة التي اتسمت بها أعمال بنوتسوسبباً في الحط بعض الشيء من جودة اعماله، فقد كان قليل العناية برسومه، وجعل كثيراً من صوره علة وتيرة واحدة باعثة على السآمة، وحشد فيها طائفة جمة مربكة من الاشخاص والتفاصيل؛ ولكنها كان يسري فيها دم الحياة وبهجتها، وكان يحب ما فيها من مناظر قوية ومن تمجيد العظماء؛ وإنما في ألوانه من روعة، وفي خصب إنتاجه من حماسة ليكاد ينسينا ما في خطوطه من نقص وعيوب.

معرض الصور

أعمال من ڤـِرّوكيو
مادونا مع الطفل الجالس (گمالده‌گالري، برلين) 
تعميد المسيح, 1474-1475, Verrocchio assisted by Leonardo da Vinci (Uffizi, Florence) 
مادونا مع القديسين يوحنا المعمدان ودوناتوس (كاتدرائية پيستويا) أكملها لورنزودي كرِدي 
'مادونا مع الطفل، ح. 1470, من ورشة ڤـِروكيو(نيويورك، متحف متروپوليتان للفن) 
المسيح والقديس توماس (Orsanmichele, فلورنسا) 
الولد المجنح مع درفيل (قصر ڤكيو، فلورنسا) 
داڤيد (بارجلو، فلورنسا) 
كوندوتييره بارتولوميوكوليوني على صهوة جواده (قام بصنع الموديل ڤـِروكيو، وصبه ألساندروليوپاردي وعلى قاعدة صنعها ليوپاردي) (Campo SS Giovanni e Paolo في البندقية) 


المصادر

  • أحمد الأحمد. "فيروكيو(أندريا دي تشونه المعروف بـ -)". الموسوعة العربية.
تاريخ النشر: 2020-06-04 20:36:49
التصنيفات: مواليد عقد 1430, وفيات 1488, رسامون إيطاليون, نحاتون إيطاليون, أشخاص من فلورنسا, رسامو النهضة, نحاتو النهضة, رسامون توسكانيون

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

التعليم تستحدث إدارتي شؤون المعلمين والمناهج

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-15 12:19:55
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 63%

الحوار الأميركي - الإيراني عود على بدء

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-15 12:18:58
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 92%

وثيقة الوصاية والإرهاب الانتخابي!

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-15 12:19:01
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 91%

شبّان عراقيون يجهدون لصياغة هوية وطنية ممهورة بالدم

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-15 12:18:59
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 94%

دول القانون الفاشلة وما بعد الديمقراطية

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-15 12:19:03
مستوى الصحة: 86% الأهمية: 93%

ستاندرد تشارترد يتوقع حصول مصر على 6 مليارات دولار من صندوق النقد

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-15 12:18:23
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 86%

هل جرّمت المحكمة الرقص؟!

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-15 12:19:04
مستوى الصحة: 85% الأهمية: 94%

تنفيذ 4 دورات تدريبية لرفع مهارات العاملين بصندوق التنمية المحلية

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-15 12:19:59
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 50%

محافظ الإسكندرية يستقبل وزير التعليم لبحث سبل التعاون لتطوير المنظومة

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-15 12:19:57
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 70%

واشنطن: نحث قادة ليبيا على إنهاء خارطة طريق للانتخابات

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-15 12:18:44
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 93%

يهددون بالمسيّرات والصواريخ ويخشون «عود الكبريت»

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-15 12:18:56
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 91%

صلاح صاحب الدخل الأعلى في ليفربول.. صحيفة تكشف

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-15 12:18:25
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 91%

وضع حجر أساس كنيسة العذراء والأنبا بيشوي بأسوان

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-15 12:20:01
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 56%

فتحي عبدالوهاب ورفض التقية

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-15 12:19:06
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 95%

تجديد اعتماد الوكالة الأوروبية لسلامة الطيران EASA

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-15 12:19:51
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 62%

يشمل مليون أسرة إضافية.. صرف الدعم النقدي لمستفيدي «تكافل وكرامة»

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-15 12:20:03
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 56%

تحميل تطبيق المنصة العربية