خورشيد باشا Hurşid Ahmed Pasha (ت. 1822)، كان قائد عام وصدر أعظم عثماني من أصل جورجي في القرن التاسع عشر.

النشأة

ولد خورشيد في القوقاز من أصل جورجي، وكان والده قس مسيحي أرثوذكسي يعاني من جنون الارتياب. وقد أُخـِذ إلى اسطنبول يافعاً، وتحول إلى الإسلام (حسب نظام الدڤشيرمه) والتحق بالإنكشارية فعمل في حرس السلطان. وهناك حاز إعجاب السلطان محمود الثاني فتولى عدداً من المناصب المرموقة.

مصر

عـُيـِّن خورشيد باشا عمدة للإسكندرية بعد جلاء الفرنسيين عن مصر 1801، وعينه الباب العالي والياً على مصر عام 1804. لم يكن مطمئناً لموقف محمد علي؛ فأراد التخلص منه لأنه مصدر خطر لإكتسابه ثقة الشعب فطلب خورشيد باشا من السلطان العثماني سحب وإستنادىء فرق الألبان والأرناؤوط إلى إسطنبول، ورفض محمد علي تطبيق ذلك بتأييد من الفهماء، فطلب خورشيد باشا من محمد علي التوجه إلى الصعيد لإبعاده عن القاهرة، كما طلب من السلطان العثماني إرسال فرق عسكرية لدعم سلطة الحكم، فأوفد له السلطان فرقاً عهدت بالـ"دولاه" (الدالاتية) قامت بأعمال نهب وسلب ضد الأهالي.

غضب الشعب وزعماؤه وتوجهوا مع عمر مكرم إلي محمد علي لتوليته حكم مصر بشروطهم وغادر خورشيد باشا مصر عام 1805 متوجهاً إلى القصيص.

وفي كتابه عجائب الآثار في التراجم والأخبار لمؤرخ ذلك العصر عبد الرحمن الجبرتي أنه في أول صفر 1220 هـ جاء سكان مصر القديمة نساء ورجالا إلي الجامع الأزهر يشكون ويستغيثون من الدالاتية، الذين أخرجوهم من مساكنهم وأوطانهم قهرًا، ولم يهجروهم يأخذون ثيابهم ومتاعهم بل ومنعوا النساء أيضا، ولم يستطيعوا التخلص منهم إلا بتسلق ونط من الحيطان. ركب المشايخ وصعدوا إلي القلعة حيث مقر خورشيد باشا وشرحوا له الحالة المتردية التي تعيشها البلاد والعباد فخط فرمانًا للدالاتية بالخروج من الدور وهجرها إلي أصحابها فلم يمتثلوا.

وخاطب المشايخ الوالي العثماني أحمد باشا خورشيد مرة أخري وأبلغوه بعصيان الدالاتية فنطق أنهم سيسافرون بعد ثلاثة أيام ، لكن المشاكل ازدادت ولم تتوقف أعمال السلب والنهب، فاجتمع المشايخ يوم الخميس بالأزهر وهجروا قراءة الدروس وخرج الأولاد الصغار يصرخون بالأسواق ويأمرون الناس بغلق الحوانيت وحصل بالبلدة ضجة ووصل الخبر إلي الباشا ، فأوفد مبعوثا إلي الأزهر لكن المشايخ كانوا قد انتقلوا إلي بيتهم لأغراض نفسانية وفشل مستمر فيهم، فمضى إلي بيت الشيخ الشرقاوي وحضر السيد عمر أفندي مكرم وغيره فحدثوه ثم انصرف وعند خروجه رجمه الأولاد بالحجارة وسبوه وشتموه.

وفي الأحد الثاني عشر من صفر ركب المشايخ إلي بيت القاضي واجتمع به الكثير من المتعممين والعامة والأطفال حتي امتلأ الحوش والمقعد بالناس وصرخوا قائلين شرع الله بيننا وبين هذا الباشا الظالم وهتف الأولاد يا لطيف ومنهم من يقول يا رب يا متجلي أهلك العثملي ومنهم من يقول حسبنا الله ونعم الوكيل وغير ذلك.

وطلبوا من القاضي حتى يرسل بإحضار المتحدثين في الدولة لمجلس الشرع، فحضر الجميع واتفقوا علي كتابة عرضحال بالمطالب الشرعية فعملوا ذلك وذكروا فيه تعدي طوائف العسكر علي الناس وإيذاءهم، وإخراجهم من مساكنهم،

"الفساد الأمني"، وقبض مال الميري المعجل "سرقة المال العام" ومصادرة الناس بالنادىوي الكاذبة" فساد القضاء" وغير ذلك.

وفي الاثنين الثالث عشر من صفر أوفد خورشيد باشا رسالة إلي القاضي يرفق فيها الجواب ويظهر الامتثال ويطلب حضوره في اليوم التالي مع الفهماء للتشاور معهم، فحمل الرسالة ومضى بها إلي السيد عمر مكرم لكنهم اتفقوا علي عدم التوجه إلي خورشيد باشا وغلب علي ظنهم أنها خديعة وفي عزمه شيء آخر لأنه جاء بعد ذلك من أبلغهم أنه أعد أشخاصًا لاغتيالهم في الطريق ونسبة هذه الجريمة لأوباش العسكر.

وفي يوم الثلاثاء الرابع عشر من صفر اجتمعوا ببيت القاضي ومعهم الكثير من العامة فمنعوهم من الدخول إلي بيت القاضي وقفلوا بابيه، ثم ركب الجميع ومضىوا إلي محمد علي باشا ونطقوا له لا نريد خورشيد باشا حاكمًا علينا ولا بد من عزله من الولاية فنطق ومن تريدونهقد يكون واليا نطقوا لا نرضي إلا بك وتكون واليا علينا بشروطنا لما نتوسمه فيك من العدالة والخير فامتنع أولا ثم رضي، وأحضروا له كركًا وعليه قفطان وقام السيد عمر مكرم والشيخ الشرقاوي فألبساه له وأوفدوا إلي أحمد باشا خورشيد الخبر بذلك فنطق إني مولي من طرف السلطان فلا أعزل بأمر الفلاحين ولا أنزل من القلعة إلا بأمر من السلطنة.

وعاشت مصر أياما متتالية من الفوضي واللقاءات، بين الشعب وخورشيد باشا حتي اتى الفرمان العثماني، بالاستجابة لمطالب الشعب بإسقاط خورشيد وتعيين قائد عساكره في مصر محمد علي واليا علي البلاد استجابة لرغبة الشعب.

حرب الساحل البربري الأولى

قمع ثورات الصرب

في مارس 1809، أُرسل خورشيد باشا إلى صربيا لقمع انتفاضة قرة دزوردزه پتروڤتش. فيخمسة مارس 1812، حمل لقب الصدر الأعظم، واحتفظ به حتى 1 أبريل 1815. وعُين سر عسكر القوات العثمانية في صربيا، ونجح في قمع الثورة بعد استعادته بلگراد في أكتوبر 1813. في 1815 عُين حاكم على البوسنة ومن خلال منصبه قام بحملة نجح من خلالها في قمع الانتفاضة الصربية الثانية بقيادة ميلوش اوبرنوڤتش.

قمع ثورة علي باشا والثورة اليونانية

في نوفمبر 1820 أصبح حاكم على موريا (المورة أوپلوپونز)، وكان مقره طرابلس وسر عسكر التجريدة الثورة التي قادها علي باشا في يانينا. قبل حتى يغادر إلى يانينة، أزعجته شائعات ثورة محتملة تعتمل بين يونانيي المورة. إلا حتى تلك المخاوف سرعان ما تبددت، حين زاره وفد من وجهاء اليونانيين فيثمانية نوفمبر 1820 في طرابلس المورة. وبذلك، ففيستة يناير 1821، غادر طرابلس المورة متجهاً إلى الشمال، تاركاً خلفه خزينته وحريمه، وبقي نائبه (قائمقام) محمد صالح بقوة عديدها 1,000 ألباني لحفظ النظام. وبعد شهور قليلة، بينما كانت الجيوش العثمانية تحاصر يانينة، نشبت أولى انتفاضات حرب الاستقلال اليونانية.

على الفور أبلغ خورشيد السلطان بالأحداث، وبدون انتظار لتعليمات، قابل الأحداث بإرسال عمر ڤريونس ومحمد پاشا كوسه لإخماد الثورة، أولاً في وسط اليونان ثم عـَبـَر إلى المورة لإخماد الانتفاضة في قلبها. وفي نفس الوقت، أوفد رئيس أركانه، مصطفى بك على رأس قوة من 3,000 رجل لدعم حامية طرابلس المورة. وبقي خورشيد نفسه في يانينة للإشراف على آخر مراحل الحصار. وبالرغم من رد عمله السريع، إلا حتى خططه ما لبثت حتى حاق بها الفشل: فقد فشل ڤريونس ومحمد كوسه في إخماد الثورة في وسط اليونان، بينما لم تكن تعزيزات مصطفى بك كافية لإنقاذ طرابلس، التي سقطت في يد اليونانيين بقيادة تيودوروس كولوكوترونيس بعد حصار مطوّل، في 23 سبتمبر 1821. وبالرغم من المذبحة المروعة التي تعرض لها مسلموالمدينة، إلا حتى حريم خورشيد وجزء من خزانته لم يمسسهم سوء. وأخيراً، في يناير 1822، تمكن من اغتال علي پاشا اليانيني بالخيانة، وأوفد رأسه المقطوعة إلى السلطان، وبذلك عاود نجمه الصعود في الباب العالي. فجمع جيشاً من 80,000 رجل (وهورقم هائل بمقاييس البلقان) وهمّ بالزحف ليسحق نهائياً الانتفاضة اليونانية، حين سقطت كارثة. فأعدائه في اسطنبول، انزعجوا من الصيت والسطوة اللتين حققهما والمكانة التي كان سيجلبها له نجاحه في إنهاء جميع من ثورتي علي باشا اليانيني واليونانيين، فاتهموه بسرقة جزء كبير من خزينة علي باشا اليانيني. فقد أوفد خورشيد 40,000,000 قرش، مرفقة برسالة يقول فيها أنهم قد عـُثـِر عليهم في أقبية علي باشا، بينما حسب وزراء السلطان ثروة علي باشا فوجدوا أنها يجب حتى تزيد عن 500,000,000 قرش. وحين سألوه حتى يرسل حساباً تفصيلياً، لم يرد خورشيد على السؤال الذي اعتبره مهيناً. وبعد ذلك بقليل، صدر استنكار رسمي لسوء تصرفه بأموال الخزينة العامة، وتوارى نجمه خزياً. وأقيل من جميع مناصبه، وحل محله سر عسكر ووالي المورة محمود درملي پاشا. وأُمـِر خورشيد حتى يبقى في لاريسا ليتولى تجهيز جيش الدرملي.

وحين بدأت الأنباء في الوصول إلى اسطنبول بفشل تجريدة الدرملي في درڤناكيا، أمر السلطان خورشيد حتى يتولى الأمور بنفسه وينقذ ما يمكن إنقاذه من الموقف العصيب. إلا حتى معارضيه واصلوا التآمر عليه، وأوفدوا عملاء لإغتياله. وبالرغم من أنه فهم بمخاطر تحيق بشخصه، فإنه لم يصدر عنه رد عمل. وبدلاً من ذلك، فقد انتحر بتناول السم في 30 نوفمبر 1822.

انظر أيضاً

• مصر تحت حكم محمد علي
• مصر العثمانيين

المصادر

عامة

• Goldschmidt, A. (2000). Biographical Dictionary of Modern Egypt. American University in Cairo Press. p. 106. ISBN . OCLC 45089356.