ديوخريسوستوم
ديوخريسوستوم (باليونانية: Δίων Χρυσόστομος؛ بالإنگليزية: Dio Chrysostom )، ديون من پروسا أوDio Cocceianus (ح. 40 – ح. 115) كان خطيباً وفيلسوفاً ومؤرخاً يونانياً في الامبراطورية اليونانية في القرن الأول. ثمانون من حواراته (أوOrations) مازالوا موجودين وكذلك بعض من رسائله ومنطقة ساخرة "في مدح الشـَعر"، وكذلك بضع شظايا أخر. لقب عائلته Chrysostom يأتي من اليونانية chrysostomos، التي تعني حرفيا "مضىي الفم". ولا يجب الخلط بينه وبين المؤرخ الروماني كاسيوس ديو، ولا أسقف القرن الرابع يوحنا خريسوستوم من القسطنطينية.
وكان ديوكريسستوم- ديوذوالفم المضىي- (40-120م) أعظم شهرة في عصره من استرابون. وكانت أسرته قد اشتهرت في بروصة من زمن طويل؛ فقد أفنى جدّه ثروته بما قدّمه من الهبات لمدينته، ثم جمع بعدئذ ثروة جديدة؛ وحذا أبوه حذوجدّه؛ وعمل ديوما عمله الأب والجد(77). ولما كبر صار خطيباً وسفسطائياً، وسافر إلى روما، واعتنق ممضى الرواقية على يد موسنيوس روفس، ونفاه دومتيان من إيطاليا وبيثينيا في عام 82؛ ولما حرّم عليه حتى ينتفع بملكه أودخله، أخذ يضرب في الأرض ثلاثة عشر عاماً وينتقل من قطر إلى قطر انتنطق الفيلسوف المفلس، يأبى حتى يتقاضى أجراً على خُطَبِه، ويكسب قوته في معظم الأحوال بعمل يديه. ولما جلس نيرفا على العرش بعد دومتيان، تبدّنل نفي ديوتكريماً، فقد اصطفاه نرڤا وتراجان ووهبا مدينته هبات جمة إجابة لطلبه ولما عاد إلى بروصة أنفق معظم ثروته في تجميلها، وإتهمه فيلسوف آخر بإختلاس الأموال العامة فحاكمه پلني، ويلوح أنه بريء من هذه التهمة.
وخلف ديووراءه ثمانين خطبة. ويبدولنا في هذه الأيام حتى معظمها ألفاظ جوفاء ليس فيها كثير من المعاني، ويُؤخذ عليها ما فيها من إطناب، وتشبيهات خدّاعة، وحيَل بيانية، فهي تمط نصف المعنى حتى تملأ به مائة صفحة؛ فلا عجب بعدئذ إذا صاح أحد المستمعين بعد حتى سئم هذا الطول: "إنك قد جعلت الشمس تغرب من طول أسئلتك التي لا آخر لها"(78). ولكن الرجل كان فصيح اللسان ساحر البيان، ولولا ذلك لصعب عليه حتىقد يكون أشهر خطباء القرن الذي عاش فيه، ولما كانت الحروب تقف لكي يستمع الناس إلى خطبه وقد نطق له تراجان في يوم من الأيام قولاً صادقاً صريحاً: "لَستُ أفهم ما تقول ولكنني أحبك بقدر حبي لنفسي"(79). وكان البرابرة الضاربون على ضفتي البورستينز Borysthenes (الدنيبر) يستمعون إليه في ابتهاج لا يقل عن ابتهاج اليونان وهومجتمعون في أولمبيا، أوابتهاج أهل الإسكندرية المعروفين بسرعة الانفعال. وحدث حتى جيشاً أوشك حتى يتمرّد على نيرفا، فهدأت ثورته بعد حتى انصت إلى خطبة ارتجلها الخطيب الطريد النصف العاري.
وأكبر الظن حتى الذي أغرى الناس بالالتفاف حوله لم يكن أسلوبه اليوناني الأنكي الجميل بل كان هوجرأته في التشهير، ويكاد حتىقد يكون هوالخطيب الوحيد في العهود الوثنية القديمة الذي ندد بالنادىرة؛ وما أقل كتّاب زمانه الذين هاجموا نظام الاسترقاق بمثل ما هاجمه هومن القوة والصراحة. (بيد انه غضب بعض الغضب حين عثر حتى عبيده فرّوا منه)(80). وكانت خطبته في أهل الإسكندرية تنديداً عنيفاً بترفهم، وتخريفهم، ورذائلهم. وقد وقف يوماً في إليوم Ilium وألقى خطبة نطق فيها إذا طروادة لم توجد قط، وإن "هومر كان أجرأ كاذب في التاريخ"؛ ثم وقف يوماً آخر في قلب روما وأخذ يذكر فضائل الريف على المُدن، وصوّر فقر الريف تصويراً مؤثراً في أسلوب قصصي واضح جذّاب، وأنذر مستمعيه حتى الناس أخذوا يهملون الأرض، وأن الأساس الزراعي للحضارة قد انهار. ووقف مرة في أولمبيا ليخطب في جمع كبير من الذين يريدون الحياة الدنيا وزينتها، وأخذ يصف أهل ذلك العصر من الإپيقوريين والملحدين. وكان مما نطقه في هذه الخطبة، إذا الصورة التي لدى الناس عن الإله قد تكون باطلة سخيفة، ولكن الرجل العاقل يدرك حتى العقل الساذج يحتاج إلى أفكار ساذجة ورموز تصويرية. والحق حتى أحداً من الناس لا يستطيع حتى يدرك صورة الكاهن الأعلى، وحتى التمثال الجليل الذي نحته فدياس نفسه لم يكن إلا فرضاً مجسّداً لا يليق بمقامه كما لا يليق به تصويره نجماً أوشجرة. ونحن وإن كنا لا نعهد حقيقة الله، ندرك بفطرتنا أنه موجود، ونشعر حتى الفلسفة بغير الدين شيء مظلم لا يرجى منه خير، وأن الحرية الحقة الوحيدة هي الحكمة- أي حتى يعهد الإنسان ما حق وما هوباطل؛ وأن سبيل الحرية ليست هي السياسة أوالثورة، بل حتى سبيلها هي الفلسفة، وليست الفلسفة الحقة هي الأفكار التي في بطون الخط، بل هي إتباع طريق الشرف والفضيلة كما ينادي بها من داخلنا صوت هوكما يقول المتصوّفة حدثة الله مستكنة في قلب الإنسان(81).
المصادر
-
ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter
|coauthors=
ignored (|author=
suggested) (help)