الجميل (أسماء الله الحسنى)
نطق صلى الله عليه وسلم : (( إذا الله جميل يحب الجمال))(رواه مسلم) فهوسبحانه جميل بذاته، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، فلا يمكن مخلوقاً حتى يعبر عن بعض جمال ذاته، حتى حتى أهل الجنة مع ما هم فيه من النعيم المقيم واللذات والسرور والأفراح التي لا يقدر قدرها إذا رأوا ربهم وتمتعوا بجماله نسوا ما هم فيه من النعيم وتلاشى ما فيه من الأفراح، وودّوا حتى لوتدوم هذه الحال، واكتسبوا من جماله ونوره جمالاً إلى جمالهم، وكانت قلوبهم في شوق دائم ونزوع إلى رؤية ربهم، ويفرحون بيوم المزيد فرحاً تكاد تطير له القلوب. وكذلك هوالجميل في أسمائه، فإنها كلها حسنى بل أحسن الأسماء على الإطلاق وأجملها، نطق تعالى : {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها (سورة الأعراف الآية 180) ونطق تعالى : {هل تفهم له سمياً (سورة مريم الآية 65) فكلها دالة على غاية الحمد والمجد والكمال، لا يسمى باسم منقسم إلى كمال وغيره. وكذلك هوالجميل في أوصافه، فإن أوصافه كلها أوصاف كمال ونعوت ثناء وحمد، فهي أوسع الصفات وأعمها وأكثرها تعلقاً، خصوصاً أوصاف الرحمة، والبر، والكرم، والجود، وكذلك أفعاله كلها جميلة، فإنها دائرة بين أفعال البر والإحسان التي يحمد عليها ويثنى عليه ويشكر، وبين أفعال العدل التي يحمد عليها لموافقتها للحكمة والحمد، فليس في أفعاله عبث، ولا سفه، ولا سدى، ولا ظلم، كلها خير، وهدى، ورحمة، ورشد، وعدل : {إن ربي على صراط مستقيم (سورة هود الآية 56) فلكماله الذي لا يحصي أحد عليه به ثناء كملت أفعاله كلها فصارت أحكامه من أحسن الأحكام، وصنعه وخلقه أحسن خلق وصنع: أتقن ما صنعه : {صنع الله الذي أتقن جميع شيء (سورة النمل الآية 88) وأحسن خلقه.{الذي أحسن جميع شيء خلقه (سورة السجدة الآية 7) {ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون (سورة المائدة الآية 50) والأكوان محتوية على أصناف الجمال، وجمالها من الله تعالى فهوالذي كساها الجمال وأعطاها الحسن، فهوأولى منها لأن معطي الجمال أحق بالجمال، فكل جمال في الدنيا والآخرة باطني وظاهري، خصوصاً ما يعطيه المولى لأهل الجنة من الجمال المفرط في رجالهم ونسائهم، فلوبدا كفّ واحدة من الحور العين إلى الدنيا، لطمس ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم، أليس الذي كساهم ذلك الجمال ومنّ عليهم بذلك الحسن والكمال أحق منهم بالجمال الذي ليس كمثله شيء.فهذا مرشد عقلي واضح مسلّم المقدمات على هذه المسألة العظيمة وعلى غيرها من صفاته، نطق تعالى : {ولله المثل الأعلى (سورة النحل الآية 60) فكل ما عثر في المخلوقات من كمال لا يستلزم نقصاً، فإن معطيه وهوالله أحق به من المعطى بما لا نسبة بينهم ، كما لا نسبة لذواتهم إلى ذاته وصفاتهم إلى صفاته، فالذي أعطاهم السمع، والبصر، والحياة، والفهم، والقدرة، والجمال، أحق منهم بذلك، وكيف يعبِّر أحد عن جماله وقد نطق أفهم الخلق به : ((لا أحصي ثناء عليك كما أثنيت على نفسك))(رواه مسلم) ونطق صلى الله عليه وسلم : ((حجابه النور لوكشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه))(رواه مسلم) فسبحان الله وتقدس عما يقوله الظالمون النافون لكماله علواً كبيراً، وحسبهم مقتاً وخساراً أنهم حرموا من الوصول إلى معهدته والابتهاج بمحبته. نطق صلى الله عليه وسلم في الحديث السليم : ((لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله، يجعلون له الولد وهويعافيهم ويرزقهم))(رواه البخاري) ونطق أيضاً في السليم: نطق الله تعالى : ((كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك.وشتمني ابن آدم ولم يكن له ذلك. فأما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني.وليس أول الخلق بأهون عليَّ من إعادته.وأما شتمه إياي فقوله إذا لي ولداً وأنا الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد))(رواه البخاري) فالله تعالى يدر على عباده الأرزاق المطيع منهم والعاصي، والعصاة لا يزالون في محاربته وتكذيبه وتكذيب رسله والسعي في إطفاء دينه، والله تعالى حليم على ما يقولون وما يعملون، يتتابعون في الشرور وهويتابع عليهم النعم ، وصبره أكمل صبر لأنه عن كمال قدرة وكمال غنى عن الخلق وكمال رحمة وإحسان ، فتبارك الرب الرحيم الذي ليس كمثله شيء الذي يحب الصابرين ويعينهم في جميع أمرهم.