الشهيد حسن إبراهيم.. راية نضال لم يكسرها رصاص القتلة


كل شهيد لديه قصة مختلفة عن الآخر، ولكن ما يجمعهم، هو إيمانهم بالقضية التي خرجوا من أجلها.

الخرطوم: الفاضل إبراهيم

قصتنا اليوم مع الشهيد حسن إبراهيم البشير محمد الماحي، شهيد السلمة، وحامل راية لجان المقاومة جنوب الخرطوم الذي قتل بالرصاص في مجزرة 17 يناير بمنطقة شروني الخرطوم.

تحققت نبوءة حسن التي لطالما كان يرددها أمام أهله وأصحابه، بأن “خلقاً كثيراً” سيزورونهم قريباً في المنزل، ليس هذا وحسب، حسن كان لديه تغريدة شهيرة في حسابه على الفيسبوك أيام فض اعتصام القيادة العادة العامة يقول فيها “يا حق الشهيد يا أنا شهيد “.

ها هي تنبؤات حسن ومخاوف أهله تتحقق بعدما أصابته رصاصة تحت عينه مباشرة واستقرت مكانها لتخرج معها روحه بمستشفى الجودة بالديم، بعدها شيعته منطقة السلمة جنوب الخرطوم في موكب مهيب، وسط حزن عميق لزملائه في لجان المقاومة جنوب الحزام والأهل والجيران والمعارف .

دائماً ما كان حسن يردد “سلطة مدنية كاملة، والقصاص لكل الشهداء، كما أنه كان من بين أولئك الذين يخططون لمواكب جنوب الحزام.

رفاق حسن في لجان المقاومة بجنوب الحزام هتفوا أمام منزله “حسن يا مناضل يا أشرف راجل”، هتافاتهم تشق عنان السماء لرفيقهم الذي كان يحمل راية جنوب الحزام في المواكب، مؤكدين أن الراية لن تسقط، وأن استهداف التروس ولجان المقاومة لن يزيدهم إلا ثباتاً على مبادئ الثورة.

أكد رفاق حسن أنه شخصية محبة للخير مؤمنة بانتصار الثورة في يوم من الأيام، مهما كانت الصعوبات، وأن الحق سيعود بنصر رباني استجابة لدعاء الملايين، وقالوا إن حسن كان في الموكب الأخير يصول ويجول بعدما أحكم العسكر قبضتهم على الثوار “صندوق”، يخبر الثوار بالشوارع الآمنة للخروج من الصندوق، ورفض أن يخرج إلا بعد خروج رفاقه، ولكنه اغتيل برصاصة أنهت حياته.

بالعودة للبدايات التي يحكيها شقيقه أيمن، نجد أن شخصية حسن الثورية تشكلت في العام 2013، حين اندلعت في ذلك العام هبة سبتمبر الشهيرة، وكان حسن ممتلئا بالشباب والحيوية، ولكنه لم يكن غارق كثيراً في تفاصيل الحياة السياسية، لأنه ببساطة ليس لديه انتماء حزبي أو اتجاه سياسي.

كان منغمساً أكثر في الرياضة، حيث لعب حارس مرمى في فريق الأمراء رابطة السلمة، ولكن بعد هذه الحادثة صار حسن من المهتمين بالسياسة وتوثقت علاقاته ببعض شباب الأحزاب السياسية، كانوا كلهم منتمين إلا حسن .

“كنا ننتظر زواجه، بعد أن بدأ أولى الخطوات بالشروع في الخطوبة، لكن القدر كان أسرع”، يقول شقيقه أيمن.

ويضيف “نشأ حسن في أسرة كبيرة تعود جذورها لمنطقة الصٌفر بشندي تضم الوالد والوالدة وثمانية من الأشقاء والشقيقات، كان فيها حسن وحيدا يشق طريق الكفاح والنضال حيث كان يعمل في الأعمال الحرة، لكن فهمه وإدراكه للواقع السياسي كان أكبر من الجميع، كان يكره العنصرية ومتعلق بالسودان الموحد الخالي من الجهويات والإثنيات”.

 

أحداث 2013

 

“حادث مقتل جاره الشاب أيمن بجا في حي السلمة مربع “2” في أحداث 2013 بمنطقة الإنقاذ، فجر الغضب في عروق حسن، فخرج من المنزل حتى وصل منطقة الصحافة التي كانت يومها مركزا للتظاهرات” يوضح شقيقه الأصغر أيمن.

ويضيف أيمن الذي تحدثت إليه (التغيير)، بمنزلهم بمنطقة السلمة مربع (١) “التحول حدث عقب استشهاد أيمن بجا في أحداث ٢٠١٣، ثار حسن ضد الظلم والقتل. ذهب حسن في ذلك اليوم إلى الصحافة، ولكنه لم يعد كما ذهب ترسخت لديه قناعة بضرورة الوقوف في وجه الظلم وإسقاط النظام”.

وهكذا استمر حسن في النضال وكان يخرج في المواكب والتظاهرات إلى أن سقط نظام البشير.

الشهيد حسن

نضال

 

“واصل درب النضال ضد الظلم حتى لحظة انقلاب “25” اكتوبر. كان حسن من أوائل الذين خرجوا في ذلك اليوم ولم تشفع رجاءات وأحاديث الأهل والجيران في إثنائه عن الخروج خوفا علي حياته، ولكنه كان أكثر إصرارا على المضي قدما في الطريق رافضا حتى مجرد الحديث عن هذا الأمر”، يقول جاره إسلام تاج السر، والذي أشار إلى انه احتد معه ذات مرة في النقاش بعدما طلب منه التوقف وعدم الخروج في التظاهرات، لكن حسن رفض وخاصمه ولم يتصالحا إلا قبل أيام من وفاته “.

ويشير إسلام إلى أن حديثه مع الشهيد حسن كان بدافع الحب والخوف عليه، لكنه أدرك أن حسن كان متمسكا بالقضية، مضيفاً “والله حسن أطيب إنسان تجده مشاركا مع أهل الحي في الأفراح والأتراح.. لم تكن لديه عداوة كان صديق الجميع”.

 

آخر محادثة

 

يقول أيمن شقيق حسن، ” آخر مرة تحدثت معه كان يوم استشهاده، خرج حسن كالعادة من المنزل إلى الديم تقاطع باشدار ومنها إلى العربي حيث التظاهرات، يتذكر انه تحدث مع حسن وأخبره بأنه جاء لقضاء مصلحة بمنطقة الغالي القريبة من شروني، ولكن حسن ثار في الهاتف وطلب منه العودة فوراً إلى المنزل.. هو لم يكن يريدني أنا أن أصاب بسوء”.

ما هي إلا ساعات قليلة حتى جاء الخبر الحزين بإصابة حسن برصاصة في الرأس استقرت أسفل العين وتم نقله إلى مستشفى الجودة بالخرطوم الذي جاء اليه حسن قبل لحظات يحمل أحد الثوار المصابين بعبوة غاز مسيل للدموع، ثم عاد إلى شروني ولكنه ما لبث دقائق حتي جيئ به محمولا إلى ذات المستشفى بإصابة خطيرة، فارق على إثرها الحياة”.

 

القاتل

 

بحسب شقيقه ايمن، فإن حسن ورفاقه كانوا يشاهدون القاتل وهو يصوب تجاههم حتى أن أحدهم قال “اقنص اب شعر الفي النص”، يقصد حسن الذي كان ثابتا كالجبل”. ويضيف “وصلنا المستشفى، لكن للأسف وجدناه فارق الحياة وكان هو الشخص الوحيد من بين شهداء موكب “17” الذي وجدت في جسده الرصاصة بحسب الطبيب في المشرحة .

كنا نخاف أن الطريق الذي سار فيه حسن سيوصله إلى الموت، ولكنه كان ينتظر الشهادة في سبيل تحقيق أحلامه بحكم مدني شامل وإبعاد العسكر عن السلطة في السودان، والآن لا نقول إلا ما يرضي الله ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم”.

الشهيد حسن
تاريخ الخبر: 2022-01-31 12:51:57
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 50%
الأهمية: 64%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية