يوهان سباستيان باخ

عودة للموسوعة

يوهان سباستيان باخ

يوهان سباستيان باخ
يورتريه لـ "يوهان سباستيان باخ" من أعمال هاوسمان عام 1748
الميلاد 21 مارس 1685
إيزناخ، ألمانيا
الوفاة 28 يوليو1750
لايبزيج، ألمانيا

يوهان سباستيان باخ (النطق الألماني: [joˈhan] أو[ˈjoːhan zeˈbastjan ˈbax]) (31 مارس، 1685 [O.S. 21 مارس] - 28 يوليو1750) (ويشار إليه عادة باسم باخ)، هومؤلف موسيقي وعازف أورگن ألماني، يعتبر أحد أكبر عباقرة الموسيقى الكلاسيكية في التاريخ الغربي.

بورتريه لباخ في 1648 بريشة Haussmann

حياته

ولد عام 1685 م في إيزناخ. تفهم في بلدته، وتلقى دراسته للموسيقى في الوقت ذاته عن أبيه يوهان أمبروزيس (عازف كمان). تابع يوهان بعد وفاة والده دراسة العزف على الكلافان والأورگن مع أخيه الأكبر يوهان كريستوف.

وفي عام ١٧٠٣ م عمل مدة قصيرة كعازف كمان في أوركسترا دوق فايمار. وبعد أشهر قليلة أصبح عازف أورغن في كنيسة ارنتات، حيث بدأ كتابة أول مؤلفاته الموسيقية الدينية. وفي عام ١٧٠٧ م انتقل إلى مدينة مولهاوزن كعازف أورگن في كنيستها، وبعد عودته إلى فايمار خط أول أعماله الشهيرة للأورغن مثل "المغناة" (التوكاتا) "الفوغة" (الشلل). وفي عام 1716 م هجر فايمار ليصبح قائد فرقة موسيقى الحجرة عند الأمير ليوبولد في مدينة أفهالت-كوتن، حيث كان الأمير نفسه يعزف على فيولا الساق في الفرقة الموسيقية بقيادة يوهان سباستيان نفسه. وفي هذه المدينة استطاع حتى يتحرر من الخدمة الكنسية متابعًا التأليف الموسيقي للآلات، فخط معظم الأعمال المهمة له ومنها ست حوريات براندنبورغيه عام 1721 م، سميت كذلك لأنها كانت مكرسة لأمير براندنبورغ.

وفي عام 1723 م استقر في مدينة لايبزيغ لمدة ربع قرن قام بعدة رحلات فنية قصيرة إلى بعض المدن الألمانية تعرّف في أثنائها على أشهر الموسيقيين فيها آن ذاك، كما التقي الملك فريدريك الكبير عام 1747 م وقدّم له بترة هدية موسيقية وهي ذات موضوع من تأليف الملك ذاته. قبل نهاية حياة باخ بوقت قصير، بدأ بصره يضعف تدريجيا حتى أنه كان فاقد البصر تقريبا حتى وفاته، دفن في كنيسة القديس يوحنا ثم نقل ما تظل من رفاته عام 1894 م إلى كنيسة سان توماس ولاءً له وتقديرًا.


مراحل حياته

St. Boniface's Church in Arnstadt

ولد في 21 مارس 1685 بأيزيناخ في دوقية ساكسيفايمار. وفي "الكوتهاوس" المشرف على ميدان لوثر كان المصلح الديني العظيم قد عاش صباه، وعلى تل مشرف على المدينة فارتبورج، القلعة التي اختبأ فيها من شارل الخامس (1521 وترجم العهد الجديد، إذا أعمال باخ أشبه بالإصلاح البروتستنتي ملحناً.

واتت أمه وهوفي التاسعة، ومات أبوه بعد ثمانية أشهر، وضم يوهان سبستيان وشقيقه يوهان باكوب إلى أسرة أخيهما يوهان كريستوف. وفي "الجمنازيوم" بأريزيناخ تلقى سبستيان الكثير من تعاليم المسيحية وبعض اللاتينية، وفي "الليسية" بمدينة أوردروف القريبة تفهم اللاتينية، واليونانية، والتاريخ، والموسيقى. وكان متقدماً في فرقته، فرقي بسرعة وكان أبوه قد فهمه الكمان، وفهمه أخوه كريستوفر البيان القيثاري. وعكف بشغف على هذه الدراسات الموسيقية، وكأن الموسيقى تجرى في عروقه. ونسخ عدداً كبيراً من المؤلفات الموسيقية التي لم تكن ميسرة له بانتظام نسخاً كاملا، إلى غير ذلك بدأ الأذى الذي لحق ببصره فيما يظن البعض.

الأماكن التي عايش فيها باخ

فلما ناهز سبستيان الخامسة عشرة انطلق ليكسب قوته تخفيفاً عن أسرة يوهان كريستوف المتزايدة. فوجد وظيفة مغن سوبرانوفي مدرسة ديرر القديس ميخائيل بلونيبرج، فلما تغير صوته احتفظت به المدرسة عازفاً للكمان في الأوركسترا. ومن لونيبرج زار همبورج، التي تبعد عنها ثمانية وعشرين ميلا، من الممكن للذهاب إلى الأوبرا، ولكن بالتأكيد للاستماع إلى عزف يوهان ادم راينكن، عازف أرغن كنسية القديسة كاترين البالغ من العمر سبعة وسبعين عاماً. ولم تجتذبه الأوبرا، ولكن فن الأرغن استهوى روحه القوية النشيطة، ففن تلك الآلة الشامخة استشعر تحدياً لكل طاقته ومهارته. فما وافت سنة 1703 حتى كان قد بلغ من البراعة في العزف عليها مبلغاً حمل الكنيسة الجديدة بآرنشتات (القريبة من أرفورت) على استخدامه ليعزف ثلاث مرات جميع أسبوع على الأرغن الكبير الذي ركب في الكنيسة مؤخراً، والذي ظل مستعملا حتى 1863. أما وقد أطلق يده في استعمال هذه الآلة لدراساته. فإنه بدأ الآن تلحين أول أعماله الهامة.


وقد أبقاه الطموح دائم التحفيز للنهوض بفنه. ونمى إليه حتى أشهر عازف على الأرغن في ألمانيا، ديترش بوكستيهودي، سيعزف في مدينة لوبيك على بعد خمسين ميلا منه، سلسلة من الألحان فيما بين عيد القديس مارتن وعيد الميلاد في كنيسة مريم. فطلب إلى مجلس كنيسته إجازة شهر، فمنح الإجازة، وأناب ابن عمه يوهان ارنست في أداء عمله وصرف راتبه ثم انطلق راجلا إلى لونيك (أكتوبر 1705). وقد رأينا هاندل وماتيزون يقومان بمثل رحلة الحج هذه. ولم يغر باخ بزواج ابنه بوكستيهودي لقاء وراثة وظيفة، إنما كان يريد حتى يفهم أسلوب الأستاذ في العزف على الأرغن. ولا بد حتى هذا أوشيئاً غيره قد استهواه، لأنه لم يعد إلى أرنشتات حتى منتصف فبراير. وفي 21 فبراير 1706 وبخه مجلس الكنيسة على مده إجازته، وعلى إدخال "تنويعات غريبة" في إستهلالات ترانيمه الجماعية. وفي 11 نوفمبر أنذر لتقصيره في تدريب فرقة الترتيل تدريباً كافياً، ولسماحه سراً "لعذراء غريبة بالتراتيل في الكنيسة"، (ولم يكن يسمح للنساء بعد بالترتيل في الكنيسة). أما الفتاة الغريبة فكانت ماريا برباره باخ، ابنة عمه. وقدم من الاعتذارات ما استطاع تقديمه، ولكنه استنطق في يونيو1707، وقبل وظيفة عازف الأرغن لكنيسة القديس بلازيوس بمولهاوزن. وتقرر حتىقد يكون راتبه السنوي خمسة وثمانين جولدينا، وثلاثة عشر بوشلا من القمح، وكردين من الخشب، وست حزم من الحطب، وثلاثة أرطال من السمك-وهوراتب يعد حسناً جداً بالنسبة للزمان والمكان(42) وفي 17 أكتوبر تزوج ماريا برباره.

Violin Sonata No. 1 in G minor (BWV 1001) in Bach's handwriting

ولكن تين له حتى مولها متعبة كأرنشتات. ذلك حتى جزءاً من المدينة كان قد احترق، ولم يكن أهلها المرهقون طالما يتقبلون معها هذه التنويعات الغريبة، وكان شعب الكنيسة ممزقاً بين اللوتريين السنيين المولعين بالترتيل، والتقويين الذين يعتقدون حتى الموسيقى أقرب الأمور إلى الكفر. وكانت فرقة المرتلين تشكوالفوضى، وباخ يستطيع إحالة الفوضى نظاماً في الأنغام لا في الرجال. فلما تلقى دعوة ليصبح عازف أرغن ومديراً للأوركسترا في بلاط فلهلم إرنست دوق ساكسيفيمار، توسل إلى رؤساءه حتى يخلوسبيله(43). وفي يونيو1708 انتقل إلى وظيفته الجديدة. وكان يتلقى راتباً طيباً في فيمار -156 جولدينا في العام، حملت إلى 225 في 1713، واستطاع الآن حتى يطعم الأفراخ التي كانت ماريا برباره تفقسها. ولم يقنع بحاله تماماً، لأنه كان خاضعاً لرئيس المرتلين في الكنيسة يوهان دريزي، ولكنه أفاد من صداقة يوهان جوتفريد فالتر، عازف الأرغن في كنيسة المدينة، ومؤلف أول قاموس موسيقي ألماني (1732)، وملحن كورالات لا تقل جودة عن كورالات باخ. وبما اضطلع في دراسة الموسيقى الفرنسية والإيطالية باهتمام الآن بفضل فالتر المثقف. وقد أحب فريسكوبالدي وكوريللي، ولكنه افتتن جداً بكونشرتات الكمان التي وضعها فيفالدي، ونقل تسعة منها لآلات أخرى. وكان أحياناً يدخل شذرات مما نقل في ألحانه. ونستطيع حتى نحس أثر فيفالدي في كونشرتات برندنبورج ولكنا نحس فيها أيضاً روحاً أعمق وفناً أغنى.

Commemorative statue of J.S. Bach in Leipzig

أما أبرز واجباته في فيمار فعزف الأرغن في كنيسة القلعة (شلوسكيرشي). وهناك كان في متناوله أرغن صغير ولكنه مجهز تجهيزاً كاملا. وألف لهذه الآلة الكثير من أعظم بتره الأرغنية: الباسا كاليا والفوجه في مقام C الصغير، وأفضل التوكاتات، ومعظم الاستهلالات والفوجات الكبيرة. وكتاب الأرغن الصغير (أورجلبوخلاين). وكانت شهرته إلى الآن عازف أرغن لا ملحناً. وقد تعجب المشاهدون، ومنهم ماتزون الناقد، لخفة حركته في استعمال المفاتيح، والدوسات، والضوابط، وصرح أحدهم بأن قدمي باخ "تطيران على لوحة الدواسة كأنما كان لهما جناحان"(44)

ودعي ليعزف في هاله، وكاسل، وغيرهما من المدن. وفي كاسل (1714) أحب به ملك السويد القادم فردريك الأول إعجاباً حمله على حتى يخلع من أصبعه خاتماً ماسياً ويعطيه لباخ. وفي 1717، التقى باخ في درسدن بجان لوى مارشان الذي ذاع صيته في الأرض عازف أرغن للويس الخامس عشر. واقترح بعضهم مباراة بين العازفين، واتفقا على اللقاء في البيت الكونت فون فلمنج، وكان على جميع منهما حتى يعزف بمجرد النظر أي لحن أرغني يوضع أمامه. وحضر باخ في الساعة المحددة، ولكن مارشان رحل عن درسدن قبله لأسباب مجهولة الآن، فأتاح لباخ نصراً غيابياً لم يشرح صدره.

St. Thomas Church, Leipzig, in the 21st century

على حتى القوم تخطوه في الترقية، رغم اجتهاده وشهرته المتزايدة، حين توفي رئيس عازفي فيمار، وأعطيت الوظيفة لابن الميت. وكان باخ في حالة استعداد نفسي لتجربة بلاط جديد. وعرض عليه ليوبولد أمير أنهالتكوتن وظيفة رئيس عازفيه. ولكن دوق ساكسيفيمار الجديد، قلهلم أوغسطس، رفض حتى يخلي سبيل عازف أرغنه. وألح باخ عليه، فسجنه (6 أبريل 1717)، وثابر باخ على اصراره، فأطلقه الدوق (2 ديسمبر)، وهرول باخ بأسرته إلى كوتن. ولما كان الأمير ليوبولد كلفنيا لا يوافق على موسيقى الكنيسة، فقد كانت وظيفة باخ حتى يدير أوركسترا البلاط، الذي كان الأمير نفسه يعزف فيه الفيولا دا جامبا (فيولا الساق). وعليه ففي هذه الفترة(1717-23) ألف باخ الكثير من موسيقى الحجرة، بما فيها السويتات الإنجليزية والفرنسية. وفي 1721 أوفد إلى كرستيان لودفج حاكم براندنبورج الكونشرتات التي تحمل ذلك الاسم.

تلك كانت في أكثرها سنوات سعيدة، لأن الأمير ليوبولد أحبه، واصطحبه في رحلات شتى، وأظهر في فخر موهبة باخ، وظل صديقا له يوم فرق التاريخ بين طريقيهما. ولكن وقع في يوليو1720 حتى ماتت ماريا برباره بعد حتى ولدت لباخ سبعة أطفال ظل أربعة منهم على قيد الحياة. وبكاها سبعة عشر شهراً، ثم اتخذ له زوجة ثانية تسمى أنا مجدلينا فولكن، ابنة نافخ بوق في أوركستراه. وكان الآن في السادسة والثلاثين، وهي لا تتجاوز العشرين، مع ذلك قامت خير قيام بما ناطها به من واجب-وهوحتى تكون أماً وفية لأطفاله. أضف إلى ذلك أنها كانت تعهد الموسيقى، فساعدته في تلحينه، ونسخت مخطوطاته، وغنت له بصوت وصفه بأنه "سوبرانوشديد الصفاء"(45). وقد أنجبت له ثلاثة عشر طفلا، توفي سبعة منهم قبل حتى يبلغوا الخامسة. لقد نزلت بتلك الأسرة العجيبة فواجع كثيرة. وقد أزعجت باخ معضلة تعليم أطفاله بازياد عددهم. وكان لوثرياً متحمساً، كره الكلفنية الكئيبة التي تفهم العقيدة الكلفنية. ثم حتى أميره المحبوب تزوج(1721) أميرة شابه قللت مطالبها من ليوبولد من اهتمامه بالموسيقى. ومرة أخرى رأى باخ حتى قد آن أوان التغيير. لقد كان روحاً قلقة، ولكن القلق صنعه، ولوأنه ظل في كوتن لما سمعنا به قط. وحدث في يونيو1722 حتى توفي يوهان كوناو، بعد حتى شغل عشرين عاماً وظيفة قائد فرقة الترتيل في مدرسة توماس بليبزج. وكانت مدرسة خاصة ذات سبعة صفوف وثمانية مدسين، تهتم بتدريس اللاتينية والموسيقى واللاهوت اللوثري. وكان على الطلاب والخريجين، بإشراف قائد فرقة الترتيل، حتى يقدموا الموسيقى للكنائس المدنية. وكان القائد خاضعاً لمدير المدرسة والمجلس البلدي الذي يدفع الرواتب.

وطلب المجلس إلى تيليمان حتى يشغل الوظيفة الشاغرة، لأنه حبذ الأسلوب الإيطالي الذي اتسمت به ألحان تيليمان، ولكنه رفض. فعرضها على كريستوفر جراوبنر قائد فرقة المرتلين في دارمشتات، ولكن رئيس جراوبنر أبى حتى يحله من عقده. وفيسبعة فبراير تقدم باخ للمجس طالباً الوظيفة، وارتضى شتى الاختبارات التي أجريت عليه للتأكد من كفايته. ولم يشك أحد في مهارته عازفاً للأرغن، ولكن بض أعضاء المجلس رأوا حتى أسلوب ألحانه يتسم بروح محافظة شديدة(46). وكان اقتراح أحدهم رجلا متوسط الكفاية(47). واستخدم باخ (22 أبريل 1723) بشرط حتى يقوم بتدريس اللاتينية فضلا عن الموسيقى وأن يحيا حياة التواضع والهدوء، وأن يسقط بقبوله العقيدة اللوثرية، وأن يبدي للمجلس"كل الاحترام والطاعة الواجبين" وألا يغادر المدينة قط بغير إذن من العمدة. وفي 30 مايوأسكن هووأسرته في جناح المدرسة السكني، وبدأ واجباته الرسمية. وظل يشغل هذه الوظيفة الثقيلة الأعباء حتى مماته.

Zimmerman's Coffeehouse in Leipzig, where Bach's Collegium Musicum gave regular concerts

وأخذ منذ الآن يلحن مؤلفاته الموسيقية، فيما عدا القداس بمقام "ب" الصغير، لاستخدامها في كنيستي ليبزج الرئيسيتين - كنيسة القديس توماس وكنيسة القديس نيقولا. وكانت خدمات الكنيسة يوم الأحد تبدأ في الساعة السابعة صباحاً بمقدمة على الأرغن، ثم يرتل القسيس الصلاة الافتتاحية، وترتل فرقة المرتلين كيريا (مطلع صلاة كيرياليسون-أي يا رب ارحمنا)، ويرتل القسيس والفرقة - وأحياناً المصلون- ترتيلة "جلوريا" (أي المجد لله في الأعالي) بالألمانية، ثم يرتل المصلون ترتيله. ويرتل القسيس الإنجيل وقانون الإيمان، ويعزف عازف الأرغن مقدمة، وترتل الفرقة كنتاتا، والمصلون ترتيلة "نؤمن كلنا بإله واحد"، ويلي ذلك عظة للقسيس تمتد ساعة، يعقبها الصلاة ثم البركة. وبعد ذلك يأتي تناول القربان المقدس، ثم ترنيمة أخرى. وتنهي هذه الخدمة في الساعة العاشرة شتاء والحادية عشرة صيفاً. وفي الحادية عشرة يتناول الطلاب والمدرسون الغداء في المدرسة. وفي الواحدة والربع بعد الظهر تعود الفرقة إلى الكنيسة لصلاة المساء، ومزيد من الصلوات، والترانيم، والعظة، وتسبحة "تعظم نفسي الرب Magnificat" في صيغتها الألمانية. وفي الجمعة الكبيرة ترتل الفرقة لحن الآم المسيح. ولكي يؤدى باخ الموسيقى لهذه الخدمات كلها درب فرقتين، جميع منهما من نحواثنى عشر عضواً، وأوركسترا يعزف على نحوثماني عشرة آلة. وكان المغنون المنفردون جزءاً من الفرقة، يرتلون معها قبل ألحانهم ومقاطعهم الملحونة وبعدها.

ولقاء هذه الخدمات المعقدة التي أداها باخ في ليبزج كان يتقاضى راتباً في المتوسط سبعمائة طالر في السنة، يدخل فيه نصيبه من صروفات التلاميذ المدرسية، وأتعابه نظير تقديم الموسيقى في الأفراح والمآتم.

The 1750 "Volbach Portrait" may show Bach in the last months of his life

وكانت سنة 1729، التي اتىت ب" لحن آلام المسيح كما رواها القديس متي"، في حساب باخ سنة سيئة، لأن الجواعتدل جداً حتى عز الموتى(48). وكان بين الحين والحين يكسب بعض المال الإضافي من قيادة الحفلات الموسيقية العامة للجماعة الموسيقية. وحاول حتى يزيد من دخله بالمطالبة بالإشراف على الموسيقى في كنيسة القديس بولس الملحقة بجامعة ليبزج، وعارضه بعض منافسيه عليها، فظل سنتين في خلاف مع السلطات الجامعية وانتهى إلى حل وسط غير سقم لكل الأطراف المعنية.

ثم خاض معركة طويلة أخرى مع المجلس البلدي الذي يختار الطلبة لمدرسة توماس، ذلك حتى أعضاء المجلس نزعوا إلى حتى يرسلوا له طلاباً اختيروا بفضل نفوذ سياسي الكفاية موسيقية فيهم، فلم يستطيع باخ حتى يصنع من هؤلاء الوافدين الجدد مرتلين لا للسوبراوولا للمجهز، وفي 23 أغسطس 1730 أودع المجلس احتجاجاً رسمياً، وكان رد المجلس حتى رماه بأنه مفهم غير كفء وضابط للنظام ضعيف، وبأنه كان يفقد أعصابه وهويوبخ التلاميذ، وبأن الفوضى تستشري في فرق الترتيل وفي مدرة .(49) وخط باخ إلى صديق بلوينبرج يطلب إليه حتى يساعده في العثور على وظيفة أخرى. فلما لم يفتح في وجهه باب التمس(27 يوليو1733) من أوغسطس الثالث، ملك بولندة الجديد، حتى يعطيه في بلاطه منصباً ولقباً يحميانه مما يلقاه من "إهانات لا يستحقها" وأبطأ أوغسطس في الاستجابة ثلاث سنوات، وأخيراً (19 نوفمبر 1836) خلع على باخ لقب "ملحن البلاط الملكي". وكان المدير الجديد لمدرسة توماس خلال ذلك ينازع باخ حقه في تعيين عهداء لفرقة وتأديبهم وجلدهم. وطال النزاع شهوراً، وطرد باخ مرتين العريف الذي عينه إرنستي من منصبه الأرغن، وأخيراً ثبت الملك سلطة باخ.

The opening of the six-part fugue from The Musical Offering, in Bach's hand

لم تكن حياته قائداً للمرتلين في ليبزج إذن بالحياة السعيدة. فلقد سكب روحه وطاقته في ألحانه وفي أدائها، فلم يبق بعد ذلك شئ كثير لممارسة التربية أوالدبلوماسية. وقد عثر بعض العزاء في صيته الذائع ملحناً وعازف أرغن. وقبل الدعوات للعزف في فيمار، وكاسل، وناومبورج، ودرسدن، ونقد أجراً على هذه الحفلات العارضة وعلى اختباره للأراغن. وفي 1740 عين ابنة كارل فليب ايمانويل صناجاً في أوركسترا كنيسة فردريك الأكبر. وفي 1741 زار باخ برلين، وفي 1747 نادىه فردريك للحضور وتجربة البيانات التي اشتراها مؤخراً من جوتفريد زلبرمان. وأدهشت الملك ارتجالات "باخ العجوز"، وتحداه حتى يرتجل فوجه في ستة أقسام، فأبهجته استجابة باخ. ولما عاد باخ إلى ليبزج لحن ثلاثية الفلوت، والكمان، والبيان القيثاري، وأوفدها هي وبتراً أخرى "هدية موسيقية" للملك عازف الفلوت، بوصفه "ملكاً هومحط الإعجاب في الموسيقى كما في جميع فنون الحرب والسلام الأخرى"(50). وفيما خلا هذه الفواصل المثيرة، كرس باخ نفسه بإخلاص مضن لواجباته قائداً للمرتلين، ولحبه لزوجته وأبنائه، وللتعبير عن فنه وروحه في أعماله.

Bach's seal, used throughout his Leipzig years. It contains the letters J S B superimposed over their mirror image topped with a crown.


مؤلفاته الموسيقية

Frontispiece of Bach's Clavier-Büchlein vor Anna Magdalena Bach, composed in 1722 for his second wife

الآلية

The title page of the third part of the Clavier-Übung, one of the few works by Bach that was published during his lifetime

كيف نعتذر لاجترائنا على هذا العرض لضخامة إنتاج باخ وتنوعه دون حتى تتوفر لنا كفاية المحترفين للقيام بهذه المهمة،يا ترى؟ ليس في وسعنا حتى نعمل شيئاً هنا، اللهم إلا حتى نقدم للقراء قائمة تجملها المحبة لباخ.

فلنبدأ إذن بمؤلفاته للأرغن، فالأرغن ظل غرامه المقيم، لم يضارعه فيه أحد غير هاندل الذي فقد وراء البحار. كان باخ يحب أحياناً حتى يفك جميع ضوابطه لمجرد اختبار رئاته وجس قوته. وكان يلهوبه لهوه بآلة دانت لسيطرته تماماً، وخضعت لكل شطحاته. ولكنه في استبداده هذا وضع حداً لأهواء العازفين بتحديده الأوتار التي يجب استعمالها بعلامات الجهير (الباص) المدونة، وذلك بأرقام في أسفلها، وهذا هوالجهير "المرقم" أوالكامل الذي يعين السلسلة المتصلة التي ينبغي حتى يصاحب بها الأرغن أوالبيان القيثاري الآلات الأخرى أوالصوت.

وخلال مقام باخ في فيمار أعد لابنه الأكبر ولغيره من الطلاب "كتيباً للأرغن" من خمسة وأربعين استهلالا كورالياً، وأهداه إلى "الإله العلي وحده تمجيداً له، وإلى جارى لكي يفهم به نفسه". وكانت وظيفة الاستهلال الكورالي حتىقد يكون مقدمة بالآلات لترنيمة جماعية، ليرسم موضوعها ويحدد طابعها. ورتبت هذه الاستهلالات لتؤلف متتاليات ملائمة لعيد الميلاد، وأسبوع الآلام، وعيد القيامة، وظلت وقائع السنة الكنيسية هذه إلى النهاية"Alle Menschen mussen sterben" (كل البشر مصيرهم الموت)، تلتقي بموضوع من موضوعات باخ التي يعود إليها المرة بعد المرة، ويخفف منه على الدوام عزمه على لقاءة الموت بالإيمان بقيامة المسيح بشيراً بقيامتنا. وسنسمع هذه النغمة ذاتها بعد سنوات في لكورال الحزين"Komm, susser tod" (تعال أيها الموت الحلو). ويرافق هذه التقوى الغامرة في هذه الاستهلالات، وفي ألحان باخ الآلية بوجه عام، مرح صحي، فتراه يطفر أحياناً فوق المفاتيح في فرحة تنويعات تذكرنا بشكاوى مجلس كنيسة أرنشتات منه.

وبلغت جملة ما خلفه باخ من المقدمات الكورالية 143، يعدها دارسوالموسيقى أول أعماله وأكملها منم الناحية التقنية. فهي قصائده الغنائية كما حتى القداسات وألحان الآلام ملاحمه. وقد طوف بسلم الأشكال الموسيقية كلها، ولم يسقط منه غير الأوبرا لأنها غريبة على وظيفته ومزاجه، ومفهومه عن الموسيقى قرباناً لله قبل جميع شئ. ولكي يفسح لفنه مجالا أرحب أضاف فوجة للمقدمة، فجعل فكرة الجهير تتابع نفس الفكرة الرئيسية في الندى، أوالعكس، في لعبة متشابكة أبهجت نفسه الولوعة بالطباق الموسيقى. فترى لحن المقدمة والفوجة بمقام E الصغير يبدأ ببساطة مغرية، ثم يحلق في أجواء معقدة من الغنى والقوة تكاد تلقى الرعب في أذن السامع. أما لحن المقدمة والفوجة بمقام D الصغير فهوباخ على أروعه بناءاً، وصنعة فنية، وتطويراً للفكرة الرئيسية، وخصوبة تصورية، وقوة عارمة. وربما كان أروع من هذا إلباسا كاليا والفوجة بمقام C الصغير. وقد أطلق الأسبان اسم Pasacalle على اللحن الذي يعزفه موسيقى "عابر بالطريق"؛ وأصبح في إيطاليا لوناً من الرقص، أما في باخ فهوفيض جليل من النغم، يجمع بين البساطة والتأمل والعمق.

Title page of the Calov Bible, with Bach's signature in the bottom right hand corner.

وألف باخ للأرغن أوموترة المفاتيح اثنتي عشرة توكاتات tocattas أي بتراً تستطيع حتى تمرن "لمس" العازف. وكانت تحتوي على ضربات سريعة على لوحة المفاتيح ونغمات عالية جريئة، وأخرى خافتة رقيقة، وفوجه من النغمات يدوس بعضها أعقاب بعض في نادىبة وعبث. وقد ظفرت التوكاتا والفوجه في مقام D الصغير، في هذه المجموعة، بأكبر عدد من المستمعين، وبعض، الفضل في هذا راجع لألحان أوكسترالية مكيفة كانت أنسب من الأرغن للأذن العصرية غير الكنسية. ومن بين التوكاتات السبع الموضوعة لموترة المفاتيح أوالبيان القيثاري، يتبدى باخ هنا أيضاً في التوكاتا بمقام C الصغير وقد ملك ناحية صنعته في ثقة كاملة - فهي فرحة من مزج الألحان تعقبها حركة بطيئة كلها عذوبة صافية مهيبة.

وليس من السهل نحن الذين حرمنا الأنامل الماهرة والآذان المرهفة حتى نقدر اللذة التي استشعرها ياخ ومنحها سامعيه في مؤلفاته التي وضعها لموترة المفاتيح- التي كانت بالنسبة له تعنى البيان القيثاري عادة. عملينا أولا حتى نفهم مبادئ البناء التي اتبعها في تطوير بضع نغمات فكرة رئيسية إلى بناء مشروح معقد ولكنه منظم - أشبه ببترة فنية من الطراز العربي في سجادة فارسية أومحراب جامع، تسرح بعيداً عن قاعدتها وكأنها تحررت من جميع القيود، ولكنها تعمل دائماً في منطق يضيف الإشباع العقلي إلى لذة الشكل الحسية. ثم علينا حتى نستعير سحر يدي باخ، لأنه ابتكر في العزف فناً يحتاج الاستخدام الكامل لأصابع اليدين كلها (بما فيها الإبهام)، في حين قل حتى تطلب من سبقوه أكثر من الأصابع الثلاث الوسطى في مؤلفاتهم لموترة المفاتيح. ولقد أحدث ثورة حتى في وضع اليد. فقد نحا العازفون قبله إلى الاحتفاظ بيدهم مبسوطة أثناء ضربهم المفاتيح، ولكن باخ فهم تلاميذه حتى يحنوا اليد حتى تضرب جميع الأنامل المفاتيح في نفس المستوى. وبغير هذه الطريقة كان يستحيل ظهور عازف مثل ليست.

وأخيراً، حين اقتبس باخ نظاماً اقترحه أندرياس فركمايستر في 1691، طالب بضبط الأوتار في الآلات ضبطاً متوسطاً متكافاً، بحيث يقسم "الجواب" إلى أثنى عشر نصف نغمة متساوية تماماً، فلا يحدث أي تنافر عند الانتنطق من مقام إلى مقام. وكان في حالات كثيرة يصر على حتى يضبط بنفسه البيان القيثاري الذي سيعزف عليه(51). لذلك وضع كتابه "البيان القيثاري السليم الضبط"(الجزء الأول، 1722 والجزء الثاني،1744): ثمان وأربعون مقدمة وفوجة- اثنتان لكل مقام كبير وصغير - "لاستعمال وتمرين شباب الموسيقيين الراغبين في التعليم، ولمن حذقوا هذه الدراسة أيضاً على سبيل التسلية" كما نص عليه العنوان الأصلي للكتاب. والبتر ذات أهمية كبرى للموسيقين، ولكن الكثير منها أيضاً يستطيع حتى يبعث فينا فرحة باخ أوشعوره المتأمل، إلى غير ذلك نرى جونويقتبس المقدمة بمقام C الكبير، في شكل محور، لتكون لحناً مصاحباً على آلة منفردة (أويلجاتو) للحنه "السلام يا مريم". وقد وجدت بعض النفوس العميقة، مثل ألبرت شفايتسر، في هذه المقدمات والفوجات "عالماً من السلام" وسط ضجيج الصراع البشري(52).

ثم أصدر باخ، الذي لم يكن لخصوبته نهاية، في 1731 الجزء الأول من كتابه "كلافيروبونج" (أي تمرينات على موترة المفاتيح) وقد وصفه بهذه العبارة "تمرينات من مقدمات، وموسيقى للرقصات الألمانية (المائدة) والكورانت، والسراباند، والجيج، والمنويت، وغيرها من اللطائف، مؤلفة على سبيل الترويح الذهني عن محبي الفن".(53) وأضاف إلى هذين الجزأين أجزاء ثلاثة في سنوات لاحقة، حتى أصبح الكتاب في النهاية متضمناً لأشهر مؤلفاته:"مبتكرات" و"بارتيتات"، وسنفونية، و"ألحان جولدبرج المحورة" و"الكونشرتوالإيطالي"، وبعض المقدمات الكورالية الجديدة للأرغن. وذكر المخطوط أنه يقدم"المبتكرات مرشداً أميناً يهدي محبي إلى طريق واضح.. لا لاكتساب الأفكار الجيدة (المبتكرات) فحسب، بل لوضعها بأنفسهم... ولاكتساب أسلوب غنائي في العزف، و...ميل قوي إلى التلحين"(54). وبهذه الأمثلة كان في استطاعة الطالب حتى يرى كيف من الممكن أن يمكن تطوير الفكرة الرئيسية، متى وجدت بالمزج بين الألحان عادة، تطويراً منطقياً لتبلغ خاتمة موحدة. وقد لعب باخ بفكراته كأنه حاومرح، فهويقذف بها في الهواء، ويقلبها بطناً لظهر، ويقلبها رأساً على عقب، ثم يقيمها على قدميها سالمة من غير سوء. إذا الأنغام "والتيمات" لم تكن طعامه وشرابه والهواء الذي يتنفسه فحسب، بل كانت إلى ذلك تسليته وراحته.

Since being moved in 1938, the Donndorf statue of Bach now stands in the Frauenplan in Eisenach. The pedestal has been shortened and the relief is now at the wall in the background.

وكانت البارتيتات تسليات شبيهة بما ذكرنا. وقد أطلق الإيطاليون لفظ "بارتيتا Partita على اللحن الراقص ذي الأقسام المتنوعة. فالبارتيتات بمقام D الصغير وB الكبير اتخذت خمسة أشكال راسيرة: "الألماند" أوالرسيرة الألمانية، والكورانت الفرنسية، والسراباند، والمنويت، والجيج. ويظهر هنا تأثير العازفين الإيطاليين، الذي ضم حتى مصالبة اليدين، التي كانت حيلة محببة لدومنيكوسكارلاتى وهذه البتر تبدولنا اليوم تافهة القيمة، ولكن يجب حتى نتذكر أنها لم تؤلف للبيانوفورت الجبار، بل لموترة المفاتيح الهشة، وفي وسعها-إذا لم نشتط فيما تطلبه منها- حتى تمنحنا بهجة فريدة في بابها.

Street named after Johann Sebastian Bach in Wittenberg, Germany

وأعسر من هذه هضماً "ألحان جولدبرج المنوعة". ويوهان تيوفيلوس جولدبرج هذا كان عازف موترة مفاتيح للكونت هرمان كايزرلنج، السفير الروسي لدى بلاط درسدن. فلما زار الكونت ليبزج اصطحب معه جولدبرج ليهدئ أعصابه بالموسيقى التماساً للنوم. وفي هذه المناسبات تعهد جولدبرج إلى باخ وهومشوق إلى تفهم طريقته الفنية في العزف على لوحة المفاتيح. وأعرب كليزرلنج عن رغبته في حتى يؤلف باخ بتراً للموترة من نوع "يدخل عليه شيئاً من البهجة في لياليه المؤرقة"(55). وتفضل باخ بتأليف "لحن ذي ثلاثين تنويعاً" أثبت أنه علاج للأرق. وكافأه كايزرلنج بقدح ذهني يحوي مائة جنيه من المضى. ولعله هوالذي حصل لباخ على تعيينه ملحناً لبلاط الملك- النخب السكسوني.

على حتى فن باخ لا قلبه هوالذي كان في هذه التنويعات. فتراه يهدي الموترة بشعور ولذة أعظم، سبعة توكاتات، وسوناتات كثيرة، و"ففتازيا وفجه ملونة" بمقام D الصغير، و"كنشرتوإيطالية" حاول فيها بحيوية وروح مذهلتين، حتى ينقل إلى لوحة المفاتيح تأثيرات الأوركسترا الصغير.

وثمة شكل موسيقي عثر سبيله إلى جميع مؤلفاته الأوركسترالية تقريباً- وهوالفوجه. وقد وفدت كمعظم الأشكال الموسيقية من إيطاليا، ولاحقها الألمان في مطاردة مشبوبة طغت على موسيقاهم حتى مجيئ هايدن. وأجرى عليها باخ تجاربه في "فن الفوجة"، فأخذ فكرة واحدة وبنى منها أربع عشرة فوجة وأربعة اتباعات في متاهة فن مزج الألحان تبين جميع ضرب من التقنية الفوجية. وقد خلف المخطوطة ناسيرة عند موته، فنشرها ابنه كارل فليب إيمانويل(1752) ولم يبع منها غير ثلاثين نسخة. ولا عجب فعصر البوليفوني (تعدد النغمات)، والفوجة كان في طريقه إلى الزوال بزوال أعظم أساتذته، وأخذ فن مزج الألحان يخلى السبيل للهارموني.

ولم يكن ولوعاً بالكمان ولعه بالأرغن وموترة المفاتيح. لقد بدأ حياته عازف كمان أحياناً يعزف على الفيولا في المجموعات الموسيقية التي يقودها في نفس الوقت، ولكن بما حتى أحداً من معاصريه أوأبنائه لم يذكر شيئاً عن عزمه على الكمان، فلنا حتى نفترض أنه لم يكن يتجلى في تلك الآلة. على أنه لا بد كان قديراً في العزف عليها، لأنه ألف للكمان وللفيولا موسيقى غاية في الصعوبة، يغلب على الظن أنه كان على استعداد لعزفها بنفسه. وتعهد دنيا الموسيقى الغربية كلها "الشاسون" التي اختتم بها بارتيتا بمقام D الصغير الكمان المفرد، فهي آية في الأسلوب الفني ألف جميع عازف كمان حتى يهفوإليها هدفاً أعظم له. وقد يرى فيها بعضنا استعراضاً كريهاً من الحواية والشعوذة- أشبه بحصان يعذب قطة على مراحل عديدة. أما عند باخ فقد كانت محاولة جريئة ليحقق على الكمان عمق الأرغن وقوته اليوليفونيين. فلما نقل بوزوني اللحن إلى البيانو، أصبحت اليوليفونية أكثر طبيعية، وكانت النتيجة باهرة. (وعلينا ألا نتعالى على هذه المنقولات وإلا وجب حتى ندين باخ ذاته). فإذا وصلنا إلى مؤلفات باخ التي أعدها لأوركستراه الرقيق، وجدت فيها حتى الأذن في المحترفة الكثير مما يشبه القصائد التي تتغنى للفرح والبهجة. ولا بد حتى الهدية الموسيقية التي أهداها لفردريك الأكبر قد أبهجته بألحانها المتألقة وهزته بأنغامها المتألقة نصف الشرقية. وقد خط باخ بالإضافة إلى البارتيتات أوالمتتابعات في "تمرينات الموترة" خمس عشرة متتابعة لرقصات. وسميت ستة منها بالمتتابعات الإنجليزية لأسباب نجهلها الآن، وستة بالمتتابعات الفرنسية، وهذه التسمية أوضح لأنها نسجت على منوال النماذج الفرنسية واستخدمت ألفاظاً فرنسية بما فيها حدثة Suite (أي المتتابعة) ذاتها. وفي بعضها تطغى مهارة الصنعة، فتسمع حتى الآلات الوترية تبعث أنغاماً يغلب عليها النفخ. ومع ذلك فأن أبسط الناس يستطيع حتى يحس ذلك لجمال المهيب الذي يفيض به لحنه الشهير "أريوزو" أو"لحن لوتر المقام G" الذي يؤلف الحركة الثانية للمتابعة رقم 3. وقد نسيت هذه المؤلفات أوكادت بعد موت باخ، حتى عزف مندلسون أجزاء منها لجيته في 1830، وأقنع أوركسترا قاعة تجار الأجواخ بليبزج ببعثها سنة 1838.

واقتبس باخ شكل الكونشرتوكما مارسه فيفالدى، واستخدمه في شتى أنواع التشكيلات الآلية. والحركة البطيئة بطئاً مهيباً، عند موسيقى ولد بمزاج معتدل البطء، تجعل كنشرتوالكمان بمقام D الصغير مبهجاً جداً، كذلك فإن الحركة البطيئة في كنشرتوالكمان رقم 2 بمقام E هي التي تؤثر فينا بعمقها الحزين ورقتها المتألقة. وربما كان أعذب هذه البتر الموسيقية هوالكونشرتوبمقام D الصغير لكمانين، والنشيط vivace منهما تصوير خالص دون لون، كأنه شجرة دردار شتوية، ولكن الأريث Largo لقطة أثيرية من الجمال الصافي- الجمال المعتمد على ذاته، دون "برنامج" أوأي شائبة فكرية تشوبه.

ولكونشرتات براندبنودج تاريخها الخاص. ففي 23 مارس 1721 بعث بها باخ إلى أمير، نسيه الناس إلا في هذا الأمر، مشفوعة بهذه الرسالة بالفرنسية، التي صاغها محررها بأسلوب عصره. نطق:

إلى صاحب السموالملكي الأمير كرستيان لودفج، حاكم براندنبورج: مولاي: بما أنني تشرفت بالعزف أمام سموكم قبل عامين، ولاحظت أنكم استشعرتم شيئاً من السرور بالموهبة المتواضعة التي حبتني بها السماء في الموسيقى، وحين انصرفتم سموكم الملكي شرفتموني بأمر لي بأن أبعث إليكم ببعض بتر من تأليفي، فإني الآن عملاً بأوامركم الكريمة أبيح لنفسي حتى أقدم لسموكم الملكي إحتراماتي المقرونة بالتواضع الشديد، مع الكونشرتات المرافقة... متوسلاً إليكم في تواضع ألا تحكموا على نقصها بدقة ذلك الذوق الموسيقي المرهف الرقيق الذي يعهد الجميع أنكم تملكونه، بل حتى تتبينوا في كرم ولطف ذلك الاحترام العميق والطاعة الشديدة المتواضعة اللذين قصدت بهذه البتر حتى تشهد عليهما. وفيما عدا ذلك يا مولاي، فإنني بكل تواضع أطلب إلى سموكم الملكي حتى تجودوا بمواصلة أفضالكم علي، وبأن تثقوا بأنه ما من شئ أتوق إليه كرغبتي في استخدامي في شئون أجدر بكم وبخدمتكم، لأنني يا مولاي، بغيرة لا تعدلها غيرة، خادمكم المتواضع جداً جان سبستيان باخ(56).

ولا فهم لنا هل شكر الحاكم لباخ هديته أوأثابه عليها، ولعله عمل، لأنه كان شغوفاً بالموسيقى، يحتفظ بأوركسترا ممتاز. وعند موته (1734) أدرجت الكونشرتات الستة، بخط باخ الشديد العناية والتأنق ضمن 127 كونشرتوفي قائمة جرد وجدها شبيتا في المحفوظات الملكية ببرلين. وفي هذه القائمة قدرت قيمة جميع من هذه الكونشرتات بأربعة جروشينات (1.60 دولار).

وتتبع كونشرات براندبنورج شكل الكونشرتوالكبير الإيطالي-ألحان في عدة حركات، تعزف على مجموعة صغيرة من آلات غالية (الكونشرتينو) يصاحبها أوركسترا وترى (الريبينوأوالتوني). وقد استخدم هاندل والإيطاليون كمانين وفيولونتشيللوللكونشرتينو، أما باخ فقد نوع هذا بجرأته المعهودة، وقدم كماناً، وأوبوا، وبوقاً، وفلوتاً آلات مقصدرة في الكونشرتوالثاني، وكماناً وفلوتين في الكونشرتوا الرابع، وموترة مفاتيح، وكماناً، وفلوتاً في الخامس، وطور البنيان إلى تفاعل معقد بين الكونشرتينووالريبينوفي محادثة حي - من الانفصال والتعارض، والتداخل، والاتحاد - لا يفهم فنه ومنطقه ويستمتع بهما غير الراسخين في الموسيقى. أما من عداهم فقد يجدون بعض الفقرات مكررة تكراراً مملا، نذكرهم بأوركسترا ريفي يقيس الوقت لرسيرة، ولكن حتى نحن نستطيع حتى نحس بسحر الحوار ورقته، وأن نجد في الحركات البطيئة سلاماً مهدئاً أنسب للقلوب المسنة والأرجل المتلكئة مما نجده في دوامة الحركات العجلاء، ومع ذلك فإن الكونشرتوالثاني يستهل بأعجل (الليجرو) خلاب، والرابع يضفي عليه البهجة فلوت لعوب، أما الخامس فهوباخ في أوجه.


الصوتية

لم يستطع باخ وهويلحن للصوت حتى يلقي جانباً جميع ما طوره من حيل وخفة يد على لوحة المفاتيح، ولا الجهود الجبارة المعذبة التي طالب بها أوركستراه، فقد خط للأصوات كأنها آلات لا يكادقد يكون لحذقها ومداها حدود، وكان ضنيناً في الاستجابة لرغبة المرتل أوالمغني في حتى يتنفس. ونهج نهج عصره في تمديد المبتر الواحد ليضم ستة أنغام ("كيرييـ- يليـ- يـ- يـ- يـ- يـ- ييسون")، ومثل ذلك الاستكثار من الأنغام لم يعد أسلوب العصر، ولكن بفضل مؤلفاته للصوت حقق باخ شهرته الراهنة بوصفه أعظم ملحن في التاريخ. وقد حياه إيمانه الوطيد بالعقيدة اللوثرية إلهاماً حاراً يعدل أي إلهام وجده باليسترينا في القداس الكاثوليكي. فخط نحوأربع وعشرين ترنيمة وست موتيتات وفي الاستماع إلى إحدى هذه الست Singet dem Herrn (رنموللرب) "شعر موتسارت أول ما شعر بعمق باخ. وخط لجماهير المصلين ولكورسه كورالات قوية كانت كفيلة بأن تبهج قلب لوثر الشبيه بقلبه" :عند أنهار بابل" و"حين تشتد الحاجة"، و"تجملي أيتها النفس المباركة" وقد أثر هذا الكورال الأخير في مندلسون تأثيراً عميقاً حتى نطق لشومان "لوحتى الحياة سلبتني الراتى والإيمان لردهما إليَّ هذا الكورال وحده"(57).

ولحن باخ لأعياد الميلاد، والقيامة، والصعود، أوراتوريات-كانت تراتيل ضخمة للكوارس، أوالمرتلين المنفردين، أوالأرغن، أوالأوركسترا. وقد رتل أوراتوريوWeinachts Oratorium الميلاد، كما يسمى الأورتوريوالأول، في كنيسة توماس في ستة أقسام على ستة أيام بين عيد الميلاد وعيد الظهور (الغطاس) 1734-45. وأخذ من أعماله المبكرة نحوسبعة عشر لحناً أوكورساً، مستعملاً حقه فيما يملك، ونسج منها سيرة عن ميلاد المسيح استغرقت ساعتين. وكاد بعض ألحانه هذه التي سطا عليها لا ينسجم مع النص الجديد، ولكن كان في استطاعة السامع حتى يغفر الكثير من الأخطاء في لحن يقدم، في مطلعه تقريباً، الكورس الذي يبدأ بهذه الحدثات "كيف ألقاك اللقاء الجدير بك؟".

كانت الأوراتوريات في صميمها تجميعات لكنتاتات. وكانت الكنتاتا ذاتها كورالا تتخلله الألحان. ولما كانت الخدمة اللوثرية كثيراً ما تطلب الكنتاتات، فقد ألف باخ ثلاثمائة منها، بقي منها إلى اليوم نحومائتين. وقد حدت صلتها الوثيقة بالطقوس اللوثرية من عدد المستمعين لها في زماننا هذا، ولكن كثيراً من الألحان التي تضمنتها فيه جمال يسموعلى أي لاهوت. وفي فيمار، في سنته السادسة والعشرين (1711) خط باخ أول كنتاتاته الرائعة"Actus tragieus التي تبكي مأساة الموت ولكنها تفرح براتى القيامة. وفي 1714-17 خلد تقسيمات السنة الكنسية بطائفة من أروع كنتاتاته: فالأحد الأول من الآحاد الأربعة السابقة للميلاد Advent خط "تعال الآن، يا مخلص الوثنيين". ولعيد القيامة 1715 خط "السموات تضحك، والأرض تبتهج" التي استخدم فيها ثلاثة أبواق، ونقارية، وثلاث أبواب وكمانين، وفيولنتشيللوين، وباصونا، وسلسلة أنغام على لوحة المفاتيح لتعين الكورس، وتحمل جمهور المصلين، على حتى يهتزوا طرباً بفوز المسيح؛ وخط للأحد الرابع من الآحاد السابقة للميلاد في 1715،"القلب والفم والعقل والحياة" مع الكورال الجذل المألوف" و"أويلجاتو" الأوبرا، "يسوع، يا بهجة أشواق الإنسان". وخط للأحد السادس عشر بعد عيد الثالوث الأقدس 1715، "تعالي يا ساعة الموت الحلوة". وفي ليبزج لحن تسبحة أخرى لقيامة المسيح "رقد المسيح في سجن الموت المظلم". وفي الذكرى المئوية الثانية لـ "إعلان العقيدة الأجزبورجي" لحن ترنيمة لوثر التي مطلعها "إلهنا حصن حصين" في صورة كنتاتا تعد الترنيمة في قوتها، ولكن من الممكن كانت أعنف من حتى تكون تعبيراً مناسباً عن الإيمان.

وكان في باخ إحساس صحي بمباهج الدنيا رغم تدينه وصلته الوثيقة بالتقوى بحكم واجباته، وكان في وسعه حتى يضحك، كما يبكي، من جميع قلبه. وتسللت عناصر فهمانية إلى مؤلفاته الدينية، وقد اكتشف بعض أنغام من أوبرات عصره في القداس بمقام B الصغير(58). ولم يتردد في حتى يغدق موارد فنه على كنتاتات فهمانية خالصة، بقي منها الآن إحدى وعشرون. فألف "كنتاتا الصيد" و"كنتاتا القهوة"و"كنتاتا الزفاف" وسبع كنتاتات لاحتفالات مدينة. وفي 1725 خط كنتاتا كاملة بمناسبة عيد ميلاد أوجست موللر الأستاذ بجامعة ليبزج "أيولوس المغتبط" احتفالا بتحرير الرياح، وربما بمجاز خبيث. وفي 1742 خلع موسيقاه على "كنتاتا الفلاحين الساخرة سخرية كاريكاتورية صريحة، بما فيها عن رقص القرويين الصاخب وشربهم وغزلهم. وبعد عام 1740 لم تعد الموسيقى الكنسية الغالية في ليبزج، وقدمت الحفلات الموسيقية العامة بازدياد ألحاناً فهمانية..

وقبل ن تدخل الموسيقى الدينية عصر اضمحلالها حلق بها باخ في أجواء لم تبلغها من قبل البلاد البروتستنتية. وكان من مخلفات القداس الكاثوليكي في الخدمة الكنسية اللوثرية ترتيل تسبحة "تعظم نفسي الرب" في عيد زيارة العذراء (2يوليو). وكان هذا إحياء لزيارة مريم لابنة خالتها أليصابات، حين فاهت العذراء كما ورد في إنجيل البشير لوقا (الإصحاح الأول 46-55) بترنيمة شكرها التي لا شبيه لها: Magnificat anima meadominam "تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي لأنه نظر إلى إتضاع أمته. فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني." ولحن باخ هذه السطور وما يليها مرتين، ولعله لحنها في صورتها لخدمة الميلاد بليبزج عام 1723. هنا يسموالدين، والشعر، والموسيقى كلها إلى نفس الذروة في وحدة رائعة.

وبعد ست سنوات بلغ تلك الذرى غير مرة في "ألحان أسبوع الآلام كما ورد في إنجيل متى". ولقد كان تلحين سيرة آلام المسيح وموته القرون الطوال جزءاً من الطقس الكاثوليكي. واقتبس كثير من الملحنين البروتستنت صيغة الكنتاتا لهذا الغرض، واستخدم أثنان منهم قبل باخ إنجيل القديس متى نصاً لهما(59). وخط باخ على الأقل ثلاثة من ألحان الآلام، متبعاً فيها على التوالي روايات يوحنا (1723)، ومتى (1729)، ومرقص (1731). ولم يتخلف من اللحن الثالث غير بتر متناثرة. ولحن الآلام على رواية يوحنا يشوبه تعاقب غير منطقي للمناظر وخلط بين الأحداث، ونزوع تيوتوني إلى الخطب الراعدة، ولكن الأجزاء الأخيرة منه تخف إلى رقة ورهافة في الشعور، وعمق حزين في التأمل، بلغ غاية ما تبلغه الموسيقى تأثيراً في النفس.. ولحن Es ist vollbracht (قد أكمل) ترجمة عميقة لأخطر وقع في سيرة المسيح، وما من امتحان للملحن أوالمصور أعسر من هذا.

وفي عصر يوم الجمعة الكبيرة، 15 أبريل 1729، في كنيسة توماس بليبزج، أخرج باخ أعظم ألحانه قاطبة. وقد أتيح له في هذا اللحن "لحن الآلام على رواية متى، نص ألماني جيد، بنى على رواية متى الكاملة نسبياً، ورتبة أديب محلي يدعى كرستيان فردريك هنريكي، الملقب "بيكاندر". ويبدوحتى باخ نفسه خط النص لعدة كوارس وقد ظنها البعض بتراً لا مبرر له لسيرة الإنجيل، ولكنها كالكورس في المسرحية اليونانية تثري الدراما بالتعقيب والشرح، وإيقاعاتها الحزينة تعبر عن عواطفنا وتطهرها- وهما وظيفتان للفن الاسمي. وإذا كان الكثير جداً من موسيقى باخ إعلاناً للبراعة أوالقوة، فإن لحن الآلام على رواية متى كله تقريباً هوصوت الأسى، أوالعهدان، أوالمحبة-في قرار الكورال المتكرر، الحزين، الرقيق، وفي رفاهة الألحان، وفي أنغام الفلوت الملازمة ترنم كأنها آتية من عالم آخر، وفي الضبط الوقور للأدوار المصاحبة التي تلتف حول الحدثات ووسط الأحداث كأنها زخارف ممضىة مفضضة في كتاب قداس من العصر الوسيط. هنا يفتح لنا باخ أعماقاً من الوجدان والمغزى لا تنكشف في مكان آخر إلا في الرواية الأصلية ذاتها، فهذه المأساة مازالت بالنسبة لنا نحن أبناء الحضارة الغربية أشد المآسي تأثيراً في نفوسنا، لأنها لا تقتصر على تمثيل صلب إنسان مثالي نبيل بأيدي أخوتنا من بني البشر، بل تجاوز هذا إلى الرمز لصلبه يومياً في العالم المسيحي، ولذلك الموت البطيء، في كثير منا، موت الإيمان الذي أحبه هذا الشخص إلهاً له.

وكاد باخ حتى يوفق في حتى يبلغ مرة أخرى، في القداس بمقام B الصغير، ذرى الانفعال والصنعة التي بلغها في لحن الآلام المذكور. ولكنه لم يستطيع حتى يشعر بالانسجام الكامل مع مغامرته الجديدة كما شعر في لحنه ذاك. فلقد كان إنجيل الآلام أساس العقيدة البروتستنتية ومرتكزها، وكان باخ مستغرقاً في تلك القصيدة استغراقاً لا سبيل إلى رده عنه. على حتى القداس على أي حال كان تطويراً كاثوليكياً، وقانون الإيمان ذاته يعبر عن التزام لا ريب فيه بـ "كنيسة واحدة مقدسة، جامعة (كاثوليكية)catholicam ، رسولية". ومع حتى الشعائر اللوثرية احتفظت بالكثير من القداس الكاثوليكي، فإن هذا الكثير كان أثراً قلقاً تخلص عملاً من لحن "يا حمل الله Agnus Dei" قبل باخ. وكان القداس في عصر باخ وفي الكنائس أيامه يغير بترة بترة بالكنتاتات. وبقاياه اللاتينية تقصى شيئاً فشيئاً عن الطقوس. وقد رتلت ألحاناً الآلام لباخ بالألمانية، وكان قد تفهم أربع ترانيم ألمانية بين الأبيات اللاتينية للحنه "تعظم نفسي الرب". ولكن القداس كان لاتينياً خالصاً بحكم التنطقيد بحيث كانت أي اقحامات ألمانية فيه تغامر بأن يؤخذ عليها عيب التنافر. وكان قد غامر بهذا التحدي بكتابته أربعة قداسات جزئية بمثل هذه الملاحق الألمانية، ولم تكن النتيجة سقمية. فدرس بعناية تلك القداسات الكاثوليكية التي لحنها بالسترينا وغيره من الإيطاليين. وأرحت علاقته ببلاط درسدن أنه قد يسر الملك-الناخب الكاثوليكي إذا لحن قداساً كاثوليكياً. وحين بعث لأوغسطس الثالث (1733) ملتمساً بطلب وظيفة ولقب في البلاط أرفق معه لحني "كيرياليسون" و"المجد لله Gloria " أصبحا فيما بعد جزأين من القداس بمقام B الصغير. ويلوح حتى الملك لم يهتم بهما. وأداهما باخ في كنائس ليبزج، فاستقبلا استقبالا طيباً، وواصل هوهذا العمل (1733-38) فأضاف إليهما أجزاء أخرى، قانون الإيمان Credo، ولحن "قدوس قدوس قدوس Sanetus" ولحن "أوصنا Osanna، ولحن "مبارك الرب Benedictus" ولحن "يا حمل الله" ولحن "هبنا سلاماً" Dona nobis pacem. فلما اكتمل هذا كله أصبح قداساً في صورته الكاثوليكية. ولعل باخ قد راوده الأمل في حتى يأمر أوغسطس الثالث بترتيله في بولندة، ولكن القدر لم يحقق أمنيته، لأنه لم يترتل قط في كنيسة كاثوليكية. وقد قدمه باخ بترة بترة في مناسبات شتى، في كنيسة توماس أوكنيسة نيقولا يليبزج.

والآن، هل نسوق التحفظات المترددة التي تخالط إعجابنا بهذا القداس الضخم بمقام B الصغير،يا ترى؟ حتى قوة باخ تطغي مراراً على ذلك التواضع الذي ينبغي حتى يشرب خطاب موجه إليه تعالى، وقد يظهر أحياناً أنه لا بد قد افترض حتى الله أصم أذنيه، لأنه قد أمسك طويلاً عن الكلام في لغات كثيرة. فلحن "كيرياليسون" يجر ضخامته الراعدة المختلطة جراً طويلا مملا حتى لنصبح نحن أيضاً في النهاية "إليسون- أي ارحمنا!" أما لحن "المجد لله" فهوفي أكثره متقن من حيث مصاحباته الأوركسترا، وهوينتقل إلى لحن جميل، لحن "الجالس عن يمين الآب". ولكنه يبيت أجش خشنا بصوت الأبواق في لحن "لأنك وحدك قدوس" ثم يتناول لحن "مع روحك القدوس" برعد من المقاطع الموسيقية لا بد جعل الروح القدس يرتعد مخافة حتى يقتحم هذا التيوتوني الجبار أبواب السماء عنوة. ومن عجب حتى قانون لأيمان-بتفاصيله ودقائقه العقائدية التي أحدثت الانقسام في العالم المسيحي، والتي لا تلائم بطبيعتها الموسيقى-ينتج أسمى لحظات القداس بمقام B الصغير، إلا وهما لحن "وتجسد" ولحن "الصلب"، حيث يظفر باخ ثانية بذلك الجلال الهادئ الذي بلغه في لحن الآلام على رواية متى. ثم يأتي لحن "وقام من ببين الأموات" فيطلق جميع الأنغام الصارخة، التي نفذ صبرها، أنغام الأبواق والطبول، لتصبح وترعد تهللاً بفوز المسيح على الموت. ويهدئنا لحن "مبارك الرب" بنغمة الصادح (التينور) الرقيق وكمانه المنفرد السماوي. والمصاحبة الأوركسترالية للحن "يا حمل الله" جميلة في عمق، ولكن لحن "هبنا سلاما" مرشد على القوة لا على هبة السلام. تلك ردود عمل صريحة ليس لها كبير قيمة. ولن يتذوق القداس بمقام B الصغير تذوقاً كاملا غير أولئك الذين توافر لهم شئ آخر فضلا عن التربية المسيحية التي لم تفقد نغماتها التوافقية العاطفية، وهوالقدرة الفنية على حتى يميزوا ويستمتعوا بما في اللحن من بناء، ونغيمات، وصنعة، وبما استخدمه الملحن فيه من موارد منوعة، وبما في تأليف الأوركسترالي من تعقيد، وبتكييف الأفكار الرئيسية في الموسيقى وفي أفكار النص.

وقد انتقد بعض الموسيقيين المحترفين باخ أثناء حياته. ففي 1737 نشر يواهان أدولف شايبي (الذي أصبح فيما بعد قائد الأوركسترا لملك الدنمرك) خطاباً غفلا من من التوقيع امتدح فيه باخ عازفاً على الأرغن، وأشار إلى حتى "هذا الرجل العظيمقد يكون محط إعجاب الأمم كلها لوكان أسلس من هذا، ولولم تكن ألحانه مفتعلة لما فيها من ضجيج واختلاط، ولولم يحجب جمالها الاسراف في الصنعة(60). وبعد عام جدد شايبي هجومه فنطق "إن ألحان باخ الكنسية تزداد افتعالا وبطئاً، وهي تقصر عن ألحان تليمان وجراون في الامتلاء بالاقتناع المؤثر أوالتأمل الفكري(61). وكان شايبي قد حاول الحصول على منصب عازف الأرغن في ليبزج وعلق باخ على عزفه الذي أداه على سبيل الاختبار تعليقاً في غير مصلحته، وهجاه في إحدى كنتاتاته؛ ولعل نقد شايبي لم يخل من غل. ولكن شبيتا، أشد المعجبي بباخ حماسة، ينبئنا حتى الكثيرين من معاصري شايبي شاطروه آراءه(62). وربما كان بعض نقاده يمثلون انتفاض الجيل الجديد في ألمانيا على الموسيقى الطباقية التي بلغت عند باخ من التفوق ما لم يهجر بعده مجالا لشئ غير التقليد، وقد شهد القرن العشرين انتفاضاً كهذا على السمفونية.

ولعل شايبي كان مؤثراً هاندل على باخ، ولكن هاندل كان قد خسرته ألمانيا وكسبته إنجلترا، فشق على ألمانيا من طبيعة الحال حتى تقارن بينه وبين باخ. فإذا عقدت هذه المقارنة كان هدفها دائماً تفضيل هاندل(63). وقد أعرب بيتهوفن عن الرأي الألماني حين نطق، "إن هاندل أعظمنا جميعاً"(64).

ولكن هذا كان قبل حتى يبعث باخ تماماً من زوايا النسيان. ومع الأسف حتى هذين العملاقين - وهما أعظم مفاخر الموسيقى وألمانيا في النصف الأول من القرن الثامن عشر-لم يلتقيا قط، ولوقد عملا لأثر الواحد منهما في صاحبه تأثيراً طيباً. وقد انطلق كلا الرجلين من الأرغن، واعترف الناس لهما بأنهما أعظم عازفيه في زمانهما، ثم واصل باخ إيثاره تلك الآلة بحبه، في حين جعل هاندل الصدارة للصوت، وهوالذي راح يتنقل بين مغنيات الأوبرا وخصيان المغنين، وزواج هاندل بين الميلوديا الإيطالية والطباق الموسيقى الألماني، وفتح طريقاً إلى المستقبل، أما باخ فكان التمام والكمال للماضي البوليفوني، الفوجي، الطباقي. وأحس الناس، حتى أبناؤه، أنه لم يبق من سبيل للتحرك على ذلك الخط. ومع ذلك كان في تلك الموسيقى القديمة شيئ صحي، سيستعيده في تشوف وحنين رجال مثل مندلسون؛ ذلك أنها كانت لا تزال مشربة بالإيمان الراسخ، الذي لم تزعزعه بعد تلك الشكوك التي ستنفذ إلى صميم العقيدة المعزية. ولقد كانت صوت حضارة مكتملة التشكل، بوصفها الملاك والذروة لفن ولتقليد موروث. ولقد عكست التنميق الزخرفي للبارك، ولأرستقراطية لم يعد يتصدى لها الآن متصد. ولم تكن ألمانيا قد ولجت بعد عصر تنويرها "الأوفكليرنج"، ولا سمعت صياح أي من ديوك الثورة. فليسنج مازال صغيراً، وكل ألماني تقريباً يؤمن بالعقيدة النيقوية قضية لا نقاش فيها، ولم يشذ بتفضيل فولتير غير الأمير فردريك البروسي. وعما قليل سيتزعزع صرح المعتقدات والطرائق الموروثة أفخم زعزعة تكاد تهدمه هدماً من جراء دعوات العقول المبتدعة، وستطوى صفحات ذلك السلام المنظم القديم، وذلك الاستقرار الطبقي، وذلك الإيمان العجيب الذي لا يساوره شك ولا تساؤل-كل هذا خط موسيقى باخ، وستتغير جميع الأمور، حتى الموسيقى، باستثناء الإنسان دائماً.


ختام

لقد أتاحت عزلته وترويضه في ليبزج حتى يرث الماضي دون غضاضة أوتمرد. وكان إيمانه الديني، بعد موسيقاه راحته وملاذه. كان يقتنى في مخطته ثلاث وثمانين مجلداً في اللاهوت، أوالتفسير، أوالوعظ والإرشاد. وقد أضاف إلى عقيدته اللوثرية، المستقيمة، الرجولية، مسحة من الغيبة، من الممكن أخذها عن الحركة التقوية في زمانه-مع أنه عارض التقوية لعدائها لأي موسيقى كنسية غير التراتيل. وكان أكثر موسيقاه ضرباً من العبادة. وقد ألف حتى يبدأ التلحين بصلاة يقول فيها "أعني يا يسوع" وكان يستهل جميع مؤلفاته تقريباً ويختمها بإهدائها لجلال الله ومجده. وعهد الموسيقى بأنها "تناغم لطيف لمجد الله وبهجة الروح المباحة"(65).

وفي الصور التي خلفها لنا في أخريات عمره نرى فيه الرجل الألماني النموذجي، عريض المنكبين، بديناً، ممتلئ الوجه أحمره، عظيم الأنف، له إلى ذلك كله حاجبان مقوسان أضفيا عليه نظرة متسلطة يشوبها بعض الغيظ والتحدي. وكان طبعه حاداً وقد حارب ببأس شديد دفاعاً عن منصبه وآرائه، أما فيما عدا ذلك فقد كان أشبه بدب دمث لطيف يستطيع حتى يطأطئ وقاره مازحاً إذا توقفت المعارضة. ولم يشارك بنصيب في حياة ليبزج الاجتماعية، ولكنه لم يكن ضنيناً باستضافة الأصدقاء، ومن بينهم منافسون كثيرون من أمثال هاسي وجراون. وكان متعلقاً بأسرته، يستغرقه عمله وبيته. وقد درب جميع أطفاله العشرة الأحياء على الموسيقى، وزودهم بالآلات، واحتوى بيته خمس موترات مفاتيح، وعوداً، وفيولا للساق، وعد كمانات، وفيولات، وفيولنتشلات. خط إلى صديق في تاريخ مبكر (1730) يقول "أستطيع الآن حتى أحي حفلة موسيقية، صوتية وآلية، من أفراد أسرتي"(67). وقد يتاح لنا في موضع لاحق حتى نرى كيف من الممكن أن واصل أبناؤه وفاقوه شهرة.

ثم وهن بصره في أخريات عمره. وفي 1749 ارتضى حتى تجرى له جراحة على يد نفس الطبيب الذي عالج هاندل بنجاح في الظاهر، ولكن الجراحة أخفقت هذه المرة وهجرته مكفوف البصر تماماً. وعاش بعدها في حجرة معتمة لأن النور الذي لم يستطيع رؤيته كان يؤذي عينيه. على أنه واصل التلحين رغم بلواه، شأنه في ذلك شأن بيتهوفن الأصم، وراح الآن يملي صهيراً له الافتتاحية الكورالية "حين تشتد بنا الحاجة". وكان قد أعد نفسه للموت منذ أمد بعيد، ووطن نفسه على تقبله، إذا حان حينه، عطية من الآلهة؛ ومن ثم ألف لحنه المؤثر "تعال أيها الموت الحلو".


تعال أيها الموت الرحيم، أيها الراحة المباركة،

تعال لأن حياتي مقفرة،

وقد تعبت من الدنيا.

تعال لأنني في انتظارك،

تعال سريعاً وهدئ روحي،

وأسبل عيبني في رفق؛

تعال، أيها الراحة المباركة(68).

وفي 18 يوليو1750 بدا حتى بصره قد رد إليه بصورة معجزة، وتجمعت أسرته من حوله في فرح وابتهاج ولكن فجأة، في 28 يوليو، قضت عليه إصابة بالفالج و"رقد إلى الرب هادئاً مباركاً"(69) كما تقول لغة ذلك العهد المفعمة بالراتى.

وكاد يصبح نسياً منسياً بعد موته. وبعض هذا النسيان مرجعة انزواء باخ في ليبزج، وبعضه عسر ألحانه الصوتية، وبعضه اضمحلال الميل إلى الموسيقى الدينية والأشكال الطباقية. وحاول يوهان هيللر، الذي شغل في 1789 وظيفة باخ قائداً لفرقة المرتلين في مدرسة توماس، حتى "يبث في التلاميذ استهجان فجاجات باخ"(70). وكان اسم باخ في النصف الثاني من القرن الثامن عشر يعني كارل فليب إيمانويل، الذي كان يأسف على طابع موسيقى أبيه العتيق(71). وما حلت سنة 1800 حتى بدا حتى جميع ذكر ليوهان سبستيان باخ قد طوى.

ولم يذكر عمله غير أبنائه. وقد وصفه أثنان منهما ليوهان نيكولاوس فوركل، مدير الموسيقى بجامعة جوتنجن. ودرس فوركل الكثير من ألحانه فتحمس له، ونشر في 1802 ترجمة لحياته في تسع وثمانين صفحة صرح فيها بأن:

"الأعمال التي خلفها لنا يوهان سبستيان باخ هي تراث قومي لا يقوم بثمن ولا يملكه أي شعب آخر... وتخليد ذكرى هذا الرجل العظيم ليس واجب الفن وحده بل واجب الأمة... فهذا الرجل، الذي هوأعظم من عاش ولعله أعظم من سيعيش من شعراء الموسيقى ومنظريها، كان ألمانياً... فته به فخراً يا وطني"(72).

وفتح هذا النداء المستنفر للوطنية قبر باخ. فاقتنى كارل تسلتر، مدير أكاديمية الغناء ببرلين، مخطوطة لحن الآلام، واستطاع فيلكس مندلسون، تلميذ تسلتر، حتى يقنعه بأن يسمح له بأن يقود في الأكاديمية أول أداء لهذا اللحن يؤدى في مكان غير الكنيسة (11 مارس 1829). ولاحظ صديق لمندلسون حتى لحن الآلام هذا قد بعث إلى النور بعد تقديمه أول مرة بمائة عام تقريباً، وأن يهودياً في الحادية والعشرين من عمره هوصاحب الفضل في بعثة من مرقده(73). وأدى جميع المشاركين في اللحن أدوارهم دون حتى يتقاضوا أجراً. وزاد مندلسون على هذا الإحياء بتضمين معزوفاته ألحاناً أخرى لباخ. وفي 1830 هبط فترة ضيفاً على جوته، فشغله جوته بطلبه عزف ألحان باخ.

ووافق هذا الأحياء ظهور الحركة الرومانسية، وتجديد الإيمان الديني بعد حروب نابليون، وزال سلطان الواقعية؛ فقد ارتبطت الثورة (الفرنسية) المجرمة، وبـ "ابن الثورة"، ذلك الرجل الرهيب الذي طالما أذل ألمانيا في ساحات القتال. وكانت ألمانيا الآن ظافرة، فشارك حتى هيجل في الإشادة بباخ بطلاً للأمة. وفي 1837 نادى روبرت شومان إلى نشر أعمال باخ نشراً كاملاً، وفي 1850 تألفت "جماعة باخ"، وجمعت مخطوطات باخ من جميع مصدر، وفي 1851 صدر أول مجلد، وفي 1900 صدر المجلد السادس والأربعون والأخير. ونطق برامز حتى أعظم حدثين في التاريخ الألماني سقطا في عهده تأسيس الإمبراطورية الألمانية، ونشر ألحان باخ الكاملة(74). وهذه الألحان تؤدى اليوم أكثر من ألحان أي ملحن آخر، ويتقبل العالم الغربي كله تقدير باخ بأنه "أعظم شاعر موسيقي عاش إلى اليوم".


مؤلّفاته

بلوك طوابع بريدية من جمهورية ألمانيا الديمقراطية (1985) يخلد باخ وهاندل وشوتس.

ألّف يوهان سباستيان في جميع أنواع الصيغ المويسيقية المعروفة في زمنه، عدا الأوبرا، وكان ممضىه الديني البروتستانتي الألماني أساسا لمعظم أعماله الموسيقية. ونتاجه الفني زاخر بعشرات المئات من البتر الموسيقية المتنوعة الصيغة، كما خط نحوخمسين مغناة نيوية.

ولموسيقى الأورغن عند يوهان سباستيان عناية خاصة، إذ ألّف لهذه الآلة الكثير من البتر الموسيقية من نوع الفانتزي والبريلود والفوغة والسوناتا. وكان أيضًا ذا اهتمام شديد بالآلات من ذوات الملامس ولا سيما الكلافان منها، فقد خط لها الكثير من البتر الموسيقية لآلة واحدة أوعدة آلات منها معا في كثير من الصيغ المتنوعة.

وبالإضافة، فقد ألّف عددًا لا بأس به من الكونشرتو، ومن أبرز الأعمال التي خطها لهذه الآلة هما الجزءان بعنوان الكلافان والعدل جيدا ألفهما على التوالي عام 1722 و1744 م ونشرا عام 1799 م. ويحتوي جميع جزء منها على 24 بريلود وفوغه في السلالم الأربع والعشرين-الكبيرة والصغرى- في السلم المعدل الذي أصبح أساسا لجميع أنواع الموسيقى العالمية. ومن أعمال يوهان المهمة للآلات أيضا كتاب فن الفوغة ألفه في أواخر حياته (1749 - 1750ٍٍٍٍ) ولم ينجزه، وهويتألف من بتر موسيقية من نوع الأتباع (الكانون) والفوغة، لم تكن مخصصة لآلة موسيقية أولمجموعة آلية ما.

عُدت موسيقى يوهان سباستيان باخ في القرن الثامن عشر معقدة وقديمة الأسلوب مقارنة مع الأشكال الموسيقية الجديدة المقدمة من قبل الموسيقيين الآخرين. ويعود الفضل إلى مندلسون الذي اكتشف عام 1829 م عبقرية سباستيان في مؤلفاته الآلام كما هي عند القديس ماثيوالتي أُلّفت قبل قرن من ذلك. وعلى أثر ذلك قدره جميع الموسيقيين، وأدى هذا العمل وكثير من المؤلفات الأخرى له إلى تأسيس جمعيات موسيقية كثيرة تحمل اسمه منها جمعية باخ في لندن عام 1870 م، وتأسست كذلك في لايتزنغ عام 1805 م جمعية باخ التي باشرت بنشر جميع أعماله الموسيقية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. ويمكن القول، حتى طبيعة القديم والجديد في موسيقى يوهان سباستيان بارزة المعالم وتؤسس تميزا تاريخيا بقي متبعا حتى القرن العشرين.

انظر أيضا

  • Abraham Calovius, commentator for his three-volume study Bible
  • Agenda, as appointed by Church Order, this directed worship
  • Chorale, hymn sung by the entire congregation
  • Divine Service (Gottesdienst), liturgy used among Lutherans for a mass
  • Law and Gospel, his sacred cantatas reflect this hermeneutic.
  • List of students of Johann Sebastian Bach
  • Lutheran Orthodoxy, religious convictions which motivated his sacred works
  • Luther's Small Catechism, he taught this catechism as the Thomascantor in Leipzig. and some of his pieces represent it.

ملاحظات

  1. ^ Towe, Teri Noel (28 August 2000). "The Inscrutable Volbach Portrait". The Face of Bach. Retrieved 20 May 2008.
  2. ^ Maxwell, D.R.Theological Symbolism in the Organ Works of J.S. Bach
  3. ^ Analyzing Bach Cantatas by Chafe, E.T.Analyzing Bach Cantatas. New York: Oxford University Press US, 2000.
  4. ^ Herl, J. Worship Wars in Early Lutheranism: Choir, Congregation, and Three Centuries of Conflict. New York: Oxford University Press, 2004.
  5. ^ Leaver, R.A.Luther's Liturgical Music. Grand Rapids, Michigan: Eerdmans Publishing, 2007.
  6. ^ For example, see Grove, G. The New Grove Dictionary of Music and Musicians. Vol. 4. New York: Macmillian, 1980. p. 335.

المصادر

  • Mendel, Arthur (1999). The New Bach Reader. W. W. Norton & Company. ISBN ..
  • Wolff, Christoph (1983). The New Grove: Bach Family. Papermac. ISBN ..
  • Baron, Carol K. (9 June 2006). Bach's Changing World:: Voices in the Community. University of Rochester. ISBN .
  • Boyd, Malcolm (18 January 2001). Bach. Oxford University Press. ISBN .
  • Eidam, Klaus (3 July 2001). The True Life Of J.s. Bach. Basic Books. ISBN .
  • Geck, Martin (4 December 2006). Johann Sebastian Bach: Life and Work. Harcourt Trade Publishers. ISBN .
  • Hofstadter, Douglas (4 February 1999). Gödel, Escher, Bach: An Eternal Golden Braid. Basic Books. ISBN .
  • Schweitzer, Albert (1 June 1967). J. S. Bach (Vol 1). Dover Publications. ISBN .
  • Spitta, Philipp (3 July 1997). Johann Sebastian Bach: His Work and Influence on the Music of Germany, 1685–1750 (Volume II). Dover Publications. ISBN .
  • Stauffer, George (February 1986). J. S. Bach As Organist: His Instruments, Music, and Performance Practices. Indiana University Press. ISBN .
  • Williams, Peter (5 March 2007). J.S. Bach: A Life in Music. Cambridge University Press. ISBN .
  • Wolff, Christoph (September 2001). Johann Sebastian Bach: The Learned Musician. W. W. Norton & Company. ISBN .

وصلات خارجية

تقدر حتى تجد معلومات أكثر عن Johann Sebastian Bach عن طريق البحث في مشاريع الفهم:

تعريفات قاموسية في ويكاموس
خط من فهم الخط
اقتباسات من فهم الاقتباس
نصوص مصدرية من فهم المصادر
صور وملفات صوتية من كومونز
أخبار من فهم الأخبار.

German Wikisource has original text related to this article:
Johann Sebastian Bach
Wikisource has the text of the 1911 Encyclopædia Britannica article Bach, Johann Sebastian.
General reference
  • Johann Sebastian Bach at the Open Directory Project
  • The J.S. Bach Home Page – JSBach.org, by Jan Hanford—extensive information on Bach and his works; huge and growing database of user-contributed recordings and reviews
  • J.S. Bach bibliography, by Yo Tomita of Queen's Belfast—especially useful to scholars
  • Bach-Cantatas.com, by Aryeh Oron—information on the cantatas as well as other works
  • Canons and Fugues, by Timothy A. Smith—various information on these contrapuntal works
  • Fugues of the Well-Tempered Clavier: Interactive scores calibrated to recordings by David Korevaar and analysis by Tim Smith.
  • Bach manuscripts – video lectures by Christoph Wolff on the Bach family's hidden manuscripts archive

عشرات

  • Bach Gesellschaft Download Page—the BGA volumes available for download in DJVU format.
  • Free scores by Johann Sebastian Bach at the International Music Score Library Project—the BGA volumes split up into individual works (PDF files), plus other editions
  • نطقب:IckingArchive
  • أعمال موسيقية مجانية من يوهان سباستيان باخ في مخطة الأعمال الكورالية المشاع (ChoralWiki)


  • نطقب:Cantorion

تسجيلات

  • Free MP3 recordings of the Motets Der Geist hilft unsrer Schwachheit auf – BWV 226, Jesu Meine Freude, BWV 227 and Komm, Jesu Komm – BWV 229, from Umeå Akademiska Kör
  • نطقب:Musicbrainz artist
  • mostly organ works by Bach played on virtual instruments
  • Free recordings of the Brandenburg Concertos in MP3 and FLAC provided by Czech Radio (see FLAC)
  • Orchestral Suites, Brandenburg Concertos and Keyboard Concertos
  • In the BBC Discovering Music: Listening Library



تاريخ النشر: 2020-06-07 09:24:24
التصنيفات: صفحات تستخدم وسوم HTML غير صالحة, مواليد 1685, وفيات 1750, أشخاص من إيزنباخ, عائلة باخ, مؤلفون موسيقيون ألمان, ملحنو الباروك, People from Saxe-Eisenach, موسيقى لايبزيگ, مؤلفون للتشلو, مؤلفون للعود, مؤلفون لأرغن الأنابيب, Organ improvisers, مؤلفون للكمان, German classical organists, عازفو ومؤلفو الأرغن في التقليد الألماني الشمالي, المؤلفون الكلاسيكيون للموسيقى الكنسية, ألمان لوثريون, أشخاص مشاهير في التقويم الديني اللوثري, ألمان من القرن 18, مؤلفون موسيقيون كلاسيكيون

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

حبل ينهي حياة ستيني داخل إسطبل بضواحي برشيد

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-19 21:15:24
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 50%

الأول من نوعه.. 2950 مشاركًا يتنافسون في «هاكاثون الصناعة» 

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-06-19 18:26:59
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 42%

كورونا للمرة الـ3.. ساجان ينسحب من سباق "سويسرا للدراجات"

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-06-19 18:27:02
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 47%

مبابي يتهم لو غرايت بتجاهل ما تعرض له من إساءة عنصرية

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-19 21:15:29
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 48%

انخفاض مبيعات الإسمنت بـ3.12 في المائة

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-19 21:15:27
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 47%

عاجل..عسكري يُنهي حياته شنقا بمراكش + صورة

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-19 21:15:27
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 43%

تفكيك شبكة متهمة بتهريب طائر “الحسون” نحو الجزائر

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-19 21:15:31
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 42%

المجلس الوطني لحقوق الإنسان يكرم روح الطفل “ريان”

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-19 21:15:23
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 36%

تحميل تطبيق المنصة العربية