العلاقات الألمانية المغربية

عودة للموسوعة

العلاقات الألمانية المغربية

العلاقات الألمانية المغربية

ألمانيا

المغرب

العلاقات المغربية الألمانية هي علاقات ثنائية بين المغرب وألمانيا. تأسست سنة 1784 حين عين الإمبراطور فريدريك الأكبر قنصله في المغرب.

العلاقات المبكرة

بدأت العلاقات المغربية الألمانية سنة 1506، حيث أنشئت فروع تجارية ألمانية في ميناء آسفي بالمغرب.

بدأت العلاقات المغربية الألمانية سنة 1506، حيث أنشئت فروع تجارية ألمانية في ميناء آسفي بالمغرب. ومنذ عام 1781 بدأت المحادثات بين المغرب ومدينة بريمن الألمانية من أجل عقد اتفاقية تجارية. أما التوقيع على أول اتفاقية بين المغرب ومدينة هامبورج لتنظيم سير السفن في الموانئ المغربية فكان في عام 1802، تبعه بعدها بعدة أعوام إبرام اتفاقية مماثلة مع مدينة لوبك. وكانت التجارة أول الطريق الذي جذب الأكاديميون بعد ذلك لاستكشاف المنطقة، فبدأت الرحلات الاستكشافية والسياحية الغربية تتجه إلى مدن المغرب منذ مطلع القرن التاسع عشر. كان لتلك الرحلات دوراً كبيراً في التعريف بالثقافة المغربية بين الألمان عبر ما نشره العائدون من البعثات. من بين هذه الرحلات، بعثة معهد "يوستوس بيرتس فون جوتا" عام 1854 ورحلة الأطباء التي شارك فيها جرهارد ورلفز، ونشر في عام 1873 كتابه رحلتي الأولى إلى المغرب. اتسع الاهتمام الأكاديمي بالمغرب ليجذب معه الاهتمام السياسي والاقتصادي بالمنطقة، فقد أدركت ألمانيا ضرورة إرسال ممثل دبلوماسي لها بالمغرب. وبادر المستشار الألماني بسمارك باتخاذ قرار بفتح القنصلية الألمانية بطنجة. لكن قرار تعيين فون جوليش بمهمة تمثيل ألمانيا لدى البلاط الملكي المغربي، صادفه وفاة السلطان المولى محمد بن عبد الرحمن، فتأجل إرسال قنصلها في انتظار تنصيب السلطان الحسن الأول. عندها عرض كوليش على السلطان مساعدة ألمانيا لتكوين جيش مغربي عصري وتزويده بالعتاد الحربي والقيام بإصلاحات أخرى تهم خطوط السكك الحديدية والتلغراف، بيد أنه تغير واتى بدلاً منه تيودور ويبر الذي يجيد اللغة العربية في شهر أكتوبر من نفس العام، ووجه اهتمامه الأكبر إلى تنظيم القنصلية الألمانية في طنجة وتزويدها بأطر جديدة وكتاب ومساعدين.


الرحلات الاستكشافية

قرر السلطان الحسن إنشاء قنصلية مغربية بألمانيا في مايو1878، وبدأت تتزايد المصالح الألمانية بالمغرب، وبدأ المغرب بدوره يحتاج إلى بعض المواد المصنعة والأسلحة اللازمة لتحديث جيشه، وكانت أسلحة كروب الألمانية أشهر المدفعيات في ذلك الوقت، فانتقلت القنصلية إلى مدينة بريمن، حيث يوجد مصنع كروب. وسعت القنصلية المغربية إلى إبرام معاهدات تجارية مع ألمانيا وإرسال بعثة عسكرية، ولبى المبعوث التجاري الألماني احتياجات المغرب. ورداً على هذا الاهتمام المغربي أوفد الإمبراطور فيلهلم الثاني السفير تاتنباخ، صاحب الدور البارز في إعطاء بعد حديث للعلاقات الألمانية المغربية، عبر اتفاقية فاس- أول اتفاقية تجارية ألمانية مغربية- التي أبرمها في عام 1890. وبعد انتهاء مهمة تاتنباخ سنة 1896 تبعه شنك ثم فون مانتزينجن. وتوجت العلاقات المغربية الألمانية خلال هذه الحقبة بزيارة الإمبراطور الألماني فيلهلم الثاني لطنجة في 31 مايو1905، إبان الجولة التي كان يعتزم القيام بها في البحر الأبيض المتوسط بهدف التعبير عن انشغال ألمانيا بالقضية المغربية وتوصيل تلك الرسالة للقوى الاستعمارية خاصة مع تزايد الأطماع الفرنسية والبريطانية حول المغرب. لكن هذا لم يمنع احتلال فرنسا للمغرب الذي استمر حتى عام 1956.

العلاقات المغربية - الألمانية ما بين 1912 و1956

إنه لمن الصعب الحديث عن العلاقات بين المغرب وألمانيا دون استحضار الأسس والمحددات التاريخية التي انبنت عليها هذه العلاقات الضاربة في التاريخ التي يرجعها المؤرخون إلى سنة 1784 حين عين الإمبراطور فريدريك الأكبر قنصله في المغرب، إلا حتى علاقات ألمانيا بالمغرب لم ترق رغم ذلك إلى المستوى الذي يمكن معه الحديث عن علاقات دبلوماسية ثنائية خلال هذه الفترة الزمنية، بل إذا هذه العلاقات تكاد تكون منعدمة قبل سنة 1873 خاصة وأن ألمانيا كانت منشغلة آنذاك ببناء إمبراطوريتها في أوربا، كما حتى صناعتها لم تكن قد وصلت إلى فترة متطورة تتطلب البحث عن أسواق خارجية 1 بالإضافة إلى حتى ألمانيا كانت تعتبر منطقة آسيا وأمريكا وجزء من إفريقيا مناطق " أعشاش الصنابير" 2 .

وابتداء من سنة 1817 دعت ألمانيا إلى ضرورة فتح قنوات للتمثيل الدبلوماسي في المغرب، لكن المغرب كان ينهج آنذاك سياسة الاحتراز من القوى الأوربية لم يستجب لهذه الدعوة الشيء الذي دفع الجانب الألماني إلى طرح الفكرة من حديث سنة 1852 ، حيث قام القنصل العام الروسي المقيم في إسبانيا والبرتغال بزيارة إلى طنجة للوقوف عن خط على الأهمية الإستراتيجية والاقتصادية والسياسية التي يكتسيها المغرب بالنسبة لألمانيا، وكذا درس سبل إقامة تمثيل دبلوماسي ألماني في طنجة. لكن هذه المبادرة لم تلق أي تمثيل من طرف المخزن المغربي مما جعل العلاقات بين البلدين إلى حدود سنة 1869 تتسم بالغياب التام لأي تمثيل دبلوماسي وبالتالي غياب علاقات التبادل الاقتصادي والتجاري ثلاثة . إلا حتى التحول العميق في البنيات الإنتاجية الذي ستعهده ألمانيا فيما بعد ، وتحولها من دولة زراعية إلى دولة صناعية ذات رغبة قوية في الأسواق الخارجية واليد العاملة، بالإضافة إلى الأهمية الإستراتيجية والسياسية للمغرب المجاور للجزائر "الفرنسية" كشفت للمستشار الألماني "بسمارك" عقب حرب سنة 1870 أهمية ربط العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، مما جعله يبادر إلى اتخاذ قرار بفتح القنصلية الألمانية بطنجة سنة 1872 وهوالأمر الذي أعرب عنه بصفة رسمية سنة 1873، إلى غير ذلك فقد عهد إلى "فون گوليتش- Von Gulich " بمهمة تمثيل ألمانيا لدى البلاط المغربي، وقد صادف هذا التعيين وفاة السلطان المولى محمد بن عبد الرحمان مما جعل ألمانيا تؤجل إرسال قنصلها وبقائه في جبل طارق في انتظار تنصيب السلطان الحسن الأول.

وقد عرض "كوليتش" على السلطان مساعدة ألمانيا لتكوين جيش مغربي عصري وتزويده بالعتاد الحربي والقيام بإصلاحات أخرى تهم خطوط السكة الحديدية والتلغراف. إلا حتى ألمانيا لم تلبث حتى غيرت "گوليتش" وعوضته بقنصلها العام السابق في بيروت " تيودور ويبر Théodor Weber "الذي يجيد اللغة العربية وذلك في شهر أكتوبر من نفس السنة (1873) .

وقد اهتم القنصل الألماني الجديد بتنظيم القنصلية الألمانية في طنجة وتزويدها بأطر جديدة وكتاب ومساعدين كان من أبرزهم "منصور ملحمة " الترجمان السوري الجنسية الذي عاش في المغرب حوالي ربع قرن و"الحاج علي بوطالب" إبن أخت الأمير عبد القادر الجزائري، وقد تقدم السفير الجديد لتقديم السلام للسلطان في مدينة فاس صيف سنة 1877، وقد حمل معه من الهدايا للسلطان " آلة لصنع الثلج" مما مهد حسب بعض المؤرخين للحديث عن إبرام معاهدات اقتصادية أربعة .

وبصفة عامة بدأت تتزايد المصالح الألمانية بالمغرب، وبدأ المغرب بدوره يحتاج إلى بعض المواد المصنعة والمدفعية اللازمة لتسليح وتحديث جيشه ، وكانت مدفعية "كروب" )الألمانية ( هي أشهر مدفعية في العالم في ذلك الوقت، ولقد اتصل الحسن الأول بألمانيا سنة 1877 وأوفد سفارة "السي بن سليمان" وكلفه بالاتصال بمصانع الأسلحة الثقيلة بألمانيا، وفي نفس السنة عهد السلطان إلى "الحاج العربي بريشة " باقتناء كمية من الأسلحة من ألمانيا حيث زوده " ويبر" بقائمة عناوين المصانع الألمانية وخاصة مصانع " دار كروب Krupp " التي زار ممثلها المغرب في السنة الموالية 1878) ( وبعده ابن "كروپ" نفسه فيما بعدخمسة . وجوابا على سفارة "ويبر" بعث السلطان المغربي الحسن الأول في شهر ماي 1878 سفارة مغربية برئاسة قائد مدينة أسفي " الطيبي ابن هيمة " مصحوبا بأحد القواد وبخمسة مقدمين ومحرر وعدل وعدد من المساعدين.

وقد هدفت سفارة "بن هيمة" إلى إبرام معاهدة تجارية مع ألمانيا وإرسال بعثة عسكرية، وفي أعقاب هذه السفارة مباشرة ورد على المغرب مبعوث تجاري ألماني (conring) للوقوف على حاجيات المغربستة . وفي سنة 1884 بعث السلطان " الحاج محمد بركاش"سبعة النائب السلطاني في دار النيابة السعيدة الذي أصبحت تربطه بالإمبراطور الألماني علاقة صداقة قوية .

وسيتم تعويض " Weber " بوزير مفوض حديث هوالبارون "شارل طيسطا- " Cl. Testa وذلك في شتنبر 1885 والذي كـان يعمل في السفارة الألمانية في القسطنطينية حيث كان معروفا في العالم الإسلامي، وقد تم تعويضه بسبب سقم منعه من متابعة نشاطه بالبارون" طرافيرس - Travers " في أكتوبر 1887، لكن هذا الأخير لم يطل مقامه أيضا بالمغرب بسبب حالته الصحية حيث حل محله في يونيو1888 ممثل دبلوماسي حديث إسمه " والـدتوزون-Waldthausen " .

وبوفاة الإمبراطور "كيوم الأول" وتسلم الإمبراطور" كيوم الثاني" الحكم أوفد السلطان المولى الحسن الأول في 22 يناير 1889 بعثة دبلوماسية برئاسة عامل الشاوية عبد السلام بن رشيد الحريزي مصحوبا بالحاج محمد الزكاري وأربعة ضباط ومحرر، وقد ساعدت هذه السفارة على حصول مزيد من التقارب الألماني المغربي حيث سيصدر الإمبراطور "كيوم الثاني" أمرا بتعيين وزير مفوض حديث بطنجة في مارس 1889 وهوالسفير" طاطينباخ Tattenbach " الذي كان له دور بارز في إعطاء نفس حديث للعلاقات الألمانية المغربية، حيث سيسقط بفاس على الإتفاقية التجارية بين البلدين في فاتح يونيو1890 ، وسيشرف على اقتناء المغرب من ألمانيا ثلاثة سفن تحمل إسم "سيدي الهجري" و" الحسني " و" البشير" .

وقد انتهت مهمة " طاطينباخ" سنة 1896 ليعوضه "شينك-Schenck " الذي سيعقبه"فون مانتزينجن-"Von Mentzingen في 24 أبريل 1899 والذي سيحظى بعناية كبيرة من طرف السلطان المولى عبد العزيز الذي خلف والده السلطان المولى الحسن الأول الذي توفى سنة 1894 . وقد كانت التحرشات الفرنيسة على الحدود الشرقية سببا في البحث مرة أخرى عن مساعدة ألمانيا حيث تم إرسال سفارة إلى الإمبراطور الألماني برئاسة " المهدي المنبهي" صحبة " الحاج عمر التازي" وعدد من المساعدين .

وقد توجت العلاقات المغربية الألمانية خلال هذه الحقبة بزيارة الإمبراطور الألماني "كيوم الثاني" لطنجة في 31 ماي 1905 إبان الجولة التي كان يعتزم القيام بها في البحر الأبيض المتوسط التي كانت تهدف إلى التعبير عن انشغال ألمانيا بالقضية المغربية وتحسيس القوى الاستعمارية بذلك خاصة مع تزايد الأطماع الفرنسية والبريطانية حول المغرب.

وقد تصاعدت الأحداث في المغرب إلى حد المناداة ببيعة المولى عبد الحفيظ بدلا من أخيه السلطان المولى عبد العزيز الذي أعرب عن تنازله على العرش في غشت 1908 ، وقد بعث السلطان الجديد بسفارة إلى برلين برئاسة " محمد بن عزوز" مرفوقا " بالهاشمي العبدي" ابن وزير خارجيته "عيسى بن عمر العبدي" بالإضافة إلى بعض المساعدين والكتاب.

وفي يوليوز 1911 تحركت ألمانيا عسكريا بإرسال سفينتها الحربية "بانثر- Panthère " إلى أكادير للتشويش على فرنسا التي تدخلت بفاس بدعوى إقرار الأمن والنظام، لكن سرعان ما انسحبت ألمانيا بعد حتى حصلت من فرنسا على ما كانت تريده من مطامع حيث تم التوصل إلى اتفاق تتخلى بموجبه ألمانيا عن لعب أي دور بالمغرب لقاء تعويض ترابي على حساب الكونغووالغابون محصلة بذلك على منفذ بحري لمستعمراتها في الكامرون .

إلى غير ذلك فقد تخلت ألمانيا عن المغرب وهجرت فرنسا طليقة تنفرد به وتفرض عليه التوقيع على معاهدة الحماية في 30 مارس 1912.

هذا إذن، جرد تاريخي مركز للعلاقات الألمانية المغربية قبل سنة 1912 التي تميزت بكونها علاقات اقتصادية أكثر منها سياسية، تتحكم فيها الاعتبارات الاقتصادية والتجارية بالدرجة الأولى، كما حتى هذه العلاقات كانت متضاربة الأهداف ، فكل طرف كان يسعى من وراء هذه العلاقات إلى خدمة مصالحه الخاصة، لذلك فإن ألمانيا كانت تتخذ المغرب وسيلة لا غاية ، وسيلة لتحقيق التوازن لسياستها وتأمين مصالحها الحيوية بالمغرب. وقد تم التعبير بشكل مباشر عن ذلك من طرف الدبلوماسية الألمانية ومن طرف المسؤولين السياسيين الألمان، وهذا ما يفسر سرعة تخلي ألمانيا عن المغرب قبيل توقيع معاهدة الحماية مع فرنسا. ومن المؤرخين من يرى حتى العلاقات بين المغرب وألمانيا توقفت عند هذه الفترة، وهذا ما يحيلنا على طرح تساؤل مشروع مفاده: كيف من الممكن أن يمكن الحديث عن العلاقات بين البلدين بعد 1912 السنة التي فرضت فيها على المغرب معاهدة حماية تنص مادتها السادسة على حتى ممثلوفرنسا الدبلوماسيون والقنصليون يقومون وحدهم بتمثيل المصالح والرعايا المغاربة في الخارج، وأن السلطان لا يمكنه حتى يعقد اتفاقا ذوطبيعة دولية دون الحصول مقدما على موافقة الحكومة الفرنسية.

هذا بالإضافة إلى حتى التمثيل الدبلوماسي والعلاقات الرسمية بين الدول هي مظهر من مظاهر السيادة التي تتمتع بها هذه الدول وهذا ما كان يعوز المغرب في تلك الحقبة. لذلك سنتناول بالتحليل جميع العلاقات التي جمعت الحكومات الألمانية المتعاقبة مع المغاربة على المستوى الاقتصادي وعلى المستوى الثقافي والإعلامي وعلى المستوى السياسي وذلك في ثلاثة مباحث.


الجانب السياسي في العلاقات المغربية الألمانية ما بين 1912 و1956

يمكن تقسيم العلاقات السياسية المغربية الألمانية خلال هذه الفترة إلى خمسة حقب تاريخية حسب تنوع الحكومات الألمانية المتعاقبة، وذلك في خمسة فقرات كما يلي : الفقرة الأولى : ألمانيا والمغرب في عهد جمهورية فيمار - (1912-1933) . الفقرة الثانية : العلاقات المغربية الألمانية خلال فترة الحكم الألماني النازي (1933-1939). الفقرة الثالثة : العلاقات المغربية الألمانية ما بين 1939-1914 . الفقرة الرابعة : العلاقات المغربية الألمانية ما بين 1940 و1945 . الفقرة الخامسة: العلاقات الغربية الألمانية ما بين 1945 و1956 .

الفقرة الأولى : ألمانيا والمغرب في عهد جمهورية فيمار- Weimar (1933-1919) نتيجة لآنهزام الإمبراطورية الألمانية في الحرب العالمية الأولى سقط النظام الملكي الذي كان قائما في ألمانيا وانتقلت السلطة إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي المعارض الذي أصدر دستورا جديدا للبلاد في مدينة " فايمار- Weimar " في غشت 1919 .

كما أجبرت الحكومة الألمانية في مؤتمر الصلح المنعقد بباريس على توقيع معاهدة فرساي في 28 يونيو1919، وهي المعاهدة التي لقيت معارضة قوية من طرف الألمان انتهت بمحاولة انقلاب عسكرية فاشلة في مارس 1920 ضد الحكومة التي أبرمتها . وتضمنت معاهدة فرساي شروطا قاسية من بينها على الخصوص أداء تعويضات للأطراف المتضررة من الحرب، وقد أدى تأخر ألمانيا في دفع هذه التعويضات إلى احتلال القوات الفرنسية والبلجيكية لمنطقة " الرور- Ruhr " الصناعية في 11 يناير 1923 وذلك للضغط على ألمانيا من أجل دفع ما تظل في ذمتها من تعويضات مما دفع ألمانيا إلى نهج سياسة الاقتراض حتى بلغت ديونها في أبريل 1921 ما مجموعه 138 مليون مارك مضىي . وقد ساهمت هذه العوامل في تدهور الاقتصاد الألماني بالإضافة إلى الشعور بالإحباط والإهانة لدى الأغلبية من الألمان الشيء الذي جعل ألمانيا تغير جذريا سياستها الخارجية التي بدأت تكرس جميع جهدها من أجل إعادة النظر في معاهدة " فرساي " وشروطها المجحفة.

وقد أثر هذا العامل بالإضافة إلى المنافسة القوية حول المغرب بين ألمانيا وفرنسا في شل العلاقات والأنشطة الألمانية بالمغرب . فمنذ اندلاع الحرب العالمية الأولى شجعت ألمانيا عناصر المقاومة المغربية في الشمال والجنوب ضد سلطات الحماية الفرنسية وأمدتهم بالأسلحة والعتاد، لذلك عملت ألمانيا في مؤتمر الصلح المنعقد بباريس عقب الحرب العالمية الأولى وكذا عند توقيع معاهدة " فرساي" على الحد من النفوذ الألماني الشيء الذي دفع ألمانيا إلى التنازل عن امتيازاتها المكتسبة بموجب معاهدة الجزيرة الخضراء لسنة 1906.

وتطبيقا لمقتضيات معاهدة "فرساي" أصدر السلطان المغربي ظهيرا في 11 يناير 1920 يقضي بعدم السماح للألمان بدخول المغرب والإقامة فيه إلا بتصريح من السلطان، ويحدد الحقوق التي يتمتع بها الألمان والشركات الألمانية في المغرب ، وأسند اختصاص تطبيق هذا الظهير للمحاكم الفرنسية . وبصفة عامة فقد اتجهت السياسة الخارجية الألمانية خلال هذه الفترة إلى استعادة الوضع الدولي لألمانيا داخل أوربا، وكذا إصلاح الاقتصاد الداخلي الشيء الذي يفسر فتور العلاقات المغربية الألمانية خلال هذه الفترة .

الفقرة الثانية : العلاقات المغربية الألمانية خلال فترة الحكم الألماني النازي) 1933-1939 تنازعت السياسة الخارجية الألمانية -عقب وصول الحزب الوطني الاشتراكي الألماني إلى الحكم في 30 يناير 1933- عدة تيارات هي :

- تيار الاستعماريين الرجعيين المتأثرين بالأفكار القيصرية القديمة، ويسعى أنصاره إلى الهيمنة على القارة الأوربية واستعادة المستعمرات الألمانية في ما وراء البحار والعودة إلى حدود سنة 1914 . - تيار الاشتراكيين الثوريين الذين يمزجون في تصورهم للسياسة الخارجية الفكر القومي بالفكر الاشتراكي، وقد نادى أتباع هذا التيار بفكرة "رابطة الشعوب المضطهدة" بزعامة ألمانيا. - تيار الفلاحين الراديكاليين الذي نادى بسياسة استعمارية مماثلة لسياسة المحافظين مع دعوته إلى التعاون مع بريطانيا من أجل استعمار مناطق في أوربا الشرقية.

لقد تأثر"هتلر" إذن بهذه التيارات الثلاثة في صياغتها للسياسة الخارجية الألمانية بالإضافة إلى تيارات أخرى كمقاومة "البلشفية" والعداء للسامية والهجريز على فكرة المجال الحيوي والتفوق العرقي، لذلك فقد كان ينظر في كتابه " كفاحي" إلى العرب مثل باقي الشعوب الشرقية نظرة الاحتقار. لكن رغم ذلك نهجت ألمانيا النازية نفس نهج الدبلوماسية الألمانية التقليدية تجاه العرب، حيث كانت تحاول الظهور بمظهر الدولة المعادية للاستعمار مع أنها كانت تنادي بحقها في استعادة مستعمراتها التي فقدتها عقب الحرب العالمية الأولى.

وفي سنة 1937 نددت ألمانيا بالأساليب الفرنسية لقنع الحركة الوطنية المغربية، كما استطاعت الجمعيات الإسلامية في ألمانيا حتى تجذب الطلبة المغاربة إليها قصد الدراسة في ألمانيا والتنسيق بين أعضاء الحركة الوطنية " محمد الوزاني" و"محمد الناصري" و"عبد السلام بنونة " الذين تعاطفوا مع ألمانيا حيث أعرب " أحمد بلفريج" مثلا عن ذلك. إلا حتى ألمانيا مع ذلك كانت تتحفظ في تقديم الدعم المباشر للحركة الوطنية لأنها كانت ترى حتى مستقبل "الرايخ الألماني" يقع في شرق أوربا وليس في جنوبها.

الفقرة الثالثة : العلاقات المغربية الألمانية مابين 1939-1941:

كانت هذه العلاقات ضعيفة جدا خلال هذه الفترة في منطقة المغرب العربي عموما، وذلك بسبب الأطماع الاستعمارية الألمانية التي كانت تساند إيطاليا الفاشية. كما حتى ألمانيا لم تقف إلى جانب دول هذه المنطقة في مقاومتهم للاستعمار الفرنسي والإسباني والإيطالي كما عملت في المشرق العربي. لقد كانت ألمانيا تخطط لجعل المغرب العربي جسرا بين أوربا الجرمانية والمستعمرات الألمانية في أفريقيا الوسطى.

وقد ظهرت الأطماع بعد توقيع الهدنة الألمانية- الفرنسية واحتمال قيام تعاون عسكري بين البلدين خلال سنة 1940 و1941 ، كما ظهرت هذه الأطماع في المطالب الألمانية المقدمة إلى فرنسا فيخمسة يوليوز 1940 التي تضم الحصول علىثمانية مطارات في المغرب، كما اشترطت إسبانيا على ألمانيا في مفاوضاتهما لدخول الأولى الحرب اشترطت من بين ما اشترطت توحيد المغرب تحت حمايتها وتوسيع المنطقة الصحراوية التابعة لها حتى عرض 20 درجة .

كما طالبت ألمانيا بالمشاركة في استغلال الثروات الاقتصادية المغربية أثناء المفاوضات التي أسفرت عن توقيع بروتوكول باريس في 28 ماي 1941 ، وطالبت أيضا بالتنازل عن بعض القواعد العسكرية المغربية ، إلا حتى ألمانيا ما بين 1939 و1940 عملت على كسب ثقة المغاربة وزعزعة ثقتهم في فرنسا وعرقلة تجنيدهم في الجيوش الفرنسية خاصة بعد انهزام هذه الأخيرة.

الفقرة الرابعة : العلاقات المغربية الألمانية مابين 1940 و1945 : إبان الحرب العالمية الثانية وابتداء من سنة 1942 ستبدأ القوات الألمانية في الاندحار خاصة مع بداية إنزال الحلفاء لقواتهم في المغرب والجزائر، مما دفع بألمانيا لاحتلال تونس والنزول بها وهجريز عملها السياسي على تحريض الحركات الوطنية بالمغرب والجزائر ضد قوات الحلفاء. إلا حتى ألمانيا لم تتعاون بما فيه الكفاية مع قادة الحركة الوطنية بالمغرب حيث أبلغت وزارة الخارجية الألمانية في غشت 1941 قنصلها العام في تطوان بأن السياسة الألمانية نحوالمغرب تحكمها الاعتبارات التالية :

  1. متطلبات سير الحرب.
  2. علاقات ألمانيا بفرنسا بيتان وإسبانيا فرانكو.
  3. عدم شمول التصريح الألماني الإيطالي الصادر في 23 أكتوبر 1940 المغرب.

وفي 11 نونبر 1942 أعرب القنصل الألماني في تطوان بعد ثلاثة أيام من إنزال فوات الحلفاء في المغرب عن نوايا ألمانيا تجاه المغرب ، حيث رفضت الحكومة الألمانية حتى تصدر بيانا بشأن استقلال المغرب على غرار البيان الذي صدر عن دولتي المحور بشأن استقلال دول المشرق العربي، وفي هذه الأثناء أبدى "الكلاوي" باشا مراكش استعداده للتحالف مع خليفة السلطان في الريف والتعاون مع ألمانيا، كما اتصل السلطان المغربي المخلوع المولى عبد العزيز بأحد ضباط الإستخبارات الألمانية في طنجة وأبلغه حتى ألمانيا أصبحت تتمتع بتعاطف قوي من الشعب المغربي محفزا إياها للخروج عن تحفظها وتصدر تصريحا تعترف بموحبه بإستقلال المغرب، وقد أكد عبد الخالق الطريس نفس الملتمس للقنصل الألماني في تطوان " ريختر-RICHTER " في نونبر 1942 مبديا استعداده للتعاون مع ألمانيا والسفر إلى برلين لتأسيس لجنة مغربية تتعاون مع الزعماء العرب المقيمين هناك.

ومن جهة أخرى،اتصل أحد المقربين من البلاط الملكي بالقنصل الألماني"كروغر-KRUEGER " للتعهد على نوايا ألمانيا نحوالمغرب بعد الإنزال الأمريكي، إلا حتى هذا الأخير رفض تقديم أي تصريح رسمي يتضمن وعدا سياسيا بشأن استقلال المغرب .

فكما يظهر إذن اتخذت الحكومة الألمانية موقفا صريحا من جميع هذه المحاولات، حيث كانت ترفض الاستجابة لأي مطلب وطني يتعلق بالاعتراف باستقلال المغرب لأن ذلك يتعارض مع مصالح فرنسا وإسبانيا اللتين كانتا محور اهتمام ألمانيا وذلك بهدف كسبهما في الحرب إلى جانبها. الفقرة الخامسة : العلاقات المغربية الألمانية ما بين 1945 و1956 : تأثرت العلاقات المغربية الألمانية خلال هذه الفترة بإطارها السياسي العام، حيث قاد انهيار ألمانيا في الحرب العالمية الثانية إلى احتلالها وتقسيمها من قبل الحلفاء ، وأقيمت سنة 1949 جمهورية ألمانيا الإتحادية في لقاء جمهورية ألمانيا الديمقراطية في الجزء الشرقي من ألمانيا، وقبل ذلك أقيمت دولة إسرائيل على جزء من الأراضي الفلسطينية.

إلى غير ذلك فقد تطورت دبلوماسية ألمانيا الإتحادية وتعاملت مع الدول العربية ، لكن قيام ألمانيا الإتحادية بالموافقة على تحمل المسؤوليات القانونية المترتبة على ألمانيا النازية بغية التكفير عن "خطيئة" النازية تجاه اليهود، هجر تأثيرات سلبية كبيرة على الجانب العربي . وللإشارة فإن ألمانيا الإتحادية التي قامت إثر انهيار ألمانيا النازية سنة 1949 ظلت تحت سيطرة القوى الحليفة الغربية المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، وكانت حرية الحركة السياسية والقانونية للسلطة الألمانية الإتحادية محدودة جدا وخاصة ضمن مجال العمل في الشؤون السياسية الخارجية المرتبط بالقوات الحليفة . وقد حدد كونراد إديناور عقب انتخابه مستشارا إتحاديا في شتنبر 1949 في البيان الحكومي الأول لجمهورية ألمانيا الإتحادية هدفين مهمين ستعمل حكومته على تحقيقهما، وهما : الإندماج بالغرب ، وإعادة توحيد ألمانيا.

كما حتى سياسة عدم الإعتراف بجمهورية ألمانيا الديمقراطية كانت إحدى الأولويات السياسية لألمانيا الإتحادية حتى عام 1965، وقد أقرت من أجل ذلك مبدأ "هالشتاين- Hall Stein " الذي يعتبر إقامة أي علاقة مع جمهورية ألمانيا الديمقراطية من قبل أي دولة ثالثة بأنه عمل غير ودي ويعطي لألمانيا الإتحادية الحق في فرض عقوبات تصل إلى بتر العلاقات الديبلوماسية مع تلك الدولة الثالثة . ولابد حتى نشير في هذا الإطار إلى اعتراف ألمانيا الاتحادية بإسرائيل عندما سقط المستشار"ادناور" اتفاقية " لوكسمبورغ " في 19 شتنبر 1952 يقبل فيها حتى تكون إسرائيل شريكا في اتفاقية دفع التعويضات أي حتى يتم دفع التعويضات لإسرائيل .

فكما يتضح إذن ركزت السياسة الخارجية الألمانية جميع جهودها خلال هده الفترة من أجل إعادة تأهيل ألمانيا المقسمة، وعدم الإعتراف بألمانيا الديمقراطية ودفع التعويضات لإسرائيل . وهذا ما جعلها تنصرف عن علاقاتها مع الدول العربية عموما والمغرب على سبيل الخصوص إلى الأمور السالفة بانشغال أعمق واهتمام أكبر، كما حتى المغرب في هذه الفترة كان يصارع من أجل تحقيق استقلاله الشيء الذي اعتبرته ألمانيا يكتسي طابعا ثانويا ضمن الإطار العام للسياسة الخارجية لألمانيا الإتحادية . المبحث الثاني: الجانب الإقتصادي في العلاقات المغربية الألمانية ما بين 1912 وسنة 1956: يرجع المؤرخون تاريخ العلاقات الإقتصادية بين ألمانيا والمغرب إلى نهاية القرن السادس عشر، حيث بدأ التجار الألمان في زيارة المملكة الشريفة ابتداء من سنة 1605، كما حتى دور التجارة الألمانية اهتمت بالمغرب وبمؤهلاته الإقتصادية حيت بعثت دار " ويسلر- Wissler " ممثلها إلى فاس قصد شراء الزعفران سنة 1506.

وفي سنة 1802 أبرمت مدينة هامبورگ أول اتفاق تجاري مع المغرب، وفي سنة 1890 أبرمت أول اتفاقية تجارية بين الإمبراطورية الألمانية والمملكة المغربية )اتفاقية فاتح يونيو1890 ( حصلت بموجبها البضائع الألمانية على تخفيض في الرسوم الجمركية مقداره % 19 ، وأنشأت ألمانيا خطا بحريا بين الموانئ الألمانية والموانئ المغربية، وبلغ وزن البضائع الألمانية التي يستقبلها ميناء الدار البيضاء سنة 1885 :34% من مجموع البضائع التي يستقبلها الميناء. كما بلغ عدد البواخر الألمانية التي ترددت على الموانئ المغربية 222 باخرة خلال عام 1898، كما قدمت ألمانيا قرضا للمغرب سنة 1905 قدرهعشرة ملايين مارك، وفي سنة 1906 حصلت ألمانيا على امتياز بناء ميناء طنجة وشاركت بقرض للحكومة المغربية مقداره 105 ملايين مارك عام 1910 وحصلت على 17% من أسهم شركة التبغ المغربية، كما بدأت الشركات الألمانية ذات الشهرة العالمية في الإهتمام بالمغرب، ونشير هنا على الخصوص مساهمة "كروپ" و"مانسمان" في ميدان المناجم وكذا في الميدان الفلاحي. وعلى صعيد التبادل التجاري زادت واردات المغرب من ألمانيا من 7،1مليون فرنك سنة 1910 حتى بلغت 18،2 مليون فرنك سنة 1913 .

فهل استمرت إذن هذه العلاقات الإقتصادية بين البلدين بنفس الوثيرة والديناميكية بعد توقيع المغرب على معاهدة الحماية ،يا ترى؟ أم حتى هذه العلاقات تراجعت بعمل الضغوط والمنافسة مع فرنسا وإسبانيا وغيرهما ؟ وبعد توقيع معاهدة الحماية بين المغرب وفرنسا في 30 مارس 1912 تم إقصاء ألمانيا من دائرة النفوذ والتنافس حول المغرب مما أثر بشكل ملحوظ على المعاملات التجارية والعمليات الإقتصادية بين البلدين عند بداية عهد الحماية . لكن بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى عهدت العلاقات المغربية الألمانية قيام حركة إقتصادية شبه منتظمة تجلت في تبادل السلع بين البلدين رغم المشاكل الإقتصادية التي تعهدها ألمانيا خلال هذه الفترة والتي تجلت أساسا في نقص العملية التي أثرت على قدرة ألمانيا التصديرية، وفي اللقاء أغرقت البضائع المغربية بقوة الأسواق الألمانية، ومن بين هذه البضائع الحمضيات، السردين، والزرابي إلخ… لكن العلاقات المغربية الألمانية خلال هذه الفترة لم تصل بعد إلى مستوى التعاون الاقتصادي الحقيقي، حيث لم تكن هناك استثمارات بين الجانبين ولا تنقل لرؤوس الأموال ولا تبادل للتكنولوجيا والخبرة، فقد تحددت هذه العلاقات في تبادل للتكنولوجيا والخبرة، فقد تحددت هذه العلاقات في تبادل سهل للسلع والبضائع بين الطرفين.

ومن جهة أخرى تأثرت العلاقات المغربية الألمانية بظروف الحرب ومتطلباتها، حيث اعتمدت ألمانيا على وسطاء تجاريين للتعامل مع المغرب واستغلال خيراته حيث كان يصدر المغرب ظاهريا بضائعه إلى فرنسا، إلا حتى وجهتها كانت تتحول إلى ألمانيا وحليفتها إيطاليا وذلك لتجنب الإصطدام مع المغاربة وفتح جبهة جديدة مع فرنسا في المغرب. كما حتى التحولات التي قامت بها ألمانيا لصالحها في المغرب لا تتضمنها الإحصائيات الرسمية، حيث يصعب تحديد الصادرات المباشرة إلى ألمانيا التي كانت تسيطر على السلع إما عن طريق شركات تجارية أوبعد وصولها إلى الموانئ الفرنسية. وعند احتلال ألمانيا لفرنسا الدولة الحامية بالنسبة للمغرب خلال الحرب العالمية الثانية، تأثر المغرب سلبا بهذا الإحتلال حيث تم حرمان المغاربة من المواد الضرورية، فالشعير الموجه من المغرب إلى ألمانيا عبر فرنسا المحتلة ارتفع من 58.500 طن سنة 1939 إلى 139.500 طن سنة 1941، وتراجع فيما بعد في ظحملشرة أشهر إلى 75.563 طن سنة 1942 بعمل الإستغلال المكثف. أما بالنسبة للمواد المعدنية فقد تراجعت من حيث الصادرات ما بين يونيو1940 ونونبر 1942، فتصدير الفوسفاط والرصاص تراجع بنسبة الثلث من معدل تصديرهما قبل الحرب .

كما تسبب هذا الإحتلال في حدوث خسائر مباشرة وغير مباشرة نتيجة للقرارات السياسية والإقتصادية التي فرضتها ألمانيا على فرنسا مما كان له نتائج سلبية على المغرب، فقد اتخذت تدابير من طرف حكومة " فيشي" بإيحاء من ألمانيا طبقت في المغرب باعتباره جزءا من مناطق الميتروبول التي تخضع للتشريع الفرنسي الجديد، وهكذا تم عزل والتشطيب على الكثير من موظفي الخدمات الإجتماعية والمؤسسات العامة لأسباب سياسية وعنصرية، كما تم ترحيل حوالي 1800 عامل للعمل في ألمانيا. وفي المجال النقدي نتج عن احتلال الميتروبول من طرف ألمانيا هروب رؤوس الأموال إلى المغرب لكنها لم تستثمر بسبب الظرفية غير الملائمة، فسبب ذلك تضخما كبيرا انتقلت معه قيمة التعامل بالأوراق النقدية من مليار فرنك في 30 يونيو1940 إلىخمسة مليارات في 30 يونيو1942 . كما نتج عن العمليات الحربية في الحرب العالمية الثانية حدوث خسائر في أملاك الدولة المغربية قدرت ب : 62 مليون فرنك وخسائر ممتلكات الخواص التي قدرت ب 35 مليون فرنك وخسائر أسطول الصيد البحري المغربي ب : أربعة مليون فرنك، بالإضافة إلى خسائر أخرى غير مباشرة تجلت في فقدان الأسواق العالمية وتوقف نموالإقتصاد المغربي الذي انطلق بصورة جيدة قبيل اندلاع الحرب . وبصفة عامة فقد تأثرت العلاقات المغربية الألمانية خلال هذه الفترة بظروف الحرب ومتطلباتها لذلك فإن هذه العلاقات يفترض أن لن تتضح إلا بحصول المغرب على استقلاله سنة 1956 وإعادة ألمانيا بناء اقتصادها الذي دمرته الحرب العالمية الثانية، حيث سيتم تتويج هذه الرغبة المتبادلة في بناء علاقات إقتصادية وتجارية بالتوقيع على اتفاقية التعاون التجاري في 14 أبريل 1961 التي ستتجدد تلقائيا جميع سنة، متبوعة باتفاقيات التعاون المالي والتقني والاقتصادي المسقطة في 24 نونبر 1966 القابلة للتجديد جميع خمس سنوات.


الجانب الإعلامي والثقافي في العلاقات المغربية الألمانية ما بين 1912 و1956

تمتد العلاقات المغربية الألمانية على المستوى الثقافي إلى القرن التاسع عشر، حيث قام الجغرافي الألماني Heinrich Barth سنة 1845 بزيارة إلى المغرب وقام بعدة دراسات على المدن المغربية، وفي سنة 1852 حل عام الآثار الألماني Matzan بمنطقة الريف والصويرة ومراكش، وفي سنة 1861 اعتنق الطبيب الألماني Gerhard Rohlfs الإسلام ودخل في خدمة السلطان، وقامت بعد ذلك عدة بعثات استكشافية ألمانية بالمغرب بقيادة الدكتور Lenz سنة 1879 . وقد ساهمت هذه الزيارات بالتعريف بالمغرب لدى الألمان مما جعل العلاقات بين البلدين تتوطد مند هذه الحقبة الزمنية. وبعد الحماية استمرت ألمانيا تتمتع نسبيا بالتعاطف من طرف الكتاب المغاربة رغم تخليها عن المغرب على المستوى الرسمي، وقد تعزز هذا الرصيد من التعاطف إبان الحرب العالمية الأولى عندما كانت ألمانيا تحارب في نفس صف العثمانيين بالإضافة إلى مساعدتها المحدودة لحركة "أحمد الهيبة" ضد القوات الفرنسية وحركة محمد بن عبد الكريم الخطابي ، لذلك فقد استغلت ألمانيا هذا الرصيد التاريخي للعلاقات المغربية الألمانية في نادىيتها الموجهة إلى المغرب. إلى غير ذلك فقد استطاعت برلين حتى تستقطب عددا من الزعماء العرب وضمنهم المغاربة المناهضين للإستعمار الفرنسي والإنجليزي فتكونت بذلك جالية إسلامية مهمة ببرلين كان زعيمها مغربيا إسمه عبد الوهاب ومركزها المسجد الأعظم برلين.

كما تأسست رابطة الثقافة الإسلامية ومخط المغرب العربي ببرلين ، فبالنسبة للرابطة فقد تأسست سنة 1933 بإيعاز من شكيب أوفدان، وكانت مند بداية نشاطها تضم بعض الشخصيات المغربية مثل عبد السلام بنونة، والمكي الناصري، ومحمد حسن الوزاني، كان يترأسها النمساوي "عمر رودولف فون إهرنفيلس" . ومن جهة أخرى، ركزت ألمانيا اهتمامها على الجانب الإعلامي في علاقتها مع المغرب وذلك للنادىية لسياستها والتأثير بها على الأوساط المغربية ضد فرنسا، فابتداء من سنة 1939 شرعت إذاعتي برلين وشتوتكارت في بث برامج باللغة العربية والفرنسية تجاه المغرب وشمال إفريقيا، حيث ركزت هذه البرامج على دعم السياسة الألمانية النازية وإقناع المتلقي المغربي بأن ألمانيا صديقة للإسلام والمسلمين وحثه على عدم اختيار الجبهة العسكرية المضادة لألمانيا.

وكان العراقي يونس بحري هورئيس القسم العربي بإذاعة برلين، وهوشخصية معروفة من لدن الأوساط الوطنية المغربية، فقد حل بالمغرب سنة 1930 وزار كلا من فاس والرباط وسلا وتطوان وطنجة، وعند حلوله بعاصمة المنطقة الخليفية، كان في ضيافة عبد السلام بنونة، وقد لعب يونس بحري دورا أساسيا في ربط الصلات بين الوطنيين المغاربة وشكيب أوفدان، وكان نشاط يونس بحري بإذاعة برلين معززا بمجهودات شخصيات عربية مختلفة من بينها المغربي " تقي الدين الهلالي " . وقد كان مفعول هذه النادىية قويا رغم قلة عدد أجهزة الراديوالمتواجدة بالمغرب والتي لا تتجاوز 4660 جهازا في سنة 1938 الشيء الذي دفع فرنسا إلى اتخاذ تدابير صارمة قصد الحد من انتشار أجهزة الراديوفي الأوساط المغربية. وقد اتجهت النادىية الألمانية إلى الإشادة بثورة عبد الكريم الخطابي في الريف والإنادىء بأن فوز ألمانيا في الحرب هوفوز للعرب والمغاربة، وحتى ألمانيا ستنتقم للمغاربة من الفرنسيين وستطردهم من شمال إفريقيا.

كما استخدمت إذاعة باريس العالمية بعد استسلام فرنسا وتوقيع الهدنة معها في 20 يوليوز1940، حيث بدأت تذيع برامجها باللهجتين المغربية والبربرية، كما أحدثت بباريس مخطا للنادىية متخصص في الشؤون المغربية في دجنبر 1940 يديره القنصل الألماني" Vassel " يساعده مغربي إسمه "بوزين". وقد استخدمت ألمانيا أيضا في هذه النادىية إبان حربها مع فرنسا المنشورات العربية والفرنسية التي كانت تقذف بها الطائرات بكميات كبيرة على جبهات القتال وعلى المدن المغربية، كما استخدمت مكبرات الصوت على الجبهات لمحاورة الجنود المغاربة في الجيش الفرنسي بالعربية وذلك لاستمالتهم إليها مبينة لهم أنها ترغب السلام وتدعوهم إلى هجر الخدمة العسكرية. ومن جهة أخرى ركزت ألمانيا على دعم وتشجيع طبع ونشر المنشورات التي تهتم بالمغرب وشمال إفريقيا عموما، ومن أبرزها نذكر على سبيل المثال :

1- "سينيال" و"سيكنال" : فالأولى مجلة ألمانية واسعة الإنتشار فيما بين 1940 و1945، صدر عددها الأول في 15 أبريل 1940 ، ففي دجنبر 1940 تلقت وكالة " هاشين" بالدار البيضاء 1700 نسخة من تلك المجلة الألمانية فوزعت منها ألف نسخة بالعاصمة الإقتصادية تم أوفدت البقية إلى مختلف المدن الأخرى. وبعد تدخل الإقامة العامة، لم تتمكن مصالح الشرطة من استرداد إلا 37 نسخة من بين الألف الموزعة بالبيضاء، وبعد مرور نصف سنة على هذا الحجز أقدمت الإقامة العامة على إصدار أمر بمنع هذه المجلة في جميع أطراف المغرب لكن تم التراجع عن هذا المنع بتاريخ 17 غشت 1942 بطلب من سلطات " فيشي" وذلك " لأسباب سياسية " ، أما "سيكنال" فهي الطبعة العربية لمجلة "سينيال".

2- الجهير: مجلة شهرية يصدرها القسم العربي بإذاعة برلين ، وكانت تسعى إلى إقناع قرائها بمعاداة الأنكلوساكسونيين والشيوعيين واليهود، وجلب تعاطفهم نحوألمانيا المراد إظهارها كقوة عظمى مناصرة للإسلام والمسلمين، وقد تم منع هذه المجلة بالمغرب بتاريخ 1942 رفقة زميلتها بريد الشرق . 3- بريد الشرق: هي مجلة نصف شهرية تصدر ببرلين، كانت تولي اهتماما كبيرا للأخبار المصورة قصد التأثير على القراء.

4- نشرة الأخبار والمغرب العربي: وهي مجلات ألمانية تصدر بالعربية والألمانية هدفها خدمة المصالح الألمانية وتمتين العلاقات الثقافية والسياسية بين ألمانيا والدول العربية. وخلاصة القول، فإن العلاقات المغربية الألمانية لم تتبلور بشكل واضح خلال فترة الحماية الفرنسية على المغرب، وبعد حصول هذا الأخير على استقلاله كانت ألمانيا من الدول السباقة إلى إرسال سفيرها إلى المغرب، حيث عينت ألمانيا في 26 مارس1957 السيد H.Von Dersh سفيرا لألمانيا بالمغرب مما فتح عها جديدا في تاريخ العلاقات المغربية الألمانية.

العلاقات المغربية - الألمانية ما بين 1956 و1966

بعد حصول المغرب على استقلاله، أخذ قادته السياسيون في التفكير في بناء الأسس الأولى لدولة حديثة ذات اقتصاد قوي وبنية تحتية كفيلة بتحقيق هذا المبتغى. وهذا ما نستشفه من خلال الكثير من خطب الملك الراحل محمد الخامس، إذ يقول في إحدى خطبه " لقد خرجنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر" فالمعنى الدقيق للجهاد الأكبر في الخطاب هوالبناء السياسي والاقتصادي لهذا البلد . وفي سبيل تحقيق هذه الطموحات، عمل المغرب على تبني نهج ليبرالي رأسمالي يعتمد المبادرة الحرة واقتصاد السوق، وهذا ما يمكن حتى نستشفه من خلال الخطب والتصريحات الملكية في المحافل الوطنية والدولية، خصوصا وحتى هذه الفترة كانت تتسم بسياسة الاستقطاب الدولي في إطار الصراع بين الكتلتين الغربية والشرقية.

وهكذا بدأ التفكير في بناء مؤسسات سياسية ديمقراطية، حيث تم إنشاء المجلس الوطني الاستشاري الذي جمع كافة التيارات السياسية آنذاك (سنة 1956) ، وفي ماي 1958 صدر العهد الملكي الذي عبر فيه الملك عن رغبته في تزويد البلاد بمؤسسات سياسية ودستورية مشيرا إلى حتى أفضل نظام للحكم ينبغي حتى تعيش تحته البلاد هوالحكم الديموقراطي، كذلك تم إصدار قانون الحريات في نونبر 1958 إضافة إلى إصدار قانون الانتخابات لفاتح شتنبر 1959 سيعهد المغرب على إثره أول انتخابات جماعية سنة 1960. ويمكن اعتبار حتى أبرز ما تميزت به بداية عقد الستينيات، هوقيام أول تجربة ديموقراطية في المغرب وذلك بإجراء انتخابات تشريعية انبثق عنها برلمان يجمع كافة الهيئات السياسية في إطار التعددية السياسية، وتنصيب أول حكومة مسؤولة أمام الملك والبرلمان ضمن قواعد سياسية ودستورية حددها دستور 1962 الذي عهد نوعا من التوازن بين العمل الحكومي والعمل التشريعي. وبتزامن مع البناء السياسي والدستوري عمد المغرب إلى بناء سياسة خارجية فعالة عبر ربط مجموعة من العلاقات والروابط مع مختلف الدول العربية الإفريقية والغربية تجسدت أساسا في الكثير من الزيارات الملكية لمختلف دول العالم والمشاركة في جل المؤتمرات الدولية، مما يبرز مدى انفتاح المغرب التام على المستوى الخارجي. إلا حتى أبرز وقع سياسي عهده المغرب خلال هذه الفترة، هوإعلان حالة الاستثناء سنة 1965 ، حيث عهد المغرب فترة جمود سياسي ودستوري حتى سنة 1970.

الإطار العام الذي تندرج في إطاره العلاقات المغربية الألمانية

إن الحديث عن العلاقات الألمانية مع المغرب لا يمكن فهمها من دون وضعها في السياق العام الذي تدور في إطاره، ألا وهوعلاقة ألمانيا مع الدول العربية بشكل عام. وذلك على الرغم من أنه لا يمكن القول حتى ألمانيا كانت تتبع سياسة موحدة مع جميع الدول العربية، كما حتى هذه الأخيرة لم تكن تتفاوض مع ألمانيا ككتلة واحدة تجاه ألمانيا التي كانت تقوم بعقد علاقات واتفاقيات ثنائية مع جميع دولة عربية على حدة . وكذلك الشأن بالنسبة لعلاقات ألمانيا مع دول المغرب العربي، حيث تميزت بطابعها الثنائي الصرف إذ لم تكن تعبير عن مفاوضات جماعية بين المغرب العربي ككتلة واحدة وألمانيا، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى، فسياسة ألمانيا ما هي إلا جزء من السياسة العامة للمجموعة الأوربية تجاه العالم العربي وخاصة المغرب العربي.

ويبقى من اللازم الحديث عن كيفية تكوين وتشكيل السياسة الخارجية الألمانية والمحددات الداخلية والعوامل الخارجية المتحكمة في دلك حتى نحاول وضعها في إطارها العام مع الدول العربية. فبعد الحرب العالمية الثانية سعت الحكومة الألمانية الغربية في عهد المستشار الألماني أدناور إلى تنبني سياسة خاصة في إطار صراعها الإيديولوجي مع ألمانيا الفيدرالية ، حتى كانت ألمانيا الغربية وفي إطار هذا الصراع ، لا تعترف بألمانيا الفيدرالية ، وقـد أطلقت على هذا الممضى إسم ممضى هالشتين - Hall Stein D. ومفاده حتى ألمانيا لا تعترف بأية دولة ترتبط بعلاقات مع ألمانيا الفيدرالية (R D A)، وتعتبرها بمثابة عدولها وبالتالي ينتج عن ذلك بتر العلاقات الاقتصادية معها ومنع المساعدات الاقتصادية عنها خصوصا إذا كانت دولة من دول العالم الثالث .

وبعد مجيء " براندت " في سنة 1969 تغيرت السياسية الخارجية الألمانية، حيث أصبحت أكثر انفتاحا وواقعية متأثرة بمسألة توحيد ألمانيا، ولكن مع استمرار الفكرة العامة التي هجرز عليها ألمانيا في سياستها الخارجية، وهي محاربة النهج/المد الاشتراكي.

العلاقات المغربية الألمانية في المجال السياسي

بعد استقلال المغرب، وفي إطار استكمال بناء مؤسساته السياسية والاجتماعية والاقتصادية، سارع إلى ربط علاقات خارجية مع معظم دول العالم ، وبما حتى المغرب اختار النهج الليبرالي كفلسفة عامة للنظام، فقد شكل ارتباطه بالدول الغربية ذات التوجه الرأسمالي خيارا أساسيا ، وفي هذا الإطار تدخل العلاقات المغربية الألمانية ، لكن الذي يميز هده العلاقات هوأنها علاقات تعود إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، وكانت دائما تعهد مدا وجزرا حسب تغير الظروف السياسية والدبلوماسية بين البلدين. إلى غير ذلك فقد عهدت هده العلاقات خلال فترة الاستقلال انتعاشا ملموسا، وذلك بعد فترة الجمود التي عهدتها انطلاقا من سنة 1919 )فترة الحماية( وتجسد هذا الانتعاش من خلال عودة التمثيل الدبلوماسي بين البلدين ، ويعتبر Von Dersh )فان دريش( أول سفير ألماني بالمغرب وذلك في 26 مارس 1957 ، كما سجلت هذه الفترة توقيع الكثير من الاتفاقيات ما بين البلدين. وكان الحدث السياسي البارز خلال هذه الفترة هوالزيارة الملكية فيخمسة شعبان 1385 الموافق 29 نونبر 1965 إلى العاصمة الألمانية بون.

ومما يشير على متانة العلاقات المغربية الألمانية التي عهدتها هذه الفترة نورد مبترا من حدثة ألقاها الملك الراحل الحسن الثاني خلال حفل العشاء الذي أقيم على شرفه، يقول جلالته: "إننا لا ننسى مدى التقدير المتبادل الذي بصم العلاقات بين العائلة العلوية وألمانيا " . وأخذا بعين الاعتبار لهذا التقدير، كان إرسال الحسن الثاني لبعثة دبلوماسية )سفارة( إلى الإمبراطور غيوم الثاني قصد تهنئته على توليه العرش . وإذا أردنا حتى نحيط أكثر بالظروف والبواعث التي ساهمت في التقارب المغربي الألماني، لا بد من التعهد على الظروف الداخلية والخارجية التي عهدتها الساحة المغربية والألمانية خلال هذه الفترة. فمن جهة )بالنسبة للمغرب( سجلت هذه الفترة مسألة اختطاف المهدي بن بركة سنة 1964 في فرنسا ، مما نتج عنه تأزم العلاقات المغربية الفرنسية انطلاقا من اتهام هذه الأخيرة للنظام الملكي بالمسؤولية في اغتياله ، ومن تم اتجه المغرب وكرد عمل إلى تحسين علاقاته مع ألمانيا كصفعة لفرنسا التي تجمعها علاقات متوترة تاريخيا مع ألمانيا التي تعد العدوالتقليدي لفرنسا. ومن جهة أخرى، كانت ألمانيا تعيش خلال فترة بداية الستينات أزمة في علاقاتها مع الدول العربية، وذلك نتيجة تسليمها لإسرائيل صفقة أسلحة أثارت استنكار معظم الدول العربية خاصة وأنها كانت تخوض معها حربا شاملة. فما كان من ألمانيا، إلا حتى احتضنت الدعوة المغربية لربط علاقات معها خاصة وحتى معظم الدول العربية بترت العلاقات الدبلوماسية معها باستثناء تونس ، ليبيا والمغرب .

العلاقات الألمانية المغربية في المجال الاقتصادي والتقني

كان من نتائج انتعاش العلاقات الألمانية المغربية في المجال السياسي والدبلوماسي، التوقيع على الكثير من الاتفاقيات المتعلقة بالتعاون في المجال الاقتصادي والمالي والتقني. أولى هذه الاتفاقيات كانت في 25 مارس 1958 والخاصة بالنقل الجوي، قصد تدعيم الشبكة الجوية بالمغرب من مطارات وبنية تحتية ، إضافة إلى الكثير من الاتفاقيات في مختلف المجالات نذكر منها أساسا: - اتفاق تجاري ومالي. - اتفاق للتعاون التقني والاقتصادي. وفي سنة 1961 تم التوقيع على اتفاقية متعلقة بتشجيع الاستثمار في المجال المالي ، حيث ساهمت ألمانيا في الكثير من المؤسسات المالية الحديثة كالبنك الوطني للتنمية الاقتصادية (BNDE) والبنك المغربي للتجارة الخارجية (BMCE) بنسبة 10% . وفي سنة 1963 سقط البلدان اتفاقية أساسية متعلقة بمجال الشغل ، بالإضافة إلى الكثير من الاتفاقيات في مجالات مختلفة: -اتفاق خاص بالملاحة البحرية. -اتفاق خاص بتنمية الفضاء السمعي البصري)الإعلامي( . -اتفاق خاص بالتنمية الفلاحية . -اتفاق خاص بالتكوين المهني في المجال الفندقي والسياحي والفلاحي. -اتفاق خاص بتقديم المساعدات التقنية في مجال زراعة قصب السكر والنباتات الزيتية. -اتفاق خاص بتعميم الطرق الفهمية لتخصيب المواشي. إضافة إلى الكثير من الاتفاقيات الأخرى التي تخص الميادين التالية: - البحث المنجمي . - إعداد البنية التحتية في ميدان المطارات . - التصميم الجهوي . - تمويل مشروع مغرب فوسفور. - إعادة تهيئة ميناء أكادير.

المبحث الرابع : التعاون المغربي الألماني في المجال الاجتماعي

تعزز التعاون المغربي الألماني ليضم المجال الاجتماعي وخاصة ما يخص العمال المهاجرين إلى ألمانيا وظروف إقامتهم. وهكذا عقدت ألمانيا مع المغرب أول اتفاقية تتعلق باليد العاملة في 21 ماي 1963 تضم مجال التشغيل والتوظيف، هذه الاتفاقية كان لها هدفين: 1- توظيف العمال المغاربة في معامل الفحم. 2- تسوية وتنظيم وضعية بعض العمال الموجودين بألمانيا بصفة سرية وغير قانونية والدين قدروا في هذه الفترة ب 20 ألف عامل مغربي . هده الاتفاقية تنص كذلك على بعث لجنة ألمانية إلى المغرب مهمتها اختيار العمال المغاربة )لجنة مكونة من رؤساء المقاولات الألمانية( أوكلتهم مهمة الاختيار بتنسيق مع المخط الفيدرالي الألماني للتوظيف وتأمين البطالة ، وكذلك بتنسيق مع وزارة الشغل المغربية التي تمدهم بالمعلومات حول الوضعية العامة للعمال المغاربة، وتعمل كذلك على خلق جومناسب للاختبار الطبي والمهني للمرشحين للمهنة. وهذه بعض الأرقام التي تبين تطور هجرة العمال المغاربة إلى ألمانيا : عدد العمال المغاربة في ألمانيا السنة 1*** 1958 57** *1959 130*** 1960 1095*** 1961 955 ***1962 485 ***1963 2320*** 1964 36 ***1965 14*** 1966

وقد اتىت هذه المبادرة الألمانية في إطار المنافسة مع فرنسا على جلب القوة البشرية المغربية ، حيث عمل ألمانيا ابتداء من سنة 1973 على إقامة لجنة دائمة في الدار البيضاء . انطلاقا من هذه الاتفاقية يمكن القول أنها كانت موجهة أساسا نحواستقطاب العمالة المغربية، وهي تشبه في مضمونها معظم المعاهدات والاتفاقيات المبرمة مع دول الإتحاد الأوربي ) فرنسا- بلجيكا( حيث كانت موجهة نحوالمهن التي لا تلقى إقبالا من طرف الألمان مثلا ميادين : المناجم ، البناء ، الأشغال العمومية ، الزراعة(… ، إضافة إلى ذلك فإن هذه الأعمال هي ذات أجور ضعيفة مقارنة مع الأجور التي يتقاضها العمال الألمان ، كما حتى التغطية الاجتماعية في هذه المهن ضعيفة. وهكذا فقد استفادت ألمانيا من العمالة المغربية الجاهزة والمؤهلة بدنيا استغلتها في احتياجاتها الاقتصادية وذلك من دون نفقات) التكوين- التعليم( .

المبحث الخامس : العلاقات التقافية بين المغرب وألمانيا

إن التواجد الثقافي الألماني بالمغرب بدأ منذ الإستقلال ، حيث عملت ألمانيا على ربط علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب منذ سنة 1956، وبموازة مع ذلك شهدت هذه الفترة نشاطا ثقافيا مكثفا . فقد تمحور الحضور الثقافي الألماني في المغرب أساسا في المعاهد الثقافية التي تم تأسيسها في بعض المدن المغربية الكبرى خاصة الدار البيضاء والرباط وطنجة ، وقد عهدت هذه المعاهد باسم كوت Goethe instituts.فقد تم تأسيس معهد كوت - الدار البيضاء منذ سنة 1960 وبالرباط وطنجة سنة 1961 . وقد استطاعت هذه المعاهد احتلال مكانة هامة في المشهد الثقافي العام في هذه المدن ونواحيها، وذلك عبر المنتديات الثقافية والمعارض التشكيلية المنظمة بهذه المعاهد، وبصفة خاصة عبر الكثير من الأنشطة الثقافية والأدبية وكان أول معرض تشكيلي في هذا الإطار هومعرض الفنان التشكيلي أحمد الشرقاوي وذلك في سنة 1961 ، كذلك في هذه السنة بدأت هذه المعاهد الثلاثة في إعطاء دروس في اللغة الألمانية وذلك بغية منافسة اللغة الفرنسية والإسبانية في الحقل الثقافي المغربي. وهذه بعض الأرقام التي تبين مدى أهمية ومكانة وتطور هذه الدروس في أنشطة المراكز ( هذه الأرقام تهم عدد المسجلين بها ) :

  • 1961 : 280 مسجل بمعهد كوت بالدار البيضاء/طنجة .

157 مسجل بمعهد كوت بالرباط .

  • 1965 : 431 مسجل بمعهد كوت بالدار البيضاء/طنجة .

131 مسجل بمعهد كوت بالرباط .

  • 1967 : 645 مسجل بمعهد كوت بالدار البيضاء/طنجة .

227 مسجل بمعهد كوت بالرباط .

المصادر

  1. ^ عبد الحق دهبي (2010-01-16). "العلاقات المغربية - الألمانية ما بين 1912 و1966 : نموذج لعلاقات التعاون شمال-جنوب". ديوان أصدقاء المغرب. Retrieved 2010-05-05.
تاريخ النشر: 2020-06-08 00:03:02
التصنيفات: Infobox bilateral relations usage without maps, العلاقات الثنائية لألمانيا, العلاقات الثنائية للمغرب

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

1.7 مليار جنيه تكلفة مشروعات الطرق والكباري بسوهاج في 2021

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 13:26:08
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 58%

«التنمية المحلية»: أمطار غزيرة ومتوسطة فى ٨ محافظات 

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 13:26:48
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 52%

تعرف على خطة انتشار الداخلية لتأمين أعياد الميلاد ورأس السنة .. فيديو

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 13:25:20
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 57%

إسبانيا تسجل معدل إصابات يومي يتجاوز الألف للمرة الأولى

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 13:27:20
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 69%

ضبط مدير مصنع «زيت طعام» يهدد صحة المواطنين فى الدقهلية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 13:26:29
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 55%

محافظ القاهرة: فتح بالوعات الأمطار ونشر شفاطات المياه

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 13:27:16
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 67%

الأرصاد: أمطار غزيرة على محافظات الصعيد خلال ساعات 

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 13:26:59
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 61%

رجل المهام المشبوهة.. مَن هو نورالدين البحيرى رجل الغنوشى الأول؟

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 13:27:29
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 69%

التعليم العالي: تصميمات متكاملة لـ12 جامعة أهلية بالجامعات الحكومية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 13:25:46
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 60%

13 ألفا و601 إصابة جديدة بكورونا خلال 24 ساعة فى بولندا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 13:27:34
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 67%

«إغلاق مركز العاشر لتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة».. الحكومة ترد

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 13:25:48
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 62%

محافظ القاهرة يتابع رفع تراكمات مياه الأمطار

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 13:26:04
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 61%

التشيك تسجل أكثر من 1.74 مليون حالة إصابة بكورونا و24 ألف حالة وفاة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 13:27:24
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 55%

شخصيات إسلامية l سيبويه إمام النحو

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 13:27:06
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 70%

الأمن العام يداهم أوكار وبؤر الإجرام في مركز طوخ بالقليوبية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 13:26:24
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 67%

تسيير 120 رحلة بمطار برج العرب اليوم الجمعة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 13:25:35
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 68%

حصاد أداء صندوق الاستشارات والدراسات والبحوث الفنية خلال 2021

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 13:25:39
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 66%

«مياه أسيوط»: مستعدون لمواجهة الشتاء وأي حالة طوارئ

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 13:26:13
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 58%

«مصر للطيران» تنقل 10 آلاف راكب غدا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 13:25:42
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 59%

رغم سوء الأحوال الجوية.. «مصر للطيران» تسير 100 رحلة اليوم

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 13:25:43
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 53%

للمرة الثانية| محافظ القاهرة للمواطنين: «متخرجوش من البيت»

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 13:27:33
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 68%

أنغام تكشف أسراراً شخصية مع «أبلة فاهيتا»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 13:27:02
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 70%

خلال 24 ساعة .. ضبط (7576) شخص لعدم إرتدائهم الكمامات الواقية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 13:26:32
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 55%

رئيس الوزراء البريطانى: الوضع الوبائى فى البلاد أفضل من العام السابق

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 13:27:33
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 62%

الأزهر: الاهتمام بخرافات المنجمين والعرافين وتداولها حرام شرعًا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 13:25:16
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 53%

أنت تسأل و العلماء يجيبون

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 13:27:26
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 67%

تحميل تطبيق المنصة العربية