في فهم النفس، عدم الاتساق المعهدي cognitive dissonance، هوالإنزعاج العقلي (التوتر النفسي) الذي يعانيه منه إنسان يحمل معتقدين، فكرتين، أوقيمتين متناقضتين أوأكثر. ينجم هذا الانزعاج عن موقف يتعارض فيه معتقد الشخص مع الأدلة الجديدة التي يتصورها الشخص. عند لقاءة الحقائق التي تتعارض مع المعتقدات والقيم والمثل العليا، سيحاول الأشخاص إيجاد طريقة لحل التناقض من أجل تقليل انزعاجهم.

في نظرية عدم الاتساق المعهدي (1957)، اقترح ليون فستنگر حتى البشر يسعون إلى الاتساق النفسي الداخلي من أجل توظيفه عقلياً في العالم الحقيقي. يميل الشخص الذي يعاني من عدم الاتساق الداخلي إلى حتىقد يكون غير مستريح نفسياً ولديه دوافع للحد من عدم الاتساق المعهدي، عن طريق إجراء تغييرات لتبرير السلوك المتوتر، إما عن طريق إضافة أجزاء جديدة إلى الإدراكات المسببة لعدم الاتساق النفسي أوعن طريق تجنب الظروف والمعلومات المتناقضة المحتمل حتى زيادة حجم عدم الاتساق المعهدي.

الأنماط

رئيس سلطة التنسيق الأمني ونظرية فستنگر

في عام 1957 وضع ليون فستنگر Leon Festinger نظريته (عدم الاتساق المعهدي: Cognitive dissonance) والتي جرى تطبيقها من قبل باحثي فهم النفس السياسي على عدد من زعماء العالم مثل الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريگان والرئيس الباكستاني السابق يحيى خان ورئيسة الوزراء الاسرائيلية گولدا مئير وأنور السادات ...الخ.

تقوم نظرية فستنگر على نقطة مركزية هي حتى الفرد تسيطر عليه فكرة "مهيمنة" على منظومته المعهدية، وما إذا يكشف الواقع أوالبحث الفهمي عن "عدم اتساق تلك الفكرة مع معطيات الواقع أوما يكشفه الفهم، يميل الفرد لإعادة تفسير الواقع بكيفية تحايلية "تعيد الاتساق بين الفكرة المهيمنة وبين الواقع أونتائج البحث الفهمي" فيشعر الفرد بأنه متسق ولا تناقض بين البعدين: فكرته المهيمنة والواقع أوما يكشفه البحث الفهمي، ويعطي فستنگر مثال؛ المدخن الذي يدرك تمام الادراك حتى التدخين سبب للسقم وللانفاق المالي ولتلويث البيئة ...الخ، إلا أنه يصر على التدخين، فإذا سألته لما تدخن ولديك جميع هذه السلبيات عن التدخين ..،يا ترى؟ هنا يبدأ في اختراع حيل لتبرير سلوكه المتناقض مع معطيات الكشف الفهمي أومع شواهد الحياة اليومية.

ومن أبرز تقنيات التحايل المعهدي هو:

1. تفسير أي معلومة جديدة مناقضة لفكرة الفرد المهيمنة بكيفية تجعلها تبدومتسقة مع الفكرة المهيمنة.
2. التشكيك في مصدر المعلومة الجديدة المناقضة للفكرة المهيمنة.
3. اعتبار الاكتشاف الجديد أوالواقع المناقض للفكرة المهيمنة من باب " الشاذة" التي لا يُبنى عليها.
4. البحث عن أية مؤشرات مهما كانت هامشية تتسق ومنظومتة المعهدية وفكرته المهيمنة ليتكئ عليها.

ونعود لرئيس سلطة التنسيق الأمني الذي تسيطر عليه فكرة – إذا حَسُنَ ظننا فيه- بأن منهجه في التعامل مع إسرائيل هوالمنهج الأسلم والذي سيفضي لنتائج أفضل من أي منهج آخر، وهذا المنهج هوالامتناع عن أي شكل من أشكال المقاومة ومحاولة التقرب التدريجي من المجتمع الاسرائيلي وبطريقة منظمة على غرار خطبه للشباب الاسرائيلي " بلغة غنائية راسيرة" لقاء لغة خشنة حاقدة على اصحاب المناهج المخالفة له في الساحة الفلسطينية. ورغم أنه ومنذ انصالاته السرية مع اسرائيل منذ عام 1985 (أي قبل أوسلوبثمانية سنوات) وهوما كشف عنه رئيس الوزراء الأردني ومدير المخابرات أحمد عبيدات في محاضرته في الجمعية الأردنية للعلوم السياسية بتاريخ 11- ديسمبر 2012، فان رئيس سلطة التنسيق الأمني مصر على ممارسة التحايلات المعهدية الصارخة في جميع ما يقوله ويعمله،فرغم أنه لم يحقق ولوذرة من النتائج ولم يتقدم في انجاز مشروعه قيد أنملة الا انه يصر على حتى منهجه " سليم تماما وعقلاني وله المستقبل "، وهوما يذكر بالمثل الشعبي العربي الجميل " إمعيز ولوطارت ". فلنحاول التوقف عند بعض آليات التحايل المعهدي التي عرضها فستنگر:

1. مع انه لم يتمكن من الافراج عن أي اسير فلسطيني من سجون الاحتلال ، بينما نجحت المقاومة في الافراج –تاريخيا – عن آلاف المعتقلين ، إلا انه يتعالى وبنرجسية سقمية على هذه الانجازات ، ويحاول ان يقدمها على انها نتيجة لاتفاقيات سرية بين المقاومة واسرائيل أولأغراض غير نزيهة.
2. أي معلومة تكشف عن علاقته المشبوهة ومهما كانت موثقة طبقا لأصول التوثيق، فإنه يشكك في صحة مصدرها،ويمكن تقديم نماذج على ذلك: مثل( قضية krotov اوما كشف عنه شيخ الاسلام في السفارة الامريكية في طهران اوفتح فضائية ضد أحمدي انجاد أومسببات الضغط الامريكي والاوروبي على عهدات لتعيينه رئيسا للوزراء ومنحه صلاحيات واسعة ومنها اتى وصف " كرزاي" اوقضية " كرسي تونس" أوقضية البحث عن شاليط لاعادته ...الخ.

ويبدوالتحايل هنا في التشكيك في جميع مصادر هذه الاخبار فوكالة رويترز وصحف الغارديان ونيويورك تايمز ووكالة أرنا ووثائق جامعة كامبريج وفضائية البي بي سي ...الخ. كلهم مصادر غير موثوقة وكاذبة، رغم ان معلوماتهم " موثقة" طبقا للHصول المعروفة.

1. تحايل الحالة الشاذة ، فنجاح أي عملية للمقاومة في فلسطين اوفي لبنان هي حالة " يتعامل معها بسخرية ويعتبرها من قبيل الاصطلاح الفلسطيني " أجت معهم هيك " ، ولكي يقلل من اهميتها فإنه يميل للغة تحايلية ،وهوما يتضح في تعبير الصواريخ " العبثية" رغم ان هذه الصواريخ تحول دون دخول أي جندي اسرائيلي الى ارض غزة بينما يدخل هذا الجندي ويخرج من رام الله بكل أريحية، بل إذا ضاع اوتاه هذا الجندي هبت مليشياته تبحث عن هذا الجندي وتعيده لاسرائيل " وبدون أي لقاء". إنه يريد حتى يكرس فكرته المهيمنة رغم ان الواقع والكشف الفهمي ينفيها نفيها تاما.
2. التشبث بالوقائع الهامشية، فأي تصريح اوإشارة ايجابية للسلام - ولومن باب النادىية- سواء أكانت اسرائيلية اوغربية اوأمريكية على قلتها فإنه يتشبث بها ويبني عليها آمال تعيد التذكير بان منهجه وفكرته المركزية سليمة، ولا شك ان كتاب " رئيسنا قدوتنا" الذي جرى اشهاره مؤخرا يؤيد هذا النمط من التحايل.

كل هذا. مرة أخرى لو"حَسُن الظن". وقد عودتني السياسة حتى أكون سيء النية دائما، وإلا كيف من الممكن أن نفسر انه وعد بالغاء التنسيق الأمني 58 مرة (وكلها موثقة توثيقا فهميا وباحصاء كمي دقيق) ومع ذلك فانه يصف التنسيق "بالمقدس"..لقد وعد بالغاء المقدس 58 مرة. فهل التحايل المعهدي يضيء على آليات اتخاذ القرار الفلسطيني " غير المتسق" مع الواقع أوالكشف الفهمي اليومي.

انظر أيضاً

المصادر

للاستزادة

• Acharya, A., Blackwell, M., & Sen, M. (2015, May 28). Explaining Attitudes from Behavior: A Cognitive Dissonance Approach*. Retrieved from https://scholar.harvard.edu/files/msen/files/cognitive-dissonance-theory.pdf
• Cooper, J (2007), Cognitive dissonance: Fifty years of a classic theory, London: Sage publications, ISBN 978-1-4129-2972-1, https://books.google.com/?id=ztSKhudXJCYC 
• Fearon, J. D., & Latin, D. D. (2000). Violence and the Social Construction of Ethnic Identity. The University of Wisconsin Press Journals Division.* Gawronski, B., & Strack, F. (Eds.). (2012). Cognitive consistency: A fundamental principle in social cognition. New York: Guilford Press.
• Harmon-Jones, E., & J. Mills. (Eds.) (1999). Cognitive Dissonance: Progress on a Pivotal Theory in Social Psychology. Washington, DC: American Psychological Association.
• Tavris, C.; Aronson, E. (2007). . Orlando, FL: Harcourt. ISBN .
• McLeod, S. "Cognitive Dissonance". Retrieved 3 December 2013.
• Jarcho, JM (September 2011). "Department of Psychiatry and Behavioral Sciences". Social Cognitive and Affective Neuroscience. 6 (4): 460–7. doi:10.1093/scan/nsq054. PMC 3150852. PMID 20621961.
• Wagner, D. A. (2014). The Marketing of Global Warming: A Repeated Measures Examination of the Effects of Cognitive Dissonance, Endorsement, and Information on Beliefs in a Social Cause. Proquest Digital Dissertations: https://pqdtopen.proquest.com/doc/1906281562.html?FMT=ABS .

وصلات خارجية

• Festinger and Carlsmith's original paper
• Leon Festinger, An Introduction to the Theory of Cognitive Dissonance (1956)