بمناسبة مرور خمسين عاماً على بدء العلاقات الثنائية بين البلدين، استقبل الرئيس الأمريكي جو بايدن، أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل الثاني، الاثنين 31 يناير/كانون الثاني، في أول زيارة من زعيم خليجي لواشنطن، في عهد الإدارة الأمريكية الجديدة.

وعقب الإشادة بالدور القطري في مساندة الجهود الأمريكية، بخاصة في الملف الأفغاني وإمدادات الطاقة العالمية وغيرهما، أعلن الرئيس الأمريكي في مستهلّ اللقاء، المنتظَر فيه تباحث الطرفين حول أمهات القضايا التي تهمّ أمن المنطقة، نيته تصنيف قطر حليفاً رئيسياً من خارج الناتو.

وعلى الرغم من أن الإعلان لم يكُن الأول من نوعه، إذ لوّحَت بذلك الإدارة الأمريكية السابقة، بعد مرور أيام من اختتام فاعليات الحوار الاستراتيجي الثالث الذي جمع قطر والولايات المتحدة عام 2020، فإنه يكتسي في هذه المرة أهمية كبرى، إذ جاء رسمياً على لسان الرئيس الأمريكي، كما يأتي تزامناً مع عديد من التحولات الإقليمية، التي بدأ يتعزّز فيها الدور القطري على مستوى دولي، وكان آخرها التخطيط لإمداد أوروبا بالغاز عوضاً عن روسيا، في ظلّ الأزمة الأوكرانية-الروسية.

ما معنى التصنيف "حليفاً" رئيسياً خارج الناتو؟

اعتبر أمير قطر مباحثاته مع الرئيس الأمريكي "مثمرة"، بخاصة أنها تناولت أهمّ التطورات الإقليمية والدولية، وسبل تعزيز التعاون المشترك بين البلدين، كما شملت زيارة الشيخ تميم لواشنطن لقاء وزير الدفاع الأمريكي للتباحث حول تعزيز التعاون الاستراتيجي والعسكري بين البلدين.

وبموجب القرار الذي أعلنه بايدن رسمياً لأول مرة، ويُعتبر من أهمّ ما تمخض عنه اللقاء، تنضمّ دولة قطر، التي تملك أهمّ قاعدة أمريكية في المنطقة اليوم، إلى قائمة الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة من خارج الناتو، مع الكويت والبحرين من منطقة الخليج.

تعقيباً على هذا الإعلان قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" جون كيربي، خلال مؤتمر صحفي: "هذا التصنيف سيغيّر طريقة تعامل الولايات المتحدة وجيشها مع قطر".

وأضاف: "من شأن هذا التصنيف فتح نطاق جديد من الفرص، والتدريبات والعمليات، وربما الحصول على معدات عسكرية".

وحسب تعريف وزارة الخارجية الأمريكية، فإن التصنيف الجديد يندرج تحت القانون الأمريكي، ويمنح قطر امتيازات محددة في مجالات التعاون الدفاعي والأمني والتجاري، وهو بمثابة مؤشر قوي على العلاقات الوثيقة بين البلدين.

ومن جانبه اعتبر كريستيان أولريشسن، الخبير بمعهد بيكر للسياسة العامة في جامعة رايس بولاية تكساس، في تصريح إعلامي لقناة الجزيرة القطرية، أن "هذا التصنيف هو عمل رمزي للغاية يؤكد عمق ومتانة العلاقات الثنائية، وهو أول تصنيف من نوعه يُمنح لدولة خليجية منذ ما يقرب من 20 عاماً، بعد أن صنّفت إدارة جورج بوش الابن البحرين والكويت حليفين رئيسيين من خارج حلف الناتو خلال السنوات الأولى من الحرب على الإرهاب بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001".

وإلى جانب التطرق إلى عديد من القضايا والملفات الإقليمية، وقّع الرئيسان صفقة بأكثر من 6.8 مليار دولار لشراء الخطوط الجوية القطرية ما يصل إلى 50 طائرة شحن من طراز "بوينغ 777-8"، بما في ذلك 34 طلب شراء من شركة "777-8" و 16 خياراً إضافياً لحقّ الشراء. وتشمل الصفقة أيضاً شراء محركات "جنرال إلكتريك 90" طائرتين من طراز "777".

أوكرانيا بعد أفغانستان.. دور بارز في الملفات الدولية

على الرغم من قدم العلاقة بين البلدين، ساعدت المستجدات الأخيرة على الساحة الدولية على زيادة تمتينها، فالدور المركزي الذي لعبته قطر في تسهيل إجلاء آلاف الرعايا الأجانب والأمريكيين من أفغانستان، عقب الانسحاب الأمريكي وسيطرة حركة طالبان على الحكم في البلاد، ومن قبله استضافة الدوحة مباحثات السلام بين الحركة والإدارة الأمريكية، ولعب دور الوساطة بين الحكام الجدد لكابول واللاعبين الاستراتيجيين على الساحة الدولية، أدى إلى تطوير العلاقة وقنوات التعاون والشراكة بين قطر والولايات المتحدة.

لذلك اعتبر خبراء ومحللون أن النجاح البارز الذي حقّقَته الدوحة في الملف الأفغاني، الذي لاقى ترحيباً وإشادة أمريكية كبيرة، كان سبباً رئيساً في طرح تصنيف قطر حليفاً رئيسياً خارج الناتو.

مع ذلك يُطرَح عديد من التساؤلات عن أسباب اختيار هذا التوقيت للإعلان عن هذا التصنيف. وإجابة عن ذلك يرجّح عديد من الآراء أن عديداً من الملفات الساخنة اليوم يمكن لقطر أن تسهم فيها، بخاصة في ظلّ أزمة أوكرانيا.

فعلى أثر تصاعد التوترات بين روسيا وعواصم العالم الغربي وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، بسبب احتمال الغزو الروسي لأوكرانيا، تفجرت أزمة إمدادات الطاقة إلى أوروبا، التي تُعَدّ موسكو أهمّ مزوّد لها بالغاز.

وفي إطار المساعي الأمريكية والأوروبية للبحث عن بدائل، تباحث مسؤولون أمريكيون مع مسؤولين قطريين وأوروبيين، وفقاً لما كشفت عنه وكالة بلومبرغ الأمريكية، حول إمكانية وضع خطة طوارئ لتزويد أوروبا بالغاز القطري.،إذ تُعَدّ قطر أكبر مورّد للغاز الطبيعي المسال في العالم بفارق ضئيل عن الولايات المتحدة الأمريكية.

وفيما توفر قطر اليوم نحو 5% فقط من إجمالي واردات الغاز الطبيعي إلى أوروبا، فمن المحتمل أن تزيد هذه النسبة في الفترة القادمة إذا ما مضت روسيا في اجتياح أوكرانيا، متجاهلة بذلك تحذيرات العواصم الغربية والعقوبات الملوَّح بفرضها عليها.

TRT عربي