خبراء يجيبون عن «سؤال الساعة»: هل تندلع الحرب الروسية الأوكرانية؟

حذر عدد من الباحثين والخبراء فى مجال الشئون الدولية من تداعيات التصعيد العسكرى المتبادل بين روسيا وأوكرانيا، المدعومة من دول حلف الناتو، موضحين أن الحرب المرتقبة، خاصة بعد إجلاء عدد من الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، مواطنيها من أوكرانيا، تنذر بخسائر كارثية لجميع الأطراف، فى ظل السيناريوهات المتوقعة لمسارها، وتزايد احتمالات شن موسكو حربًا تمنع حلف الشمال الأطلنطى «الناتو» من التوسع بالقرب من حدودها.

محمد منصور: تزايد احتمالات الهجوم الخاطف على غرار «شبه جزيرة القرم»

قال محمد منصور، الباحث فى المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن عمليات الاستطلاع الإلكترونى الجوى المستمرة والمكثفة من جانب الولايات المتحدة الأمريكية وحلف «الناتو» فى الأجواء الأوكرانية تظهر أن النوايا الروسية ستظل الشغل الشاغل لعواصم القرار الغربية، خلال الأيام المقبلة.

وأضاف أن الموقف الحالى للقوات الروسية فى محيط أوكرانيا يشير إلى تزايد احتمالات تنفيذ تحرك هجومى برى للسيطرة على المنطقة الشرقية الأوكرانية، واتخاذ القوات الروسية فى هذا الإطار نموذج حرب «أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية»، فى عام ٢٠٠٨، حين تلقت القوات الجورجية ضربات عنيفة من الجيش الروسى.

وواصل: «فى حالة أوكرانيا ستكون العملية الروسية خاطفة وسريعة، بشكل مماثل لعملية السيطرة على شبه جزيرة القرم، بهدف خلق أمر واقع جديد، والاستفادة من وجود قوات رديفة أو مؤيدة للجيش الروسى بالفعل فى شرق البلاد، واستباق أى محاولات أمريكية لتعزيز القدرات الدفاعية الأوكرانية، ما يزيد من إمكانية حصول روسيا على تنازلات كبيرة من الغرب». واعتبر أن النقطة الأهم المتعلقة بالحشود الروسية الحالية هى أنها فتحت جبهة جديدة لم تكن موجودة سابقًا، وهى الجبهة الشمالية. وأكمل: «التحرك الروسى فى روسيا البيضاء، جعل السيناريو الأقرب للتحقق ميدانيًا، فى حالة بدء الهجوم الروسى على أوكرانيا، هو أن تشمل التحركات الروسية جميع الأراضى الواقعة شرق نهر دنيبر، بما فى ذلك المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية والشمالية الشرقية لأوكرانيا، والعاصمة كييف، عبر تحركات متزامنة من المحور الشمالى، خاصة من خلال ممر تشيرنوبل، الذى يعد أقصر طرق الوصول إلى العاصمة من الشمال».

وأشار إلى تزايد احتمالات تنفيذ موسكو هجومًا ذا طبيعة خاصة على أوكرانيا، يكون أساسه «الحرب الإلكترونية»، عبر هجمات سيبرانية على البنى التحتية الأوكرانية، ما يؤدى إلى انقطاع التيار الكهربائى، أو التلاعب بإمدادات الكهرباء من بيلاروسيا، وهى هجمات تمت أولى جولاتها بالفعل، خلال الشهر الماضى، مع تعرض شبكات حكومية أوكرانية عدة لهجمات إلكترونية مكثفة.

وعن الموقف الغربى فى هذه الحالة، قال «منصور» إن الأداة الأساسية التى تمتلكها الولايات المتحدة للرد على أى تحرك روسى هى العقوبات، مشيرًا إلى أن الرئيس الأمريكى، جو بايدن، حذر القيادة الروسية فى ديسمبر الماضى، من أن الكتلة الغربية ستفرض عقوبات اقتصادية مشددة وأكبر من أى عقوبات سابقة تم فرضها على موسكو، حال تطورت الأوضاع الميدانية فى شرق أوكرانيا.

وأضاف: «هذه العقوبات الأمريكية يمكنها أن تشمل عزل روسيا عن نظام المدفوعات البنكية الدولى، وتقييد صادرات الغاز والنفط الروسية، ومنع موسكو من تسلم البضائع التى تحتوى على إلكترونيات أمريكية بداخلها، فيما ستدور العقوبات الأوروبية أيضًا فى فلك العقوبات الاقتصادية، سواء التى تستهدف الأفراد أو التى تستهدف البنوك والشركات الروسية».

وعن تأثير تلك العقوبات المتوقعة، بَين «منصور» أن «العقوبات الاقتصادية، بجانب أنها لن تكون رد فعل مكافئًا للتحركات العسكرية الروسية، تنطوى على خسائر أوروبية، مع حقيقة أن أوروبا تعتمد على روسيا لتأمين نحو ٤١٪ من احتياجاتها من الغاز الطبيعى، وهو ما يوفر لموسكو وسيلة ضغط فعالة يجب أن يضعها الأوروبيون فى الحسبان قبل إقدامهم على أى خطوات تصعيدية، فى ظل وجود مشروعات اقتصادية عملاقة على المحك، مثل خط غاز السيل الشمالى ٢، الممتد من روسيا إلى ألمانيا».

وأضاف: «لا ننسى كذلك تهديدات موسكو المتكررة بنشر صواريخ استراتيجية على التخوم الأوروبية، إذا تعرضت لعقوبات جديدة، خاصة بعد الخطوات التصعيدية الجارية حاليًا، والتى تتضمن تعزيز الدفاعات الروسية فى القطب الشمالى، وعمليات التطوير المتسارعة للصواريخ البالستية والجوالة الأسرع من الصوت».

ورأى أن الأسابيع القليلة المقبلة ستكون حاسمة فى تحديد ما إذا كانت موسكو ستلجأ لخوض الطريق الأصعب وتبدأ الهجوم على أوكرانيا عسكريًا، لمنع تموضع حلف «الناتو» على حدودها، أم لا يحدث ذلك ويتم التوصل إلى حل من خلال المفاوضات.

محمد حسن: 3 سيناريوهات متوقعة للتصعيد بينها «الغزو الكامل»

ذكر محمد حسن، الباحث فى شئون السياسات الدفاعية فى المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن «الموقف الروسى المشدد حيال الأزمة الأوكرانية مستمر، فى محاولة مستميتة من الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، لفرض وقائع ميدانية لصالح روسيا، لذا فالمحدد الأساسى لفهم السيناريوهات المحتملة لهذه الحرب بين روسيا وأوكرانيا، هو الإجابة عن تساؤل: ماذا يريد بوتين من التصعيد الميدانى الأخير قبالة الحدود الأوكرانية؟».

وقال: «ما يريده الرئيس الروسى هو منع حلف الناتو من التوسع شرقًا وضم أوكرانيا وجورجيا إلى الحلف، مع الحصول على شكل من أشكال الحكم الذاتى فى إقليم دونباس الأوكرانى، بالإضافة إلى المقايضة مع الولايات المتحدة والناتو لتخفيف حجم القوة الصاروخية الدفاعية الغربية فى شرق ووسط أوروبا، تمهيدًا لتأمين ما يراه فضاء الاتحاد السوفيتى البائد».

وأكمل: «رغم افتقار روسيا لقدرات تحقيق ذلك، خاصة على المستويين الاقتصادى والسياسى، من المرجح أن يتواصل مسار الضغط الروسى على الولايات المتحدة والناتو من خلال توظيف أداة الغاز، خاصة أن أوروبا تعتمد على الغاز الروسى لتلبية أكثر من ٤٠٪ من احتياجاتها، فيما تعتمد ألمانيا عليه لتأمين أكثر من ٥٥٪ من احتياجاتها».

وشدد على أن «روسيا لم تتردد فى ممارسة الضغط وتوقفت عن بيع إمدادات الغاز مبكرًا وبموجب عقود طويلة الأجل، كما توقفت كذلك عن توفير أى إمدادات أخرى من خلال آلية السوق الفورية، ونتج عن ذلك ارتفاع أسعار الغاز الطبيعى فى أوروبا إلى ٦ أمثال مستوياتها المعتادة، ووصلت كميات الغاز الطبيعى فى المخازن الأوروبية إلى أدنى مستوى لها منذ ١٠ أعوام».

وأشار إلى أن ربط الملف الأوكرانى بمناطق صراع أخرى تشتبك فيها الولايات المتحدة و«الناتو» مع روسيا، مثل سوريا وليبيا وإفريقيا بشكل عام، زاد من تعقيد الأزمة، ووضع العالم أمام احتمالات اندلاع حرب.

وعن السيناريوهات المحتملة لتلك الحرب، قال «حسن» إن هناك ٣ سيناريوهات ممكنة الحدوث، الأول هو دعم النشاطات الانفصالية فى شرق أوكرانيا على نطاق واسع، ومن المرجح فى هذه الحالة أن توفر روسيا الدعم للانفصاليين الموالين لها، فى أقاليم دونباس ودونيستك ولوهانسك، على أن تبدأ هذه المناطق قيادة حملة من التمرد واستهداف القوات الحكومية الأوكرانية.

أما عن السيناريو الثانى المتوقع للحرب، فيتضمن الغزو المحدود، أى أن تقدم روسيا على الاستيلاء على حزام إضافى من الأراضى، يشمل إقليم أوديسا، ويربط البر الروسى بمنطقة ترانسدنيستريا الانفصالية، ما يفصل أوكرانيا عن البحر الأسود، ويخنقها اقتصاديًا ويزيد من تكلفة الدعم الغربى لها، كما يمكن أن يتم الاستيلاء على حزام بين روسيا وترانسدنيستريا لتأمين إمدادات المياه العذبة لشبه جزيرة القرم، مع تجنب القتال فى كييف، والتدخل المحدود فى إقليم دونباس.

بينما يتضمن السيناريو الثالث والأخير الاستيلاء على كامل أوكرانيا، ورغم صعوبة ذلك، فإن تمركز القوات الروسية فى بيلاروسيا طوق بالفعل أوكرانيا من ٣ جبهات رئيسية، تتفرع إلى ٧ جبهات فرعية، بما يؤشر نظريًا لإمكانية حدوث الغزو الشامل، خاصة بعدما أعلنت الولايات المتحدة والناتو أنهما لن يرسلا جنودًا للدفاع عن أوكرانيا، رغم وصول تعزيزات أمريكية لشرق أوروبا.

وحول النتائج المتوقعة لتلك الحرب، أكد «حسن» أن النتائج ستكون كارثية بكل تأكيد على المنظومة الأمنية لحلف «الناتو» فى أوروبا، وعلى نقاط الارتكاز الاستراتيجية للولايات المتحدة فى القارة الأوروبية، وكذلك أكثر كارثية على روسيا، التى لا تملك مقومات الاستمرار فى حرب طويلة، كما لا تستطيع تحمل التبعات الاقتصادية لحرب خاطفة على النموذج الألمانى النازى.

 

تاريخ الخبر: 2022-02-13 18:20:41
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 58%
الأهمية: 62%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية