وليام الأول من إنگلترة

عودة للموسوعة

وليام الأول من إنگلترة

وليام الأول
William I
ملك الإنگليز (more...)
دوق نورمندي في منسوجة بايو
الحكم 25 ديسمبر 1066 –تسعة سبتمبر 1087
التتويج 25 ديسمبر 1066
سلفه إنگلترة: إدگار إثلنگ (غير متوج), هارولد الثاني
نورمندي: روبرت الأول العظيم
خليفته إنجلترة: وليام الثاني روفوس
نورمندي: Robert II Curthose, دوق نورمندي
Consort ماتيلدا من فلورنسا من فلاندرز
بين آخرين
الأنجال
روبرت الثاني, دوق نورمندي
ريتشارد, دوق برناي
وليام الثاني من إنگلترة
أدلا, كونتسة بلوا
هنري الأول من إنگلترة
التفاصيل
الألقاب والأنماط
ملك الإنگليز
دوق النورمان
الأب روبرت العظيم
الأم هرلت من فاليز
وُلد 1027
فاليز, فرنسا
توفي 9 سبتمبر 1087(1087-09-09) (عن عمر ح. 60)
دير القديس جرڤاي, روان
المدفن سانت إتيان دي كاين, فرنسا
وليام الأول الغازي، منسوجة بايو(Bayeux) ح.1070 م

وليام الأول الفاتح (بالإنكليزية: William I the Conqueror) أوبالفرنسية (Guillaume Ier le Conquérant) عاش (لافاليز، فرنسا ح.1028- رُوان، فرنسا 1087 م) هودوق نورمندي (1035-1087 م) وملك إنكلترا (1066-1087 م).

كان ابنا غير شرعي لأبيه -يطلق هذا اللفظ على المواليد من العلاقات غير الشرعية أوزيجات السِفاح والتي لا تسجل في الكنيسة-، بعد وفاة الملك الإنكليزي "روبرت الأول, دوق نورمندي"، ادعى وبناء على وصية الملك الراحل له بحقه في العرش، قام بغزوإنكلترا (1066 م) وهزم جيوش الملك هارولد الثاني في معركة هاستينگز (Hastings)، وتوج نفسه ملكا في كاتدرائية وستمنستر.

وليام الفاتح

حكيم وليم الفاتح إنجلترا حكماً جمع فيه بمهارة عظيمة بين الشدة، والقانون، والتقوى، والدهاء، والخداع. فلما حتى حمله إلى العرش الويتان Witan تحت تأثير الخوف والإرهاب، أقسم حتى يطيع القوانين الإنجليزية المعمول بها وقتئذ. وانتهز بعض الأعيان في غربي إنجلترا وشماليها فرصة غيابه في نورمندي وحاولوا إيقاد نار الثورة في البلاد (1067)، فعاد إليهم واندفع في البلاد ينتقم من أهلها أشد الانتقام، فأطلق لنفسه فيه العنان يقتل الأهلين، ويهلك الحرث والنسل، ويدمر البيوت بأساليب منظمة محكمة لم تنج إنجلترا من آثارها كلها حتى القرن التاسع عشر(24). وقسم أخصب أراضي المملكة إلى ضياع واسعة وزعها على أعوانه النورمان، وشجعهم على بناء قصور حصينة يتخذونها قلاعاً يدافعون بها عن أنفسهم ضد السكان المعادين . واحتفظ هوبمساحات من الأرض واسعة لتكون ملكاً للتاج، واتخذ بترة من هذه الأرض طولها ثلاثون ميلاً، مسارح للملك يصيد فيها الوحوش. ودمر جميع ما في هذه البقعة من منازل، وكنائس، ومدارس ليفسح الطريق للخيل والكلاب، وكان يعاقب جميع من يقتل أيلاً أوأيلة في الغابة الجديدة بفقء عينه(25).

إلى غير ذلك نشأت في إنجلترا طبقة الأشراف الجدد الذين لا يزال أبناؤهم من حين إلى حين يسمون بأسماء فرنسية، وانتشر الإقطاع الذي كان من قبل ضعيفاً نسبياً في طول البلاد وعرضها، وحول الشعب أرقاء الأرض. وجعلت الأرض كلها ملكاً للملك، ولكنه جاز للإنجليز الذين استطاعوا حتى يبرهنوا على أنهم لم يقفوا في وجه الفاتحين بأن يعودوا إلى شراء أرضيهم من الدولة. وأراد وليم حتى يسجل مغانمه ويعهدها، فأوفد عماله في عام 1083 ليسجلوا اسم مالك جميع بترة من الأرض في إنجلترا، وحالها، ومحتوياتها؛ وقد ورد في هذا السجل حتى الملك "شدد عليهم في أوامره تشديداً لم تبق معه ياردة واحدة من الأرض، لا... بل ولا ثور أوبقرة، أوخنزير، لم يخط في سجله"(26). وكانت نتيجة هذا العمل هوكتاب الأحكام وهواسم ينذر بما سيكون له من شأن خطير إذ أصبح هو"الحكم" الأخير في جميع المنازعات العقارية. وأراد وليم حتى يضمن لنفسه معونة البلاد الحربية، ويحد من سلطان أتباعه العظام، فاستقدم إليه جميع كبار الملاك في إنجلترا- وكان عددهم ستين ألفاً- إلى اجتماع عقد في سلزبري Salisbury (1086)، وجعل جميع واحد منهم يقسم يمين الإخلاص التام للملك. وكان عمله هذا احتياطاً حكيماً ضد الإقطاعية الفردية التي كانت وقتئذ تبتر أوصال فرنسا.

وبعد فلابد للإنسان حتى يتسقط قيام حكومة قوية بعد الفتح. وهذا ما وقع في إنجلترا وقتئذ، فقد أقام وليم أوخلع فرساناً ونبلاء، وأساقفة ورؤساء أساقفة وأديرة؛ ولم يتردد لحظة في حتى يزج في السجن لوردة عظماء. وأن يتمسك بما له من حق تعيين رجال الدين في مناصبهم. ويقاربه في هذه الناحية جريجوري السابع الذي كان مثله ذا حول وطول، والذي كان في هذا الوقت عينه يستقدم الإمبراطور هنري الرابع إلى كنوسا Canossa . وأراد الملك حتى يمنع الحرائق فأمر سكان إنجلترا بإطفاء نار المدافئ أوتغطيتها قبل الساعة الثامنة مساء، ومعنى هذا حتى يأوي الأهلون إلى فراشهم في فصل الشتاء في هذا الوقت(27). واشتدت حاجته إلى المال للإنفاق منه على حكومته الآخذة في الاتساع، وعلى فتوحه المترامية الأطراف، ففرض ضرائب باهظة على جميع البيوع، والواردات، والصادرات، واستخدام القناطر، والطرق. وأعاد جميع الضرائب التي ألغاها من قبل إدوارد المعترف. ولما فهم حتى بعض الإنجليز أودعوا أموالهم في سراديب الأديرة ليخففوها عنه، أمر بتفتيش جميع الأديرة وبنقل جميع ما مخبأ فيها إلى بيت ماله، ولم يكن بلاطه الملكي يتورع عن قبول الرشا، وتسجيلها بأمانة في السجل العام(28). لقد كانت حكومته في صراحة تامة حكومة فاتحين يعتزمون حتى يجعلوا مكاسب مغامرتهم تتناسب مع ما تعرضوا له من الأخطار.

وكان لرجال الدين النورمان نصيبهم من النصر، فقد جئ بلافرانك Lafranc القدير المرن من كائن Caen ونصب كبيراً لأساقفة كنتربري وكبيراً لوزراء الملك. فلما اتى عثر رجال الدين الأنجليسكسون مولعين بالصيد، ولعب النرد، والزواج(29)، فاستبدل بهم قساوسة وأساقفة، ورؤساء أديرة من النورمان؛ ووضع دستوراً جديداً للأديرة هوالمعروف بعادات كنتربري، وحمل مستوى رجال الدين الإنجليز من الناحيتين العقلية والخلقية. وأصدر وليم- بإيحاء منه في أغلب الظن- قراراً بفصل المحاكم الكنسية عن المحاكم المدنية، وأمر بأن ينظر في جميع المسائل الروحية بمقتضى قانون الكنيسة، وتعهد بأن تنفذ الدولة جميع ما تحكم به المحاكم الكنسية من عقوبات. وأمر بأن تجبى العشور من الشعب لمعونة الكنيسة، ولكنه طلب ألا يذاع أوينفذ قرار بابوي أورسالة بابوية في إنجلترا بغير موافقته، وألا يدخل إنجلترا مبعوث من قبل البابا إلا بإذن ملكي. وفصلت من ذلك الحين جمعية الأساقفة الوطنية عن الويتان وكانت من قبل جزءاً منه، وأصبحت هيئة مستقلة، لا تنفذ قراراتها إلا إذا صادق عليها الملك(30).

ووجد وليم حتى حكم مملكته أيسر عليه من حكم أسرته، شأنه في هذا شأن الكثرة الغالبة من عظماء الرجال. فقد كانت الإحدى عشرة السنة الأخيرة من حياته مليئة بالنزاع بينه وبين زوجته الملكة ماتلدا Matilda، وطلب ابنه روبرت حتىقد يكون له السلطان الكامل على نورماندي، فلما رفض طلبه هذا خرج على أبيه، وحاربه وليم حرباً غير حاسمة، ثم صالحه على حتى يوصي له بهذه الدوقية بعد وفاته. وزاد جسم الملك زيادة قاسي عليه معها حتى يركب الخيل؛ وحارب فليب الأول ملك فرنسا لخلاف على الحدود؛ ولما طال مكثه في رون، وكاد يعجز عن الحركة لبدانته، سخر منه فليب- على حد قول بعضهم- بأن نطق إذا ملك إنجلترا "ملازم الفراش للنفاس"، وأن الشموع ستوقد في الاحتفال العظيم الذي سيقام في الكنيسة بعد حتى يلد. وأمر وليم جيشه حتى يحرق مانت Mantes عن آخرها هي وما جاورها، وأن تتلف جميع المحصولات والفاكهة، ونفذ أمره بحذافيره. وبينما كان وليم يسير فوق جواده وسط مظاهر التخريب والتدمير وهوثمل بخمرة النصر إذ عثر به الجواد فسقط فوق قربوس السرج الحديدي، فحمل إلى صومعة القديس جوفاس Gervase القريبة من رون، حيث اعترف بذنوبه اعترافاً كاملاً، وأدلى بوصيته، وكفر عن هذه الذنوب بأن وزع ثروته على الفقراء والكنيسة، ووهب المال لإعادة بناء مانت. وهجر أبناؤه جميعاً، عدا، هنري، فراش موته ليقتتلوا من أجل وراثة العرش، وفر ضباطه وخدمه بما استطاعوا حتى يستولوا عليه من المغانم؛ وحمل جثته قروي من أتباعه إلى "دير الرجال" Abbay aux Hommes في كائن (1087). ووجد حتى التابوت الذي خلق له لا يتسع لجثته؛ فلما أراد الخدم حتى يحشروا جسمه الضخم في هذا التابوت الضيق، انفجر الجسم؛ وملأ الكنيسة كلها برائحة الملك الكريهة(31).

وكانت نتائج الفتح النورماني كثيرة يخطئها الحصر، فقد فرض شعب حديث وفرضت طبقة جديدة على الدنمرقيين الذين حلوا محل الإنجليز والسكسون، الذين غلبوا البريطانيين الرومان، الذين فرضوا سيادتهم على الكلت ؛ وكان لابد حتى تمر عدة قرون قبل حتى يثبت الأنجليسكسون والكلت وجودهم في الدم البريطاني واللغة البريطانية؛ وكان بين النورمان والدنمرقيين أواشج قربى، ولكنهم في المائة السنين التي اتىت بعد رولوRollo أصبحوا فرنسيين، فلما نزلوا بإنجلترا أصبحت عاداتها الرسمية ولغتها الرسمية عادات ولغة فرنسية، وظلت كذلك ثلاثة قرون. واتى مع الفاتحين من فرنسا إلى إنجلترا نظام الإقطاع بكل ما فيه من زينة الخيول، وفروسية، وعلامات الدروع ونقوشها، والمفردات التي تعبر عنها. وفرض رق الأرض على إنجلترا فرضاً كاملاً قاسياً إلى حد لم تعهده من قبل في تاريخها(32)، وكان المرابون اليهود الذين اتىوا مع وليم حافزاً جديداً للتجارة والصناعة؛ ونشاـ من الاتصال الوثيق بين إنجلترا والقارة الأوربية أفكار جديدة في الأدب والفن، وبلغ فن العمارة النورماني ذروة مجده في بريطانيا؛ واتى الأشراف الجدد بعادات جديدة وأخلاق جديدة، وحيوية جديدة، وبنظام زراعي خير مما كان في البلاد من قبل. وحسن الأشراف والأساقفة النورمان النظام الإداري للدولة تحسيناً كبيراً فقد أصبح الحكم مركزياً، ووحدت الدولة وإن لم يكن هذا التوحيد قد تم عن طريق الحكم المطلق، وأصبحت الحياة والأموال أكثر أمناً من ذي قبل، وأقبلت إنجلترا على عهد طويل من السلام الداخلي لم تغز بعده أبداً غزواً ناجحاً.


الغزوالنورماني

تمثال من العصر الڤيكتوري لوليام الفاتح, ممسكاً بكتاب يوم الحساب على القابلة الغربية لكاتدرائية ليتشفيلد.

استطاع التغلب على الكثير من الثورات، ليقوم بعدها بوضع قوانين جديدة، كما جلب معه الكثير من العادات والتنطقيد النورمندية (النظام الإقطاعي للإدارة، وكذا نظام المحاكم). قام بإعادة تنظيم أفراد الطبقة الحاكمة، فشكل من حوله طبقة جديدة من النبلاء العسكريين (استقدم معظمهم من فرنسا)، كانوا يتبعون نظاما هرميا قائم على الولاء، يجلس الملك على قمته. أمر عام 1085 م بإجراء كشف تام عن العقارات والأملاك والأراضي في مملكته، ودَوَّنَها في "كتاب يوم الحساب" (Domesday Book)، وهوالأول من نوعه في تاريخ البلاد.

حكيم وليم الفاتح إنجلترا حكماً جمع فيه بمهارة عظيمة بين الشدة، والقانون، والتقوى، والدهاء، والخداع. فلما حتى حمله إلى العرش الويتان Witan تحت تأثير الخوف والإرهاب، أقسم حتى يطيع القوانين الإنجليزية المعمول بها وقتئذ. وانتهز بعض الأعيان في غربي إنجلترا وشماليها فرصة غيابه في نورمندي وحاولوا إيقاد نار الثورة في البلاد (1067)، فعاد إليهم واندفع في البلاد ينتقم من أهلها أشد الانتقام، فأطلق لنفسه فيه العنان يقتل الأهلين، ويهلك الحرث والنسل، ويدمر البيوت بأساليب منظمة محكمة لم تنج إنجلترا من آثارها كلها حتى القرن التاسع عشر. وقسم أخصب أراضي المملكة إلى ضياع واسعة وزعها على أعوانه النورمان، وشجعهم على بناء قصور حصينة يتخذونها قلاعاً يدافعون بها عن أنفسهم ضد السكان المعادين . واحتفظ هوبمساحات من الأرض واسعة لتكون ملكاً للتاج، واتخذ بترة من هذه الأرض طولها ثلاثون ميلاً، مسارح للملك يصيد فيها الوحوش. ودمر جميع ما في هذه البقعة من منازل، وكنائس، ومدارس ليفسح الطريق للخيل والكلاب، وكان يعاقب جميع من يقتل أيلاً أوأيلة في الغابة الجديدة بفقء عينه(25).

توقيعا وليام الأول وماتلدا هما أول صليبان كبيران في Accord of Winchester من 1072.

إلى غير ذلك نشأت في إنجلترا طبقة الأشراف الجدد الذين لا يزال أبناؤهم من حين إلى حين يسمون بأسماء فرنسية، وانتشر الإقطاع الذي كان من قبل ضعيفاً نسبياً في طول البلاد وعرضها، وحول الشعب أرقاء الأرض. وجعلت الأرض كلها ملكاً للملك، ولكنه جاز للإنجليز الذين استطاعوا حتى يبرهنوا على أنهم لم يقفوا في وجه الفاتحين بأن يعودوا إلى شراء أرضيهم من الدولة. وأراد وليم حتى يسجل مغانمه ويعهدها، فأوفد عماله في عام 1083 ليسجلوا اسم مالك جميع بترة من الأرض في إنجلترا، وحالها، ومحتوياتها؛ وقد ورد في هذا السجل حتى الملك "شدد عليهم في أوامره تشديداً لم تبق معه ياردة واحدة من الأرض، لا... بل ولا ثور أوبقرة، أوخنزير، لم يخط في سجله"(26). وكانت نتيجة هذا العمل هوكتاب الأحكام وهواسم ينذر بما سيكون له من شأن خطير إذ أصبح هو"الحكم" الأخير في جميع المنازعات العقارية. وأراد وليم حتى يضمن لنفسه معونة البلاد الحربية، ويحد من سلطان أتباعه العظام، فاستقدم إليه جميع كبار الملاك في إنجلترا- وكان عددهم ستين ألفاً- إلى اجتماع عقد في سلزبري Salisbury (1086)، وجعل جميع واحد منهم يقسم يمين الإخلاص التام للملك. وكان عمله هذا احتياطاً حكيماً ضد الإقطاعية الفردية التي كانت وقتئذ تبتر أوصال فرنسا. وبعد فلابد للإنسان حتى يتسقط قيام حكومة قوية بعد الفتح. وهذا ما وقع في إنجلترا وقتئذ، فقد أقام وليم أوخلع فرساناً ونبلاء، وأساقفة ورؤساء أساقفة وأديرة؛ ولم يتردد لحظة في حتى يزج في السجن لوردات عظماء. وأن يتمسك بما له من حق تعيين رجال الدين في مناصبهم. ويقاربه في هذه الناحية جريجوري السابع الذي كان مثله ذا حول وطول، والذي كان في هذا الوقت عينه يستقدم الإمبراطور هنري الرابع إلى كنوسا Canossa . وأراد الملك حتى يمنع الحرائق فأمر سكان إنجلترا بإطفاء نار المدافئ أوتغطيتها قبل الساعة الثامنة مساء، ومعنى هذا حتى يأوي الأهلون إلى فراشهم في فصل الشتاء في هذا الوقت(27). واشتدت حاجته إلى المال للإنفاق منه على حكومته الآخذة في الاتساع، وعلى فتوحه المترامية الأطراف، ففرض ضرائب باهظة على جميع البيوع، والواردات، والصادرات، واستخدام القناطر، والطرق. وأعاد جميع الضرائب التي ألغاها من قبل إدوارد المعترف. ولما فهم حتى بعض الإنجليز أودعوا أموالهم في سراديب الأديرة ليخففوها عنه، أمر بتفتيش جميع الأديرة وبنقل جميع ما مخبأ فيها إلى بيت ماله، ولم يكن بلاطه الملكي يتورع عن قبول الرشا، وتسجيلها بأمانة في السجل العام(28). لقد كانت حكومته في صراحة تامة حكومة فاتحين يعتزمون حتى يجعلوا مكاسب مغامرتهم تتناسب مع ما تعرضوا له من الأخطار.

The dominions of William the Conqueror around 1087

وكان لرجال الدين النورمان نصيبهم من النصر، فقد جئ بلافرانك Lafranc القدير المرن من كائن Caen ونصب كبيراً لأساقفة كنتربري وكبيراً لوزراء الملك. فلما اتى عثر رجال الدين الأنجلوسكسون مولعين بالصيد، ولعب النرد، والزواج، فاستبدل بهم قساوسة وأساقفة، ورؤساء أديرة من النورمان؛ ووضع دستوراً جديداً للأديرة هوالمعروف بعادات كنتربري، وحمل مستوى رجال الدين الإنجليز من الناحيتين العقلية والخلقية. وأصدر وليم- بإيحاء منه في أغلب الظن- قراراً بفصل المحاكم الكنسية عن المحاكم المدنية، وأمر بأن ينظر في جميع المسائل الروحية بمقتضى قانون الكنيسة، وتعهد بأن تنفذ الدولة جميع ما تحكم به المحاكم الكنسية من عقوبات. وأمر بأن تجبى العشور من الشعب لمعونة الكنيسة، ولكنه طلب ألا يذاع أوينفذ قرار بابوي أورسالة بابوية في إنجلترا بغير موافقته، وألا يدخل إنجلترا مبعوث من قبل البابا إلا بإذن ملكي. وفصلت من ذلك الحين جمعية الأساقفة الوطنية عن الويتان وكانت من قبل جزءاً منه، وأصبحت هيئة مستقلة، لا تنفذ قراراتها إلا إذا صادق عليها الملك.

ووجد وليم حتى حكم مملكته أيسر عليه من حكم أسرته، شأنه في هذا شأن الكثرة الغالبة من عظماء الرجال. فقد كانت الإحدى عشرة السنة الأخيرة من حياته مليئة بالنزاع بينه وبين زوجته الملكة ماتلدا Matilda، وطلب ابنه روبرت حتىقد يكون له السلطان الكامل على نورماندي، فلما رفض طلبه هذا خرج على أبيه، وحاربه وليم حرباً غير حاسمة، ثم صالحه على حتى يوصي له بهذه الدوقية بعد وفاته. وزاد جسم الملك زيادة قاسي عليه معها حتى يركب الخيل؛ وحارب فليب الأول ملك فرنسا لخلاف على الحدود؛ ولما طال مكثه في روان، وكاد يعجز عن الحركة لبدانته، سخر منه فليب- على حد قول بعضهم- بأن نطق إذا ملك إنجلترا "ملازم الفراش للنفاس"، وأن الشموع ستوقد في الاحتفال العظيم الذي سيقام في الكنيسة بعد حتى يلد. وأمر وليم جيشه حتى يحرق مانت Mantes عن آخرها هي وما جاورها، وأن تتلف جميع المحصولات والفاكهة، ونفذ أمره بحذافيره. وبينما كان وليم يسير فوق جواده وسط مظاهر التخريب والتدمير وهوثمل بخمرة النصر إذ عثر به الجواد فسقط فوق قربوس السرج الحديدي، فحمل إلى دير القديس جرڤايس Gervais القريبة من روان، حيث اعترف بذنوبه اعترافاً كاملاً، وأدلى بوصيته، وكفر عن هذه الذنوب بأن وزع ثروته على الفقراء والكنيسة، ووهب المال لإعادة بناء مانت. وهجر أبناؤه جميعاً، عدا، هنري، فراش موته ليقتتلوا من أجل وراثة العرش، وفر ضباطه وخدمه بما استطاعوا حتى يستولوا عليه من المغانم؛ وحمل جثته قروي من أتباعه إلى "دير الرجال" Abbay aux Hommes في كائن (1087). ووجد حتى التابوت الذي خلق له لا يتسع لجثته؛ فلما أراد الخدم حتى يحشروا جسمه الضخم في هذا التابوت الضيق، انفجر الجسم؛ وملأ الكنيسة كلها برائحة الملك الكريهة.

وكانت نتائج الفتح النورماني كثيرة يخطئها الحصر، فقد فرض شعب حديث وفرضت طبقة جديدة على الدنمرقيين الذين حلوا محل الإنجليز والسكسون، الذين غلبوا البريطانيين الرومان، الذين فرضوا سيادتهم على الكلت ؛ وكان لابد حتى تمر عدة قرون قبل حتى يثبت الأنجليسكسون والكلت وجودهم في الدم البريطاني واللغة البريطانية؛ وكان بين النورمان والدنمرقيين أواشج قربى، ولكنهم في المائة السنين التي اتىت بعد رولوRollo أصبحوا فرنسيين، فلما نزلوا بإنجلترا أصبحت عاداتها الرسمية ولغتها الرسمية عادات ولغة فرنسية، وظلت كذلك ثلاثة قرون. واتى مع الفاتحين من فرنسا إلى إنجلترا نظام الإقطاع بكل ما فيه من زينة الخيول، وفروسية، وعلامات الدروع ونقوشها، والمفردات التي تعبر عنها. وفرض رق الأرض على إنجلترا فرضاً كاملاً قاسياً إلى حد لم تعهده من قبل في تاريخها(32)، وكان المرابون اليهود الذين اتىوا مع وليم حافزاً جديداً للتجارة والصناعة؛ ونشاـ من الاتصال الوثيق بين إنجلترا والقارة الأوربية أفكار جديدة في الأدب والفن، وبلغ فن العمارة النورماني ذروة مجده في بريطانيا؛ واتى الأشراف الجدد بعادات جديدة وأخلاق جديدة، وحيوية جديدة، وبنظام زراعي خير مما كان في البلاد من قبل. وحسن الأشراف والأساقفة النورمان النظام الإداري للدولة تحسيناً كبيراً فقد أصبح الحكم مركزياً، ووحدت الدولة وإن لم يكن هذا التوحيد قد تم عن طريق الحكم المطلق، وأصبحت الحياة والأموال أكثر أمناً من ذي قبل، وأقبلت إنجلترا على عهد طويل من السلام الداخلي لم تغز بعده أبداً غزواً ناجحاً.


المصادر

ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)

وصلات خارجية

اقرأ اقتباسات ذات علاقة بوليام الأول من إنگلترة، في فهم الاقتباس.
  • وليام الأول من إنگلترة في Genealogics
  • William the Conqueror, by E. A. Freeman at Project Gutenberg
  • Illustrated biography of William the Conqueror
  • William I of England at Find a Grave
  • History House: William the Conqueror
  • Jacob Abbott, William the Conqueror Baldwin Project reprint, written originally in 1849 for younger readers, but contains useful information about the life of William I and the Norman Conquest.
وليام الأول من إنگلترة
بيت نورمندي
وُلِد: 1028 توفي:تسعة سبتمبر 1087
ألقاب ملكية
سبقه
إدگار إثلنگ
ملك إنگلترة
1066–1087
تبعه
وليام الثاني
نبيل فرنسي
سبقه
روبرت العظيم
دوق نورمندي
1035–1087
تبعه
Robert Curthose
معلومات عائلة
ريتشارد الثاني من نورمندي
بيت النورمان
دوق نورمندي وليام الأول من إنگلترة
جوديث من بريتاني
بيت Rennes
فولبرت من فاليز هرلڤا من فاليز
دودا
Notes and references
1. Tompsett, Brian, Directory of Royal Genealogical Data (Hull, UK: University of Hull, 2005).
2. Ross, Kelley L., The Proceedings of the Friesian School (Los Angeles, US: Los Angeles Valley College, 2007).
تاريخ النشر: 2020-06-05 07:40:35
التصنيفات: Pages with citations using unsupported parameters, ملوك إنگليز, نورمنديون, دوقات نورمندي, وفيات بحوادث ركوب خيل, الفتح النورماني لإنگلترة, أنگلو نورمان, ملوك بريطانيون مدفونون بالخارج, حكام أطفال قروسطيون, مواليد عقد 1020, وفيات 1087, برج لندن, Accidental human deaths in France

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

احتقان جديد.. عدول المغرب يقررون خوض إضراب وطني لمدة أسبوع

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-25 12:13:38
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 53%

تذكار استشهاد القديس الجليل فيلوثاؤس “محب الإله”

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-01-25 12:21:46
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 56%

بالصور.. “الذهب الأحمر”.. انطلاق موسم حصاد الفراولة بالبحيرة

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-01-25 12:21:43
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 56%

توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-25 12:13:43
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 56%

قطر ترد على تسريبات نتنياهو ينتقد فيها الدوحة ودورها في الو

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-01-25 12:22:40
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 61%

العدل الدولية تعلن موعد إصدار حكمها في قضية "الإبادة الجماعي

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-01-25 12:22:47
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 62%

بيد أسقف بني سويف.. رسامة مكرسة جديدة بدير بنات مريم

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-01-25 12:21:48
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 70%

فيديو| انسحاب دبلوماسيين من جلسة مجلس الأمن خلال كلمة ممثل إ

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-01-25 12:22:54
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 51%

الشامي: التمكين للنساء يتطلب كسر "السقف الزجاجي"

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-25 12:13:42
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 65%

العودة.. فيلم لوزارة الداخلية احتفالا بعيد الشرطة 72 «فيديو»

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-25 12:21:09
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 53%

15 مليون دولار.. واشنطن ترصد مكافأة مقابل معلومات عن رجل أعم

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-01-25 12:22:33
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 60%

تحميل تطبيق المنصة العربية