محمد عناني
محمد عناني |
---|
دكتور محمد عنانى (1936) أستاذ في الأدب الإنگليزي في جامعة القاهرة، وذوباع طويل في الترجمة الأنجليزية وهواستاذ الأدب الانجليزى بجامعة القاهرة. ومحرر مسرحى قدم له المسرح المصرى سبع مسرحيات وله ثلاثة دواوين شعرية وقصتان شعريتان وهوناقد ومترجم راسخ القدم.
كرّس المصري محمد عناني معهدته العميقة بالأدب الإنكليزي واللغة العربية لتحقيق أبرز مبادئ الترجمة: التثاقف والمثاقفة. وهويعتبر من المترجمين العرب القلائل الذين نشرت لهم أهمّ دور النشر مثل «لونگمان». ومن أبرز إنجازات عناني التصدي لترجمة نماذج مهمة من الأدب الإنكليزي، مثل ملحمة لورد بيرون «دون جوان»، وملحمة جون ميلتون «الفردوس المفقود». وقد تطلّب إنجاز الترجمة لملحمة «الفردوس المفقود» (1667) من عناني قرابة عشرين عاماً، إذ بلغ طول الملحمة 10565 سطراً في 12 كتاباً، وقسَّم عناني ترجمتها إلى أجزاء عدة، إلى حتى أصدرتها الهيئة المصرية العامة للكتاب في كتاب واحد عام 2002.
تدور الملحمة حول صراع الإنسان مع الشيطان، واستطاع عناني من خلال هذه الترجمة حتى يقدّم إلى المخطة العربية إحدى أبرز الملاحم الأدبية اللاهوتية التي تقف بجوار «الإلياذة» و«الأوديسة»، و«بيوولف»، و«الكوميديا الإلهية»... وهوقدمها على هيئة نص في شكل الشعر الحرّ، وأحياناً الشعر المنثور. وفي مواضع كثيرة حاول حتى يترجم بعض الأبيات على شكل شعر موزون ومُقفى، بخاصة في الأماكن التي بحاجة إلى شاعرية، مثل الحوار بين آدم وحواء قبيل السقوط في شَرك المعصية بالأكل من الشجرة المحرمة، وورد ذلك في الكتاب التاسع الذي يعتبر من الخط المركزية لهذه الملحمة، إذ يصف معاناة إبليس في الجحيم وحسده لآدم.
أما مقدمة الترجمة فهي تعبير عن دراسة أكاديمية يشرح فيها عناني أهمية جون ميلتون ومكانته، وخصوصاً في موقفه الفلسفي من موضوع الخطيئة وخلق الإنسان والرحمة والمغفرة وعداء إبليس للإنسان، وأيضاً الخلفية السياسية والدينية لميلتون في ذلك الوقت، إضافة الى عرض مسببات ترجمة هذه الملحمة.
ويعتبر المترجم والأكاديمي محمد عناني، الفائز أخيراً بجائزة رفاعة الطهطاوي من المركز القومي المصري للترجمة عن ترجمته مسرحية شكسبير «دقة بدقة»، من جيل الرواد في الترجمة الحديثة. وهوتجاوز حتى نقل إلى العربية الكثير من الدراسات الأكاديمية الخاصة بفهم الترجمة ونظرياتها. وبعدما كانت الترجمة مقتصرة على بُعدها الوظيفي -أي الترجمة التقابلية وإيجاد المعنى المساوي من اللغة الأم الى اللغة الهدف-، أكد عناني على الجانب الثقافي للترجمة ومحاولة فهم ثقافة النص المراد الترجمة منه وإليه. ويعتبر كتابه «فن الترجمة»، الذي نشرته دار «لونغمان» وأصبح مرجعاً مهماً لطلبة اللغات والمترجمين، من الخط الأساسية في فهم فهم الترجمة وإتقان فنونها، وهوخلاصة النظريات اللغوية وفهم اللغة التطبيقي في دراسة أساسيات الترجمة. ولا يعني فهم الترجمة بالنسبة إلى عناني الترجمة الحرفية للنص، إنما هومحاولة إبداع نص حديث مع الحفاظ على جماليات وثقافة النص المترجم منه.
لم يقتصر دور محمد عناني على ترجمة النصوص الشعرية والملاحم، ولكنه ساهم بقوة في ترجمة المسرح الشعري الإنكليزي والمسرح المعاصر، فترجم مسرحيات وليم شكسبير، بخاصة ذات البعد المأسوي، مثل «الملك لير»، و«هاملت»، وأضاف أبعاداً جمالية مختلفة على هذه النصوص، وهوما يميز عمله مقارنة بما أنجزه مصطفى بدوي وجبرا إبراهيم جبرا مع أعمال شكسبير.
تكمن مساهمات عناني في معهدته الكاملة والعميقة باللغة الإنكليزية، فهوأستاذ في الأدب الإنگليزي وتتلمذ على أساتذة كبار مثل رشاد رشدي وفخري قسطنطين، إضافة إلى الأساتذة الإنكليز الذين كانوا يعملون في جامعة القاهرة في أوائل ستينات القرن العشرين. وقد ترجم أيضاً مسرحيات هارولد بنتر، لكنّ ترجمته ملحمة «الفردوس المفقود « تبقى بمثابة عمل عمره الذي أفنى فيه شبابه، وحقق من خلاله مكانة عالمية في مجال ترجمة الأدب الرفيع، وهوما لم يتيسر سوى لقليل من المترجمين من أمثال سامي الدروبي، مترجم الأدب الروسي إلى العربية. ولم يتوان عناني عن أداء مهامه كمترجم، فكان واحداً من المؤسسين لدراسات الترجمة بعدما كانت طفيلية على فهم اللغة والأدب في جامعة القاهرة، فأنشأ قسم أو«دبلومة» للترجمة تدرِّب وتدرّس علوم الترجمة للباحثين والمترجمين الذين يريدون المجال الدقيق في هذا المجال.
إن فن الترجمة الذي أسسه محمد عناني كان يقوم على حتى الترجمة مشروع حضاري وثقافي، وأنها أساس نهضة الأمم التي تقوم على تبادل الخبرات والعلوم والمعارف، وأيضاً التبادل الثقافي وحفر قناة إنسانية يتعارف الناس من خلالها على ثقافاتهم المتنوعة وعلى إنسانيتهم.
لقد ترجم العرب في العصور الأولى للإسلام أعمال أرسطووأفلاطون على يد العلامة والفيلسوف ابن رشد وغيره، وفي الأندلس قامت حضارة عظيمة تبادلتها أوروبا كلها -بخاصة إيطاليا- لتبدأ بها مشروع عصر النهضة. إلى غير ذلك هي الترجمة بالنسبة إلى عناني، فهي ليست رفاهية تسكن في فهم لغة خارجية للتعامل اليومي، ولكنها امتزاج حضارتين في بوتقة واحدة بغرض درء «الصدام الحضاري» بحسب تعبير هنتنغتون. وفى هذا السياق ترجم عناني كتاب «الاستشراق» لإدوارد سعيد، مؤكداً قيمة الشرق كمنتج فكري استفاد منه الغرب الذي وضعه في صورة نمطية ومارس معه الاستغلال والاستعباد وفرض عليه الجهل ومن ثم نهب ثروته. ترجمة عناني قادرة على تسليم المفاهيم وفهم ما يفكر فيه «الأعداء»، فلعلهمقد يكونون يوماً شركاء في خلق غد أفضل للإنسان.
أهم أعماله
ترجمة عشر مسرحيات لشكسبير وملحمة الفردوس المفقود للشاعر جون ميلتون، والملحمة الساخرة "دون جوان" للشاعر لورد بايرون، كما خط الكثير من الخط في النقد الأدبى وفى دراسات الترجمة.
الجوائز
- جائزة التفوق في الآداب عام 1999
- جائزة الدولة التشجيعية في الترجمة سنة 1983
- وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى سنة 1986.
- جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 2002
المصادر
- ^ دار البلسم للنشر والتوزيع, محمد عنانى (مترجم)