مفاكهة الخلان في حوادث الزمان
تأتي أهمية كتابه «مفاكهة الخلان في حوادث الزمان» من حتى ابن طولون قد سجل فيه أحداث فترةٍ مهمةٍ جداً من تاريخ بلاد الشام خاصة، وأحداث مصر أيضاً، وهي الفترة الواقعة بين سنتي 884-926هـ أو1480-1520م، وهي الأحداث التي عايش أحداثها.
وقد خط كتابه هذا على طريقة الحوليات، فيذكر في البداية السنة حسب التقويم الهجري، ثم يذكر الأحداث التي سقطت فيها بالأيام والشهور، ويعد هذا الكتاب سجلاً حضارياً لمجريات الأمور في دمشق وبلاد الشام، يذكر فيه ابن طولون جميع ما يخطر على البال ـ بل أكثر من ذلك ـ مما يخطه مؤرخٌ من الأخبار والحوادث، ويحتوي هذا الكتاب على أخبار الحكّام والنواب في دمشق وبلاد الشام، وولايتهم ونقلهم إلى وظائف أخرى، أوخلعهم أووفاتهم، ويذكر فيه أيضاً أخبار الموظّفين الآخرين، وأخبار الأدباء والفهماء والأعيان وأعمالهم ومؤلفاتهم وأحوالهم، وأخبار القضاة وكيف كان بعض القضاة الشاميين يعيّنون أيضاً في قضاء مصر، فيجمعون بين قضاء مصر والشام في وقتٍ واحدٍ، وما كان يتبع هذه الوظائف جميعاً من نظمٍ إداريّةٍ وحربيّةٍ.
يتحدّث في هذا الكتاب أيضاً عن الحالة الاجتماعية للناس، فيذكر مجريات حياتهم اليومية، والأعياد والمواسم والحفلات الشعبية، والمواكب وإقامة الزّينات، كما يذكر ما ابتليت به البلاد من أوبئةٍ وأمراضٍ، وعدد من فتكت بهم.
كما يتحدّث فيه عن الحالة الاقتصادية، فيذكر أخبار التجار والأسواق وأسعار المحاصيل والسلع،كل ذلك إلى جانب أخبار العمران والبناء، وأخبار الفلك من خسوفٍ وكسوفٍ، وأخبار الطقس من عواصف وسقوط الأمطار والبَرَدِ والثلج وتأثير الصقيع على المزروعات، كما لاينسى حتى يذكر أعمال السطووالسلب والنهب التي حدثت في دمشق وضواحيها، بالهدوء والواقعيّة نفسها التي يصف بها الحالة السياسية في دمشق، وما كان يلاقيه أهلها في بعض الأحيان من طغيان المماليك، أوعسف الجنود العثمانيين.
وتأتي أهمية الكتاب أيضاً من حتى الباحث يجد فيه عدداً من أسماء الأعلام وأسماء الأماكن وكذلك أسماء بعض الوظائف، مما لايتيسّر له حتى يجده في المراجع الأخرى.