السموءل

عودة للموسوعة

السموءل

السموءل

اتى «ذكر السموءل» في عدد من مراجع التاريخ والجغرافيا والأدب العربية باسم السموءل بن عادياء اليهودي، وفي كتاب «معجم البلدان» لياقوت الحموي الذي نطق عند ذكره لحصن الابلق «هوالمعروف بالابلق الفرد حصن السموءل بل عادياء اليهودي، مشرف على رأس تيماء بين الحجاز والشام.. وكان اول من بناه السموءل اليهودي»(1). وكادت المصادر العربية تجمع على ان هذا اليهودي كان هوالباني والمالك لحصن تيماء «الابلق» وكان يتمتع بخصال شريفة من كرم وشجاعة ووفاء استنباطا في القصيدة اللامية المنسوبة اليه التي مطلعها:

إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه

فكل رداء يرتديه جميل

وان هولم يحمل على النفس ضيمها

فليس الى حسن الثناء سبيل

ومنها:

لنا جبل يحتلُّه من نجيره

منيعٌ برد الطرف وهوكليل

هوالابلق الفرد الذي سار ذكره

يعز على من راق ويطول

وكان مصدر ياقوت وغيره من المؤرخين والجغرافيين والاخباريين الاساطير الشعبية والحكايات القبلية التي كانت متداولة على أفواه الناس دون انقد يكون لها أصل حقيقي ولا مصدر فهمي. وقد دونت تلك الاساطير والحكايات والاشعار ضمن ما دون في مطلع القرن الثاني الهجري، وهوالقرن الذي دون فيه الحديث الشريف.. والشعر والنثر الجاهليين واخبار العرب وآثارهم ومغازيهم، اي بعد انقضاء العصر الجاهلي الذي عاش فيه السموءل بأربعة قرون على وجه التقريب.

وخلال تلك القرون وحتى عصرنا هذا ظلت الألسن تلوك اسطورة السموءل ولاميته التي هي في الاصل لعبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي وانما قيل انها للسموءل كما ذكر ذلك أبوتمام في كتابه الحماسة(2). وليست اسطورة السموءل هذه الا واحدة من الاساطير التي زج بها في ثنايا التاريخ العربي دون مراعاة لشروط واحكام الرواية المعتبرة عند رواة الادب العربي كأبي عمروبن العلاء «ت 154هـ» وحماد الرواية «ت 155هـ»، والمفضل بن محمد الضبي «ت 170»، والأصمعي عبد الملك بن قريب «ت 216هـ».

ومن تلك الاساطير على سبيل المثال قولهم ان سبأ كان زعيما محاربا كثيرا لغزل وواسع السبي، ولكثرة سبيه سمي بسبأ، ثم وضعوا له مشجرا سلسلوا فيه نسبه الى آدم عليه السلام، كما انتحلوا له مطولات من الشعر العربي الفصيح في حين انه لا يرقى الى ما قبل القرن الثاني قبل الاسلام، مع ان القرآن الكريم يوم تأملوه ينص على ان «سبأ» كان شعبا، وذلك في قوله تعالى «لقد كان لسبأ» في مسكنهم آية بنتان عن يمين وشمال.. الآية»(3)، وأكدت ذلك عشرات النقوش السبئية التي عثر عليها في مأرب وصرواح وظفار وغيرها من مواطن آثار السبئيين في اليمن اذ نصّت بوضوح على ان سبأ كان شعبا مؤلفا من عدة قبائل، وان كان له ملوك ومدن ومعابد وحصون وقصور وجيوش.

ومن اساطيرهم اختراعهم لملكة سبأ التي اتى ذكرها في القرآن الكريم مرتبطا بسيرة نبي الله سليمان عليه السلام وما كان له من قوة ونفوذ وسلطان والذي قدر عصره المؤرخون بالقرن العاشر قبل الميلاد، اسم «بلقيس او«بلمقة» اخذه قراء النقوش السبئيين القدامى خطأ من حدثة «بالمقة» التي كان يختتم بها كتاب النقوش السبئيين نقوشهم متوسلين بالمقة، الباء للنادىء والمقة في نظري «إلى مكة» اي إله مكة لان القاف كان يرسم بدلا عن الكاف في نطق بعض الحروف السبئية كما في قهلان وكهلان وكذلك بين الصاد والضاد كما في يحصب ويحضب والفاء والقاف كما في تُلْغم ودُلْقم حصن في ريده والعين والغين كما في عمدان وغمدان وما جِل وما قِل اي حوض اوبركة أوغير ذلك مما اوضحته في ابحاث لي سابقة. وعبادة إله السماء اوالاسلام كانت العبادة الرئيسية عند السبئيين منذ القرن العاشر قبل الميلاد قبل تحولهم الى الوثنية وعبادة الاصنام، شأنهم شأن سائر العرب الذين نطقوا «ما نعبدهم اي الاصنام الا ليقربونا الى الله زلفى» كما نص على ذلك القرآن الكريم في سورة الزمر (4).

والإسلام كان بنص القرآن الكريم دين نبي الله سليمان عليه السلام وقد اعتنقته ملكة سبأ دينا لها ولقومها بعد عبادة الشمس والقمر والاوثان معترفة بأنها كانت بذلك ظالمة نفسها اذ نطقت «رب اني ظلمت نفسي واسلمت مع سليمان لله رب العالمين»(5).

ومن الأساطير التي اقتبسها الاخباريون من الاسرائيليات وانخدع بها بعض المؤرخين ان بلقيس كانت في غاية من الجمال لكن ساقيها كانا ساقي حمار لأن اباها كان جنيِّاً، ولهذا فانها عندما رأت صرح سليمان الممرد من قوارير كشفت عن ساقيها ثم استحيت خجلا من سليمان الذي ما كانت تحب ان يرى ساقيها الحماريين.

وتشبه اقوالهم في سبأ وبلقيس أقوالهم في السموءل فقد جعلوه رجلا ثم اخترعوا له نسبا يوصله بيهودا ونسبوإليه بناء وامتلاك حصن الأبلق الذي ما كان يملكه ويسيطر عليه الا من تدعي له القبائل العربية وخصوصا قبائل «تيماء» المشهورة بقوتها وشوكتها والحقيقة ان حدثة «سموءل» لا تعني رجلا وإنما تعني إله السماء وهوالله جل جلاله، وقد اتىت في عدة نقوش آشورية وبابلية وتيمادية ونبطية وعشرات النقوش السبئية بلفظ سموإل، وسموى ال، وال ذسموى. ولما كانت «تيماء» اهم مراكز العبادة السماوية، فقد اشتهر شعبها باسم شعب سموءال، ففي نقش اشوري سطر باسم بانيبال ملك آشور «668 633 قبل الميلاد» اسم «اوتا حازال ملك سموى ال ذبتيما» اي ملك شعب سموءال الذي في تيماء(6).

كما اتى ذكر «تيماء» وقبيلتها سموى إل في نقش تيقلاث بلاسر ملك آشور «747 727 ق.م.» كواحدة من القبائل التي تحارب معها(7). واتى في نقش آخر لـ آشور بانيبال تحديد لقبه ب«ملك أدوماتووسموى إل» أدوماتوهي الجوف، وسموى ال هي تيماء، وهذا إذا صح وجود هذا النقش يعني أنه ان كان ملكا على هذين الشعبين وهوما يبرر تسميته ب«ملك العرب» حسبما اتى في نقش آشوري آخر. ويُستقرأ في الحوليات الآشورية ان الغزوالاشوري لشمال الجزيرة العربية كان مستمرا، كما يستقرأ ذلك من الحوليات البابلية، فقد اتى في نقش سطر باسم الملك البابلي نابونيدوس «555 538 ق.م.» الذي قام بدراسته سدني سميث S.Smith ونشره بمجلة بابليون التاريخية. ان هذا الملك البابلي قد غزا تيماء واستقر بها وبنى بها قصرا على غرار قصره في بابل، بعد حتى تجول في المدن المجاورة، كـ دادان «العلا» وخيبر وفدك ويتربو«يثرب»، ويعهد هذا النقش بنقش حران، ويوجد بمتحف اللوفر في باريس، وقد نشر مترجما في مجلة الدراسات الأناضولية التاريخية.

وقد ظل «سموى ال» اسما لقبيلة تيماء متداولا حتى أواسط القرن الثالث الميلادي، وهوتاريخ نقش نبطي عثر عليه في تيماء كشاهد امر بكتابته عدنان بن عمروبن عدنان رئيس قبيلة «سموى إل» في تيماء على قبر اخته معونة بنت عمروبن عدنان من قبيلة «سموى إل» التي توفيت في شهر آب من عام 251م، وقد نشرت هذا النقش الباحثة الالمانية روث شتيل Ruth Stiehl التي زارت المنطقة في اواخر الثمانينيات من القرن الرابع عشر الهجري المنصرم ضمن كتابها بالالمانية «رحلة الى شمال الجزيرة العربية» ورقم النقش 54.

وكل ما عثر عليه في المنطقة من آثار وكتابات لا يفيد حتى يهوديا قد استولى على حصن تيماء المعروف بالأبلق قديما وزللوم حديثا، كما حتى نزوح اليهود الى الجزيرة العربية إنما يعود إلى أواسط القرن الاول للميلاد عندما غزا الامبراطور الروماني تيتوس «39 - 81م» فلسطين وهدم هيكلها أورشليم وقضى على دولة المكابيين اليهود وأوغل في ذبحهم وقتلهم، ففر منهم من فر الى الجزيرة العربية حيث عثر في ظل قبائلها الملاذ الحصين والمكان الآمن.

المصادر

  1. ^ Baby lanium Historical P.89 Ancient Near Eastern Text, P.P.300 (6) Lukenbill, A.R. 11,No. 869 (7)
  2. ^ Ancient Studies, The tlarran InsCription of Nabonidus, v111, 1958, P.P. 35,69,78.
تاريخ النشر: 2020-06-04 21:20:05
التصنيفات: تاريخ العرب, أساطير عربية

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

حظر استيراد وتصدير المنتجات والمواد الخام من وإلى روسيا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-08 21:20:59
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 66%

بيان مصرى سعودى: المملكة تؤكد دعمها الكامل للأمن المائى المصرى

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-08 21:21:06
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 61%

إصابة 6 أشخاص في حادث تصادم بطريق «مصر ـ السويس» الصحراوي

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-08 21:21:10
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 57%

«اتحاد الصناعات»: ارتفاع سعر الذهب عالميا بواقع 3.1% - أخبار مصر

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-08 21:20:30
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 57%

«التموين» تطرح أسعار الخضروات والفاكهة بتخفيضات وصلت لـ25%

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-08 21:21:03
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 60%

المشدد 15 عامًا لـ16 متهمًا باستعراض القوة والسرقة بمنشأة ناصر

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-08 21:21:10
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 63%

خريطة قطع وضعف المياه بالمحافظات.. اعرف المناطق - أخبار مصر

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-08 21:20:37
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 59%

تحميل تطبيق المنصة العربية