فن إيطاليا

عودة للموسوعة

فن إيطاليا

تابوت الزوجين الإتروسكي، من طين نضيج، چرڤتري، 520 ق.م.
The main panel of the Maestà by Duccio, 1308–1311
Fresco from the Villa of the Mysteries. Pompeii, 80 BC
Benvenuto Cellini, Perseus with the head of Medusa, 1545–1554

الإتروسكيون


الرومان

نطقب:رئيسي الفن الروماني

زفاف ألدوبرانديني (القرن الأول ق.م.) من الڤاتيكان.
San Zeno Chapel, early 9th century. Santa Prassede, Rome.


البيزنطيون

فن العصور الوسطى

الفن البيزنطي

العصر القوطي

مادونا بريشة جنتيله دا فابريانو.


الفن الرومانسكي

كان الحكم المطلق نعمة على الفن وبركة، فقد كان أكثر من عشرة حكام يتنافسون في البحث عن المهندسين المعماريين، والمثالين، والرسامين ليزينوا لهم عواصمهم ويخلدوا ذكراهم، وكانوا ينفقون في هذا التنافس أموالا قلما تخصصها الديمقراطيات للجمال، أموالا لم يكن يستطاع تخصيصها للفن لوحتى ثمار الجهود والعبقرية البشرية كانت توزع على الناس بالقسطاس المستقيم. وكانت نتيجة هذا ان الفن الإيطالي في عصر النهضة كان فنا خاص ببطانة الملوك ذا ذوق أرستقراطي، ولكنه كان في الأغلب الأعم يلم في شكله وموضوعه بحاجات العظماء من رجال الدنيا والسلطات الكنسية. ذلك هوفن النهضة على حين حتى أنبل الفنون وأعظمها هوالذي يخلق للجماهير من كدحها ومن ثمار هذا الكدح هبة عامة ومجدا عاما، هكذا كانت الكنائس الفوطية الكبرى وهياكل بلاد اليونان وروما القديمة. وترى جميع ناقد يندد بكتدرائية ميلان لإكتضاضها بالزخارف، واضطراب خطوط البناء، ولكن أهل ميلان لا يزالون منذ خمسة قرون يجتمعون في مبناها الضخم الظليل، مشغوفين به، ولا يزالون حتى في هذا العهد المتشكك يعتزون به ويرون أنه عملهم الجماعي وموضع فخرهم المشهجر. وكان الذي بدأ هذا البناء هوجيان جلياتسوفسكونتي (1386)، وقد وضع تصميمه على نطاق خليق بعاصمة إيطاليا الموحدة التي كان يحلم بوجودها، فكانت تتسع لأربعين ألفا يعبدون فيها الله ويظهرون إعجابهم بجيان. وتقول الرواية المأثورة حتى نساء ميلان كن يصبن في ذلك الوقت بسقم غريب في أثناء حملهن، وأن كثيرين من أطفالهن يموتون وهم صغار.

وقد توفي لجيان نفسه ثلاثة أبناء تعسرت ولادتهم وماتوا بعد حتى ولدوا بزمن قليل، وحزن عليهم أشد الحزن، ولهذا وهب المزار العظيم لمريم في مولدها Mariae nasceenti، راتى حتى يرزق بوارث، وأن تلد نساء ميلان أبناء أصحاء. ثم نادى المهندسين من فرنس وألمانيا للاشتراك في العمل مع المهندسين الطليان، فأما المهندسون من أهل الشمال فقد اتىوا بالطراز القوطي، وأما الإيطاليون فهم الذين أفاضوا عليها الزخرف، وضعف التناسق بين الطراز والشكل من جراء تضارب الآراء بين الجانبين ومن الزمن الطويل الذي تم فيه بناء الكنيسة، والذي بلغ قرنين من الزمان. تبدل خلالها مزاج العالم وذوقه، فلم يعد من أتموا هذا الصرح يحسون بما يحس به من بدأوه. ولم يكن قد تم من البناء حين توفي جبان جلياتسو(1402) إلا جدرانه، ثم توقف العمل لقلة المال. ثم أستدعى لدوفيكوبرامنتي وليوناردو، وغيرهما ليصمموا السقف المستدير الذي يضم الأبراج المتفرقة الفخمة في تاج موحد، لكنه رفض آراءهم؛ ثم أستدعى آخر الأمر (1490) جيوفني أنطونيوأمديومن عمله الشاق في التشرتوزا دي بافيا، وعُهد إليه بالأشراف التام على مشروع الكنيسة الكبرى كله. وكان هوومعظم مساعديه مثالين أكثر منهم مهندسين؛ ولهذا لمقد يكونوا يطيقون حتى يبقى أي جزء من ظاهر البناء خاليا من النحت أوالزينة؛ وقضى الرجل في هذا العمل السنين الثلاثين الأخيرة من حياته (1490 - 1522) ومع هذا فإن السقف المستدير لم يتم إلا في عام 1759؛ كما حتى قابلة الكنيسة التي بدأ بها في عام 1616 لم يتم إلا بعد حتى فرض نابليون إتمامها فرضاً بأمر إمبراطوري (1809).

وكانت في أيام لدوفيكوثانية كنائس العالم من حيث الحجم، فقد كانت تغطي مساحة قدرها 120.000 قدم مربعة، أما اليوم فقد نزلت عن هذا الشرف الخداع، شرف الضخامة، إلى كتدرائية القديس بطرس في إشبيلية، ولكنها لا تزال تفخر بطولها وعرضها (486 قدماً × 289)، وبارتفاعها البالغ 354 قدماً من الأرض إلى رأس العذراء الذي يعلوالمنارة القائمة في السقف المستدير، وبأبراجها المستدقة العلية البالغ عددها مائة وثلاثة وخمسين والتي تقلل من مجدها وعظمتها، وبالتماثيل البالغ عددها ألفين وثلاثمائة والتي تغطي هذه الأبراج المستدقة، والعمد، والجدران، والسقف. وقد شيدت الكنيسة كلها حتى سقفها نفسه بالرخام الأبيض جيء به إليها بجهد كبير من اكثر من عشرة محاجر في إيطاليا. وقابلة البناء منخفضة انخفاضاً يتناسب مع سعته، ولكنها مع ذلك تستر السقف المستدير البديع؛ وليس في وسع الإنسان حتى يشاهد متاهات العمد التي تقوم فوق أرضها كأنها تضرع وتبتهل إلا إذا طار بجناحين ثم استطاع حتى يقف في أعلاها وسط الهواء، وعليه إذا أراد حتى يحس بروعة حجمها الضخم وما فيه من إسراف، حتى يطوف المرة بعد المرة حول سقفها العظيم بين طائفة لا حصر لها من النادىمات؛ وعليه حتى يجتاز شوارع المدينة الضيقة المزدحمة، ثم يخرج فجأة إلى ميدان الكنيسة الرحب المفتوح، لكي يدرك روعة القابلة والمنارة اللتين تنعكس عليهما شمس إيطاليا فتبدلهما لآلاء حجرياً؛ وعليه حتى يزاحم بمنكبيه الجموع الحاشدة في أحد أيام العطلة ويدخل معها من أبواب الكنيسة ويدع جميع هذه الرحاب الواسعة؛ والعمد، التيجان، والعقود، والقباب، والتماثيل، والمحاريب، والألواح الزجاجية الملونة تنقل إليه بصمتها سر الإيمان والأمل والعبادة.

وإذا كانت الكاتدرائية هي الأثر الخالد الذي أقامه جيان جلياتسوفسكونتي، وإذا كانت تشرتوزا بافيا هي ضريح لدوفيكووبيتريس، فإن المستشفى الكبير (Ospedale Maggiore) هوالأثر البسيط الضخم الذي يخلد ذكرى فرانتشيسكواسفوردسا. وأراد اسفوردسا حتى يخطط بطريقة "خليقة بأملاك الدوق العظيمة، وبالمدينة الكبرى الذائعة الصيت"، فاستدعي من فلورنس (1456) أنطونيوأفرولينوAntonio Averulino المعروف باسم فيلاريتى Filarete والذي اختار له شكلاً ضخما من الطراز الرومانسي اللمباردي، والراجح حتى برامنتي هوالمهندس الذي أنشأ الفناء الداخلي، وقد أنشأ في لقاءته طبقتين من العقود المستديرة تعلوجميع طبقة منها شرفة ظريفة رشيقة. وقد ظل المستشفى الكبير من أعظم ما في ميلان من أمجاد حتى دكت الحرب الأوربية الثانية معظم أجزائه وهجرتها خراباً تنعى من بناها.

وكان لدوفيكووحاشيته يرون حتى فنان ميلان الأعظم هوبرامنتي لا ليوناردو، لأن ليوناردولم يكشف لأهل زمانه إلا جزاءاً من نفسه. وقد ولد دوناتود انيولوDonato d'Agnolo في كاستل ديورانتي Castel Drante القريبة من أربينوUrbino وأطلق عليه من قبيل السخرية لقب برامنتي ومعناه الشخص الذي يلتهب بالرغبات الجامحة التي لا تشبع. ورحل إلى مانتوا ليدرس مع مانتينيا Mantegna؛ وتفهم فيها ما يكفي لأن يخرج بعض مظلمات متوسطة الجودة، ويرسم صورة ملونة رائعة للعالم الرياضي لوكا بتشيولي Leca Pocioli؛ ولعله التقى في مانتوا بليون باتستا البيرتي Leon Batista Alberli الذي كان يصمم كنيسة سانت أندريا Sant' Andrea؛ وسواء كان هذا أولم يكن فان طائفة من التجارب المتكررة في فن المنظور نقلت برامنتي من التصوير إلى العمارة؛ ونشاهده عام 1472 في ميلان يفهم كنيستها الكبرى بدقة الرجل الذي يعتزم القيام بأعمال جليلة. وأتيحت له حوالي عام 1476 فرصة يظهر فيها كفايته، وكانت هذه الفرصة هي تخطيط كنيسة سانتا ماريا حول كنيسة سان ساتيور San Satiro الصغيرة. وقد أظهر في هذه الآية الفنية المتواضعة طرازه المعماري الخاص في القباءات نصف الدائرية، وحجر المقدسات، والقبب المثمنة الأضلاع، والقباب الدائرية، التي تعلوها كلها طنف رشيقة، والتي تزدحم بعضها فوق بعض في صورة جامعة تخلب اللب. ولما عجز برامتي عن حتى يجد مكانا للقبا، أخذ يداعب بفن المنظور، فنقش على الجدار القائم خلف المحراب صورة قبا تخدع الإنسان خطوطه المتجهة كلها نحومكان واحد فلا يكاد يشاهد قبا غائراً بحق. وقد أضاف إلى كنيسة سانتا ماريا دل جراتسي قباً، وسقفاً مستديراً مقببا، والمداخل المعمدة للطرق المقنطرة التي كانت هي الأخرى بين ما دمرته الحرب الأوربية الثانية. ولما سقط لدوفيكورحل برامنتي نحوالجنوب، متأهباً لأن يهدم روما ويبنيها من جديد.

ولم يكن المثالون الذي في بلاط لدوفيكوفنانين جبارين مثل دوناتلووميكل انجلو، ولكنهم نحتوللشيرتوزا، والكتدرائية، والقصر، مائة صورة وصورة ذات رشاقة خلابة فتانة. وسيضل الناس يذكرون اسم كرستوفوروسولاري Cristoforo Solari الأحدب (II Gobbo) ما بقي القبر الذي أنشأه للدوفيكووبياتريس قائما. وكسب جيان كرستوفورورومانومحبة الناس جميعاً بظرفه وغنائه العذب؛ وكان من كبار المثالين في التشيرتوزا ولكنه انتقل إلى مانتوا بعد موت بيتريس بعد حتى ظلت هذه المدينة تلح عليه عاماً كاملاً، وفيها نحت لإزبيلا مدخلاً ظريفاً لحجرة مخطتها في قصر البرديزوParadiso (الجنة) ثم حفر صورة لها في مدلات تعد من اجمل مدليات النهضة. وانتقل بعدئذ إلى أربينوليعمل فيها عند الدوقة إلزبتا جندساجا Elisabetta Gonzaga، ثم أصبح من أبزر الشخصيات في كتاب البلاط لكستجليوني Caztiglione. وكان أعظم حفاري المدليات في ميلان كلها هوكرستوفوروفبا Crcistoforo Foppa. الملقب من قبيل السخرية كرادسا Caradossa، وهوالذي بتر الجواهر البراقة التي كانت تتحلى بها بيتريس، وجاب على نفسه حسد تشيليني Cellini.

وكان في ميلان مصورون جيدون قبل ليوناردوبجيل من الزمان، كان فيها فينتشندسوفيا الذي ولد في بريشيا، وتكون في بدوا، وقام أكثر أعماله في ميلان، وذاعت في أيامه شهرة مظلماته التي صورها في سانت يستورجيوsant' Eustorgio، ولا تزال صورة استشهاد القديس سبستيان تزين أحد جدران الكاستلو. وهجر لنا أمبروجيوبرجنيوني الذي نسج على منواله بميلان، وفي تررين،وبرلين، وكلها تجرى على تنطقيد روح التقى الصادق القوي؛ وهجر لنا كذلك صورة أنيقة لجيان جلياتسواسفوردسا في طفولته هي الآن بين مجموعة ولاس wallace في لندن. وفي الصور نجاحا في التعبير عن هذا الموضوع الشاق. وكان أمبروجيوده برديس Ambrogio de Perdis مصور البلاط عند لودفيكوحين قدم إليه ليوناردو، ويلوح أنه كان له نصيب في تصوير عذراء الصخور مع ليوناردونفسه، لعله هوالذي رسم الصورة الساحرة للموسيقيين الملائكة المحفوظة في المعرض القومي بلندن، ولكن أجمل مخلفاته صورتان محفوظتان في الأمبروزيانا: أحدهما لشاب جاد غاية الجد لا يعهد من هو، والثانية لفتاة يعتقد الآن إنها بيانكا ابنة لدوفيكوغير الشرعية. وقلما أفلح فنان غيره في إدراك المفاتن المتضاربة لفتاة تتصف بالحشمة والبراءة، ولكنها مدركة لجمالها الساذج فخورة به.

سقف مصلى السستين

وكانت المدن الخاضعة لميلان تقاسي الأمرين من جراء نزوح ذوي المواهب من أهلها إلى تلك العاصمة لما فيها من مغريات، ولكن كثيرا من هؤلاء استطاعوا حتى يخلدوا أسماءهم في تاريخ الفن. ولم تكن كوموتقنع بأن بابا لا أكثر لميلان يوصل إلى البحيرة التي سميت تلك المدينة باسمها، بل كانت هي أيضاً تفخر بروائعها الفنية مثل برج القومون Torre del Comune، وبرولتوBroletto وتفخر أكثر من ذلك بكتدرائيتها الفخمة المشيدة من الرخام. وقد قامت القابلة القوطية الرائعة لهذه الكاتدرائية أيام اسفوردسا (1457 - 1487)؛ وصمم برامنتي لها مدخلا جميلا من الجهة الجنوبية، وشاد ستوفورد سولاري القبا الخلاب على الطراز البرامنتي. وأهم من هذه المعالم وأكثر إمتاعا تمثالان يجاوران المدخل الرئيسي: أحدهما على اليسار لبلني الأكبر Pliny the Elder وثانيهما على اليمين لبلنى الأصغر Pliny the Younger، وهما من أبناء روما القدمين، وثنيان متحضران اتخذا لهما مكانا في قابلة كتدرائية مسيحية أيام لدوفيكوالمغربي السمحة.

وكانت أجمل درة في برگاموBergamo هي الكابلا كليوني Capella Colleoni وكان سبب قيامتها حتى الأفاق البندقي المغامر الذي ولد هنا أراد حتى يشاد له معبد تثوى فيه عظامه وأنقد يكون لقبره شاهد يخلد فوزاته. وصمم جوڤاني أنطونيوأماديوالمعبد والقبر، وحرص على حتى يظهر فيهما الروعة والذوق السليم، ثم أقام سكستس سيري النورمبرجى Sixtus Siry of Nuremberg على الضريح تمثال فارس من الخشب، لوحتى فيروتشيوولم يَصُب لهذا القائد العظيم تمثالاً آخر من مادة أقوى وهي البرنز لكان لهذا التمثال الخشبي شهرة أوسع من شهرته الحاضرة. وكان قرب برگامومن ميلان مانعاً لها من الاحتفاظ بمصيرها، ولكن واحداً منهم هوأندريا پرڤيتالي Andrea Previtali عاد إلى برگامو(1513) بعد حتى تفهم مع جوڤاني بليني في البندقية، وأورثها صوراً تمثل التقى بأعظم معانيه والتواضع في أجمل صورة.

وكانت بريشيا تخضع تارة للبندقية وتارة لميلان، وساعدها ذلك على حتى تحفظ التوازن بين التأثيرين، وأنقد يكون لها مدرسة للفن خاصة بها. وكان من أبنائها النابهين فنتشيندسو، وقد وزع ثمار مواهبه على ست مدن أونحوها، ثم عاد بعدئذ ليقضي السنين الأخيرة من عمره في مسقط رأسه، وشارك تلميذه ڤينچندسوجڤركيوVincezo Giverchio شرف تكوين المدرسة البريشية الفنية. ودرس جيرولاموروماني المعروف باسم رومانينومع فيرامولو، ثم تفهم في ما بعد في بدوا والبندقية، ثم أتخذ بريشيا مركزا له وصورة فيها وفي غيرها من بدن إيطاليا الشمالية سلسلة طويلة من المظلمات وستر المحاريب، والصور، ألوانها ممتازة ولكن خطوطها لا تبلغ هذه الدرجة من الإتقان. وحسبنا حتى ننظر من هذه الصور صورة العذراء والطفل المحفوظة في إطار فخم من خلق استيفانولمبرتي Stefano Lamberti في كنيسة سان فرانتشيسكو. وسما تلميذه السندروبنفيتشينوAlessandro Bonvieino، المعروف باسم مورتا دا برشيا Moretto da Brescia، بهذه الأسرة إلى أعلى مكانتها بأن مزج مجد البنادق ذوي الإحساس المرهف بالعاطفة الدينية المتحمسة التي ظلت تمتاز بها صور بريشيا إلى آخر أيامها. وقد رسم موريتوفي كنيسة القديسين نادسارووتشيلسوNazaro e Celso حيث وضع تيشيان صورة البشارة، صورة لا تقل عن هذه الصورة الأخيرة جمالاً وهي صورة تتويج العذراء. وصورة الملاك الأكبر التي بها لا تقل من حيث رقة الشكل والملامح عن أجمل الأشكال الموجودة في الكريجورو. وكان في وسعه حتى يصور حدثا شاء صوراً لفينوس مثيرة للشهوات شأنه في هذا شأن تيشيان؛ وتكشف صورة سالومي عن وجه من أظرف وأرق ما صور من الوجوه في نطاق فن النهضة كله بدل حتى تكشف عن صورة قاتلة بالنيابة.

وجمعت كريمونا حياتها كلها حول كنيستها الكبرى التي أنشئت في القرن الثاني عشر وحول البرج (Torrazo) المجاور لها وهوبرج يكاد يضارع برج جيتووالخرلدة Giralda. ورسم جوڤاني ده ساكي Giovanni de Sacchi، المسمى البرودينوني II Prodenone بسام المدينة التي أنشأ فيها، داخل هذه الكنيسة أروع آية من آياته الفنية هي صورة يسوع يحمل صليبه. وأنجبت ثلاث أسر عظيمة في تلك المدينة أجيالا متعاقبة من ذوي المواهب العالية في فن التصوير الكريموني: أسرة بيمي Bempi (وقد أنجبت بنيفادسيوBenifazio، وبندتوbenedetto، وجيان فرانتشيسكووأسرة بكاتشيني Boccaccini وأسرة كامي Campi. ودرس يوكاتشيويكا تشيبني في البندقية، وأقحم نفسه في منافسة لا طاقة له مع ميكل أنجلوفي روما، ثم عاد إلى كريمونا، وعلا صيته بما انشأ من مظلمات في كتدرائيتها صور فيها العذراء، وواصل ابنه كاملوCamillo أعماله الرائعة الممتازة. كذلك واصل جيليوGiuilio وانطونيوولدي جلبتروكامي وبرتردينوكامى تلميذ جيوليوأعمال جلياتسو. وكان جلياتسوهذا قد وضع تصميم كنيسة سانتا مرغريتا في كريمونا ثم رسم فيها صورة المخلص في المعبد. إلى غير ذلك نزعت الفنون في إيطاليا على عهد النهضة إلى حتى تجتمع في عقل واحد، وقد ازدهرت في عهد عباقرة متعددي الكفايات تعددا لم يعهد حتى في بلاد اليونان.


عصر النهضة

The Marriage of the Virgin by Raphael.

أحس الفن كما أحست السياسة بهذه المنافسة المشتدة بين شئون الدنيا وشئون الدين. كان رجال الكنيسة لا يزالون أغنى رعاة الفن، يوصون بالمباني، والصور والتماثيل، والزخارف، ولكن الأرستقراطية استكثرت الآن من القصور بأسرع من الكنائس، وتوددت إلى الأجيال القادمة بالصور، وأهدتها مجموعات من التحف الفنية. وفي إيطالية القرن السابع عشر جرى تيارا الرعاية هذان جنباً إلى جنب في انحدار بهي من النهضة الأوربية. وكانت تورين تتخذ طريقها إلى الثراء تحت حكم أدواق سافوي. وقد صمم جوارينوجواريني لكتدرائية سان جوفاني باتيستا "كابيل ديل سانتيسيموسوداريو" أي كنيسة الكفن الأقدس (الذي افترض المؤمنون حتى يوسف الرامي كفن فيه جسد المسيح). وقد انهارت قبة كنيسة سان فيلييوالكبرى، التي بدأها جواريني، قبيل حتى تكتمل، فرممها فيلييوايوفارا، الذي ولد سنة 1676 قبل موت جواريني بسبع سنوات. ولعلنا نلتقي بايوفارا مرة أخرى. وفي جنوة كان أروع بناء شيد في هذا العهد هوقصر دوراتزوالذي بناه فالكوني وكانتوني في 1650، واشتراه بيت سافوي في 1817، واستخدم بعد ذلك قصراً ملكياً للأسرة. وقد تحطمت قاعة مراياه الشهيرة في الحرب العالمية الثانية، وكانت رائدة لقاعة مرايا فرساي (1678)، فليس سليماً إذن حتى مارس (إله الحرب) عشق فينوس يوماً ما. أما أبرز المصورين الجنوبيين الآن فكان اليساندرومانياسكو، وقد نجد أنموذجا من فنه في لوحة "مجمع اليهود" المحفوظة بمعهد الفن بشيكاغو، أولوحة "الغداء البوهيمي" المحفوظة باللوفر.

وواصلت البندقية إنجابها للأطفال والفنانين. وأي عمل أعظم بطولة من الدفاع عن كانديا ضد هجر،يا ترى؟ فطوال ربع قرن ظل جنود الباب العالي وبحارته يهاجمون كريت، وكانت يومها مستعمرة للبندقية، وهلك في تلك الحملات العنيفة 100.000 هجري(15)، ومع حتى جيشاً عدته 50.000 مقاتل استولى على بعض المدن الصغيرة في الجزيرة، فإن العاصمة صمدت للحصار عشرين عاماً، وصدت اثنين وثلاثين هجوماً. وفي 1667 أوفد فرانشسكوموروزيني ليقود الحامية المشرفة على الموت جوعاً. وأخيراً سلمت (1668)، ولكن أحداً لم يعد يتحدث على تدهور البندقية. وفي 1693، عندما تقلد موروزيني إمرة الأسطول البندقي، تقهقر الأتراك حين اقترب منهم وقد روعهم اسمه فقط. وكان لا يزال من ذلك الطراز من الرجال الذي صره تنتوريتووفيرونيزي-الشجاعة المجسمة التي لا تعهد الرحمة.

وكان بالداساري لونجينا رجلاً آخر من هذا الطراز السبعيني. فقبل سنوات كثيرة (1632) صمم كنيسة "سانتا ماريا ديللا سالوتي"-أميرة البحيرات الجليلة، أما الآن، وبعد سبعة وأربعين عاماً، فقد شاد قصر بيزاروعلى القناة الكبرى-قصراً متيناً بديعاً بأعمدته المزدوجة وكرانيشه المتعددة، ثم بنى (وهوفي السادسة والسبعين) قصر ريتزونيكو، الذي سيموت فيه الشاعر براوننج. وهناك نبت آخر، صلب العود، حمل البذرة البندقية إلى نصف القارة، وهوسبستيانوريتشي، الذي ولد (1659) بمدينة بللونوفي إقليم فنيتسيا، ومضى إلى فلورنسة ليزخرف قصر ماروتشيللي، ثم سار على أقل الدروب ضنكاً-إلى ميلان، وبولونيا، وبياتشينزا، وروما، وفيينا، ولندن. وأنفق عشر سنوات في إنجلترا، ورسم صوراً في مستشفى تشلسي، وبيرلنجتن هاوس، وقصر هامبتن كورت، وكاد يظفر بمهمة زخرفة كنيسة القديس بولس الجديدة. ثم مضي إلى باريس، حيث انتخب عضواً في أكاديمية الفنون الجميلة. ولوحته "ديانا والحوريات(16)" غلمة كلوحات بوشيه، لطيفة كلوحات كوريدجو. وعمر ريتشي حتى 1734، وأسلم مهاراته للقرن الثامن عشر، ومهد الطريق للعصر المضىي للتصوير البندقي أيام تيبولو.

أما المدرسة البولونية فلم تكن قد استنفدت قوتها تماماً. فاشتهر كارلوتشينياني برسومه الجصية في كتدرائية فرولي. وكشف جوزيبي ماريا كرسبي (لوسبانيولو) في "صورته الذاتية(17)" عن رجل مستغرق في الفن، متناس جميع متاعبه إذا أتيح له حتى يرسم. وقد صور جوفاني باتيستا سالفي ("الساسوفيراتو") في لوحته "العذراء تصلي(18)" ما في المحبة من إنكار للذات، وأرانا في لوحته "العذراء والطفل(19)" مجرد امرأة بسيطة، سعيدة بوليدها (البامبينو)، كأي امرأة تراها في أي يوم بين فقراء إيطاليا.

وقد حكم فلورنسة وبيزا وسيينا خلال هذه الفترة اثنان من كبار أدواق توسكانيا، فرديناند الثاني وكوزيموالثالث. وفي 1659 بدأت سيينا مهرجان الباليو(المعطف) المشهور: فكانت أحياؤها العشرة تنظم موكباً بملابس بهية يسير في شوارع زينت بالعمائر، والرايات، والزهور، ونساء مرحات لابسات ثياباً جذابة، ثم يتبارى فرسان الأحياء بجنون في سباق على معطف السيدة العذراء التي كرست المدينة التقية نفسها وحياتها له منذ أمد بعيد. ولم تملك فلورنسة الآن من المصورين إلا الصغار. وواصل كارلودولتشي، بفن أضعف، صور رينوجيدي العاطفية، المتأملة في السماء، التي رسمها للعذراء والقديسين، والعالم كله يعهد لوحته "القديسة سيسيليا(20)". ورسم يوستوس سوسترمانس، الذي هاجر من فلاندر غلى فلورنسة، لوحات تعد من العجائب التي تشد الانتباه في قاعة بيتي-وليس أقلها رأس جاليليوالرائع الجليل. كذلك كان يظهر موسى وهويشرع الناموس، لا كما نراه في وحش ميكل أنجيلوذي القرون.

وكان الفن في روما يفيق من قيود الحركة المعارضة للإصلاح البروتستنتي. فعاد البابوات بقدر أخف إلى روح النهضة، وشجعوا الأدب، والدراما، والعمارة، والنحت، والصوير. ورمم إنوسنت العاشر الكابيتول وكنيسة سان جوفاني في لاتيرانو. وكلف الاسكندر السابع برنيني بأن ينحت نطاقاً رباعياً من حراس مصنوعين من الجرانيت حول ميدان القديس بطرس (1655-67)-فنحت 284 عموداً و88 ركيزة، ووفق في صنعها إلى تحويل المضى إلى حجر. وفي عهد هذا البابا أعاد بييتروداكورتونا بناء كنيسة سانتا ماريا ديللا باتشي، حيث كانت عرافات رفائيل لا تزال تتأمل القدر. واشهجر جيرولامودينالدي مع ابنه كارلوفي تشييد كنيسة سانتاجنيزي الجميلة في ميدان نافونا. واشهجر الوالد والولد ثانية في تصميم كنيسة "يسوع ومريم"، وبنى كارلوهيكل سانتا ماريا في كامبيتللي ليضم تمثالاً للعذراء افترض الناس أنه أوقف طاعون 1656. وكان الكرادلة والنبلاء يبنون مساكنهم ومدافنهم في فخامة القصور. وارتفع الآن قصر دورياً وبهوقصر كولونا ذوالزخارف الباروكية المسرفة، وفي كنيسة "يسوع ومريم" حفر فرانشسكوكافالليني لأسرة بولونيتي مقبرة لا بد أنها أثارت حسد الأحياء للأموات.

وأقام مصورون كثيرون الدليل على حتى فنهم ما زال حياً في روما. وقد خطب أهلها ود كارلوماراتي، في النصف الثاني من القرن السابع عشر، باعتباره زعيم المصورين في الباروك الحديث. وصورته لحدثنت التاسع(21) كانت مذكرة بصورة فيلاسكويز لإنوسنت العاشر، ولكنها انتهت نهاية طيبة، وصورته "العذراء مع القديسين في الفردوس"(22) تكرار لعشرات مثلها، ولكنها صورة جميلة. وحين أراد حدثنت الحادي عشر ترميم لوحات رفائيل الجصية في الفاتيكان عهد إلى ماراتي بهذه العملية الدقيقة الخطرة على المرمم خطرها على الرسوم، فأداها بكفاية. واختار اليسوعيون جوفاني باتيستا جاوللي (الباتشتشو) ليرسم قبوكنيستهم الأم "الجيزو"، ولكن كان من بين أبناء طريقتهم راهب من أقدر فناني عصره، هوأندريا بوتسو، الذي التحق بالطريقة وهوفي الثالثة والعشرين، وصمم في تلك الكنيسة مذبح القديس اجناتيوس-وهومن روائع الباروك. وفي 1692 نشر بوتسومنطقاً عن المنظور في التصوير والعمارة أثار ضجة في عدة لغات. واستهواه موضوعه كما استهوى أوتشيللوموضوعه قبل قرنين، فطور دراساته بلطائف "الخداعية"، كما يرى في صوره الجصية في فراسكاتي. ونادىه الأمير فون ليشتنتشتين إلى فيينا، فأفنى نفسه بكثرة المهام التي اضطلع بها، ومات هناك في 1709 بالغاً من العمر سبعة وستين عاماً.

كان أعظم المصورين الإيطاليين الآن في نابلي. فكل شيء أينع وازدهر هناك-الموسيقى والفن، والأدب، والسياسة، والدراما، والجوع، والقتل، وشيء آخر لا يكف عنه الرجال الهائجون أبداً، وهومطاردتهم لجسد المرأة ومفاتنه، المطاردة المرحة، العنيفة، الشجية. وتأثر سلفاتور روزا بكل عناصر الحياة هذه. وكان أبوه معمارياً، وفهمه عم له التصوير، وكان زوج أخته تلميذاً لريبيرا، وقد أذن لسلفاتور نفسه في الوقت المناسب بالالتحاق بذلك المرسم الجليل. وفهمه أستاذ آخر تقنية مناظر المعارك الحربية. واشتهر سلفاتور على الأخص بهذه الصور التي ترى في متحف نابلي القومي أوفي اللوفر. ومن المعارك انتقل إلى مشاهد الطبيعة، ولكن هنا أيضاً آثرت روحه الوحشية رسم الطبيعة في سوارت غضبها، كما يرى في لوحة باللوفر صور فيها الغيوم الكثيفة والأرض المظلمة يضيئها فجأة برق يحطم الصخور ويطوح الأشجار في طرفة عين. وأقنعه لانفرانكوبالذهاب إلى روما والتودد للكرادلة، فمضى وأثرى هناك، ولكنه هرع قافلاً إلى نابلي 1646 ليشهجر في ثورة مازانيللو. فلما فشلت عاد إلى روما، وصور كبار رجال الكنيسة، وخط هاتىً ساخراً تهكم فيه بالترف الكنسي. ثم قبل دعوة الكردينال جانكارلودي مديتشي ليمضى ويعيش معه في فلورنسة، وهناك مكث تسع سنوات، يرسم، ويعزف الموسيقى، ويقرض الشعر، ويشارك في التمثيليات. وحين عاد إلى روما ثانية، سكن بيتاً في التل البنسي، حيث عاش بوسان ولوران من قبل. وتقاطر عليه أقطاب الكنيسة، ليصورهم مغضين عن هجائياته، مؤثرين فرشاته على قلمه، وكان أحب الفنانين إلى الناس في إيطاليا طول عشر سنوات. وقد رسم صور القديسين والأساطير المألوفة، ولكنه في محفوراته استسلم لعطفه على الجنود المساكين والفلاحين المعذبين، وهذه المحفورات من أبدع آثاره.

ولم ينافسه في شهرته غير رجل من أهل نابلي، هولوكا جوردانو. وكان فناناً وهوبعد في الثامنة، ثم رسم في كنيسة سانتا ماريا لانوفا ملاكين بلغ من الجمال والرشاقة مبلغاً جعل الحاكم يأخذه العجب حين رآهما، ويرسل للصبي بعض البتر المضىية مع توصية لريبيرا. وظل يفهم على يد ذلك الأستاذ الغارق في تأملاته، ويدهش جميع إنسان بسرعة نسخه للروائع وتقليده للأساليب. وتاق للذهاب إلى روما وفحص رسوم رفائيل الجصية المشهورة، ولكن أباه عارض في ذهابه، لأنه يرتزق من بيع صور لوكا ورسومه. ففر لوكا سراً، وسرعان ما أخذ ينسخ بحماسة في الفاتيكان، وفي كنيسة القديس بطرس، وفي قصر فارنيزي. وتبعه أبوه، وحصل على قوته هنا أيضاً ببيع صور ابنه العارضة، ويروي حتى السر في تقليبه "فا-برستو" هوحث أبيه على السرعة. فلما استوعب فن روما مضي إلى البندقية ورسم على كيفية تيشان وكوريدجوصوراً لا تكاد تختلف عن روائعهما. ولكنه رسم إلى ذلك صوراً أصيلة ظفرت بالاستحسان، وفي وسعنا الحكم عليها من لوحته "إنزال المسيح عن الصليب" المحفوظة بأكاديمية البندقية. ولما عاد إلى نابلي زخرف اثنتي عشرة كنيسة بكفاية وسرعة لم يجد معها منافسوه حيلة إلا حتى يتسقطوا له الهنات. ثم نادىه كوزيموالثالث إلى فلورنسة (1679) حيث ظفر بالاستحسان لصورة الجصية في كنيسة كورسيني.

وأصاب صديقه كارلودولتشي غم شديد حين رأى ما أحرزه لوكا من نجاح، فمات بعد قليل(23)، وتروي لنا إيطاليا المحبة لفنانيها من الأساطير الكثيرة عنهم قدر ما ترويه عن قديسيها. وفي رواية أخرى حتى نائب الملك الأسباني في نابلي أوصي برسم حشوة كبيرة لكنيسة القديس فرانسس زافير، وثار غضبه حين عثر حتى شيئاً لم ينجز في هذا التكليف رغم التأجيلات الطويلة، وما راعه بعد يومين إلا حتى يجد العمل كاملاً وجميلاً. ونطق نائب الملك "إن راسم هذه الصورة أما ملاك وأما شيطان(24)".

وطبقت شهرة الملاك الشيطاني الآفاق حتى بلغت مدريد، وسرعان ما تكاثرت الدعوات على لوكا من شارل الثاني لينضم للبلاط الأسباني. ومع حتى الملك كان مشرفاً على الإفلاس فإنه وصل الفنان بألف وخمسمائة دوكاتيه، ووضع سفينة ملكية تحت تصرفه للرحلة. فلما بلغ جوردانومدريد (1692) استقبلته ست مركبات ملكية على الطريق. وما لبث حتى بدأ العمل في الأسكوريال وهوفي السابعة والستين. فزين بالصور الجصية سلم الدير الكبير، وعلى قبوالكنيسة رسم "صورة طبق الأصل" من السماوات، ترينا شارل الخامس وفيليب الثاني في الفردوس-وقد غفرت ذنوبهما كلها تحية من الثالوث الأقدس لآل هابسبورج. وفي السنتين التاليتين رسم عدداً كبيراً من الصور الجصية يعدها مؤرخوالفن الأسباني خير ما رسم في الأسكوريال(25). وفي "القصر" بمدريد، وفي بوين ريتيرو، وفي كنائس طليطلة والعاصمة، رسم صوراً بلغت من الكثرة، وأنفق فيها من الجهد، ما جعل منافسيه يعيرونه بأنه يعمل ثماني ساعات في اليوم وفي أيام الأعياد. كذلك ساءهم أنه جمع ثروة بطرق غير لائقة، وأنه يضيق على نفسه ولكنه يشتري الجواهر الغالية استثماراً آمناً لماله لأن جميع شيء في هذه الدنيا سيتغير ويتبدل إلا غرور الإنسان. وقد كرمه جميع البلاط، ووصفه شارل الثاني في لحظة صفاء بأنه أعظم من ملك.

ومات شارل في 1700، ومكث جوردانوفي أسبانيا رغم ما تلا ذلك من حرب الوراثة الأسبانية، ولما ارتقى العرش فيليب الخامس ظل يتلقى تكليفات سخية عسيرة. ثم عاد إلى إيطاليا في 1702، وتخلف في روما ليلثم قدم البابا، ووصل إلى نابلي والغار يكلله. وعلى أسقف التشرتوزا (دير الكرتوزيين) بسان مارينو، المطل على المدينة، رسم في ثمان وأربعين ساعة سلسلة من الصور الجصية أظهرت نشاطاً وحذقاً لا يكادان يصدقان في رجل بلغ الثانية والسبعين (1704). وفاضت روحه بعد ذلك بعام وهويقول متأوهاً "إيه يا نابلي، يا نسمة حياتي(26)". ولم يعدله شهرة عند وفاته فنان آخر في جيله. ونافس الأعيان الهولنديون الأباطرة والملوك في شراء صوره، وفي إنجلترا النائية تغني مافيوبرايور بمديح "جوردان الإلهي" وأعجب عامة الناس بغنى ألوانه، وبأس أشخاصه، وجلال أفكاره، وقوة عرضه. ولكن الفنانين-بعد حتى أفاقوا من هذا الخدر العام-بينوا علامات التعجل في إنتاج لوكا فا-برستو، والخلط المتناقض بين الأفكار أوالمواضيع الوثنية والمسيحية في المشهد الواحد، والمواقف المفتعلة، والإفراط في الإضاءة الساطعة، والافتقار إلى التناسق والهدوء. ولقد رد لوكا على ناقديه قبل ذلك بزمن طويل، إذ عهد المصور القدير بأنه ذلك الذي يحبه جمهور الشعب(27). ومن العسير تفنيد هذا التعريف ما دمنا نفتقر إلى معيار موضوعي للامتياز أوسلامة الذوق، ولكنا قد نجد أدنى محك ذاتي للعظمة في مبلغ تأثير إنسان ما في الزمان والمكان، وأدنى مقياس ذاتي للشهرة في قدرتها على البقاء. ولقد سعد جوردانوبحياة ناجحة، وهولا يشعر بأي أذى من جراء شهرته الآفلة.

وكان الفنان فرانشسكوسولمينا يناهز الثامنة والأربعين حين توفي فا-برستو، ولكن سني عمره التسعين بلغت بمدرسة الفن النابولية قرابة منتصف القرن الثامن عشر. وكان لوكا قد رسم صحن دير مونتي كاسينو، ورسم فرانشسكوالخورس، وتهدم هذا وذاك في الحرب العالمية الثانية. ولكن المتاحف تحتفظ بفن سولمينا، ففي فيينا "اغتصاب أوريثيا" وهي نشوة بضة من عضلات الذكر ومنعطفات الأنثى، وفي اللوفر نرى صدى وتحدياً لرفائيل في لوحته "هليودوروس" يطرد من الهيكل"، وفي كريمونا صورة "مادونا أدولوراتا" ويصحب العذراء فيها ملاك فيه من العذوبة ما يجعلنا نتقبل فكرة الخلود إذا كان في الجنة الكثير من أمثاله.

الأخلاقية

The Taking of Christ by Caravaggio, c. 1602.


الحداثة

الباروك

الروكوكو

الانطباعية وما بعد الانطباعية

1900

التعبيرية

Jeanne Hébuterne in Red Shawl by Modigliani.


التكعيبية والمستقبلية

الحداثية الكلاسيكية في القرن العشرين

الفن الحداثي الإيطالي

”Composizione”, 1959, Enrico Accatino


الفن الإيطالي بعد-الحداثي

الفن المعاصر

وصلات خارجية

  • Italian Art
  • http://cgfa.sunsite.dk
  • http://www.arounder.eu VRpanoramas of Italy by Tolomeus
  • ItalianArtStudio.comItalian and Tuscan style Fine Art
  • Italian Plasma Artist

نطقب:Art of Europe

تاريخ النشر: 2020-06-07 09:32:51
التصنيفات: فن إيطالي, الثقافة الإيطالية, فن حسب البلد

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

6 ملايير و300 مليون "منحة الوسخ" لـ 780 موظف وعامل بجماعة المحمدية 

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-12 15:25:26
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 70%

توريد 45 مليون طن من البضائع الروسية لألمانيا

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-12 15:25:05
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 62%

الجوازات: الجواز الإلكتروني السعودي «غير قابل للتزوير»|عاجل

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-12 15:25:01
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 66%

6 ملايير و300 مليون "منحة الوسخ" لـ 780 موظف وعامل بجماعة المحمدية 

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-12 15:25:21
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 65%

تعرف على الروبوت الشبيه بالبشر «صوفيا» |عاجل

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-12 15:24:58
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 64%

حينما تتفتّح براعم الأنوثة غراف تطلق تصاميمها العصرية Wild Flower

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-12 15:25:07
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 64%

تحميل تطبيق المنصة العربية