ثمامة بن الأشرس
ثمامة بن الأشرس |
---|
هوثمامة بن الأشرس النميري، مناظر قوي، وأديب بارع، كان يمثل لوناً مميزاً من ألوان الاعتزال، فهوليس بالزاهد - كأبي موسى المردار والجعفران - ولكنه المعتزلي المغامر في شؤون الدنيا، المتردد على قصور الخلفاء، يزين مجالسهم بالكلام العذب في الأدب والمناظرة في مسائل الاعتزال وغير الاعتزال، وقد مُلئت خط الأدب بأحاديثه الممتعة ونوادره الطريفة. وصفه المرتضى فنطق: ((كان واحد دهره في الفهم والأدب، وكان جدلاً حاذقاً))، والجاحظ ينقل عنه كثيراً في البيان والتبيين والحيوان فيقول: ((حدثنا ثمامة))، و((أبلغنا ثمامة))، وقد تأثر الجاحظ به كثيراً في أسلوبه ومعانيه.
مع هارون الرشيد
اتصل أول أمره بهارون الرشيد، ورُمي بالزندقة لحرية رأيه، فحبسه الرشيد ثم عفا عنه، وأُعجب بعقله فاتخذه جليساً. وفي مجالس الرشيد كان له الكثير من الحكم البديعة والأقوال الطريفة.. سأل الرشيد يوماً جلساءه عن أسوأ الناس حالاً، فنطق جميع واحد شيئاً، حتى اتى دور ثمامة فنطق: أسوأ الناس حالاً عاقل يجري عليه جكم جاهل، نطق ثُمامة: فتبينتُ الغضب في وجه الرشيد (لأنه افترض أنه يعنيه وكان قد حبسه)، فقلت: يا أمير المؤمنين، ما أحسبني سقطتُ بحيث أردتَ، وإنما عنيت حادثة، وهي حتى سلاماً الأبرش (وكان سجاناً) وأنا في السجن كان يقرأ في المصحف: { ويل يومئذٍ للمكذَبين ، فقلت له: المكذَبون هم الرسل، والمكذِبون هم الكفار، فاقرأها: { ويل يومئذ للمكذِبين ، فنطق سلام: قيل لي من قبل إنك زنديق ولم أقبل، ثم ضيَّق علي أشد الضيق.. فجعل الرشيد يضحك.
مع المأمون
علا شأن ثمامة في أيام المأمون، فكان عنده فوق الوزراء، وقد أراده المأمون ليكون وزيراً له بعد مقتل الفضل بن سهل، فأبى ونطق: ((إني لم أر أحداً تعرض للخدمة والوزارة إلا لم يكن لتَسلَمَ حالُه ولا تدوم منزلته))، فقبل المأمون منه ذلك، ونطق له: فأشر عليّ برجل صالح لما أريد، فأشار عليه بأحمد بن ابي خالد الأحول، فلما توفي أحمد بن أبي خالد عاد المأمون فأراد ثمامة على الوزارة فأبى، فاستشاره فيمن يصلح، فنصحه بيحيى بن أكثم. ولثمامة في مجالس المأمون الكثير من المناظرات المحفوظة في خط الأدب.
قوته في المناظرة
وهوقوي الحجة، ناظر يحيى بن أكثم بين يدي المأمون في خلق الأفعال، فنطق ثمامة: ليست تخلوأفعال العباد من أمور تكون كلها لله ليس للعباد فيها صنع، أوحتىقد يكون بعضها من العباد وبعضها من الله، فإن زعمت حتى ليس للعباد فيها خلق كفرت، ونسبت إلى الله جميع عمل قبيح، وإن زعمت أنها من الله ومن العباد كفرت، لأنك جعلت الخلق شركاء الله في عمل الفواحش والكفر، وإن زعمت أنها للعباد ليس لله فيها خلق صرت إلى ما أقوله.
نطق له رجلُ يوماً: إني لي اليك حاجة، نطق ثمامة: ولي اليك حاجة، نطق: وما هي،يا ترى؟ نطق: لا أذكرها حتى تضمن قضاءها، نطق: قد عملت، نطق ثمامة: حاجتي حتى لا تسألني هذه الحاجة، نطق الرجل: رجت عما أعطيتك، نطق ثمامة: لكني لا أرد ما أخذت.
اعتزاله
ساهم ثمامة في نشر الاعتزال في بغداد بمناظراته، وبقربه من المأمون، ونفوذه في القصر. وحكى الشهرستاني أنه كان له فرقة تنتسب إليه وترى رأيه، اسمها الثمامية. وقد وسع ثمامة نظرية التولد (خلق الأفعال)، ونطق: ((إن المعارف متولدة من النظر، وهي عمل لا فاعل له كسائر المتولدات))، كما توسع في نظرية التحسين والتقبيح العقليين.
انظر أيضاً
- معتزلة
المصادر
- أمالي المرتضى، الشريف المرتضى
- تاريخ بغداد، ابن طيفور
- ضُحى الإسلام، أحمد أمين
- الفوز، الخياط المعتزلي
- البيان والتبيين، الجاحظ
- الحيوان، الجاحظ
خط أخرى يمكن الرجوع إليها
- فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة، القاضي عبد الجبار
- المنية والأمل في شرح الملل والنحل ( طبقات المعتزلة )، ابن المرتضى
- تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي