ردود توزعت بين استنكار لتعثّر انطلاق المنصّة التي تتعارض مع خارطة طريق قيس سعيّد ونقد للمنصّة ومضامينها، ووجّهت اتّهامات بتوظيف البيانات لمصالح شخصيّة.
إثر الكشف عن جزء من محتوى المنصّة الالكترونيّة المتعلّقة بالاستشارة الوطنية وانطلاق العمليّات البيضاء في كافة دور الشباب من قبل نجلاء بودن رمضان، رئيسة الحكومة، ونزار بن الناجي، وزير تكنولوجيات الاتّصال، تصاعدت الاصوات المعربة عن رفضها وانتقادها للمسار الذي اختاره رئيس الجمهورية، ليقع توجيه العديد من الانتقادات للمنصّة وتمكين العموم من استعمالها.
وقد عبّرت الهيئة الإداريّة الوطنيّة للاتحاد العام التونسي للشغل خلال اجتماعها، الثلاثاء 4 جانفي 2022 بالحمامات، عن عدم رضاها على المنصّة الالكترونيّة للاستشارة الشعبيّة معتبرة أنّه لا يمكنها أن تحلّ محلّ الحوار الحقيقي لكونها لا تمثّل أوسع شرائح المجتمع وقواه الوطنيّة. واستنكرت الهيئة غياب سبل رقابة المنصّة وغموض آلياتها، مشيرة إلى مخاطر التدخّل في مسارها والتأثير في نتائجها التي اعتبرت انها لا تختلف عن عمليّة سبر الآراء.
ويعتبر الاتحاد ان عمليّة الاستناد إلى الاستشارة الشعبية اقصاء متعمّد للأحزاب والمنظّمات التي لم تضرّ بمصالح البلاد وتعكس احتكارا للسلطة وإلغاء للمعارضة، وأعلن في البيان الصادر عن الهيئة الادارية عن توجّسه من أنّ «آلية الاستشارة الالكترونيّة قد تكون أداة لفرض أمر واقع والوصول إلى هدف محدّد سلفا».
من جهتها، صرّحت عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر خلال حوار لها مع إذاعة «شمس أف أم» أمس الأربعاء، أنّ المنصّة « وسيلة للتّستر وراء إرادة شعبيّة غير حقيقّة لتمرير جملة من النصوص القانونيّة على مقاس الحاكم واعتبار الدولة الخصم والحكم».
وأشارت إلى أنّها ستتّجه لرفع قضيّة في الغرض، بمقتضى الفصل 96 من المجلّة الجزائيّة، لغياب الشفافيّة وشحّ المعلومات المتعلّقة بالمنصّة الالكترونيّة وتساءلت عمن يقف وراءها وعن الأموال المرصودة لها من المال العام.
انتقادات كثرت من قبل العديد من الفاعلين في المجال السياسي، إذ وصف غازي الشواشي، أمين عام التيار الديمقراطي، الاستشارة الوطنيّة بانّها «عمليّة تحيّل جديدة يتعرّض لها الشعب التونسي»، وأضاف «يحاول رئيس السلطة القائمة من خلالها اضفاء شرعيّة على مشروعه الهلامي واللاديمقراطي واستعمال موارد الدولة البشريّة والمالية وخارج أي إطار دستوري وقانوني يخول له ذلك»، حسب ما نشره في تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي. إضافة إلى موقف زميله بالحزب، أنور بالشاهد، الذي يرى أنّ الاستشارة برمّتها «مجرّد حملة انتخابيّة باستعمال موارد الدولة».
اعتبار الاستشارة الشعبيّة «عمليّة تحيّل جديدة»، رأي شاركه فيه المنصف المرزوقي، الرئيس الأسبق للجمهوريّة التونسيّة، حيث نشر تدوينة بتاريخ 2 جانفي الجاري، أشار فيها إلى أنّ «المطلوب بيانات المشاركين لاعتمادها في الانتخابات».
وقد تقاطعت أغلب الآراء الناقدة والمستنكرة للاستشارة الشعبيّة، ويتّفق العديد من الفاعيلن السياسيّين على أنّ المنصّة مشروع غير دستوري وغير قانوني، جاءت من أجل توظيف مصالح سياسيّة شخصيّة ومن شأنها التأثير على عمليّة الانتخابات القادمة، خاصّة بعد إعلان رئاسة الحكومة عن انطلاق العمليّات البيضاء بكافة دور الشباب في كامل ولايات الجمهوريّة وهو ما يتعارض مع خارطة طريق قيس سعيّد، رئيس الجمهوريّة، والذي شدّد على ضرورة انطلاق العمل بالمنصّة وتوفيرها للعموم بتاريخ 1 جانفي 2022، إلاّ أنّه حسب قرارات رئاسة الحكومة ووزارة تكنولوجيات الاتصال سيكون الانطلاق الفعلي
بتاريخ 15 جانفي الجاري.
