تل غانم العلي

يقع تل "غانم العلي" شمال طريق الرقة-دير الزور، بمسافة لا تتجاوز الـ 500 م، جانب قرية "غانم العلي"، التي تبعد عن مدينة الرقة نحو40 كم، باتجاه الشرق، على الضفة الغربية لنهر الفرات، وعلى ازدياد عشرة أمتار عن مستوى سطح النهر، وتعمل في هذا المسقط بعثة يابانية سورية مشهجرة.

تبلغ أبعاد هذا التل حوالي 400 م، شرق غرب، و300 م، شمال جنوب، ويرتفع عن سطح البحر حوالي 238 م، وبالعودة إلى الكسر الخزفية التي جمعت في موسم التنقيب الأول، يمكن تأريخ المسقط إلى فترة البرونز المبكر، دون حتى نستطيع تكهن التاريخ بدقة، حيث إنَّ هناك عدداً كبيراً من المواقع الأثرية على ضفة نهر الفرات بالقرب من مدينة "الرقة"، والتي يمكن تأريخها بنفس الفترة الزمنية، مثل "تل البيعة"، "تل الثديين"، "تل الحمادين".

التنقيب

الطبقات الأثرية في تل غانم العلي.

في عام 2008، أُجرِيَ سبر اختباري لمسقط تل "غانم العلي"، وذلك لفهم "الاستراتيغرافية" الأثرية للمسقط، والتي تعني التوضع الطبقي للمسقط، فمن خلالها ثبت وجود خمس طبقات على الأقل، احتوت طمياً ترابياً، تراباً متخلخلاً، كسر فخار، أجزاء فحمية من الطبقة الرملية المتخلخلة، ونوى صوانية، حيث احتوت الطبقات الثلاث الأولى على الكسر الفحمية، حيث كان الإشغال السكاني للتل، وتم أخذ عينات فحمية من المسقط، وعينات أخرى من شرفات النهر، والتي ستقدم لنا معلومات هامة عن تأريخ المسقط.

خلال عمليات التنقيب تبين وجود جدران حجرية متوازية، بالإضافة إلى وجود "تنور"، تم الوصول إلى قاعدته التي كانت أرضية من الحصى، والرماد يعلوها، كما تبين خلال عمليات التنقيب وجود الكثير من جدران الغرف المتصلة باتجاه شمال جنوب، بالإضافة لوجود جدران حجرية، إذ تم الكشف عن وجود جدران من اللبن، ومن الصعب حالياً إعطاء تأريخ دقيق لعمر التل كما قلنا سابقاً، لكون الفخار المأخوذ منه ما يزال قيد الدراسة.

عادت الاستكشافات في عام 2009 بحصاد وفير، وكانت قد عملت الكثير من البعثات في هذا المجال, منها بعثات وطنية كما هوالحال في "تل دامر"، ومسقط "الشيخ حسن"، وبعثات مشهجرة مثل البعثة السورية الألمانية في "تل الخويرة"، و"خراب بني سيار"، و"الرصافة"، والبعثة السورية اليابانية في منطقة "البشري"، والبعثة السورية الأمريكية في "تل زيدان"، إضافة إلى البعثة الهولندية في "الصبي الأبيض"، والأمريكية في "تل السويحات".

نقبت هذه البعثات في كافة المواقع المذكورة، وكان الحصاد وفيراً، وقامت بعمليات مسح تام لهذه المواقع, ودرست إمكانية ترميمها، وحضّرت لتطبيق أعمال ستساهم في الحفاظ على المباني الأثرية, وخاصة في "الرصافة"، وتعمل البعثة الواحدة أحياناً في أكثر من مسقط، لهذا وصل عدد المواقع التي عملت فيها البعثات المذكورة لأكثر من عشرة مواقع».

أشكال حيوانية مكتشفة بتل غانم العلي.

جزء من تمثال إمرأة.

ذكر ذلك السيد "محمد سرحان الأحمد"، مدير آثار "الرقة"، وهويتحدث لمسقط eRaqqa بتاريخ (10/10/2009)، عن اللقى الأثرية التي تم العثور عليها في موسم التنقيب الأثري للعام /2009/، والمكتشفات الأثرية في مسقط "البشري".

وأضاف "الأحمد"، قائلاً: «عملت البعثة السورية اليابانية في منطقة "البشري" خلال موسم التنقيب الأثري للعام الحالي /2009/, وهوموسمها التاسع حتى الآن، وهجرز مجال عملها على نقاط ثلاث، أولها المسح الأثري لمسقط تل "غانم العلي"، وتم فيه الهجريز على المناطق المجاورة لمسقط العصر البرونزي، والذي يقع على الضفة اليمنى لنهر "الفرات".

تم مسح المنطقة بشكل شبه دائري على مساحة تمتد /10/ كم، وهي تتألف من منطقتين مختلفتين من حيث البيئة، الأولى لقى أثرية في المسقط في منطقة نهر "الفرات" المنخفضة، والثانية منطقة نجد "البشري" المرتفعة, وتم مسح منطقة وادي "جزلة" الغربية, التي تقع على بعد كيلومترين من مسقط تل "غانم العلي", كما تم مسح وادي "بيلون"، الذي يقع قريباً من الحد الشرقي من منطقة المسح, كذلك قمنا بمسح تام لفهم مصادر المواد الأولية لحجر الصوان المحلي، المستخدم من مجتمعات عصر "البرونز"».

أما النقاط الأخرى التي ضمها المسح الأثري في المسقط، أجملها مدير الآثار قائلاً: «النقطة الثانية التي ضمها المسح، هي السبر الاختباري الأثري في منطقة "تل شبوط"، وتم العمل ابتداءً من تل "شبوط "، الذي يقع جنوب قرية "غانم العلي" الحالية، وعلى الحافة الشمالية من نجد "البشري"، المطل على مسقط تل "غانم العلي" من جهة الشمال على بعد كيلومتر واحد، وأثبت السبر حتى التل كان مستخدماً كمدافن رومانية في فترة لاحقة.

النقطة الثالثة تمثلت في السبر الاختباري في مسقط "غانم العلي"، حيث اكُتشف وجود مدفن يحوي عظام إنسان واحد, كما يحتوي القبر على الأثاث الجنائزي المؤلف من سبع بتر فخارية تنتمي إلى العصر البرونزي الوسيط».