إعصار حلزوني

عودة للموسوعة

إعصار حلزوني

الإعصار الحلزوني cyclone شكل من أشكال العواصف الدوامية، منطقة ضغط جوي منخفض، تتناقص قيمة الضغط فيها من الأطراف باتجاه المركز لذا يعهد أيضاً بالمنخفض الجوي. وحدثا ازداد فارق الضغط مابين مركز الإعصار وأطرافه، اشتد عمقه وتعاظمت فعاليته. ويتجه الهواء والرياح نحومركز الإعصار في حركة دوامية شبه دائرية عابرة خطوط الضغط المتساوي بشكل زاوي (20- 30درجة) معاكسة في وجهتها وجهة حركة عقارب الساعة في نصف الكرة الشمالي، والعكس في نصف الكرة الجنوبي (شكل1). ويتميز الإعصار عموماً بنشاط يتمثل بحركات الصعود الهوائية التي تقترن فيه، مع ما يصاحب ذلك من اضطراب في الجو.

الشكل رقم 1
Polar low over the Barents Sea on February 27, 1987

نشأة الإعصار وأنواعه

إذا كان مصطلح إعصار يستخدم للدلالة على الفترة التي يبلغ فيها المنخفض الجوي أقصى درجات شدته، مع ما يرافقه من سرعات عالية للرياح، واضطراب كبير في الحالة الجوية، إلا أنه نتيجة اقتران الإعصار بالضغط المنخفض، فإن كلاً منهما يستخدم للدلالة على الآخر. غير حتى بعض الباحثين يفضلون استخدام مصطلح إعصار مرادفاً للهوريكان Hurricane والأعاصير المدارية وشبه المدارية الأخرى إذ تبلغ سرعة الرياح الدرجة 12 بحسب مقياس بوفورت Beaufort [ر. الريح] بسرعة 32.7م/ثا فأكثر. في حين تنظر معظم المؤلفات المناخية إلى الإعصار بصفته مرادفاً للمنخفض الجوي الذي يمكن حتى تتطور فعاليته ليبلغ فترة العاصفة وما يليها (14م/ثا وما فوق بحسب مقياس بوفورت). ويميز بعض الباحثين المنخفضات المتنقلة، التي يشار إليها بالأعاصير، من المنخفضات الجوية المستقرة نسبياً والشاسعة الامتداد (المنخفضات الحرارية كمنخفض الهند الموسمي، والمنخفضات القطبية، ومنخفضات الهواء القطبي، والمنخفضات الحاجزية). وإذا عدّت أي منطقة ضغط جوي منخفض محدودة المساحة مصاحبة باضطراب في الجو، هي منطقة إعصارية، فإن الأعاصير في العالم يمكن حتى تصنف في ثلاث مجموعات رئيسة:

  • الأعاصير الكبيرة الحجم، وتعهد بالأعاصير الموجية، أوالمنخفضات الجبهية، وتتمركز في العروض الوسطى.
  • الأعاصير المتوسطة الحجم، وتعهد بالأعاصير المدارية، وتتمركز في العروض المنخفضة.
  • الأعاصير الصغيرة الحجم، وهي المعروفة باسم التورنادوTornado (الدوارات) وتكثر في العروض شبه المدارية.

ولتجنب الخلط مابين أعاصير العروض الوسطى (الأعاصير الجبهية) والأعاصير المدارية، لما بينهما من اختلافات، ليس في الشدة، وإنما في طريقة النشأة والتطور، يلجأ بعضهم إلى استخدام مصطلح منخفض جبهي (أوموجي) للإشارة إلى أعاصير العروض الوسطى تمييزاً لها من الأعاصير المدارية. وتختلف الأعاصير فيما بينها من حيث نشأتها، وآلية تكوينها وتطويرها. فالأعاصير المدارية وأعاصير التورنادولم تتضح بعد تفاصيل معالم نشأتها وطرق تشكلها، غير أنه بات معروفاً أنها تتشكل في مناطق التسخين الشديد ـ خارج العروض الاستوائية التي تضعف فيها قوة كوريولس (قوة انحراف الأجسام المتحركة يميناً في النصف الشمالي ويساراً في النصف الجنوبي للكرة الأرضية) كثيراً لتتلاشى عند خط الاستواء ـ حيث تتولد حالة عدم استقرار شديد للهواء الذي يرتفع من جراء ذلك بشدة نحوالأعلى في حركة هوائية دوامية حول مركز المنطقة التي انخفض الضغط فيها كثيراً قياساً بما حولها. وإذا كانت الأعاصير المدارية تتشكل فوق البحار المدارية فقط، فإن التورنادوتتشكل في العروض المدارية والوسطى فوق اليابسة، كما تتشكل فوق البحار، وكلاهما (الإعصار المداري، والتورنادو) يتألفان من كتلة هوائية متجانسة عموماً، حارة دوماً. أما الأعاصير الجبهية، فتتشكل من جراء حدوث تصادم بين كتلتين هوائيتين مختلفتي الحرارة والرطوبة، كما يحدث عموماً بين خطي عرض 30-60 درجة شمال خط الاستواء وجنوبه.

Cyclone on Mars, imaged by the Hubble Space Telescope
الشكل رقم 2

إن الأعاصير المدارية التي تعهد بأسماء محلية في مناطق حدوثها (الهوريكان في الأطلسي الشمالي وشرقي المحيط الهادئ، التيفون Typhoon في المحيط الهادئ الشمالي الغربي، والإعصار ـ السيكلون ـ في المحيط الهندي، والباغيوBaguio في الفليبين، والويلي ـ ويلي Willy- Willy في أسترالية وورد ذكر الأعاصير في خط التراث بأسماء مختلفة بحسب شدتها وفاعليتها، ومنها التنين والدوار والدوامة والزوبعة) لا تتشكل أبداً فوق اليابسة، وإنما ينحصر تشكلها في مناطق محددة من البحار المدارية التي تزيد درجة حرارة مياهها السطحية على 27 درجة مئوية، وتكون قوة كوريولس فيها واضحة ـ كما هوالحال فيما بين خطي عرض 5- 20 درجة شمال خط الاستواء وجنوبه، يستثنى من ذلك المحيط الأطلسي الجنوبي الذي لا تتشكل فيه مثل تلك الأعاصير (شكل2). وما إذا تصل تلك الأعاصير إلى اليابسة حتى تأخذ بالتلاشي، بعد حتى تشيع الخراب والدمار، كما أنها تضمحل وتتلاشى إذا ما تحركت فوق سطوح مائية باردة، وتنساق هذه الأعاصير مع الحركة الجوية السائدة في العروض المدارية (الشرقيات التجارية) بمعدل سرعة 15-30كم/ساعة. ومع حتى قطر الإعصار المداري يراوح بين 100- 1000كم. إلا حتى الضغط ينخفض في مركزه انخفاضاً كبيراً (يصل إلى 950 مليبار ومادون) وهذا مرشد على عمقه الشديد وفعاليته الكبيرة، إذ يتدفق الهواء حول مركزه في حركة دوامية بسرعة تزيد على 100كم/ساعة لتصل أحياناً إلى أكثر من 300كم/ساعة. ويميز في الإعصار المداري ثلاثة أجزاء، أكثرها هدوءاً منطقة المركز المعروفة بعين الإعصار (قطرها 10-50كم) المتحلق حولها جدار ضخم من الغيوم الكثيفة الذي يزيد بعده الأفقي على 100كم والمتميز بحركات هوائية عمودية صاعدة عنيفة، ويمثل هذا الجدار الجزء الشديد الاضطراب في الإعصار، ولينتهي الإعصار بهوامش من جوانبه المتنوعة يقل اضطرابها جداً عن منطقة الجدار (شكل3).

The initial extratropical low pressure area forms at the location of the red dot on the image. It is usually perpendicular (at a right angle to) the leaf-like cloud formation seen on satellite during the early stage of cyclogenesis. The location of the axis of the upper level jet stream is in light blue.
الشكل رقم 3

ويعد التورنادوأعنف أعاصير الأرض. ويبدوعلى هيئة قِمْع خارج من أسفل سحابة رعدية (ركام مزني) يصل حتى سطح الأرض، يتكون في أغلب الحالات في العروض الوسطى في مقدمة بعض الجبهات الباردة. ويتميز التورنادوبامتداده الأفقي المحدود، إذ إذا قطره لا يزيد عموماً على 0.5كم، وبشدة حركة الهواء الدورانية حول مركزه التي قد تصل سرعتها إلى أكثر من 300كم/ ساعة. ويترافق اجتياز التورنادوبانخفاض مفاجئ في الضغط الجوي يبلغ نحو25-50 مليبار، مما يترتب عليه تفجر المباني وتحطمها نتيجة فارق الضغط بين داخلها وخارجها. وينحصر حدوث التورنادوفيما بين خطي عرض 15-45 شمال خط الاستواء وجنوبه، ولاسيما في حوض المسيسبي (الولايات المتحدة) وشرقي جبال الأنديز (الأرجنتين) والقارة الأسترالية. وتعهد أعاصير التورنادوالتي تتكون فوق البحار باسم الشواهق المائية water spout وهي خطرة جداً على وسائل النقل البحرية.

الشكل رقم 4
Tropical cyclones form when the energy released by the condensation of moisture in rising air causes a positive feedback loop over warm ocean waters.

أما أعاصير العروض الوسطى ـ المعروفة بالأعاصير الجبهية، أوالمنخفضات الموجية ـ فتتشكل عموماً في مناطق التصادم الهوائي في العروض الوسطى، وبذا فإنها تتألف من قطاعين مختلفي الهواء، أحدهما قطاع من الهواء البارد، والآخر من الهواء الحار. وتشكل الجبهتان الحارة والباردة الهيكل الأساسي في الإعصار الجبهي (شكل4). وإذا كانت المفاهيم القديمة ترجع نشأة الأعاصير الجبهية إلى تموجات تتشكل وتتطور على طول سطح انفصال جبهي كبير ـ كالجبهة القطبية التي تفصل بين الهواء المداري والهواء القطبي ـ متممة دورتها الحياتية في ثلاثة أيام تقريباً، فإن المفاهيم الحديثة تربط تشكل الأعاصير الجبهية بالحركات الجوية العلوية ذات الشكل الموجي التي تقود إلى تشكل مراكز جوية منخفضة الضغط عند السطح لتتطور فيما بعد وفق مراحل التطور الموجي المعروفة. وتبدوالأعاصير الجبهية على خرائط الطقس على هيئة حجيرات ضخمة ذات شكل إهليلجي (أبعادها 1000×2000كم وسطياً)، وتتحرك نحوالشرق في مجموعات ضمن نطاق غربيات العروض الوسطى بمعدل سرعة يراوح بين 30-50كم/ساعة. وتختلف الأعاصير الموجية بعضها عن بعض في فعاليتها، بحسب درجة عمقها، لذا فإن شدة اضطراب الجو، وازدياد سرعة الرياح خلف الجبهة الباردة، قد يجعلانها تبلغ أحياناً مبلغ العاصفة لتقارب بذلك شدة الرياح في الأعاصير المدارية. وللأعاصير دور بارز في مناخ المناطق التي تتعرض لها، كما أنها تهجر آثاراً مباشرة في مختلف جوانب البيئة البشرية. فالأعاصير الموجية بأمطارها وثلوجها مصدر خير وبركة، كما أنها عامل خراب طالما مرافقتها للعواصف الثلجية العنيفة والأمطار السيلية. ويكون الجوفي أكثر حالات اضطرابه عند مرور الجبهة الباردة من الإعصار. أما الأعاصير الدوارة (التورنادو) فتحمل الدمار لما تصادفه في طريقها فوق البر والبحر، إذ تقتلع الأشجار، وتحطم المباني، وتحمل السيارات عدة أمتار في الجو، ولا تنجومنها السفن أيضاً، ويندر حتى تمر سنة من دون حتى تشيع الأعاصير المدارية الخراب والدمار في منطقة أوأكثر من العالم، وليس مرد آثارها التخريبية إلى سرعة الرياح الدورانية الشديدة فقط، وإنما أيضاً إلى غزارة الأمطار التي تسبب الفيضانات الضخمة، وإلى المد البحري المرافق لها والذي يحمل المياه ثمانية أمتار تقريباً. والأمثلة عن الأعاصير المدارية كثيرة: فإعصار كاميلي الذي أصاب ساحل ولايتي المسيسبي ـ لويزيانة (الولايات المتحدة) في يومي 17-18 آب عام 1969 مضى ضحيته 256 شخصاً، وخسائر مادية مقدارها مليار ونصف المليار من الدولارات. كما حتى الإعصار الذي أصاب بنغلادش يومي 11-12 تشرين الأول من عام 1970 أدى إلى وفاة أكثر من 300 ألف إنسان وألحق أضراراً مادية تجاوزت مليار دولار، وكذلك الإعصار الذي ضرب بنغلادش أيضاً يوم 2-3 أيار 1991 وأدى إلى وفاة أكثر من 120 ألف نسمة وتشريد الملايين من السكان.

الشكل رقم 5
Cyclone Catarina, a rare South Atlantic tropical cyclone viewed from the International Space Station on March 26, 2004

الإعصار المعاكس (أنتي سيكلون)

يطلق الإعصار المعاكس anticyclone على أي منطقة ذات ضغط جوي مرتفع ـ لذا يعهد أيضاً بالمرتفع الجوي ـ تتزايد قيمة الضغط فيها من الأطراف نحوالمركز، ويشكل الإعصار المعاكس منظومة جوية أكبر عادة بكثير من الإعصار. ويتصف بهدوء مركزه، ونشاط حركة الهواء الأفقية عند الأطراف. وتكون الحركة الهوائية خارجة منه ومتباعدة عنه باتجاه مراكز الأعاصير. ويأخذ الهواء المتحرك وجهة موافقة لوجهة حركة عقارب الساعة في نصف الكرة الشمالي، وعكس ذلك في نصف الكرة الجنوبي (شكل 5).

A fictitious synoptic chart of an extratropical cyclone affecting the UK and Ireland. The blue arrows between isobars indicate the direction of the wind, while the "L" symbol denotes the centre of the "low". Note the occluded, cold and warm frontal boundaries.

نموذجان من الأعاصير المعاكسة

  • الإعصار المعاكس المستقر نسبياً: ويعهد بالإعصار المعاكس الدافئ، لكونه يمتلك مركزاً دافئاً، ويستمر الدفء فيه نتيجة الهبوط الديناميكي المتواصل في الهواء، ويتقوى الإعصار المعاكس الدافئ مع الارتفاع. والمثال عن هذا النموذج، الضغط المرتفع شبه المداري.
  • الإعصار المعاكس المتنقل: ويعهد بالإعصار المعاكس البارد. ويكون في حركة سريعة، ومدة دوامه قصيرة عموماً، كما أنه يتصف بضحالته ـ معاكساً بذلك الإعصار المعاكس الدافئ. وينحصر تشكل الأعاصير المعاكسة الباردة في العروض العليا عموماً ضمن الهواء القطبي أوالبارد جداً، والأمثلة عنها: الإعصار المعاكس السيبيري، والإعصار المعاكس الكندي. وقد تمتد منها ألسنة نحوالعروض الوسطى في فصل الشتاء.

وتعد الأعاصير المعاكسة منابع للكتل الهوائية كافة. ويتصف الجوعند سيادتها بالهدوء والاستقرار والصحو، لكون الحركة الهوائية في داخلها هابطة، والرياح المنطلقة من أطرافها خفيفة السرعة. غير أنه قد يصاحبها في بعض ليالي الشتاء تشكل الضباب، والسحب الطبقية المنخفضة التي ينجم عنها أحياناً هطول بصورة رذاذ.

Subtropical Storm Andrea in 2007

المراجع

-J.O.AYOADE, Introduction to Climatology for the Tropics (John Wiley & Sons, New York 1983).

-L.J.BATTAN, The Nature of Voilent Storms (Doubleday & Company, Garden City, New York 1961).

المصادر

  1. ^ Kerry Emanuel (January 2006). "Anthropogenic Effects on Tropical Cyclone Activity". Massachusetts Institute of Technology. Retrieved 2008-02-25.
  • الموسوعة العربية

وصلات خارجية

  • Fundamental of Physical Geography: The Mid-Latitude Cyclone - Dr. Michael Pidwirny, University of British Columbia, Okanagan
  • Glossary Definition: Cyclogenesis - The National Snow and Ice Data Center
  • Glossary Definition: Cyclolysis - The National Snow and Ice Data Center
  • Weather Facts: The Polar Low - Weather Online UK
  • NOAA FAQ
  • Cyclones 'ClearlyExplained'
  • The EM-DAT International Disaster Database by the Centre for Research on the Epidemiology of Disasters
  • cyclone rita
تاريخ النشر: 2020-06-04 21:54:18
التصنيفات: مقالات جيدة, Basic meteorological concepts and phenomena, Tropical cyclone meteorology, أنواع الأعاصير الحلزونية, مخاطر الطقس, دوامات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

إيلون ماسك يفجر مفاجأة بشأن تجسس السلطات الأمريكية على "تويتر"

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-17 03:17:15
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 97%

وسائل إعلام: العقوبات ضد روسيا كانت أسوأ تقدير للغرب في التاريخ

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-17 03:17:10
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 91%

الصحة العالمية: 83 قتيلا وأكثر من 1126 جريحا في أحداث السودان

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-17 03:17:09
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 85%

تركيا تعلن دخول مواطنيها لمصر دون تأشيرة لأول مرة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-17 03:17:03
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 97%

مصر تعلن ضرورة بناء نظام عالمي جديد

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-17 03:17:08
مستوى الصحة: 86% الأهمية: 94%

تحميل تطبيق المنصة العربية